الشيخ أبو عبد الحليم محمد عبد الهادي
11-07-2009, 03:53 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له و أشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له و أشهد أن محمدا عبده ورسوله
" ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا و أنتم مسلمون"
"ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا و نساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا "
" يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما "
أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وبعد :
فقد سألني بعض طلبة العلم عن حكم التصفيق في المحافل و بعد إلقاء المحاضرات و الخطب للتشجيع و التعجب، فأجبت:
من المعلوم أن التصفيق لم يشرع في شيء من أمور الدين إلا في موضع واحد للحاجة و هو للمرأة داخل الصلاة إذا عرض عارض كسهو الإمام في صلاته، فإنه يستحب بمن اقتدى به تنبيهه، فالرجل ينبه بالتسبيح والمرأة تنبه بالتصفيق، وهذا لثبوت السنة به من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "التسبيح للرجال و التصفيق للنساء". رواه البخاري.
ومن حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا نابكم شيء في الصلاة فليسبح الرجال ولتصفح النساء" رواه أبوداود.
قال أيوب : "قوله، التصفيح للنساء، تضرب بأصبعين من يمينها على كفها اليسرى".
وأما التصفيق في غير هذه الحالة فهو محرم و بدعة مذمومة، قال ابن الجوزي - رحمه الله: "والتصفيق منكر، يطرب، ويخرج عن الاعتدال وتتنزه عن مثله العقلاء، ويتشبه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت من التصدية و هي التي ذمهم الله بها فقال "وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية" سورة الأنفال. فالمكاء : الصفير، والتصدية التصفيق" ثم قال: "وفيه أيضا تشبه بالنساء، والعاقل يأنف من أن يخرج من الوقار إلى أفعال الكفار و النسوة". اهــ.
وللأسف الشديد فقد أحدث في الأمة التعبد بالتصفيق لدى بعض المبتدعة عند قراءة القرآن والأذكار والأوراد والمدائح في البيوت والمساجد وفي زمننا هذا أصبح عادة في المحافل وعند إلقاء المحاضرات والخطب للتشجيع والتعجب وماذاك إلا تشبها بالمشركين أهل الكفر والضلال - وأيضا فإن هذا إن دل على شيء فإنما يدل على جهل الكثير من المسلمين بكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن من المعلوم من هدي النبي صلى الله عليه وسلم عند التعجب هو الثناء على الله تعالى وذكره بالتكبير والتسبيح والتهليل ونحوها، والأحاديث في هذا كثيرة و شهيرة في كتب السنة، ترجم لبعضها الإمام البخاري - رحمه الله - في صحيحه، فقال : "باب التكبير والتسبيح عند التعجب" وأدخلها العلماء في كتب الأذكار، منهم الإمام النووي رحمه الله - في كتاب الأذكار، فقال : "باب جواز التعجب بلفظ التسبيح والتهليل ونحوها".
وعلى هذا الهدي المبارك، درج سلف هذه الأمة من الصحابة رضوان الله عليهم و من تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا - والحمد لله - وفي هذا استمرار حال المسلم بتعظيم الله، وتمرين لسانه على ذكر الله تعالى.
وعليه فإن التصفيق في الاحتفالات وعند الخطب والمحاضرات وغيرها، إن وقع على وجه التعبد، فهو بدعة محرمة شرعا، لأن التصفيق لم يتعبدنا الله به، وهو نظير ما ابتدعه بعض المتصوفة من التصفيق حال الذكر، وإن وقع التصفيق على وجه العادة فهو منكر محرم، لأنه تشبه بالكفار وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم، فعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر قريشا أنه أسري به إلى بيت المقدس، قالوا : "ثم أصبحت بين ظهرانينا، قال : نعم، قال: فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على رأسه مستعجبا للكذب زعم".رواه أحمد والنسائي وغيرهما.
وقال صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى". وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: "بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت رمحي، وجعلت الذلة و الصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم".
وبالله التوفيق و صلى الله وسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه اجمعين.
تقديم
أبو عبد الحليم محمد عبد الهادي
إمام مسجد السنة الكبير بمرسيليا.
فرنسا
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له و أشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له و أشهد أن محمدا عبده ورسوله
" ياأيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا و أنتم مسلمون"
"ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا و نساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا "
" يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما "
أما بعد : فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وبعد :
فقد سألني بعض طلبة العلم عن حكم التصفيق في المحافل و بعد إلقاء المحاضرات و الخطب للتشجيع و التعجب، فأجبت:
من المعلوم أن التصفيق لم يشرع في شيء من أمور الدين إلا في موضع واحد للحاجة و هو للمرأة داخل الصلاة إذا عرض عارض كسهو الإمام في صلاته، فإنه يستحب بمن اقتدى به تنبيهه، فالرجل ينبه بالتسبيح والمرأة تنبه بالتصفيق، وهذا لثبوت السنة به من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "التسبيح للرجال و التصفيق للنساء". رواه البخاري.
ومن حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا نابكم شيء في الصلاة فليسبح الرجال ولتصفح النساء" رواه أبوداود.
قال أيوب : "قوله، التصفيح للنساء، تضرب بأصبعين من يمينها على كفها اليسرى".
وأما التصفيق في غير هذه الحالة فهو محرم و بدعة مذمومة، قال ابن الجوزي - رحمه الله: "والتصفيق منكر، يطرب، ويخرج عن الاعتدال وتتنزه عن مثله العقلاء، ويتشبه فاعله بالمشركين فيما كانوا يفعلونه عند البيت من التصدية و هي التي ذمهم الله بها فقال "وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية" سورة الأنفال. فالمكاء : الصفير، والتصدية التصفيق" ثم قال: "وفيه أيضا تشبه بالنساء، والعاقل يأنف من أن يخرج من الوقار إلى أفعال الكفار و النسوة". اهــ.
وللأسف الشديد فقد أحدث في الأمة التعبد بالتصفيق لدى بعض المبتدعة عند قراءة القرآن والأذكار والأوراد والمدائح في البيوت والمساجد وفي زمننا هذا أصبح عادة في المحافل وعند إلقاء المحاضرات والخطب للتشجيع والتعجب وماذاك إلا تشبها بالمشركين أهل الكفر والضلال - وأيضا فإن هذا إن دل على شيء فإنما يدل على جهل الكثير من المسلمين بكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن من المعلوم من هدي النبي صلى الله عليه وسلم عند التعجب هو الثناء على الله تعالى وذكره بالتكبير والتسبيح والتهليل ونحوها، والأحاديث في هذا كثيرة و شهيرة في كتب السنة، ترجم لبعضها الإمام البخاري - رحمه الله - في صحيحه، فقال : "باب التكبير والتسبيح عند التعجب" وأدخلها العلماء في كتب الأذكار، منهم الإمام النووي رحمه الله - في كتاب الأذكار، فقال : "باب جواز التعجب بلفظ التسبيح والتهليل ونحوها".
وعلى هذا الهدي المبارك، درج سلف هذه الأمة من الصحابة رضوان الله عليهم و من تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا - والحمد لله - وفي هذا استمرار حال المسلم بتعظيم الله، وتمرين لسانه على ذكر الله تعالى.
وعليه فإن التصفيق في الاحتفالات وعند الخطب والمحاضرات وغيرها، إن وقع على وجه التعبد، فهو بدعة محرمة شرعا، لأن التصفيق لم يتعبدنا الله به، وهو نظير ما ابتدعه بعض المتصوفة من التصفيق حال الذكر، وإن وقع التصفيق على وجه العادة فهو منكر محرم، لأنه تشبه بالكفار وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم، فعن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر قريشا أنه أسري به إلى بيت المقدس، قالوا : "ثم أصبحت بين ظهرانينا، قال : نعم، قال: فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على رأسه مستعجبا للكذب زعم".رواه أحمد والنسائي وغيرهما.
وقال صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى". وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: "بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت رمحي، وجعلت الذلة و الصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم".
وبالله التوفيق و صلى الله وسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه اجمعين.
تقديم
أبو عبد الحليم محمد عبد الهادي
إمام مسجد السنة الكبير بمرسيليا.
فرنسا