زكريا عبدالله النعمي
11-09-2009, 11:40 PM
السلام عليكم و رحمة الله …
حديث صلاة العصر في بني قريظة
ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الأحزاب: «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة» ، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيهم، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك، فذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فلم يعنف واحداً منهم.[ حديث متفق عليه ]
وهذا الحديث تعلق به أرباب البدع المضلة، الذين قالوا: إن للنصوص باطناً غير ما يدل عليه اللفظ! وكذلك المحرفون لنصوص الصفات، بل صار عمدة كل مخطئ معرض عن الكتاب والسنة وسلف الأمة، وليس فيما تعلقوا به متعلق؛ لأن الزمان زمان تشريع؛ فظن البعض أنه يسوغ تأخير الصلاة عن وقتها، إذا كان الشاغل ضرورة كالحرب.
أما وقد ثَبَتَت الأحكام وبُيِّنَتِ الأمور، فليس حال المخطئ بعد ذلك مطابقاً لحال الصحابة. قال الحافظ ابن حجر: في (فتح الباري) (7/409-410) ثم الاستدلال بهذه القصة على أن كل مجتهد مصيب على الإطلاق!ليس بواضح؛ وإنما فيه ترك تعنيف من بذل وسعه واجتهد، فيستفاد منه عدم تأثيمه.
وحاصل ما وقع في القصة، أن بعض الصحابة حملوا النهي على حقيقته، ولم يبالوا بخروج الوقت، ترجيحاً للنهي الثاني على النهي الأول، وهو ترك تأخير الصلاة عن وقتها، واستدلوا بجواز التأخير لمن اشتغل بأمر الحرب بنظير ما وقع في تلك الأيام بالخندق، فقد تقدم حديث جابر المصرح بأنهم صلوا العصر بعدما غربت الشمس؛ وذلك لشغلهم بأمر الحرب، فجوزوا أن يكون ذلك عاماً في كل شغل يتعلق بأمر الحرب، لا سيما والزمان زمان التشريع، والبعض الآخر حملوا النهي على غير الحقيقة، وأنه كناية عن الحث والاستعجال والإسراع إلى بني قريظة.
وقال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني: في كتابه سلسلة الأحاديث الضعيفة (4/448) «تنبيه: يحتج بعض الناس اليوم بهذا الحديث على الدعاة من السلفيين وغيرهم الذين يدعون إلى الرجوع فيما اختلف فيه المسلمون إلى الكتاب والسنة؛ يحتج أولئك على هؤلاء بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقر خلاف الصحابة في هذه القصة!وهي حجة داحضة واهية؛ لأنه ليس في الحديث إلا أنه لم يعنف واحداً منهم، وهذا يتفق تماماً مع حديث الاجتهاد المعروف، وفيه أن من اجتهد، فأخطأ؛ فله أجر واحدا، فكيف يعقل أن يعنف من قد أجر؟!وأما حمل الحديث على الإقرار للخلاف: فهو باطل؛ لمخالفته للنصوص القاطعة الآمرة بالرجوع إلى الكتاب والسنة عند التنازع والاختلاف، كقوله تعالى: ﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ (النساء: 59) وقوله: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ (الأحزاب 36) الآية. وإن عجبي لا يكاد ينتهي من أناس يزعمون أنهم يدعون إلى الإسلام، فإذا دعوا إلى التحاكم إليه قالوا: قال عليه الصلاة والسلام: «اختلاف أمتي رحمة» !وهو حديث ضعيف لا أصل له، وهم يقرؤون قول الله تعالى في المسلمين حقاً: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ (النور 51) وقد بسطت القول في هذه المسألة بعض الشيء، وفي قول أحد الدعاة: نتعاون على ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه!في تعليق لي كتبته على رسالة (كلمة سواء) لأحد المعاصرين لم يسم نفسه! لعله يتاح لي إعادة النظر في وينشر»اهـ.
حديث صلاة العصر في بني قريظة
ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الأحزاب: «لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة» ، فأدرك بعضهم العصر في الطريق، فقال بعضهم: لا نصلي حتى نأتيهم، وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك، فذكر ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فلم يعنف واحداً منهم.[ حديث متفق عليه ]
وهذا الحديث تعلق به أرباب البدع المضلة، الذين قالوا: إن للنصوص باطناً غير ما يدل عليه اللفظ! وكذلك المحرفون لنصوص الصفات، بل صار عمدة كل مخطئ معرض عن الكتاب والسنة وسلف الأمة، وليس فيما تعلقوا به متعلق؛ لأن الزمان زمان تشريع؛ فظن البعض أنه يسوغ تأخير الصلاة عن وقتها، إذا كان الشاغل ضرورة كالحرب.
أما وقد ثَبَتَت الأحكام وبُيِّنَتِ الأمور، فليس حال المخطئ بعد ذلك مطابقاً لحال الصحابة. قال الحافظ ابن حجر: في (فتح الباري) (7/409-410) ثم الاستدلال بهذه القصة على أن كل مجتهد مصيب على الإطلاق!ليس بواضح؛ وإنما فيه ترك تعنيف من بذل وسعه واجتهد، فيستفاد منه عدم تأثيمه.
وحاصل ما وقع في القصة، أن بعض الصحابة حملوا النهي على حقيقته، ولم يبالوا بخروج الوقت، ترجيحاً للنهي الثاني على النهي الأول، وهو ترك تأخير الصلاة عن وقتها، واستدلوا بجواز التأخير لمن اشتغل بأمر الحرب بنظير ما وقع في تلك الأيام بالخندق، فقد تقدم حديث جابر المصرح بأنهم صلوا العصر بعدما غربت الشمس؛ وذلك لشغلهم بأمر الحرب، فجوزوا أن يكون ذلك عاماً في كل شغل يتعلق بأمر الحرب، لا سيما والزمان زمان التشريع، والبعض الآخر حملوا النهي على غير الحقيقة، وأنه كناية عن الحث والاستعجال والإسراع إلى بني قريظة.
وقال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني: في كتابه سلسلة الأحاديث الضعيفة (4/448) «تنبيه: يحتج بعض الناس اليوم بهذا الحديث على الدعاة من السلفيين وغيرهم الذين يدعون إلى الرجوع فيما اختلف فيه المسلمون إلى الكتاب والسنة؛ يحتج أولئك على هؤلاء بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقر خلاف الصحابة في هذه القصة!وهي حجة داحضة واهية؛ لأنه ليس في الحديث إلا أنه لم يعنف واحداً منهم، وهذا يتفق تماماً مع حديث الاجتهاد المعروف، وفيه أن من اجتهد، فأخطأ؛ فله أجر واحدا، فكيف يعقل أن يعنف من قد أجر؟!وأما حمل الحديث على الإقرار للخلاف: فهو باطل؛ لمخالفته للنصوص القاطعة الآمرة بالرجوع إلى الكتاب والسنة عند التنازع والاختلاف، كقوله تعالى: ﴿ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ (النساء: 59) وقوله: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾ (الأحزاب 36) الآية. وإن عجبي لا يكاد ينتهي من أناس يزعمون أنهم يدعون إلى الإسلام، فإذا دعوا إلى التحاكم إليه قالوا: قال عليه الصلاة والسلام: «اختلاف أمتي رحمة» !وهو حديث ضعيف لا أصل له، وهم يقرؤون قول الله تعالى في المسلمين حقاً: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ (النور 51) وقد بسطت القول في هذه المسألة بعض الشيء، وفي قول أحد الدعاة: نتعاون على ما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه!في تعليق لي كتبته على رسالة (كلمة سواء) لأحد المعاصرين لم يسم نفسه! لعله يتاح لي إعادة النظر في وينشر»اهـ.