الشاعر أبو رواحة الموري
06-02-2009, 09:08 PM
مرثية أبي البقاء الرندي
في فقْد الأندلس
لكـلِّ شـيءٍ إذا مـا تـمَّ نقصـانُ * * * فـلا يُغَـر بطِيـْب العيـش إنسـانُ
هـي الأمـور كمـا شاهـدتها دولٌ * * * مـن سـرَّهُ زمـنٌ سـاءتْه أزمـانُ
وهـذه الـدارُ لا تبقـي على أحـد * * * ولا يـدوم علـى حـالٍ لهـا شـانُ
يمـزِّقُ الـدهـرُ حتمًا كـلَّ سابغةٍ * * * إذا نبتْ مشـرفيـَّاتٌ وخُـرْصـان ُ
وينتضـي كلّ سيـفٍ للفناء ولـو * * * كان ابن ذي يـزَنٍ والغمْـدُ غمدانُ
أين الملـوكُ ذوو التيجـان مـن يَمنٍ * * * وأيـن منهـم أكـاليـلٌ وتيجـانُ
وأيـن ما شـادَه شـدَّادُ فـي إرَمٍ * * * وأيـن ما ساسه فـي الفُـرْس ساسانُ
وأيـن مـا حازَه قارونُ من ذهَـبٍ * * * وأيـن عـادٌ وشـدَّادٌ وقحطـانُ
أتى على الكـل أمـرٌ لا مـردَّ له * * * حتى قضَـوا فكأنَّ القـومَ ما كانـوا
وصـار ما كان من مُلْكٍ ومن مَلكٍ * * * كما حكى عـن خيال الطيـفِ وسْنانُ
دار الـزمـان علـى "دارا "وقاتلِـه * * * وأَمَّ كِسْـرى فمـا آواه إيـوانُ
كأنما الصعـبُ لم يسهُـل لـه سببٌ * * * يومًـا ولا مَـلك الـدنيـا سليمـان ُ
فجائعُ الـدهـر أنـواعٌ منـوَّعـةٌ * * * وللـزمـان مســرَّات وأحـزانُ
وللحـوادث سُلـوان يسهِّلهـا * * * ومـا لمـا حـلَّ بالإسـلام سُلْـوانُ
دهى الجـزيـرةَ أمـرٌ لا عـزاء له * * * هـوى لـه أحُـدٌ وانهـدَّ ثهـلانُ
أصابها العيـنُ فـي الإسلام فارتزأتْ * * * حتـى خلَـتْ منـه أقطارٌ وبلـدانُ
فاسـأل بلنسيـةً مـا شأنُ مـرْسيةٍ * * * وأيـن شـاطبـةٌ أمْ أيـن جيَّـانُ
وأين قـرطبـةٌ دارُ العلـوم فكـم * * * مـن عـالمٍ قـد سمـا فيهـا له شـانُ
وأيـن حمـصٌ وما تحـويه من نُـزَهٍ * * * ونهـرُهـا العـذْب فيـَّاضٌ ومـلآنُ
قـواعـدٌ كـنَّ أركانَ البـلاد فما * * * عسـى البقـاءُ إذا لـم تبقَ أركـان
تبكـي الحنيفية البيضاء مـن أسَفٍ * * * كما بكـى لفـراق الإلـف هَيْمـانُ
حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما * * * فيهـنَّ إلا نـواقيـسٌ وصُلْبـانُ
حتـى المحاريبُ تبكي وهي جامـدةٌ * * * حتـى المنابـرُ تَـرثي وهـي عيـدانُ
يا غافلاً وله فـي الدهـرِ مـوعظةٌ * * * إن كـنتَ فـي سِنَةٍ فالـدهـر يقظانُ
ومـاشيًا مـرِحًا يلهيـه مـوطنُـهُ * * * أَبعْـدَ حمـصٍ تَغـرُّ المـرءَ أوطـانُ
تلك المصيبـةُ أنْسَـتْ ما تقـدَّمهـا * * * وما لهـا مـع طـولَ الـدهـرِ نسيانُ
يـا راكبيـن عتاقَ الخيـلِ ضامـرةً * * * كـأنهـا فـي مجـال السبْـقِ عقبـانُ
وحامليـن سيـوفَ الهنـدِ مُـرْهقةً * * * كـأنهـا فـي ظـلام النقْـع نيـرانُ
وراتعيـن وراءَ البحـر فـي دعَـةٍ * * * لهـم بـأوطـانهـم عِـزٌّ وسُلطـانُ
أعنـدكـم نبأٌ مـن أهـل أنـدلُسٍ * * * فقـد سـرى بحـديثِ القـومِ رُكْبـانُ
كـم يستغيـث بنا المستضْعَفون وهم * * * قتلـى وأَسْـرى فمـا يهتـزُّ إنسـان
ماذا التقاطـعُ فـي الإسـلام بينكمُ * * * وأنتُـمُ يـا عبــاد الله إخـوانُ
ألا نفـوسٌ أبيَّـاتٌ لهـا همـمٌ * * * أمـا علـى الخيـرِ أنصـارٌ وأعـوانُ
يـا من لـذِلةَِّ قـومٍ بعـدَ عـزتِهم * * * أحـالَ حـالَهـمْ جـورٌ وطغيـانُ
بالأمس كانـوا ملـوكًا فـي منازلهم * * * واليـومَ هـم فـي بـلاد الضدِّ عُبْدانُ
فلـو تـراهـم حيارى لا دليـلَ لهمْ * * * عليهـمُ مـن ثيـابِ الـذُّلِ ألـوانُ
ولـو رأيتَ بكاهُـم عنـدَ بيعهـمُ * * * لهـالكَ الأمـرُ واستهـوتْكَ أحْـزانُ
يـا رُبَّ أمٍّ وطفـلٍ حيـلَ بينهمـا * * * كمـا تفـرَّقَ أرواحٌ وأبـدانُ
وطفلةٍ مثْل حسْنِ الشمسِ إذ طلعت * * * كأنـمـا هي ياقــوتٌ ومـرجــانُ
يقـودُهـا العلجُ للمكـروه ُمكْـرَهةً * * * والعيـنُ بـاكيـةٌُ والقلـبُ حـيرانُ
لمثْل هـذا يذوبُ القلبُ من كَمـدٍ * * * إنْ كـان فـي القلـب إسـلامٌ وإيمانُ
في فقْد الأندلس
لكـلِّ شـيءٍ إذا مـا تـمَّ نقصـانُ * * * فـلا يُغَـر بطِيـْب العيـش إنسـانُ
هـي الأمـور كمـا شاهـدتها دولٌ * * * مـن سـرَّهُ زمـنٌ سـاءتْه أزمـانُ
وهـذه الـدارُ لا تبقـي على أحـد * * * ولا يـدوم علـى حـالٍ لهـا شـانُ
يمـزِّقُ الـدهـرُ حتمًا كـلَّ سابغةٍ * * * إذا نبتْ مشـرفيـَّاتٌ وخُـرْصـان ُ
وينتضـي كلّ سيـفٍ للفناء ولـو * * * كان ابن ذي يـزَنٍ والغمْـدُ غمدانُ
أين الملـوكُ ذوو التيجـان مـن يَمنٍ * * * وأيـن منهـم أكـاليـلٌ وتيجـانُ
وأيـن ما شـادَه شـدَّادُ فـي إرَمٍ * * * وأيـن ما ساسه فـي الفُـرْس ساسانُ
وأيـن مـا حازَه قارونُ من ذهَـبٍ * * * وأيـن عـادٌ وشـدَّادٌ وقحطـانُ
أتى على الكـل أمـرٌ لا مـردَّ له * * * حتى قضَـوا فكأنَّ القـومَ ما كانـوا
وصـار ما كان من مُلْكٍ ومن مَلكٍ * * * كما حكى عـن خيال الطيـفِ وسْنانُ
دار الـزمـان علـى "دارا "وقاتلِـه * * * وأَمَّ كِسْـرى فمـا آواه إيـوانُ
كأنما الصعـبُ لم يسهُـل لـه سببٌ * * * يومًـا ولا مَـلك الـدنيـا سليمـان ُ
فجائعُ الـدهـر أنـواعٌ منـوَّعـةٌ * * * وللـزمـان مســرَّات وأحـزانُ
وللحـوادث سُلـوان يسهِّلهـا * * * ومـا لمـا حـلَّ بالإسـلام سُلْـوانُ
دهى الجـزيـرةَ أمـرٌ لا عـزاء له * * * هـوى لـه أحُـدٌ وانهـدَّ ثهـلانُ
أصابها العيـنُ فـي الإسلام فارتزأتْ * * * حتـى خلَـتْ منـه أقطارٌ وبلـدانُ
فاسـأل بلنسيـةً مـا شأنُ مـرْسيةٍ * * * وأيـن شـاطبـةٌ أمْ أيـن جيَّـانُ
وأين قـرطبـةٌ دارُ العلـوم فكـم * * * مـن عـالمٍ قـد سمـا فيهـا له شـانُ
وأيـن حمـصٌ وما تحـويه من نُـزَهٍ * * * ونهـرُهـا العـذْب فيـَّاضٌ ومـلآنُ
قـواعـدٌ كـنَّ أركانَ البـلاد فما * * * عسـى البقـاءُ إذا لـم تبقَ أركـان
تبكـي الحنيفية البيضاء مـن أسَفٍ * * * كما بكـى لفـراق الإلـف هَيْمـانُ
حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما * * * فيهـنَّ إلا نـواقيـسٌ وصُلْبـانُ
حتـى المحاريبُ تبكي وهي جامـدةٌ * * * حتـى المنابـرُ تَـرثي وهـي عيـدانُ
يا غافلاً وله فـي الدهـرِ مـوعظةٌ * * * إن كـنتَ فـي سِنَةٍ فالـدهـر يقظانُ
ومـاشيًا مـرِحًا يلهيـه مـوطنُـهُ * * * أَبعْـدَ حمـصٍ تَغـرُّ المـرءَ أوطـانُ
تلك المصيبـةُ أنْسَـتْ ما تقـدَّمهـا * * * وما لهـا مـع طـولَ الـدهـرِ نسيانُ
يـا راكبيـن عتاقَ الخيـلِ ضامـرةً * * * كـأنهـا فـي مجـال السبْـقِ عقبـانُ
وحامليـن سيـوفَ الهنـدِ مُـرْهقةً * * * كـأنهـا فـي ظـلام النقْـع نيـرانُ
وراتعيـن وراءَ البحـر فـي دعَـةٍ * * * لهـم بـأوطـانهـم عِـزٌّ وسُلطـانُ
أعنـدكـم نبأٌ مـن أهـل أنـدلُسٍ * * * فقـد سـرى بحـديثِ القـومِ رُكْبـانُ
كـم يستغيـث بنا المستضْعَفون وهم * * * قتلـى وأَسْـرى فمـا يهتـزُّ إنسـان
ماذا التقاطـعُ فـي الإسـلام بينكمُ * * * وأنتُـمُ يـا عبــاد الله إخـوانُ
ألا نفـوسٌ أبيَّـاتٌ لهـا همـمٌ * * * أمـا علـى الخيـرِ أنصـارٌ وأعـوانُ
يـا من لـذِلةَِّ قـومٍ بعـدَ عـزتِهم * * * أحـالَ حـالَهـمْ جـورٌ وطغيـانُ
بالأمس كانـوا ملـوكًا فـي منازلهم * * * واليـومَ هـم فـي بـلاد الضدِّ عُبْدانُ
فلـو تـراهـم حيارى لا دليـلَ لهمْ * * * عليهـمُ مـن ثيـابِ الـذُّلِ ألـوانُ
ولـو رأيتَ بكاهُـم عنـدَ بيعهـمُ * * * لهـالكَ الأمـرُ واستهـوتْكَ أحْـزانُ
يـا رُبَّ أمٍّ وطفـلٍ حيـلَ بينهمـا * * * كمـا تفـرَّقَ أرواحٌ وأبـدانُ
وطفلةٍ مثْل حسْنِ الشمسِ إذ طلعت * * * كأنـمـا هي ياقــوتٌ ومـرجــانُ
يقـودُهـا العلجُ للمكـروه ُمكْـرَهةً * * * والعيـنُ بـاكيـةٌُ والقلـبُ حـيرانُ
لمثْل هـذا يذوبُ القلبُ من كَمـدٍ * * * إنْ كـان فـي القلـب إسـلامٌ وإيمانُ