الشاعر أبو رواحة الموري
06-14-2009, 10:51 AM
مرثية
متمم بن نويرة اليربوعي في أخيه مالك
لَعَمْري، وما دهـري بتأبِينِ مَالكٍ * * * وَلاَ جَـزِعاً مِمـّا أَصَـابَ ، فَأوْجَعَا
لَقَـدْ غَيَّبَ المِنْهَالُ تَحْـتَ رِدَائِهِ * * * فَـتىً كَانَ مِبْطَانَ العَشِيّـاتِ أَرْوَعَا
وَلاَ بَرَماً تُهْدي النّساءُ لِعِـرْسِهِ * * * إذا القَشْـعُ منْ رِيـحِ الشتاءِ تَقَعْقَعَا
لَبِيباً أَعَانَ اللُّـبَّ مِنْـهُ سَمَاحَةٌ * * * خَصيباً ، إذا ما راكَبَ الجَدْبَ أَوْضَعَا
أَغَرَّ كَنَصْلِ السّيْفِ يَهْتَزّ للنّدى * * * إذا لم يَجِدْ عِنْد َ امْرِىء السَّوْءِ مَطْمعا
إذا اجتزَأَ القَوْمُ القِدَاحَ ، وَأُوقِدَتْ * * * لَهُـمْ نَارُ أَيْسَارٍ كَفَى مِـنْ تَضجّعا
وَيَوْماً إذا ما كظّكَ الخَصْمُ إن يَكُنْ * * * نَصـِيرَكَ مِنْهُمْ ، لا تَكُنْ أَنْتَ أَضْـرَعَا
بِمَثْني الأيادي ثُمّ لَمْ تُلْفِ مَالِكاً * * * لَدَى القُـرْبِ يَحْمِي لَحْمَـهُ أَن يُمَزَّعَا
فَعَيَنيَ جُـودِي بالدّمـوعِ لمالكٍ * * * إذا أَرْدَتْ الـرِّيحُ الكَنِيفَ المُـرَفَّعا
وللشَّـربِ ، فابْكي مالكاً ولبُهمة ٍ* * * شـديـدٍ نـواحيهِ على مَنْ تَشَجّعَا
وَللضّيْفِ إنْ أَزْجَى طُرُوقاً بَعِيرَهُ * * * وعـانٍ ثَـوَى فـي القِدّ حتى تَكَنّعَا
وَأَرْمَلَةٍ تُسْعـى بِأَشْعَـثَ مُحْثَـلٍ * * * كَفَـرْخ الحُبارَى رَأْسُـه قـد تَصَوّعا
فَتىً كَانَ مِخْذاماً إلى الرَّوعِ ركضُهُ * * * سـريعاً إلى الـدّاعي إذا هُـوَ أَفزَعا
وَمَا كان وَقَّافاً، إذا الخَيْلُ أَحجَمَتْ * * * وَلاَ طائِشـا ً عِنْـدَ اللّقـاءِ مُـرَوَّعا
وَلاَ بكَهامٍ ناكـلٍ عَـنْ عَـدُوّه * * * إذا هُـوَ لاقَـى حاسـراً ومُقَنَّعـا
إذا ضَرّسَ الغَزْوُ الرّجالَ، وَجَدْتُهُ * * * أَخا الحَرْبِ صَدْقاً فـي اللّقاء سَمَيْذعا
وَإنْ تَلْقَهُ في الشَّرْبِ لا تَلْقَ فاحشاً * * * على الشُّـرب ، ذا قاذورة ٍ متـزبعا
أَبَى الصَّـبرَ آياتٌ أَرَاهـا ، وإنّني * * * أَرى كلَّ حَبْـلٍ بعـدَ حَبْلِكَ أقطعـا
وإني مَتَى ما أَدْعُ باسمِكَ لا تُجِبْ * * * وَكُنْتَ حَـرِيّاً أن تُجيـبَ ، وَتَسْمَعَا
أَقُـولُ ، وقد طارَ السنا في رَبابه * * * بِجَـوْنٍ تَسُـحّ الماءَ حـتى تريَّعا
سَقَى اللَّهُ أرضا ً حلّها قـبرُ مالكٍ * * * ذِهابَ الغَـوادي المُـدْجِناتِ فَأمْرَعا
وآثَـرَ سَيْـلَ الـوادِيَيْنِ بِديمة * * * تُـرَشِّـحُ وَسْمِيّاً منَ النَبْتِ خِروَعا
تَحِيّتُـهُ مِنّـي ، وإنْ كَانَ نَائِياً * * * وَأَمْسـى تُـراباً فَـوْقَهُ الأرضُ بلْقَعا
فإنْ تَكُـنِ الأيـامُ فَـرّقْنَ بَيْنَنا * * * لقدْ بانَ مَحْمُـوداً أخي، يـومَ وَدّعا
وعِشْنا بخـيرٍ فـي الحياةِ ، وقبلَنا * * * أصَابَ المَنَايا رَهْـطَ كِسْـرى ، وَتُبّعَا
وَكُنّا كَنَـدْمَانيَ جَـذِيمَةَ حِـقْبَةً * * * من الـدّهْـرِ ، حتى قيلَ لن يَتَصَدّعا
فَلَمّـا تَفـرّقْنا كأني ّ ومـالِكاً * * * لطـول اجتماعٍ ، لم نَبِتْ ليلةً مَعَا
فـتىً كانَ أَحْيَا مـن فَتاةٍ حَييّةٍ * * * وأشجَـعَ مـنْ لَيْثٍ إذا مـا تمنّعا
تَقُولُ ابْنَةُ العَمرِيّ : مَا لَكَ بَعْدَما * * * أَرَاكَ قـديماً ناعـمَ الـوَجْهِ أَفـرعا
فقلت لها:طولُ الأسى ، إذ سألتِني * * * ولـوعةُ حُـزْنٍ تترك الوجةَ أسفعا
وفقـدُ بني أمٍّ تولَّوا ، فلم أكُن * * * خِلافَهُـم أن أَسْتَـكِيْنَ ، فأخضَعا
ولكنّني أمضي على ذاكَ مُقدِماً * * * إذا بَعضُ مَن يلقى الخطوبَ تضعضعا
قَعِيـدَكِ أن لا تُسمعيني مَلامَةً * * * ولا تَنكَئـي قَـرح الفـؤادِ فييجعا
وَحَسْبُكِ أني قد جَهِدْتُ،فلم أجِد * * * بـكفِّـيَ عنـه للمَنيّـةِ مـدفَعا
وَمَا وَجْـدُ آظْآرٍ ثـلاثٍ روائمٍ * * * رَأَيْنَ مَجَـرّاً مـن حُـوارٍ ومصرعا
فَذَكّرْنَ ذا البَثّ الحَزِينِ بشَجْوِه * * * إذا حنّـتِ الأولى ، سجَعْنَ لها مَعَا
إذا شَارِفٌ مِنْهُنّ حَنّتْ فَرَجّعَتْ * * * مِنَ الليل أبكَى شجْوُها البَرْكَ أجمعَا
بِأَوْجَد مِنّي ، يَوْمَ فَارَقْتُ مالِكاً * * * وَقَامَ بِهِ النّاعي الـرّفيعُ ، فأسْمعا
وإنّي وإنْ هَأزَلْتِني قـدْ أَصَابَني * * * مِنَ الـرُّزْءِ ما يُبكي الحزينَ المُفجَّعا
وَلَسْتُ إذا ما الدهرُ أَحدَثَ نَكْبَةً * * * بِأَلْـوَثَ زِوّارِ القـرائبِ ، أخضَعا
وَلاَ فَرِحاً ، إن كُنْتُ يَوْماً بِغِبْطةٍ * * * ولا جَـزِعاً، إن نابَ دَهرٌ ، فأضْلعا
وَقَد غَالَني ما غَال قيْساً ومالِكاً * * * وعمـراً وجَـزءاً بالمشقَّـرِ أجمعا
ولَوْ أَنّ ما ألقَى أصابَ مُتالعاً * * * أو الرُّكنَ مِنْ سلمى إذن لَتَضعضَعا
جمهرة أشعار العرب - (1 / 74)
متمم بن نويرة اليربوعي في أخيه مالك
لَعَمْري، وما دهـري بتأبِينِ مَالكٍ * * * وَلاَ جَـزِعاً مِمـّا أَصَـابَ ، فَأوْجَعَا
لَقَـدْ غَيَّبَ المِنْهَالُ تَحْـتَ رِدَائِهِ * * * فَـتىً كَانَ مِبْطَانَ العَشِيّـاتِ أَرْوَعَا
وَلاَ بَرَماً تُهْدي النّساءُ لِعِـرْسِهِ * * * إذا القَشْـعُ منْ رِيـحِ الشتاءِ تَقَعْقَعَا
لَبِيباً أَعَانَ اللُّـبَّ مِنْـهُ سَمَاحَةٌ * * * خَصيباً ، إذا ما راكَبَ الجَدْبَ أَوْضَعَا
أَغَرَّ كَنَصْلِ السّيْفِ يَهْتَزّ للنّدى * * * إذا لم يَجِدْ عِنْد َ امْرِىء السَّوْءِ مَطْمعا
إذا اجتزَأَ القَوْمُ القِدَاحَ ، وَأُوقِدَتْ * * * لَهُـمْ نَارُ أَيْسَارٍ كَفَى مِـنْ تَضجّعا
وَيَوْماً إذا ما كظّكَ الخَصْمُ إن يَكُنْ * * * نَصـِيرَكَ مِنْهُمْ ، لا تَكُنْ أَنْتَ أَضْـرَعَا
بِمَثْني الأيادي ثُمّ لَمْ تُلْفِ مَالِكاً * * * لَدَى القُـرْبِ يَحْمِي لَحْمَـهُ أَن يُمَزَّعَا
فَعَيَنيَ جُـودِي بالدّمـوعِ لمالكٍ * * * إذا أَرْدَتْ الـرِّيحُ الكَنِيفَ المُـرَفَّعا
وللشَّـربِ ، فابْكي مالكاً ولبُهمة ٍ* * * شـديـدٍ نـواحيهِ على مَنْ تَشَجّعَا
وَللضّيْفِ إنْ أَزْجَى طُرُوقاً بَعِيرَهُ * * * وعـانٍ ثَـوَى فـي القِدّ حتى تَكَنّعَا
وَأَرْمَلَةٍ تُسْعـى بِأَشْعَـثَ مُحْثَـلٍ * * * كَفَـرْخ الحُبارَى رَأْسُـه قـد تَصَوّعا
فَتىً كَانَ مِخْذاماً إلى الرَّوعِ ركضُهُ * * * سـريعاً إلى الـدّاعي إذا هُـوَ أَفزَعا
وَمَا كان وَقَّافاً، إذا الخَيْلُ أَحجَمَتْ * * * وَلاَ طائِشـا ً عِنْـدَ اللّقـاءِ مُـرَوَّعا
وَلاَ بكَهامٍ ناكـلٍ عَـنْ عَـدُوّه * * * إذا هُـوَ لاقَـى حاسـراً ومُقَنَّعـا
إذا ضَرّسَ الغَزْوُ الرّجالَ، وَجَدْتُهُ * * * أَخا الحَرْبِ صَدْقاً فـي اللّقاء سَمَيْذعا
وَإنْ تَلْقَهُ في الشَّرْبِ لا تَلْقَ فاحشاً * * * على الشُّـرب ، ذا قاذورة ٍ متـزبعا
أَبَى الصَّـبرَ آياتٌ أَرَاهـا ، وإنّني * * * أَرى كلَّ حَبْـلٍ بعـدَ حَبْلِكَ أقطعـا
وإني مَتَى ما أَدْعُ باسمِكَ لا تُجِبْ * * * وَكُنْتَ حَـرِيّاً أن تُجيـبَ ، وَتَسْمَعَا
أَقُـولُ ، وقد طارَ السنا في رَبابه * * * بِجَـوْنٍ تَسُـحّ الماءَ حـتى تريَّعا
سَقَى اللَّهُ أرضا ً حلّها قـبرُ مالكٍ * * * ذِهابَ الغَـوادي المُـدْجِناتِ فَأمْرَعا
وآثَـرَ سَيْـلَ الـوادِيَيْنِ بِديمة * * * تُـرَشِّـحُ وَسْمِيّاً منَ النَبْتِ خِروَعا
تَحِيّتُـهُ مِنّـي ، وإنْ كَانَ نَائِياً * * * وَأَمْسـى تُـراباً فَـوْقَهُ الأرضُ بلْقَعا
فإنْ تَكُـنِ الأيـامُ فَـرّقْنَ بَيْنَنا * * * لقدْ بانَ مَحْمُـوداً أخي، يـومَ وَدّعا
وعِشْنا بخـيرٍ فـي الحياةِ ، وقبلَنا * * * أصَابَ المَنَايا رَهْـطَ كِسْـرى ، وَتُبّعَا
وَكُنّا كَنَـدْمَانيَ جَـذِيمَةَ حِـقْبَةً * * * من الـدّهْـرِ ، حتى قيلَ لن يَتَصَدّعا
فَلَمّـا تَفـرّقْنا كأني ّ ومـالِكاً * * * لطـول اجتماعٍ ، لم نَبِتْ ليلةً مَعَا
فـتىً كانَ أَحْيَا مـن فَتاةٍ حَييّةٍ * * * وأشجَـعَ مـنْ لَيْثٍ إذا مـا تمنّعا
تَقُولُ ابْنَةُ العَمرِيّ : مَا لَكَ بَعْدَما * * * أَرَاكَ قـديماً ناعـمَ الـوَجْهِ أَفـرعا
فقلت لها:طولُ الأسى ، إذ سألتِني * * * ولـوعةُ حُـزْنٍ تترك الوجةَ أسفعا
وفقـدُ بني أمٍّ تولَّوا ، فلم أكُن * * * خِلافَهُـم أن أَسْتَـكِيْنَ ، فأخضَعا
ولكنّني أمضي على ذاكَ مُقدِماً * * * إذا بَعضُ مَن يلقى الخطوبَ تضعضعا
قَعِيـدَكِ أن لا تُسمعيني مَلامَةً * * * ولا تَنكَئـي قَـرح الفـؤادِ فييجعا
وَحَسْبُكِ أني قد جَهِدْتُ،فلم أجِد * * * بـكفِّـيَ عنـه للمَنيّـةِ مـدفَعا
وَمَا وَجْـدُ آظْآرٍ ثـلاثٍ روائمٍ * * * رَأَيْنَ مَجَـرّاً مـن حُـوارٍ ومصرعا
فَذَكّرْنَ ذا البَثّ الحَزِينِ بشَجْوِه * * * إذا حنّـتِ الأولى ، سجَعْنَ لها مَعَا
إذا شَارِفٌ مِنْهُنّ حَنّتْ فَرَجّعَتْ * * * مِنَ الليل أبكَى شجْوُها البَرْكَ أجمعَا
بِأَوْجَد مِنّي ، يَوْمَ فَارَقْتُ مالِكاً * * * وَقَامَ بِهِ النّاعي الـرّفيعُ ، فأسْمعا
وإنّي وإنْ هَأزَلْتِني قـدْ أَصَابَني * * * مِنَ الـرُّزْءِ ما يُبكي الحزينَ المُفجَّعا
وَلَسْتُ إذا ما الدهرُ أَحدَثَ نَكْبَةً * * * بِأَلْـوَثَ زِوّارِ القـرائبِ ، أخضَعا
وَلاَ فَرِحاً ، إن كُنْتُ يَوْماً بِغِبْطةٍ * * * ولا جَـزِعاً، إن نابَ دَهرٌ ، فأضْلعا
وَقَد غَالَني ما غَال قيْساً ومالِكاً * * * وعمـراً وجَـزءاً بالمشقَّـرِ أجمعا
ولَوْ أَنّ ما ألقَى أصابَ مُتالعاً * * * أو الرُّكنَ مِنْ سلمى إذن لَتَضعضَعا
جمهرة أشعار العرب - (1 / 74)