أم جابر السلفية
06-29-2010, 11:03 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الإمام البخاري رَحِمَهُ اللهُ:
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا أؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ».
وفي مسلم: «وإذا واعد أخلف»، وهذا الحديث يدل على أن هذه الصفات من صفات المنافقين، ونحوه حديث أبي هريرة المتفق عليه: «علامة المنافق ثلاث».
قوله: «إذا أؤتمن خان»، الخيانة خصلة مذمومة، ومن أرذل الخصال المذمومات، وقد قال الله: ﴿إن الله لا يهدي كيد الخائنين﴾، وقال: ﴿ولا تكن للخائنين خصيمًا﴾، يعني لا تجادل عنهم ولا تخاصم عنهم، وقال تعالى: ﴿ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة﴾، وقال تعالى: ﴿وضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئًا وقيل أدخلا النار مع الداخلين﴾، صفة الخيانة من صفات المنافقين، ونزه الله سبحانه وتعالى عنها نفسه عنها، فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم، قال الله تعالى: ﴿ وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
قوله: «وإذا حديث كذب»،الكذب خصلة ذميمة يتنزه عنها من عنده شيمه وينزه عنها كل مؤمن، وقد لعن الله الكاذبين، قال تعالى: ﴿ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين﴾، وسواء كان الكذب على الله وهو كبيرة، أو على رسوله وهو كبيرة، أو على الناس وهو كبيرة أيضًا، حتى أن السلف رضوان الله عليهم يكرهون الكذب على الدواب، بعضهم جاء ليسمع الحديث
من أحد المحدثين، فرآه شردت عليه حماره وهو يتبعها وقد جعل في حجره شيئًا كأنه يكذب عليها أن عنده شيء لها، فقال له: أتعطيها شيء؟ قال: لا، فرجع وخاف أن يكون يكذب عليه وقد كذب على الحمار، والكذب منتشر في هذه الأزمان على الله، وعلى رسوله، وعلى المسلمين، وعلى الدعوة «ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا»، «الصدق طمأنينة والكذب ريبة»، الأول متفق عليه والثاني ذكره الشيخ رَحِمَهُ اللهُ في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين».
قوله: «وإذا وعد أخلف»، المؤمن يعد وهو عازم على الوفاء؛ فإن قدر الله عليه بمانع ما يكون متعمدًا الخلف فليس عليه شيء؛ لقول الله تعالى: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾، وقوله: ﴿لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها﴾، أما أن يَعِدْهُ وهو عازم على الخلف، ويعتبرها سياسة ، ويعتبرها ذكاءً، ويعتبرها دهاءً وما إلى ذلك، فهذه من علامات النفاق العملي.
قوله: «وإذا عاهد غدر»، قال تعالى: ﴿وأفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا﴾، فالعهد الوفاء به واجب ونقضه كبيرة من الكبائر.
قوله: «وإذا خاصم فجر»، المؤمن ملازم للعدل في خصومته مع القريب ومع البعيد، في خصومته وفي رضاه مع العدو ومع الحميم، قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًا أو فقيرًا فالله أولى بهما﴾، وقال: ﴿وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى﴾، وقال: ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان﴾، فلا تحمل الإنسان عداوته لشخص أنه يقول غير الحق وذلك لأن الله عز وجل أمر بملازمة الحق، قال تعالى: ﴿ولا يجرمنكم شنئآن قومٍ على أن لا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى﴾، فمن التقوى ملازمة العدل.
قوله: «كان منافقًا خالصًا»، ليس معناه أنه يكفر إن توفرت فيه هذه الأمور، ما لم يستحل واحدة منها هذا نفاق عملي، فحتى ولو اجتمعت فيه هذه المعاصي الظاهرة فهو نفاق عملي، ويجب عليه أن يتوب إلى الله من هذه الكبائر، والله عز وجل يقول: ﴿إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريما﴾، ويقول: ﴿الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة﴾، ويقول: ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾، وإن مات مصرًّا عليها ما لم يستحلها، أو واحدة منها فهو تحت المشيئة كما دلت الآية على ذلك، وجاء في بعض الطرق للحديث: «وإن صام، وصلى، وزعم أنه مسلم»، بعضهم أخذ هذه الرواية أنه الذي تتوفر فيه هذه الصفات ما هو مسلم، حتى وإن لم يستحلَّها ما هو مسلم، والمقصود: ما هو مسلم كامل الإسلام، ما هو كامل الاستسلام والانقياد لله عز وجل؛ فإنه عاصي، فاسق، فاجر من فجرة المسلمين؛ فإن النفاق ينقسم إلى: اعتقادي وعملي.
الاعتقادي: ما دل عليه قول الله عز وجل: ﴿إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجدلهم نصيرا﴾، وأمثال هذه الآية.
والعملي: ما دل عليه هذه الحديث، وحديث أبي هريرة عند أهل السنة أن النفاق ينقسم إلى قسمين: نفاق عملي ونفاق اعتقادي، ويقال له: نفاق أكبر ونفاق أصغر، والمنافق الاعتقادي عند جمهور العلماء بمعنى الزنديق لا يرث من مورثه المسلم، ومنهم من يرى أنه يرث كما هو موجود في «الاختيارات» لشيخ الإسلام بن تيمية، والمنافقون الاعتقاديون كانوا في زمن النبي -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلَهِ وَسَلَم-موجودين، وما حرمهم النبي -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلَهِ وَسَلَم-من ميراث أهاليهم إذ أنهم يظهرون الإسلام، يصلون مع المسلمين، ويصومون مع المسلمين، ويحجون مع المسلمين فيرثون مع المسلمين، وهذا هو الصحيح، إلا إذا ارتد وظهرت ردته، فهنا يعامل معاملة الكافرين؛ لحديث: «من بدل دينه فاقتلوه»، ومن باب أولى منعه من الميراث في هذا الحال؛ لأنه مرتد، أما المنافق؛ فإنه يظهر الإسلام، ويعامل معاملة المسلمين في الظاهر.
من شرح الأربعون النووية (الحديث الثامن والأربعون ) للعلامة المحدث الناصح الآمين أبي عبد الرحمن يحي بن على الحجوري حفظه الله وسدد على الحق خطاه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الإمام البخاري رَحِمَهُ اللهُ:
حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا أؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ».
وفي مسلم: «وإذا واعد أخلف»، وهذا الحديث يدل على أن هذه الصفات من صفات المنافقين، ونحوه حديث أبي هريرة المتفق عليه: «علامة المنافق ثلاث».
قوله: «إذا أؤتمن خان»، الخيانة خصلة مذمومة، ومن أرذل الخصال المذمومات، وقد قال الله: ﴿إن الله لا يهدي كيد الخائنين﴾، وقال: ﴿ولا تكن للخائنين خصيمًا﴾، يعني لا تجادل عنهم ولا تخاصم عنهم، وقال تعالى: ﴿ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة﴾، وقال تعالى: ﴿وضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئًا وقيل أدخلا النار مع الداخلين﴾، صفة الخيانة من صفات المنافقين، ونزه الله سبحانه وتعالى عنها نفسه عنها، فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم، قال الله تعالى: ﴿ وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللَّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾.
قوله: «وإذا حديث كذب»،الكذب خصلة ذميمة يتنزه عنها من عنده شيمه وينزه عنها كل مؤمن، وقد لعن الله الكاذبين، قال تعالى: ﴿ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين﴾، وسواء كان الكذب على الله وهو كبيرة، أو على رسوله وهو كبيرة، أو على الناس وهو كبيرة أيضًا، حتى أن السلف رضوان الله عليهم يكرهون الكذب على الدواب، بعضهم جاء ليسمع الحديث
من أحد المحدثين، فرآه شردت عليه حماره وهو يتبعها وقد جعل في حجره شيئًا كأنه يكذب عليها أن عنده شيء لها، فقال له: أتعطيها شيء؟ قال: لا، فرجع وخاف أن يكون يكذب عليه وقد كذب على الحمار، والكذب منتشر في هذه الأزمان على الله، وعلى رسوله، وعلى المسلمين، وعلى الدعوة «ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا»، «الصدق طمأنينة والكذب ريبة»، الأول متفق عليه والثاني ذكره الشيخ رَحِمَهُ اللهُ في «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين».
قوله: «وإذا وعد أخلف»، المؤمن يعد وهو عازم على الوفاء؛ فإن قدر الله عليه بمانع ما يكون متعمدًا الخلف فليس عليه شيء؛ لقول الله تعالى: ﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾، وقوله: ﴿لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها﴾، أما أن يَعِدْهُ وهو عازم على الخلف، ويعتبرها سياسة ، ويعتبرها ذكاءً، ويعتبرها دهاءً وما إلى ذلك، فهذه من علامات النفاق العملي.
قوله: «وإذا عاهد غدر»، قال تعالى: ﴿وأفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا﴾، فالعهد الوفاء به واجب ونقضه كبيرة من الكبائر.
قوله: «وإذا خاصم فجر»، المؤمن ملازم للعدل في خصومته مع القريب ومع البعيد، في خصومته وفي رضاه مع العدو ومع الحميم، قال تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًا أو فقيرًا فالله أولى بهما﴾، وقال: ﴿وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى﴾، وقال: ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان﴾، فلا تحمل الإنسان عداوته لشخص أنه يقول غير الحق وذلك لأن الله عز وجل أمر بملازمة الحق، قال تعالى: ﴿ولا يجرمنكم شنئآن قومٍ على أن لا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى﴾، فمن التقوى ملازمة العدل.
قوله: «كان منافقًا خالصًا»، ليس معناه أنه يكفر إن توفرت فيه هذه الأمور، ما لم يستحل واحدة منها هذا نفاق عملي، فحتى ولو اجتمعت فيه هذه المعاصي الظاهرة فهو نفاق عملي، ويجب عليه أن يتوب إلى الله من هذه الكبائر، والله عز وجل يقول: ﴿إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريما﴾، ويقول: ﴿الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة﴾، ويقول: ﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾، وإن مات مصرًّا عليها ما لم يستحلها، أو واحدة منها فهو تحت المشيئة كما دلت الآية على ذلك، وجاء في بعض الطرق للحديث: «وإن صام، وصلى، وزعم أنه مسلم»، بعضهم أخذ هذه الرواية أنه الذي تتوفر فيه هذه الصفات ما هو مسلم، حتى وإن لم يستحلَّها ما هو مسلم، والمقصود: ما هو مسلم كامل الإسلام، ما هو كامل الاستسلام والانقياد لله عز وجل؛ فإنه عاصي، فاسق، فاجر من فجرة المسلمين؛ فإن النفاق ينقسم إلى: اعتقادي وعملي.
الاعتقادي: ما دل عليه قول الله عز وجل: ﴿إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجدلهم نصيرا﴾، وأمثال هذه الآية.
والعملي: ما دل عليه هذه الحديث، وحديث أبي هريرة عند أهل السنة أن النفاق ينقسم إلى قسمين: نفاق عملي ونفاق اعتقادي، ويقال له: نفاق أكبر ونفاق أصغر، والمنافق الاعتقادي عند جمهور العلماء بمعنى الزنديق لا يرث من مورثه المسلم، ومنهم من يرى أنه يرث كما هو موجود في «الاختيارات» لشيخ الإسلام بن تيمية، والمنافقون الاعتقاديون كانوا في زمن النبي -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلَهِ وَسَلَم-موجودين، وما حرمهم النبي -صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلَهِ وَسَلَم-من ميراث أهاليهم إذ أنهم يظهرون الإسلام، يصلون مع المسلمين، ويصومون مع المسلمين، ويحجون مع المسلمين فيرثون مع المسلمين، وهذا هو الصحيح، إلا إذا ارتد وظهرت ردته، فهنا يعامل معاملة الكافرين؛ لحديث: «من بدل دينه فاقتلوه»، ومن باب أولى منعه من الميراث في هذا الحال؛ لأنه مرتد، أما المنافق؛ فإنه يظهر الإسلام، ويعامل معاملة المسلمين في الظاهر.
من شرح الأربعون النووية (الحديث الثامن والأربعون ) للعلامة المحدث الناصح الآمين أبي عبد الرحمن يحي بن على الحجوري حفظه الله وسدد على الحق خطاه