بنت العمدة - أم الشيماء
08-01-2010, 09:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد :
باب الصدق
رواية رياض الصالحين
عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلي
الله عليه وسلم قال : (( إن الصدق يهدي إلى البر ،
وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق
حتى يكتب عند الله صديقا ، وإن الكذب يهدي
إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ،
وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ))
( متفق عليه)
رواية البخاري
قال البخاري في صحيحه
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ
مَنْصُورٍ ،عَنْ أَبِي وَائِلٍ ،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
" إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِر ِّوَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ
وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِنَّ
الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي
إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ
عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا"
صحيح البخاري / كتاب الأدب/ باب قول الله
تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا/ حديث رقم : 5629
رواية مسلم
قال مسلم في صحيحه
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِيشَيْبَةَ
وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ،قالوا: قَالَ إِسْحَقُ ،قال: أَخْبَرَنَا ،
قال:و قَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ
عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى
الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا
وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِوَإِنَّ الْفُجُورَيَهْدِي
إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ كَذَّابًا"
صحيح مسلم / كتاب البر والصلة والآداب / باب قبح الكذب
وحسن الصدق وفضله / حديث رقم : 4719
الـــــشـــــرح
قال الشـيــخ العثيمين
هذا الباب عقده المؤلف ـ رحمه الله ـ للصدق فقال :
باب الصدق ، وذكر آيات سبق الكلام عليها ،
أما الأحاديث فقال : عن ابن مسعود ـ رضي
الله عنه ـ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال :
(( عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر،
وإن البر يهدي إلى الجنة . . . ))
قوله : عليكم بالصدق )) .. . أي : ألزموا الصدق ،
والصدق : مطابقة الخير للواقع ،
يعني : أن تخبر بشيء فيكون الخبر مطابقا للواقع ،
مثال ذلك : إذا قلت لمن سألك : أي يوم هذا ؟
فقلت اليوم يوم الأربعاء ( وهو يوم الأربعاء فعلاً )
فهذا صدق،
ولو قلت يوم الثلاثاء لكان كذبًا ، فالصدق مطابقة الخبر للواقع
، وقد سبق في حديث كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ
وصاحبيه ما يدل على فضيلة الصدق وحسن
عاقبته ، وأن الصادق هو الذي له العاقبة ،
والكاذب هو الذي يكون عمله هباء . ولهذا يذكر
أن بعض العامة قال : إن الكذب ينجي ، فقال له أخوه
الصدق أنجى وأنجى . وهذا صحيح .
واعلم أن الخبر يكون بالسان ويكون بالأركان .
وأما باللسان فهو القول ، وأما بالأركان فهو الفعل ،
ولكن كيف يكون الكذب بالفعل ؟ !
إذا فعل الإنسان خلاف ما يبطن فهذا قد كذب بفعله ،
فالمنافق مثلا كاذب لأنه يظهر للناس أنه مؤمن ،
يصلي مع الناس ويصوم مع الناس ، ويتصدق
ولكنه بخيل . وربما يحج ، فمن رأى أفعاله حكم عليه
بالصلاح ، ولكن هذه الأفعال لا تنبئ عما في الباطن ،
فهي كذب .
والصدق : مطابقة الخير للواقع ،
يعني : أن تخبر بشيء فيكون الخبر مطابقا للواقع ،
مثال ذلك : إذا قلت لمن سألك : أي يوم هذا ؟
فقلت اليوم يوم الأربعاء ( وهو يوم الأربعاء فعلاً )
فهذا صدق،
ولو قلت يوم الثلاثاء لكان كذبًا ، فالصدق مطابقة الخبر للواقع
، وقد سبق في حديث كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ
وصاحبيه ما يدل على فضيلة الصدق وحسن
عاقبته ، وأن الصادق هو الذي له العاقبة ،
والكاذب هو الذي يكون عمله هباء . ولهذا يذكر
أن بعض العامة قال : إن الكذب ينجي ، فقال له أخوه
الصدق أنجى وأنجى . وهذا صحيح .
واعلم أن الخبر يكون بالسان ويكون بالأركان .
وأما باللسان فهو القول ، وأما بالأركان فهو الفعل ،
ولكن كيف يكون الكذب بالفعل ؟ !
إذا فعل الإنسان خلاف ما يبطن فهذا قد كذب بفعله ،
فالمنافق مثلا كاذب لأنه يظهر للناس أنه مؤمن ،
يصلي مع الناس ويصوم مع الناس ، ويتصدق
ولكنه بخيل . وربما يحج ، فمن رأى أفعاله حكم عليه
بالصلاح ، ولكن هذه الأفعال لا تنبئ عما في الباطن ،
فهي كذب .
طابقت أعمال الجوارح ما فيالقلب
فهي صدق بالأفعال .
ثم بين النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـعندما
أمر بالصدق ـ عاقبته فقال :
(( إن الصدق يهدي إلى البر ،وإن البر يهدي إلى الجنة )) .
البركثرة الخير،
ومنه أسماء الله : (( البَرّ )) أيكثيرالخير
والإحسان عز وجل .
فالبر يعني كثرة الخير ، وهو من نتائج الصدق ، وقوله :
(( يهدي إلى الجنة )) فصاحب البر ـنسأل الله أن
يجعلنا وإياكم منهم ـ يهديه بره إلى الجنة ،
والجنة غاية كل مطلب ، ولهذا يؤمر الإنسان أن
يسأل الله الجنة ويستعيذ به من النار
( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَوَمَا
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)
(آل عمران: 185) .
وقوله : (( إن الرجل ليصدق حتى يكتب عند اللهصديقا )) وفي رواية : (( ولا يزال الرجل يصدق ويتحرىالصدق حتى يكتب عند الله صديقا )) .
والصديق في المرتبة الثانية من مراتبالخلقمن
الذين أنعم الله عليهم كما قال الله سبحانه :
( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ )
(النساء: 69) ،
فالرجل الذي يتحرى الصدق يكتب عند الله
صديقا ، ومعلوم أن الصديقية درجةعظيمة
لا ينالها إلا أفذاذ من الناس ، وتكون فيالرجال
وتكون في النساء ، قال الله تعالى :
( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْمِنْ
قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ)
(المائدة: 75) .
وأفضل الصديقين على الإطلاق أصدقهم ، هو أبوبكر
رضي الله عنه : عبد الله بن أبي قحافة ، الذياستجاب
للنبي صلي الله عليه وسلم حين دعاه إلى الإسلام،
ولم يحصل عنده أي تردد وأي توقف ، بمجرد ما
دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام أسلم،
وصدق النبي صلي الله عليه وسلم حين كذبه قومه ،
وصدقه حين تحدث عن الإسراء والمعراج وكذبه
الناس وقالوا : كيف تذهب يا محمد من مكة إلى
بيت المقدس وترجع في ليلة واحدة ثم
تقول : إنك صعدت السماء؟
هذا لا يمكن . ثم ذهبوا إلى أبي بكر وقالوا له :
( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ )
(النساء: 69) ،
فالرجل الذي يتحرى الصدق يكتب عند الله
صديقا ، ومعلوم أن الصديقية درجةعظيمة
لا ينالها إلا أفذاذ من الناس ، وتكون فيالرجال
وتكون في النساء ، قال الله تعالى :
( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْمِنْ
قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ)
(المائدة: 75) .
وأفضل الصديقين على الإطلاق أصدقهم ، هو أبوبكر
رضي الله عنه : عبد الله بن أبي قحافة ، الذياستجاب
للنبي صلي الله عليه وسلم حين دعاه إلى الإسلام،
ولم يحصل عنده أي تردد وأي توقف ، بمجرد ما
دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام أسلم،
وصدق النبي صلي الله عل 57a يه وسلم حين كذبه قومه ،
وصدقه حين تحدث عن الإسراء والمعراجوكذبه
الناسوقالوا : كيف تذهب يا محمد من مكةإلى
بيت المقدس وترجع في ليلة واحدة ثم
تقول : إنك صعدت السماء؟
هذا لا يمكن . ثم ذهبوا إلى أبي بكر وقالوا له :
أما تسمع ما يقول صاحبك ؟ قال : ماذا قال ؟ قالوا :
إنه قال كذا وكذا ! قال : (( إن كان قد قالذلك فقد صدق )) ،
فمنذ ذلك اليوم سمي الصديق ، رضي الله عنه .
وأما الكذبقال النبي صليالله عليه وسلم (( وإياكم والكذب ))
(( إياكم )) للتحذير ، أي : أحذروا الكذب،
والكذب هو الإخبار بما يخالف الواقع ،سواء
كان ذلك بالقول أو بالفعل .
فإذا قال لك قائل : ما اليوم ؟ فقلت يوم الخميس،
أو يوم الثلاثاء ( وهو يوم الأربعاء ) فهذا كذب؛
لأنه لا يطابق الواقع ؛ لأن اليوم يوم الأربعاء .
والمنافق كاذب ؛ لأن ظاهره يدل على أنه مسلم
وهو كافر ، فهو كاذب بفعله .
وقوله : (( وإن الكذب يهدي إلى الفجور ))
الفجور : الخروج عن طاعة الله؛
لأن الإنسان يفسق ويتعدى طوره ويخرجعن
طاعة الله إلى معصيته ، وأعظم الفجور الكفر ـوالعياذ
بالله ـ ؛ فإن الكفر فجرة ، كما قال الله :
( أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) (عبس:42) ،
وقال تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا
أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) (المطففين : 7 ـ 11 ) ،
وقال تعالى : (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) (الانفطار:14) .
فالكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى
النار نعوذ بالله منها .
وقوله : (( وإن الرجل ليكذب )) وفي لفظ (( لايزال
الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا))
الكذب من الأمور المحرمة ، بل قال بعض العلماء :
إنه من كبائر الذنوب ؛ لأن الرسول صلى الله
عليه وسلم توعده بأنه يكتب عند الله كذابا .
ومن أعظم الكذب : مايفعله بعض الناس اليوم ، يأتي
بالمقالة كاذبا يعلم أنها كذب ، لكن من أجل أن
يضحك الناس ، وقد جاء في الحديث الوعيد على هذا،
فقال الرسول عليه الصلاة والسلام : (( ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك القوم ، ويل له ، ويل له )) ،
وهذا وعيد على أمر سهل عند كثير من الناس .
فالكذب كله حرام ، وكله يهدي إلى الفجور،
ولا يستثنى منه شيء .
ورد في الحديث، أنه يستثنى من ذلك ثلاثة أشياء :
في الحرب ، والإصلاح بين الناس ،وحديث
المرأة زوجهاوحديثه إياها .
ولكن بعض أهل العلم قال : إن المراد بالكذب في
هذا الحديث التورية وليس الكذب الصريح .
وقال التورية قد تسمى كذبًا ، كما في حديث
أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلي الله
عليه وسلم قال : (( لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات :
ثنتين منهن في ذات الله تعالى قوله ( إِنِّي سَقِيمٌ)
(الصافات: 89) وقوله : ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا )
(الانبياء: 63) وواحدة في شأن سارة . . . )) الحديث،
وهو لم يكذب ، وإنما ورى تورية هو فيها صادق .
وسواء كان هذا أو هذا ؛ فإن الكذب لايجوز
إلا في هذه الثلاث على رأي كثير من أهل العلم ،
وبعض العلماء يقول : الكذب لا يجوز مطلقا : لا مزحًا،
ولا جدًا ، ولا إذا تضمن أكل مالأو لا .
وأشد شيء من الكذب أن يكذب ويحلفليأكل
أموال الناس بالباطل ، مثل أن يدعي عليه بحق
ثابت فينكر ويقول : والله ما لك علي حق ،
أو يدعي ما ليس له فيقول : لي عندك كذا وكذا،
وهو كاذب ، فهذا إذا حلف على دعواه وكذب؛
فإن ذلك هو اليمين الغموس التيتغمس
صاحبها في الإثم ، ثم تغمسه في النار والعياذ بالله .
وثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال :
(( من حلف على يمين صبر يقتطعبها مال امرئ
مسلم هو فيها فاجر ؛ لقي الله وهو عليه غضبان ))،
فالحاصل أن الكذب حرام ، ولا يجوز للإنسان أن
يكذب مطلقـًا ، لا هازلاً ولا جادًا ، إلا في المسائل الثلاث،
على خلاف بين العلماء في معنى الحديث السابق .
ا.نتهى
مــــــــنقـول
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد :
باب الصدق
رواية رياض الصالحين
عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلي
الله عليه وسلم قال : (( إن الصدق يهدي إلى البر ،
وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق
حتى يكتب عند الله صديقا ، وإن الكذب يهدي
إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ،
وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ))
( متفق عليه)
رواية البخاري
قال البخاري في صحيحه
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ
مَنْصُورٍ ،عَنْ أَبِي وَائِلٍ ،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
" إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِر ِّوَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ
وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِنَّ
الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي
إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ
عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا"
صحيح البخاري / كتاب الأدب/ باب قول الله
تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا/ حديث رقم : 5629
رواية مسلم
قال مسلم في صحيحه
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِيشَيْبَةَ
وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ،قالوا: قَالَ إِسْحَقُ ،قال: أَخْبَرَنَا ،
قال:و قَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ
عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى
الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا
وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِوَإِنَّ الْفُجُورَيَهْدِي
إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ كَذَّابًا"
صحيح مسلم / كتاب البر والصلة والآداب / باب قبح الكذب
وحسن الصدق وفضله / حديث رقم : 4719
الـــــشـــــرح
قال الشـيــخ العثيمين
هذا الباب عقده المؤلف ـ رحمه الله ـ للصدق فقال :
باب الصدق ، وذكر آيات سبق الكلام عليها ،
أما الأحاديث فقال : عن ابن مسعود ـ رضي
الله عنه ـ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال :
(( عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر،
وإن البر يهدي إلى الجنة . . . ))
قوله : عليكم بالصدق )) .. . أي : ألزموا الصدق ،
والصدق : مطابقة الخير للواقع ،
يعني : أن تخبر بشيء فيكون الخبر مطابقا للواقع ،
مثال ذلك : إذا قلت لمن سألك : أي يوم هذا ؟
فقلت اليوم يوم الأربعاء ( وهو يوم الأربعاء فعلاً )
فهذا صدق،
ولو قلت يوم الثلاثاء لكان كذبًا ، فالصدق مطابقة الخبر للواقع
، وقد سبق في حديث كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ
وصاحبيه ما يدل على فضيلة الصدق وحسن
عاقبته ، وأن الصادق هو الذي له العاقبة ،
والكاذب هو الذي يكون عمله هباء . ولهذا يذكر
أن بعض العامة قال : إن الكذب ينجي ، فقال له أخوه
الصدق أنجى وأنجى . وهذا صحيح .
واعلم أن الخبر يكون بالسان ويكون بالأركان .
وأما باللسان فهو القول ، وأما بالأركان فهو الفعل ،
ولكن كيف يكون الكذب بالفعل ؟ !
إذا فعل الإنسان خلاف ما يبطن فهذا قد كذب بفعله ،
فالمنافق مثلا كاذب لأنه يظهر للناس أنه مؤمن ،
يصلي مع الناس ويصوم مع الناس ، ويتصدق
ولكنه بخيل . وربما يحج ، فمن رأى أفعاله حكم عليه
بالصلاح ، ولكن هذه الأفعال لا تنبئ عما في الباطن ،
فهي كذب .
والصدق : مطابقة الخير للواقع ،
يعني : أن تخبر بشيء فيكون الخبر مطابقا للواقع ،
مثال ذلك : إذا قلت لمن سألك : أي يوم هذا ؟
فقلت اليوم يوم الأربعاء ( وهو يوم الأربعاء فعلاً )
فهذا صدق،
ولو قلت يوم الثلاثاء لكان كذبًا ، فالصدق مطابقة الخبر للواقع
، وقد سبق في حديث كعب بن مالك ـ رضي الله عنه ـ
وصاحبيه ما يدل على فضيلة الصدق وحسن
عاقبته ، وأن الصادق هو الذي له العاقبة ،
والكاذب هو الذي يكون عمله هباء . ولهذا يذكر
أن بعض العامة قال : إن الكذب ينجي ، فقال له أخوه
الصدق أنجى وأنجى . وهذا صحيح .
واعلم أن الخبر يكون بالسان ويكون بالأركان .
وأما باللسان فهو القول ، وأما بالأركان فهو الفعل ،
ولكن كيف يكون الكذب بالفعل ؟ !
إذا فعل الإنسان خلاف ما يبطن فهذا قد كذب بفعله ،
فالمنافق مثلا كاذب لأنه يظهر للناس أنه مؤمن ،
يصلي مع الناس ويصوم مع الناس ، ويتصدق
ولكنه بخيل . وربما يحج ، فمن رأى أفعاله حكم عليه
بالصلاح ، ولكن هذه الأفعال لا تنبئ عما في الباطن ،
فهي كذب .
طابقت أعمال الجوارح ما فيالقلب
فهي صدق بالأفعال .
ثم بين النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـعندما
أمر بالصدق ـ عاقبته فقال :
(( إن الصدق يهدي إلى البر ،وإن البر يهدي إلى الجنة )) .
البركثرة الخير،
ومنه أسماء الله : (( البَرّ )) أيكثيرالخير
والإحسان عز وجل .
فالبر يعني كثرة الخير ، وهو من نتائج الصدق ، وقوله :
(( يهدي إلى الجنة )) فصاحب البر ـنسأل الله أن
يجعلنا وإياكم منهم ـ يهديه بره إلى الجنة ،
والجنة غاية كل مطلب ، ولهذا يؤمر الإنسان أن
يسأل الله الجنة ويستعيذ به من النار
( فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَوَمَا
الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ)
(آل عمران: 185) .
وقوله : (( إن الرجل ليصدق حتى يكتب عند اللهصديقا )) وفي رواية : (( ولا يزال الرجل يصدق ويتحرىالصدق حتى يكتب عند الله صديقا )) .
والصديق في المرتبة الثانية من مراتبالخلقمن
الذين أنعم الله عليهم كما قال الله سبحانه :
( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ )
(النساء: 69) ،
فالرجل الذي يتحرى الصدق يكتب عند الله
صديقا ، ومعلوم أن الصديقية درجةعظيمة
لا ينالها إلا أفذاذ من الناس ، وتكون فيالرجال
وتكون في النساء ، قال الله تعالى :
( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْمِنْ
قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ)
(المائدة: 75) .
وأفضل الصديقين على الإطلاق أصدقهم ، هو أبوبكر
رضي الله عنه : عبد الله بن أبي قحافة ، الذياستجاب
للنبي صلي الله عليه وسلم حين دعاه إلى الإسلام،
ولم يحصل عنده أي تردد وأي توقف ، بمجرد ما
دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام أسلم،
وصدق النبي صلي الله عليه وسلم حين كذبه قومه ،
وصدقه حين تحدث عن الإسراء والمعراج وكذبه
الناس وقالوا : كيف تذهب يا محمد من مكة إلى
بيت المقدس وترجع في ليلة واحدة ثم
تقول : إنك صعدت السماء؟
هذا لا يمكن . ثم ذهبوا إلى أبي بكر وقالوا له :
( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ
عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ )
(النساء: 69) ،
فالرجل الذي يتحرى الصدق يكتب عند الله
صديقا ، ومعلوم أن الصديقية درجةعظيمة
لا ينالها إلا أفذاذ من الناس ، وتكون فيالرجال
وتكون في النساء ، قال الله تعالى :
( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْمِنْ
قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ)
(المائدة: 75) .
وأفضل الصديقين على الإطلاق أصدقهم ، هو أبوبكر
رضي الله عنه : عبد الله بن أبي قحافة ، الذياستجاب
للنبي صلي الله عليه وسلم حين دعاه إلى الإسلام،
ولم يحصل عنده أي تردد وأي توقف ، بمجرد ما
دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام أسلم،
وصدق النبي صلي الله عل 57a يه وسلم حين كذبه قومه ،
وصدقه حين تحدث عن الإسراء والمعراجوكذبه
الناسوقالوا : كيف تذهب يا محمد من مكةإلى
بيت المقدس وترجع في ليلة واحدة ثم
تقول : إنك صعدت السماء؟
هذا لا يمكن . ثم ذهبوا إلى أبي بكر وقالوا له :
أما تسمع ما يقول صاحبك ؟ قال : ماذا قال ؟ قالوا :
إنه قال كذا وكذا ! قال : (( إن كان قد قالذلك فقد صدق )) ،
فمنذ ذلك اليوم سمي الصديق ، رضي الله عنه .
وأما الكذبقال النبي صليالله عليه وسلم (( وإياكم والكذب ))
(( إياكم )) للتحذير ، أي : أحذروا الكذب،
والكذب هو الإخبار بما يخالف الواقع ،سواء
كان ذلك بالقول أو بالفعل .
فإذا قال لك قائل : ما اليوم ؟ فقلت يوم الخميس،
أو يوم الثلاثاء ( وهو يوم الأربعاء ) فهذا كذب؛
لأنه لا يطابق الواقع ؛ لأن اليوم يوم الأربعاء .
والمنافق كاذب ؛ لأن ظاهره يدل على أنه مسلم
وهو كافر ، فهو كاذب بفعله .
وقوله : (( وإن الكذب يهدي إلى الفجور ))
الفجور : الخروج عن طاعة الله؛
لأن الإنسان يفسق ويتعدى طوره ويخرجعن
طاعة الله إلى معصيته ، وأعظم الفجور الكفر ـوالعياذ
بالله ـ ؛ فإن الكفر فجرة ، كما قال الله :
( أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ) (عبس:42) ،
وقال تعالى : (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا
أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) (المطففين : 7 ـ 11 ) ،
وقال تعالى : (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) (الانفطار:14) .
فالكذب يهدي إلى الفجور ، والفجور يهدي إلى
النار نعوذ بالله منها .
وقوله : (( وإن الرجل ليكذب )) وفي لفظ (( لايزال
الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا))
الكذب من الأمور المحرمة ، بل قال بعض العلماء :
إنه من كبائر الذنوب ؛ لأن الرسول صلى الله
عليه وسلم توعده بأنه يكتب عند الله كذابا .
ومن أعظم الكذب : مايفعله بعض الناس اليوم ، يأتي
بالمقالة كاذبا يعلم أنها كذب ، لكن من أجل أن
يضحك الناس ، وقد جاء في الحديث الوعيد على هذا،
فقال الرسول عليه الصلاة والسلام : (( ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك القوم ، ويل له ، ويل له )) ،
وهذا وعيد على أمر سهل عند كثير من الناس .
فالكذب كله حرام ، وكله يهدي إلى الفجور،
ولا يستثنى منه شيء .
ورد في الحديث، أنه يستثنى من ذلك ثلاثة أشياء :
في الحرب ، والإصلاح بين الناس ،وحديث
المرأة زوجهاوحديثه إياها .
ولكن بعض أهل العلم قال : إن المراد بالكذب في
هذا الحديث التورية وليس الكذب الصريح .
وقال التورية قد تسمى كذبًا ، كما في حديث
أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلي الله
عليه وسلم قال : (( لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات :
ثنتين منهن في ذات الله تعالى قوله ( إِنِّي سَقِيمٌ)
(الصافات: 89) وقوله : ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا )
(الانبياء: 63) وواحدة في شأن سارة . . . )) الحديث،
وهو لم يكذب ، وإنما ورى تورية هو فيها صادق .
وسواء كان هذا أو هذا ؛ فإن الكذب لايجوز
إلا في هذه الثلاث على رأي كثير من أهل العلم ،
وبعض العلماء يقول : الكذب لا يجوز مطلقا : لا مزحًا،
ولا جدًا ، ولا إذا تضمن أكل مالأو لا .
وأشد شيء من الكذب أن يكذب ويحلفليأكل
أموال الناس بالباطل ، مثل أن يدعي عليه بحق
ثابت فينكر ويقول : والله ما لك علي حق ،
أو يدعي ما ليس له فيقول : لي عندك كذا وكذا،
وهو كاذب ، فهذا إذا حلف على دعواه وكذب؛
فإن ذلك هو اليمين الغموس التيتغمس
صاحبها في الإثم ، ثم تغمسه في النار والعياذ بالله .
وثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال :
(( من حلف على يمين صبر يقتطعبها مال امرئ
مسلم هو فيها فاجر ؛ لقي الله وهو عليه غضبان ))،
فالحاصل أن الكذب حرام ، ولا يجوز للإنسان أن
يكذب مطلقـًا ، لا هازلاً ولا جادًا ، إلا في المسائل الثلاث،
على خلاف بين العلماء في معنى الحديث السابق .
ا.نتهى
مــــــــنقـول