الشاعر أبو رواحة الموري
10-02-2010, 12:34 PM
هذه دماج...
للشــاعر أبي عبد الرحمن فتح بن عبد الحافظ القدسي
يقول الشاعر لله دره
دَمَّاجُ عاد الذي يـأتيـك بـالظفـرِ * * * إن أخلـص الدين في الروحات والبُكَرِ
وراقـب الله َ فـي سـرٍّ وفـي علنٍ * * * مـلازمًا فـي الطـريق الشـد للأُزُرِ
هـام الغـواة بـوصفٍ للنسـا غَزَلً * * * في غير حق مضوا بالجهـد والعُمُـرِ
من وصف ليلى كذا وصـف لعـزة أو * * * وصـف لبثنـة أو جـاراتِها الأُخَـرِ
نعت الخـدود فنعـت العيـن يتبعـه * * * وصف لقـدٍ ولون الشعـر والبشـرِ
والسيـرَ والنطقَ والإدلالَ قد وصفوا * * * والريـح منها وحال الطولِ والقِصَرِ
لكنـني واصـفٌ دَمَّـاجَ فـي حُلَل * * * حسنـاءَ تَقْصُرُ عنهـا دارةُ القَمَـرِ
بـالله يـا صـاحِ أنبئهـا مـتى ترها * * * أنـي بهـا مُغـْرمٌ فـي الحلِّ والسفرِ
كـأن مـا فُـرِّقت في غيرك اجتمعت * * * مـن النَّـدى فيـك لم تبقي ولم تذرِي
يـاغـرةً فـي جبيـن الدهـر فاتنة * * * وشامـةً فـي الخدود البيض فازدهري
يـا وردة فـي رباع اليمـن نـاضرة * * * سلَّابةَ القلـبِ والأذهـانِ والبصـرِ
يـا روضـة من رياض الخيـرعـامرة * * * بعـابـد قائـم لله فـي السَحَـرِ
وصــائـمٍ ذاكــرٍ لله مختلـي * * * والعيـنُ فاضـت لخوفِ الله بالعِبَر
يـرجـوا الإلـه لنـيل الفوز في غدهِ * * * بجنـة الخلـد لـم تخطـر على بشرِ
مَـعْ كـونه مـن ذنوبٍ قد جنت يدُهُ * * * فـي أمسـه خائفًـا في غاية الحذرِ
ليـسالحـديثُ الذي تُلقـى عواهنه * * * رجمًا بغيـب يـرى كشـاهد البصرِ
دَمَّـاج يـا مـن تربى فـي حضانتها * * * جـمٌّ غفـيرٌ مـن الأبطـال والنُمُرِ
دَمَّـاج يـا مـن تردَّى فـي مخالبهـا * * * أهـلُ الضـلال وأهلُ الزيغِ والضَّرَرِ
دَمَّـاج يـا قلعة الإسـلام كم رُعِبَت * * * مـن ذكـرها فئـةُ الطغيان والشررِ
صـوفيـةٌ شيعـةٌ إخـوانُ سيـدِهم * * * جمعيـةٌ ساهمـتْ بالشـر والوَحَـر
وأَكْثَـرَ القـولَ فيهـا شـامتٌ حسدًا * * * لسنـا نبـالـي بحمـد الله بالهَـذَرِ
وأنشئـوا فـي ديـارٍ مـا ينـاوئهـا * * * والبـدرُ لا يستـوي وقلامةُ الظُّفُـرِ
بعـون ربـي عصـا مـوسى لكم أبدًا * * * حتـى تـؤوبوا ويَصْغِى القلـبُ للعبر
وبعضهـم أحسـن الـرمي السديد بها * * * فعاد فـي رَمْيِها بالسهـم والـوتـر
مـن عـارض الحـق يسعى في مهانته * * * والحـق مـاضٍ ومكـرُ القوم لم يُضِرِ
ومـن تعـالى علـى دَمَّـاج مجتـرئًا * * * كبـائع التمـرِ ذاتِ الشيصِ في هَجَرِ
ومـن تنكَّـرَ للأعـلامِ فـي سفـهٍ * * * إنـي أمثِّلُـهُ بـالطائـرِ العَقِـر
كـالبحـر يـرميه طفلٌ عاجزٌ بحصًى * * * أنَّـى تـؤثـرُ فيـهِ رميةُ الحَجَـر
إنـي أراك تمـوت اليـوم مـن كَمَدٍ * * * لا فـي القبـور ولا تحيـا كما البشرِ
إن النفاحَ عـن الخيـرِ العميـمِ بهـا * * * إن النضـال عـن القـرآن والأثـرِ
إن الـدفـاع عـن النهـج القويم ألا * * * ليـس الـدفاعُ عن الأحجارِ والجُدُرِ
عن دعوة الشيخ سَلْ أهل الحقول وسَل * * * أهـلَ البـوادي وأهلَ السهلِ والوَعِرِ
سـل السحـاب الـذي يعطيك وابِلَه * * * سـل العصافيرَ فوق الغصن والشجر
والفلك فـي البحـر سلـها عنمآثره * * * يأتيـك مـن قد سـألت اليوم بالخبر
قـد هيَّأَ اللهُ فيهـا مـن يسيـر بنـا * * * اسيـرًا صحيحًا مَـعَ القـرآن والأثر
ذا كـان قبـل مجـيء الشيـخ أمنية * * * ورُبَّ أمنيـةٍ أحـلى مـن الظَفَـر
يـداه فـي الله أعطـت كـل غالية * * * بالبخـل لـم تُـرْميا يومًا ولا الحَصَرِ
شيـخُ الحـديثِ وشيخ العلم في يمن * * * فـي عصـرنـا زينةَ الآثار والسِيَـرِ
إنــي لأرجــو بـأن الله بشَّـره * * * نَعِمْتَ بالخلـد فـي الجنـات والنُّهُرِ
إنــي لأرجـو لـه خيـرًا وأن لـه * * * غـرْسًا لـه مـن جـناه يـانعُ الثمر
فـارفعـه يـا رب فـي الدنيا وآخرةٍ * * * واجعلـه فـي رفقـةِ الصديق أو عُمَرِ
والـذنبَ فاغفـر ونقِّ الشيخَ من زلل * * * كما تُنَقََّـى الثيـابُ البيـضُ من قَذَرِ
حـتى إذا مـا قضـى نحبًـا أناب له * * * من كان أهلًا لحمل العـبْء والسَّهَـر
فـي دار شيخـي دروسُ العلمِ عامرةٌ * * * بكثـرة فـي مـدار الـحول والعُصُر
لسنـا نـوقَّـفُ هذا الدرسَ في عُطَلٍ * * * فـي العيد درس وشهر الصوم أو صفرِ
مكـانهـا مسجـد والسقف أو سكن * * * والـواد تحـت ظلال الجَدْر والشجرِ
ووقتهـا مـن شـروق يَسْتَمِرُّ إلـى * * * شطـرٍ مـن الليـل عند النوم والفَتَر
علـم العقيـدة أغلـى مـا نمارسه * * * مـن الـدروس بـأقسـامٍ لمعتبـر
ففي العبادةِ درس النشْء مـن صِغَـرٍ * * * مثـل الأصول وكشف الشرك والضرر
دُرُّ نضيــدٌ وتطهيــرٌ لمعتقـدٍ * * * نحظـى بمعتقـد خـالٍ مـن الكَـدَرِ
قـولٌ مفيـدٌ مبـادي شيخنـا وكذا * * * كتـابُ تـوحيـدِ ربِّ العرش فابتدر
وفـي الصفـات فكـتب لابن تيمية * * * كـواسطيـةٍ او حَمْـويـةِ الأثـر
والتـدمـرية مـع متن الطحاويِّ زِدْ * * * قـواعـدًا فـي صفات الرب والقدَر
وغيـر تـلك وإنْ يظهـر لنـا خطأٌ * * * فـي بعـضِ تلك نكن منهُ على حَذَرِ
وللحـديـث علـومٌ فـي مقـدمةٍ * * * لابـن الصـلاح ومـَنْ يتلوهُ في الأثر
مـن باسطٍ كاشفٍ عن خَبْءِ مُعْضِلةٍ * * * أو نـاظـمٍ نـاقـدٍ يأتـي بمُخْتَصَـرِ
مثـلُ العـراقـيِّ أو كأبي الفداء كذا * * * يحيـى النـواويُّ فـي التقريب واليسر
أو السيـوطـيُّ أو كمـوقِظِ الذهبيْ * * * كـذا السخـاويُّ في فتحِ المُغيثِ حَرِي
أو الإمـامُ العظيـمُ القـدرِ في نُكتٍ * * * ونخبـةٍ شـرحُها فـي نـزهةِ النظـرِ
والخـوض بعـد بلوغ الجهد في عللٍ * * * مـن غيـر نسيـان بيقـونية القِصَـر
علـمُ الأصـولِ لشيخٍ صالحٍ وكذا * * * متـن الجـوينـيِّ مـع نَظْمٍ له عَطِـرِ
وروضـةٌ وأتـت منهـا مـذكـرةٌ * * * رسـالة ٌ للإمـام الشافعـيْ الأثـري
وللـدرايةِ درسُ الفقـه منتصـبٌ * * * كعمـدةٍ وبلـوغِ الحَبـْرِ والـدُّرَرِ
كـذا الـدراريُّ للقـاضي ويتبعها * * * علـمُ المـواريثِ قَسْـمِ المال في الأسُرِ
بـلاغـةٌ خـطٌ إمـلاءٌ عـروضُهم * * * والنحـوَ فـي تحفـةٍ مَعْ أصلها ابتكر
تتمتمهـا ملحـةٌ والقطـرُ بعـدَهما * * * ألفيـةٌ شرحُهـا والصـرْفَ فاعتـبر
كـذاك درسٌ لتجـويـدٍ بمعهـدنا * * * كتحفـةِ الطِّفْـل ِ أو منظومةِ الجزري
وفـي القـراءاتِ مثلُ الشاطبيةِ أو * * * فـي غيـرها الدرسُ والتلقين في الصِّغر
وغيـر ذاك كثيـرٌ فـي مـجالسنا * * * لكـن أَشَـرْتُ إلى ما جال في فِكَري
وللأعـاجـمِ دَرسٌ قـدرَ طاقتِهم * * * يَنْمُـون فيـهِ نمـوَّ الطيـرِ في الوُكَرِ
يفيـد ذا ذا ويلقـي الـدرس متقنُه * * * والنفـعُ فيهـا ولا يختـصُّ بـالذَّكَرِ
فللنسـاء دروس نحـوَ ذاك ومــا * * * أصـابهـن بحمـد الله مـن فَتَـر
أضـف إليـها دروسًـا عَمَّ حاضرُها * * * لا عـذر فـي تـركِهـا إلا لمعتـذر
أعني بها درسَ شيخي جاء مـوعـدُه * * * قبـلَ العشـا وبُعَيْـدَ الظهر والعَصَر
فيها السكينـة والتعليـم فـي أدب * * * والـدر تَنْهَـلُّ مِـن في الشيخِ كالمطر
درسُ البخـاريِّ أو فـي مسلمٍ وكذا * * * قُـلْ جـامعُ الشيخِ والتفسيرُ للسورِ
هـذي الـرؤوس وأخرى قد تخالطها * * * فـي بعـضِ حينٍ من الأوقات والتِّيَرِ
المقصـد النفـعُ والـرحمـنُ يكلؤنا * * * والـوقـتُ وافٍ وبينَ الطُولِ والقِصَرِ
زُرْ معهـد الشيخ والطلابِ عن كَثَبٍ * * * تلقـاهُ فـي صورةٍ من أحسن الصورِ
وأْتِ الـديارَ وقفْ منها على خبرٍ * * * إن كنـت ذا أذُن أو كنـت ذا بصـر
يـزداد يـومًـا فيـومًا قدْرُ معهدنا * * * كمـا يـزيـد نبـاتُ الأرض بالمطر
بعد الفروض ترى الطلاب قد حَشَدوا * * * جمْـعَ الـدفـاتـر والأقـلام والزُبُـر
وصلَّـوُا النفـلَ بعد الذكر وانتظروا * * * ويَـرْمُقـون مكانَ الشيـخ بالبصـر
كالسـارِ فـي الليلة الظلماء مرتقبًا * * * بصيـصَ نـورٍ ويـرجو طلعة القمر
يسـير شيخـي بُعَيـدَ الفرضِ مُتَّئدًا * * * ويـرتقـي صهـوة َالكرسي كالنَّمَرِ
دَمَّـاجُ أضحت تروِّي الناس في يمن * * * وغيـرِها مـن فُـراتٍ دافـقٍ نَهـِرِ
فصعـدةُ الخيـرَ فيهـا صاعدٌ أبدًا * * * وفـي مـدائنها والشـرُّ فـي الحُفرِ
دَمَّـاج زينتهــا والله نـاصـرها * * * أهـل البـلاد بهـا مـن أكرم النفرِ
جزاهـم الله عنا اليـومَ صـالحـةً * * * كـم واجهـوا في سبيل الله من ضررِ
لم يبخلـوا بـالعطايا من مزارعهم * * * والأرضَ أعطوا لباني الـدُّور والحُجَـرِ
وطالبُ العلـم يمسـي آمنًـا فرحًا * * * ويُبْتَلـى الأخـوةُ الحـراسُ بالسهـر
فلنعـرفـنَّ لهـم حقًـا فـإنهـمُ * * * قد آووُا الدعوةَ الغراءَ فـي الـوُكَـرِ
يا ربِّ خَلِّدْ مدى الأزمانِ ذكـرَهـم * * * في نصرة الحقِ والإسـلامِ فـي الزبـر
عَمْران رَيْـدَةُ فيهـا الخيـرُ مُنْتَشِـرٌ * * * كذا بحـاشـدَ أوسفيـانَ أو خَمـِرِ
مُـدُّوا إليهـم أياديْ النصح في عَجَلٍ * * * لا يَسْبِقَنْكُـم إليهـمْ زمـرةُ الخَـوَرِ
وحَجَّـةُ اليـومَ والمَحْـوِيـتُ في قُدُمٍ * * * إن تنشـروا سنـة المختـار تنتشـر
حَجُـورُ حَجَّـةَ يــا لله درُّهـم * * * كـم خَرّجـوا في طريقِ العلم من درر
يكفيكُـمُ مـن عظيـم الفـخر أنكم * * * رهـطٌ لشيخـي فشدوا مَعْقد الأُزُرِ
والسنة اليـوم فـي صنعـاءَ ناهضـة * * * فـي مسجـدِ الخير أو شرقين أو جَدِرِ
والخـيرُ يسعـى بجـدٍّ فـي جوانبها * * * خـولانُ حَيْمَـةُ فيهـا أو بني مَطَرِ
فـي معبـرٍ مـركز الشيخِ الإمامِ أبي * * * نصـرٍ ودعـوتُه للخـير والظفـر
إلـى ذمـار وفيهـا طالـبٌ يقـظٌ * * * يـا مـرحبًا ببـلاد الـواعظ الذَّمِرِ
وفـي الحـديـدةِ نَجْـم قد أضاء بها * * * والنجـمُ فـي الأفق يهدي تائه البشر
تَهامةُ اليومَ فيهـا السنـةُ انتشـرتْ * * * لله دَرُّ التَّهامِـيْ الصـادقِ الأثـري
بيـتُ الفقيـهِ زبيدٌ مَـعْ حُسَيْنِيَـةٍ * * * حَيْسُ الضَحِيْ بَاجلٌ مَعْ خُوخَةِ الطُرَرَ
أمَّا وصـابُ فعـاليهـا وسـافلُهـا * * * منهـا الأميـن الوصابي المتقنُ السورِ
وريمـةٌ عتمـةٌ والعَـوْدُ قَعْطَبَـةٌ * * * واذكُـرْ رَداعًا مُـرَيْسَ الخيـرِ بالأثر
وفـي العُـديـنِ وبعـدانٍ وقاعـدةٍ * * * وسَـدَّةٍ مَفْرقِ البـرعـيِّ والشَعِـرِ
إبُّ المـدينةُ والـريـفُ المحيـطُ بهـا * * * تهتَـزُّ خيـرًا كمـا تهتَزُّبـ الخضـر
وفـي تعـزٍّ بـلادِ العـزِّ نـاشئةً * * * من الخيار كذاك الأَمْـرُ فـي صَبـِر
وشَـرْعَـبٌ والحَشَـا شَمِيـرُ مَاويةٌ * * * أهـلُ الهـوى قد أُذيقوا جرعةَ الصبر
وفـي المَـعَـافـر فـرسـانٌ مسابقةٌ * * * لن تَعْدَموا الخيرَ والأخلاقَ من حُجَرِي
قوم إذا الطـيرُ حلَّـت فـي رِحَالهـم * * * لم تخـشَ مـن صَولةٍ منهم ولا ضررِ
هـم الكـرامُ إذا هَبُّـوا لمكـرمـةٍ * * * هـم الأسـود عـزيزو النفس والنفَرِ
عَـرِّجْ بنـا نحـو ردفـانٍ وضـالِعِنا * * * لـحْـجٍ وأبيـنَ والبيضـا بمختصـرِ
سُنِّيُّهـم قـد بـدا للحـق مفخـرةً * * * إنْ كان في البَدْوِ أو إنْ كان في الحضرِ
يـا أهـلَ يـافعَ سُدتُّم باتّباعِ هدىً * * * فارعوه بالشكر في الروحـات والبُكَـرِ
وانظـر إلـى السنـة الغراءِ في عَدَنٍ * * * قـد رفرفت فتلاقى صـدْقُ ذا الخـبر
بالحرص والجد يبقى الخيـر منتشـرًا * * * عـوذوا بربي مـن الخـذلان والفتـر
وشبـوةُ الخيـرِ والإحسـانِ في يمن * * * رجالُها قد غدوا فـي الحـق كالنُّمِـرِ
أما الحضارم عمَّ الأرضَ دعـوتُهـم * * * أهـلَ الشـواطي وأهلَ النخل والسّمُر
من قوةِ الدعوةِ المفضـالِ صاحُبهـا * * * أُصِيـب أعـداؤهـم بالذل والخـور
حَلِّـق بنـا فـوق سيحوتٍ وساحلهِ * * * حُصْوِينَ غيضةَ حيث الصاحبُ المهري
فـي لجـة البحر تلقى السعد في جزر * * * سـوقطـرة اليوم أضحتْ زينة الجزر
هـذا وعَـدُّ بِقـاع الأرض أعجزني * * * وكـم بـلاد بهـذا النظـم لم أُثِـر
نـاهيـك عـن دُولٍ ما نالها قلمي * * * جاءت بحـق عميـم النفـع منتشـر
يـؤمـل القـوم فيكم رفعة وهدىً * * * أن تنصـروا دين رب العرش في العُصُر
فـلا يخيبـن ذاك الظـن واطَّرِحوا * * * ما قـد يعـوق مـن الأشغال والفِكَر
ولْتغنـم العُمْـر قبل الفوت فيه فما * * * عـاد الصبا بعـد إيفاء علـى الكبـر
ولْتشغـلِ الـوقتَ في خير وضُنّ به * * * وجِـدّ فـي العلـم والتعليـم واصطبر
فالعلـم سهل على مَنْ جَدّ في طلب * * * إن تهصِــروه بــإذن الله يَنْهَصـِرِ
والذكرُ والشـرع والقـرآن يسّره * * * ربـي كمـا قاله فـي سـورة القمـر
فحبس النـفس فـي نيل العلوم ألا * * * لا تعجلـنَّ علـى الإيـراد والصَّـدَر
فمـن تعجـل قـبل النضج موعدَه * * * كـالفـرخ فـي العش لم يَدْرُج ولم يَطِرِ
يا من تركتم أهاليْكم وإخـوتَكـم * * * مـن الفِـراقِ تجـودُ العيـنُ بـالعبـر
يا من تركتـم فـراشًا لان مـوطئُه * * * حتى افترشم بسـاطَ الـرمـل والحُصُـر
يا من تركتـم قصـورًا في مدائنكم * * * إلـى بيـوتٍ مـن الأعـوادِ والمـدرِ
ومطعمًا قد حوى الأصنافَ في رغد * * * إلـى يسيــر مـن الأزواد والثمـر
ومتجـرًا درَّ منـه الرِّزقُ في سَعَةٍ * * * إلـى قليـل مـن الأمـوال مُـدّخَـرِ
ومـركبًا فارهًا قـد كنـت تركبه * * * إلـى نعـال شـديـد القـاع منبتـر
ومنصبًـا كنـت فيـه آمرًا بطلًا * * * إلـى التـواضع والإحسـان واليسـر
وفي التنقل مـن قُطْـر إلـى بـلد * * * قـد ذقتـم المرَّ في نـوع مـن الخطـر
فهـذه سنـة الأعـلام قبلكـم * * * وسيـرةٌ سنّهـا مـوسـى مـع الخضر
وذاك منكـم لفـي ذات الإله وإن * * * تَصْـدُقْ يُعِنْـكَ إلهُ الخلـق تنتصـر
أما روى المصطفـى فـي مسلم خبرًا * * * أن الـدُّنا سجـنُ أهـلِ الحـق والأثر
وأنهـا جنـة للكـافـرين هُـمُ * * * يُمَتَّعُـون بهـا كـالشـاءِ والبقـر
حـتى إذا جـاء وعـد الله كان لهمْ * * * سـوءُ العـذابِ وسـوءُ العيشِ في سقر
إن الحيـاة التـي نسعـى لنغنمهـا * * * لجنـة الخلـد والفـردوس والنّهُـر
بها النعيم الـذي لا شـيء يقطـعه * * * أزواج طُهْـرٍ وحـورٌ متعـةُ النظــر
ما تشتهـي النفـسُ فيها ماثلٌ أبدًا * * * واستبدل القومُ صَفْوَ العـيشِ بالكـدر
فـي مقعد الصدق في خير المقام لدى * * * ربٍّ ملـيكٍ عظيـمِ الشـان مقتـدر
والله مـا الخيـر إلا في طريقتكم * * * مـع الكتـاب وفقه الـدين والأثـر
والله ما السعـد إلا فـي معيشتكـم * * * والفقـرُ أنـجى إذا حُوسِبْتَ عن عُمُر
فهـذه مهجتـي جـادت بـرائعة * * * فيها يرى الناس إصعـادي ومُنحـدري
والوصفُ فيها أتى منِّى على عجـلٍ * * * وإن لـي أخـوةً شعـراءَ فـي أثـري
فإن أصبـتُ ففضـلُ اللهِ أَدْركـني * * * إنـي الفقيـر ضعيـفُ الصوت والبصر
وإن زَلَلـْتُ فـإنـي راجـعٌ أبـدًا * * * والعُـذْرُ لي عنـدكـم أنـي من البشر
ثـم الصـلاة وتسليـمٌ يـقارنهـا * * * علـى نبيِّ الهـدى المختار مـن مضـر
وآله وعلى صحب النـدى وعلى * * * مـن جـاء من بعدهم قفوًا على الأثرِ
أبو عبد الرحمن فتح بن عبد الحافظ بن إسماعيل القدسي
قرئت في دار الحديث بدَمَّاج ليلة الثلاثاء
(24/من ذي الحجة/1426هـ
للشــاعر أبي عبد الرحمن فتح بن عبد الحافظ القدسي
يقول الشاعر لله دره
دَمَّاجُ عاد الذي يـأتيـك بـالظفـرِ * * * إن أخلـص الدين في الروحات والبُكَرِ
وراقـب الله َ فـي سـرٍّ وفـي علنٍ * * * مـلازمًا فـي الطـريق الشـد للأُزُرِ
هـام الغـواة بـوصفٍ للنسـا غَزَلً * * * في غير حق مضوا بالجهـد والعُمُـرِ
من وصف ليلى كذا وصـف لعـزة أو * * * وصـف لبثنـة أو جـاراتِها الأُخَـرِ
نعت الخـدود فنعـت العيـن يتبعـه * * * وصف لقـدٍ ولون الشعـر والبشـرِ
والسيـرَ والنطقَ والإدلالَ قد وصفوا * * * والريـح منها وحال الطولِ والقِصَرِ
لكنـني واصـفٌ دَمَّـاجَ فـي حُلَل * * * حسنـاءَ تَقْصُرُ عنهـا دارةُ القَمَـرِ
بـالله يـا صـاحِ أنبئهـا مـتى ترها * * * أنـي بهـا مُغـْرمٌ فـي الحلِّ والسفرِ
كـأن مـا فُـرِّقت في غيرك اجتمعت * * * مـن النَّـدى فيـك لم تبقي ولم تذرِي
يـاغـرةً فـي جبيـن الدهـر فاتنة * * * وشامـةً فـي الخدود البيض فازدهري
يـا وردة فـي رباع اليمـن نـاضرة * * * سلَّابةَ القلـبِ والأذهـانِ والبصـرِ
يـا روضـة من رياض الخيـرعـامرة * * * بعـابـد قائـم لله فـي السَحَـرِ
وصــائـمٍ ذاكــرٍ لله مختلـي * * * والعيـنُ فاضـت لخوفِ الله بالعِبَر
يـرجـوا الإلـه لنـيل الفوز في غدهِ * * * بجنـة الخلـد لـم تخطـر على بشرِ
مَـعْ كـونه مـن ذنوبٍ قد جنت يدُهُ * * * فـي أمسـه خائفًـا في غاية الحذرِ
ليـسالحـديثُ الذي تُلقـى عواهنه * * * رجمًا بغيـب يـرى كشـاهد البصرِ
دَمَّـاج يـا مـن تربى فـي حضانتها * * * جـمٌّ غفـيرٌ مـن الأبطـال والنُمُرِ
دَمَّـاج يـا مـن تردَّى فـي مخالبهـا * * * أهـلُ الضـلال وأهلُ الزيغِ والضَّرَرِ
دَمَّـاج يـا قلعة الإسـلام كم رُعِبَت * * * مـن ذكـرها فئـةُ الطغيان والشررِ
صـوفيـةٌ شيعـةٌ إخـوانُ سيـدِهم * * * جمعيـةٌ ساهمـتْ بالشـر والوَحَـر
وأَكْثَـرَ القـولَ فيهـا شـامتٌ حسدًا * * * لسنـا نبـالـي بحمـد الله بالهَـذَرِ
وأنشئـوا فـي ديـارٍ مـا ينـاوئهـا * * * والبـدرُ لا يستـوي وقلامةُ الظُّفُـرِ
بعـون ربـي عصـا مـوسى لكم أبدًا * * * حتـى تـؤوبوا ويَصْغِى القلـبُ للعبر
وبعضهـم أحسـن الـرمي السديد بها * * * فعاد فـي رَمْيِها بالسهـم والـوتـر
مـن عـارض الحـق يسعى في مهانته * * * والحـق مـاضٍ ومكـرُ القوم لم يُضِرِ
ومـن تعـالى علـى دَمَّـاج مجتـرئًا * * * كبـائع التمـرِ ذاتِ الشيصِ في هَجَرِ
ومـن تنكَّـرَ للأعـلامِ فـي سفـهٍ * * * إنـي أمثِّلُـهُ بـالطائـرِ العَقِـر
كـالبحـر يـرميه طفلٌ عاجزٌ بحصًى * * * أنَّـى تـؤثـرُ فيـهِ رميةُ الحَجَـر
إنـي أراك تمـوت اليـوم مـن كَمَدٍ * * * لا فـي القبـور ولا تحيـا كما البشرِ
إن النفاحَ عـن الخيـرِ العميـمِ بهـا * * * إن النضـال عـن القـرآن والأثـرِ
إن الـدفـاع عـن النهـج القويم ألا * * * ليـس الـدفاعُ عن الأحجارِ والجُدُرِ
عن دعوة الشيخ سَلْ أهل الحقول وسَل * * * أهـلَ البـوادي وأهلَ السهلِ والوَعِرِ
سـل السحـاب الـذي يعطيك وابِلَه * * * سـل العصافيرَ فوق الغصن والشجر
والفلك فـي البحـر سلـها عنمآثره * * * يأتيـك مـن قد سـألت اليوم بالخبر
قـد هيَّأَ اللهُ فيهـا مـن يسيـر بنـا * * * اسيـرًا صحيحًا مَـعَ القـرآن والأثر
ذا كـان قبـل مجـيء الشيـخ أمنية * * * ورُبَّ أمنيـةٍ أحـلى مـن الظَفَـر
يـداه فـي الله أعطـت كـل غالية * * * بالبخـل لـم تُـرْميا يومًا ولا الحَصَرِ
شيـخُ الحـديثِ وشيخ العلم في يمن * * * فـي عصـرنـا زينةَ الآثار والسِيَـرِ
إنــي لأرجــو بـأن الله بشَّـره * * * نَعِمْتَ بالخلـد فـي الجنـات والنُّهُرِ
إنــي لأرجـو لـه خيـرًا وأن لـه * * * غـرْسًا لـه مـن جـناه يـانعُ الثمر
فـارفعـه يـا رب فـي الدنيا وآخرةٍ * * * واجعلـه فـي رفقـةِ الصديق أو عُمَرِ
والـذنبَ فاغفـر ونقِّ الشيخَ من زلل * * * كما تُنَقََّـى الثيـابُ البيـضُ من قَذَرِ
حـتى إذا مـا قضـى نحبًـا أناب له * * * من كان أهلًا لحمل العـبْء والسَّهَـر
فـي دار شيخـي دروسُ العلمِ عامرةٌ * * * بكثـرة فـي مـدار الـحول والعُصُر
لسنـا نـوقَّـفُ هذا الدرسَ في عُطَلٍ * * * فـي العيد درس وشهر الصوم أو صفرِ
مكـانهـا مسجـد والسقف أو سكن * * * والـواد تحـت ظلال الجَدْر والشجرِ
ووقتهـا مـن شـروق يَسْتَمِرُّ إلـى * * * شطـرٍ مـن الليـل عند النوم والفَتَر
علـم العقيـدة أغلـى مـا نمارسه * * * مـن الـدروس بـأقسـامٍ لمعتبـر
ففي العبادةِ درس النشْء مـن صِغَـرٍ * * * مثـل الأصول وكشف الشرك والضرر
دُرُّ نضيــدٌ وتطهيــرٌ لمعتقـدٍ * * * نحظـى بمعتقـد خـالٍ مـن الكَـدَرِ
قـولٌ مفيـدٌ مبـادي شيخنـا وكذا * * * كتـابُ تـوحيـدِ ربِّ العرش فابتدر
وفـي الصفـات فكـتب لابن تيمية * * * كـواسطيـةٍ او حَمْـويـةِ الأثـر
والتـدمـرية مـع متن الطحاويِّ زِدْ * * * قـواعـدًا فـي صفات الرب والقدَر
وغيـر تـلك وإنْ يظهـر لنـا خطأٌ * * * فـي بعـضِ تلك نكن منهُ على حَذَرِ
وللحـديـث علـومٌ فـي مقـدمةٍ * * * لابـن الصـلاح ومـَنْ يتلوهُ في الأثر
مـن باسطٍ كاشفٍ عن خَبْءِ مُعْضِلةٍ * * * أو نـاظـمٍ نـاقـدٍ يأتـي بمُخْتَصَـرِ
مثـلُ العـراقـيِّ أو كأبي الفداء كذا * * * يحيـى النـواويُّ فـي التقريب واليسر
أو السيـوطـيُّ أو كمـوقِظِ الذهبيْ * * * كـذا السخـاويُّ في فتحِ المُغيثِ حَرِي
أو الإمـامُ العظيـمُ القـدرِ في نُكتٍ * * * ونخبـةٍ شـرحُها فـي نـزهةِ النظـرِ
والخـوض بعـد بلوغ الجهد في عللٍ * * * مـن غيـر نسيـان بيقـونية القِصَـر
علـمُ الأصـولِ لشيخٍ صالحٍ وكذا * * * متـن الجـوينـيِّ مـع نَظْمٍ له عَطِـرِ
وروضـةٌ وأتـت منهـا مـذكـرةٌ * * * رسـالة ٌ للإمـام الشافعـيْ الأثـري
وللـدرايةِ درسُ الفقـه منتصـبٌ * * * كعمـدةٍ وبلـوغِ الحَبـْرِ والـدُّرَرِ
كـذا الـدراريُّ للقـاضي ويتبعها * * * علـمُ المـواريثِ قَسْـمِ المال في الأسُرِ
بـلاغـةٌ خـطٌ إمـلاءٌ عـروضُهم * * * والنحـوَ فـي تحفـةٍ مَعْ أصلها ابتكر
تتمتمهـا ملحـةٌ والقطـرُ بعـدَهما * * * ألفيـةٌ شرحُهـا والصـرْفَ فاعتـبر
كـذاك درسٌ لتجـويـدٍ بمعهـدنا * * * كتحفـةِ الطِّفْـل ِ أو منظومةِ الجزري
وفـي القـراءاتِ مثلُ الشاطبيةِ أو * * * فـي غيـرها الدرسُ والتلقين في الصِّغر
وغيـر ذاك كثيـرٌ فـي مـجالسنا * * * لكـن أَشَـرْتُ إلى ما جال في فِكَري
وللأعـاجـمِ دَرسٌ قـدرَ طاقتِهم * * * يَنْمُـون فيـهِ نمـوَّ الطيـرِ في الوُكَرِ
يفيـد ذا ذا ويلقـي الـدرس متقنُه * * * والنفـعُ فيهـا ولا يختـصُّ بـالذَّكَرِ
فللنسـاء دروس نحـوَ ذاك ومــا * * * أصـابهـن بحمـد الله مـن فَتَـر
أضـف إليـها دروسًـا عَمَّ حاضرُها * * * لا عـذر فـي تـركِهـا إلا لمعتـذر
أعني بها درسَ شيخي جاء مـوعـدُه * * * قبـلَ العشـا وبُعَيْـدَ الظهر والعَصَر
فيها السكينـة والتعليـم فـي أدب * * * والـدر تَنْهَـلُّ مِـن في الشيخِ كالمطر
درسُ البخـاريِّ أو فـي مسلمٍ وكذا * * * قُـلْ جـامعُ الشيخِ والتفسيرُ للسورِ
هـذي الـرؤوس وأخرى قد تخالطها * * * فـي بعـضِ حينٍ من الأوقات والتِّيَرِ
المقصـد النفـعُ والـرحمـنُ يكلؤنا * * * والـوقـتُ وافٍ وبينَ الطُولِ والقِصَرِ
زُرْ معهـد الشيخ والطلابِ عن كَثَبٍ * * * تلقـاهُ فـي صورةٍ من أحسن الصورِ
وأْتِ الـديارَ وقفْ منها على خبرٍ * * * إن كنـت ذا أذُن أو كنـت ذا بصـر
يـزداد يـومًـا فيـومًا قدْرُ معهدنا * * * كمـا يـزيـد نبـاتُ الأرض بالمطر
بعد الفروض ترى الطلاب قد حَشَدوا * * * جمْـعَ الـدفـاتـر والأقـلام والزُبُـر
وصلَّـوُا النفـلَ بعد الذكر وانتظروا * * * ويَـرْمُقـون مكانَ الشيـخ بالبصـر
كالسـارِ فـي الليلة الظلماء مرتقبًا * * * بصيـصَ نـورٍ ويـرجو طلعة القمر
يسـير شيخـي بُعَيـدَ الفرضِ مُتَّئدًا * * * ويـرتقـي صهـوة َالكرسي كالنَّمَرِ
دَمَّـاجُ أضحت تروِّي الناس في يمن * * * وغيـرِها مـن فُـراتٍ دافـقٍ نَهـِرِ
فصعـدةُ الخيـرَ فيهـا صاعدٌ أبدًا * * * وفـي مـدائنها والشـرُّ فـي الحُفرِ
دَمَّـاج زينتهــا والله نـاصـرها * * * أهـل البـلاد بهـا مـن أكرم النفرِ
جزاهـم الله عنا اليـومَ صـالحـةً * * * كـم واجهـوا في سبيل الله من ضررِ
لم يبخلـوا بـالعطايا من مزارعهم * * * والأرضَ أعطوا لباني الـدُّور والحُجَـرِ
وطالبُ العلـم يمسـي آمنًـا فرحًا * * * ويُبْتَلـى الأخـوةُ الحـراسُ بالسهـر
فلنعـرفـنَّ لهـم حقًـا فـإنهـمُ * * * قد آووُا الدعوةَ الغراءَ فـي الـوُكَـرِ
يا ربِّ خَلِّدْ مدى الأزمانِ ذكـرَهـم * * * في نصرة الحقِ والإسـلامِ فـي الزبـر
عَمْران رَيْـدَةُ فيهـا الخيـرُ مُنْتَشِـرٌ * * * كذا بحـاشـدَ أوسفيـانَ أو خَمـِرِ
مُـدُّوا إليهـم أياديْ النصح في عَجَلٍ * * * لا يَسْبِقَنْكُـم إليهـمْ زمـرةُ الخَـوَرِ
وحَجَّـةُ اليـومَ والمَحْـوِيـتُ في قُدُمٍ * * * إن تنشـروا سنـة المختـار تنتشـر
حَجُـورُ حَجَّـةَ يــا لله درُّهـم * * * كـم خَرّجـوا في طريقِ العلم من درر
يكفيكُـمُ مـن عظيـم الفـخر أنكم * * * رهـطٌ لشيخـي فشدوا مَعْقد الأُزُرِ
والسنة اليـوم فـي صنعـاءَ ناهضـة * * * فـي مسجـدِ الخير أو شرقين أو جَدِرِ
والخـيرُ يسعـى بجـدٍّ فـي جوانبها * * * خـولانُ حَيْمَـةُ فيهـا أو بني مَطَرِ
فـي معبـرٍ مـركز الشيخِ الإمامِ أبي * * * نصـرٍ ودعـوتُه للخـير والظفـر
إلـى ذمـار وفيهـا طالـبٌ يقـظٌ * * * يـا مـرحبًا ببـلاد الـواعظ الذَّمِرِ
وفـي الحـديـدةِ نَجْـم قد أضاء بها * * * والنجـمُ فـي الأفق يهدي تائه البشر
تَهامةُ اليومَ فيهـا السنـةُ انتشـرتْ * * * لله دَرُّ التَّهامِـيْ الصـادقِ الأثـري
بيـتُ الفقيـهِ زبيدٌ مَـعْ حُسَيْنِيَـةٍ * * * حَيْسُ الضَحِيْ بَاجلٌ مَعْ خُوخَةِ الطُرَرَ
أمَّا وصـابُ فعـاليهـا وسـافلُهـا * * * منهـا الأميـن الوصابي المتقنُ السورِ
وريمـةٌ عتمـةٌ والعَـوْدُ قَعْطَبَـةٌ * * * واذكُـرْ رَداعًا مُـرَيْسَ الخيـرِ بالأثر
وفـي العُـديـنِ وبعـدانٍ وقاعـدةٍ * * * وسَـدَّةٍ مَفْرقِ البـرعـيِّ والشَعِـرِ
إبُّ المـدينةُ والـريـفُ المحيـطُ بهـا * * * تهتَـزُّ خيـرًا كمـا تهتَزُّبـ الخضـر
وفـي تعـزٍّ بـلادِ العـزِّ نـاشئةً * * * من الخيار كذاك الأَمْـرُ فـي صَبـِر
وشَـرْعَـبٌ والحَشَـا شَمِيـرُ مَاويةٌ * * * أهـلُ الهـوى قد أُذيقوا جرعةَ الصبر
وفـي المَـعَـافـر فـرسـانٌ مسابقةٌ * * * لن تَعْدَموا الخيرَ والأخلاقَ من حُجَرِي
قوم إذا الطـيرُ حلَّـت فـي رِحَالهـم * * * لم تخـشَ مـن صَولةٍ منهم ولا ضررِ
هـم الكـرامُ إذا هَبُّـوا لمكـرمـةٍ * * * هـم الأسـود عـزيزو النفس والنفَرِ
عَـرِّجْ بنـا نحـو ردفـانٍ وضـالِعِنا * * * لـحْـجٍ وأبيـنَ والبيضـا بمختصـرِ
سُنِّيُّهـم قـد بـدا للحـق مفخـرةً * * * إنْ كان في البَدْوِ أو إنْ كان في الحضرِ
يـا أهـلَ يـافعَ سُدتُّم باتّباعِ هدىً * * * فارعوه بالشكر في الروحـات والبُكَـرِ
وانظـر إلـى السنـة الغراءِ في عَدَنٍ * * * قـد رفرفت فتلاقى صـدْقُ ذا الخـبر
بالحرص والجد يبقى الخيـر منتشـرًا * * * عـوذوا بربي مـن الخـذلان والفتـر
وشبـوةُ الخيـرِ والإحسـانِ في يمن * * * رجالُها قد غدوا فـي الحـق كالنُّمِـرِ
أما الحضارم عمَّ الأرضَ دعـوتُهـم * * * أهـلَ الشـواطي وأهلَ النخل والسّمُر
من قوةِ الدعوةِ المفضـالِ صاحُبهـا * * * أُصِيـب أعـداؤهـم بالذل والخـور
حَلِّـق بنـا فـوق سيحوتٍ وساحلهِ * * * حُصْوِينَ غيضةَ حيث الصاحبُ المهري
فـي لجـة البحر تلقى السعد في جزر * * * سـوقطـرة اليوم أضحتْ زينة الجزر
هـذا وعَـدُّ بِقـاع الأرض أعجزني * * * وكـم بـلاد بهـذا النظـم لم أُثِـر
نـاهيـك عـن دُولٍ ما نالها قلمي * * * جاءت بحـق عميـم النفـع منتشـر
يـؤمـل القـوم فيكم رفعة وهدىً * * * أن تنصـروا دين رب العرش في العُصُر
فـلا يخيبـن ذاك الظـن واطَّرِحوا * * * ما قـد يعـوق مـن الأشغال والفِكَر
ولْتغنـم العُمْـر قبل الفوت فيه فما * * * عـاد الصبا بعـد إيفاء علـى الكبـر
ولْتشغـلِ الـوقتَ في خير وضُنّ به * * * وجِـدّ فـي العلـم والتعليـم واصطبر
فالعلـم سهل على مَنْ جَدّ في طلب * * * إن تهصِــروه بــإذن الله يَنْهَصـِرِ
والذكرُ والشـرع والقـرآن يسّره * * * ربـي كمـا قاله فـي سـورة القمـر
فحبس النـفس فـي نيل العلوم ألا * * * لا تعجلـنَّ علـى الإيـراد والصَّـدَر
فمـن تعجـل قـبل النضج موعدَه * * * كـالفـرخ فـي العش لم يَدْرُج ولم يَطِرِ
يا من تركتم أهاليْكم وإخـوتَكـم * * * مـن الفِـراقِ تجـودُ العيـنُ بـالعبـر
يا من تركتـم فـراشًا لان مـوطئُه * * * حتى افترشم بسـاطَ الـرمـل والحُصُـر
يا من تركتـم قصـورًا في مدائنكم * * * إلـى بيـوتٍ مـن الأعـوادِ والمـدرِ
ومطعمًا قد حوى الأصنافَ في رغد * * * إلـى يسيــر مـن الأزواد والثمـر
ومتجـرًا درَّ منـه الرِّزقُ في سَعَةٍ * * * إلـى قليـل مـن الأمـوال مُـدّخَـرِ
ومـركبًا فارهًا قـد كنـت تركبه * * * إلـى نعـال شـديـد القـاع منبتـر
ومنصبًـا كنـت فيـه آمرًا بطلًا * * * إلـى التـواضع والإحسـان واليسـر
وفي التنقل مـن قُطْـر إلـى بـلد * * * قـد ذقتـم المرَّ في نـوع مـن الخطـر
فهـذه سنـة الأعـلام قبلكـم * * * وسيـرةٌ سنّهـا مـوسـى مـع الخضر
وذاك منكـم لفـي ذات الإله وإن * * * تَصْـدُقْ يُعِنْـكَ إلهُ الخلـق تنتصـر
أما روى المصطفـى فـي مسلم خبرًا * * * أن الـدُّنا سجـنُ أهـلِ الحـق والأثر
وأنهـا جنـة للكـافـرين هُـمُ * * * يُمَتَّعُـون بهـا كـالشـاءِ والبقـر
حـتى إذا جـاء وعـد الله كان لهمْ * * * سـوءُ العـذابِ وسـوءُ العيشِ في سقر
إن الحيـاة التـي نسعـى لنغنمهـا * * * لجنـة الخلـد والفـردوس والنّهُـر
بها النعيم الـذي لا شـيء يقطـعه * * * أزواج طُهْـرٍ وحـورٌ متعـةُ النظــر
ما تشتهـي النفـسُ فيها ماثلٌ أبدًا * * * واستبدل القومُ صَفْوَ العـيشِ بالكـدر
فـي مقعد الصدق في خير المقام لدى * * * ربٍّ ملـيكٍ عظيـمِ الشـان مقتـدر
والله مـا الخيـر إلا في طريقتكم * * * مـع الكتـاب وفقه الـدين والأثـر
والله ما السعـد إلا فـي معيشتكـم * * * والفقـرُ أنـجى إذا حُوسِبْتَ عن عُمُر
فهـذه مهجتـي جـادت بـرائعة * * * فيها يرى الناس إصعـادي ومُنحـدري
والوصفُ فيها أتى منِّى على عجـلٍ * * * وإن لـي أخـوةً شعـراءَ فـي أثـري
فإن أصبـتُ ففضـلُ اللهِ أَدْركـني * * * إنـي الفقيـر ضعيـفُ الصوت والبصر
وإن زَلَلـْتُ فـإنـي راجـعٌ أبـدًا * * * والعُـذْرُ لي عنـدكـم أنـي من البشر
ثـم الصـلاة وتسليـمٌ يـقارنهـا * * * علـى نبيِّ الهـدى المختار مـن مضـر
وآله وعلى صحب النـدى وعلى * * * مـن جـاء من بعدهم قفوًا على الأثرِ
أبو عبد الرحمن فتح بن عبد الحافظ بن إسماعيل القدسي
قرئت في دار الحديث بدَمَّاج ليلة الثلاثاء
(24/من ذي الحجة/1426هـ