أبو الزبير عبد الحليم الإدريسي
10-04-2010, 12:01 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
أعود والعود أحمد لتفريغ بعض أبواب هذا الكتاب النفيس ، صاحب الدرر النفيسة ، كتاب " عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين " للإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية رحمه الله تعالى ، لعل أن تتم به الفائدة والمنفعة ، خصوصا في هذا العصر ، فحاجة المسلمين لمعرفة الصبر واستذكار الشكر أحوج مايكون في غيره ، والله المستعان .
وسأحاول بإذن الله أن أفرغ أكبر قدر ممكن من هذا الكتاب ، عسى الله أن يجعله خالصا لوجه الكريم وأن يعينني على ذلك .
[الباب الأول]
"في معنى الصبر لغة واشتقاق هذه اللفظة وتصريفها "
أصل هذه الكلمة : هو المنع والحبس ، فالصبر حبس النفس عن الجزع ، واللسان عن التشكي ، والجوارح عن لطم الخدود وشق الثياب ونحوهما .
ويقال : صبر يصبر صبرا وصبر نفسه قال تعالى : ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم ) [الكهف : 28]
وقال عنترة :
فصبرت عارفة لذلك حرة // ترسو إذا نفس الجبان تطلع
يقول : حبست نفسا عارفة وهي نفس حر يأنف ، لانفس عبد لا أنفة له وقوله : " ترسو " أي تثبت وتسكن إذا خفت نفس الجبان واضطربت .
ويقال : صبرت فلانا إذا حبسته ، وصبرته بالتشديد إذا حملته على الصبر ، وصبرت الرجل إذا قتلته صبرا أي : أمسكته للقتل وصبرته أيضا وأصبرته إذا حبسه للحلف ومنه الحديث الصحيح : ( من حلف على يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم ، لقي الله وهو عنه معرض ) [ متفق عليه ] ، ومنه الحديث الذي في القسامة : ( ولاتصبر يمينه حيث تصبر الأيمان ) [البخاري 3845] والمصبورة اليمين المحلوف عليها ، وفي الحديث نهى عن المصبورة وهي الشاة والدجاجة ونحوهما تصبر للموت فتربط فترمى حيث تموت [ متفق عليه ] .
وفعل هذا الباب : صبرت أصبر ، بالفتح في الماضي والكسر في المستقبل ، وأما صبرت أصبر بالضم في المستقبل فهو بمعنى الكفالة ، والصبير الكفيل ، كأنه حبس نفسه للغرم ، ومنه قولهم : أصبرني : أي جعلني كفيلا ، وقيل : أصل الكلمة من الشدة والقوة ، ومنه الصبر للدواء المعروف لشدة مرارته وكراهته ، قال الأصمعي : إذا لقي الرجل الشدة بكمالها قيل لقيها بأصبارها ومنه الصبر : بضم الصاد للأرض ذات الخصب لشدتها وصلابتها ومنه سميت الحرة أم صبار ، ومنه قولهم : وقع القوم في أمر صبور بتشديد الباء أي : أمر شديد ومنه صبارة الشتاء بتخفيف الباء وتشديد الراء لشدة برده .
وقيل : مأخوذ من الجمع والضم ، فالصابر يجمع نفسه ويضمها عن الهلع والجزع ، ومنه صبرة الطعام وصبارة الحجارة .
والتحقيق أن في الصبر المعاني الثلاثة : المنع ، والشدة ، والضم . ويقال : صبر إذا أتى بالصبر ،وبصبر إذا تكلفه واستدعاه ، واصطبر إذا اكتسبه وتعمله وصابر إذا وقف خصمه في مقام الصبر . وصبر نفسه وغيره بالتشديد إذا حملها على الصبر . واسم الفاعل : صابر ، وصبار ، وصبور ، ومصابر ، ومصطبر ، فمصابر من صابر ، ومصطبر من اصطبر ، وصابر من صبر ، وأما صبار وصبور فمن أوزان المبالغة من الثلاثي : كضراب وضروب ، والله أعلم ". انتهى
الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
أعود والعود أحمد لتفريغ بعض أبواب هذا الكتاب النفيس ، صاحب الدرر النفيسة ، كتاب " عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين " للإمام شمس الدين محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية رحمه الله تعالى ، لعل أن تتم به الفائدة والمنفعة ، خصوصا في هذا العصر ، فحاجة المسلمين لمعرفة الصبر واستذكار الشكر أحوج مايكون في غيره ، والله المستعان .
وسأحاول بإذن الله أن أفرغ أكبر قدر ممكن من هذا الكتاب ، عسى الله أن يجعله خالصا لوجه الكريم وأن يعينني على ذلك .
[الباب الأول]
"في معنى الصبر لغة واشتقاق هذه اللفظة وتصريفها "
أصل هذه الكلمة : هو المنع والحبس ، فالصبر حبس النفس عن الجزع ، واللسان عن التشكي ، والجوارح عن لطم الخدود وشق الثياب ونحوهما .
ويقال : صبر يصبر صبرا وصبر نفسه قال تعالى : ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم ) [الكهف : 28]
وقال عنترة :
فصبرت عارفة لذلك حرة // ترسو إذا نفس الجبان تطلع
يقول : حبست نفسا عارفة وهي نفس حر يأنف ، لانفس عبد لا أنفة له وقوله : " ترسو " أي تثبت وتسكن إذا خفت نفس الجبان واضطربت .
ويقال : صبرت فلانا إذا حبسته ، وصبرته بالتشديد إذا حملته على الصبر ، وصبرت الرجل إذا قتلته صبرا أي : أمسكته للقتل وصبرته أيضا وأصبرته إذا حبسه للحلف ومنه الحديث الصحيح : ( من حلف على يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم ، لقي الله وهو عنه معرض ) [ متفق عليه ] ، ومنه الحديث الذي في القسامة : ( ولاتصبر يمينه حيث تصبر الأيمان ) [البخاري 3845] والمصبورة اليمين المحلوف عليها ، وفي الحديث نهى عن المصبورة وهي الشاة والدجاجة ونحوهما تصبر للموت فتربط فترمى حيث تموت [ متفق عليه ] .
وفعل هذا الباب : صبرت أصبر ، بالفتح في الماضي والكسر في المستقبل ، وأما صبرت أصبر بالضم في المستقبل فهو بمعنى الكفالة ، والصبير الكفيل ، كأنه حبس نفسه للغرم ، ومنه قولهم : أصبرني : أي جعلني كفيلا ، وقيل : أصل الكلمة من الشدة والقوة ، ومنه الصبر للدواء المعروف لشدة مرارته وكراهته ، قال الأصمعي : إذا لقي الرجل الشدة بكمالها قيل لقيها بأصبارها ومنه الصبر : بضم الصاد للأرض ذات الخصب لشدتها وصلابتها ومنه سميت الحرة أم صبار ، ومنه قولهم : وقع القوم في أمر صبور بتشديد الباء أي : أمر شديد ومنه صبارة الشتاء بتخفيف الباء وتشديد الراء لشدة برده .
وقيل : مأخوذ من الجمع والضم ، فالصابر يجمع نفسه ويضمها عن الهلع والجزع ، ومنه صبرة الطعام وصبارة الحجارة .
والتحقيق أن في الصبر المعاني الثلاثة : المنع ، والشدة ، والضم . ويقال : صبر إذا أتى بالصبر ،وبصبر إذا تكلفه واستدعاه ، واصطبر إذا اكتسبه وتعمله وصابر إذا وقف خصمه في مقام الصبر . وصبر نفسه وغيره بالتشديد إذا حملها على الصبر . واسم الفاعل : صابر ، وصبار ، وصبور ، ومصابر ، ومصطبر ، فمصابر من صابر ، ومصطبر من اصطبر ، وصابر من صبر ، وأما صبار وصبور فمن أوزان المبالغة من الثلاثي : كضراب وضروب ، والله أعلم ". انتهى