أبو حذيفة أنور بن عبد الكبير المغربي
11-07-2010, 04:51 PM
سلسلة دمعة عين المحدثين (2)
حديث ثعلبة الذي دعا النبي عليه الصلاة والسلام
أن يكثر الله ماله فضل عن الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولاعدوان إلا على الظالمين
والصلاة والسلام على الرسول الأمين وعلى اصحابه الغر الميامين
فقد إنتشر على لسان الوعاظ وقصاص الزمان حديث يعظون به جماع المال من أهل الدنيا وأن من تاجر وجمعه فإن عاقبته خسرا وأن القليل مع القناعة خير من كثير لاقناعة فيه وهي قصة ثعلبه والذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله أن يرزقه مالا كثيرا
والتي ذكر أنها سبب نزول قوله تعالى
وَمِنْهُمْ مّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصّدّقَنّ وَلَنَكُونَنّ مِنَ الصّالِحِينَ فَلَمّآ آتَاهُمْ مّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلّواْ وّهُمْ مّعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىَ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَآ أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنّ اللّهَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ}
فذكرت أنها سبب نزول هذه الآية الكريمة وذلك في ثعلبة بن حاطب الأنصاري, وقد ورد فيه حديث رواه ابن جرير ههنا, وابن أبي حاتم من حديث معان بن رفاعة عن علي بن يزيد عن أبي عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن مولى عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية عن أبي أمامة الباهلي عن ثعلبة بن حاطب الأنصاري, أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ادع الله أن يرزقني مالاً, قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه” قال: ثم قال مرة أخرى فقال: “أما ترضى أن تكون مثل نبي الله ـ فو الذي نفسي بيده لو شئت أن تسير الجبال معي ذهباً وفضةً لسارت” قال: والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فرزقني مالاً لأعطين كل ذي حق حقه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اللهم ارزق ثعلبة مالاً” قال فاتخذ غنماً فنمت كما ينمو الدود فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها فنزل وادياً من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة ويترك ما سواهما, ثم نمت وكثرت فتنحى حتى ترك الصلوات إلا الجمعة, وهي تنمو كما ينمو الدود حتى ترك الجمعة, فطفق يتلقى الركبان يوم الجمعة ليسألهم عن الأخبار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما فعل ثعلبة ؟” فقالوا: يا رسول الله اتخذ غنماً فضاقت عليه المدينة, فأخبروه بأمره, فقال: “يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة”.
وأنزل الله جل ثناؤه {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} الآية, ونزلت فرائض الصدقة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين على الصدقة من المسلمين رجلاً من جهينة ورجلاً من سليم وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة من المسلمين, وقال لهما: “مرا بثعلبة وبفلان ـ رجل من بني سليم ـ فخذا صدقاتهما” فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة وأقرآه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية ما أدري ما هذا ؟ انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إليّ فانطلقا وسمع بهما السلمي فنظر إلى خيار أسنان إبله فعزلها للصدقة ثم استقبلهما بهما, فلما رأوها قالوا ما يجب عليك هذا وما نريد أن نأخذ هذا منك, فقال: بلى فخذوها فإن نفسي بذلك طيبة وإنما هي لله, فأخذاها منه ومرا على الناس فأخذا الصدقات ثم رجعا إلى ثعلبة فقال: أروني كتابكما فقرأه فقال ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية انطلقا حتى أرى رأيي, فانطلقا حتى أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآهما قال: “يا ويح ثعلبة” قبل أن يكلمهما ودعا للسلمي بالبركة فأخبراه بالذي صنع ثعلبة والذي صنع السلمي, فأنزل الله عز وجل {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} الآية, قال وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أقارب ثعلبة فسمع ذلك فخرج حتى أتاه فقال: ويحك يا ثعلبة قد أنزل الله فيك كذا وكذا, فخرج ثعلبة حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يقبل منه صدقته, فقال: “ويحك إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك” فجعل يحثو على رأسه التراب, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “هذا عملك قد أمرتك فلم تطعني” فلما أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبل صدقته رجع إلى منزله, فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقبل منه شيئاً, ثم أتى أبا بكر رضي الله عنه حين استخلف فقال قد علمت منزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعي من الأنصار فاقبل صدقتي, فقال أبو بكر لم يقبلها منك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أن يقبلها, فقبض أبو بكر ولم يقبلها.
فلما ولي عمر رضي الله عنه أتاه فقال: يا أمير المؤمنين اقبل صدقتي فقال: لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر وأنا أقبلها منك ؟ فقبض ولم يقبلها, فلما ولي عثمان رضي الله عنه أتاه فقال: اقبل صدقتي فقال لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر وأنا أقبلها منك ؟ فلم يقبلها منه فهلك ثعلبة في خلافة عثمان
قلت هذه القصة لاتثبت
فقد خرجها خرجها الطبراني في معجمه و أبونعيم في الحلية والطبري ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل من طريق معان بن رفاعة السلامي
وهو ضعيف كما ذكر الحافظ بن حجر في التقريب لين كثير الارسال
وقد (ضعّف هذه القصة كما قيل الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال 1/5،وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف ص 77: وهذا إسناد ضعيف جداً. وقد بيّن بطلانَ هذه القصة جمعٌ من الأئمة والحفاظ من المتقدمين والمتأخرين كابن حزم في المحلى 11/207،والقرطبي في تفسيره 8/210،والعراقي في تخريج أحاديث الإحياء 3/338،والسيوطي في أسباب النزول ص 121،وغيرهم رحم الله الجميع.
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني
المشرف العام على مجلة معرفة السنن والآثار
maher.alqahtany@gmail.com
حديث ثعلبة الذي دعا النبي عليه الصلاة والسلام
أن يكثر الله ماله فضل عن الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولاعدوان إلا على الظالمين
والصلاة والسلام على الرسول الأمين وعلى اصحابه الغر الميامين
فقد إنتشر على لسان الوعاظ وقصاص الزمان حديث يعظون به جماع المال من أهل الدنيا وأن من تاجر وجمعه فإن عاقبته خسرا وأن القليل مع القناعة خير من كثير لاقناعة فيه وهي قصة ثعلبه والذي طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله أن يرزقه مالا كثيرا
والتي ذكر أنها سبب نزول قوله تعالى
وَمِنْهُمْ مّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصّدّقَنّ وَلَنَكُونَنّ مِنَ الصّالِحِينَ فَلَمّآ آتَاهُمْ مّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلّواْ وّهُمْ مّعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىَ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَآ أَخْلَفُواْ اللّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنّ اللّهَ يَعْلَمُ سِرّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنّ اللّهَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ}
فذكرت أنها سبب نزول هذه الآية الكريمة وذلك في ثعلبة بن حاطب الأنصاري, وقد ورد فيه حديث رواه ابن جرير ههنا, وابن أبي حاتم من حديث معان بن رفاعة عن علي بن يزيد عن أبي عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن مولى عبد الرحمن بن يزيد بن معاوية عن أبي أمامة الباهلي عن ثعلبة بن حاطب الأنصاري, أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ادع الله أن يرزقني مالاً, قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه” قال: ثم قال مرة أخرى فقال: “أما ترضى أن تكون مثل نبي الله ـ فو الذي نفسي بيده لو شئت أن تسير الجبال معي ذهباً وفضةً لسارت” قال: والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فرزقني مالاً لأعطين كل ذي حق حقه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اللهم ارزق ثعلبة مالاً” قال فاتخذ غنماً فنمت كما ينمو الدود فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها فنزل وادياً من أوديتها حتى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعة ويترك ما سواهما, ثم نمت وكثرت فتنحى حتى ترك الصلوات إلا الجمعة, وهي تنمو كما ينمو الدود حتى ترك الجمعة, فطفق يتلقى الركبان يوم الجمعة ليسألهم عن الأخبار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما فعل ثعلبة ؟” فقالوا: يا رسول الله اتخذ غنماً فضاقت عليه المدينة, فأخبروه بأمره, فقال: “يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة يا ويح ثعلبة”.
وأنزل الله جل ثناؤه {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} الآية, ونزلت فرائض الصدقة فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلين على الصدقة من المسلمين رجلاً من جهينة ورجلاً من سليم وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة من المسلمين, وقال لهما: “مرا بثعلبة وبفلان ـ رجل من بني سليم ـ فخذا صدقاتهما” فخرجا حتى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة وأقرآه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية ما أدري ما هذا ؟ انطلقا حتى تفرغا ثم عودا إليّ فانطلقا وسمع بهما السلمي فنظر إلى خيار أسنان إبله فعزلها للصدقة ثم استقبلهما بهما, فلما رأوها قالوا ما يجب عليك هذا وما نريد أن نأخذ هذا منك, فقال: بلى فخذوها فإن نفسي بذلك طيبة وإنما هي لله, فأخذاها منه ومرا على الناس فأخذا الصدقات ثم رجعا إلى ثعلبة فقال: أروني كتابكما فقرأه فقال ما هذه إلا جزية ما هذه إلا أخت الجزية انطلقا حتى أرى رأيي, فانطلقا حتى أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآهما قال: “يا ويح ثعلبة” قبل أن يكلمهما ودعا للسلمي بالبركة فأخبراه بالذي صنع ثعلبة والذي صنع السلمي, فأنزل الله عز وجل {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} الآية, قال وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أقارب ثعلبة فسمع ذلك فخرج حتى أتاه فقال: ويحك يا ثعلبة قد أنزل الله فيك كذا وكذا, فخرج ثعلبة حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يقبل منه صدقته, فقال: “ويحك إن الله منعني أن أقبل منك صدقتك” فجعل يحثو على رأسه التراب, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “هذا عملك قد أمرتك فلم تطعني” فلما أبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبل صدقته رجع إلى منزله, فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقبل منه شيئاً, ثم أتى أبا بكر رضي الله عنه حين استخلف فقال قد علمت منزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضعي من الأنصار فاقبل صدقتي, فقال أبو بكر لم يقبلها منك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أن يقبلها, فقبض أبو بكر ولم يقبلها.
فلما ولي عمر رضي الله عنه أتاه فقال: يا أمير المؤمنين اقبل صدقتي فقال: لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر وأنا أقبلها منك ؟ فقبض ولم يقبلها, فلما ولي عثمان رضي الله عنه أتاه فقال: اقبل صدقتي فقال لم يقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر وأنا أقبلها منك ؟ فلم يقبلها منه فهلك ثعلبة في خلافة عثمان
قلت هذه القصة لاتثبت
فقد خرجها خرجها الطبراني في معجمه و أبونعيم في الحلية والطبري ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل من طريق معان بن رفاعة السلامي
وهو ضعيف كما ذكر الحافظ بن حجر في التقريب لين كثير الارسال
وقد (ضعّف هذه القصة كما قيل الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال 1/5،وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف ص 77: وهذا إسناد ضعيف جداً. وقد بيّن بطلانَ هذه القصة جمعٌ من الأئمة والحفاظ من المتقدمين والمتأخرين كابن حزم في المحلى 11/207،والقرطبي في تفسيره 8/210،والعراقي في تخريج أحاديث الإحياء 3/338،والسيوطي في أسباب النزول ص 121،وغيرهم رحم الله الجميع.
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني
المشرف العام على مجلة معرفة السنن والآثار
maher.alqahtany@gmail.com