أم إكرام
11-26-2010, 10:21 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و حده , و أشهد أن محمد عبده و رسوله اما بعد :
باب إستحباب النظر إلى المرأة قبل خطبتها
1-
عن سهل بن أبي حثمة رحمه الله قال:
رأيت محمد بن مسلمة يطارد بثينة بنت الضحاك – فوق إجار لها – ببصره طردا شديدا ، فقلت : أتفعل هذا وأنت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا أُلقِي في قلب إمرئ خطبة إمرأة ، فلا بأس أن ينظر إليها ).
صحيح ، الصحيحة برقم ( 98 ).
فائـدة :
وما ترجمنا به الحديث قال به أكثر العلماء ; ففي فتح الباري ( 9/175 ):
« وقال الجمهور : يجوز أن ينظر إليها إذا أراد ذلك بغير إذنها ، ونقل الطحاوي عن قوم أنه لا يجوز النظر إلى المخطوبة قبل العقد بحال ، لأنها حينئذ أجنبية ، ورُد عليهم بالأحاديث المذكورة ».
( فائـدة ):
روى عبد الرزاق في « الأمالي » (2/46/1) بسند صحيح عن ابن طاوس قال : أردت أن أتزوج امرأة فقال لي أبي : اذهب فانظر إليها فذهبت ، فغسلت رأسي وترجلت ، ولبست من صالح ثيابي ، فلمّا رآني في تلك الهيئة ، قال : لا تذهب .
قلت: ويجوز له أن ينظر منها إلى أكثر من الوجه و الكفين، لإطلاق الأحاديث المتقدمة...
2- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
« إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل »
قال :« فخطبت جارية ، فكنت أتخبأ لها ، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجها ».
حسن ، الصحيحة برقم : ( 99 ).
فقه الحديث :
والحديث ظاهر الدلالة لما ترجمنا له، وأيده عمل راويه به ، وهو الصحابي الجليل جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – وقد صنع منه محمد بن مسلمة ؛ كما ذكرناه في الحديث الذي قبله ، وكفى بهما حجة .
ولا يضرنا بعد ذلك مذهب من قيد الحديث بالنظر إلى الوجه والكفين فقط ؛ لأنه تقييد للحديث بدون نص مقيد ، وتعطيل لفهم الصحابة بدون حجة ، لا سيما وقد تأيد بفعل الخليفة الراشد عمر
بن الخطاب رضي الله عنه.
فقال الحافظ في « التلخيص » ( ص 291-292) :
فائدة :
روى عبد الرزاق ( 10352 )، وسعيد بن منصور في « سننه » ( 520- 521 )
وابن أبي عمر عن سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي بن الحنفية أن عمر خطب إلى علي ابنته أم كلثوم ، فذكر له صغرها ، [ فقيل له : إن ردك فعاوده ] فقال [ له علي ] : أبعث بها إليك ، فإن رَضيت؛ فهي امرأتك . فأرسل بها إليه ، فكشف عن ساقيها ، فقالت لولا أنّك أمير المؤمنين ؛ لصككت عينك(1) . وهذا يشكل على من قال : إنه لا ينظر غير الوجه والكفين ».
قلت : ثم وقفت على إسناده عند عبد الرزاق في« مصنفه » ، فتبين أن في القصة إنقطاعا ، وأن محمد بن علي ليس هو إبن الحنفية وإنما هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو جعفر ؛ في بحث أودعته في « الضعيفة » ( 1273 ) فراجعه ؛ فإنه مهم .
وهذا القول الذي أشار الحافظ إلى إستشكاله هو مذهب الحنفية والشافعية ، قال ابن القيم في
« تهذيب السنن » (3 /25-26 ).:
« وقال داود : ينظر إلى سائر جسدها . وعن أحمد ثلاث روايات :
إحداهنّ : ينظر إلى وجهها ويديها.
والثانية : ينظر ما يظهر غالبا كالرقبة والساقين ونحوهما (2)
والثالثة : ينظر إليها كلها عورة وغيرها ، فإنه نص على أنه يجوز أن ينظر إليها متجردة ! »
قلت : والرواية الثانية هي الأقرب إلى ظاهر الحديث ، وتطبيق الصحابة له ، والله أعلم.
وقال ابن قدامة في « المغني » ( 7 / 445 ) :
« ووجه جواز النظر [ إلى ] ما يظهر غالبا أن انبي صلى الله عليه وسلم لمّا أذن في النظر إليها من غير علمها ؛ علم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر منها عادة ، إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره في الظهور ، ولأنه يظهر غالبا ، فأبيح النظر إليه كالوجه ، ولأنها امرأة أبيح له النظر إليها بإذن الشارع ، فأُبيح النظر منها إلى ذلك كذوات المحارم ».
ثم وقفت على كتاب « ردود على أباطيل » لفضيلة الشيخ محمد الحامد ، فإذا به يقول ( ص 43 ) :
« فالقول بجواز النظر على غير الوجه والكفين من المخطوبة باطل لا يُقبل ».
وهذه جرأة بالغة من مثله ما كنت أترقب صدورها منه ، إذ المسألة خلافية كم سبق بيانه ، ولا يجوز الجَزم ببطلان القول المخالف لمذهبه إلا بالإجابة عن حجته ودليله كهذه الأحاديث ، وهو لم يصنع شيئا من ذلك ، بل إنه لم يشر إلى الأحاديث أدنى إشارة ، فأوهم القرّاء أن لا دليل لهذا القول أصلا ، والواقع خلافه كما ترى ؛ فإن هذه الأحاديث بإطلاقها تدل على خلاف ما قال فضيلته ، كيف لا وهو مخالف لخصوص قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث ( 99 ) : « ما يدعوه إلى نكاحها » ؟! فإن كل ذي فقه يعلم أنّه ليس المراد منه الوجه والكفان فقط ، ومثله في الدلالة قوله صلى الله عليه وسلم
في الحديث ( 97 ): « و إن كانت لا تعلم »! وتأيد ذلك بعمل الصحابة رضي الله عنهم وهم أعلم بسنته صلى الله عليه وسلم ، ومنهم محمد بن مَسْلَمة وجابر بن عبد الله ؛ فإنّ كلا منهما تخبّأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه لنكاحها ، أفيَظن بهما أنهما تخبئا للنظر إلى الوجه والكفين فقط ؟! ومِثل عمر بن الخطاب الذي كشف عن ساقي أم كلثوم بنت علي- إن صحّ عنه -؛ فهؤلاء ثلاثة من كبار الصحابة
أحدهم الخليفة الراشد أجازوا النظر إلى أكثر من الوجه والكفين ، ولا مخالف لهم من الصحابة فيما أعلم
فلا أدري كيف استجاز مخالفتهم مع هذه الأحاديث الصحيحة ؟! وعهدي بأمثال الشيخ أن يقيموا القيامة على من خالف أحدا من الصحابة اتِّباعا للسنة الصحيحة ، ولو كانت الرواية عنه لا تثبت ؛ كما فعلوا في عدد ركعات التراويح ! ومن عجيب أمر الشيخ – عفا الله عنا وعنه- أنه قال في آخر البحث :
« قال الله تعالى : ﴿ فإن تنازعتم في شيء فردُّوه إلى الله والرَّسول إن كنتم تُؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تَأويلاً ﴾3) » ! فندعو أنفسنا وإياه إلى تحقيق هذه الآية، ورد هذه المسألة إلى السنّة بعدما تبيّنت، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هذا ومع صحة الأحاديث في هذه المسألة ، وقول جماهير العلماء بها – على الخلاف السابق – فقد أعرض كثير من المسلمين في العصور المتأخرة عن العمل بها ؛ فإنّهم لا يسمحون للخاطب بالنظر إلى فتاتهم – ولو في حدود القول الضيق !- تورُّعا منهم – زعموا - ؛ ومن عجائب الورع البارد أنّ بعضهم يأذن لإبنته بالخروج إلى الشارع سافرة بغير حجاب شرعي ! ثم يأبَى أنْ يراها الخاطب في دارها وبين أهلها بثياب الشارع !
وفي مقابل هؤلاء بعض الآباء المُستهترين الذين لا يغارون على بناتهم تقليدا منهم لأسيادهم الأوربيين فيسمحون للمصوِّر أن يصوِّرهن وهنّ سافرات سفورا غير مشروع ، والمصور رجل أجنبي عنهم ، وقد يكون كافرا ، ثم يُقدِّمن صورهن إلى بعض الشبان بزعم أنهم يريدون خطبتهن ، ثم ينتهي الأمر إلى غير خِطبة ، وتظلّ صُورَ بناتهم معهم ليتغزلوا بها ، وليطفئوا حرارة الشباب بالنظر إليها ! ألا فتعساً للآباء الذين لا يغارون .وإنا لله وإنا إليه راجعون.
(حاشية
(1) قلت : ثم تزوجها عمر رضي الله عنه ورزقت منه ولدين : زيد ورقية ؛ كما في « الإصابة » ، ومنه إستدركت الزيادة ( الشيخ ).
(2) تنبيه : وقد ذكر ابن الجوزي في « صيد الخاطر » ( 1 / 82 ) نحو هذه الرواية الثانية ، فقال: « وقد نص أحمد على جواز أن يبصر الرجل من المرأة التي يريد أن ينكحها ما هو عورة ، يشير إلى ما يزيد على الوجه » .
فعلق عليه الأستاذ علي الطنطاوي بقوله :
« ليس في المعروف من مذهب أحمد جواز ذلك » .
والظاهر أن الأستاذ يعني المعروف عنده ! وإلا فهو معروف في كتب الحنابلة وغيرهم ولو رجع إليها لكان عنده معروفا ، وحسبك منها كتاب « المغني » لابن قدامة المقدسي ؛ فقد قال ( 7 / 445 ) بعد أن ذكر الرواية الأولى ومعنى الثانية :
« قال أحمد في رواية حنبل : لا بأس أن ينضر إليها وإلى ما يدعو ه إلى نكاحها من يد أو جسم ونحو ذلك. وقال أبو بكر ( المروزي ) : لا بأس أن ينظر إليها عند الخطبة حاسرة ». ( الشيخ ).
المصدر : نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فوائد المجلد الثاني صفحة 10 طبعة مكتبة المعارف للنشر والتوزيع بالرياض الطبعة الأولى 1420 هـ - 1999 م
و صلى الله و سلم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
المصدر (http://www.tasfiatarbia.net/vb/showthread.php?t=803)
الحمد لله و حده , و أشهد أن محمد عبده و رسوله اما بعد :
باب إستحباب النظر إلى المرأة قبل خطبتها
1-
عن سهل بن أبي حثمة رحمه الله قال:
رأيت محمد بن مسلمة يطارد بثينة بنت الضحاك – فوق إجار لها – ببصره طردا شديدا ، فقلت : أتفعل هذا وأنت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا أُلقِي في قلب إمرئ خطبة إمرأة ، فلا بأس أن ينظر إليها ).
صحيح ، الصحيحة برقم ( 98 ).
فائـدة :
وما ترجمنا به الحديث قال به أكثر العلماء ; ففي فتح الباري ( 9/175 ):
« وقال الجمهور : يجوز أن ينظر إليها إذا أراد ذلك بغير إذنها ، ونقل الطحاوي عن قوم أنه لا يجوز النظر إلى المخطوبة قبل العقد بحال ، لأنها حينئذ أجنبية ، ورُد عليهم بالأحاديث المذكورة ».
( فائـدة ):
روى عبد الرزاق في « الأمالي » (2/46/1) بسند صحيح عن ابن طاوس قال : أردت أن أتزوج امرأة فقال لي أبي : اذهب فانظر إليها فذهبت ، فغسلت رأسي وترجلت ، ولبست من صالح ثيابي ، فلمّا رآني في تلك الهيئة ، قال : لا تذهب .
قلت: ويجوز له أن ينظر منها إلى أكثر من الوجه و الكفين، لإطلاق الأحاديث المتقدمة...
2- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
« إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل »
قال :« فخطبت جارية ، فكنت أتخبأ لها ، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجها ».
حسن ، الصحيحة برقم : ( 99 ).
فقه الحديث :
والحديث ظاهر الدلالة لما ترجمنا له، وأيده عمل راويه به ، وهو الصحابي الجليل جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – وقد صنع منه محمد بن مسلمة ؛ كما ذكرناه في الحديث الذي قبله ، وكفى بهما حجة .
ولا يضرنا بعد ذلك مذهب من قيد الحديث بالنظر إلى الوجه والكفين فقط ؛ لأنه تقييد للحديث بدون نص مقيد ، وتعطيل لفهم الصحابة بدون حجة ، لا سيما وقد تأيد بفعل الخليفة الراشد عمر
بن الخطاب رضي الله عنه.
فقال الحافظ في « التلخيص » ( ص 291-292) :
فائدة :
روى عبد الرزاق ( 10352 )، وسعيد بن منصور في « سننه » ( 520- 521 )
وابن أبي عمر عن سفيان عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي بن الحنفية أن عمر خطب إلى علي ابنته أم كلثوم ، فذكر له صغرها ، [ فقيل له : إن ردك فعاوده ] فقال [ له علي ] : أبعث بها إليك ، فإن رَضيت؛ فهي امرأتك . فأرسل بها إليه ، فكشف عن ساقيها ، فقالت لولا أنّك أمير المؤمنين ؛ لصككت عينك(1) . وهذا يشكل على من قال : إنه لا ينظر غير الوجه والكفين ».
قلت : ثم وقفت على إسناده عند عبد الرزاق في« مصنفه » ، فتبين أن في القصة إنقطاعا ، وأن محمد بن علي ليس هو إبن الحنفية وإنما هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو جعفر ؛ في بحث أودعته في « الضعيفة » ( 1273 ) فراجعه ؛ فإنه مهم .
وهذا القول الذي أشار الحافظ إلى إستشكاله هو مذهب الحنفية والشافعية ، قال ابن القيم في
« تهذيب السنن » (3 /25-26 ).:
« وقال داود : ينظر إلى سائر جسدها . وعن أحمد ثلاث روايات :
إحداهنّ : ينظر إلى وجهها ويديها.
والثانية : ينظر ما يظهر غالبا كالرقبة والساقين ونحوهما (2)
والثالثة : ينظر إليها كلها عورة وغيرها ، فإنه نص على أنه يجوز أن ينظر إليها متجردة ! »
قلت : والرواية الثانية هي الأقرب إلى ظاهر الحديث ، وتطبيق الصحابة له ، والله أعلم.
وقال ابن قدامة في « المغني » ( 7 / 445 ) :
« ووجه جواز النظر [ إلى ] ما يظهر غالبا أن انبي صلى الله عليه وسلم لمّا أذن في النظر إليها من غير علمها ؛ علم أنه أذن في النظر إلى جميع ما يظهر منها عادة ، إذ لا يمكن إفراد الوجه بالنظر مع مشاركة غيره في الظهور ، ولأنه يظهر غالبا ، فأبيح النظر إليه كالوجه ، ولأنها امرأة أبيح له النظر إليها بإذن الشارع ، فأُبيح النظر منها إلى ذلك كذوات المحارم ».
ثم وقفت على كتاب « ردود على أباطيل » لفضيلة الشيخ محمد الحامد ، فإذا به يقول ( ص 43 ) :
« فالقول بجواز النظر على غير الوجه والكفين من المخطوبة باطل لا يُقبل ».
وهذه جرأة بالغة من مثله ما كنت أترقب صدورها منه ، إذ المسألة خلافية كم سبق بيانه ، ولا يجوز الجَزم ببطلان القول المخالف لمذهبه إلا بالإجابة عن حجته ودليله كهذه الأحاديث ، وهو لم يصنع شيئا من ذلك ، بل إنه لم يشر إلى الأحاديث أدنى إشارة ، فأوهم القرّاء أن لا دليل لهذا القول أصلا ، والواقع خلافه كما ترى ؛ فإن هذه الأحاديث بإطلاقها تدل على خلاف ما قال فضيلته ، كيف لا وهو مخالف لخصوص قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث ( 99 ) : « ما يدعوه إلى نكاحها » ؟! فإن كل ذي فقه يعلم أنّه ليس المراد منه الوجه والكفان فقط ، ومثله في الدلالة قوله صلى الله عليه وسلم
في الحديث ( 97 ): « و إن كانت لا تعلم »! وتأيد ذلك بعمل الصحابة رضي الله عنهم وهم أعلم بسنته صلى الله عليه وسلم ، ومنهم محمد بن مَسْلَمة وجابر بن عبد الله ؛ فإنّ كلا منهما تخبّأ لخطيبته ليرى منها ما يدعوه لنكاحها ، أفيَظن بهما أنهما تخبئا للنظر إلى الوجه والكفين فقط ؟! ومِثل عمر بن الخطاب الذي كشف عن ساقي أم كلثوم بنت علي- إن صحّ عنه -؛ فهؤلاء ثلاثة من كبار الصحابة
أحدهم الخليفة الراشد أجازوا النظر إلى أكثر من الوجه والكفين ، ولا مخالف لهم من الصحابة فيما أعلم
فلا أدري كيف استجاز مخالفتهم مع هذه الأحاديث الصحيحة ؟! وعهدي بأمثال الشيخ أن يقيموا القيامة على من خالف أحدا من الصحابة اتِّباعا للسنة الصحيحة ، ولو كانت الرواية عنه لا تثبت ؛ كما فعلوا في عدد ركعات التراويح ! ومن عجيب أمر الشيخ – عفا الله عنا وعنه- أنه قال في آخر البحث :
« قال الله تعالى : ﴿ فإن تنازعتم في شيء فردُّوه إلى الله والرَّسول إن كنتم تُؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تَأويلاً ﴾3) » ! فندعو أنفسنا وإياه إلى تحقيق هذه الآية، ورد هذه المسألة إلى السنّة بعدما تبيّنت، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
هذا ومع صحة الأحاديث في هذه المسألة ، وقول جماهير العلماء بها – على الخلاف السابق – فقد أعرض كثير من المسلمين في العصور المتأخرة عن العمل بها ؛ فإنّهم لا يسمحون للخاطب بالنظر إلى فتاتهم – ولو في حدود القول الضيق !- تورُّعا منهم – زعموا - ؛ ومن عجائب الورع البارد أنّ بعضهم يأذن لإبنته بالخروج إلى الشارع سافرة بغير حجاب شرعي ! ثم يأبَى أنْ يراها الخاطب في دارها وبين أهلها بثياب الشارع !
وفي مقابل هؤلاء بعض الآباء المُستهترين الذين لا يغارون على بناتهم تقليدا منهم لأسيادهم الأوربيين فيسمحون للمصوِّر أن يصوِّرهن وهنّ سافرات سفورا غير مشروع ، والمصور رجل أجنبي عنهم ، وقد يكون كافرا ، ثم يُقدِّمن صورهن إلى بعض الشبان بزعم أنهم يريدون خطبتهن ، ثم ينتهي الأمر إلى غير خِطبة ، وتظلّ صُورَ بناتهم معهم ليتغزلوا بها ، وليطفئوا حرارة الشباب بالنظر إليها ! ألا فتعساً للآباء الذين لا يغارون .وإنا لله وإنا إليه راجعون.
(حاشية
(1) قلت : ثم تزوجها عمر رضي الله عنه ورزقت منه ولدين : زيد ورقية ؛ كما في « الإصابة » ، ومنه إستدركت الزيادة ( الشيخ ).
(2) تنبيه : وقد ذكر ابن الجوزي في « صيد الخاطر » ( 1 / 82 ) نحو هذه الرواية الثانية ، فقال: « وقد نص أحمد على جواز أن يبصر الرجل من المرأة التي يريد أن ينكحها ما هو عورة ، يشير إلى ما يزيد على الوجه » .
فعلق عليه الأستاذ علي الطنطاوي بقوله :
« ليس في المعروف من مذهب أحمد جواز ذلك » .
والظاهر أن الأستاذ يعني المعروف عنده ! وإلا فهو معروف في كتب الحنابلة وغيرهم ولو رجع إليها لكان عنده معروفا ، وحسبك منها كتاب « المغني » لابن قدامة المقدسي ؛ فقد قال ( 7 / 445 ) بعد أن ذكر الرواية الأولى ومعنى الثانية :
« قال أحمد في رواية حنبل : لا بأس أن ينضر إليها وإلى ما يدعو ه إلى نكاحها من يد أو جسم ونحو ذلك. وقال أبو بكر ( المروزي ) : لا بأس أن ينظر إليها عند الخطبة حاسرة ». ( الشيخ ).
المصدر : نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فوائد المجلد الثاني صفحة 10 طبعة مكتبة المعارف للنشر والتوزيع بالرياض الطبعة الأولى 1420 هـ - 1999 م
و صلى الله و سلم على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم
المصدر (http://www.tasfiatarbia.net/vb/showthread.php?t=803)