المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [ لوثة التشبيه عند المجسمة الغلاة والمعطلة النفاة ]


أبو البراء أنور الهجاري
02-12-2011, 12:13 AM
[ لوثة التشبيه عند المجسمةالغلاة والمعطلة النفاة ]


ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحمد لله تقدّس وتنزّه عن الأشكال والأمثال ؛ وتجلى سبحانه بما اتصف به من صفات الجلال ونعوت الجمال ؛وأشهد أن لا إله إلا هو الملك المتعال ، خلق الخلق ودبر الأمر فعلم بادي كل شي وما يصير إليه المآل ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى أصحابه وأصفيائه والآل ؛ أما بعد:

إنّ التشبيه أو ( التمثيل )هو أصل كل بلية من انحرف من الفرق و الطوائف في قضية: ( أسماء الله وصفاته)
*فالمشبهة المجسمة :اعتقدوا في الله بمثل ما اعتقدوا في المخلوقين وذالكم بنسبة ما يرونه من كمال وجمال ـ نسبيين لائقين ـ لبعض الخلق فجعلوهما لله وأثبتوا له أوصافا وأشكالا لكنها أوصافاوأشكالا كما للمخلوقين فشبهوا الله بخلقه على ما ارتسم وتشكل في عقولهم ونحتته أذهانهم؛فجعلوا لله جسماً ووجهاً و جوارحاً كما للمخلوقين حتى قال قائلهم: الله ينزل في ثلث الليل الأخير على هيئة شاب أمرد ؟! ؛قال شيخ الإسلام :(وأماأهل التمثيل المشبهه فهم الذين شبهوا الله بخلقه ومثلوه بعباده وقد رد الله على الطائفتين بقوله :{ليس كمثله شيء ) فهذا يرد على المشبهة وقوله ( وهو السميع البصير)يرد على المعطلة( … وأول من قال بالتجسيم والتشبيه :هشام بن الحكم الرافضي وقد زعم أن الله ـ تعالى عن ذلك ـ جسم له حد ونهاية وأنه طويل عريض ؛طوله مثل عرضه .
والمشبّهه فرق كثيرة منهم : الجواليقية وهم أتباع هشام بن سالمالجواليقي الرافضي وذهب إلى أنه تعالى على صورة الآدمي ؛ومنهم الحواري وهم أتباع داود الحواري الذي وصف معبوده بجميع أعضاء الإنسان عدا الفرج واللحية !.
ومن المشبهه بعض غلاة الصوفية أهل الحلول والاتحاد؛ومنهم أيضا الكرّامية الذين يزعمون أن لله جسم ، وغيرهم من الملل الأخرى كاليهود والنصارى والمجوس والهندوس.
أما المعطلة النفاة : فنفوا جميع الصفات وعطلوها مدلولاتهاوأصل شبهتهم :هو التمثيل والتشبيه إذ أنهم لم يعرفوا من صفات الله إلا ما عرفوه من صفات أنفسهم فشبهوا أولا ثم عطلوا ثانياً وهم من شرّ الفرق لأنهم جمعوا بين التشبيه لله والتعطيل لصفاته فحال المشبّه المجسم والنافي المعطل كما قال شيخ الإسلام هوأنه ( المجسم يعبد صنما والمعطل يعبد عدما)
والمعطلة فرق كثيرة على رأسهم المعتزلة أتباع واصل بن عطاء الغزّال وهم فرق شتى يجمعهم القول بنفي الصفات وتبعهم على ذلك الكلابية والألمية والكرامية والشيعةوالأشاعرة والخوارج من الآزارقة والإباضية وغيرهم من الملل الأخرى كالملاحدةوالفراعنة .
والتشبيه قائم على ما انقدح في نفوسهم وأذهانهم من الأجسام ثم بنوعلى ذلك النفي والتعطيل للصفات؛فلم يعلموا من صفات الله وأسمائه إلا ما علموه من أنفسهم من الأسماء والصفات فجعلوها هي الأصل وقاسوا عليها صفات الباري ـ سبحانه ـ فشبهوا ثم عطلوا .
فالمجسمة الممثلة غالوا في الإثبات حتى شبهوا الله بمخلوقاته وجعلوه جسما بجوارح وأعضاء؛والمعطلةغالوا في التنزيه فنفوا الصفات عن الله وجعلوه عدما؛وأهل السنةوسط وعدل بين الطائفتين ؛فأثبتوا ما يليقبالله من صفاته جل وعلا ونزهوه عن مشابهة المخلوقات والناقصات والمعدومات وعمدتهم في ذلك :{ ليس كمثله شيء} تنزيه بلا تعطيل ؛{ وهو السميع البصير} إثبات بلاتمثيل
قال شيخ الإسلام: (وكل واحد من فريقي التعطيل والتمثيلفهو جامع بين التعطيل والتمثيل ؛أما المجسمة فإنهم لم يفهموا من أسماء الله وصفاتهإلا ما هو اللائق بالمخلوق ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات فقد جمعوا بين التمثيلوالتعطيل مثلوا أولا وعطلوا آخرا ؛وهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاتهبالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم وتعطيل لما يستحقه هو سبحانه من الأسماء والصفات اللائقة بالله سبحانه وتعالى ) .







الفتوى الحموية الكبرى: (267/268 )



قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ :

فقلب المعطل متعلق بالعدم فهو أحقر الحقير ؛وقلب المشبه عابد للصنم الذي قد نحت بالتصوير والتقدير والموحد المثبت قلبه متعبد لمن




( ليس كمثله شيء وهوالسميع البصير )


*وههنا أحوال :

*حال المعطل النافي : الذي لا يرى إلا رأس الديك ! فهو كمثل أعمى لم ير في حياته قط ؛ ثم رد الله عليه بصره لحظة فرأى أمامه ( رأس ديك ) ثم رجع أعمى كما كان من توه ؛فكانوا كلما حدثوه بأمر يقول لهم : أين هو من رأس الديك ؟ وإذا أخبروه عن أمر أو وصفوا له شيء قال لهم : أين هو من رأس الديك ؟ فهو لم ير ويعلم من هذه الحياة إلا رأس الديك فارتسم في قلبه وعقله وذهنه فجعل ذلك هو الأصل وقاس عليه جميعما يسمعه أو يخبر به ؛وكذلك المعطلة لم يعلموا من صفات الله وأسمائه إلا ما يعلموهمن أنفسهم من أسمائهم وصفاتهم فجعلوها هي الأصل وقاسوا عليها صفات الباري سبحانه فشبهوا أولا وهذه لوثة وعطلوا ثانيا وهذه لوثة .

*حال المجسم المشبه : فهو كمثل رجل يتحدث في صفات الله؛ويصفه كوصف المخلوقين ، فانبرى له شيخ يعلم منهج أهل السنة حق المعرفة ويعرف كذلك من شبه القوم في التشبيه التي يعلم بها بطلان وفساد أصولهم ، فقال لهذا المشبه المجسم : بلغني أنك تصف الله فقال المشبه : نعم ؛ فقال له كيف الله ؟ قال له :كأحسن ما وجد من بني آدم !!
فقال له الشيخ وكيف ذاك ؟ قال المشبه : نظرت في المخلوقات فلم أجد أحسن خلقا ولا أقوم مثالاولا أكمل أوصافا من ( الإنسان) ؛ فقلت : إذا كان هذا الإنسان ! فالله أكمل أوصافامنه فجعلت أوصافه صفة لله و وصفا له !
فقال الشيخ : قد بدا لي أن أسألك سؤالاوهو : أن تصف لي مخلوقاً ؟ فإن عجزت عن وصف المخلوق فأنت في وصف الخالق أعجز
فقال المشبه : نعم .
فقال الشيخ : قد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال في وصف جبريل :{ أن له ستمائة جناح قد سدّ الأفق} ؛ فقال المشبه : نعم ! فقال لهالشيخ : فصف لي أنت طائر من طيور الدنيا وركب له جناحا ثالثا وبين لي موضع ذلك الجناح من الطائر وكيف يطير ؟؟
فقال المشبه :حرت وعجزت !!
فقال له الشيخ :فإن كنت عجزت عن وصف مخلوق حاضر أمامك فأنت أعجز عن وصف مخلوق غائب لا تراه وهوجبريل عليه السلام ؛ وأنت أعجز أيضا عن وصف كيفية خالق الخلق كلهم وهو الله ـ جل في علاه ـ فبهت المشبه وخصم .
وهذا حال المشبه المجسم ؛فهو عاجز حائر ،وهذا العجزعن إدراك صفات الباري ـ حقيقة ـ هو الإدراك الذي يبلغه الإنسان عندما يبحث في كنه صفات الله ـ سبحانه وتعالى ـ
وقد قيل :








والعجز عن درك الإدراك إدراك * والبحث في كنه ذات الإله إشراك




• حال الموحد المثبت : وجماع حاله مع الأسماء والصفات أمور ثلاثة كما قال الشنقيطي ـ رحمه الله ـ :

الأول : تنزيه الله عن مشابهة شيء من خلقه في صفاتهم أو ذواتهم أوفعالهم وهذا الأصل عندهم مبني على قوله تعالى :{ هل تعلم له سميا} وقوله :




{ ليس كمثله شيء} وقوله :{ ولم يكن له كفوا أحد )


الثاني :عدم جحد شيء مما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله إيمانا مبنيا على أساس ذلك التنزيه على غرار : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)

الثالث :علمه أن العقول مخلوقة واقفة عند حدها لا تحيط علما بخالقها فهي عاجزة عن إدراك كيفية الاتصاف بالصفات قال تعالى : ( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما )

والمتكلمين ـ أهل البدع ـ نفوا كثيرا من صفات الله بالأدلة العقليةالمفرغة في قوالب أقيسة منطقية قسموا بها الصفات قسمة سداسية فقالوا :منها صفاتنفسية ؛ومعنى ؛ومعنوية ؛وفعل ؛وجامعة .
فحال الموحد إذا :
التنزيه ؛ثم إثبات ما أثبت لنفسه على أساس التنزيه ؛ ثم قطع الطمع عن إدراك الكيفية .
فهذه الأسس الثلاثة من مات عليها مات على دين محقق وعقيدة سلفية صحيحة ولا تأتيه بلية من واحدةمن هذه الأصول الثلاثة ولا يأتيه من قبلها لوم ولا توبيخ ولا عذاب .
فلا يقولالله له : لم تنزهني عن مشابهة خلقي في صفاتهم وأفعالهم وذواتهم ؟ لا ؛وكلا ؛فهذه طريق سلامة محققة .
ولا يقول له :لم تصدقني فيما أثنيت به على نفسي وتصدق نبيي فيما أثنى علي به تصديقا مبنيا على أساس التنزيه ؟ لا وكلا ؛هذه طريق سلامة محققة .
ولا يقول له :لم لا تدعي أن عقلك محيط بي ؟ ومن تتبع شبهات القوم وبراهينهم التي يزعمون وجدها أوهى وأضعف وأسمج من أن تكون حجة أو دليل أو برهان !
فنقود المعطل كلها زيوف فلا تروج علينا ؛وبضاعة المشبه كاسدة فلا تنفق لدينا وتجارة الموحد المثبت ينادى عليها يوم العرض على رؤوس الأشهاد : هذه بضاعتنا ردت إلينا
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً .
.................................................. .
كتب :أبو البراء أنور بن جبريل الهجاري

أبو البراء أنور الهجاري
02-13-2011, 07:20 PM
نعم أخي اليُونسي ـ عوداً إلى ما سألتم ـ :


أولاً : فيما يتعلق بالفرق بين التشبيه والتمثيل والتجسيم والتكييف


ـ لغة واصطلاحاً ـ


التشبيه : هو إثبات الشبه للشيء


واصطلاحاً : هو جعل لله شبهاً من خلقه


والتمثيل : ذكر مماثل للشيء


والفرق بين التشبيه والتمثيل هو أن التمثيل أعم من التشبيه لأنه يقتضي المماثلة من كل وجه ، بخلاف التشبيه ؛ فهو لا يقتضيها إلا من بعض الوجوه .


والتجسيم : هو أن تجعل للشيء حدوداً وغايات


واصطلاحاً : هو أن تجعل لله جسماً بحد وغاية مثل أجسام المخلوقين


والتكييف : أن تسأل عن الشيء بكيف ؟


تقول : كيف ضرب زيداً ؟ فيقال : قاعداً .


فيكون ذلك تكييف للضرب


واصطلاحاً : هو أن تذكر كيفية الصفة وتحْكيْها


كقول القائل : يدُ الله كيدي ، وسمع الله كسمعي ....إلخ



وهنا تنبيهان مهمّان :


التنبيه الأول : إطلاق لفظ : (التمثيل ) أولى من إطلاق لفظ :


( التشبيه ) لأمور ثلاث :


الأمر الأول : أن لفظ التمثيل هو الذي جاء به القرآن والسنة


فجاءت النصوص بنفي التمثيل لا نفي التشبيه .


الأمر الثاني : أن نفي التشبيه فيه إجمال ، فقد يراد نفي الشبه من كل وجه ، وهذا غلط وهو تعطيل ، لأنه ما من شيئين موجودين إلاّ وبينهما تشابه في بعض الوجوه ، واشتراك في بعض المعاني


وقد يراد به نفي الشبه في كل الصفات وهذا حق .


الأمر الثالث : أن نفي التشبيه صار عند كثير من الناس بمعنى نفي الصفات مطلقاً ، فهم يريدون من قولهم : ( من غير شبه ) أي : من غير إثبات الصفات .


التنبيه الثاني : لفظ : ( الجسم ) لا يطلق على الله لا نفياً ولا إثباتاً


يقول شيخ الإسلام رحمه الله : ("فمن قال أنه جسم وأراد أنه مركب من الأجزاء فهذا قوله باطل وكذلك إن أراد أنه يماثل غيره من المخلوقات فقد علم بالشرع والعقل" أن الله ليس كمثله شيء في شيء من صفاته، فمن أثبت لله مثلاً في شيء من صفاته فهو مبطل, ومن قال أنه جسم بهذا المعنى فهو مبطل ومن قال أنه ليس بجسم بمعنى أنه لا يرى في الآخرة ولا يتكلم بالقرآن وغيره من الكلام ولا يقوم به العلم والقدرة وغيرهما من الصفات ولا ترفع الأيدي إليه في الدعاء ولا عرج بالرسول صلى الله عليه وسلم إليه ولا يصعد إليه الكلم الطيب ولا تعرج الملائكة والروح إليه فهذا قوله باطل وكذلك كل من نفى ما أثبته الله ورسوله وقال إن هذا تجسيم فنفيه باطل وتسمية ذلك تجسيماً تلبيس منه فله إن أراد أن هذا في اللغة يسمى جسماً فقد أبطل وإن أراد أن هذا يقتضي أن يكون جسماً مركباً من الجواهر الفريدة أو من المادة والصورة أو إن هذا يقتضي أن يكون جسماً والأجسام متماثلة, قيل له, أكثر العقلاء يخالفونك في تماثل الأجسام المخلوقة وفي أنها مركبة فلا يقولون أن الهواء مثل الماء ولا أن الحيوان مثل الحديد والجبال فكيف يوافقونك على أن الرب تعالى يكون مماثلاً لخلقه إذا أثبتوا له ما أثبت له الكتاب والسنة والله تعالى قد نفى المماثلات في بعض المخلوقات وكلاهما جسم كقوله تعالى {وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:38]. مع أن كلاهما بشر فكيف يجوز أن يقال إذا كان لرب السماوات علم وقدرة أن يكون مماثلاً لخلقه والله تعالى ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ) .


فلفظ التجسيم عند السلف هو من الألفاظ التي يجب التحرز منها عند إطلاقها على الله تعالى ولا بد أن نسأل من أطلقها عن مراده بالجسم فإن أراد بإطلاق الجسم على الله معناه في لغة العرب من أنه يوصف بصفات ويرى بالأبصار ويتكلم ويسمع ويبصر ويرضى ويغضب وأنه مستو وأنه تصح الإشارة إليه ويصح أن يسأل عنه بأين وأن له وجهاً ويدين فإطلاق الجسم بهذا المعنى صواب مع أن القائل مخطئ في إطلاق هذه العبارة التي أحدثها علماء الكلام وليكتف بالألفاظ الشرعية مثل ليس كمثله شيء وله المثل الأعلى وقل هو الله أحد وغير ذلك.

وإن أراد بإطلاقه نفي الجسم عن الله تعالى أنه ليس جسماً مثل سائر الأجسام التي تتكون من أجزاء متفرقة فهو صواب فإن الله تعالى ليس كمثله شيء ومع تصويبه فإنه مخطئ في إطلاق هذه العبارة التي أحدثها علماء الكلام فإنه لم يعهد عن السلف أن أطلقوا لفظ الجسم على الله لا نفياً ولا إثباتاً فإن كان ولا بد من إطلاقها فلتكن بالألفاظ الشرعية التي تدل على تنزيه الله تعالى على الإطلاق مثل ليس كمثله شيء وقل هو الله أحد وله المثل الأعلى وغير ذلك من الألفاظ العامة المشتملة على التنزيه الصحيح كما تقدم وأما إن أريد بهذا الإطلاق نفي الجسمية عن الله تعالى بمعنى نفي صفاته الثابتة بالكتاب والسنة كالاستواء والنزول والوجه والسمع والبصر إلى آخر صفاته عزّ وجلّ – وهو ما يهدف إليه علماء الكلام فهذا النفي باطل بهذا المعنى لأن إثبات هذه الصفات لا يلزم منه وقوع التشبيه الذي حذره هؤلاء المبطلون بزعمهم فإن تصور إثبات الصفات أنه يقتضي التشبيه هو نفس التشبيه المذموم فإن النافي للصفات لم ينفها إلا بعد أن أصبح مشبهاً فيها فوقع في الخطأ الذي جره إلى خطأ أكبر منه وهو إثبات ذات خالية عن الصفات وهو أمر لا يمكن وقوعه إلا في تخيلات الذهن وهي تخيلات فاسدة وأما في خارج الذهن فلا يمكن وجودها.







أما الفرق بين : التعطيل والتأويل والتحريف هو أن :


التعطيل : هو الترك والتخلية ، ومنه قوله تعالى : { وبئر معطلة } أي : مخلاة متروكة .


واصطلاحاً : هو إنكار ما أثبت الله لنفسه من الأسماء والصفات وهو نوعان : جزئي وكلي


فالجزئي : كتعطيل المعتزلة و الأشاعرة ، فالمعتزلة يثبتون الأسماء وينفون الصفات ، والأشاعرة يثبتون الأسماء وينكرون الصفات إلاّ الصفات السبعة


والكلي : هو إنكار جميع الأسماء والصفات كتعطيل غلاة الجهمية


والتأويل : له ثلاث معان :


الأول : بمعنى التفسير ، والثاني بمعنى حقيقة ما يؤول إليه الكلام ، والثالث صرف اللفظ الظاهر من غير دليل وهذا ما يسمى حقيقة


( لعباً وتحريفاً ) أما كان صرف ظاهر اللفظ بدليل فهذا يسمى


( تأويلاً )


واستخدام كلمة التحريف بدل التأويل هو الأولى وذلك لوجوه :


الوجه الأول : أنه هو اللفظ الذي جاء به القرآن قال تعالى :


{يُحرّفون الكلم عن مواضعه } ، والتعبير الذي عبر به القرآن أولى من غيره ، لأنه أدل على المعنى .


الوجه الثاني : أنه أدل على الحال ، وأقرب إلى العدل ، فالمؤول بغير دليل يكون محرفاً .


الوجه الثالث : أن التأويل بغير دليل باطل يجب البعد عنه والتنفير منه واستعمال التحريف فيه أبلغ تنفيراً من التأويل ، لأن التحريف لا يقبله أحد ، لكن التأويل لين تقبله النفس وتستفصل عن معناه .


الوجه الرابع : أن التحريف كله مذموم بخلاف التأويل فإن منه ما يكون محموداً ومذموماً .



والتحريف : هو التغيير


واصطلاحاً : هو تغيير معنى الصفات وصرفها عن المعنى المتبادر من غير دليل


وقد يكون في اللفظ ، وقد يكون في المعنى وهذا الأخير هو الذي وقع فيه كثير من الناس


وهناك فرق بين التأويل والتحريف


فالتأويل : ليس كله مذموم بل فيه المذموم وفيه الممدوح


وأما التحريف لا يكون إلا مذموماً


وكذلك التحريف يكون في الدليل وقد يكون في المدلول


أما التعطيل لا يكون إلاّ في المدلول


وكذلك التعطيل أعم من التحريف فكل معطل محرف وليس كل محرف معطل


وأما أقسام التفويض المذموم باعتبار ما يُفوّض فهو على قسمين :


قال شيخ الإسلام : (وهؤلاء أهل التضليل والتجهيل الذين حقيقة قولهم: إن الأنبياء وأتباع الأنبياء جاهلون ضالون، لا يعرفون ما أراد الله بما وصف به نفسه من الآيات وأقوال الأنبياء.

ثم هؤلاء منهم من يقول: المراد بها خلاف مدلولها الظاهر والمفهوم. ولا يعرف أحد من الأنبياء, والملائكة, والصحابة, والعلماء ما أراد الله بها، كما لا يعلمون وقت الساعة.
ومنهم من يقول: بل تجري على ظاهرها، وتحمل على ظاهرها، ومع هذا فلا يعلم تأويلها إلا الله. فيتناقضون حيث أثبتوا لها تأويلاً يخالف ظاهرها، وقالوا – مع هذا – إنها تحمل على ظاهرها. وهذا ما أنكره ابن عقيل على شيخه القاضي أبي يعلى في كتاب (ذم التأويل) )





وكلا اللونين تفويض للعلم بالمعنى، والفرق بينهما أن الأولين يعتقدون بأن ظواهر النصوص مقتضية للتشبيه، فيبادرون بنفيها، ويحيلون على معنى مجهول لا يعلمه إلا الله. والآخرين يعتقدون بأن الظواهر لا تقتضي التشبيه، ويحكمون بوجوب إجرائها على ظواهرها، لكن دون أن يبينوا المعنى الواجب فهمه من تلك الظواهر، بل يحيلون إلى معنى مجهول لا يعلمه إلا الله. وهذا وجه تناقضهم.


وأما علاقة المفوضة بالنفاة : هو أن المفوضة يفوضون معاني صفات الله ويكلون علمها إلى الله وهذا منهم نفي للمعنى وهم بذلك يشابهون النفاة الذين ينفون عن الله ما وصف به نفسه سواء كان ذلك في الصفات الذاتية أو الفعلية .


وأما جواب الموفوضة على من يسألهم قائلاً :


من يعلم حقيقة ما فوضتموه ، ومنتهى ما نفيتموه ؟


هو أنه ـ كما يقولون ـ : لا يعلم ذلك أحد ، لا نبي مرسل ولا ملك مقرب وإنما الذي يعلم ذلك هو الله وحده ؟!!


*************


والله أعلم


لعلي أجبت على استفسارك أخي اليونسي


والحمد لله أولاً وآخراً