أبو البراء أنور الهجاري
02-14-2011, 06:25 PM
يا من تكتب معنا . إيَّايَّ أعني وإيّاك
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بسم الله الرحمن الرحيم
أُحبُ قبل الدخول في بيان ما أردتُ كتابته ، أن أحدث القارئ بشيءلا استكثاراً ولا تشبعاً بشيء أدّعيه ؛ فإن لا يكن ذلك من خُلُقي ، فإنه ديني الذي أخاف الله أن أُهلِكَه بسوء عملي بما لم أُعطَ ، وقد قال صلّى الله عليه وسلم: (والمتشبع بما لم يعطَ كلابس ثوبي زور)
قد كنا زمناًنفتخر بانتمائنا إلى من قبلنا من علمائنا وكُتّابنا وأُدبائنا ، وكانت سلسلةحلقاتهم مترابطة حتى كان يمُّنُ أوّلُه آخرَه
ولكن شاء الله أن تنقطع الحلقات وينحرف السبيل ، وعسى أن يتصل يوماً ما ، في الوقت الذي قد بَلَيِتْ الحبالُ التي تربطهم ، وانبتّتْ الأواصر التي كانت تجمعهم
فأصبحنا نقرأُ كتابات ما هي الكتابات ، ونلحظ مواضيع ليست بتلك المواضيع ، فتبدّتْ من وراء أُولاءِ أمور خيالية، وصدود عن منهج الواقع والشهودية ، إذ درجوا بكتابتهم في الطرق الجائرة والأخلاق السافلة ، وتصيدوا من العيوب كل طريفةٍ وتالدة
فكتبوها بقلم عربي ، ونشروهابنفسٍ تحللي ومعانٍ أعجمية أوربية .
وتبني كاتبون آخرون " النظرة التّبريرية " لإدباب وتسويغ ما يكتبون ولو بالكذب وسفاسف الأمور ؛ والكذبُ شرُّ غوائل العلم
ـ كما يقال ـ فنتج عن ذلك تقلّص في قائمةالمتحمّلِين لأعباء العلم والأدب والكتابة على هدى مستقيم .
والمتخلص أن ظواهرَالأحوال الناشئة اليوم على من يكتب تجده على حالٍ من :
رقةِالديانة ، و وهنٍ في الاستقامة ـ إلاّ من رحم الله ـ
وضعفٍ في التحصيل لمانشاهده من واقعاتها الفجّة والدعاوى العريضة
والبراعة في الانتحال ؛ واتساع الخطو إلى المحال وقد قال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً:
(أنّ من أشراط الساعة أن يظهر القلم)
رواه أحمدوالبزّار والطحاوي والطبراني وغيرهم
.
نعــم .. قد فشى القلم وانتشى وارتشى ،وأرجوا أن تكون هذه الكلمات شذراتٌ فيها قوارع تجلو عوارض خوارم الكتابة ؛ وستُزهقُ
ـ بإذن الله ـ النظرة التبريرية بين جوانح الحاملين لنظرية
: (تعدد الشخصيات في الشخص الواحد)
فماذا على الكاتب؟ ،وماذا على من يريد انتقاء المواضيع؟
على الكــاتب أن :
يتخيّر أداته عن بصَرٍوحِذْقٍ وحزمٍ
والحزمُ هو :
ضبط المرء أموره والأخذ فيها بالثقة
والاستظهار لوجوه الضرر والمنفعة فيها
والاحتراز حذراً من فوات خيرها أوإطباق شرها .
وعلى الكـاتب أن :
تكون عنده حركةمستفيظة لا تنقطع في ليلٍ أو نهار ولا في حَلٍّ ولا ترحال :
حركة بدنٍ بالسعي الدؤوب
وحركة نفسٍ بالتوقع والتوجس
وحركةعقلٍ باليقظة والتثبت
وحركة رأي بالنظر والتدبر
وحركة إرادة بالجرأةوالمضاء
ولا يكــن :
كواو عمرو زائدة في القوم أو كنون الملحق ؛ حتى لا ينحرف ولا ينفرد إلى النتائف المهلكة المضلة .
وعلى الكـاتب أن :
تكون كتاباته تعبر وتجسد عن شخصه وشخصيته وعقله وفكره وأدبه ، ولا يكون ناقلاً لكلام غيره ليس له إلا النسخ والقص واللصق ، إلا بقدر الحاجة ، ولْيُعبِر عما يجده أو يكتبه بأسلوبه ولْيقُلْ :
فإنّ الدرهمَ المضروب باسمي ** أحبُّ إليَّ من دينار غيري
وعلى الكاتب أن :
لا يشغل الناس بما لاقيمة له في ذاته ، لأن هذا عبث لا يحتمل ، وشرٌّ منه العبث بعقولنا ودينناوأخلاقنا وعاداتنا وتاريخنا ، فهذا عبثٌ لا يحتمل والذي يُسْعِطُ الأنفَ الخردل ،ويُلْقِمُ الفمَ الجندلَ ويضيق به الصدر .
وعلى الكـاتب أن :
يتخير المواضيع الهادفة الراقية إلى علّو المثل ومحاسن القيموالآداب .
وعلى الكـاتب أن :
ينتقي الألفاظ الموجزة الجامعة ، لأنها هي وحدها صاحبة السلطان والتأثير في تحديد الصور الفنيةوالبلاغية والإنشائية ، والإيجاز المطلوب هو ذاك الذي ليس بمُخلٍّ فيفسد المعنى ،وهو ما يُعبرُ عنه بالاقتصاد ، فالكاتب : مقتصد ٌ لا يُبذِّر ومُتأنٍ لا يعجلْ .
وعلى الكـاتب أن :
لا يحيد عن غرض الموضوع ، ممايؤدي إلى سبيل الألفاظ المبهمة المرسلة ، المحفوفة بشناعة التحكم والتهكم ، ينفي بها المرء ويُثبت ، ويبهرجُ بلا بينة ولا برهان ولا حجة ؛ وهذا سبيل فساد تورثُ الناشئة والقُرّاء فسادٌ أكبر هو : اعتيادهم أن يقتنعوا بغير دليل من العقل ؛ وأنيقنعوا بالتسليم لمن يظنون به الخير ، وهذا :
إلغاءٌ للهوية ؛ وقبل ذلك إلغاءٌللعقل وللشخصية .
وعلى الكـاتب أن :
يكون ممنيستطيع أن يدري ما يريد القارئ والمتلقي على وجه التحديد ، ولا يكون ممن لا يستطيع أن يدري ما لا يريد على وجه التوهم .
وفي المقابل على القارئأن يعلم :
أن الكاتب أحياناً تخذله حروفه ، وأحياناً أخرى معانيه ،فلْيكن منه بين حاذرٍ ومشفق
وإذا ما خاض الكاتبُ في خضم الكتابة الهادفة ،وتلاطمت أمواج معانيه ‘ فإذ هو يُمسك بحبال قلمه ويثبت على زورق خياله ، ثم يسأل نفسه سؤالاً متكرراً دائباً لازماً :
لماذا أكتب ؟ ولِمَ أحرر المواضيع ؟ هل لذلك ثمرة ؟ وما الفائدة التي نجنيها من كتاباتنا تلك ؟
وحُيّيّتُم يا أبناء منتداناالغالي ولكم مني الود والاحترام والسلام
_________________
أبو البراء أنور الهجاري اللّيـبـي
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
بسم الله الرحمن الرحيم
أُحبُ قبل الدخول في بيان ما أردتُ كتابته ، أن أحدث القارئ بشيءلا استكثاراً ولا تشبعاً بشيء أدّعيه ؛ فإن لا يكن ذلك من خُلُقي ، فإنه ديني الذي أخاف الله أن أُهلِكَه بسوء عملي بما لم أُعطَ ، وقد قال صلّى الله عليه وسلم: (والمتشبع بما لم يعطَ كلابس ثوبي زور)
قد كنا زمناًنفتخر بانتمائنا إلى من قبلنا من علمائنا وكُتّابنا وأُدبائنا ، وكانت سلسلةحلقاتهم مترابطة حتى كان يمُّنُ أوّلُه آخرَه
ولكن شاء الله أن تنقطع الحلقات وينحرف السبيل ، وعسى أن يتصل يوماً ما ، في الوقت الذي قد بَلَيِتْ الحبالُ التي تربطهم ، وانبتّتْ الأواصر التي كانت تجمعهم
فأصبحنا نقرأُ كتابات ما هي الكتابات ، ونلحظ مواضيع ليست بتلك المواضيع ، فتبدّتْ من وراء أُولاءِ أمور خيالية، وصدود عن منهج الواقع والشهودية ، إذ درجوا بكتابتهم في الطرق الجائرة والأخلاق السافلة ، وتصيدوا من العيوب كل طريفةٍ وتالدة
فكتبوها بقلم عربي ، ونشروهابنفسٍ تحللي ومعانٍ أعجمية أوربية .
وتبني كاتبون آخرون " النظرة التّبريرية " لإدباب وتسويغ ما يكتبون ولو بالكذب وسفاسف الأمور ؛ والكذبُ شرُّ غوائل العلم
ـ كما يقال ـ فنتج عن ذلك تقلّص في قائمةالمتحمّلِين لأعباء العلم والأدب والكتابة على هدى مستقيم .
والمتخلص أن ظواهرَالأحوال الناشئة اليوم على من يكتب تجده على حالٍ من :
رقةِالديانة ، و وهنٍ في الاستقامة ـ إلاّ من رحم الله ـ
وضعفٍ في التحصيل لمانشاهده من واقعاتها الفجّة والدعاوى العريضة
والبراعة في الانتحال ؛ واتساع الخطو إلى المحال وقد قال عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً:
(أنّ من أشراط الساعة أن يظهر القلم)
رواه أحمدوالبزّار والطحاوي والطبراني وغيرهم
.
نعــم .. قد فشى القلم وانتشى وارتشى ،وأرجوا أن تكون هذه الكلمات شذراتٌ فيها قوارع تجلو عوارض خوارم الكتابة ؛ وستُزهقُ
ـ بإذن الله ـ النظرة التبريرية بين جوانح الحاملين لنظرية
: (تعدد الشخصيات في الشخص الواحد)
فماذا على الكاتب؟ ،وماذا على من يريد انتقاء المواضيع؟
على الكــاتب أن :
يتخيّر أداته عن بصَرٍوحِذْقٍ وحزمٍ
والحزمُ هو :
ضبط المرء أموره والأخذ فيها بالثقة
والاستظهار لوجوه الضرر والمنفعة فيها
والاحتراز حذراً من فوات خيرها أوإطباق شرها .
وعلى الكـاتب أن :
تكون عنده حركةمستفيظة لا تنقطع في ليلٍ أو نهار ولا في حَلٍّ ولا ترحال :
حركة بدنٍ بالسعي الدؤوب
وحركة نفسٍ بالتوقع والتوجس
وحركةعقلٍ باليقظة والتثبت
وحركة رأي بالنظر والتدبر
وحركة إرادة بالجرأةوالمضاء
ولا يكــن :
كواو عمرو زائدة في القوم أو كنون الملحق ؛ حتى لا ينحرف ولا ينفرد إلى النتائف المهلكة المضلة .
وعلى الكـاتب أن :
تكون كتاباته تعبر وتجسد عن شخصه وشخصيته وعقله وفكره وأدبه ، ولا يكون ناقلاً لكلام غيره ليس له إلا النسخ والقص واللصق ، إلا بقدر الحاجة ، ولْيُعبِر عما يجده أو يكتبه بأسلوبه ولْيقُلْ :
فإنّ الدرهمَ المضروب باسمي ** أحبُّ إليَّ من دينار غيري
وعلى الكاتب أن :
لا يشغل الناس بما لاقيمة له في ذاته ، لأن هذا عبث لا يحتمل ، وشرٌّ منه العبث بعقولنا ودينناوأخلاقنا وعاداتنا وتاريخنا ، فهذا عبثٌ لا يحتمل والذي يُسْعِطُ الأنفَ الخردل ،ويُلْقِمُ الفمَ الجندلَ ويضيق به الصدر .
وعلى الكـاتب أن :
يتخير المواضيع الهادفة الراقية إلى علّو المثل ومحاسن القيموالآداب .
وعلى الكـاتب أن :
ينتقي الألفاظ الموجزة الجامعة ، لأنها هي وحدها صاحبة السلطان والتأثير في تحديد الصور الفنيةوالبلاغية والإنشائية ، والإيجاز المطلوب هو ذاك الذي ليس بمُخلٍّ فيفسد المعنى ،وهو ما يُعبرُ عنه بالاقتصاد ، فالكاتب : مقتصد ٌ لا يُبذِّر ومُتأنٍ لا يعجلْ .
وعلى الكـاتب أن :
لا يحيد عن غرض الموضوع ، ممايؤدي إلى سبيل الألفاظ المبهمة المرسلة ، المحفوفة بشناعة التحكم والتهكم ، ينفي بها المرء ويُثبت ، ويبهرجُ بلا بينة ولا برهان ولا حجة ؛ وهذا سبيل فساد تورثُ الناشئة والقُرّاء فسادٌ أكبر هو : اعتيادهم أن يقتنعوا بغير دليل من العقل ؛ وأنيقنعوا بالتسليم لمن يظنون به الخير ، وهذا :
إلغاءٌ للهوية ؛ وقبل ذلك إلغاءٌللعقل وللشخصية .
وعلى الكـاتب أن :
يكون ممنيستطيع أن يدري ما يريد القارئ والمتلقي على وجه التحديد ، ولا يكون ممن لا يستطيع أن يدري ما لا يريد على وجه التوهم .
وفي المقابل على القارئأن يعلم :
أن الكاتب أحياناً تخذله حروفه ، وأحياناً أخرى معانيه ،فلْيكن منه بين حاذرٍ ومشفق
وإذا ما خاض الكاتبُ في خضم الكتابة الهادفة ،وتلاطمت أمواج معانيه ‘ فإذ هو يُمسك بحبال قلمه ويثبت على زورق خياله ، ثم يسأل نفسه سؤالاً متكرراً دائباً لازماً :
لماذا أكتب ؟ ولِمَ أحرر المواضيع ؟ هل لذلك ثمرة ؟ وما الفائدة التي نجنيها من كتاباتنا تلك ؟
وحُيّيّتُم يا أبناء منتداناالغالي ولكم مني الود والاحترام والسلام
_________________
أبو البراء أنور الهجاري اللّيـبـي