زكريا عبدالله النعمي
05-08-2011, 12:35 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده أما بعد،،
فقد فرح الغربيون من النصارى واليهود ومن الملحدين بخطاب رئيس أمريكا الذي اعلن فيه نبأ مقتل أسامة ابن لادن صاحب الجهاد البدعي الوخيم ظنا من الحاقدين على الاسلام منهم أن ذلك نصر لهم على الاسلام وأهله فضلوا عن الحق بذلك ولوتفوهوا به وأعلنوه وسمع لهم لأضلواخلقا من التائهين الذين هم بحقيقة الاسلام جاهلين
فإن أسامة بن لادن عندنا لايمثل صفة المسلم الذي يعمل بحقيقة الاسلام الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبين فإن صفة المسلم الموحد لله والذي لايعبد غيره لأنه خالقه ورازقه والمتبع للنبي صلى الله عليه وسلم محمد ابن عبدالله هي أن يطلب العلم المحقق والذي مبناه على ماجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من القول المصدق وأصحابة الطيبين الطاهرين لاعن غيره من أهل البدع والأهواء المضلة والتي ابتعد أهلها عن حقيقة الاسلام والعمل بمقتضاه لجهلهم به كالظواهري وابن لادن وجماعة الاخوان المسلمين والتبليغيين والصوفية والقاديانية وجماعة التكفير والهجرة ثم العمل بمقتضاه باخلاص ونية حسنة ابغاء مرضات الله والدار الآخرة
فهذا الذي يمثل الاسلام وهم الصحابة الكرام والتابعين لهم باحسان كأبي بكر الصديق وعمر والفاروق وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس وعائشة ونحوهم والتابعين الذين اخذوا عنهم كعطاء وطاووس وسعيد بن المسيب وعمر بن عبدالعزيز ووهب بن منبه ومن بعدهم من أئمة الدين كالامام مالك بن أنس والامام الشافعي وأحمد بن حنبل والأوزاعي ومن سار على دربهم واتبع مااتبعوا من العمل بالسنة بفهم السلف رحمهم الله
قال تعالى والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنهم فهولاء ومن كان على طريقتهم يمثلون الاسلام لمعرفتهم به وأما بن لادن فلم يكن ممن اتبعهم باحسان فكيف يتبعهم باحسان وهو اما جاهل بطريقتهم في الجهاد والدعوة والتكفير أو صاحب هوى تجارى به كما يتجارى الكلب بصاحبه فلم يكن يطلب العلم كما هو معلوم عند علماء أهل الاسلام وليس له آثار تدل على طلبه للعلم الا تهديدات وتكفير للحكام بغير برهان وتخطيط للتدمير والتفجير بلغة السيف والدم مع الضعف في القوة فليس عنده قوة يرهب بها عدو الله ولامنهج صحيح يقنع ذوي الفطر السليمة لينصروه بالحق فلم تكن عنده لغة الدعوة والقول اللين للحكام والمحكومين كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله في مكة والذي قال الله عنه كما في سورة القلم وإنك لعلى خلق عظيم وامره بالرفق في الدعوة ولزوم الحكمة فقال ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن
وقال ولاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن والمسلمين من أهل التقصيرفحالهم أهون من فرعون ومع ذلك قال تعالى لموسى فقل له قولا لينا لعله يذكر أو يخشى وكان يقول أنا ربكم الأعلى ويضطهد بني اسرائيل ويمتهنهم في المهن الوضيعة والأعمال المهينة ويستعبدهم ويقتل ابناءهم ويستبقي نساءهم وحصل من جراء ظلمه لهم بلاء عظيم
فجمعهم صلى الله عليه وسلم في مكة مرة عند الصفا فما آذاهم بل قال لهم في حكمة ولين لو أني أخبرتكم أن خيلا ستغير عليكم من أسفل هذا الوادي أكنتم مصدقي قالوا ماجربنا عليك كذبا قال إني نذير لكم بين يدي عذا ب شديد أي أنكم إذا لم تفردوا الله بالعبادة فإن الله سيعذبكم فمن رحمته بهم أنذرهم حتى لايعذبوا بالنار من جراء كفرهم وشركم بالله فكانوا يعبدون الاصنام ويذبحون له النذر من دون الله وهم يعلمون أنه وحده الذي خلقهم ورزقهم ويدبر أمر السموات والاض وحده فكان يقول لهم قولوا لاإله إلا الله تفلحوا همه أن يوحدوا الله فلم يكن يفجأهم مثل ابن لادن بقتل واعتيال دون دعوة وشرح وتلطف ببيان ولذا صالحم في الحديبية لتكون لغة الحوار والبيان لاالسيف والقتل والعنف بلا تبيان ولابرهان فدخل على اثر ذلك الناس أفواجا وفتحت مكة وتوسعت الفتوحات ونصر الاسلام بالعمل بحقيقته التوحيد والسنة والدعوة اليهما بالبينات وتلاوة الايات وشرحها بالسنة وماكان عليه سلف الامة
ففتحت لهم مشارق الارض ومغاربها وذلت لهم الرقاب لأنهم نصروا الاسلام بالعمل بالعلم لابالعمل بغير علم وقد وعد الله من نصره بالعمل بالعلم الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بنصره فقال ان تنصروا الله ينصركم
ولذلك لم ينصر ابن لادن لأنه لم يتعلم وقد أنكر عليه علماء الاسلام طريقته الوخيمة في الجهاد والقتل والتدمير وتكفيره للحكام والخروج عليهم من غير دليل ولابرهان فقال العلامة الامام الهمام عبدالعزيز بن باز ليتب ابن لادن من طريقته الوخيمة وهكذا سائر علماء السنة ألا من كان خافيا عليهم امره وأما علماء السوء والبدعة فأيدوه ووصفوه بأنه بطل شجاع ونسوا أن الشجاعة في السنة مقيدة بالحكمة والعمل بالقران والحديث وفهم السلف وطريقتهم الحكيمة والا صارت تهور يفسد أكثر مما يصلح
فقد كان بن لادن على طريقة الخوارج يكفر الحكام فخلع بيعة امام دولته السعودية وذهب الى بلاد الافغان وكون فريقا للتفجير والتكفير والتدمير باسم الجهاد وهو الفساد الذي يأذن به رب العباد
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الخوارج لانهم لايرحمون اهل الاسلام فكيف غيرهم من اهل الكتاب فقال لأن الفتينهم لأقتلنهم قتل ارم أو قال قتل عاد أو كما قال
ولكن لماذا لم يصنفه كثير من المسلمين بأنه خارجي وهو والظواهري ليس على حقيقة الاسلام بل قال النبي صلى الله عليه وسلم عنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية
وذلك لجهلهم بمعنى الخارجي في الاسلام وهاك البيان والبرهان كتبته في رسالة مفية وضحنا فيها ان ابن لادن خارجي فقلت
قد انتشر بين كثير من المنتسبين للإسلام القول بأن الخارجي هو الذي يكفر بكل كبيرة أي من لايكفر بالزنا وشرب الخمر وعقوق الوالدين ويكفر من حكم بغير ماأنزل الله فليس بخارجي ولذلك استراحوا بذلك من نسبة ذلك المذهب الرديء الذي ينتحله كلاب النار لابن لادن وأضرابه قالوا الخارجي هو الذي يكفر بكل كبيرة وأما واحدة كالحكم فلا وهذا القول محدث بل الخارجي من كفر ولو بكبيرة واحدة استحل بها الخروج على أهل الاسلام وتركة أهل الأوثان ولو بتكفير الحاكم إذا حكم بغير ماأنزل الله والخروج عليه بالسيف إذا حانت الفرصة وذلك من عدة وجوه :
الوجه الأول : أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لنا مذهب الخوارج وصفتهم الرديئة واعتقاداتهم الدنيئة في الحديث الذي خرجه البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ ثُمَّ الْمُجَاشِعِيِّ وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ قَالُوا يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا قَالَ إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاتِئُ الْجَبِينِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تَأْمَنُونِي فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَمَنَعَهُ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا أَوْ فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ
فكانت صفتهم البارزة استحلالهم قتل أهل الاسلام وقد يستحل الخارجي الضال قتلهم بعد تكفيرهم بكبيرة واحدة ولايشترط أن يكون كفرهم بكل الكبائ فقال من زنى كافر من شرب الخمر كافر وهلم جرا بل من كفر ولو بالحكم بغير ماأنزل الله واستحل الخرج بالسيف من اجل ذلك فقد قتل اهل الاسلام من غير حجة ولابرهان
الوجه الثاني : أن عليا رضي الله عنه قد تلقى وصفهم من رسول الله صلى عليه وسلم وعقله فلما ظهرت صفتهم قاتلهم على ذلك الوصف ولانعلم إلا أنهم كانوا يكفرون علي أنه حكم بغير ماأنزل الله حكم آرآء الرجال فاستحلوا قتله والخروج عليه من أجل اعتقادهم الباطل في علي أنه كفر بذلك مع أن الحكم بغير ماأنزل الله ليس كفرا أكبرا بل هو معصية وكبيرة فلما كفروا بها وعرف عنهم ذلك ولم يعرف أنهم كفروا بالزنا وشرب الخمر ومع ذلك قاتلهم علي رضي الله عنه عرفنا أن هذا هو ضابط الخارجي قبحه الله
الوجه الثالث : أن الحكم بغير ماأنزل الله كبيرة وليس كفرا أكبرا اعتقاديا كالسجود لصنم أو الذبح لوثن أو سب الله ورسوله والاستهزاء بآياته كالملائكة والجنة والنار وإهانة المصحف
فمن كفر بالكبيرة فهو خارجي
ويدل على أن الحكم بغير ماأنزل الله كبيرة من الكبائر كشرب الخمر والغيبة وأكل الربا وليست كفرا أكبرا
ماقاله ابن عباس في تفسير قول الله تعالى ومن لم يحكم بغير ماأنزل الله فأولئك هم الكافرون.
فقال كما في صحيفة علي بن أبي طلحة وان كان فيها انقطاع ولكن لسندها في هذه المسألة شواهد عند الطبري فلاشك في ثبوت ذلك عن ابن عباس للمصنف الجامع للطرق.
فقال إذا جحد الحاكم حكم الله فهو الكافر وإذا لم يجحد فهو فاسق ظالم.
وهذا يقال في شرب الخمر أن من استحل شربه وجحد تحريمه فهو كافر وأن من شربه شهوة من غير استحلال فهو فاسق فالذي حينئذ يكفر في شرب الخمر ويستحل الخروج على حملة لاإله إلا الله لأنهم يشربه فهو خارجي ضال كلب من كلاب النار.
ويؤيد ذلك أن الصحابة كأنس وابن عمر وافقوا ابن عباس عمليا فلم يكفروا الحجاج مع كونه حكم بغير ماأنزل الله بالظلم في الحكم وقتل العلماء ولا مخالف لهم من الصحابة فاجماع الصحابة عليه كما ذكر القرطبي رحمه الله أن الحاكم بغير ماأنزل الله لايكفر حتى يجحد.
نقول وجحوده يتبين بما ينطق لسانه كقوله الحكم بغير ماأنزل الله لايصلح ونحو ذلك أما إذا حكم مع احتمال جحوده بقلبه فالأصل صحة اسلامه فالفعل محتمل ولايكفر بالآحتمال.
الوجه الرابع : لافرق عند التحقيق بين من حكم بغير ماأنزل الله في مسائل أو في كل المسائل
إذا كنا أمة أثر واتباع لارأي وابتداع فإن ابن عباس لما قال إذا لم يجحد الحاكم حكم الله فهو فاسق يدخل فيه من ترك الحكم بالكلية ومن تركه في جزئيات .
وقد قال بذلك العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز وغيره .
الخامس : أن من اعتمد على قول ابن ابراهيم مفتي الديار السعودية في تكفير من حكم القانون الوضعي قد غلط على الشريعة وذلك أن العلماء لو اختلفوا فلايجعل قول عالم حجة على عالم إلا بالأدلة الشرعية ثم لابن ابراهيم كلاما مفيدا في المجلد الأول صحيفة إحدى وثمانين كان فيها على مذهب ابن عباس وفرق عندنا بين عالم زلته من جهة الأثر والاتباع وخارجي جاهل حجته الرأي والابتداع.
الوجه السادس : تهوك بن لادن وتجرأ على شريعة الرب سبحانه وأفتى بغير علم فكانت نحلته نحلة الخوارج الضلال كلاب النار حيث كفر بلاعلم حكام بلادنا وجعل دارنا المملكة العربية السعودية دار حرب وفتنة مستحلة من الامريكان ويجب الهجرة منها إلى مبايعة الملا عمر في بلاد الافغان.
فتكفيرة لحكامنا كان بكبيرة الحكم والموالاة للكفار فثبت أنه خارجي لأنه كفر بكبيرة ولو لم يكفر بشرب الخمر والزنا فلايغتر به إلا أحمق أجهل من حمار أبيه.
وقد رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يخلق فقال كما في صحيح البخاري : لاهجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية.
قال بن حجر ففي الحديث أن مكة ستصبح دار اسلام إلى يوم القيامة لاهجرة منه فالهجرة من ديار الكفار ومكة ليست كذلك
ولما كان ولايزال يحكم مكة وغيرها آل سعود عرفنا أنهم والحمدلله ليسوا بكفار فليخسأ عدوا الله وليعلم المسلم أن العلم إنما يؤخذ عن العلماء فهم ورثة الانبياء لاابن لادن ورثة الخوارج الاشقياء.
قال بن سيرين إن هذا العلم دين فلينظر أحدكم عمن يأخذ دينه.
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني
المشرف العام على مجلة معرفة السنن والآثار
منقول
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده أما بعد،،
فقد فرح الغربيون من النصارى واليهود ومن الملحدين بخطاب رئيس أمريكا الذي اعلن فيه نبأ مقتل أسامة ابن لادن صاحب الجهاد البدعي الوخيم ظنا من الحاقدين على الاسلام منهم أن ذلك نصر لهم على الاسلام وأهله فضلوا عن الحق بذلك ولوتفوهوا به وأعلنوه وسمع لهم لأضلواخلقا من التائهين الذين هم بحقيقة الاسلام جاهلين
فإن أسامة بن لادن عندنا لايمثل صفة المسلم الذي يعمل بحقيقة الاسلام الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبين فإن صفة المسلم الموحد لله والذي لايعبد غيره لأنه خالقه ورازقه والمتبع للنبي صلى الله عليه وسلم محمد ابن عبدالله هي أن يطلب العلم المحقق والذي مبناه على ماجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من القول المصدق وأصحابة الطيبين الطاهرين لاعن غيره من أهل البدع والأهواء المضلة والتي ابتعد أهلها عن حقيقة الاسلام والعمل بمقتضاه لجهلهم به كالظواهري وابن لادن وجماعة الاخوان المسلمين والتبليغيين والصوفية والقاديانية وجماعة التكفير والهجرة ثم العمل بمقتضاه باخلاص ونية حسنة ابغاء مرضات الله والدار الآخرة
فهذا الذي يمثل الاسلام وهم الصحابة الكرام والتابعين لهم باحسان كأبي بكر الصديق وعمر والفاروق وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس وعائشة ونحوهم والتابعين الذين اخذوا عنهم كعطاء وطاووس وسعيد بن المسيب وعمر بن عبدالعزيز ووهب بن منبه ومن بعدهم من أئمة الدين كالامام مالك بن أنس والامام الشافعي وأحمد بن حنبل والأوزاعي ومن سار على دربهم واتبع مااتبعوا من العمل بالسنة بفهم السلف رحمهم الله
قال تعالى والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنهم فهولاء ومن كان على طريقتهم يمثلون الاسلام لمعرفتهم به وأما بن لادن فلم يكن ممن اتبعهم باحسان فكيف يتبعهم باحسان وهو اما جاهل بطريقتهم في الجهاد والدعوة والتكفير أو صاحب هوى تجارى به كما يتجارى الكلب بصاحبه فلم يكن يطلب العلم كما هو معلوم عند علماء أهل الاسلام وليس له آثار تدل على طلبه للعلم الا تهديدات وتكفير للحكام بغير برهان وتخطيط للتدمير والتفجير بلغة السيف والدم مع الضعف في القوة فليس عنده قوة يرهب بها عدو الله ولامنهج صحيح يقنع ذوي الفطر السليمة لينصروه بالحق فلم تكن عنده لغة الدعوة والقول اللين للحكام والمحكومين كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله في مكة والذي قال الله عنه كما في سورة القلم وإنك لعلى خلق عظيم وامره بالرفق في الدعوة ولزوم الحكمة فقال ادعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن
وقال ولاتجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن والمسلمين من أهل التقصيرفحالهم أهون من فرعون ومع ذلك قال تعالى لموسى فقل له قولا لينا لعله يذكر أو يخشى وكان يقول أنا ربكم الأعلى ويضطهد بني اسرائيل ويمتهنهم في المهن الوضيعة والأعمال المهينة ويستعبدهم ويقتل ابناءهم ويستبقي نساءهم وحصل من جراء ظلمه لهم بلاء عظيم
فجمعهم صلى الله عليه وسلم في مكة مرة عند الصفا فما آذاهم بل قال لهم في حكمة ولين لو أني أخبرتكم أن خيلا ستغير عليكم من أسفل هذا الوادي أكنتم مصدقي قالوا ماجربنا عليك كذبا قال إني نذير لكم بين يدي عذا ب شديد أي أنكم إذا لم تفردوا الله بالعبادة فإن الله سيعذبكم فمن رحمته بهم أنذرهم حتى لايعذبوا بالنار من جراء كفرهم وشركم بالله فكانوا يعبدون الاصنام ويذبحون له النذر من دون الله وهم يعلمون أنه وحده الذي خلقهم ورزقهم ويدبر أمر السموات والاض وحده فكان يقول لهم قولوا لاإله إلا الله تفلحوا همه أن يوحدوا الله فلم يكن يفجأهم مثل ابن لادن بقتل واعتيال دون دعوة وشرح وتلطف ببيان ولذا صالحم في الحديبية لتكون لغة الحوار والبيان لاالسيف والقتل والعنف بلا تبيان ولابرهان فدخل على اثر ذلك الناس أفواجا وفتحت مكة وتوسعت الفتوحات ونصر الاسلام بالعمل بحقيقته التوحيد والسنة والدعوة اليهما بالبينات وتلاوة الايات وشرحها بالسنة وماكان عليه سلف الامة
ففتحت لهم مشارق الارض ومغاربها وذلت لهم الرقاب لأنهم نصروا الاسلام بالعمل بالعلم لابالعمل بغير علم وقد وعد الله من نصره بالعمل بالعلم الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بنصره فقال ان تنصروا الله ينصركم
ولذلك لم ينصر ابن لادن لأنه لم يتعلم وقد أنكر عليه علماء الاسلام طريقته الوخيمة في الجهاد والقتل والتدمير وتكفيره للحكام والخروج عليهم من غير دليل ولابرهان فقال العلامة الامام الهمام عبدالعزيز بن باز ليتب ابن لادن من طريقته الوخيمة وهكذا سائر علماء السنة ألا من كان خافيا عليهم امره وأما علماء السوء والبدعة فأيدوه ووصفوه بأنه بطل شجاع ونسوا أن الشجاعة في السنة مقيدة بالحكمة والعمل بالقران والحديث وفهم السلف وطريقتهم الحكيمة والا صارت تهور يفسد أكثر مما يصلح
فقد كان بن لادن على طريقة الخوارج يكفر الحكام فخلع بيعة امام دولته السعودية وذهب الى بلاد الافغان وكون فريقا للتفجير والتكفير والتدمير باسم الجهاد وهو الفساد الذي يأذن به رب العباد
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الخوارج لانهم لايرحمون اهل الاسلام فكيف غيرهم من اهل الكتاب فقال لأن الفتينهم لأقتلنهم قتل ارم أو قال قتل عاد أو كما قال
ولكن لماذا لم يصنفه كثير من المسلمين بأنه خارجي وهو والظواهري ليس على حقيقة الاسلام بل قال النبي صلى الله عليه وسلم عنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية
وذلك لجهلهم بمعنى الخارجي في الاسلام وهاك البيان والبرهان كتبته في رسالة مفية وضحنا فيها ان ابن لادن خارجي فقلت
قد انتشر بين كثير من المنتسبين للإسلام القول بأن الخارجي هو الذي يكفر بكل كبيرة أي من لايكفر بالزنا وشرب الخمر وعقوق الوالدين ويكفر من حكم بغير ماأنزل الله فليس بخارجي ولذلك استراحوا بذلك من نسبة ذلك المذهب الرديء الذي ينتحله كلاب النار لابن لادن وأضرابه قالوا الخارجي هو الذي يكفر بكل كبيرة وأما واحدة كالحكم فلا وهذا القول محدث بل الخارجي من كفر ولو بكبيرة واحدة استحل بها الخروج على أهل الاسلام وتركة أهل الأوثان ولو بتكفير الحاكم إذا حكم بغير ماأنزل الله والخروج عليه بالسيف إذا حانت الفرصة وذلك من عدة وجوه :
الوجه الأول : أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لنا مذهب الخوارج وصفتهم الرديئة واعتقاداتهم الدنيئة في الحديث الذي خرجه البخاري في صحيحه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَهَا بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ ثُمَّ الْمُجَاشِعِيِّ وَعُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ وَزَيْدٍ الطَّائِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ وَعَلْقَمَةَ بْنِ عُلَاثَةَ الْعَامِرِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلَابٍ فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالْأَنْصَارُ قَالُوا يُعْطِي صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا قَالَ إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ نَاتِئُ الْجَبِينِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مَحْلُوقٌ فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ إِذَا عَصَيْتُ أَيَأْمَنُنِي اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَلَا تَأْمَنُونِي فَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَتْلَهُ أَحْسِبُهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَمَنَعَهُ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ إِنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا أَوْ فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ
فكانت صفتهم البارزة استحلالهم قتل أهل الاسلام وقد يستحل الخارجي الضال قتلهم بعد تكفيرهم بكبيرة واحدة ولايشترط أن يكون كفرهم بكل الكبائ فقال من زنى كافر من شرب الخمر كافر وهلم جرا بل من كفر ولو بالحكم بغير ماأنزل الله واستحل الخرج بالسيف من اجل ذلك فقد قتل اهل الاسلام من غير حجة ولابرهان
الوجه الثاني : أن عليا رضي الله عنه قد تلقى وصفهم من رسول الله صلى عليه وسلم وعقله فلما ظهرت صفتهم قاتلهم على ذلك الوصف ولانعلم إلا أنهم كانوا يكفرون علي أنه حكم بغير ماأنزل الله حكم آرآء الرجال فاستحلوا قتله والخروج عليه من أجل اعتقادهم الباطل في علي أنه كفر بذلك مع أن الحكم بغير ماأنزل الله ليس كفرا أكبرا بل هو معصية وكبيرة فلما كفروا بها وعرف عنهم ذلك ولم يعرف أنهم كفروا بالزنا وشرب الخمر ومع ذلك قاتلهم علي رضي الله عنه عرفنا أن هذا هو ضابط الخارجي قبحه الله
الوجه الثالث : أن الحكم بغير ماأنزل الله كبيرة وليس كفرا أكبرا اعتقاديا كالسجود لصنم أو الذبح لوثن أو سب الله ورسوله والاستهزاء بآياته كالملائكة والجنة والنار وإهانة المصحف
فمن كفر بالكبيرة فهو خارجي
ويدل على أن الحكم بغير ماأنزل الله كبيرة من الكبائر كشرب الخمر والغيبة وأكل الربا وليست كفرا أكبرا
ماقاله ابن عباس في تفسير قول الله تعالى ومن لم يحكم بغير ماأنزل الله فأولئك هم الكافرون.
فقال كما في صحيفة علي بن أبي طلحة وان كان فيها انقطاع ولكن لسندها في هذه المسألة شواهد عند الطبري فلاشك في ثبوت ذلك عن ابن عباس للمصنف الجامع للطرق.
فقال إذا جحد الحاكم حكم الله فهو الكافر وإذا لم يجحد فهو فاسق ظالم.
وهذا يقال في شرب الخمر أن من استحل شربه وجحد تحريمه فهو كافر وأن من شربه شهوة من غير استحلال فهو فاسق فالذي حينئذ يكفر في شرب الخمر ويستحل الخروج على حملة لاإله إلا الله لأنهم يشربه فهو خارجي ضال كلب من كلاب النار.
ويؤيد ذلك أن الصحابة كأنس وابن عمر وافقوا ابن عباس عمليا فلم يكفروا الحجاج مع كونه حكم بغير ماأنزل الله بالظلم في الحكم وقتل العلماء ولا مخالف لهم من الصحابة فاجماع الصحابة عليه كما ذكر القرطبي رحمه الله أن الحاكم بغير ماأنزل الله لايكفر حتى يجحد.
نقول وجحوده يتبين بما ينطق لسانه كقوله الحكم بغير ماأنزل الله لايصلح ونحو ذلك أما إذا حكم مع احتمال جحوده بقلبه فالأصل صحة اسلامه فالفعل محتمل ولايكفر بالآحتمال.
الوجه الرابع : لافرق عند التحقيق بين من حكم بغير ماأنزل الله في مسائل أو في كل المسائل
إذا كنا أمة أثر واتباع لارأي وابتداع فإن ابن عباس لما قال إذا لم يجحد الحاكم حكم الله فهو فاسق يدخل فيه من ترك الحكم بالكلية ومن تركه في جزئيات .
وقد قال بذلك العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز وغيره .
الخامس : أن من اعتمد على قول ابن ابراهيم مفتي الديار السعودية في تكفير من حكم القانون الوضعي قد غلط على الشريعة وذلك أن العلماء لو اختلفوا فلايجعل قول عالم حجة على عالم إلا بالأدلة الشرعية ثم لابن ابراهيم كلاما مفيدا في المجلد الأول صحيفة إحدى وثمانين كان فيها على مذهب ابن عباس وفرق عندنا بين عالم زلته من جهة الأثر والاتباع وخارجي جاهل حجته الرأي والابتداع.
الوجه السادس : تهوك بن لادن وتجرأ على شريعة الرب سبحانه وأفتى بغير علم فكانت نحلته نحلة الخوارج الضلال كلاب النار حيث كفر بلاعلم حكام بلادنا وجعل دارنا المملكة العربية السعودية دار حرب وفتنة مستحلة من الامريكان ويجب الهجرة منها إلى مبايعة الملا عمر في بلاد الافغان.
فتكفيرة لحكامنا كان بكبيرة الحكم والموالاة للكفار فثبت أنه خارجي لأنه كفر بكبيرة ولو لم يكفر بشرب الخمر والزنا فلايغتر به إلا أحمق أجهل من حمار أبيه.
وقد رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يخلق فقال كما في صحيح البخاري : لاهجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية.
قال بن حجر ففي الحديث أن مكة ستصبح دار اسلام إلى يوم القيامة لاهجرة منه فالهجرة من ديار الكفار ومكة ليست كذلك
ولما كان ولايزال يحكم مكة وغيرها آل سعود عرفنا أنهم والحمدلله ليسوا بكفار فليخسأ عدوا الله وليعلم المسلم أن العلم إنما يؤخذ عن العلماء فهم ورثة الانبياء لاابن لادن ورثة الخوارج الاشقياء.
قال بن سيرين إن هذا العلم دين فلينظر أحدكم عمن يأخذ دينه.
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني
المشرف العام على مجلة معرفة السنن والآثار
منقول