المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيان جهل من قال عن شيخنا أبي عبد الرحمن بن عيسى الباتني: يفتي بغير علم، ويتكلم بدون دليل، أو متعالم


عبد الغني بن عيسى الجزائري
11-23-2011, 12:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم







بيانُ جهلِ مَن قال عن شَيخِنَا
-أبي عبد الرحمن بن عيسى الباتني-:
«يُفتي بِغَير عِلم! ويتكلّم بِدُون دَليل!»
أو
«مُتعالِم!»!






الحمدُ لله ربّنا المعبود، والشكر له على مَنِّه وكرمِه الغير محدود.
والصّلاةُ والسّلامُ على نبيِّنا محمد المصطفى -خير البَرِيَّة- صاحب المقام المحمود، وعلى آله وأصحابه وإخوانه ما غرّدَ قمريٌّ وأورَقَ عود.
أمّا بعدُ:
فـ: «أقول -وبالله التوفيق والسداد-:
إن الجهل مذمومٌ في نفسه لجنسه -غير محمود على الدّوام-، ولكونه نقيصة فيمن اتّصف به؛ بل مذمّة لا تفارقُهُ إلاّ إذا فارقَهُ. وهو عدم العلم بحقيقة الشيء؛ لانعدام سابق معرفة منه به؛ فإن أَقرّ واعترف بهذا كان جَاهِلا جَهلاً بسيطا، وإن ادّعى علمه به وقال فيه بجهله؛ كان جَاهِلاً جَهلاً مركّبا!
والجهلُ قديمٌ مع الإنسان إلاّ مَن علّمه اللهُ ما لم يكن يعلم؛ فقد ذمّه الله -تبارك وتعالى- في كتابه العزيز، وكلامه البليغ الوجيز؛ بقوله: {وما يستوي الأعمى والبصير «١٩» ولا الظلمات ولا النور «٢٠» ولا الظلُّ ولا الحرور «٢١» وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع مَن في القبور «٢٢»}[فاطر].
قال العلامة عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- في تفسيره الآيات: «يخبر تعالى أنه لا يتساوى الأضداد في حكمة الله، وفيما أودعه في فطر عباده... فكما أنه من المتقرر عندكم، الذي لا يقبل الشّـك، أن هذه المذكورات لا تتسـاوى، فكذلك فلتعلموا أن عدم تساوي المتضادات المعنوية، أولى وأولى. فلا يستوي المؤمن والكافر، ولا المهتدي والضال، ولا العالم والجاهل... فإذا علمت المراتب، وميزت الأشياء، وبان الذي ينبغي أن يتنافس في تحصيله من ضده، فليختر الحازم لنفسه، ما هو أولى به، وأحق بالإيثار»(١).
وبِما أنّ الجهل من الموانع؛ كان ضدّهُ العلم الذي هو من الشروط، خِلاف التّجاهُل؛ وإن ظهر منه فيما يأتي فلن يتورّع أحدٌ في [الحكم عليه بالجهل ولابدّ]. ويبقى الجهلُ في ظنِّ أهله شِبه عذرٍ يتذرّعون به أمام طَيشهم، كما يبقى عند أُلي النُّهى أمراً معيبا مرذولا؛ بل «أصول الرذائل كلها أربعة عنها تتركب كل رذيلة [قلتُ: وذكر منها]: الجور، والجهل(٢)...»(٣).
كما «رأيت النّاسَ في كلامهم الذي هو فصلٌ بينهم وبين الحمير والكلاب والحشرات ينقسمون أقساماً ثلاثة:
أحدها: من لا يبالي فيما أنفق كلامه، فيتكلم بكل ما سبق إلى لسانه غير محقق نصر حق ولا إنكار باطل وهذا هو الأغلب في الناس.
والثاني: أن يتكلم ناصراً لما وقع في نفسه أنه حق، ودافعاً لما توهم أنه باطل غير محقق لطلب الحقيقة لكن لجاجاً فيما التزم، وهذا كثير وهو الأول.
والثالث: واضع الكلام في موضعه، وهذا أعز من الكبريت الأحمر»(٤)»(٥).



فإذَا تقرّرَ ذلك واستقرَّ عندَك -أيّها المُسلِم-؛ إذاً فـ: «لا يؤمِنَنَّكَ شرّ الجاهل قرابةٌ ولا جِوار ولا إلفٌ. فإنّ أخوف ما يكون الإنسان لِحريقِ النار أقرب ما يكون فيها، وكذلك الجاهِلُ، إِنْ جاوَرَكَ أنصبَكَ، وإِنْ ناسَبَك جنى عليك، وإِن أَلِفَكَ حملَ عليك ما لا تُطيق، وإن عاشرَكَ آذاك وأخافك، مع أنّهُ عند الجوع سبعٌ ضارٍ، وعند الشَّبَعِ ملِكٌ فظٌّ، وعند المُوافقةِ في الدّين قائدٌ إلى جهنّم.
فأنت بالهرَبِ منه أَحَقُّ منكَ بالهَرَبِ مِن سُمِّ الأساوِد، والحريق المُخوِّف، والدَّيْنِ الفادِحِ، والدَّاء العَيَاء»(٦).
«فحقُّك أن تفرّ منه فِرارَك من الأساود والأسود؛ فإن لم جد من مزاولته بُدّا؛ فكابر إنكارهُ الحقَّ بإنكاركَ الباطلَ، ودفاعه الصّدقَ بِدِفاعِكَ الكذِبَ، معتبراً في ذلك قوله تعالى: {ومكرنا مكراً}... وقوله: {فلمّا زاغوا أزاغ الله قلوبهم} وبالِغْ في ذلك معه، وإيّاك أن تُعرِّج معه إلى بثِّ الحِكمة، أو أن تَذْكُر له شيئا من الحقائق ما لم تتحقّق له قلباً طاهرا لائقا للحكمة، وقد قال -صلى الله عليه وسلّم-: «لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب»[البخاري، ومسلم]. فإن لكل تُربة غرسا، ولكل بناء أُسا، وما كُلّ الرُّؤوس تَستَحِقُّ التِّيجان، ولا كُلّ طبيعة تستحقُّ إفادة البيان.
وإن كان لابدّ فاقتصِر معه على اقتناع يبلغه فهمُه؛ فقد قيل: كما أنّ لُبّ الثّمار مُباحٌ للنّخل، والتّبن معدودٌ للأنعام؛ كذلك لبُّ الحكمة مُعَدٌّ لذوي الألباب وقشورها مجعولةٌ للأنعام، وكما أنّهُ مِن المُحال أن يشُمّ الأخشمُ ريحانا فمُحالٌ أن يُفيدَ الحمار بياناً»(٧).



«فعلى مِقدَار هؤلاء الذين نَعرف جِنسهم وفَصلهم وفَرعهم وأَصْلهم، نُفَصِّل القول، وإلى هذا الهدف نُسدّدُ السِّهام.
والأمر بيننا وبينهم -مِن يوم شُنَّت الغارة- دائرةٌ على أحوال وسائر على مراحل ينتقلون مِن إحداها إلى الأخرى، ولا نَزَال نُطاردهم، وهُم يلتجؤون مِن ضيق إلى ضيق -إلى الآن-.
وذلك أنـّنا لَمَّا أنكرنا عليهم باطِلَهم الذي يرتكبونه باسم الدين [وباسم الغيرة على الحق؛ حيثُ قالوا: إنّ الشيخ أبا عبد الرحمن مليباريّ المنهج!
وأتبعوا قائلين: بالإضافة إلى جهله وشذوذه في الفتوى وتلونه...
وشغّبوا حتّى شغلوا البعض وأوسعوا مساحة الخلاف بعد أن كان معدوما؛ بل معدودا مِن صنيع أهل الجهل والتّنطُّع].
ولمّا نقضنا لهم هذه الدعوى تنزّلوا فزعموا أنّ لها حبلا واصلا... وسندا مُتّصلا...
ولمّا بيّنا لهم أنّ الحبلَ مقطوعٌ وأنّ السندَ مُنقطِع.
قالوا: إن هذه [نقلها (فلان الفُلاني)؛ وربما قد علمها عنه بعض المشايخ ولم يُنكروها].
فبيّنا لهم أنّ عدم إنكار العلماء [أو المشايخ] الباطل لا يُصيِّره حقا، ومرور الزّمن عليه لا يُصيِّره حقّا.
وقلنا لهم [-ونقول الآن كذلك-]: إذا كان سَلَفكم... يعملون مثل أعمالِكم فهم مُبطلون مِثلكم، وإذا كانوا على المنهاج الشَّرعي فليسوا [مثلكم، وأنتم مبطلون وحدكم! فاختاروا لكم واحدة -وأحلاهما مُرٌّ-]»(٨).
قلنا: سحابةُ صَيفٍ ما تلبثُ أن تنقشع -بإذن الله-، وقد كان؛ ولكن ما طالت المُدّة «وإذا بالظنِّ يخيبُ والفألُ يكذب؛ إذ ترى تلك القوى مصروفة إلى جهة غير التي تريد، وترى [أحدهم -وقد يكون شبيها بالأوّل إلى حدٍّ ما- عندنا] وقد غُلِبَ على ذكائه، وجرفتهُ العادة التي تملّكتهُ إلى الآراء والعقليات وإثارة الشُّبُهات»(٩).
فلم يَرعَ حقّه ولم يرعوِ عن غيّه... حيث عادى هذا الشيخ بِأَنْ عادَ لذاك الشيء الشَّائن المَشين المشؤوم؛ لِيُثيرَهُ ويَبعثهُ من مكانه ومكامنه كالجيفة القَذِرة؛ فهل قصدُهُ لِيُزكِمَ أُنوفَنا -تطوُّعاً-، أم لِيَكشف جهلَ نفسِهِ -لُزوماً- يا تُرى؟!
الله أعلم!



***




كأنَّ أحدهم قال عن شيخنا أبي عبد الرحمن: «يُفتي بِغَير عِلم!»؛ فتلقّفها صاحِبٌ له ليُردِّدَها -مُختارا؛ غير مضطرٍّ- في أكثر مِن سبيل، ثمَّ كأنّهُ لم يقض نهمَتَهُ بما ردّد لِعُلُوِّ هِمَّتِهِ؛ فأدرج في روايته زيادَةً عمّا تلقّفَ قبلُ بقوله -عن الشيخ دائما-: «... يتكلّم بِدُون دَليل!»! وفي العموم فهذه الأخيرة شقيقة كلام الأوّل -مع فارِقٍ لا يَكادُ يُذكَر-...
... وردّدَها بعدُ أُصَيحابٌ لهذا الأخير وذاك الأوّل؛ كلٌّ يروي عن -وعلى- شاكلته! وما آفة الأخبار إلاّ رُواتُهاَ.
وإذا قال لبيدٌ:



ما عاتب المرء الكريم كنفسه ** والمرءُ يُصلحُة الجليسُ الصّالح



فالعكس بالعكس يا صاحبي -وهو ما كان-.
المهم: تجنَّى القوم بِخَرطِهم وخلطِهم -وقد اجتمعوا على بثِّ ما قد سَمِعوه بزعمهم من (أوثق الثّقاة!) بين بعضِ شباب أهل السنّة-؛ فتجلّى خَطَرُهُم المُحِدِقُ -بالتشويش- فيمن لم يعرفهم على عددهم المحدود، كما لم يقبله مَن سِواهم.
وعند النّظر في صنيع القوم وما يَلُوكُون -مِن غير إمعانٍ ولا إعمال نظر- يجدُهم يَفْـتَرون؛ لا يَفْـتُرون؛ أضَرُّوا بالدّعوة -في ذا الخصوص- أكثر مما ألحقَهُ بها أفراد جماعة الإخوان؛ ولم يُرضُوا إلاّ أهل الشِّقاق والفُسّاق وجُندَ الشِّيطان، وصاروا -كأنّهم!- على إخواننا أهل السنّة جِسراً، وللمُخالفين تِرساً دونهم وسِتراً عليهم!
وإليك البيان -بعد التوكل على المَلِك الدّيـّان-:



إذا قيل عن الشيخ: «يُفتي بِغَير عِلم! ويتكلّم بِدُون دَليل!»؛ فإمّا أن تكون وُجِدَت في إحدى اثنتين أو فيهما معا -لا ثالث لهما-:



* الأولى: كُتب الشيخ
وهذا مُستبعدٌ كونَ كتُبِه السِّتـَّة (٦) بين تقريضِ وتقديمِ علماء أهل السنّة والحديث، ولم نسمع -حتّى اللحظة- مَن قال أنّه تكلّم فيها بدون دليل، أو خاض غِمار ما انطوت عليه بغير عِلم.



* الثانية: كلامه الشّفهي عند استفتائه -وهو على نوعين-:
١- مع عوام أهل السنّة، وجُملة الناس من المسلمين: يُجيبُ بدون دليل لأنّ السائل يطلب الحكم الشّرعيَّ من الشيخ؛ فيُجيبُهُ عمّا سأل بالجواز، أو التحريم، أو الاستحباب، أو الكراهة...
قلتُ: وبعضُ مَن سَأل الشيخَ -ممن في نفسه شيءٌ- فأجابَهُ، أو حضرُ حينما يُجيبه على سائل ما دون التّدليل بالآيات والأحاديث النّبوية، أو دون ذكر الخلاف القائم في المسألة وتحريره بذكر المُرجّحات وبيان القول الراجح، أو دون الاستناد في جوابه إلى قاعدة أصولية، أو أُخرى فقهيّة... -إذ الفتوى للعامّي بمثابة الدليل للعالم وطالب العلم؛ وانظر في ذلك كتاب «الإعتصام» للشاطبي-؛ قال -إِثرَ هذا- ذالكم الجاهل بكل جُرأة: «الرّجل -يعني الشيخ- يُفتي بِغَير عِلم! ويتكلّم بِدُون دَليل!».
ثم طار بهذه العبارة المَنكورة أهل الجهل والجهالة؛ يظنُّون أنّهم ظَفِروا بِصَيدٍ ثمين، وتجارة رابحة... وهيهات! بل حازوا على الجهل بِنَوعَية -وقد ذُكرا أعلاه- ورجعوا بِخُفَّي حُنين، أو قُل: بِذُبابٍ يملأُ القبضتين!!
وتأمّل كلام الإمام الألباني -رحمه الله ورَحِمَك-وهو ينعتُ أحد هذا الطّراز بقوله-:
«وإن كان لا يفقه من العلم شيئا يسأل: «يجوز أو لا يجوز؟!» ثم يقول: «ما الدليل؟!» وهو ليس في المستوى العلمي أن يفهم الدليل!
إذا قُلت له: «هذا حديث صحيح»؛ يقول لي: «ما الدليل في صحته؟».
روح اطلب كتب المصطلح... سنين ثم بعدين تعال اسأل ما الدليل على صحة هذا الحديث. لذلك فالتقليد قسمان:
* تقليد لابد منه، وهذا لا ينجو منه كبار العلماء.
* والقسم الآخر: اتخاذالتقليد دينا يخالف به ما قال الله وما قال رسول الله -كما يفعل متعصبة المذاهب-»(١٠).
«ولذلك نحن نقول [أي: الألباني] فيبعض الأحيان ليس كلّ مسألة يفصل عليها الدَّليل تفصيلاً يفهمه كل مسلم-سواء كان عامياً، أم أُميًّا، أو كان طالب علم-، وليس هذا في كل المسائل لذلك قال الله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}[النحل: ٤٣، الأنبياء: ٧]، ومِن التَّطرُّف -الذي أشرتُ إليه آنفاً وصار أجهلالناس بسببه يرفض الدَّليل- أنَّ كثيراً من المُنتمين إلى دعوة الكتاب والسنةيتوهَّمون أنّ العالم إذا سُئِل عن مسألة يجب أن يقرن جوابه بـ: قال الله، قال رسوله.
أقول [أي: الألباني]: هذا ليس بواجب، وهذا من فوائد الانتماء إلى منهج السلف الصالح وسيرهم -رضي الله عنهم- وفتاواهم دليل عمليٌّ على ما قُلته.
وعليه: فإنَّ ذكر الدَّليل واجب حينمايقتضيه واقع الأمر، لكن ليس الواجب عليه كلما سُئل سُؤَالا أن يقول: قال الله تعالى كذا أو قال رسول الله -صلى الله عليهم وسلم- كذا؛ بخاصة إذا كانت المسألة من دقائق المسائل الفقهيّة المُختلف فيها.
وقوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} هو:
أولاً: على الإطلاق؛ فما عليك إلا أن تسأل من تظن أنه من أهل العلم؛ فإذاسمعت الجواب فعليك بالاتِّباع إلاّ إذا كانت عندك شبهة سمعتها من عالم آخر لا بأس أن توردها؛ فحينئذ من الواجب على العالم أن يسعى بما عنده من العلم لإزالة الشُّبهة التيعرضت لهذا السائل»(١١).
بل «... نقول للمقلدين -بعبارة أخرى-: نحن لا نُنكر مُجرَّدَ التَّقليد،وهذه أرجو أن تكون الفكرة ظاهرة لدينا جميعا، نحن لا نُنكر مبدأ التَّقليد وإنَّما نُنكر التَّدَيُّن بالتَّقليد وجعله مذهبا ودينا لا يُحاد عنه قيد شعرة، هذاالذي ننكره، أما الاتّباع لعالم نَثِقُ بعلمه سميتموه تقليدا -على الرأس والعين- هذا واجب، ما يُهِمُّنا الآن التسمية (تقليدٌ، أو اتّباع)، نحن نسميه اتّباعا، لماذا؟
للفرق الذي بيننا وبينهم؛ أي إذا ما ظهر لنا خطأ هذا العالم تركناه ونبذنا قوله نبذ النواة، بينما هم يتدينون به على قاعدة المثل العامي: «عنزة ولوطارت»...
فإذن نُنكِر التَّدين بالتَّقليد ولا نُنكرالتَّقليد كضرورة لابد أن يصير إليها أكبر عالم في الدنيا، أكبر عالم فيالدنيا لا يستطيع أن ينجو من التَّقليد؛ لأننا إذا سألنا عالـما عن مسألة مافيها دقة، لا شك أن هذا العالم حينما يسأل عن مثل هذه المسألة الدقيقة عقلهالباطني يعمل أحسن من الكمبيوتر الذي وصل إليه البشر اليوم، في لحظات مثل البرق يستحضر الآيات والأحاديثالتي تدندن حول ما سُئِل فيخرج بجواب، هذهالصورة السَّريعة التي جالت في ذِهن هذا العالم المسؤول لا يستطيع أن يظهرها علىالشَّاشة مُجَسَّدة واضحة المعالم لجميع الناس حتى العامة؛ فيقتنعون تماما ويتبعونهذا الإمام اتباعًا على بصيرة وبينة... لا! ليس هنا إلا أن يقول العالم (الفلاني) قال كذا ونحن مأمورون باتباعه، ألا تشعرون معي أنه في الإسلام مثلهذه المسائل الدقيقة -ولابد-!
إذن فما واجب العامّة؟
أن يقولوا سألنافلانا فأجابنا بكذا، ونحن نعتقد أنه رجل عالم فاضل(١٢)... و... إلخ؛ لكن إذابدا لهذا السائل أن هذا جواب خطأ ما يتشبَّث به؛ لأنه ليس مقلدا مُتَدَيِّناً بالتَّقليد كما يفعل جماهير الناس، لعل في هذا نهاية الجواب»(١٣).
نعم!
انتهينا من الجواب على هذه النقطة وهذا النوع من الناس.
٢- مع طلبة العلم: ويُجيبُهم بالأدلة، وبسط الأقوال، وبيان وجوه الاستدلال... لأنّ السائل لا يطلب الحكم الشّرعيَّ فقط؛ وإنّما يُناقش الشيخ في ثبوت الأدلّة والآثار -رواية-، ويتباحثُ وإيّاه في فقه ما ثبت -دراية-، وكذا النظر في راجح بعض الأقوال على أُخرى، وعرض ما وصل إليه أو ما فهمه لِيُصحِّحَ أو يُصوّبَ له الشيخ، أو لِيُقِرَّهُ على ما عنده أو ما هو عليه...
وما علمتُ أحدا من طلبة العلم المُنصفين قال عن الشيخ ما قاله عنه الصنف الأول (بعض عوام أهل السنة)، وقد سبق بيان جهل من فاهَ بِما فاه، وفي حاشيته كفاية له ولِمَن شابههُ أو تعدَّاه.




***



والمعلوم عند كلّ مَن كانت لهُ مُسكةٌ مِن علم أنّنا في زمنٍ كثُر فيه الكذب والتّلبيس، والدّس والتّدليس، والنّسخ والسّلخ... وهلُمّ سَحباً! معظمُ هذه القبائح تعتري شبابنا اليوم -إلاّ مَن رحم ربيّ- خاصّة في باب التّعامُل مع المشايخ والكلام فيهم وعنهم؛ لنُصرة ما يُرى -بل ما يُعتقد- أنّه حقّ، حتّى ترى بعضهم يُصدِرُ الأحكام -الجاهزة؛ الجائرة!- دون أدنى ورع؛ يحسبُ نفسَهُ ابنَ مَعين العصر!!
والحق والواجب أنّ: «الشَّابّ المُبتدئ لا يُبدّع استقلالا، ولا يجرّح ولا يزكي استقلالا؛ وإنّما يعرض على المتأهل ما عنده من ملاحظات على الشخص: أقوال أو أفعال (مُثَبّتة)، مكتوبة أو مسموعة (موثّقة)؛ وبعد ذلك المتأهل هو الذي يحكم.
... ما أكثر (الكذب) في الشَّباب الذين هم حديثو استقامة، بسبب: (التأويلات، والزيادات في الكلام، والنقص)! (الكذب) أحيانا يكون غير متعمّد ولكن يكثر بين الشباب هذا الشيء -للأسف الشديد!- خاصة في عصرنا؛ لذلك -بارك الله فيكم- أمر الصدق بين الشباب، أمر الجرح والتّعديل، أمر التزكية، أمر التبديع؛ لابدّ أن يُتحرّى فيه، والمبتدؤون ليس لهم حق في ذلك»(١٤). «... يعني بعض الشباب مثل الحشرات؛ لا يعيشون إلاّ على العفن، بعض الناس فقط همّهم العفن، ويزيّنون لأنفسهم أن هذا من أعظم الجهاد ونصرة السلفية! وهو في الحقيقة إنما ينصرون الشيطان، وعلامة هؤلاء:
* ضعف علمهم -قلّة العلم!-. * إتّباعهم لأهوائهم؛ بحيث أنهم إذا جيء لهم بالدليل أعرضوا عنه! * ميلهم الكامل إلى التقليد. * إسرافهم في النّقد. * وتحميلهم لكلام السلفيين المُخالفين لِمَن هم يُعظّمون ويُقلّدون ما لا يحتمل! * تلقّف الشائعات وعدم التثبّت من الأخبار... ويأتي بـ: (الأخبار) من (هنا!) و(هناك!) ويتخصّص!!»(١٥).
هذا النوع أطلق في حقّ شيخنا أبي عبد الرحمن كلمة بعد تصديقهم تلك العبارة المنكورة السابقة، وتقليدهم الأصم فيما قالوه!
قالوا عنهُ: «مُتعالِمٌ»!
ويا قُبحَ ما اختاروه للشيخ لِيُدينُوه به -بزعمهم-؛ لَيتهم بحثوا لهم عن شيء آخر بدل هذا الهُراء... ليتهم!
وعلى مذهبهم -المهدوم طبعاً- وما ذهبوا إليه هم مُحِقُّون بالفعل: إذ كل مَن «يُفتي بِغَير عِلم! ويتكلّم بِدُون دَليل!» هو «مُتعالِمٌ!» بلا شك. على كل حال، ما زالوا يُرَدِّدون التّهمة المُصبّرة حتّى تناها صداها عندَ شيخٍ -ممّن لم يَعرف الشيخَ أبا عبد الرحمن- لِيُصدرها ويُتبعها بقوله عنه: لا ننصح به.
... فليت شعري مَن المُكلَّف؟!
وما الدّليل على تعالُمِه؟!
أقول: إمّا أن يكون سبب أو لازِم هذا التعالم المرمِيُّ في وِجهةِ الشَّيخ قد وُجِدَ في كُتُبِه، أو في كلامه عند إجاباته على أسئلة السائلين لا أكثر.



* أولا: كُتب الشيخ:
وهذا لا تُصغي إليه أُذُنُ عاقل؛ حيثُ إنّ ستّتها (٦) لمْ يُقْدِمْ على طبعها إلاّ بعد تقديمها أو تقريظها له من علماء أهل السنّة، وإن كان هذا ليس بلازم، ولكن هل مثل هذا «مُتعالِمٌ»؟!
وأكرّر فأقول: «ولم نسمع -حتّى اللحظة- مَن قال أنّه تكلّم فيها بدون دليل، أو خاض غِمار ما انطوت عليه بغير عِلم» حتّى يُقال أنّه «مُتعالِمٌ».
* ثانيا: كلامه الشّفهي عند سؤاله:
فَلَم يُعلَم منه هذا الخُلُق: «التّعالُم»؛ بل بالعكس تماماً، وكل من تردّدَ عليه لم يجد منه إلاّ التّواضع واحترام العلماء -القُدامى منهم والمعاصرين-، والذّب والدّفاع عنهم، كما أنّه قد يرى بخطأ هذا -كائنا مَن كان- وصواب ذاك، ويرد الخطأ مِمّن صدر(١٦)، ويقول بما يراه راجِحا -وهو أهلٌ لذلك- وإن تصادم هذا مع ما اشتُهِر عند بعض الناس(١٧)؛ إذ الدّليل قائِده ومتبوعه وهو له تابِع يدور أنّى دار ويقف معه إذا وقف... بعيدا عن التقليد السّادر؛ رجّاع للحق ما قام بِدَلِيل فيما نعلمُ عنهُ... لا يتقدّم بين يَدَيْ العلماء الكبار...
- ثمّ هو يُحيل -إذا سُئلَ- على العلماء في الحكم على مَن خَفِيَ عنه حالُهُ أو منهجُهُ؛ مثل الشيخ عثمان الخميس.
- ثمّ هو يُحيل -إذا سُئلَ- على العلماء في الأحداث التي تنزِلُ بالأمّة الإسلاميّة؛ مثل ما هو حاصِلٌ في (سوريا) وما موقف المسلم مِمّا يحدث فيها.
فبالله عليكم؛ أين «التّعالُم» المزعوم؟!
أم أنّها تُهمة عارية من الحقيقة، وما هي إلاّ مُجرّد تشويش؟
أم أنّه الكذب والعدوان بكيل التّهم لأمور نفسيّة...؟



لا عيب لي غير أنّي مِن دياركم ** وزامر الحيِّ لم تطرب مزامره



إذا فهي مُجرّدُ:



شُبهٌ تهافتُ كالزجاج تخالُها ** حقّا وكلٌّ كاسرٌ مكسورٌ!



قلتُ:«أما بهذه الطريقة وهذه التّشنّجات؛ تؤدي إلى بث الفُرقة بين السلفيين، وبث الفرقة بين أهل البلد -هنا-... وبث الفرقة بين [المشايخ] وبين أهل التوحيد... وكذا.
[جَعَلتم] أنفسكم -يعني: ما أود أتكلّم زِيادة!-... واضح؟!
وكأنّكم أوصياء؛ ما أحد يعرف الدين إلاّ أنتم؟!
واللّي ما هو من جهتكم؛ ففيه شيء!!
اضربوا رؤوسكم بِعرض الجدار.
عندكم دليل -حجة وبرهان- من الكتاب والسنة؟!
والله لو يأتينا رجل من إفريقيا -أقصى إفريقيا-، ومن القطب الشمالي، من القطب الجنوبي، ولو يأتينا طفل صغير... وعنده دليل؛ قبّلنا رأسه وأخذنا بدليله وقلنا: جزاك الله خيرا.
أي شخص يظن أن منطقته تُعطيه زيادة في الحجم؛ تحت القَدَم»(١٨).



فَـ: «اتّقوا الله واسكُتُوا، واحترموا أهل السُّنَّة... فإذا كان عندكم أَلْسِنَةٌ؛ فنحنُ عندنا ألسِنَةٌ وأقلام»(١٩) قد يضطرُّ الواحدُ لِبَرْيِها... وبعدها فليَعَضّ الظالم على أصابعه ندما وحسرة -إن شاء-، بغضِّ الطّرف عن مكانته وكينونته، وعندها يُعلمُ العِلم اليقينيّ أنّ سوادَ العين ليس كالتّكحُّل(٢٠)...



لكن من يكشف الرحمن سوءته ** لن يستطيعوا لها سترا ولو ستروا



ولا يظُنَّنَّ ظانٌّ أنّ هذه الأسطُرَ المكتوبة جُعِلت دِفاعاً عن الشيخ وَدَفْعاً لِما يُقال؛ لا... لا -معذرةً- بل لِمَا يُلاكُ ويُجتَرُّ في حقّه(٢١)، وإنّما هي مِن بابَةِ: «ومَن لا يُبالي بِما يُقَابَلُ به مِن ضروب الاستخفافات التي تلحقهُ؛ فهو مِن شِرار النّاس»(٢٢).
فإن قيل: المعنيُّ هو الشيخ أبو عبد الرحمن، ولست أنت.
قلتُ: «... كان بعض السلف [وهُم قدوتُنا، ونحنُ لهم تَبَعٌ] إذا ذهب إلى شيخه يقول: اللهم أخف عني عيبَ شيخي ولا تذهب بركة علمه مني، وسيِّدهُ وقُمْ له إذا قدم عليك،واقضِ حوائجه كلَّها -جليلَهاوحقيرَها-، وخذ بِرِكابه...»(٢٤).




وأَختِمُ...



بقول الله -تبارك وتعالى-: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنّما يتذكّر أولوا الألباب «٩»} [الزّمر].
«فاسمع يا هذا:
إنّ حجّة الإسلام قائمة، ميزانه منصوب، وآدابه متمثّلة في سيرة الصّحابة والتّابعين، وإننا لا نعرف في الإسلام بعد قرونه الثلاثة الفاضلة ميزة لقديم على مُحدث ولا لميّت على حيٍّ، وإنّما هو الهُدى أو الضلال، والاتِّباع أو الابتداع، وليست التّركة التي ورَّثَناها الإسلام عبارة عن أسماء تطفوا بالشُّهرة وترسب بالخمول ويقتتل الناس حولها كالأعلام، ويُفتنون بها كالأصنام، وإنّما ورّثَناها الحكمة الأبديّة، والأعمال الناشئة عن الإرادة، والعلم المبنيّ على الدّليل.
وإنّ المسلمين غَلَو في تعظيم بعض الأسماء غُلُوّا منكرا؛ فأدّاهم ذلك الغلوُّ إلى نوعٍ غريب مِن عبادة الأسماء، نعاه القرآن على مَن قبلنا لِيعظنا ويُحذّرنا ما صنعوا.
وقد عزل عمرُ خالدَ بن الوليد، وقال: «خشيتُ أن يفتتن به الناس».
ونحن حين نحكم على الأشياء نحكم عليها بآثاراها، وآثار هذا الغلوِّ في المسلمين كانت الشّرَّ المستطير والتفرُّق الماحق.
ونحن إذ ننكر، إنّما ننكر الفاسد من الأعمال [والأقوال]، والباطل من العقائد، سواء علينا أصدرت من سابق أم مِن لاحق، ومن حيٍّ أم من ميّت؛ لأنّ الحكم على الأعمال [والأقوال] لا على العاملين [والقائلين].
وليس صدور العمل [أو القول] الفاسد مِن سابق بالذي يُحدثُ له حُرمة أو يُصيِّرهُ حُجّة على اللاّحقين، بل الحجة لكتاب الله ولسنة رسوله، فلا حقّ في الإسلام إلاّ ما قام دليله منهما واتّضح سبيله من عمل الصّحابة والتابعين بهما، أو إجماع العلماء بشرطه على ما يستندُ عليهما.
وبهذا الميزان فأعمال الناس إمّا حقٌّ فيُقبل، أو باطلٌ فيُردُّ»(٢٣)...



وصلوات ربّي على نبيّنا مُحمّد -سيد ولد آدم- وآله وأصحابه وإخوانه إلى يوم القيامة.



*****




وكتـبَ
عبدُ الغنيِّ بنُ ميلود الجزائريُّ
-غفر الله له ولوالديه ولجميع إخوانه أهل السنّة-
فـي:
١٥ (ذي الحجّة) ١٤٣٢ هـ
الموافق لـ: ١١ (نوفمبر) ٢٠١١







__________________
(١) قلتُ: رحمَ اللهُ ابنَ سعديّ رحمة واسعة، ورحم ابن القيِّم حين قال في كتابه«طريق الهجرتين وباب السعادتين» (ص ٢٥٨-٢٥٩):«... خلق الأضداد والمُقابلات وترتيب آثارها عليها موجب ربوبيّته وحكمته وعلمه وعزّتهُ، وأنّ تقدير ذلك هضمٌ من جانب الربوبيّة. وأيضا فإن هذه الحوادث نعمةٌ في حقِّ المؤمن، فإنّها إذا وقعت فهو مأمور أن ينكرها بقلبه ويده ولسانه أو بقلبه ولسانه فقط، أو بقلبه فقط، ومأمورٌ أن يُجاهد أربابها بحب الإمكان، فيترتّبُ له على الإنكار والجهاد من مصالح قلبه ونفسه وبدنه ومصالح دنياه، وآخرته ما لم يكن ينال بدونه ذلك».
(٢) فيهم من عرّفه فقال: «الجهل: سُرعةُ الوِثاب، والعيُّ بالجواب».
كما قال ابن القيّم -رحمه الله- في «النونية»:
والجهـلُ داءٌ قاتِلٌ وشِفـاؤُهُ ** أَمْرانِ في التَّرتيبِ متَّفِقان
نـصٌّ من القُرآن أو مِن سُنَّة ** وطبيبُ ذاك العالِمُ الرّباني



(٣) من روائع كلامِ ابن حزم الظاهري -رحمه الله- في كتابه«مداواة النفوس»؛ الذي أعتبرهُ صيدليّة أدويةٍ لصنوف الأدواء التي تصيبُ الأبدان والأنفس؛ فلَيتَ أهل الجهل ينكَبُّوا عليه فَيُحيُوهُ قراءةً وتطبيقا في واقع حياتهم...
(٤) كذلك؛ قاله ابن حزم في «مداواة النفوس» النّفيس.
(٥) قلتُه في (ص ٢٢-٢٣-٢٤) من «نذالة أبي هلالة للجهل والضلالة...».
(٦) «الأدب الصغير» (ص ٤٩-٥٠).
(٧) «الذريعة إلى مكارم الشريعة» للرّاغب الأصفهاني (ص ١٢٧) -نقلته عن واسطة-.
(٨) (٩) قالهُ الشيخ محمد البشير الإبراهيمي في «تصدير نشرة جمعيّة العلماء المسلمين الجزائريين»، وكل ما جاء -أو يجيءُ- بين عارضتين فهو تصرّف مِنّي حسب المقام الذي يتطلّبُ ذلك؛ لِيُفهمَ مُرادي.
(١٠) من مادة صوتية مفرّغة؛ مبثوثة في الشبكة العنكبوتية -أنقلها عن واسطة-.
(١١) قاله الإمام الألباني -رحمه الله-؛ انظر «الفتاوى المهمة لنساءالأمة».
(١٢) قلتُ: هناك مَن يعترض فيقول: ما قاله الألباني -رحمه الله- في حقّ العلماء الأفاضل فقط [!]، وليس فيمن دونهم مرتبة [!!]؛ فأقول: قاله الشيخ أبو عمر أسامة العتيبي -حفظه الله-: «والمُشكلة أنّ بعض النَّاس ينتسِبُ للسّلفية لكن عنده هوى.
يكون جاهلا ويريد أن يصف جميع طلبة العلم بأنّهم ليسوا شيوخا! وهذا مِن الطَّيش، ومِن بقايا ورواسب بدعيّة عند بعض الشَّباب.
يعني: هم يخافون مِن ترئيس أو تعظيم بعض طُلاّب العلم؛ فيخافون مِن انقلابهم... هكذا يزعم بعضهم؛ فيظلمونهم ويَصِفونهم بغير أوصافهم، وهذا مِن الجهل والضّلال الموجود عند بعض الشَّباب المُنتسبين إلى السنّة -للأسف!-؛ فهو في غيرهم أكثر.
لكن أقول: هذا مرضٌ موجود مِن بعض الشَّباب!
ومنهج أهل السُّنَّة برئ مِن هذا المرض؛ فأهل العلم تُحفظ لهم كرامتهم سواء كانوا طُلاّب علم، سواء كانوا عُلماء، سواء كانوا أكابر العلماء...


كلُّهم بلا استثناء يحترمون طُلاَّب العلم ويعرفون قدرهم... ثمّ يأتي بعض الشَّباب ويُريد أن يطعن في طُلاَّب العلم، وأن يختزِل حقّهم، وأن يزعم أنّهم ليسوا مِن كبار العلماء؛ فإذاً هم مثلهم مثل بقيّة الشَّباب!! هذا من السَّفه والطَّيش، ومِن مسلك أهل البِدَع، ومِن مسلك الخوارج -أهل الجفاء-؛ أمّا أهل السنّة فيحفظون منزلة العلماء، ويحفظون منزلة طلبة العلم.
... أنا رأيت مِن شيخنا -الشيخ ربيع- الحث على الاستفادة مِن طُلاّب العلم، واحترام طُلاّب العلم، وتشجيع طُلاّب العلم، بخلاف بعض الشَّباب الجُفاة الذين تشبّهوا بمنهج الخوارج والحدّاديّة...». [فرّغتُهُ مِن جوابه على سؤال أحد اللّيبيّين].
(١٣) قاله الإمام الألباني في «سلسلة الهدى والنور» (شريط ٣٣١).
(١٤) قال هذا الشيخ العتيبي؛ فرّغتُه من مادة صوتية له: «نصيحة للشباب بخصوص من يجرّح ويُزكّي».
(١٥) قال هذا الشيخ العتيبي -كذلك-؛ فرّغتُه من «نصيحته للشباب الذين ينشرون الفتن في المنتديات».


(١٦) قال الشيخ ربيع بن هادي -حفظه الله-: «... إذا أخطأ شيخُك وانتقدهُ شيخٌ آخر (والحق مع هذا الشيخ الآخر)؛ كُن مع هذا الآخر وانصح شيخك؛ لا تتعصّب -لا يجوز لك أن تتعصّب له- إن تعصّبتَ له يُشبّه شيخ الإسلام هذا (...) بالتّتار، تعصُّبات جاهلية هذه!! الإسلام والمنهج السّلفي بريء منها.
ونحن على هذا نُربّي ونبرأ إلى الله من تربية تُخالف هذه التربية التي ارتضاها الله لنا وشرعها لنا. لو أخطأ ابن باز وابن تيميّة ونقده أحد بحق فلا تغضب، انتقده بعلم وبحجّة ويُريد وجه الله -عزّ وجل-؛ لا تقول هذا -والله- يتكلّم عن ابن باز وابن تيميّة إذا كان بحق وبأدب واحترام! لأنّ الهدف ربط الناس بمنهج الله، ولا نربطهم بأخطاء البشر -كائنا من كان- حتّى لو أخطأ صحابي ما نقبل خطأه...
والشافعي ردّ على شيخه مالك، مع أنّه ما كان أحد يحترم مالكا مثل الشافعي، ويقول: إذا ذُكِر العلماء فمالك هو النجم الثاقب، ومع ذلك ينتقده.
والليث ينتقد مالك ويُرسل له وهو يُحبُّه ويُجِلُّه -بارك الله فيكم-، وهكذا كانوا يتبادلون النصائح» [فرّغتُهُ من «شرح كتاب الإيمان -من صحيح البخاري-»؛ شهر رجب من سنة ١٤٢٦هـ - بالرياض].
(١٧) قال الشيخ ربيع بن هادي في «المنتقى من فتاويه» (٢/١٠-١١):
«هناك أمور خفيّة لا يتكلّم فيها إلاّ أهل العلم بالأدلّة، فالعالم نفسه لا يتكلّم إلاّ بالحق وبالبرهان وبالعدل، ولا يقول على الله بغير علم، وطالب العلم كذلك؛ أمور لا يعرفها لا يتكلم فيها، أما أمور يعرفها وهي واضحة جليّة وفيها مصلحة للمسلمين فيتكلّم فيها بالحجة والبرهان حسب طاقته ومعرفته.
... يتكلم طالب العلم والعالم بالحجة والبرهان والحكمة والموعظة الحسنة، وليس بالسّفه والطيش، بعضهم يتسفّه ويطيش ويضر أكثر مما ينفع فهذا السفه والطيش يُترك».
(١٨) قاله الشيخ عايد بن خليف الشمري -حفظه الله-؛ فرّغته من «شرح كتاب الشريعة للإمام الآجري».
(١٩) فرّغتُها مِن مادة صوتية للشيخ العلاّمة ربيع بن هادي -حفظه الله-.
(٢٠) قال الشاعرُ الحكيم:

لعلك لو ناديت حيا لأسمعته ** ولكن لا حياة لمن تنادي!



(٢١) قلتُ: لو كان المذكورُ مبنِيّا على بيّنة وعِلم، لكانت المُناقشة بالأدِلّة على منهج علميِّ معروف عند طلبة العلم من أهل السنّة. لكن تُرانا أمام ألسنة تلوكُ بُهتانا تمجُّه الأسماع بسماعه، وأيدٍ تكيلهُ بميزان خاسر في سراديب وغياهب الكواليس! بدأت تظهرُ شِرَّتُهُ في الآفاق بِنُذُرِ شرٍّ، إن لم يتدارك المخلصون الوضعَ فقد تأتي فتنة -عمّا قريب- تعصفُ بالدَّعوة ودُعاتِها؛ لأنّ دعوة أهل السنّة والجماعة -بكل صراحة- تنامُ على كثبان رملٍ أو على فوهة بُركانٍ... أسأل الله أن لا يكون مِن ذلك شيئاً.
(٢٢) «جوامع الآداب في أخلاق الأنجاب» (برقم ٢٣).
(٢٣) قاله السخاوي في «فتح المغيث»؛ انظره كاملا (٣/٢٩٨-٢٩٩).
(٢٤) قالهُ الشيخ الإبراهيمي في «تصدير نشرة الجمعيّة...».




*****