أم جمانة السلفية
06-03-2012, 11:59 AM
آداب العالم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه مطوية مختصرة في أدب العالم لخصتها من تَذْكِرَةُ السَّامِعِ والمُتَكَلِّم في أَدَب العَالِم والمُتَعَلِّم للشيخ بدر الدين ابن جماعة الكناني راجيا من الله أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
مما يجب على العالم :
1- دوام مراقبة الله تعالى في السر والعلن والمحافظة على خوفه في جميع حركاته وسكناته وأقواله وأفعاله فإنه أمين على ما أودع من العلوم وما منح من الحواس والفهوم، قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [الأنفال:27]، وقال تعالى: { بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ } [المائدة: 44].
وقال الشافعي: ليس العلم ما حُفِظَ, العلم ما نَفَعَ. ومن ذلك دوام السكينة، والوقار والخشوع والتواضع لله والخضوع.
ومما كتب مالك إلى الرشيد: إذا علمت علمًا فَلْيُرَ عليك علمه وسكينته وسمته ووقاره وحلمه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: العلماء ورثة الأنبياء.
وقال عمر رضي الله عنه: تعلموا العلم وتعلموا له السكينة والوقار.
وعن السلف: حق على العالم أن يتواضع لله في سِرِّه وعلانيته ويحترس من نفسه ويقف على ما أشهر عليه.
2- أن يصون العلم كما صانه علماء السلف ويقوم له بما جعله الله تعالى له من العزة والشرف فلا يذله بذهابه ومشيه إلى غير أهله من أبناء الدنيا من غير ضرورة أو حاجة أو إلى من يتعلمه منه منهم وإن عظم شأنه وكبر قدره.
قال الزهري: هَوَانٌ بالعلم أن يحمله العالم إلى بيت المتعلم.
3- أن يتخلق بالزهد في الدنيا والتقلل منها بقدر الإمكان الذي لا يضر بنفسه أو بعياله فإن ما يحتاج إليه لذلك على الوجه المعتدل من القناعة ليس يُعَدُّ من الدنيا وأقل درجات العالم أن يستقذر التعلق بالدنيا لأنه أعلم الناس بخستها وفتنتها وسرعة زوالها وكثرة تعبها ونَصَبِهَا فهو أحق بعدم الالتفات إليها والاشتغال بهمومها.
4- أن ينزه علمه عن جعله سلمًا يتوصل به إلى الأغراض الدنيوية من جاه أو مال أو سمعة أو شهرة أو خدمة أو تقدم على أقرانه.
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم على أن لا ينسب إليَّ حرف منه.
وقال سفيان بن عيينة: كنت قد أوتيت فهم القرآن فلما قَبِلْتُ الصرة من أبي جعفر سُلِبْتُهُ فنسأل الله تعالى المسامحة.
5- أن يتنزه عن دنى المكاسب ورذيلها طبعًا، وعن مكروهها عادة وشرعًا كالحجامة والدباغة والصرف والصياغة، وكذلك يتجنب مواضع التهم وإن بعدت ولا يفعل شيئًا يتضمن نقص مروءة أو ما يُسْتَنْكَرُ ظاهرًا وإن كان جائزًا باطنًا فإنه يُعَرِّضُ نفسه للتهمة وعرضه للوقيعة ويوقع الناس في الظنون المكروهة وتأثيم الوقيعة فإن اتفق وقوع شيء من ذلك لحاجة أو نحوها أخبر من شاهده بحلمه وبعذره ومقصوده كيلا يأثم بسببه أو يَنْفر عنه فلا ينتفع بعلمه وليستفيد ذلك الجاهل به.
6- أن يحافظ على القيام بشعائر الإسلام وظواهر الأحكام ولا يرضى من أفعاله الظاهرة والباطنة بالجائز منها، بل يأخذ نفسه بأحسنها وأكملها فإن العلماء هم القدوة وإليهم المرجع في الأحكام وهم حجة الله تعالى على العوام وقد يراقبهم للأخذ عنهم من لا ينظرون، ويقتدي بهديهم من لا يعلمون. وإذا لم ينتفع العالم بعلمه فغيره أبعد عن الانتفاع به، كما قال الشافعي رضي الله عنه: ليس العلم ما حُفِظَ، العلم ما نَفَعَ، ولهذا عظمت زلة العالم لما يترتب عليها من المفاسد لاقتداء الناس به.
7- أن يحافظ على المندوبات الشرعية القولية والفعلية فيلازم تلاوة القرآن، وذكر الله تعالى بالقلب واللسان، وكذلك ما ورد من الدعوات والأذكار في آناء الليل والنهار، ومن نوافل العبادات من الصلاة والصيام وحج البيت الحرام والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن محبته وإجلاله وتعظيمه واجب والأدب عند سماع اسمه وذكر سنته مطلوب وسنة.
8- معاملة الناس بمكارم الأخلاق من طلاقة الوجه، وإفشاء السلام وإطعام الطعام، وكظم الغيظ، وكف الأذى عن الناس، واحتماله منهم وغيرها من الفضائل.
9- أن يطهر باطنه وظاهره من الأخلاق الرديئة ويعمره بالأخلاق المرضية
وقد بُليَ بعض أصحاب النفوس الخبيثة من فقهاء الزمان بكثير من هذه الصفات إلا من عصم الله تعالى ولاسيما الحسد والعجب والرئاء واحتقار الناس .
10- دوام الحرص على الازدياد بملازمة الجد والاجتهاد والمواظبة على وظائف الأوراد من العبادة والاشتغال والإشغال قراءة وإقراء ومطالعة وفكرًا وتعليقًا وحفظًا وتصنيفًا وبحثًا.
وذلك لأن درجة العلم درجة وراثة الأنبياء، ولا تنال المعالي إلا بشق الأنفس، وفي صحيح مسلم عن يحيى بن أبي كثير، قال: لا يستطاع العلم براحة الجسم،وفي الحديث: "حفت الجنة بالمكاره".
ومع ذلك فلا يحمل نفسه من ذلك فوق طاقتها كيلا تسأم وتمل، فربما نفرت نفرة لا يمكنه تداركها، بل يكون أمره في ذلك قصدًا وكل إنسان أبصر بنفسه.
11- أن لا يستنكف أن يستفيد ما لا يعلمه ممن هو دونه منصبًا أو نسبًا أو سنًا، بل يكون حريصًا على الفائدة حيث كانت والحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها.
قال أحمد بن حنبل: قال لنا الشافعي: أنتم أعلم بالحديث مني، فإذا صح عندكم الحديث فقولوا لنا حتى آخذ به.
12- الاشتغال بالتصنيف والجمع والتأليف، لكن مع تمام الفضيلة، وكمال الأهلية وهو كما قال الخطيب البغدادي: يثبت الحفظ ويذكي القلب ويشحذ الطبع ويجيد البيان ويكسب جميل الذكر وجزيل الأجر ويخلده إلى آخر الدهر.
والله أعلم
أعد المطويات أبو أسامة سمير الجزائري غفر الله له
م ن ق و ل من منتديات الآجري
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه مطوية مختصرة في أدب العالم لخصتها من تَذْكِرَةُ السَّامِعِ والمُتَكَلِّم في أَدَب العَالِم والمُتَعَلِّم للشيخ بدر الدين ابن جماعة الكناني راجيا من الله أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
مما يجب على العالم :
1- دوام مراقبة الله تعالى في السر والعلن والمحافظة على خوفه في جميع حركاته وسكناته وأقواله وأفعاله فإنه أمين على ما أودع من العلوم وما منح من الحواس والفهوم، قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [الأنفال:27]، وقال تعالى: { بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ } [المائدة: 44].
وقال الشافعي: ليس العلم ما حُفِظَ, العلم ما نَفَعَ. ومن ذلك دوام السكينة، والوقار والخشوع والتواضع لله والخضوع.
ومما كتب مالك إلى الرشيد: إذا علمت علمًا فَلْيُرَ عليك علمه وسكينته وسمته ووقاره وحلمه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: العلماء ورثة الأنبياء.
وقال عمر رضي الله عنه: تعلموا العلم وتعلموا له السكينة والوقار.
وعن السلف: حق على العالم أن يتواضع لله في سِرِّه وعلانيته ويحترس من نفسه ويقف على ما أشهر عليه.
2- أن يصون العلم كما صانه علماء السلف ويقوم له بما جعله الله تعالى له من العزة والشرف فلا يذله بذهابه ومشيه إلى غير أهله من أبناء الدنيا من غير ضرورة أو حاجة أو إلى من يتعلمه منه منهم وإن عظم شأنه وكبر قدره.
قال الزهري: هَوَانٌ بالعلم أن يحمله العالم إلى بيت المتعلم.
3- أن يتخلق بالزهد في الدنيا والتقلل منها بقدر الإمكان الذي لا يضر بنفسه أو بعياله فإن ما يحتاج إليه لذلك على الوجه المعتدل من القناعة ليس يُعَدُّ من الدنيا وأقل درجات العالم أن يستقذر التعلق بالدنيا لأنه أعلم الناس بخستها وفتنتها وسرعة زوالها وكثرة تعبها ونَصَبِهَا فهو أحق بعدم الالتفات إليها والاشتغال بهمومها.
4- أن ينزه علمه عن جعله سلمًا يتوصل به إلى الأغراض الدنيوية من جاه أو مال أو سمعة أو شهرة أو خدمة أو تقدم على أقرانه.
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: وددت أن الخلق تعلموا هذا العلم على أن لا ينسب إليَّ حرف منه.
وقال سفيان بن عيينة: كنت قد أوتيت فهم القرآن فلما قَبِلْتُ الصرة من أبي جعفر سُلِبْتُهُ فنسأل الله تعالى المسامحة.
5- أن يتنزه عن دنى المكاسب ورذيلها طبعًا، وعن مكروهها عادة وشرعًا كالحجامة والدباغة والصرف والصياغة، وكذلك يتجنب مواضع التهم وإن بعدت ولا يفعل شيئًا يتضمن نقص مروءة أو ما يُسْتَنْكَرُ ظاهرًا وإن كان جائزًا باطنًا فإنه يُعَرِّضُ نفسه للتهمة وعرضه للوقيعة ويوقع الناس في الظنون المكروهة وتأثيم الوقيعة فإن اتفق وقوع شيء من ذلك لحاجة أو نحوها أخبر من شاهده بحلمه وبعذره ومقصوده كيلا يأثم بسببه أو يَنْفر عنه فلا ينتفع بعلمه وليستفيد ذلك الجاهل به.
6- أن يحافظ على القيام بشعائر الإسلام وظواهر الأحكام ولا يرضى من أفعاله الظاهرة والباطنة بالجائز منها، بل يأخذ نفسه بأحسنها وأكملها فإن العلماء هم القدوة وإليهم المرجع في الأحكام وهم حجة الله تعالى على العوام وقد يراقبهم للأخذ عنهم من لا ينظرون، ويقتدي بهديهم من لا يعلمون. وإذا لم ينتفع العالم بعلمه فغيره أبعد عن الانتفاع به، كما قال الشافعي رضي الله عنه: ليس العلم ما حُفِظَ، العلم ما نَفَعَ، ولهذا عظمت زلة العالم لما يترتب عليها من المفاسد لاقتداء الناس به.
7- أن يحافظ على المندوبات الشرعية القولية والفعلية فيلازم تلاوة القرآن، وذكر الله تعالى بالقلب واللسان، وكذلك ما ورد من الدعوات والأذكار في آناء الليل والنهار، ومن نوافل العبادات من الصلاة والصيام وحج البيت الحرام والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن محبته وإجلاله وتعظيمه واجب والأدب عند سماع اسمه وذكر سنته مطلوب وسنة.
8- معاملة الناس بمكارم الأخلاق من طلاقة الوجه، وإفشاء السلام وإطعام الطعام، وكظم الغيظ، وكف الأذى عن الناس، واحتماله منهم وغيرها من الفضائل.
9- أن يطهر باطنه وظاهره من الأخلاق الرديئة ويعمره بالأخلاق المرضية
وقد بُليَ بعض أصحاب النفوس الخبيثة من فقهاء الزمان بكثير من هذه الصفات إلا من عصم الله تعالى ولاسيما الحسد والعجب والرئاء واحتقار الناس .
10- دوام الحرص على الازدياد بملازمة الجد والاجتهاد والمواظبة على وظائف الأوراد من العبادة والاشتغال والإشغال قراءة وإقراء ومطالعة وفكرًا وتعليقًا وحفظًا وتصنيفًا وبحثًا.
وذلك لأن درجة العلم درجة وراثة الأنبياء، ولا تنال المعالي إلا بشق الأنفس، وفي صحيح مسلم عن يحيى بن أبي كثير، قال: لا يستطاع العلم براحة الجسم،وفي الحديث: "حفت الجنة بالمكاره".
ومع ذلك فلا يحمل نفسه من ذلك فوق طاقتها كيلا تسأم وتمل، فربما نفرت نفرة لا يمكنه تداركها، بل يكون أمره في ذلك قصدًا وكل إنسان أبصر بنفسه.
11- أن لا يستنكف أن يستفيد ما لا يعلمه ممن هو دونه منصبًا أو نسبًا أو سنًا، بل يكون حريصًا على الفائدة حيث كانت والحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها.
قال أحمد بن حنبل: قال لنا الشافعي: أنتم أعلم بالحديث مني، فإذا صح عندكم الحديث فقولوا لنا حتى آخذ به.
12- الاشتغال بالتصنيف والجمع والتأليف، لكن مع تمام الفضيلة، وكمال الأهلية وهو كما قال الخطيب البغدادي: يثبت الحفظ ويذكي القلب ويشحذ الطبع ويجيد البيان ويكسب جميل الذكر وجزيل الأجر ويخلده إلى آخر الدهر.
والله أعلم
أعد المطويات أبو أسامة سمير الجزائري غفر الله له
م ن ق و ل من منتديات الآجري