أبو عبيدة طارق الجزائري
01-04-2013, 06:56 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان مشروعية الأضطجاع بعد راتية الفجر للعلامة عبد الله بن عبد العزيز العقيل -رحمه الله تعالى-
السؤال:دخلت المسجد لصلاة الفجر، وصليت سنة الفجر الراتبة، وبجانبي رجل يظهر أنه من طلبة العلم، ولما صلى سنة الفجر اضطجع على جنبه الأيمن، ولما أقيمت الصلاة نهض، وصلى مع الناس. ولما انتهينا من الصلاة أردت أن أسأله عن سبب اضطجاعه ذلك لكنه خرج من المسجد قبل أن أتمكن من سؤاله، فأرجوكم إفادتي عن ذلك مشكورين؟
الإجابة:الحمد لله وحده.
هذا الاضطجاع ورد فيه جملة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وتكلم عليها العلماء والفقهاء رحمهم الله، واختلفوا في حكمها، ونحن نورد لك بعض الأحاديث الواردة في ذلك، ونذكر ما يتيسر من كلام أهل العلم عليها.
. قال في (المنتقى) وشرحه (نيل الأوطار): عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم الركعتين قبل صلاة الصبح فليضطجع على جنبه الأيمن" (رواه أحمد وأبو داود والترمذي (1)، وصححه).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن. وفي رواية: كان إذا صلى ركعتي الفجر فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع. متفق عليه، وأخرجه الجماعة(2) كلهم.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد والطبراني (3) بلفظ: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن.وفي إسناده حيي بن عبد الله المعافري، وهو مختلف فيه، وفي إسناد أحمد أيضاً ابن لهيعة، وفيه مقال مشهور.
وعن ابن عباس عند البيهقي (4) بنحو حديث عبد الله بن عمرو، وفيه انقطاع، واختلاف على ابن عباس.
وعن أبي بكرة عند أبي داود (5) بلفظ: قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح، فكان لا يمر برجل إلا ناداه بالصلاة، أو حركه برجله. أدخله أبو داود والبيهقي في باب: الاضطجاع بعد ركعتي الفجر.
▪ وقد اختلف في حكم هذا الاضطجاع على ستة أقوال:
- الأول: أنه مشروع على سبيل الاستحباب. قال العراقي: فممن كان يفعل ذلك، أو يفتي به من الصحابة: أبو موسى الأشعري، ورافع بن خديج، وأنس بن مالك، وأبو هريرة. واختلف فيه على ابن عمر؛ فرُوي عنه فعل ذلك، كما ذكره ابن أبي شيبة في (مصنفه) (6)، وروي عنه إنكاره كما سيأتي.
وممن قال به من التابعين: ابن سيرين، وعروة، وبقية الفقهاء السبعة، كما حكاه عبد الرحمن بن زيد في كتاب (السبعة)، وهم: سعيد بن المسيب، والقاسم ابن محمد بن أبي بكر، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وخارجة ابن زيد بن ثابت، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار.
وقد نظمهم بعضهم بقوله:
إذا قيل من في العلم سبعةُ أبحرٍ ***روايتهم ليست عن العلم خارجهْ
فَقُلْ هم عبيد الله عروة قاسمٌ ***سعيد أبو بكر سليمان خارجهْ
قال ابن حزم (7): وروينا من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن عثمان ابن غياث هو ابن عثمان، أنه حدثه قال: كان الرجل يجيء وعمر بن الخطاب يصلي بالناس الصبح فيصلي ركعتين في مؤخر المسجد، ويضع جنبه في الأرض، ويدخل معه في الصلاة.أ.هـ.
وممن قال باستحباب ذلك من الأئمة: الشافعي وأصحابه.
- القول الثاني: أن الاضطجاع بعدهما واجب مفترض، لا بد من الإتيان به، وهو قول أبي محمد بن حزم(8)، واستدل بحديث أبي هريرة المذكور، وحمله الأولون على الاستحباب.
- القول الثالث: أن ذلك مكروه، وبدعة، وممن قال به من الصحابة: ابن مسعود، وابن عمر، على اختلاف عنه. فروى ابن أبي شيبة في (المصنف) من رواية إبراهيم قال: قال ابن مسعود: ما بال الرجل إذا صلى الركعتين يتمعك كما تتمعك الدابة، أو الحمار؟!
وعن سعيد بن المسيب قال: رأى عمر رجلا يضطجع بعد الركعتين، فقال:احصبوه.
وروى أبو مجلز عنه أنه قال: إن ذلك من تلاعب الشيطان.
وفي رواية زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي عنه أنه قال: إنها بدعة.ذكر ذلك جميعه ابن أبي شيبة.
وممن كره ذلك من التابعين: الأسود بن يزيد وإبراهيم النخعي، وقال: هي ضجعة الشيطان. وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، ومن الأئمة: مالك، وحكاه القاضي عياض عن جمهور العلماء.
- القول الرابع: أنه خلاف الأولى، روى ابن أبي شيبة (9) عن الحسن أنه كان لا يعجبه الاضطجاع بعد ركعتي الفجر.
- القول الخامس: التفرقة بين من يقوم بالليل، فيستحب له ذلك للاستراحة، وبين غيره، فلا يشرع له.
واختاره ابن العربي (10)، وقال: لا يضطجع بعد ركعتي الفجر لانتظار الصلاة إلا أن يكون قام الليل فيضطجع؛ استجماماً لصلاة الصبح، فلا بأس.أ.هـ.
ويشهد لهذا ما رواه الطبراني وعبد الرزاق عن عائشة أنها كانت تقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضطجع لسُنة، ولكنه كان يَدْأب ليلَهُ؛ فيستريح.
وهذا لا تقوم به حجة، أما أولا: فلأن في إسناده راويا لم يُسَمّ، كما قال الحافظ في (الفتح) (11)، وأما ثانياً: فلأن ذلك منها ظن وتخمين، وليس بحجة، وقد روت أنه كان يفعله، والحجة في فعله. وقد ثبت أمره به، فتأكدت بذلك مشروعيته.
- القول السادس: أن الاضطجاع ليس مقصودًا لذاته، وإنما المقصود الفصل بين ركعتي الفجر والفريضة. روى ذلك البيهقي عن الشافعي (12)، وفيه أن الفصل يحصل بالقعود، والتحول، والتحدث، وليس بمختص بالاضطجاع.
قال النووي (13): والمختار: الاضطجاع؛ لظاهر حديث أبي هريرة.أ.هـ من(نيل الأوطار) ملخصاً (14).
وأما مذهب الحنابلة فإن الاضطجاع بعد ركعتي الفجر سنة؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. قال في (الإقناع)، وشرحه (كشاف القناع): ويسن الاضطجاع بعدهما على جنبه الأيمن، قبل فرضه، نص عليه، بقول عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع.
وفي رواية: فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع. (متفق عليه) (15).
ونقل أبو طالب -يعني عن الإمام أحمد-: يكره الكلام بعدهما، إنما هي ساعة تسبيح.أ.هـ.
وقال الموفق في (المغني): ويستحب أن يضطجع بعد ركعتي الفجر على جنبه الأيمن، وكان أبو موسى، وأنس بن مالك، ورافع بن خديج يفعلونه، وأنكره ابن مسعود، وكان القاسم، وسالم، ونافع لا يفعلونه، واختُلف فيه عن ابن عمر. وروي عن الإمام أحمد أنه ليس بسنة؛ لأن ابن مسعود أنكره.
ولنا ما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع" (16).قال الترمذي: هذا حديث حسن. ورواه البزار في (مسنده)، وقال: "على شقه الأيمن".
وعن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن (متفق عليه) (17)، وهذا لفظ رواية البخاري.واتباع النبي صلى الله عليه وسلم في قوله، وفعله أولى من اتباع من خالفه، كائنا من كان.أ.هـ.
___________________________________________
1 - أحمد (2/ 415)، وأبو داود (1261)، والترمذي (420) وغيرهم، من حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به.
2 - أحمد (6/ 48، 49)، والبخاري (1160)، ومسلم (743)، وأبو داود(1263)، والترمذي (420) تعليقاً، والنسائي (3/ 252، 253)، وابن ماجه(1198).
3 - أحمد (2/ 173)، وعزاه الهيثمي في (المجمع) (2/ 218) للطبراني في(الكبير).
4 - البيهقي (3/ 45) من حديث شعبة عن موسى بن أبي عائشة، عن رجل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به. قال البيهقي: ورواه غيره عن شعبة، عن موسى، عن سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، منقطعًا كذا.
5 - أبو داود (1264) من طريق سهل بن حماد عن أبي مكين ثنا أبو الفضل-رجل من الأنصار- عن مسلم بن أبي بكرة عن أبيه مرفوعاً، وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة أبي الفضل هذا، قال الذهبي في (الميزان) (10509): لا يدرى من هذا.
6 - (2/ 247).
7 - (المحلى) (3/ 198، 199).
8 - انظر (المحلى) (3/ 196) وما بعدها. بل لقد قال ببطلان الفريضة لمن صلاها بعد ركعتين لم يضطجع بعدهما، ذاكراً أو ناسياً.
9 - (المصنف) (2/ 248) من حديث إسحاق الأزرق، عن هشام، عن الحسن، به.
10 - (عارضة الأحوذي) (2/ 216).
11 - (3/ 43 - 44) عقب حديث (1161).
12 - (السنن) (3/ 46).
13 - (المجموع) (3/ 483).
14 - (3/ 24، 25).
15 - أحمد (6/ 48، 49)، والبخاري (1160)، ومسلم (743)، وأبو داود(1263)، والترمذي (420) تعليقاً، والنسائي (3/ 252، 253)، وابن ماجه(1198).
16 - سبق تخريجه، وأن الصواب أنه مرسل، وأن الصحيح هو من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، لا من قوله.
17 - تقدم تخريجه.
بيان مشروعية الأضطجاع بعد راتية الفجر للعلامة عبد الله بن عبد العزيز العقيل -رحمه الله تعالى-
السؤال:دخلت المسجد لصلاة الفجر، وصليت سنة الفجر الراتبة، وبجانبي رجل يظهر أنه من طلبة العلم، ولما صلى سنة الفجر اضطجع على جنبه الأيمن، ولما أقيمت الصلاة نهض، وصلى مع الناس. ولما انتهينا من الصلاة أردت أن أسأله عن سبب اضطجاعه ذلك لكنه خرج من المسجد قبل أن أتمكن من سؤاله، فأرجوكم إفادتي عن ذلك مشكورين؟
الإجابة:الحمد لله وحده.
هذا الاضطجاع ورد فيه جملة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وتكلم عليها العلماء والفقهاء رحمهم الله، واختلفوا في حكمها، ونحن نورد لك بعض الأحاديث الواردة في ذلك، ونذكر ما يتيسر من كلام أهل العلم عليها.
. قال في (المنتقى) وشرحه (نيل الأوطار): عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم الركعتين قبل صلاة الصبح فليضطجع على جنبه الأيمن" (رواه أحمد وأبو داود والترمذي (1)، وصححه).
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن. وفي رواية: كان إذا صلى ركعتي الفجر فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع. متفق عليه، وأخرجه الجماعة(2) كلهم.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد والطبراني (3) بلفظ: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن.وفي إسناده حيي بن عبد الله المعافري، وهو مختلف فيه، وفي إسناد أحمد أيضاً ابن لهيعة، وفيه مقال مشهور.
وعن ابن عباس عند البيهقي (4) بنحو حديث عبد الله بن عمرو، وفيه انقطاع، واختلاف على ابن عباس.
وعن أبي بكرة عند أبي داود (5) بلفظ: قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح، فكان لا يمر برجل إلا ناداه بالصلاة، أو حركه برجله. أدخله أبو داود والبيهقي في باب: الاضطجاع بعد ركعتي الفجر.
▪ وقد اختلف في حكم هذا الاضطجاع على ستة أقوال:
- الأول: أنه مشروع على سبيل الاستحباب. قال العراقي: فممن كان يفعل ذلك، أو يفتي به من الصحابة: أبو موسى الأشعري، ورافع بن خديج، وأنس بن مالك، وأبو هريرة. واختلف فيه على ابن عمر؛ فرُوي عنه فعل ذلك، كما ذكره ابن أبي شيبة في (مصنفه) (6)، وروي عنه إنكاره كما سيأتي.
وممن قال به من التابعين: ابن سيرين، وعروة، وبقية الفقهاء السبعة، كما حكاه عبد الرحمن بن زيد في كتاب (السبعة)، وهم: سعيد بن المسيب، والقاسم ابن محمد بن أبي بكر، وعروة بن الزبير، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وخارجة ابن زيد بن ثابت، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار.
وقد نظمهم بعضهم بقوله:
إذا قيل من في العلم سبعةُ أبحرٍ ***روايتهم ليست عن العلم خارجهْ
فَقُلْ هم عبيد الله عروة قاسمٌ ***سعيد أبو بكر سليمان خارجهْ
قال ابن حزم (7): وروينا من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن عثمان ابن غياث هو ابن عثمان، أنه حدثه قال: كان الرجل يجيء وعمر بن الخطاب يصلي بالناس الصبح فيصلي ركعتين في مؤخر المسجد، ويضع جنبه في الأرض، ويدخل معه في الصلاة.أ.هـ.
وممن قال باستحباب ذلك من الأئمة: الشافعي وأصحابه.
- القول الثاني: أن الاضطجاع بعدهما واجب مفترض، لا بد من الإتيان به، وهو قول أبي محمد بن حزم(8)، واستدل بحديث أبي هريرة المذكور، وحمله الأولون على الاستحباب.
- القول الثالث: أن ذلك مكروه، وبدعة، وممن قال به من الصحابة: ابن مسعود، وابن عمر، على اختلاف عنه. فروى ابن أبي شيبة في (المصنف) من رواية إبراهيم قال: قال ابن مسعود: ما بال الرجل إذا صلى الركعتين يتمعك كما تتمعك الدابة، أو الحمار؟!
وعن سعيد بن المسيب قال: رأى عمر رجلا يضطجع بعد الركعتين، فقال:احصبوه.
وروى أبو مجلز عنه أنه قال: إن ذلك من تلاعب الشيطان.
وفي رواية زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي عنه أنه قال: إنها بدعة.ذكر ذلك جميعه ابن أبي شيبة.
وممن كره ذلك من التابعين: الأسود بن يزيد وإبراهيم النخعي، وقال: هي ضجعة الشيطان. وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، ومن الأئمة: مالك، وحكاه القاضي عياض عن جمهور العلماء.
- القول الرابع: أنه خلاف الأولى، روى ابن أبي شيبة (9) عن الحسن أنه كان لا يعجبه الاضطجاع بعد ركعتي الفجر.
- القول الخامس: التفرقة بين من يقوم بالليل، فيستحب له ذلك للاستراحة، وبين غيره، فلا يشرع له.
واختاره ابن العربي (10)، وقال: لا يضطجع بعد ركعتي الفجر لانتظار الصلاة إلا أن يكون قام الليل فيضطجع؛ استجماماً لصلاة الصبح، فلا بأس.أ.هـ.
ويشهد لهذا ما رواه الطبراني وعبد الرزاق عن عائشة أنها كانت تقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضطجع لسُنة، ولكنه كان يَدْأب ليلَهُ؛ فيستريح.
وهذا لا تقوم به حجة، أما أولا: فلأن في إسناده راويا لم يُسَمّ، كما قال الحافظ في (الفتح) (11)، وأما ثانياً: فلأن ذلك منها ظن وتخمين، وليس بحجة، وقد روت أنه كان يفعله، والحجة في فعله. وقد ثبت أمره به، فتأكدت بذلك مشروعيته.
- القول السادس: أن الاضطجاع ليس مقصودًا لذاته، وإنما المقصود الفصل بين ركعتي الفجر والفريضة. روى ذلك البيهقي عن الشافعي (12)، وفيه أن الفصل يحصل بالقعود، والتحول، والتحدث، وليس بمختص بالاضطجاع.
قال النووي (13): والمختار: الاضطجاع؛ لظاهر حديث أبي هريرة.أ.هـ من(نيل الأوطار) ملخصاً (14).
وأما مذهب الحنابلة فإن الاضطجاع بعد ركعتي الفجر سنة؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم. قال في (الإقناع)، وشرحه (كشاف القناع): ويسن الاضطجاع بعدهما على جنبه الأيمن، قبل فرضه، نص عليه، بقول عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع.
وفي رواية: فإن كنت مستيقظة حدثني، وإلا اضطجع. (متفق عليه) (15).
ونقل أبو طالب -يعني عن الإمام أحمد-: يكره الكلام بعدهما، إنما هي ساعة تسبيح.أ.هـ.
وقال الموفق في (المغني): ويستحب أن يضطجع بعد ركعتي الفجر على جنبه الأيمن، وكان أبو موسى، وأنس بن مالك، ورافع بن خديج يفعلونه، وأنكره ابن مسعود، وكان القاسم، وسالم، ونافع لا يفعلونه، واختُلف فيه عن ابن عمر. وروي عن الإمام أحمد أنه ليس بسنة؛ لأن ابن مسعود أنكره.
ولنا ما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع" (16).قال الترمذي: هذا حديث حسن. ورواه البزار في (مسنده)، وقال: "على شقه الأيمن".
وعن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن (متفق عليه) (17)، وهذا لفظ رواية البخاري.واتباع النبي صلى الله عليه وسلم في قوله، وفعله أولى من اتباع من خالفه، كائنا من كان.أ.هـ.
___________________________________________
1 - أحمد (2/ 415)، وأبو داود (1261)، والترمذي (420) وغيرهم، من حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به.
2 - أحمد (6/ 48، 49)، والبخاري (1160)، ومسلم (743)، وأبو داود(1263)، والترمذي (420) تعليقاً، والنسائي (3/ 252، 253)، وابن ماجه(1198).
3 - أحمد (2/ 173)، وعزاه الهيثمي في (المجمع) (2/ 218) للطبراني في(الكبير).
4 - البيهقي (3/ 45) من حديث شعبة عن موسى بن أبي عائشة، عن رجل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به. قال البيهقي: ورواه غيره عن شعبة، عن موسى، عن سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، منقطعًا كذا.
5 - أبو داود (1264) من طريق سهل بن حماد عن أبي مكين ثنا أبو الفضل-رجل من الأنصار- عن مسلم بن أبي بكرة عن أبيه مرفوعاً، وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة أبي الفضل هذا، قال الذهبي في (الميزان) (10509): لا يدرى من هذا.
6 - (2/ 247).
7 - (المحلى) (3/ 198، 199).
8 - انظر (المحلى) (3/ 196) وما بعدها. بل لقد قال ببطلان الفريضة لمن صلاها بعد ركعتين لم يضطجع بعدهما، ذاكراً أو ناسياً.
9 - (المصنف) (2/ 248) من حديث إسحاق الأزرق، عن هشام، عن الحسن، به.
10 - (عارضة الأحوذي) (2/ 216).
11 - (3/ 43 - 44) عقب حديث (1161).
12 - (السنن) (3/ 46).
13 - (المجموع) (3/ 483).
14 - (3/ 24، 25).
15 - أحمد (6/ 48، 49)، والبخاري (1160)، ومسلم (743)، وأبو داود(1263)، والترمذي (420) تعليقاً، والنسائي (3/ 252، 253)، وابن ماجه(1198).
16 - سبق تخريجه، وأن الصواب أنه مرسل، وأن الصحيح هو من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، لا من قوله.
17 - تقدم تخريجه.