أحمد البوسيفي الليبي
08-21-2009, 10:38 AM
الوتر والتراويح والقنوت
السؤال: ما حكم اجتماع الناس لصلاة التراويح في رمضان في المسجد؟
الإجابة:
اجتماع الناس لصلاة التراويح في المسجد مشروع، وعلى ذلك جمهور العلماء، وقد اجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصلوا، وما زال على ذلك عمل المسلمين، ولا يشكل على ذلك حديث: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم»؛ فإنه عام مخصوص.
وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة»
السؤال: ما حكم قنوت الفجر، وقول المؤذن: حي على خير العمل، والدعاء الراتب قبل الإقامة؟
الإجابة:
كل هذه الثلاثة الأمور محدثات، تخصيص الفجر بالقنوت لم يثبت فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقول: (حي على خير العمل) لم يثبت فيه حديث، ومن قال: ثبت فيه حديث فقد تقول على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وتحري ذلك الدعاء الراتب قبل الإقامة لم يثبت فيه حديث.
السؤال: هل تطويل القنوت في الوتر يكون دائمًا أو في بعض الأوقات كما سمعنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل ذلك؟ وهل الدعاء بعد الوتر جائز أم أنه من البدع، وأقصد بالدعاء بعد الوتر: الدعاء بخيري الدنيا والآخرة، وبنصرة إخواننا المجاهدين في كل مكان؟
الإجابة:
إطالة القنوت على هذا الحال المشاهد في بعض المساجد ليس من السنة.
السؤال: ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟ وما حكم الجهر بالبسملة؟ وهل كان الشافعي يرى ذلك؟
الإجابة:
أما القنوت في صلاة الفجر ففيه حديث ضعيف عن أنس من طريق أبي جعفر الرازي «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قنت حتى فارق الدنيا» هذا الحديث لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قال ابن القيم في المجلد الأول من زاد المعاد، وحاصله: أنه لو كان ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لتناقله عنه أصحابه؛ لكن لم يفعلوا ذلك، فتحريه محدث.
وأما الجهر بالبسملة في الصلاة فقد تقدم الجواب عنه.
السؤال: ما هي السنة في صلاة التراويح؟ وما هو الوقت المناسب في أول الليل أم آخره؟ وما هي السنة في عدد الركعات؟
الإجابة:
من كل الليل قد صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، صلى في أوله، وفي وسطه، وفي آخره، والأحاديث معروفة ثابتة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وأفضل أوقات التراويح آخر الليل؛ لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من خاف أن لا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخره؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل» أخرجه مسلم.
وثبت من حديث عائشة رضي الله عنها «أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى أربعًا لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم صلى أربعًا لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم صلى ثلاثًا»(4)، وثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة أيضًا: «أنه صلى ثماني ركعات جلس في الثامنة وتشهد، ثم قام ولم يسلم، وصلى ركعة ثم سلم بعد التاسعة، وصلى ركعتين وهو جالس»، هذه كيفية من كيفيات صلاة التراويح، وثبت عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم: «كان يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بواحدة»، وهذا مقيد بحديث عائشة الذي فيه: «ما زاد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة»، متفق عليه، وجاء عن ابن عباس أنه صلى اثنتي عشرة ركعة وأوتر بواحدة كما في الصحيح(8)، وهذا محمول على أنه حسب ركعتي الافتتاح الخفيفتين، ففي الصحيح أنه كان يفتتح بركعتين خفيفتين.
السؤال: كيف يصنع من نسي الوتر ولم يذكره إلا في اليوم الثاني ليلًا؟
الإجابة:
الذي يظهر لي في هذه المسألة أنه يصليه شفعًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا وتران في ليلة»، فهو إن صلى الوتر الذي مضى والوتر الحاضر صلى وترين.
فيصلي شفعًا، فهو إن ذكره إنما صلاه شفعًا، وإن ذكره من الليل من ليلته تلك أو من الليلة الثانية أو الثالثة أو كذا صلاه شفعًا، ولا يصليه وترًا، ولا ينبغي أن يتركه، بل يصليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من نام عن صلاة أو سها عنها فوقتها حين يذكرها»، وقد جاء أخص من ذلك حديث أبي سعيد: «من نام عن وتره أو سها عنه فوقته حين يذكره»، لكن كما علمت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بأن يصلى في النهار شفعًا، وقال أيضًا: «لا وتران في ليلة»، فيكون الحديث: (لا وتران في ليلة)، والحديث الذي فيه الأمر بصلاته شفعًا النهار، مبينًا لذلك الحديث الذي فيه: «فليصله إذا ذكره»، والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.
السؤال: هل يصح في صلاة التراويح أربع ركعات في تشهد واحد، أفيدونا بالدليل جزاكم الله خيرًا؟
الإجابة:
في الصحيحين البخاري ومسلم، اللذين هما أصح الكتب المصنفة- من حديث عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى أربعًا لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم صلى أربعًا لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم صلى ثلاثًا». هذا الحديث ظاهره يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى أربعًا، من أهل العلم من يقول: إنه صلى أربعًا، يعني: أنه استراح في الأربع، ولا مانع من أنه صلى ركعتين ركعتين؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى» وظاهر الحديث خلاف هذا التأويل، ويكون من تنوع العبادة، تنوع قيام الليل، فدعاء الاستفتاح متنوع، وقيام الليل متنوع، والتشهد بالصلاة متنوع، كل ذلك ثبت، ونعني بالتنوع ما ثبت به الدليل.
ويشهد لهذا المعنى ما في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى ثماني ركعات لا يجلس إلا في آخرهن، وتشهد ولم يسلم، ثم قام عليه الصلاة والسلام فصلى ركعة، ثم جلس وتشهد وسلم، ثم صلى بعد ذلك ركعتين»، فهذا صريح في وصل أكثر من ركعتين بتشهد واحد.
لكنّ هاتين الركعتين بعد الوتر لم يداوم عليهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان أكثر فعله أن يختم صلاته بالوتر، قال عليه الصلاة والسلام: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا»، وإنما جاءت هاتان الركعتان في هذا الحديث فيما أذكر، وفي حديث ثوبان: «إن هذا السفر جهد وثقل، فإذا صلى أحدكم فليختم بركعتين، فإن صلى أحدكم وختم بركعتين كانتا له»، أي: قيام ليل.
فيبقى أن هذا في بعض الأوقات لو شاء صلى ركعتين في بعض الأوقات عملًا بالسنة، يصلي ركعتين بعد الوتر، وإلا فالأصل أنه يصلي الوتر في آخر صلاته على ما دلت عليه تلك الأحاديث عن أبي سعيد وغيره رضي الله عنهم.
السؤال: هل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أوتر أكثر من ثلاث ركعات أو أكثر من ذلك؟
الإجابة:
كيف هذا؟ الذي في حديث عائشة، وجاء من حديث أبي أيوب، وجاء عن آخرين: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوتر بإحدى عشرة ركعة وأوتر بتسع ركعات، وأوتر في آخر عمره بسبع ركعات، والوتر يطلق على قيام الليل؛ لحديث: «من كل الليل قد صلى من أوله ومن وسطه ومن آخره»، نعم إنه أوتر بخمس، وجاء في حديث أبي أيوب وهو في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الوتر حق.. الوتر حق.. الوتر حق، فمن شاء أوتر بخمس، ومن شاء أوتر بثلاث، ومن شاء أوتر بواحدة»، ورأينا عليه بعض الكلام، لكن معه أدلة أخرى.
فتنوع وتره صلى الله عليه وآله وسلم، وأعلاه ثلاث عشرة ركعة من حديث ابن عباس في الصحيح، وأدناه ركعة لمن خشي الفجر، هذا الذي نقله محمد بن نصر المروزي كما في مختصر قيام الليل، ومعاوية رضي الله عنه لما أوتر بواحدة وقيل لابن عباس في ذلك؛ فقال: (إنه فقيه) فنعم يجوز الوتر بالثلاث وما فوق إلى الثلاث عشرة ركعة، أما ما زاد عن هذا القدر فلم يثبت فيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حديث.
السؤال: ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟ وهل يجوز للمؤتمين التأمين على هذا الدعاء؟ وعلى القول بثبوته علامَ يحمل؟!
الإجابة:
جاء من حديث أبي جعفر الرازي عيسى بن ماهان عن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قنت حتى فارق الدنيا»، أخذ بعض الناس من هذا الحديث أن هذا في قنوت الفجر، فالحديث ضعيف فيه أبو جعفر الرازي، لين، واللين إنما يصلح في الشواهد والمتابعات، ولا يصلح حديثه للاحتجاج، ولو صح الحديث لكان محمولًا على طول القراءة لا على القنوت التي يفعله بعض الناس.
و نقل الحافظ أن للفظ (القنوت) معاني عدة، ومن تلك المعاني: القراءة، فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يطيل القراءة في صلاة الفجر، وعلى ذلك حمل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث جابر عند مسلم: «أفضل الصلاة طول القنوت»، لكن القنوت المسئول عنه لم يثبت، ولم يعمل به الصحابة رضوان الله عليهم، كما ترى مضمون هذا القول في ‹زاد المعاد› لابن القيم رحمه الله تعالى.
السؤال: ما رأيكم في تخلل صلاة التراويح ببعض الكلمات الوعظية في أثناء الاسراحة؟
الإجابة:
تحري هذا أمر محدث، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، سميت تراويح؛ لأن الناس يستريحون فيها، وبعد ذلك يقومون للصلاة، أما تخللها بدرس أو بموعظة، ننصح بالبعد عن هذا؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يفعل هذا حين صلى بهم التروايح تلك الليالي، والسلف رضوان الله عليهم لم يكونوا يفعلون هذه الموعظة بين الركعتين أو بين الأربع، ولا يتخللون ذلك ببعض المواعظ، والله تعالى يقول: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾; [التوبة:100].. (ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها).
السؤال: صلى رجل مع الإمام صلاة القيام ثم تعب، فنام قدر ركعتين ثم رجع إلى الصلاة، هل يكتب له قيام ليلة؟
الإجابة:
نعم؛ اعتبارًا للأغلب فإن قيام الليل كله من أوله إلى آخرهخلاف السنة لحديث أنس في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لكني أقوم وأنام»، فيصدق على من قام من الليل بما يسر الله له أنه قام الليل سواء كان مأمومًا أو منفردًا، والله أعلم.
السؤال: التطويل في القيام بالمأمومين قد تكون فيه مشقة، وإنما جاء الدليل في حق المنفرد؟
الإجابة:
يعني حديث: «من أمّ بالناس فليخفف»، عام في الفريضة والنافلة فإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء.
السؤال: الحديث الذي أخرجه البخاري قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأصحابه ثلاثًا، ثم ترك خشية أن تفرض عليهم، وكان الناس يصلون لأنفسهم حتى خرج عمر وهم أوزاع فجمعهم على أبي بن كعب قال السائب بن يزيد: لما جمع عمر الناس على أبي بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة، هل هذا دليل على جواز التراويح عشرين ركعة؟
الإجابة:
هذه الرواية ضعيفة، وكل ما جاء في صلاة التراويح عشرين ركعة لا يثبت منه شيء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما جاء عن عمر أنه صلى بهم أحد عشر ركعة، كما أبانه العلامة الألباني رحمه الله في رسالة قيام الليل.
وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فتقول: كانت صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بعد صلاة العشاء إلى الفجر أحد عشر ركعة، فليجعل تنفله دائرًا على هذا المعنى، وعلى هذا الثابت الوارد كما ترى، وتحية المسجد، وإذا توضأ وأراد أن يصلي؛ لحديث بلال، ما تطهرت طهورًا إلا صليت ما كتب لي، وإذا أراد أن يستخير حصل له أمر وأراد أن يستخير كل هذه ما يحسبها من قيام الليل.
السؤال: هل يشرع للرجل أن يصلي بامرأته أو بأحد أصدقائه قيام الليل في غير رمضان؟
الإجابة:
يجوز ولكن بدون تكرار لذلك، فقد صلى ابن عباس مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعض الليالي، ولم يكن على سبيل الاستمرار، وتحري ذلك في غير رمضان من المحدثات.
السؤال: ما حكم من يقوم الليل من بعد العشاء حتى الفجر؟
الإجابة:
قيام الليل ليس من الفرائض وإنما هو تنفل وتطوع، ومن أراد ذلك فله أن يصلي ما شاء، وإن رأى أن يخفف أحيانًا ويطول أحيانًا فله ذلك، ولا ينبغي أن يقوم الليل كله، لحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أما إني أتقاكم لله وأخشاكم له لكني أصوم وأفطر وأقوم وأنام»
.
السؤال: متى تكون النازلة؟ ومتى يقنت فيها؟
الإجابة:
النازلة محدودة بقدر، وما كل الأمور يقنت فيها، وما كل ما سمع الإنسان أمرًا يعتبره نازلة.
السؤال: ما حكم من جهر بالصوت في قراءة النوافل في قيام الليل؟
الإجابة:
أما في الصلاة السرية فالجهر مخالفة للسنة، ولا تبطل به الصلاة، فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمعهم الآية والآيتين.
وفي النوافل في غير الليل هو خلاف السنة أيضًا.
وأما في قيام الليل فلا بأس أن يجهر به، فقد كانت بيوت الأشعريين تعرف في الليل بالقراءة، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لو رأيتني -يا أبا موسى- البارحة وأنا استمع لقراءتك»، قال: لو علمت أنك تستمع لقراءتي لحبرته لك تحبيرًا.
السؤال: يقول الله عز وجل: ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾; [الذاريات:18]، متى يبدأ وقت السحر ومتى ينتهي؟ وهل من صلى في هذا الوقت تنطبق عليه هذه الآية؟
الإجابة:
نعم، ينتهي السحر بطلوع الفجر، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة»، والسحور هو أكل الطعام وقت السحر، ووقت السحر ما لم يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، فذلك وقت السحر، وهو من الثلث الأخير إلى قبيل طلوع الفجر كله يطلق عليه وقت سحر، والاستغفار هنا عام، سواء كبر أو حمد الله أو صلى أو دعا، كله يعتبر استغفارًا، وكله داخل تحت هذه الآية، فوقت السحر من الثلث الأخير إلى قبل طلوع الفجر، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إن بلال يؤن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يقال: أصبحت أصبحت».
المصدر (http://www.sh-yahia.net/show_books_38.html)
السؤال: ما حكم اجتماع الناس لصلاة التراويح في رمضان في المسجد؟
الإجابة:
اجتماع الناس لصلاة التراويح في المسجد مشروع، وعلى ذلك جمهور العلماء، وقد اجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصلوا، وما زال على ذلك عمل المسلمين، ولا يشكل على ذلك حديث: «اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم»؛ فإنه عام مخصوص.
وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة»
السؤال: ما حكم قنوت الفجر، وقول المؤذن: حي على خير العمل، والدعاء الراتب قبل الإقامة؟
الإجابة:
كل هذه الثلاثة الأمور محدثات، تخصيص الفجر بالقنوت لم يثبت فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقول: (حي على خير العمل) لم يثبت فيه حديث، ومن قال: ثبت فيه حديث فقد تقول على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وتحري ذلك الدعاء الراتب قبل الإقامة لم يثبت فيه حديث.
السؤال: هل تطويل القنوت في الوتر يكون دائمًا أو في بعض الأوقات كما سمعنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل ذلك؟ وهل الدعاء بعد الوتر جائز أم أنه من البدع، وأقصد بالدعاء بعد الوتر: الدعاء بخيري الدنيا والآخرة، وبنصرة إخواننا المجاهدين في كل مكان؟
الإجابة:
إطالة القنوت على هذا الحال المشاهد في بعض المساجد ليس من السنة.
السؤال: ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟ وما حكم الجهر بالبسملة؟ وهل كان الشافعي يرى ذلك؟
الإجابة:
أما القنوت في صلاة الفجر ففيه حديث ضعيف عن أنس من طريق أبي جعفر الرازي «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قنت حتى فارق الدنيا» هذا الحديث لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما قال ابن القيم في المجلد الأول من زاد المعاد، وحاصله: أنه لو كان ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لتناقله عنه أصحابه؛ لكن لم يفعلوا ذلك، فتحريه محدث.
وأما الجهر بالبسملة في الصلاة فقد تقدم الجواب عنه.
السؤال: ما هي السنة في صلاة التراويح؟ وما هو الوقت المناسب في أول الليل أم آخره؟ وما هي السنة في عدد الركعات؟
الإجابة:
من كل الليل قد صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، صلى في أوله، وفي وسطه، وفي آخره، والأحاديث معروفة ثابتة والنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وأفضل أوقات التراويح آخر الليل؛ لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من خاف أن لا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخره؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل» أخرجه مسلم.
وثبت من حديث عائشة رضي الله عنها «أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى أربعًا لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم صلى أربعًا لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم صلى ثلاثًا»(4)، وثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة أيضًا: «أنه صلى ثماني ركعات جلس في الثامنة وتشهد، ثم قام ولم يسلم، وصلى ركعة ثم سلم بعد التاسعة، وصلى ركعتين وهو جالس»، هذه كيفية من كيفيات صلاة التراويح، وثبت عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم: «كان يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بواحدة»، وهذا مقيد بحديث عائشة الذي فيه: «ما زاد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة»، متفق عليه، وجاء عن ابن عباس أنه صلى اثنتي عشرة ركعة وأوتر بواحدة كما في الصحيح(8)، وهذا محمول على أنه حسب ركعتي الافتتاح الخفيفتين، ففي الصحيح أنه كان يفتتح بركعتين خفيفتين.
السؤال: كيف يصنع من نسي الوتر ولم يذكره إلا في اليوم الثاني ليلًا؟
الإجابة:
الذي يظهر لي في هذه المسألة أنه يصليه شفعًا؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا وتران في ليلة»، فهو إن صلى الوتر الذي مضى والوتر الحاضر صلى وترين.
فيصلي شفعًا، فهو إن ذكره إنما صلاه شفعًا، وإن ذكره من الليل من ليلته تلك أو من الليلة الثانية أو الثالثة أو كذا صلاه شفعًا، ولا يصليه وترًا، ولا ينبغي أن يتركه، بل يصليه؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من نام عن صلاة أو سها عنها فوقتها حين يذكرها»، وقد جاء أخص من ذلك حديث أبي سعيد: «من نام عن وتره أو سها عنه فوقته حين يذكره»، لكن كما علمت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بأن يصلى في النهار شفعًا، وقال أيضًا: «لا وتران في ليلة»، فيكون الحديث: (لا وتران في ليلة)، والحديث الذي فيه الأمر بصلاته شفعًا النهار، مبينًا لذلك الحديث الذي فيه: «فليصله إذا ذكره»، والله أعلم، والحمد لله رب العالمين.
السؤال: هل يصح في صلاة التراويح أربع ركعات في تشهد واحد، أفيدونا بالدليل جزاكم الله خيرًا؟
الإجابة:
في الصحيحين البخاري ومسلم، اللذين هما أصح الكتب المصنفة- من حديث عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى أربعًا لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم صلى أربعًا لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم صلى ثلاثًا». هذا الحديث ظاهره يدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى أربعًا، من أهل العلم من يقول: إنه صلى أربعًا، يعني: أنه استراح في الأربع، ولا مانع من أنه صلى ركعتين ركعتين؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى» وظاهر الحديث خلاف هذا التأويل، ويكون من تنوع العبادة، تنوع قيام الليل، فدعاء الاستفتاح متنوع، وقيام الليل متنوع، والتشهد بالصلاة متنوع، كل ذلك ثبت، ونعني بالتنوع ما ثبت به الدليل.
ويشهد لهذا المعنى ما في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى ثماني ركعات لا يجلس إلا في آخرهن، وتشهد ولم يسلم، ثم قام عليه الصلاة والسلام فصلى ركعة، ثم جلس وتشهد وسلم، ثم صلى بعد ذلك ركعتين»، فهذا صريح في وصل أكثر من ركعتين بتشهد واحد.
لكنّ هاتين الركعتين بعد الوتر لم يداوم عليهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان أكثر فعله أن يختم صلاته بالوتر، قال عليه الصلاة والسلام: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا»، وإنما جاءت هاتان الركعتان في هذا الحديث فيما أذكر، وفي حديث ثوبان: «إن هذا السفر جهد وثقل، فإذا صلى أحدكم فليختم بركعتين، فإن صلى أحدكم وختم بركعتين كانتا له»، أي: قيام ليل.
فيبقى أن هذا في بعض الأوقات لو شاء صلى ركعتين في بعض الأوقات عملًا بالسنة، يصلي ركعتين بعد الوتر، وإلا فالأصل أنه يصلي الوتر في آخر صلاته على ما دلت عليه تلك الأحاديث عن أبي سعيد وغيره رضي الله عنهم.
السؤال: هل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أوتر أكثر من ثلاث ركعات أو أكثر من ذلك؟
الإجابة:
كيف هذا؟ الذي في حديث عائشة، وجاء من حديث أبي أيوب، وجاء عن آخرين: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوتر بإحدى عشرة ركعة وأوتر بتسع ركعات، وأوتر في آخر عمره بسبع ركعات، والوتر يطلق على قيام الليل؛ لحديث: «من كل الليل قد صلى من أوله ومن وسطه ومن آخره»، نعم إنه أوتر بخمس، وجاء في حديث أبي أيوب وهو في الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الوتر حق.. الوتر حق.. الوتر حق، فمن شاء أوتر بخمس، ومن شاء أوتر بثلاث، ومن شاء أوتر بواحدة»، ورأينا عليه بعض الكلام، لكن معه أدلة أخرى.
فتنوع وتره صلى الله عليه وآله وسلم، وأعلاه ثلاث عشرة ركعة من حديث ابن عباس في الصحيح، وأدناه ركعة لمن خشي الفجر، هذا الذي نقله محمد بن نصر المروزي كما في مختصر قيام الليل، ومعاوية رضي الله عنه لما أوتر بواحدة وقيل لابن عباس في ذلك؛ فقال: (إنه فقيه) فنعم يجوز الوتر بالثلاث وما فوق إلى الثلاث عشرة ركعة، أما ما زاد عن هذا القدر فلم يثبت فيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حديث.
السؤال: ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟ وهل يجوز للمؤتمين التأمين على هذا الدعاء؟ وعلى القول بثبوته علامَ يحمل؟!
الإجابة:
جاء من حديث أبي جعفر الرازي عيسى بن ماهان عن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قنت حتى فارق الدنيا»، أخذ بعض الناس من هذا الحديث أن هذا في قنوت الفجر، فالحديث ضعيف فيه أبو جعفر الرازي، لين، واللين إنما يصلح في الشواهد والمتابعات، ولا يصلح حديثه للاحتجاج، ولو صح الحديث لكان محمولًا على طول القراءة لا على القنوت التي يفعله بعض الناس.
و نقل الحافظ أن للفظ (القنوت) معاني عدة، ومن تلك المعاني: القراءة، فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يطيل القراءة في صلاة الفجر، وعلى ذلك حمل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث جابر عند مسلم: «أفضل الصلاة طول القنوت»، لكن القنوت المسئول عنه لم يثبت، ولم يعمل به الصحابة رضوان الله عليهم، كما ترى مضمون هذا القول في ‹زاد المعاد› لابن القيم رحمه الله تعالى.
السؤال: ما رأيكم في تخلل صلاة التراويح ببعض الكلمات الوعظية في أثناء الاسراحة؟
الإجابة:
تحري هذا أمر محدث، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، سميت تراويح؛ لأن الناس يستريحون فيها، وبعد ذلك يقومون للصلاة، أما تخللها بدرس أو بموعظة، ننصح بالبعد عن هذا؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن يفعل هذا حين صلى بهم التروايح تلك الليالي، والسلف رضوان الله عليهم لم يكونوا يفعلون هذه الموعظة بين الركعتين أو بين الأربع، ولا يتخللون ذلك ببعض المواعظ، والله تعالى يقول: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾; [التوبة:100].. (ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها).
السؤال: صلى رجل مع الإمام صلاة القيام ثم تعب، فنام قدر ركعتين ثم رجع إلى الصلاة، هل يكتب له قيام ليلة؟
الإجابة:
نعم؛ اعتبارًا للأغلب فإن قيام الليل كله من أوله إلى آخرهخلاف السنة لحديث أنس في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لكني أقوم وأنام»، فيصدق على من قام من الليل بما يسر الله له أنه قام الليل سواء كان مأمومًا أو منفردًا، والله أعلم.
السؤال: التطويل في القيام بالمأمومين قد تكون فيه مشقة، وإنما جاء الدليل في حق المنفرد؟
الإجابة:
يعني حديث: «من أمّ بالناس فليخفف»، عام في الفريضة والنافلة فإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء.
السؤال: الحديث الذي أخرجه البخاري قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأصحابه ثلاثًا، ثم ترك خشية أن تفرض عليهم، وكان الناس يصلون لأنفسهم حتى خرج عمر وهم أوزاع فجمعهم على أبي بن كعب قال السائب بن يزيد: لما جمع عمر الناس على أبي بن كعب كان يصلي بهم عشرين ركعة، هل هذا دليل على جواز التراويح عشرين ركعة؟
الإجابة:
هذه الرواية ضعيفة، وكل ما جاء في صلاة التراويح عشرين ركعة لا يثبت منه شيء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما جاء عن عمر أنه صلى بهم أحد عشر ركعة، كما أبانه العلامة الألباني رحمه الله في رسالة قيام الليل.
وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فتقول: كانت صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من بعد صلاة العشاء إلى الفجر أحد عشر ركعة، فليجعل تنفله دائرًا على هذا المعنى، وعلى هذا الثابت الوارد كما ترى، وتحية المسجد، وإذا توضأ وأراد أن يصلي؛ لحديث بلال، ما تطهرت طهورًا إلا صليت ما كتب لي، وإذا أراد أن يستخير حصل له أمر وأراد أن يستخير كل هذه ما يحسبها من قيام الليل.
السؤال: هل يشرع للرجل أن يصلي بامرأته أو بأحد أصدقائه قيام الليل في غير رمضان؟
الإجابة:
يجوز ولكن بدون تكرار لذلك، فقد صلى ابن عباس مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعض الليالي، ولم يكن على سبيل الاستمرار، وتحري ذلك في غير رمضان من المحدثات.
السؤال: ما حكم من يقوم الليل من بعد العشاء حتى الفجر؟
الإجابة:
قيام الليل ليس من الفرائض وإنما هو تنفل وتطوع، ومن أراد ذلك فله أن يصلي ما شاء، وإن رأى أن يخفف أحيانًا ويطول أحيانًا فله ذلك، ولا ينبغي أن يقوم الليل كله، لحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أما إني أتقاكم لله وأخشاكم له لكني أصوم وأفطر وأقوم وأنام»
.
السؤال: متى تكون النازلة؟ ومتى يقنت فيها؟
الإجابة:
النازلة محدودة بقدر، وما كل الأمور يقنت فيها، وما كل ما سمع الإنسان أمرًا يعتبره نازلة.
السؤال: ما حكم من جهر بالصوت في قراءة النوافل في قيام الليل؟
الإجابة:
أما في الصلاة السرية فالجهر مخالفة للسنة، ولا تبطل به الصلاة، فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمعهم الآية والآيتين.
وفي النوافل في غير الليل هو خلاف السنة أيضًا.
وأما في قيام الليل فلا بأس أن يجهر به، فقد كانت بيوت الأشعريين تعرف في الليل بالقراءة، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لو رأيتني -يا أبا موسى- البارحة وأنا استمع لقراءتك»، قال: لو علمت أنك تستمع لقراءتي لحبرته لك تحبيرًا.
السؤال: يقول الله عز وجل: ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾; [الذاريات:18]، متى يبدأ وقت السحر ومتى ينتهي؟ وهل من صلى في هذا الوقت تنطبق عليه هذه الآية؟
الإجابة:
نعم، ينتهي السحر بطلوع الفجر، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تسحروا فإن في السحور بركة»، والسحور هو أكل الطعام وقت السحر، ووقت السحر ما لم يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، فذلك وقت السحر، وهو من الثلث الأخير إلى قبيل طلوع الفجر كله يطلق عليه وقت سحر، والاستغفار هنا عام، سواء كبر أو حمد الله أو صلى أو دعا، كله يعتبر استغفارًا، وكله داخل تحت هذه الآية، فوقت السحر من الثلث الأخير إلى قبل طلوع الفجر، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إن بلال يؤن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يقال: أصبحت أصبحت».
المصدر (http://www.sh-yahia.net/show_books_38.html)