أم جابر السلفية
10-31-2009, 07:57 PM
السلام عليكم ورحمـــة الله وبركاته
قال العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين في كتاب
الشرح الممتع على زاد المستقنع باب وليمة العرس المجلد الثاني
قال المؤلف رحمه الله تعالى :
<< تُسَنُّ بِشَاةٍ فَأَقَلَّ، وَتَجِبُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ إِجَابَةُ مُسْلِمٍ يَحْرُمُ هَجْرُهُ إِلَيْهَا إِنْ عَيَّنَهُ، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُنْكَرٌ، فَإِنْ دَعَاهُ الجَفَلَى، أَوْ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ، أَوْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ كُرِهَتِ الإِْجَابَةُ،.. >>
وقوله: « يحرم هجره » ، أفادنا أن من المسلمين من لا يحرم هجره؛ وذلك أن الهجر ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول: من يجب هجره، وذلك كصاحب البدعة الداعي إلى بدعته، إذا لم ينتهِ إلا بالهجر، فإنه يجب علينا أن نهجره وجوباً؛ لأن في الهجر فائدة، وهو ترك الدعوة إلى البدعة، فإذا وجدنا شخصاً يدعو الناس إلى القول بخلق القرآن، أو إلى أن الله ـ تعالى ـ في كل مكان وجب علينا أن نهجره، فلا نسلم عليه، ولا نرد عليه السلام، ولا نجيب دعوته، ولا نتحدث إليه حديث الصديق؛ لأن هجره هنا فيه مصلحة، وقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه أمر بهجر من فعل محرماً، كما في قصة كعب وصاحبيه رضي الله عنهم وفاعل المحرم أهون ممن يدعو إلى البدعة؛ لأن البدعة تستمر بالدعوة إليها، وفاعل المحرم فَعَلَه وانتهى.
القسم الثاني: من هجره سُنة، وهو هجر فاعل المعصية التي دون البدعة، إذا كان في هجره مصلحة، كهجر إنسان يحلق لحيته، فإذا رأينا شخصاً قد أصر على ذلك، وكان في هجره مصلحة، وهو الرجوع إلى حظيرة السنة، فالهجر هنا سنة حتى يرجع، وكذلك يقال في شارب الدخان، والموظف في جهات ربوية، ولا نقول: إنه واجب؛ لأننا لا نتحقق به ترك المحرم، فلو تحققنا به ترك المحرم لكان الهجر واجباً.
إذاً هنا الهجر سنة بشرط المصلحة، فإن لم يكن في هجره مصلحة فإنه لا يهجر؛ لأن الأصل أن هجر المؤمن حرام لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة» فإن لم يكن مصلحة صار الهجر حراماً، إذ لا يحصل منه إلا عكس ما نريد، وأما ما يفعله بعض الإخوة المستقيمين الغيورين على دينهم من هجر أهل المعاصي مطلقاً فغلط، ومخالف للسنة، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة» ، وفاعل المعصية أخ لك مهما فعل من الكبائر، إلا إذا كفر، وعلى هذا فلا يجوز هجر أهل المعاصي إلا لوجود المصلحة.
القسم الثالث: هجر مباح، وهو ما يحصل بين الإنسان وأخيه بسبب سوء تفاهم، وهو مقيد بثلاثة أيام فأقل.
والقول الراجح أن الهجر لا يجب، ولا يسن، ولا يباح إلا حيث تحققت المصلحة، فإذا كان هناك مصلحة هجرنا وإلا فلا؛ لأن الهجر إما دواء وإما تعزير، فإن كان من أجل معصية مستمرة فهو دواء، وإن كان من أجل معصية مضت وانتهت فهو تعزير، فيحرم أن يهجر أخاه المؤمن ما لم يصل إلى الكفر، والدليل على ذلك عمومات الأدلة الدالة على حقوق المسلم على المسلم، والمؤمن لا يخرج من الإيمان بمجرد الفسوق والعصيان عند أهل السنة والجماعة، ولذلك الأصل تحريم هجر المؤمنين، ولو فعلوا المعصية وتجاهروا بها؛ لأنهم مؤمنون، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «وحق المسلم على المسلم ست، ومنها: إذا لقيته فسلم عليه» فقال: حق المسلم، ولم يقل: حق المؤمن؛ لأن الإسلام أوسع من الإيمان،
لـكن إذا كان في الهجر مصلحة فإنه إما أن يسن، وإما أن يجب، حسب ما تقتضيه المصلحة، وحسب عظم الذنب، فإذا كان هذا الرجل الحالق للحية إذا هجرناه ارتدع، وصار يمشي بين الناس غريباً، لا يُسلم عليه، ولا يرد سلامه، فيخجل ويعفي لحيته، كان هجره سنة أو واجباً؛ لأن هجره مفيد، أما إذا كان هذا الرجل إذا هجرناه ازداد شره، ونفر من أخيه المؤمن، وحصلت الوحشة بينهما، فلا يسن الهجر هنا، بل لا ينبغي، والمسبل لثيابه مجاهر بالمعصية، والذي يبدو لنا أنه أعظم من حلق اللحية؛ لأنه متوعد عليه، فهو من كبائر الذنوب، وأعظم من شرب الدخان، مع أن شرب الدخان الآن أكثر من حلق اللحية والإسبال.
المهم أن المذهب يقسمون الهجر إلى ثلاثة أقسام : واجب، وسنة، ومباح،
ولكن الصحيح عندنا أنه لا ينقسم إلى هذه الأقسام، وأن الأصل في الهجر التحريم، إلا إذا كان فيه مصلحة .
انتهى كلامه رحمه الله
قال العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين في كتاب
الشرح الممتع على زاد المستقنع باب وليمة العرس المجلد الثاني
قال المؤلف رحمه الله تعالى :
<< تُسَنُّ بِشَاةٍ فَأَقَلَّ، وَتَجِبُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ إِجَابَةُ مُسْلِمٍ يَحْرُمُ هَجْرُهُ إِلَيْهَا إِنْ عَيَّنَهُ، وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُنْكَرٌ، فَإِنْ دَعَاهُ الجَفَلَى، أَوْ فِي اليَوْمِ الثَّالِثِ، أَوْ دَعَاهُ ذِمِّيٌّ كُرِهَتِ الإِْجَابَةُ،.. >>
وقوله: « يحرم هجره » ، أفادنا أن من المسلمين من لا يحرم هجره؛ وذلك أن الهجر ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول: من يجب هجره، وذلك كصاحب البدعة الداعي إلى بدعته، إذا لم ينتهِ إلا بالهجر، فإنه يجب علينا أن نهجره وجوباً؛ لأن في الهجر فائدة، وهو ترك الدعوة إلى البدعة، فإذا وجدنا شخصاً يدعو الناس إلى القول بخلق القرآن، أو إلى أن الله ـ تعالى ـ في كل مكان وجب علينا أن نهجره، فلا نسلم عليه، ولا نرد عليه السلام، ولا نجيب دعوته، ولا نتحدث إليه حديث الصديق؛ لأن هجره هنا فيه مصلحة، وقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه أمر بهجر من فعل محرماً، كما في قصة كعب وصاحبيه رضي الله عنهم وفاعل المحرم أهون ممن يدعو إلى البدعة؛ لأن البدعة تستمر بالدعوة إليها، وفاعل المحرم فَعَلَه وانتهى.
القسم الثاني: من هجره سُنة، وهو هجر فاعل المعصية التي دون البدعة، إذا كان في هجره مصلحة، كهجر إنسان يحلق لحيته، فإذا رأينا شخصاً قد أصر على ذلك، وكان في هجره مصلحة، وهو الرجوع إلى حظيرة السنة، فالهجر هنا سنة حتى يرجع، وكذلك يقال في شارب الدخان، والموظف في جهات ربوية، ولا نقول: إنه واجب؛ لأننا لا نتحقق به ترك المحرم، فلو تحققنا به ترك المحرم لكان الهجر واجباً.
إذاً هنا الهجر سنة بشرط المصلحة، فإن لم يكن في هجره مصلحة فإنه لا يهجر؛ لأن الأصل أن هجر المؤمن حرام لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة» فإن لم يكن مصلحة صار الهجر حراماً، إذ لا يحصل منه إلا عكس ما نريد، وأما ما يفعله بعض الإخوة المستقيمين الغيورين على دينهم من هجر أهل المعاصي مطلقاً فغلط، ومخالف للسنة، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة» ، وفاعل المعصية أخ لك مهما فعل من الكبائر، إلا إذا كفر، وعلى هذا فلا يجوز هجر أهل المعاصي إلا لوجود المصلحة.
القسم الثالث: هجر مباح، وهو ما يحصل بين الإنسان وأخيه بسبب سوء تفاهم، وهو مقيد بثلاثة أيام فأقل.
والقول الراجح أن الهجر لا يجب، ولا يسن، ولا يباح إلا حيث تحققت المصلحة، فإذا كان هناك مصلحة هجرنا وإلا فلا؛ لأن الهجر إما دواء وإما تعزير، فإن كان من أجل معصية مستمرة فهو دواء، وإن كان من أجل معصية مضت وانتهت فهو تعزير، فيحرم أن يهجر أخاه المؤمن ما لم يصل إلى الكفر، والدليل على ذلك عمومات الأدلة الدالة على حقوق المسلم على المسلم، والمؤمن لا يخرج من الإيمان بمجرد الفسوق والعصيان عند أهل السنة والجماعة، ولذلك الأصل تحريم هجر المؤمنين، ولو فعلوا المعصية وتجاهروا بها؛ لأنهم مؤمنون، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «وحق المسلم على المسلم ست، ومنها: إذا لقيته فسلم عليه» فقال: حق المسلم، ولم يقل: حق المؤمن؛ لأن الإسلام أوسع من الإيمان،
لـكن إذا كان في الهجر مصلحة فإنه إما أن يسن، وإما أن يجب، حسب ما تقتضيه المصلحة، وحسب عظم الذنب، فإذا كان هذا الرجل الحالق للحية إذا هجرناه ارتدع، وصار يمشي بين الناس غريباً، لا يُسلم عليه، ولا يرد سلامه، فيخجل ويعفي لحيته، كان هجره سنة أو واجباً؛ لأن هجره مفيد، أما إذا كان هذا الرجل إذا هجرناه ازداد شره، ونفر من أخيه المؤمن، وحصلت الوحشة بينهما، فلا يسن الهجر هنا، بل لا ينبغي، والمسبل لثيابه مجاهر بالمعصية، والذي يبدو لنا أنه أعظم من حلق اللحية؛ لأنه متوعد عليه، فهو من كبائر الذنوب، وأعظم من شرب الدخان، مع أن شرب الدخان الآن أكثر من حلق اللحية والإسبال.
المهم أن المذهب يقسمون الهجر إلى ثلاثة أقسام : واجب، وسنة، ومباح،
ولكن الصحيح عندنا أنه لا ينقسم إلى هذه الأقسام، وأن الأصل في الهجر التحريم، إلا إذا كان فيه مصلحة .
انتهى كلامه رحمه الله