الشاعر أبو رواحة الموري
11-05-2009, 03:33 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الردود من منهج السلف
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، وبعد:
باستقراء أحوال النَّاس
وجد أنَّ هناك أقوامٌ ينتمون إلى المنهج السلفي حسب زعمهم ، ولكنَّهم يكرهون الردود ، ويرون أنَّها سببٌ في التفرق ، ونشر الضغائن بين الناس ، وبثِّ العداوات ، وغرس بذور الفرقة ؛ وهذا يدل على قلة تعمق هؤلاء فيما يترتب على كلِّ من الأمرين الرد وتركه ؛ من نتائج حسنة أو سيئة ؛ حلوةً أو مرَّةً ؛ والحقيقة أنَّ الرد على المخالف يعتبر إنكاراً لمنكر فشا ، وردَّاً لباطلٍ روِّج ؛ وقد قرن الله عزَّ وجل الأمر بالمعروف ، والنَّهي عن المنكر بالإيمان ؛ فجعل الثلاثة سبباً لخيرية هذه الأمة ؛ حيث قال تعالى)كنتم خير أمَّةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ( آل عمران 110)قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : " يخبر تعالى عن هذه الأمة المحمدية بأنَّها خير الأمم ، فقال:)كنتم خير أمَّةٍ أخرجت للناس( قال البخاري : حدثنا محمد بن يوسف عن سفيان عن أبي ميسرة عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه :
)كنتم خير أمَّةٍ أخرجت للناس(قال : خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل بأعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام ؛وهكذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعطاء ، والربيع بن أنس ، وعطية العوفي:)كنتم خير أمة أخرجت للناس( يعني خير الناس للناس ، والمعنى أنَّهم خير الأمم ، وأنفع الناس للناس ، ولهذا قال : ) تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله(ثمَّ قال : " قال الإمام أحمد حدثنا أحمد بن عبد الملك حدثنا شريكٌ عن سماك عن عبد الله بن عَمِيرة عن زوج درة بنت أبي لهب عن درة بنت أبي لهب قالت : قام رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ؛ فقال يا رسول الله : أيُّ الناس خير؟ فقال رسول الله صلى الله علي وسلم : خير الناس أقرأهم ، وأتقاهم لله ، وآمرهم بالمعروف ، وأنهاهم عن المنكر ، وأوصلهم للرحم " اهـ . وقد تتبعت سند هذا الحديث فوجدتهم كلهم ثقات ، وشريكٌ سيءُ الحفظ ، وعبد الله بن عميرة كوفيٌّ مقبولٌ من الثانية ، وزوج درة بنت أبي لهب لم أعرفه ، ولعلَّه كان صحابياً ، وقد ساق ابن كثيرٍ أحاديث كثيرةٌ في خيرية هذه الأمة ، ثمَّ قال : "
فهذه الأحاديث في معنى قوله تعالى : )كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله(فمن اتصف من هذه الأمة بهذه الصفات دخل معهم في هذا الثناء عليهم ، والمدح لهم كما قال قتادة : بلغنا أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حجة حجها رأى من الناس سرعة فقرأ هذه الآية :)كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس( " ثمَّ قال : " من سرَّه أن يكون من تلك الأمة فليؤد شرط الله فيها ؛ رواه ابن جرير " قال ابن كثير:"ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب ؛ الذين ذمهم الله بقوله : )كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه( اهـ .
وأقول : إنَّ الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر واجبٌ حتميٌّ على الأمة جمعاء لا يجوز لأحدٍ ترك ما يقدر عليه منه ، وإن ترك شيئاً يقدر عليه ناله من جرَّاء ذلك من الإثم ما ناله لا محالة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم )) رواه ابن ماجة ، وحسَّنه الألباني ، وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إيَّاكم والجلوس على الطرقات ؛ قالوا : مالنا بدٌّ إنَّما هي مجالسنا نتحدث فيها ؛ قال : فإذا أتيتم المجالس فأعطوا الطريق حقَّه ؛ قالوا : وما حقُّ الطريق ؛ قال : غضُّ البصر ، وردُّ السلام ، وأمرٌ بالمعروف ، ونهي عن المنكر))رواه البخاري ومسلم .
ومن هذه الأدلة من الكتاب ، والسنة ، وإجماع الأمة على وجوب الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ؛ نأخذ وجوب الردود ، والردود لا تكون إلاَّ على أخطاء ؛ فهل يجوز أن نسكت على الخطـأ ؛ فلا ننكره ؟ الجواب:لا ؛ إنَّ الذين ينكرون الردود إنَّما يريدون أن يفشوا المنكر فلا ينكر ؛ ويفشوا المنكر فلا ينكر حتى يستفحل الباطل وأهله ، ويضعف الحق وأهله ؛ فإذا خلت الأرض من آمرٍ بمعروف ، وناهٍ عن منكر ؛ استحق أهلها اللعنة كما لُعن بنو إسرائيل؛قال تعالى : )لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بماعصوا وكانوا يعتدون $ كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون(
إنَّ الله عزَّ وجل جعل خيرية هذه الأمة مبينةً على ثلاث قواعد ؛ وهي:
1- الأمر بالمعروف.
2-النهي عن المنكر.
3- الإيمان بالله.
والخلاصة : أنَّ من أنكر الردود فقد أنكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومن أنكر الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر فقد أضاع اثنتين من تلك القواعد ، وإذا ضاعت منه اثنتين فقد ضاعت منه الثالثة ؛ وهي الإيمان بالله ؛ لأنَّ الإيمان بالله هو الباعث على الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وبفقدهما يفقد قال تعالى :)فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقيةٍ ينهون عن الفساد في الأرض إلاَّ قليلاً ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين (
وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه.
كتبه
أحمد بن يحيى بن محمد النَّجمي
في 2 / 5 / 1427هـ
الردود من منهج السلف
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ، وبعد:
باستقراء أحوال النَّاس
وجد أنَّ هناك أقوامٌ ينتمون إلى المنهج السلفي حسب زعمهم ، ولكنَّهم يكرهون الردود ، ويرون أنَّها سببٌ في التفرق ، ونشر الضغائن بين الناس ، وبثِّ العداوات ، وغرس بذور الفرقة ؛ وهذا يدل على قلة تعمق هؤلاء فيما يترتب على كلِّ من الأمرين الرد وتركه ؛ من نتائج حسنة أو سيئة ؛ حلوةً أو مرَّةً ؛ والحقيقة أنَّ الرد على المخالف يعتبر إنكاراً لمنكر فشا ، وردَّاً لباطلٍ روِّج ؛ وقد قرن الله عزَّ وجل الأمر بالمعروف ، والنَّهي عن المنكر بالإيمان ؛ فجعل الثلاثة سبباً لخيرية هذه الأمة ؛ حيث قال تعالى)كنتم خير أمَّةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ( آل عمران 110)قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : " يخبر تعالى عن هذه الأمة المحمدية بأنَّها خير الأمم ، فقال:)كنتم خير أمَّةٍ أخرجت للناس( قال البخاري : حدثنا محمد بن يوسف عن سفيان عن أبي ميسرة عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه :
)كنتم خير أمَّةٍ أخرجت للناس(قال : خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل بأعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام ؛وهكذا قال ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعطاء ، والربيع بن أنس ، وعطية العوفي:)كنتم خير أمة أخرجت للناس( يعني خير الناس للناس ، والمعنى أنَّهم خير الأمم ، وأنفع الناس للناس ، ولهذا قال : ) تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله(ثمَّ قال : " قال الإمام أحمد حدثنا أحمد بن عبد الملك حدثنا شريكٌ عن سماك عن عبد الله بن عَمِيرة عن زوج درة بنت أبي لهب عن درة بنت أبي لهب قالت : قام رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ؛ فقال يا رسول الله : أيُّ الناس خير؟ فقال رسول الله صلى الله علي وسلم : خير الناس أقرأهم ، وأتقاهم لله ، وآمرهم بالمعروف ، وأنهاهم عن المنكر ، وأوصلهم للرحم " اهـ . وقد تتبعت سند هذا الحديث فوجدتهم كلهم ثقات ، وشريكٌ سيءُ الحفظ ، وعبد الله بن عميرة كوفيٌّ مقبولٌ من الثانية ، وزوج درة بنت أبي لهب لم أعرفه ، ولعلَّه كان صحابياً ، وقد ساق ابن كثيرٍ أحاديث كثيرةٌ في خيرية هذه الأمة ، ثمَّ قال : "
فهذه الأحاديث في معنى قوله تعالى : )كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله(فمن اتصف من هذه الأمة بهذه الصفات دخل معهم في هذا الثناء عليهم ، والمدح لهم كما قال قتادة : بلغنا أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حجة حجها رأى من الناس سرعة فقرأ هذه الآية :)كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس( " ثمَّ قال : " من سرَّه أن يكون من تلك الأمة فليؤد شرط الله فيها ؛ رواه ابن جرير " قال ابن كثير:"ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب ؛ الذين ذمهم الله بقوله : )كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه( اهـ .
وأقول : إنَّ الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر واجبٌ حتميٌّ على الأمة جمعاء لا يجوز لأحدٍ ترك ما يقدر عليه منه ، وإن ترك شيئاً يقدر عليه ناله من جرَّاء ذلك من الإثم ما ناله لا محالة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم )) رواه ابن ماجة ، وحسَّنه الألباني ، وعن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إيَّاكم والجلوس على الطرقات ؛ قالوا : مالنا بدٌّ إنَّما هي مجالسنا نتحدث فيها ؛ قال : فإذا أتيتم المجالس فأعطوا الطريق حقَّه ؛ قالوا : وما حقُّ الطريق ؛ قال : غضُّ البصر ، وردُّ السلام ، وأمرٌ بالمعروف ، ونهي عن المنكر))رواه البخاري ومسلم .
ومن هذه الأدلة من الكتاب ، والسنة ، وإجماع الأمة على وجوب الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ؛ نأخذ وجوب الردود ، والردود لا تكون إلاَّ على أخطاء ؛ فهل يجوز أن نسكت على الخطـأ ؛ فلا ننكره ؟ الجواب:لا ؛ إنَّ الذين ينكرون الردود إنَّما يريدون أن يفشوا المنكر فلا ينكر ؛ ويفشوا المنكر فلا ينكر حتى يستفحل الباطل وأهله ، ويضعف الحق وأهله ؛ فإذا خلت الأرض من آمرٍ بمعروف ، وناهٍ عن منكر ؛ استحق أهلها اللعنة كما لُعن بنو إسرائيل؛قال تعالى : )لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بماعصوا وكانوا يعتدون $ كانوا لا يتناهون عن منكرٍ فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون(
إنَّ الله عزَّ وجل جعل خيرية هذه الأمة مبينةً على ثلاث قواعد ؛ وهي:
1- الأمر بالمعروف.
2-النهي عن المنكر.
3- الإيمان بالله.
والخلاصة : أنَّ من أنكر الردود فقد أنكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومن أنكر الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر فقد أضاع اثنتين من تلك القواعد ، وإذا ضاعت منه اثنتين فقد ضاعت منه الثالثة ؛ وهي الإيمان بالله ؛ لأنَّ الإيمان بالله هو الباعث على الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وبفقدهما يفقد قال تعالى :)فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقيةٍ ينهون عن الفساد في الأرض إلاَّ قليلاً ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين (
وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه.
كتبه
أحمد بن يحيى بن محمد النَّجمي
في 2 / 5 / 1427هـ