منتديات الشعر السلفي بإشراف الشاعر ابي رواحة الموري

منتديات الشعر السلفي بإشراف الشاعر ابي رواحة الموري (http://www.salafi-poetry.com/vb/index.php)
-   منتدى الحديث والــــمصطـلـح (http://www.salafi-poetry.com/vb/forumdisplay.php?f=28)
-   -   (السلسلة الذهبية من فوائد كتاب شرح الأربعين النووية للشيخ يحيى حفظه الله) حديث جبريل (2) (http://www.salafi-poetry.com/vb/showthread.php?t=189)

أكرم بن نجيب التونسي 06-21-2009 04:51 PM

(السلسلة الذهبية من فوائد كتاب شرح الأربعين النووية للشيخ يحيى حفظه الله) حديث جبريل (2)
 
(السلسلة الذهبية من فوائد كتاب شرح الأربعين النووية للشيخ يحيى حفظه الله) حديث جبريل (2) .
جمع الفوائد الأخ أبو إبراهيم علي مثنى وفقه الله لكل خير
.


-------------------------------
{2}
حديث جبريل الطويل وفوائده

قال الإمام مسلم رحمه الله:

حدثني أبو خثيمة زهير بن حرب حدثنا وكيع عن كهمس عن عبد الله بن بريده عن يحيى بن يعمر ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري وهذا حديثه حدثنا أبي حدثنا كهمس عن ابن بريده عن يحيى بن يعمر، قال: كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني، فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين، فقلنا: لو لقينا أحداًًًًً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلاً المسجد فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي، فقلت: أبا عبد الرحمن، إنه قد ظهر قبلنا أناس يقرءون القرآن ويتقفرون العلم، وذكر من شأنهم، وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أُنُف، ثم قال: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم براء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أُحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر، ثم قال: حدثني أبي عمر بن الخطاب، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عيه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه، وقال:((يا محمد أخبرني عن الإسلام؟))، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا))، قال:((صدقت))، قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه، قال:((فأخبرني عن الإيمان؟))، قال: أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره))، قال:(( صدقت))، قال:((فأخبرني عن الإحسان؟))، قال:((أن تعبد الله كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك))، قال:((فأخبرني عن الساعة؟))، قال:((ما المسئول عنها بأعلم من السائل))، قال:((فأخبرني عن أماراتها؟))، قال:((أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان))، قال: ثم انطلق فلبثت مليا، ثم قال لي:((أتدري من السائل؟)) قلت: الله ورسوله أعلم، قال:((إنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)).
--------------------------------

الفوائد:

.- وأخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة بنحوه، وحديث عمر أتم.
--------------------------------

.- قوله: (كان أول من قال بالقدر بالبصرة معبد الجهني)، هذا بيان معرفة أول من نشر الشر أو الخير، ولو في قطر من الأقطار، وأن معبد بن غيلان الجهني أحد المعتزلة نشر هذه البدعة التي أصلها من اليهود، والله سبحانه وتعالى يقول:{ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون}.
--------------------------------

.- وفيه أن بدعة القول بالقدر من العراق، وكثير من الفتن ظهرت من العراق، وقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم- عن نجد العراق:((منه الزلازل والفتن، ومنه يطلع قرن الشيطان)).
--------------------------------

.- قوله:(فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن)، فيه: طلب الرفقة في السفر، وقد ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:((الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب))، ونهى النبي- صلى الله عليه وسلم- أن يسافر الرجل وحده.
--------------------------------

.- قوله:(حاجين أو معتمرين)، وفي بعض النسخ:(حاجين ومعتمرين)، والشك لا يضر، فمحمول أنهما كانا متمتعين بالعمرة إلى الحج، فقال بعضهم: حاجين ومعتمرين، وقال بعضهم: حاجين، أو قال: معتمرين. وكله صحيح.
--------------------------------

.- قوله:( فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم-)، فيه الرجوع إلى أهل العلم عند المعضلات، وأن العلماء هم أهل الحل والعقد، وهم الذين يعقلون الأُمور، قال تعالى:{ وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون}، وقال تعالى:{ وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}، ولا بأس بالنية مع الحج أو العمرة، لا يفسد ذلك، لو حج وهو قاصد أن يحج ويشتري له تجاره بعد أن يحج فحجه صحيح، قال تعالى:{ ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم}، وهكذا لو حج وهو يقصد أنه مع حجه يلتقي بالعالم الفلاني، أو الصديق الفلاني، يزوره، لا مانع من ذلك، ولا يضر، كما صنع يحيى بن يعمر، وحميد بن عبد الرحمن، بل كثير من أهل الحديث كانوا يلتقون بالموسم، ويسافرون من بلدانهم للحج، وللقاء الأئمة، فيصير نوراً على نور.
--------------------------------

.- وفيه فضيلة الصحابة، أنهم عايشوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، وسمعوا منه وعندهم علم غزير بغير تكلف، وأما من قال: طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم، فهذا قول باطل، بل طريقتهم أسلم، وأعلم، وأحكم، وهم خير القرون الذين نزل الثناء عليهم من الله عز وجل في قوله:{ والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم}.
--------------------------------

.- قوله:(فسألناه)، فيه سؤال أهل الذكر، قال تعالى:{ فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، فسؤال أهل الذكر قد حث الله عليه في كتابه كما سمعت، وليس كل الناس يُسألون، وإلا فعندهم من يدعي العلم في البصرة، وعمدوا إلى صاحب رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
--------------------------------

.- والمسائل المشكلة المعضلة لابد بالرجوع فيها إلى أهل العلم، وعدم الخوض فيها، وإن كان الإنسان قد أنكر بادئ الرأي، فأنت ترى يحيى بن يعمر قد حصل عنده إنكار لهذا الأمر في قلبه، وأراد سؤال أهل العلم حتى يقول: قال ابن عمر-رضي الله عنه-، وحتى يكون على بصيرةٍ أكثر، ومن فضل العلماء أنهم أشد الناس نباهة لبيان الأقوال، والأفعال المخالفة للحق والإنكار على من جاء بها، سواءً كان في العقيدة، أو في أي وجه يخالف الدليل.
--------------------------------

.- قوله:(فَوفّقَ ِلنا عبد الله بن عمر)، فيه ذكر الاسم واسم الأب يكفي عند معرفة الشخص، وذكر هذا ابن القيم في ((زاد المعاد))، ومعنى (فَوفِّقَ لنا)، أي قدر لنا، ولقيناه اتفاقاً، وهذا نحو قول بعضهم: لقيت فلاناً صدفة، ولا مانع من هذا القول، لحديث عبد الله بن عمرو، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:((إن نبي الله سليمان سأل الله عز وجل ثلاث خلال، سأل الله حكماً يصادف حكمه فأوتيه، وسئل الله حكماً لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه، وسئل الله حين فرغ من بناء المسجد أن لا يأتيه أحداً لا ينهزه ألا الصلاة فيه أن يخرجه كيوم ولدته أمه))، وفي الباب حديث:((يوم الجمعة فيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي، فيسأل شيئاًإلا أعطاه...))الحديث، وفي حديث أنس، قال انطلق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى أم أيمن، فناولته إناءً فيه شراب، فلا أدري أصادفته صائماً، وفي مسلم[كتاب الفتن(2942)]، قال: فصادفوا البحر يغتلم.
--------------------------------

.- وعبد الله بن عمر ممن روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- فوق الألف، وهو كذلك من العبادلة الذين اشتهروا بالعلم، وتأخر موتهم، واحتاج إليهم الناس، وحتى كان لهم تلاميذ كثير، وهم: ابن عمر، وابن عمرو، وابن عباس، وابن الزبير، مجموعون في قول الناظم:

أبناء عباس وعمرو وعمر**** وابن الزبير هم العبادلة الغرر.
--------------------------------

.- قوله:(داخل المسجد، فاكتنفته)، لا بأس بالسؤال ولو لم يكن في مجلس الفتوى، وبوب عليه البخاري[السؤال في الطريق، أو السؤال في الراحلة].
--------------------------------

.- قوله:( فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله)، شأن طلبة العلم المؤدبين في الاحتفاء بالعالم.
--------------------------------

.- قوله:(فظننت أن صاحبي سَيَكِلُ الكَلامَ إليَّ)، استدلوا بهذا على أن الذي يتكلم في الأمور المهمة ولا سيما عند أولي العلم من العلماء، والأمراء هو أبلغ القوم، أو أكبر القوم، الفاهم لمحاورات الناس، لحديث:((كبّر، كبّر))، حتى يفصح عن المقصود.
--------------------------------

.- قوله:(يا أبا عبد الرحمن))، كنية عبد الله بن عمر، وفيه غاية الإجلال، قال الشاعر:

أكنيه حين أناديه لا**** ألقبه والسوءة اللقب

- وابن عمر إمام من أئمة الدنيا، وينادونه بكنيته دون مبالغة، فهذا الذي ينبغي: عدم الإطراء للعالم، ولا لغيره.
--------------------------------

.- قوله:(إنه قد ظهر قبلنا رجال يقرءون القرآن ويتقفرون العلم))، وهذا نستفيد منه فائدة عظيمة ، أنك لا تغتر بمن قرأ القرآن، ولا كل من تتبع العلم وهو على منهج منحرف، ويقول بعضهم: فلان يحفظ((صحيح البخاري))و((صحيح مسلم))، والله، لو حفظ الكتب الستة كلها مع القرآن، وصار متدهور الحال، لا على عقيدةٍ صحيحة، أو صار حزبياً، أنه يصير ممسوخاً.
--------------------------------

.- هؤلاء الناس يتقفرون العلم، يتتبعونه ويقرءون القرآن، هذه طريقة محمودة لو كانت على استقامة، لكنهم أفسدوها بالاعوجاج في العقيدة، ورحم الله يحيى بن يعمر فقد ذكر من شأنهم حسب ما يعلم، ذكر الحقيقة دون تلبيس في السؤال، لا كما يفعل الحزبيون، إذا ذهبوا يسألون عالماً يصورون السؤال تصويراً آخر، وما يذكرون الحقيقة، ومن الأدب أن تذكر السؤال والعالم يجيب، لا كما يفعل بعض السائلين، كأنه يجيب نفسه بنفسه بقوله: ما رأيكم في هذا القول المنكر أو الفعل المنكر.
--------------------------------

.- قولهم:(إنَّهُ لاَ قَدَر)، هؤلاء كفار كما تقدم، لأنهم يردون الأدلة الدالة على علم الله السابق، ذكر أهل العلم عدم الخلاف على كفرهم.
--------------------------------

.قولهم:(وأن الأمر أنُف)، أي مستأنف ما علم الله الأمور إلا بعد حدوثها.
--------------------------------

.قوله:(إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم)، وهذا مما يستدل به العلماء على إظهار العداوة لأهل الباطل على قدر ما يستحقون، وبيان الهجر لهم، والبراءة منهم.
--------------------------------

.قوله:(والذي يحلف به عبد الله بن عمر)، وهو الله عز جل، لأنه لا يجوز الحلف بغيره، لقوله- صلى الله عليه وسلم-:((من كان حالفاً فليحلف بالله))، فالحلف بغير الله شرك.
--------------------------------

.قوله:(لو أن لأحدهم مثل أحد ذهباً فأنفقه ما تقبل الله منه حتى يؤمن بالقدر)، معنى هذا أنهم كفار، إنما يتقبل الله من المتقين، وكما قال سبحانه:{وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله ورسوله}، فهذا مصير من ابن عمر إلى تكفيرهم.
--------------------------------

.ثم قال:(حدثني أبي)، يعني أمير المؤمنين أبا حفص عمر بن الخطاب، وهو أفضل الصحابة بعد أبي بكر الصديق، وفضائله كثيرة مذكورة في مواضعها من كتب التراجم، وفيه العناية بأسانيد الحديث، وهكذا كان السلف رحمهم الله،

ففي مقدمة صحيح مسلم عن ابن سيرين رحمه الله قال: إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذوا دينكم.

وقال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدعة فلا يؤخذ حديثهم.

وقال عبد الله بن المبارك: الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء.

وقال أيضاً: بيننا وبين القوم القوائم يعني الإسناد.
--------------------------------

.- ابن عمر أفتى، وأبرز الدليل على فتواه مسنداً، فهذا ينبغي أن ينتبه له طالب العلم، يذكر الفتوى، ودليل الفتوى كما فعل ابن عمر، وكما هو أيضاً مذكور في موضعه من شروط الفتوى.
--------------------------------

. قوله:( أخبروهم أني منهم بريء وأنه مني بَرَاء) إخبار وإعلان لهجرهم، وهذا من أدلة هجران أهل الباطل، وإعلان مفاصلتهم، وأدلة الولاء للحق وأهله، والبراء من البطل وأهله كثيرة، ومنها قوله تعالى:{وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله}.
--------------------------------
. وقول ابن عمر:(والله لو أنفق أحدهم مثل أُحُدٍ ذهبا لن يقبل الله منه حتى يؤمن بالقدر خيره وشره)، هؤلاء القدرية كانوا منكرين لعلم الله، ويقولون: الأمر أنف، فالله لا يعلم الأُمور إلا بعد حدوثها ويظهر من قول ابن عمر تكفيرهم، وقد كفرهم أيضاً آخرون، منهم: عمر بن عبد العزيز، والشافعي رحمهم الله وعدم قبول عمل الكافر دل عليه القرآن، قال سبحانه:{وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله}، فدل القرآن على أن الكافر لا تقبل نفقته لا فرضاً ولا تطوعاً، قال تعالى:{إنما يتقبل الله من المتقين}، لكن هذا المذهب قد انقرض كما نص على ذلك شيخ الإسلام كما في(مجموع الفتاوى)، وقبله النووي في شرح مسلم، وأكثر ما يكون القدرية بعد ذلك النفاة، الذين يقولون: الله خلق الخير ولم يخلق الشر، وهؤلاء هم أشباه المجوس الذين ينطبق عليهم حديث :((القدرية مجوس هذه الأمة)).
--------------------------------


يُتبـــــــــع....

أكرم بن نجيب التونسي 06-23-2009 08:25 PM

وله:(بينما نحن عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب)، من أدب طالب العلم أيضاً، فإن جبريل أتى لتعليم تلك الآداب: لباس الثياب البيض لطالب العلم، وهذا أفضل:((ألبسوا من ثيابكم البياض وكفنوا فيهن موتاكم))، جبريل أتى في ثياب بيض لقصد يعلمكم أمر دينكم، وأمر اللباس من الدين، وعليه أحكام،
----------------------------------------------

.
وفيه أنه عبر برجل وهو ملك، فهذا فيه أن الملائكة ذكور، يوصفون بالذكورية، وعلى ذلك عدد من الأدلة، منها قوله تعالى:{لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}، وقوله:{وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم}، وأنهم يوم بدر نزل خيارهم مسمومين، يقاتلون مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ومنهم جبريل، قال النبي- صلى الله عليه وسلم-:((هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب))، والله تعالى يقول:{الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس}، وقال تعالى:{الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعِل الملائكة رسلاً أولي أجنحةٍ}.
----------------------------------------------

.
وَوَصْفُهُم بالأنوثة كفر أكبر، قال تعالى:{أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون}، وقال:{أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثاً إنكم لتقولون قولاً عظيماً}، وقال:{وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون}، وقال:{إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى}، وقال{أم له البنات ولكم البنون}، ولم يأت في دليل واحد ما يصرف تلك الأدلة المتقدمة في خطابهم بلفظ المذكر، ولا إنكار ذلك، ولهذا قال العلامة ابن باز-رحمه الله- حين سُئِل عن قول بعض الناس عن الممرضات إنهن ملائكة الرحمة، قال:(هذا الوصف لا يجوز إطلاقه على الممرضات، لأن الملائكة ذكور وليسوا إناثا، وقد أنكر الله سبحانه على المشركين وصفهم الملائكة بالأنوثة).
----------------------------------------------

.
قلت: وأما ما جاء في صحيح البخاري عن سعيد بن المسيب أنه قال:(الملائكة ليسوا ذكوراً ولا إناثا)، فهذا لم يثبت، ولو ثبت، فينبغي أن يحمل على أن الملائكة ليسوا ذكورا ولا إناثا من بني آدم، أو أنه اجتهاد منه لم يصب –رحمه الله-، لأن نفي الذكورية عنهم مطلقا فيه معارضة لبعض ما ذكر هنا من الأدلة.
----------------------------------------------

.
وقدرة الملائكة على التكيف هذا بأمر الله، هو الذي يغيرهم من حال إلى حال، أما هؤلاء الممثلون السقط فلا دليل لهم في هذا الحديث على التكيف تارة يمثل شيطانا، وتارة يمثل عفريتا، وتارة يمثل مغنية، وتارة يمثل سارقا، فهؤلاء ما غَيَّرَهُمُ اللهُ، غَيَّرُوا أنفسهم وغير الله بهم قال تعالى:{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، غير الله بهم بسبب بعدهم عن الحق، مثلوا الشيطان يا أخوان، بل مثلوا رب العالمين، يأخذ كشافا ويلمع به أنه يبرق ويزمجر بصوته كأنه يرعد.
----------------------------------------------

.
سؤال: ما تعريف الإيمان عند الجهمية؟
جواب: هو المعرفة، فعلى هذا القول الباطل الشيطان مؤمن، لأنه عرف الله، قال تعالى:{قال أنظرني إلى يوم يبعثون}، ومشركوا قريش مؤمنون، قال تعالى:{ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله}، واليهود أيضاً مؤمنون، قال تعالى:{وقالت اليهود نحن أبناء الله وأحباؤه}، وفرعون مؤمن، قال تعالى:{وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا}، فهذا تعريف باطل إلى الغاية، ودندن حول هذا التعريف الزنداني في كتابه ذلك المسمى بالتوحيد.
----------------------------------------------

.
سؤال: ما هو الإيمان عند الكرامية؟
جواب: هو القول باللسان، وعلى هذا التعريف الباطل، فالمنافقون الإعتقاديون يقولون: لا إله إلا الله، ويصلون، ويصومون، فالمنافقون على هذا التعريف مؤمنون، والواقع أن المنافقين ليسوا بمؤمنين، بل كفار في الدرك الأسفل من النار، قال تعالى:{إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا}، وقوله:{إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يرآءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا}، فالمنافقون الإعتقاديون كفار بلا خلاف، نقل عدم الخلاف الحافظ-رحمه الله-، ولم يخالف إلا بعض الشذاذ، ومن مات على نفاقه الإعتقادي فهو كافر مخلد في النار، وقد ذكر الله في أول سورة البقرة أربع آيات في المؤمنين وآيتين في الكافرين ونحو أربع عشرة آية في المنافقين.
----------------------------------------------

.
سؤال: ما هو الإيمان عند الماتريدية؟
جواب: هو التصديق، ويقرب منهم قول الأشاعرة.
----------------------------------------------

.
سؤال: هل الخوارج يرون مرتكب الكبيرة من أهل التوحيد مؤمنا؟
جواب: هم بالغوا في هذا حتى جعلوا من عمل معصية خرج من الإيمان، فمن اقترف الكبائر من دون الشرك فليس بمؤمن عندهم، بالغوا في هذا، بل هو عندهم كافر مخلد في النار، وهذا قول باطل إلى الغاية، لأن الله يقول:{وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم}، ويقول:{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.
----------------------------------------------

.
سؤال: ما هو الإيمان عند أهل السنة؟
جواب: الإيمان عندهم نطق باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، وهو عندهم يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، لقول الله تعالى:{ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم}، وقوله تعالى:{ويزداد الذين امنوا إيمانا}، وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان)).
----------------------------------------------

.
سؤال: هل الأعمال داخلة في مسمى الإيمان؟
جواب: نعم، قال تعالى:{وما كان الله ليضيع إيمانكم}، والمقصود به صلاتكم والصلاة عمل، وفي((الصحيحين)) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال:((الإيمان بضع وستون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان))، وإماطة الأذى عن الطريق عمل وهو داخل في مسمى الإيمان.
----------------------------------------------

.
مراتب الدين ثلاثة الإسلام والإيمان والإحسان.
----------------------------------------------

.
سؤال: هل ممكن أن يكون مسلما وما عنه شيء من الإيمان؟
جواب:
لا بد من إيمان، والإيمان منه أعلى، ومنه أدنى، وليست هذه التعاريف مترادفة، ما هي مترادفة، لكنا درجات: إسلام، وإيمان، وإحسان.
----------------------------------------------

.
فهذا الحديث شمل أركان الإسلام، وأركان الإيمان، وركن الإحسان، وما من مسلم إلا وعنده إيمان، ولو أصل الإيمان، أما قول الله تعالى:{قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم}، وفي حديث سعد بن أبي وقاص: والله يا رسول الله، ما أراه إلا مؤمنا ، قال:(( أو مسلما)) مرتين أو ثلاثا وهو يقول:((أو مسلما))، المقصود بذلك{قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا}، أي لم يقول: الإيمان في قلوبكم، أي لم يكتمل وإلا فالنبي- صلى الله عليه وسلم- يقول:((والله، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم))، وقال- صلى الله عليه وسلم-:(( قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه))، وقال- صلى الله عليه وسلم-:((لا تدخل الجنة إلا نفس مسلمة))، فدل على أن المسلم مؤمن،لأنه ما سيدخل الجنة إلا بالإيمان، قد يكون قويا في إيمانه، وقد يكون ضعيفا.
----------------------------------------------

.
وذكروا من فوائد هذا الحديث قوله:(لا يُرى) وجاءت رواية:(لا نرى) أيهما أرجح؟ (لا يُرى) هذه الصحيحة(لا يُرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد)، دلالة الاقتران ضعيفة، وقد تقوى في بعض الحالات، وأن هذه الهيئة هيئة واحد ما هو مسافر، ثم ليس من أهل القرية حتى نعرفه ولا عليه شعث السفر.
----------------------------------------------

.
قوله:(ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي- صلى الله عليه وسلم-)، جاءت زيادة:(حتى دخل، فسلم وقال: يا محمد، أدن، قال: أدنه، قال: أدن، قال: أدنه)، وهي خارج الصحيح.
----------------------------------------------

.
قوله:(فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه)، جاء في((سنن البيهقي))، (أنه وضع كفيه على فخذي النبي- صلى الله عليه وسلم-)، وهي من طريق سليمان التيمي، وسليمان قد حصلت عنده زوائد في ذلك الحديث شذ بها، منها:((تحج وتعتمر))، فزيادة ((وتعتمر))، شاذة، وذكر الغسل من الجنابة وذكر إسباغ الوضوء، زوائد أنكرها عليه بعض أهل العلم، وعلى هذا فإن النووي يرى أن جبريل وضع كفيه على فخذي نفسه، لا على فخذي النبي- صلى الله عليه وسلم-، وهذا الذي يظهر أنه هو الصحيح، واللائق بتعليم طالب العلم أدب الطلب، فعلى هذا يكون جبريل جاء كما في الحديث على صورة رجل.
----------------------------------------------

.
قوله:(( يا محمد، أخبرني عن الإسلام))، هذا استفسار استدلوا به على أنه يجوز للسائل أن يسأل لقصد إفادة الآخرين، وكانوا يفرحون أن يأتي الأعرابي فيسأل ليستفيدوا، جبريل سأل لإفادة الآخرين وتعليم أدب طلب العلم، هذا الحديث من أوسع الأدلة في آداب طالب العلم، ونظيره حديث أبي بن كعب في قصة موسى مع الخضر عليهما السلام، والحديث في الصحيح.
----------------------------------------------

.
قوله:((أخبرني عن الإسلام))، التعليم إما عن طريق السؤال، وإما عن طريق إلقاء، النبي- صلى الله عليه وسلم- كان يلقي على أصحابه بعض الأسئلة ليعلمهم،
وإما أن يكون بالفعل،
كما قال- صلى الله عليه وسلم-:((خذوا عني مناسككم))، وصلى على المنبر ليراه الناس فيأتموا به، ويتعلموا صلاته.
كما في الصحيح من حديث سهل بن سعد ففي حديث زيد بن واقد الليثي قال: دخل أناس والنبي- صلى الله عليه وسلم- يتكلم مع أصحابه وأحدهم وجد فرجة فجلس فيها، والآخر جلس بينهم، والآخر أعرض، وقال بعد أن أتم كلامه:((ألا أنبئكم بالنفر الثلاثة))، وهو متفق عليه،
وهكذا: يا رسول الله، رجل لا يدري ما دينه، جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه، فجلس النبي- صلى الله عليه وسلم- على الكرسي وعلمه حتى فقه دينه، ثم قام وأكمل خطبته، الحديث في مسلم عن أبي رفاعة، هذا وسيلة من وسائل التعليم،
ووسيلة أخرى هي السؤال كما سأل جبريل النبي- صلى الله عليه وسلم- الحديث، وكما سأل النبي- صلى الله عليه وسلم- عن شجرة تشبه المؤمن؟ فوقع الناس في شجر البوادي، فقال بعضهم هي النخلة.
----------------------------------------------

.
قوله:((صدقت))، فيه تصديق الذي يوافق الحق، فلك أن تقول: أصبت، ولك أن تقول: نعم، ولك أن تقول: صدقت، إذا أجاب بالصواب على ما قال جبريل-عليه السلام-، فهذا من آداب طالب العلم، وأدب التلقين والكل جاءت به الأدلة منها: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال لأبي بكر لما أوَّل الرؤيا:((أصبت بعضا وأخطأت بعضا))، وقالت أم سلمه: هل لي من أجر في بني سلمه إن أنفقت عليهم؟ قال:((نعم)).
----------------------------------------------

.
قوله:((وبكتبه))، يعني بالقرآن، وبالتوراة، وبالإنجيل، وزبور داوود، وصحف إبراهيم وموسى، كلها من عند الله عز وجل، ولكن تلك داخلها التحريف، وما يحرف منها فأنه منسوخ، وألف السخاوي((الأصل الأصيل في تحريم النقل من التوراة والإنجيل))، يذكرون هذا الكتاب من مؤلفاته، وللذهبي مبحث في هذه المسألة في ترجمة عمرو بن العاص في(( سير إعلام النبلاء))، وأيضا ترجمة كعب بن ماتع كعب الأحبار من ((سير إعلام النبلاء))، بما حاصله أنه لا ينبغي التهوك على تلك الكتب، قال تعالى:{أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون}، وقال:{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}، وهكذا قوله:{وأنزلنا إليك الكتاب مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم عما جائك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا}، والشافعي -رحمة الله عليه- يذهب إلى أن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا، وهذا هو الصواب، وحرره أيضا ابن قدامة في ((الروضة))، هذا هو الصواب أن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا، وأن عندنا من كتاب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم- ما يكفي:{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}.
----------------------------------------------

.
قوله:(( واليوم الآخر))، اليوم الآخر من القبر وما بعده،((القبر أول منازل الآخرة، من نجا منه فما بعده أيسر، ومن لم ينج منه فما بعده أشد))، والحديث في ((الصحيح المسند)) لشيخنا من حديث عثمان بن عفان-رضي الله عنه-.
----------------------------------------------

.
قوله:(( وبرسله))، الذي يكفر برسول واحد يكون قد كفر بجميع المرسلين، قال تعالى:{كذبت ثمود المرسلين}، هم كذبوا رسولا واحدا، لكن بتكذيبهم ذلك الواحد صاروا مكذبين لجميع المرسلين، قال تعالى:{ كذبت عاد المرسلين}، وقال تعالى:{ كذب أصحاب لأيكة المرسلين}، وقال تعالى:{ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين}، وقال تعالى:{كذبت قوم نوح المرسلين}، وقال تعالى:{إن الذين يكفرون بالله ورسوله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسوله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا واعتدنا للكافرين عذابا مهينا}، وقال:{امن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله}.
----------------------------------------------

.
قوله:((وتؤمن بالقدر خيره وشره))، جاءت زيادة أيضا:((وحلوه ومره))، ذكرها الحافظ لا شك أن من القدر قدر خير وقدر شر بالنسبة للعبد وإلا فإن الله عز وجل الشر ليس إليه، أي: لا يصعد إليه، ولا يتقرب به إليه كما ذكر النووي-رحمه الله- من معاني هذا الحديث في شرح صحيح مسلم، وقد يكون شرا بالنسبة لما حصل للعبد.
----------------------------------------------

.
قوله:((قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان؟))، الإحسان قد يكون بين العباد، وقد يكون في العبادة كما هو مبين هنا، الإحسان إلى الوالدين، الإحسان في القول، الإحسان في الفعل، قال تعالى:{ليبلوكم أيكم أحسن عملا}، وقال تعالى:{وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}، وهذا الحديث من أدلة المراقبة لله عز وجل:((أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه، فإنه يراك))، هذا فيه المراقبة يراقب العبد ربه.
----------------------------------------------

.
وفيه ذكر الساعة، وإنه إذا كان جبريل لا يعلمها ولا يعلمها محمد- صلى الله عليه وسلم-، فأجدر أن لا يعلمهما غيرهما من المخلوقين، قال تعالى:{ يسألونك كأنك حَفِىّ عنها}، وقال:{يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها}، ((خمس لا يعلمهن إلا الله))، ومنها:((لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله))، والله يقول:{وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت}، إلى آخر الأدلة،
----------------------------------------------

.
ويأتي بعض المهلوسين ويحدد زمن قيام الساعة في رسالة((عمر أمة الإسلام)) أكذب الله ذلك الكذاب، والسيوطي قدوته في هذه اللفلفة، فحقيقة أنه باطل وضلال، ذلك الكتاب فيه كذب، وفيه أيضا تشكيك في شيء مقطوع به، وهو أنه لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله، هي ستقوم((ستقوم في الجمعة)) لكن الله أعلم أي جمعة.
----------------------------------------------

.
قوله:((ما المسئول عنها بأعلم من السائل))، قال:((فأخبرني عن أماراتها؟))، هذه الأمارات والعلامات المذكورة في هذا الحديث هي الصغرى وليست الكبرى.
----------------------------------------------

.
قوله:((أن تلد الأمة ربتها))، معناه أن السراري تكثر، فيتزوج الرجل أمة وهو حر، فتلد بنتا فتكون البنت سيدة أمها.
----------------------------------------------

.
قوله:((الحفاة العراة))، فيه أن الإخبار عن صفات إنسان ليست غيبة، وليس قدحا إذا كان على صفة التعريف بمن هذه صفته، لقصد التعريف لا للتنابز.
----------------------------------------------

.
قوله:((رعاء الشاء يتطاولون في البنيان))، فيه أن كثيرا من العرب يحبون رعي الأغنام حتى اشتهروا بذلك.
----------------------------------------------

.
قوله:((فلبثت مليا))، جاء تفسيره بثلاثة أيام وهو في((الصحيحين من حديث أبي هريرة، مليا أنه زمنا قصيرا، قال:((ردوه)) لما خرج، فلم يجدوه ، وهذا يدل أنه زمن قصير، وليس ثلاثة أيام كما في تلك الرواية المخالفة للحديث الصحيح، والمعنى الصحيح.
----------------------------------------------

.
قوله:((أتدري من السائل؟))، أيضا هذا من اختبار الطالب من باب التعليم فقط.
----------------------------------------------

.
قوله:((قلت: الله ورسوله أعلم))، فيه جواز إشراك الضميرين، فإن إشراك الضمير الذي أنكره النبي- صلى الله عليه وسلم- على ذلك الخطيب الذي قال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:((بئس خطيب القوم أنت))، لما سمعه قال: من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، لأن الخطبة شأنها كما قال النووي: الإيضاح، فأنكر النبي- صلى الله عليه وسلم- ذلك، وأما إشراك الضميرين فقد جاء في هذا الحديث وفي غيره، هذا وقوله:(الله ورسوله أعلم) هذا في زمن حياته، أما بعد موته فالنبي- صلى الله عليه وسلم- يقال له:((إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك))،فلو سئلت الآن: كم قيمة هذا الكتاب؟ وأنت لا تعلم، لا يصلح أن تقول الله ورسوله أعلم ولكن تقول: الله أعلم، وحتى في الأمور الشرعية الأولى ترك زيادة: ورسوله هنا،بعد موته- صلى الله عليه وسلم-اهـ.


ويلي هذا ملخص بفوائد هذا الحديث إن شاء الله....

أكرم بن نجيب التونسي 06-24-2009 08:20 PM

ملخص فوائد حديث جبريـــــــــــل


1- فيه أن أول من قال بالقدر بالبصرة معبد الجهني.

2- فيه السؤال عما أشكل، أو لقصد تعليم الناس.

3- وأنه ينبغي للسائل أن يرفق في سؤاله.

4- وفيه أن الإنسان يقرأ القرآن وهو جاهل، إذا لم يتربى عند علماء السنة.

5- فيه إعلان هجر المبتدعة.

6- وفيه أن طلب العلم بغير سنة لا يكون نافعاً لصاحبه، بل يكون ضرراً عليه في دينه.

7- وفيه وجوب المحافظة على هذه الأركان المذكورة؛ لأنها أصول الدين.

8- وفيه الرجوع إلى أهل العلم في المعضلات.

9- وفيه فضيلة العلماء، وأنهم ينظرون إلى الأدلة.

10- وفيه جواز الرحلة إلى طلب العلم مع نية الحج والعمرة.

11- وفيه أن الذي يتكلم في الأمور المهمة هو أكبر القوم، أو أبلغهم.

12- وفيه أن أولئك القدرية كانوا كفاراً؛ لأنهم أنكروا علم الله، وقد انقرض مذهبهم هذا.

13- وفيه العناية بتعليم الدين الذي خلقنا الله من أجله.

14- وفيه البراءة من البدع وأهلها.

15- وفيه أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يرى كفر هؤلاء القدرية.

16- وفيه أن هؤلاء القدرية المذكورين في الحديث كانوا طلاباً، ولم يكونوا علماء.

17- وفيه عدم تعجل الأمور قبل حدوثها بالإنكار، ما دام العلماء موجودين حتى يحكموا في الأمر، وأن ظهر للطالب إنكار ذلك، ونظير ذلك قصة أصحاب مسجد أبي حنيفة، وحال أبي موسى معهم ومع ابن مسعود.

18- وفيه فضل الصحابة، وفضل علمهم.

19- وفيه أن صدقة الكافر فرضاً أو نفلاً لا تقبل.

20- وفيه أن الإيمان بالقدر واجب لا يصح الإيمان إلا به.

21- وفيه أن لفظة: (لو) ليست مكروهه إلا إذا اعترض بها على القدر أخذاً من قوله: لو قدر لنا....

22- وفيه تعليم أدب طلب العلم.

23- وفيه السؤال لقصد التعليم، وقد كانوا يفرحون إذا قدم أعرابي فسأل عن مسألة.

24- وفيه فضل اجتماع نيات متعددة.

25- وفيه فضل لباس البياض، وينبغي للعالم أو الطالب أن يتحلى به أكثر من غيره.

26- وفيه دليل لقاعدة:(دلالة الاقتران) من قولهم: لا يرى عليه أثر السفر.

27- وفيه ذكر الدليل على الحكم.

28- وفيه إثبات الملائكة، ومنهم جبريل عليه السلام.

29- وفيه إثبات بعض صفاتهم.

30- وفيه تعريف أركان الإسلام، وأركان الإيمان، وركن الإحسان.

31- وفيه أن مراتب الدين ثلاثة: إسلام، وإيمان، وإحسان.

32- وفيه تصديق الصادق، أو من يوافق الصواب.

33- وفيه أن المراقبة لله تعالى إحسان.

34- وفيه إثبات رؤية الله لعباده، واطلاعه عليهم.

35- وفيه إثبات الساعة وأماراتها، وهي علامتها.

36- وفيه أن القول بغير علم لا يجوز، ومن لا يعلم يقول: الله أعلم

37- وفيه أن علم الساعة إلى الله، ومن ادعى علمها فهو دجال كذاب.

38- وفيه أن القدر منه ما يظهر أنه خير، ومنه ما يظهر أنه شر في نظر العبد.

39- وفيه أن من علامات الساعة الصغرى: كثرة السراري حتى تلد الأمة ربتها، أي: سيدتها.

40- وفيه شرح الإسلام،وشرح الإيمان للناس، وقد عمد جماعة من العلماء إلى التصنيف
على هذا الترتيب المذكور في هذا الحديث.

41- وفيه أن القدر فيه خير وفيه شر، وأما حديث:((والشر ليس إليك))، قد أوضحه النووي بأنه يدور على خمسة معاني: الأول: لا يتقرب به إليك، الثاني: لا يضاف إليك، الثالث: لا يصعد إليك، الرابع: ليس شرا بالنسبة إليك، الخامس: أنه ليس على انفراده ياف إليك، وفي ذا القول الأخير نظر.

42- وفي أن(رب) تأتي بمعنى (سيد)، وقد تأتي بمعنى(صاحب).

43- وفيه أن من علامة كثرة المال تطاول الفقراء في البنيان، وذلك لكثرة المال.

44- وفيه أن الإخبار المجرد عن قوم لا يكون تنقصاً لهم.

45- وفيه السؤال للاختبار، من قوله:((أتدري من السائل؟)).

46- وفيه أن التعليم قد يكون بالفعل.

47- وفيه أنهم كانوا يقولون: الله ورسوله أعلم، وهذا في حياته.

48- وفيه أن اشتراك الضميرين ليس مكروهاً، وأما حديث:(( بئس الخطيب أنت...))؛ فلأن الخطبة من شأنها البسط والإيضاح.

49- والجمع بين الحديث المذكور، وحديث ابن عباس في وفد عبد القيس، أن هذا دل على أن أعمال الباطن من الإيمان، وذلك دل على أن أعمال الظاهر من الإيمان.

50- وفيه رعية الغنم، والمشي حافياً، وأن الانتعال أفضل كما في حديث:((المنتعل كالراكب، فاستكثروا من النعال)).

51- وفيه أن التطاول في البنيان للتباهي.

52- وفيه تعجب الناس من الشيء الذي يستدعي للعجب.

53- وفيه أن الأصل في السؤال للاستفادة.

54- وفيه أن من الملائكة رسلاً، ومعلمين.

55- وفيه أن الله أعطاهم قدرة على التكيف.

56- وفيه أن دين الله الحق هو ديننا، فيقال: دين الله، أي: أنه شرعه، ويقال ديننا، أي: أننا ندين الله به، أخذاً من قوله:(( يعلمكم دينكم)).

57- وفيه بيان فضل العالم وفيه أن جبريل كان معلماً لهم وسائلاً للنبي- صلى الله عليه وسلم- ، مع أن الراجح أن صالحي البشر أفضل من الملائكة

58- وفيه أن كتب الله يجب الإيمان بها جميعا، وهي: القرآن، والتوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف إبراهيم وموسى.

59- وفيه أدب لفظي من قولهم: بينما نحن جلوس عند النبي- صلى الله عليه وسلم-، ولم يقولوا وهو جالس عندنا.

60- وفيه حسن أدب الصحابة رضوان الله عليهم في مجالس العلم والإنصات، وغيره.

61- وفيه الرفق بالسائل.

62- وفيه تعليم الطالب الأدب مع معلمه، من قوله:((أُدْنُ يا محمد)).

63- وفيه أن السائل يقدم السؤال بوضوح وبلطف.

64- وفيه أن التجمل مطلوب، وليس بكبر.

65- وفيه أن طالب العلم يفضل له لبس الثياب البيض؛ فإن جبريل جاء في صورة معلم الدين.

66- وفيه أن المعلم يكون في هيئةٍ حسنة.

67- وفيه ترك الإطراء في المدح، من قوله: يا أبا عبد الرحمن.

68- وفيه ابتداء الداخل بالسلام، ففيه رواية للحديث عن أبي هريرة وأبي ذر، وفيه زيادة أن جبريل قال حين دخل:((السلام عليكم يا محمد))، ثم قال:((أُدْنُ يا محمد)).
69- وفيه الرفقة في السفر.

70- وفيه أن أكثر من يهتم بدعوة البلاد أهلها.


**********************

انتهت فوائد الحديث الثاني (حديث جبريل)

الشاعر أبو رواحة الموري 06-25-2009 07:55 AM

ما شاء الله يا أخانا أكرم على هذا النقل الموفق
وفقك الله وسدد خطاك

أكرم بن نجيب التونسي 06-26-2009 10:31 PM

آمين بارك الله فيك


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 06:34 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي

Security byi.s.s.w