(إقامة الهجاء) من كتاب: أدب الكاتب لابن قتيبة رحمه الله
قال ابن قتيبة ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه الماتع: "أدب الكاتب" كتاب: تقويم اليد؛ باب إقامة الهجاء: "بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم قال أبو محمد: الكتَّاب يزيدون في كتابة الحرف ما ليس في وزنه؛ ليفصلوا بالزيادة بينه وبين المشبه له، ويسقطون من الحرف ما هو في وزنه، استخفافًا واستغناء بما أبقي عما ألقي، إذا كان في الكلام دليل على ما يحذفون من الكلمة. والعرب كذلك يفعلون، ويحذفون من اللفظة والكلمة، نحو قولهم: "لم يكُ " وهم يريدون "لم يكن" ، ولم " أُبَلْ " وهم يريدون " لم أُبال "، ويختزلون من الكلام ما لا يتمُّ الكلام على الحقيقة إلا به، استخفافًا وإيجازًا، إذا عَرَف المخاطبُ ما يعنون به، نحو قول ذي الرمة ووصف حميرًا: فلمَّا لبِسْنَ اللَّيلَ أو حينَ نَصَّبَتْ .........لهُ منْ خَذَا آذَانِها وهوَ جَانِحُ خُبِّرت عن الأصمعي أنه قال: أراد "أو حين أقبل الليل نصبت آذانها وكانت مسترخية والليل مائل على النهار" فحذف وقال النَّمر بن تولب: فإنَّ المنيَّةَ منْ يَخْشَهَا..........فسوفَ تُصادِفُهُ أيْنَمَا أراد "أينما ذهب" أو "أينما كان"؛ فحذف، ومثل هذا كثير في القرآن والشعر. وربما لم يُمكن الكتَّاب أن يفصلوا بين المتشابهين بزيادة ولا نقصان فتركوهما على حالهما، واكتفوا بما يدل من متقدم الكلام ومتأخِّره مخبرًا عنهما؛ نحو قولك للرجل: " لن يَغْزُو " وللاثنين " لن يَغْزُوَا " وللجميع " لن يَغْزُوا " ولا يَفصل بين الواحد والاثنين والجميع، وإنما يزيدون في الكتاب - فرقًا بين المتشابهين - حروف المد واللين، وهي الواو والياء والألف، لا يتعدَّوْنَها إلى غيرها، ويبدلونها من الهمزة، ألا ترى أنهم قد أجمعوا على ذلك في كتاب المصحف، وأجمعوا عليه في أبي جاد. وأما ما ينقصون للاستخفاف؛ فحروف: المدّ واللين وغيرها، وسترى ذلك في موضعه، إن شاء الله تعالى." ا.هـ ،،،،،،،،،،،،،،،،،،، |
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 06:17 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي