علي الحلبي لا يفرق بين اعتقاد السلف واعتقاد المفوضة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد : فقال علي الحلبي في مقدمة تحقيقه لكتاب مسبوك الذهب في فضل العرب للشيخ مرعي الكرمي ص11 :" وكان سلفي العقيدة ، وظهر ذلك جلياً في كتابه (( أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات )) " أقول : كتاب مرعي هذا الذي ظهرت منه سلفيته عند علي الحلبي من مراجع المفوضة المعروفة ! قال مرعي في كتابه هذا في ص 120 :" ومن المتشابه الإستواء في قوله تعالى الرحمن على العرش استوى وقوله( ثم استوى على العرش )وهو مذكور في سبع آيات من القرآن فأما السلف فإنهم لم يتكلموا في ذلك بشيء جريا على عادتهم في المتشابه من عدم الخوض فيه مع تفويض علمه إلى الله تعالى والإيمان به " وقال أيضاً :"وجمهور أهل السنة - منهم السلف وأهل الحديث - على الإيمان بها وتفويض معناها المراد منها إلى الله تعالى ولا نفسرها مع تنزيهنا له عن حقيقتها" قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" (13/294-295 ): "وأما إدخال أسماء الله وصفاته أو بعض ذلك في المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله، أو اعتقاد أن ذلك هو المتشابه الذي استأثر الله بعلم تأويله كما يقول كل واحد من القولين طوائف من أصحابنا وغيرهم، فإنهم وإن أصابوا في كثير مما يقولونه ونجوا من بدع وقع فيها غيرهم فالكلام على هذا من وجهين: الأول: من قال: إن هذا من المتشابه وأنه لا يفهم معناه فنقول أما الدليل على بطلان ذلك فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة لا أحمد بن حنبل ولا غيره أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية، ونفى أن يعلم أحد معناه، وجعلوا أسماء الله وصفاته بمنزلة الكلام الأعجمي الذي لا يفهم ولا قالوا: إن الله ينزل كلاما لا يفهم أحد معناه وإنما قالوا كلمات لها معان صحيحة، قالوا في أحاديث الصفات: "تمر كما جاءت"، ونهوا عن تأويلات الجهمية وردوها وأبطلوها التي مضمونها تعطيل النصوص عما دلت عليه، ونصوص أحمد والأئمة قبله بينة في أنهم كانوا يبطلون تأويلات الجهمية ويقرون النصوص على ما دلت عليه من معناها" ودعواه أن السلف لم يفسروا آية الاستواء غير صحيح بل فسروها على الاثبات قال ابن جرير الطبري في تفسيره (1/192) : " الاستواء في كلام العرب منصرف على وجوه: منها انتهاء شباب الرجل وقوته، فيقال إذا صار كذلك: قد استوى الرجل، ومنها استقامة ما كان فيه أود من الأمور والأسباب، يقال منه: استوى لفلان أمره: إذا استقام له بعد أود. ومنه قول الطرماح بن حكيم: طال على رسم مهدد أبده وعفا واستوى به بلده يعني: استقام به. ومنها الإقبال على الشيء بالفعل، كمايقال: استوى فلان على فلان بما يكرهه ويسوءه بعد الإحسان إليه. ومنها الاحتيازوالاستيلاء كقولهم: استوى فلان على المملكة، بمعنى احتوى عليها وحازها. ومنها العلو والارتفاع، كقول القائل: استوى فلان على سريره، يعني به علوه عليه. وأولى المعاني في قول الله جل ثناؤه: {ثم استوى إلى السماء فسواهن} علا عليهن وارتفع فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سموات" قلت : هذا واضح في أنه اختار معنى العلو والإرتفاع ومثل له بعلو الرجل على سريره وهذا لا يكون معنوياً فقط كما لا يخفى ولفظة الإرتفاع تدل على العلو الحقيقي إذ لا يمكن التعبيربها عن العلو المعنوي قال في اللسان (( ويقال: ارْتَفَعَ الشيءُ ارْتِفاعاً بنفسه إذا علا )) وقال البيهقي في كتابه الأسماء والصفات (2/310) : أنبأناالحاكم ،حدثنا الأصم ، حدثنا محمد بن الجهم حدثنا يحيى بن زياد الفراء قال: "وقد قال عبد الله بن عباس: {ثُمّ اسْتَوَى} صعد، وهو كقولك للرجل كان قاعدا فاستوى قائماً، وكان قائمًا فاستوى قاعدًا، وكل في كلام العرب جائز" قلت إسناده صحيح ومحمد بن الجهم وثقه الدارقطني كما ((تاريخ بغداد)) (2/161) والفراء إمام في العربية وهو أعلى طبقة من ابن جرير بل قال بشر بن عمر الزهراني سمعت غير واحد من المفسرين يقولون (( الرحمن على العرش استوى )) على العرش ارتفع رواه اللالكائي في السنة 662 وإسناده صحيح وأورد البخاري في صحيحه التفسير المنقول عن مجاهد وهو قوله استوى علا والتفسير المنقول عن أبي العالية وهو قوله استوى ارتفع ولم ينقل عن أحد من السلف تفسير الاستواء بالإستيلاء أو اختيار التفويض ثم إن أئمة اللغة فسروا الإستواء بالعلو وأنكروا تفسيره بالاستيلاء قال ابن عرفة في كتاب الرد على الجمهية : حدثنا داود بن علي قال : كنا عند ابن الأعرابي فأتله رجل فقال : مامعنى قوله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى ) ؟ قال : هو على عرشه كما أخبر , فقال : يا أبا عبد الله إنما معناه استولى فقال : اسكت ! لا يقال استولى على الشيء ويكون له مصادقا , إذا غلب أحدهما قيل : استولى كما قال النابغة : ألا لمثلك أومن أنت سابقه .............. سبق الجواد إذا استولى على الأمد . وأفاد الشيخ الألباني في مختصر العلو ص 196 أن هذا الأثر رواه الخطيب في تاريخ بغداد ( 5/283_284)وكذا البيهقي في الأسماء والصفات 415 وسنده صحيح وقد تقدم ذكر أثر الفراء للاستواء بالصعود قال الأزهري في كتاب ( التهذيب ) له في قوله تعالى : ( الرحمن على العرش استوى) . قال الأخفش : استوى أي : علا ؛ يقال : استويت فوق الدابة و على ظهر الدابة و على ظهر البيت أي : علوته قلت : نقل ذلك ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ثم يأتي بعد ذلك من يزعم أن السلف كانوا مفوضة وقال الشيخ صالح آل الشيخ في شرح الطحاوية :" ولهذا شيخ الإسلام انتبه لقوة هذا المعنى في الرد في المبتدعة الصفاتية والجهمية وغيرهم، فقرَّرَهُ في كتابه التدمرية كما تعلمون. إذاً فتفويض المعنى، المعنى أصلاً متفاوت فإذا فوضنا المعنى معناه أننا لا نعلم أي قدر من المعنى، وهذا لاشك أنه نفي وجهالة بجميع دلالات النصوص على الأمور الغيبية، وهذا باطل؛ لأنَّ القرآن حجة، وجعله الله دالاً على ما يجب له وما يتّصف به ربنا من نعوت الجلال والجمال والكمال. التفويض يحتاج إلى مزيد بسط؛ لكن يمكن أن ترجعوا إليه في مظانه، وكثير من العلماء فهم وظنْ أنَّ مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية والسلف هو التفويض، حتى إنهم ينقلون كلام شيخ الإسلام ويحملونه على التفويض مثل السَفَّارِيني ومثل مرعي بن يوسف في أقاويل الثقات، وجماعة من المتأخرين ينقلون كلام شيخ الإسلام وفهموا أنَّ مذهب الإمام أحمد ومذهب شيخ الإسلام ومذهب السلف الذي هو أسلم أنه التفويض، وهذا ليس بصحيح" أقول : فتفويض الشيخ مرعي ليس خافياً على أهل العلم ، ولعل الحلبي سيتحجج بأن هذا التحقيق قديم ، وسواءً كان قديماً أو جديداً لا بد من التراجع عن هذه السقطة ، والحرص على تعلم عقيدة أهل السنة والجماعة جيدلً قبل الإقدام على تحقيق الكتب والرد على أهل العلم ، وتعديل المجروحين ، وتجنيد الصعافقة للتهجم على أهل العلم هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم |
جزاك الله خيرا شيخنا الخليفي
|
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 07:45 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي