سؤال هام و خطير وجوابه أهم وأخطر ؛ فهل من مجيب ؟؟؟
بسم الله الرحمن الرحيم هذه بعض النكات نثرتها هنا رجاء الأجر من الله وبغية أن يفيد منها إخواننا في الله : مع ما أتمناه أن تحمل على خير محمل .. وقد جعلتها حول مسألتين هامتين : الأولى : قصده صلى الله عليه وعلى آله وسلم بـ ( من خذلهم ) في قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يصف حال أهل الغربة الفرقة الناجية التي هي الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة :( لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم ). فمن هم المخذلون ؟؟ وهل يخرجون من دائرة أهل السنة السلفيين ؟؟ وكيف يكون التعامل معهم ؟؟ والثانية : ما مقصود أهل العلم بتبين توبة التائب مما رمي به أو تلبس به من البدع أو الفواحش ؟؟ وما قصدهم بالاستبراء ؟؟ وهل هناك تعلق بين الاستبراء في باب الحيض والنفاس والاستبراء في باب الوعظ والإرشاد والحسبة وما العلاقة بين هجر الجلالة والنهي عن امتطاء ظهورها وأكل لحومها مع أن النجاسة في داخلها ومخالطة للحومها فما العبرة في النهي عن ظهورها إذا ؟؟ ولما هجر الرسول الكريم صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه كعب بن مالك وصاحباه رضوان الله عليهم خمسين يوما مع إعلانهما التوبة وأنهم كانوا خاطئين ؟؟ ولما هجر عمر رضي الله عنه عبد الله صبيغا مع إعلانه توبته ؟؟ ولما أصر على تغريبه وأمر بهجره بعد حبسه وخروج ما في رأسه وقد استمر هجره عامين كاملين؟؟ فمن كان له حولها جواب بادرنا به رجاء الفائدة والتدارس .. إذ في الساحة من ظهر منه طعن في بعض علمائنا كالشيخ مقبل مثلا ؛ ومنهم من ظهر منه الوقوع في براثين المبتدعة والولاء لهم كمن والى أبا الحسن السليماني والمغراوي ؛ ثم أظهروا بعدها رجوعا ؛ وانقسم فيهم الناس طوائف شتى ؛ فهل من هذا حالهم يصلح الرجوع إليهم فور إعلانهم الأوبة مما كانوا عليه ؛ أم نصبر حتى يحصل الاستبراء التام من الخطيئة التي وقعوا فيها ولو بمرور سنة على الأقل ؛ مع التشهير بهم والتحذير من سوء صنيعهم امتحانا لصدق توبتهم وصبرهم على أذى أهل السنة الناصحين والذين إذا حذروا من خاطيء كان له ذاك كفارة وطهرا بإذن الله ؟؟ وهل يصلح دليلا على ما أشرت إليه آنفا قوله تعالى :( واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما) ؛ والتي قال البغوي وغيره من أئمة التأويل في تفسيرها : " قوله تعالى : ( واللذان يأتيانها منكم) يعني : الرجل والمرأة ، والهاء راجعة إلى الفاحشة ، ...(فآذوهما) قال عطاء وقتادة : فعيروهما باللسان : أما خفت الله؟ أما استحييت من الله حيث زنيت؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما : سبوهما واشتموهما ، قال ابن عباس : هو باللسان واليد يؤذى بالتعيير وضرب النعال . فإن قيل : ذكر الحبس في الآية الأولى وذكر في هذه الآية الإيذاء ، فكيف وجه الجمع؟ . قيل : الآية الأولى في النساء وهذه في الرجال ، وهو قول مجاهد ،وقيل : الآية الأولى في الثيب وهذه في البكر . (فإن تابا ) من الفاحشة ( وأصلحا ) العمل فيما بعد ، ( فأعرضوا عنهما ) فلا تؤذوهما ، (إن الله كان توابا رحيما) ". وهل المفهوم من قوله تعالى :( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما عظيما) ؛ هل يصلح الاستدلال بمفهوم المخالفة هنا على جواز إيذاء من اكتسب الخطيئة ؟؟ وهل يصلح في هؤلاء المؤذين من طرف أهل الإسلام قوله تعالى : (ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين) فعلى من قرأ استفساري هذا ووجد من نفسه قدرة على البيان فلا يكتم عنا ما علمه الله إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ؛ فكم للسلفيين من حاجة هذه الأيام بالذات إلى مثل هذي الأحكام ؛ فالفقه في مثلها صار فرضا على كل من صادفته محن العصر الحاضر من ألوان البهارج والتلاعب بالأحكام الشرعية والله المستعان وعليه التكلان ؛ فهل إذا إخواني من مجيب أو محيل على جواب ؟؟؟؟؟ والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وكتب : أخوكم في ذات الإله : أبو عبد الله بلال يونسي السلفي السكيكدي |
شكرا لك أبا عبد الله بلال
و أنا أقرأ لك , أقول في نفسي و أنا العارف بك - إن شاء الله - حبيبنا بلال يقرر لا يستفسر فبارك الله فيك , على فوائد المضمنة , و دررك المبطنة فاعمل فكرك يا أيها القارئ النبيه لتستفيد من إشارات الأخ الأديب بلال و لي عودة للموضوع إن تيسر إن شاء الله تعالى |
اقتباس:
بارك الله فيك أخي الشاعر المفوه والسلفي المجمل سباق أنت والله للبر ولكل مكرمة على ما عرفت من أبناء زماني رئيس ولكن فقط أنا لست من تصف وإن كنت أكذب نفسي كثيرا وأصدقك ولكن في هذه المرة أقول لك أخي الفاضل الحبيب : جزاك الله خيرا على حسن ظنك بأخيك الظلوم الجهول ؛ وسارع بجوابه عساه ينتفع ... فما أنا إلا جويهل طرحت سؤلي عسى أجد جوابا من أخ مثلك يرفع عن أخيه بلال ما يعانيه ويكابده من جهل و سوء فهم كبير حتى لم يحر لسؤالاته جوابا .... |
اقتباس:
إخواني ما لكم لا تجيبون أخاكم بلالا ؟؟؟؟؟؟ هل من مجيب سؤلي ؟؟؟؟؟؟ سارعوا وبادروا وسددوا وقاربوا ؟؟؟؟؟ (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا) [الآية] |
شكرا أبا عبد الله , هنا فائدة بخصوص ما ذكرت ورد في قصة تخلف الثلاثة في فتح الباري لابن حجر رحمه الله حيث قال : وَقَدْ نَبَّهَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ قَالَ يَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا أَكَلَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ مَالًا حَرَامًا وَلَا سَفَكُوا دَمًا حَرَامًا وَلَا أَفْسَدُوا فِي الْأَرْضِ أَصَابَهُمْ مَا سَمِعْتُمْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ فَكَيْفَ بِمَنْ يُوَاقِعُ الْفَوَاحِشَ وَالْكَبَائِرَ وَفِيهَا أَنَّ الْقَوِيَّ فِي الدِّينِ يُؤَاخَذُ بِأَشَدِّ مِمَّا يُؤَاخَذُ الضَّعِيفُ فِي الدِّينِ...اهـ ص 123 الجزء 8 طبعة المكتبة السلفية. قلت : تنبه يا رعاك الله إلى قول الحسن رحمه الله : وَفِيهَا أَنَّ الْقَوِيَّ فِي الدِّينِ يُؤَاخَذُ بِأَشَدِّ مِمَّا يُؤَاخَذُ الضَّعِيفُ فِي الدِّينِ. رحم الله أئمتنا ما أفقههم و ما أبصرهم بكتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم . |
اقتباس:
بارك الله فيك أخي العكرمي و لكن لا زالت النهمة لم تقهى بعد والجواب قد وضعت الشفاء على جانب منه هام وأين أنت من باقي جوانبه الخطيرة الأهم ؟؟؟؟ فالجسم متسع الحوايا مثخن بالجراح ؟؟؟؟ |
هذا من باب التعاون في الخير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد : فإني قرأت سؤالك أخانا أبا عبد الله وهذه فوائد اخترتها من تفسير الإمام الطبري -رحمه الله رحمة واسعة- : ( القول في تأويل قوله : ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم ( 118 ) ) [ ص: 543 ] قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : ( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار ) ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا ) وهؤلاء الثلاثة الذين وصفهم الله في هذه الآية بما وصفهم به فيما قيل هم الآخرون الذين قال - جل ثناؤه - : ( وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم ) [ سورة التوبة : 106 ] فتاب عليهم - عز ذكره - وتفضل عليهم . وقد مضى ذكر من قال ذلك من أهل التأويل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . قال أبو جعفر : فتأويل الكلام إذا : ولقد تاب الله على الثلاثة الذين خلفهم الله عن التوبة ، فأرجأهم عمن تاب عليه ممن تخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما : - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عمن سمع عكرمة في قوله : ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا ) قال : خلفوا عن التوبة . حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : أما قوله : ( خلفوا ) فخلفوا عن التوبة . ( حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ) يقول : بسعتها ، غما وندما على تخلفهم عن الجهاد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( وضاقت عليهم أنفسهم ) بما نالهم من الوجد والكرب بذلك ( وظنوا أن لا ملجأ ) يقول : وأيقنوا بقلوبهم أن لا شيء لهم يلجئون إليه مما نزل بهم من أمر الله من البلاء [ ص: 544 ] بتخلفهم خلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينجيهم من كربه ، ولا مما يحذرون من عذاب الله - إلا الله . ثم رزقهم الإنابة إلى طاعته ، والرجوع إلى ما يرضيه عنهم ؛ لينيبوا إليه ، ويرجعوا إلى طاعته والانتهاء إلى أمره ونهيه ( إن الله هو التواب الرحيم ) يقول : إن الله هو الوهاب لعباده الإنابة إلى طاعته ، الموفق من أحب توفيقه منهم لما يرضيه عنه ( الرحيم ) بهم أن يعاقبهم بعد التوبة ، أو يخذل من أراد منهم التوبة والإنابة ولا يتوب عليه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .) . وهذا ما بدى لي نقله ولعل أن يكون له جواب لبعض سؤلك والله أعلم |
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده صلى الله عليه و على آله و سلم تسليما كثيرا أما بعد السلام عليكم و رحمة الله و بركاته فاني قرأت آنفا ما تقدم به أخانا في الله الأديب الشاعر المتواضع أبو عبد الله، و قد نقلت فيما سبق كلام من تفسير الطبري رحمه الله رحمة واسعة فيما يخص المسألة الثانية ثم ارتأيت أن أجتهد أجاهد نفسي في البحث عن كلا المسألتين راجيا من الله الأجر و المثوبة فأما المسألة الأولى و هي قصده صلى الله عليه و على آله و سلم بــ (من خذلهم): في الحديث الذي ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة" قال العلامة بن قيم الجوزية رحمه الله تعالى في إعلام الموقعين عن رب العالمين - الجزء الثاني- (ذِكر تحريم الإفتاء في دين الله بغير علم وذكر الإجماع على ذلك): "وهؤلاء هم أولو العلم والمعرفة بما بعث الله به رسوله فإنهم على بصيرة وبينة بخلاف الأعمى الذي قد شهد على نفسه بأنه ليس من أولي العلم والبصائر". و بالنسبة لكلمة "خذلهم" فقد قال كذلك في شفاء العليل الباب الخامس عشر: في الطبع والختم والقفل والغل والسد والغشاوة ونحوها وأنه مفعول الرب، "فصل: وأما الخذلان فقال تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ} وأصل الخذلان الترك والتخلية ويقال للبقرة والشاة إذا تخلفت مع ولدها في المرعى وتركت صواحباتها خذول قال محمد بن إسحاق في هذه الآية: "إن ينصرك الله فلا غالب لك من الناس ولن يضرك خذلان من خذلك وإن يخذلك فلن ينصرك الناس أي لا تترك أمري للناس وارفض الناس لأمري" والخذلان أن يخلي الله تعالى بين العبد وبين نفسه ويكله إليها والتوفيق ضده أن لا يدعه ونفسه ولا يكله إليها بل يصنع له ويلطف به ويعينه ويدفع عنه ويكلأه كلاءة الوالد الشفيق للولد العاجز عن نفسه فمن خلى بينه وبين نفسه هلك كل الهلاك ولهذا كان من دعائه صلى الله عليه وسلم "يا حي يا قيوم يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا إلى أحد من خلقك" فالعبد مطروح بين الله وبين عدوه إبليس فإن تولاه الله لم يظفر به عدوه وإن خذله وأعرض عنه افترسه الشيطان كما يفترس الذئب الشاة" انتهى كلامه رحمه الله، إذن خذلُ الناس بعضهم بعضا أي ترك و تخلي بعضهم عن بعض بمعنى ذهاب النصرة فيما بينهم. و في الحقيقة أن هؤلاء الخاذلون -إن صح القول- للطائفة المنصورة هم المخذلون من عوام الناس وسفهائهم و جهّالهم الذين غرهم علمهم فتعالو و فتعالموا، فالطائفة المنصورة مؤيدة من رب العالمين لما قاموا بدينه و امتثلوا أمره و بينوا شرعه. فقول النبي صلى الله عليه و على آله و سلم "لايضرهم من خذلهم" أي من هم في وسط أهل السنة، و قوله "و لا من خالفهم" أي من هم خارج أهل السنة -هده فائدة أفادنا بها أخ لنا زاده الله من فضله و علمه- و الله أعلم و أما عن المسألة الثانية المتعلقة بتبين توبة التائب مما رمي به أو تلبس به من البدع فقد ذكر العلامة عبد الرحمن السعدي في تفسيره لقوله تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} سورة التوبة الآية 118 : "وفي هذه الآيات دليل على أن توبة الله على العبد أجل الغايات وأعلى النهايات، فإن الله جعلها نهاية خواص عباده، وامتن عليهم بها، حين عملوا الأعمال التي يحبها ويرضاها. و منها: لطف الله بهم، وتثبيتهم في إيمانهم عند الشدائد والنوازل المزعجة. و منها: أن العبادة الشاقة على النفس لها فضل ومزية ليست لغيرها وكلما عظمت المشقة عظم الأجر. ومنها : أن توبة الله على عبده بحسب ندمه وأسفه الشديد وأن من لا يبالي بالذنب ولا يحرج إذا فعله فإن توبته مدخولة وإن زعم أنها مقبولة. ومنها : أن علامة الخير وزوال الشدة إذا تعلق القلب بالله تعالى تعلقا تاما وانقطع عن المخلوقين". و إليكم كلام العلامة شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله وهو متعلق بالتوبة من المعاصي و بيان الحد الشرعي فيها و هو مأخوذ من كتاب السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية القسم الأول: أداء الأمانات الباب الأول: [حدود الله وحقوقه وفيه ثمانية فصول] الفصل السابع: [المعاصي التي ليس فيها حد مقدر وبيان الحد الشرعي] يقول رحمه الله و رحم جميع علمائنا رحمة واسعة:" وأما المعاصي التي ليس فيها حد مقدر ولا كفارة، كالذي يقبل الصبي والمرأة الأجنبية، أو يباشر بلا جماع، أو يأكل ما لا يحل كالدم والميتة، أو يقذف الناس بغير الزنا، أو يسرق من غير حرز، أو شيئا يسيرا، أو يخون أمانته، كولاة أموال بيت المال أو الوقف، ومال اليتيم ونحو ذلك، إذا خانوا فيها، كالولاة والشركاء، إذا خانوا، أو يغش في معاملته، كالذين يغشون في الأطعمة والثياب ونحو ذلك، أو يطفف المكيال والميزان، أو يشهد الزور، أو يلقن شهادة الزور، أو يرتشي في حكمه، أو يحكم بغير ما أنزل الله، أو يعتدي على رعيته، أو يتعزى بعزاء الجاهلية، أو يلبي داعي الجاهلية، إلى غير ذلك من أنواع المحرمات فهؤلاء يعاقبون تعزيرا وتنكيلا وتأديبا، بقدر ما يراه الوالي، على حسب كثرة ذلك الذنب في الناس وقلته، فإذا كان كثيرا زاد في العقوبة، بخلاف ما إذا كان قليلا، وعلى حسب حال المذنب، فإذا كان من المدمنين على الفجور، زيد في عقوبته، بخلاف المقل من ذلك، وعلى حسب كبر الذنب وصغره، فيعاقب من يتعرض لنساء الناس وأولادهم، ما لا يعاقبه من لم يتعرض إلا لمرأة واحدة، أو صبي واحد. وليس لأقل التعزير حد، بل هو بكل ما فيه إيلام الإنسان، من قول وفعل وترك قول، وترك فعل، فقد يعزر الرجل بوعظه وتوبيخه والإغلاظ له، وقد يعزر بهجره وترك السلام عليه حتى يتوب إذا كان ذلك هو المصلحة، كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الثلاثة الذين خلفوا وقد يعزر بعزله عن ولايته، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعزرون بذلك، وقد يعزر بترك استخدامه في جند المسلمين، كالجندي المقاتل، إذا فر من الزحف، فإن الفرار من الزحف من الكبائر، وقطع خبزه نوع تعزير له، وكذلك الأمير إذا فعل ما يستعظم فعزله من الإمارة تعزير له. وكذلك قد يعزر بالحبس، وقد يعزر بالضرب، وقد يعزر بتسويد وجهه وإركابه على دابة مقلوبا، كما روي عن عمر بن الخطاب، أنه أمر بذلك في شاهد الزور، فإن الكاذب سود الوجه، فسود وجهه، وقلب الحديث، فقلب ركوبه. وأما أعلاه، فقد قيل: لا يزاد على عشرة أسواط. وقال كثير من العلماء: لا يبلغ به الحد ثم هم على قولين: منهم من يقول: لا يبلغ به أدنى الحدود: لا يبلغ بالحر أدنى حدود الحر، وهي الأربعون أو الثمانون؛ ولا يبلغ بالعبد أدنى حدود العبد، وهم العشرون أو الأربعون وقيل: بل لا يبلغ بكل منهما حد العبد. ومنهم من يقول: لا يبلغ بكل ذنب حد جنسه وإن زاد على جنس آخر، فلا يبلغ بالسارق من غير حرز قطع اليد، وإن ضرب أكثر من حد القاذف، ولا يبلغ بمن فعل ما دون الزنا حد الزنا، وإن زاد على حد القاذف. كما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " أن رجلا نقش على خاتمه، وأخذ بذلك من بيت المال، فأمر به فضرب مائة ضربة ثم في اليوم الثاني مائة ضربة ثم ضربه في اليوم الثالث مائة ضربة". وروي عن الخلفاء الراشدين، في رجل وامرأة وجدا في لحاف: "يضربان مائة" [أحمد: 5/327]، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، في الذي يأتي جارية امرأته، إن كانت أخلتها له: جلد مائة، وإن لم تكن أحلتها له: رجم" [الترمذي: 1451، أبو داود: 4458، النسائي: 6/124، ابن ماجه: 2551] وهذه الأقوال في مذهب أحمد وغيره، والقولان الأولان في مذهب الشافعي، وغيره. . وأما مالك وغيره فحكى عنه: أن من الجرائم ما يبلغ به القتل". ووافقه بعض أصحاب أحمد في مثل الجاسوس المسلم إذا تجسس للعدو على المسلمين فإن أحمد يتوقف في قتله وجوز مالك وبعض الحنابلة كالقاضي أبي يعلى. وجوز طائفة من أصحاب الشافعي و أحمد وغيرهما: قتل الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة وكذلك كثير من أصحاب مالك وقالوا: إنما جوز مالك وغيره قتل القدرية لأجل الفساد في الأرض لا لأجل الردة وكذلك قد قيل في قتل الساحر فإن أكثر العلماء على أنه يقتل وقد روى عن جندب رضي الله عنه موقوفا ومرفوعا: "أن حد الساحر ضربة بالسيف" رواه الترمذي [1460] وعن عمر وعثمان وحفصة وعبد الله بن عمر وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم قتله فقال بعض العلماء: لأجل الكفر وقال بعضهم لأجل الفساد في الأرض لكن جمهور هؤلاء يرون قتله حدا وكذلك أبو حنيفة يعزر بالقتل فيما تكرر من الجرائم إذا كان جنسه يوجب القتل كما يقتل من تكرر منه اللواط أو اغتيال النفوس، لأخذ المال ونحو ذلك. وقد يستدل على أن المفسد متى لم ينقطع شره إلا بقتله فإنه يقتل بما رواه مسلم في صحيحه عن عرفجة الأشجعي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم, أو يفرق جماعتكم فاقتلوه" [مسلم:1852] وفي رواية: "ستكون هنات وهنات, فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة, وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان" [مسلم: 1852، النسائي: 7/93]. وكذلك قد يقال في أمره بقتل شارب الخمر في الرابعة بدليل ما رواه أحمد في المسند عن ديلم الحميري رضي لله عنه قال: "سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إنا بأرض نعالج بها عملا شديدا وإنا نتخذ شرابا من القمح نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا فقال: "هل يسكر؟" قلت نعم. قال: "فاجتنبوه". قلت: إن الناس غير تاركيه قال: "فإن لم يتركوه فاقتلوهم" [أبو داود: 3683،أحمد: 4/232]. وهذا لأن المفسد كالصائل فإذا لم يندفع الصائل إلا بالقتل قتل. وجماع ذلك أن العقوبة نوعان: أحدهما: على ذنب ماض جزاء بما كسب نكالا من الله كجلد الشارب والقاذف وقطع المحارب والسارق. والثاني: العقوبة لتأدية حق واجب وترك محرم في المستقبل كما يستتاب المرتد حتى يسلم فإن تاب وإلا قتل. وكما يعاقب تارك الصلاة والزكاة وحقوق الآدميين حتى يؤدوها فالتعزير في هذا الضرب أشد منه في الضرب الأول ولهذا يجوز أن يضرب مرة بعد مرة حتى يؤدي الصلاة الواجبة أو يؤدي الواجب عليه والحديث الذي في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله" [البخاري: 6848، مسلم: 1708]. قد فسره طائفة من أهل العلم بأن المراد بحدود الله ما حرم الله لحق الله فإن الحدود في لفظ الكتاب والسنة يراد بها الفصل بين الحلال والحرام مثل آخر الحلال وأول الحرام فيقال في الأول: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا} [البقرة:229] ويقال في الثاني: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا} [البقرة:187] وأما تسمية العقوبة المعزرة حدا فهو عرف حادث ومراد الحديث: أن من ضرب لحق نفسه كضرب الرجل امرأته في النشوز لا يزيد على عشر جلدات. والجلد الذي جاءت به الشريعة: هو الجلد المعتدل بالسوط فإن خيار الأمور أوساطها قال علي رضي الله عنه: "ضرب بين ضربين وسوط بين سوطين ولا يكون الجلد بالعصى ولا بالمقارع ولا يكتفي فيه بالدرة بل الدرة تستعمل في التعزير. أما الحدود فلا بد فيها من الجلد بالسوط كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يؤدب بالدرة فإذا جاءت الحدود دعا بالسوط ولا تجرد ثيابه كلها بل ينزع عنه ما يمنع ألم الضرب من الحشايا والفراء ونحو ذلك ولا يربط إذا لم يحتج إلى ذلك ولا يضرب وجهه فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قاتل أحدكم فليتق الوجه ولا يضرب مقاتله" [البخاري: 2559، مسلم: 2612] فإن المقصود تأديبه لا قتله ويعطى كل عضو حظه من الضرب كالظهر والأكتاف والفخذين ونحو ذلك". انتهى كلامه رحمه الله هدا ما تيسر لي نقله و لعلي أحطت بجانب من الأسئلة و لم أحط بجوانب و لعل إخواننا يفيدونا بنقول أخرى و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين |
بارك الله فيكم على حسن ظنكم بأخيكم وبارك الله فيك أخي أبا أسامة الحبيب على دررك الغوالي وإضفاءاتك العوالي |
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذم مشاركة لأخينا أبي عبيدة إبراهيم زياني البوسعادي مدير منتديات منابر النور العلمية جوابا منه زاده الله من فضله على المسائل التي نثرتها في منتداهم اقتباس:
اقتباس:
|
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 07:02 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي