في قوله تعالى {وَإِن من شيعته لإِبْرَاهِيم}
بسم الله الرحمن الرحيم في قوله تعالى {وَإِن من شيعته لإِبْرَاهِيم} قال ابن منظور في لسان العرب : ((الشيعة كل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة ، وكلّ قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيعة ، والجمع شيع وأَصل ذَلِكَ مِنَ المُشايَعةِ، وَهِيَ المُتابَعة والمُطاوَع)) و قال الراغب الأصفهاني في مفردات في غريب القرآن: ((الشِّيَاعُ: الانتشار والتّقوية. يقال: شاع الخبر، أي: كثر وقوي، وشَاعَ القوم: انتشروا وكثروا، وشَيَّعْتُ النّار بالحطب: قوّيتها، والشِّيعَةُ: من يتقوّى بهم الإنسان وينتشرون عنه، ومنه قيل للشّجاع: مَشِيعٌ، يقال: شِيعَةٌ وشِيَعٌ وأَشْيَاعٌ، قال تعالى:{ وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ} [الصافات/ 83] ، {هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ} [القصص/ 15] ، {وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً }[القصص/ 4] ،{ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ} [الحجر/ 10] ، وقال تعالى:{ وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ} [القمر/ 51] )) . ذكر ابن الجوزي في كتابه نزهة الأعين النواظر أن لفظ الشياع أو ما يقاربه جاء في القرآن على أربع معاني: ((أَحدهَا: الْفرق. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَنْعَام: {إِن الَّذين فرقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا} ، (وَفِي الْحجر: {وَلَقَد أرسلنَا من قبلك فِي شيع الْأَوَّلين} ، وَفِي الْقَصَص: {وَجعل أَهلهَا شيعًا} ، وَفِي الرّوم: {من الَّذين فرقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا} . وَالثَّانِي: الْأَهْل وَالنّسب. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْقَصَص: {هَذَا من شيعته وَهَذَا من عدوه} ) ، أَرَادَ (من أَهله) فِي النّسَب إِلَى بني إِسْرَائِيل. وَالثَّالِث: أهل الْملَّة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي مَرْيَم: {ثمَّ لننزعن من كل شيعَة أَيهمْ أَشد} ، وَفِي الْقَمَر: {وَلَقَد أهلكنا أشياعكم} ، (وَفِي سبأ: {كَمَا فعل بأشياعهم من قبل إِنَّهُم كَانُوا} ) ، وَفِي الصافات: {وَإِن من شيعته لإِبْرَاهِيم} . وَالرَّابِع: الْأَهْوَاء الْمُخْتَلفَة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْأَنْعَام: {أَو يلْبِسكُمْ شيعًا} 76 / )). و من إستقرأ الآيات التي ورد فيها هذا اللفظ و ما يقاربه وجد أنه لم يرد في القرآن الكريم غالبا إلا على سبيل الذم مقرونا بالفرقة و العذاب و الإختلاف . فإن قال قائل و متى ورد على سبيل المدح؟ الجواب في قوله تبارك و تعالى: {وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} أي:من الذين شايعوا نوحا و اتبعوا طريقه و ما جاء به من التوحيد لله تعالى و كان على طريقه صابرا محتسبا إبراهيم الخليل عليه السلام *ثم قال تعالى: {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} ففي هذه الآية تزكية و ثناء على نبيين رسولين من رسل الله و هما إبراهيم و نوح فإبراهيم من باب أنه كان على التوحيد الخالص الذي جاء به أنبياء الله و رسله من قبله *و أما نوح فلبيان أنه كان على نفس الحال ثم الثناء عليه حيث قيل في رجل بهذا المقام العالي أي إبراهيم أنه من شيعته *ثم في قوله إذ جاء ربه بقلب سليم فيدل على أن نوح عليه السلام له من ذلك نصيب عليه السلام لأن إبراهيم من أشياعه . * و هنا أعرج و أقول و الله تعالى أعلم يظهرأنه لم تذكر المشايعة المحمودة منسوبة لأحد غير الأنبياء عليهم السلام فنشايعهم على ملتهم التي هي التوحيد و من باب أولى نشايع إمامهم و خاتمهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم فيكون أتباعه من اتبع سنته هم شيعته الذين يتبعون رأيه الذي أراه الله قال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} بالمقابل المشايعة لغيرهم ذكرت على سبيل الذم....و يبقى الصدر منشرحا للإضافات و التعقبات . و الله تبارك و تعالى أعلم و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين . |
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 12:22 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي