كيف تغطي المحرمة وجهها بالحج ؟
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : كيف تغطي المحرمة وجهها بالحج ؟ ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح قوله : { لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين } ، وهذا الحديث بيّن في تحريم لبس النقاب للمرأة . ولكن ثبت كذلك عن أم المؤمنين عائشة الصديقة رضي الله عنها قولها : ( كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات ، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه ) أخرجه أحمد و أبو دواد و ابن الجارود و البيهقي وابن ماجه و قال الألباني سنده حسن في الشواهد و المتابعات ، و بوب له أبو دواد : باب في المحرمة تغطي وجهها ، و مثله صنع ابن ماجه . وعن أسماء رضي الله عنها قالت : ( كنا نغطي وجوهنا [1] من الرجال في الإحرام ) قال الحاكم : على شرط الشيخين ، و وافقه الذهبي ، و قال الألباني : على شرط مسلم . و انظر تخريج هذا وما قبله و عزوهما إلى مواضعهما في : جلباب المرأة (106) للإمام الألباني . و قالت عائشة رضي الله عنها : (المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت إلا ثوب مسه ورس أو زعفران ، ولا تتبرقع ولا تتلثم ، و تسدل الثوب على وجهها إن شاءت ) قال الإمام الألباني في إراواء الغليل ( 4/212) : أخرجه البيهقي بسند صحيح . فهاك هذا الجمع بين هذه الآثار من كلام العلماء : قال الإمام الألباني في التعليق على الروضة الندية : ( و أما سدلها على وجهها فجائز و هو غير التنقيب ، و التسوية بينهما خطأ ) بواسطة الموسوعة الميسرة [ 4/327 ] قال الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين [173] : ( النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازان ) يعنى في الإحرام ، فسوَّى بين يديها و وجهها في النهي عما صُنع على قدر العضو ، ولم يمنعها من تغطية وجهها ولا أمرها بكشفه البتة ، و نساؤه صلى الله عليه وسلم أعلم الأمة بهذه المسألة وقد كن يسدلن على وجوههن إذا حاذاهن الركبان ) . و قال الحافظ ابن حجر في الفتح [ 3/517 ] : ( ... عن عائشة قالت : تستدل المرأة جلبابها من فوق رأسها على وجهها . ثم قال : قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله و الخفاف ، و أن لها أن تغطي رأسها و تستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلاً خفيفاً تستر به عن نظر الرجال ولا تخمره ) قال الإمام العثيمين رحمه الله في الشرح الممتع [ 3/227 ] : ( .... يحرم عليها القفازان و النقاب . و النقاب : لباس الوجه ، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرم على المحرمة تغطية وجهها ، و إنما حرم عليها النقاب فقط [2] لأنه لباس الوجه ، وفرقٌ بين النقاب و تغطية الوجه ، وعلى هذا فلو أن المرأة المحرمة غطت وجهها لقلنا هذا لا بأس به ، ولكن الأفضل أن تكشفه ) وقال في بداية المجتهد و نهاية المقتصد [ 1/586 ] : ( أجمعوا على أن احرام المرأة في وجهها ، و أن لها أن تغطي رأسها ، و تستر شعرها ، و أن لها أن تسدل ثوبها على وجهها من فوق رأسها سدلاً خفيفاً تستتر به عن نظر الرجال ) . و قال شيخ الاسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى [ 26/112 ] : ( ... ولو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه جاز بالاتفاق ، و إن كان يمسه فالصحيح أنه يجوز أيضاً ... و أزواجه كن يسدلن على وجوههن من غير مراعاة المجافاة . ولم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( احرام المرأة في وجهها ) ، و إنما هذا قول بعض السلف ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم نهاها أن تنتقب أو تلبس القفازين ، كما نهى المحرم أن يلبس القميص و الخف ، مع أنه يجوز له أن يستر يديه و رجليه باتفاق الأئمة ) . وقال الإمام العثيمين رحمه الله في مجموع فتاويه [ 22/188 ] ( ... حديث عائشة رضي الله عنها لا يعارض النهي عن الانتقاب ، وذلك لأن حديث عائشة رضي الله عنها ليس فيه أن النساء ينتقبن ، و إنما يغطين الوجه بدون نقاب ) وقال [ 22/194 ] : ( النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن الانتقاب ؛ و الانتقاب لباس الوجه ، ولم ينه عن تغطية الوجه ؛ بل نهى عن الانتقاب ( عن لباس الوجه ) ، فيجوز للمرأة أن تغطي وجهها وهي محرمة ، و لهذا لو أن الإنسان لف على رجليه خرقة فلا يحرم عليه ، لأنها ليست خفاً ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عن ستر الرِجل بل نهى عن لبس الخف ، وفرقٌ بين الأمرين . فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تنتقب المرأة أي تلبس النقاب ، فإنه لا يلزم من ذلك أن تُنهى عن ستر الوجه ) وقال الإمام الشافعي في الأم [ 2/280 ] : ( .. و يكون للمرأة إذا كانت بارزة تريد الستر من الناس أن ترخي جلبابها أو بعض خمارها أو غير ذلك من ثيابها من فوق رأسها ، وتجافيه عن وجهها حتى تغطي وجهها متجافياً كالستر على وجهها ، ولا يكون لها أن تنتقب ) وملخص المذاهب الأربعة في هذه المسألة : [1] يحرم عليها الانتقاب أو التلثم بالاتفاق . [2] و الحنفية و الشافعية يجيزون سدل المرأة ثوباً على وجهها مع المجافاة عن الوجه بخشبة أو نحوه ! سواء أكان هناك حاجة لهذا أم لم يكن ، و إن مسّ وجهها فعليها دم ، و إلا فلا !! [3] و يرى المالكية أن ستر الوجه عند الفتنة مباح للمحرمة ، بلا غرز للساتر كإبرة أو دبوس ، ودون أن تربطه على رأسها . ( الشرح الصغير ) [4] يرى الحنابلة وجوب ستر وجه المحرمة إذا مرّ أجنبي سدلاً دون انتقاب ( المغني ) و الله أعلم و هو الموفق لا رب سواه ــــــــــــــــــــــ [1] : التغطية هنا محمولة على السدل كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح ، و ابن ضويان في منار السبيل ، و السدل : تغطية الوجه دون شدّ . [2] : و ما في معناه كالبرقع و اللثام . |
بارك الله فيك يا أختي شيماء على هذا الجمع المبارك وزادك الله من العلم والدين |
وفيك بارك مشرفتنا وأسأل الله أن يسترنا ونساء العالمين بحجابنا في الدنيا والأخرة ويجعنا ممن نتبع أوامر ربنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم |
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 07:17 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي