منتديات الشعر السلفي بإشراف الشاعر ابي رواحة الموري

منتديات الشعر السلفي بإشراف الشاعر ابي رواحة الموري (http://www.salafi-poetry.com/vb/index.php)
-   منتدى التراجم والمخطوطات والرسائل العلمية (http://www.salafi-poetry.com/vb/forumdisplay.php?f=76)
-   -   أسئلة أبي رواحة الحديثية والشعرية :: مفرغ :: (http://www.salafi-poetry.com/vb/showthread.php?t=1848)

أبو أحمد علي بن أحمد السيد 05-01-2010 03:19 PM

أسئلة أبي رواحة الحديثية والشعرية :: مفرغ ::
 
أسئلة أبي رَوُاَحة الحديثية والشعرية ( الجزء الأول )
أجاب عنها : فضيلة الشيخ المحدث العلامة / يحيى بن علي الحجوري
وكانت في ليلة الأحد في 7 / جمادى الأولى / 1424 هـ
ملاحظة : بدأ التفريغ من السؤال الأول ولم يشمل المقدمة.
ملاحظة ثانية لست أنا من فرغ هذه الأسئلة أنا فقط عدلت بعض الأخطاء في التفريغ.


بسم الله الرحمن الرحيم


السؤال الأول : على ماذا يُحملُ وفقكم الله حديث أبي هريرة المتفق عليه : (( لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً حتى يريه خيرٌ له من أن يمتلئ شعراً )) ، وما صحة زيادة: (( فجئت به )) أو قال : (( هُجيت به )) ؟
الجواب : الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً أما بعد :
فالسؤال عن حديث (( لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً يريه خيرٌ من أن يمتلئ شعراً)) جاء الحديث عن أبي هريرة وعن ابن عمر وهو في < الصحيحين > والحديث محمول على من استرسل في الشعر حتى شغله عن ذكر الله وعن تلاوة كتاب الله عز وجل وعن تعلم العلم الشرعي النافع ، هذا يكون قد أمتلئ جوفه شعراً ، ويكون قد حُرم من خيرٍ كثير ، وفي هذا الحال يصير جاهلاً بأمور دينه وفي هذا الحال لم يتفقه في دين الله ، فهذا (( لأن يمتلئ جوفه قيحاً خيرٌ من أن يمتلئ شعراً )) ، (( يمتلئ )) ولاحظ معي كلمة (( يمتلئ )) ، أما من كان يقول الشعر وهو مقبلٌ على قراءة القرآن وعلى ذكر الله وعلى تعلم العلم الشرعي ، فإن الشعر مشروعٌ في مثل هذا الحال عند جماهير العلماء ، الشعر الطيب مشروع عند جماهير العلماء ، ولا يتناوله هذه الحديث الذي تقدم ذكره ويكون مهدداً (( لأن يمتلئ جوفه قيحاً خيرٌ من أن يمتلئ شعراً )) هذا في من تقدم ذكره على ذلك المعنى . أما زيادة (( فجئت به )) فمن حديث جابر بن عبد الله عند أبي يعلى من طريق النظر بن محرز وهو مجهول كما في < ميزان الإعتدال > والحديث مذكور فيه أيضاً في ترجمة النظر ، ولعل لفظة (( فجئت به )) والصواب (( هجيت )) من الهجاء ، فإن بعض أهل العلم أخذ هذه الزيادة وقال : الحديث يحمل : (( لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً )) هذا في ما إذا كان يهجي به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أشعار الجاهلية ، وهذا ليس بصحيح والمعنى الذي ذكره العلماء هو الصواب ، وهذه اللفظة التي بنو عليها (( هجيت به )) زيادة ضعيفة فيها مجهول ولفظة (( فجئت به )) الظاهر أنها تصحفت هذا حاصل ما يتعلق بهذا السؤال .



جزاكم الله خيرا
السؤال الثاني :القصيدة المنسوبة في بعض كتب السيرة إلى أبي طالب وهي :
ولقد علمت بأن دين محمدٍ ……من خير أديان البرية دينا
فما صحة نسبتها إليه ؟
الجواب :هذه القصيدة سندها معضل ، وذلك أن يعقوب بن عقبة يرويها يذكر قصة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعن أبي طالب وهو من أتباع التابعين وسندها معضل لم تثبت ، وقد ذهب بعض المخرفين إلى إثبات إسلام أبي طالبٍ بناءً على هذه القصيدة :
ولقد علمت بأن دين محمدٍ ……من خير أديان البرية ديناً
لولا الملامة وحذارِ مسبةٍ ……لوجدتني سمحاً بذاك أميناً
هذا ولو صحت الأبيات لكانت دالةً على عدم إسلامه ، لأنه قال :
لولا الملامة وحذار مسبة ……لوجدتني سمحاً بذاك أميناً
معناه : أنه لم تسمح نفسه أن يتبع دين محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم حذار الملامة ، وحذراً من مسبة قريش وعلى ذلك مات ، مات على الكفر ، أبو طالب مات على الكفر كما في < الصحيحين > من حديث المسيب بن حزن أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أتى وعنده أبو جهل بن هشام وآخر وهو ابن أمية ، فكان يقول له : ((يا عم قل لا إله إلا الله كلمةً أحاج لك بها عند الله )) كلما قال له هذه الكلمة أعاد عليه : أترغب عن ملة عبد المطلب ، قال : فكان آخر كلامه أن قال : هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله ، هكذا في الحديث ، فعبد المطلب مات كافراً وأيضاً قوله وأبى أن يقول لا إله إلا الله ، فعُلم من هذا عدم إسلام أبي طالبٍ ، وفي < البخاري ومسلم > أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال له العباس : يا رسول الله ماذا أغنيت عن عمك فقد كان يحوطك ويغضب لك ؟ قال : (( هو في ضحضاحٍ من نار ، ولو لا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار )) هذا يدل أن أبا طالب مات على الكفر وأنه في النار ، وهكذا ثبت عند < النسائي > وغيره عن عَلِيَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ : أَنّهُ أَتَى النّبِيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فَقَالَ : يا رسول الله إنّ عمك الشيخ الضال ، زيادة الضال ثابتة قد مَاتَ ، فَقَالَ : (( اذْهَبْ فواره ولا تحدثن شيئاً )) فذهب فواراه ، شاهدنا : إن عمك الشيخ الضال قد مات قال : (( أذهب فواره ولا تحدثن شيئاً )) ، وفي أبي طالبٍ نزل قول الله سبحانه وتعالى : { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } وفيه أيضاً نزل سببٌ آخر قال الله سبحانه : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ } .القصة لم تثبت إلى أبي طالب ، هذه القصة أنه أتى إليه قريش وشكوا على أبي طالب فقال : إن قومك قد أتوا إليَّ فظن أنه سيتركه وأنه سيسلمه إلى قريش وإلى مشركي قريش ، فقال بعد أن أنتهى من كلامة : (( والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي ما تركت هذا ديني لشيء حتى أهلك دونه )) ثم استعبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وخرجت عبرته دم دموعه فلما ولى قال : إرجع يا ابن أخي ، ثم قال له : أفعل بدينك ما بدى لك أو نحو هذا ثم ذكر القصيدة ، وقد علمت أنها معضلة يعقوب بن عقبة هذا يذكر القصة وهو من أتباع التابعين.





السؤال الثالث : القصيدة المنسوبة إلى عبد الله بن المبارك رحمه الله التي أرسل بها إلى الفضيل بن عياض رحمه الله ومطلعها :
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ……لعلمت أنك في العبادة نلعب
فما صحة نسبتها إليه ؟
الجواب : القصيدة ضعيفةٌ سنداً ومنكرةٌ متناً ، أما من حيث السند عبد الله بن محمد قاضي نصيبين يرويها عن محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة ، وابن أبي سكينة يذكرها عن ابن المبارك أنه أرسله ابن المبارك إلى الفضيل بن عياض بهذه الأبيات ، ابن أبي سكينة مجهول ، وقاضي نصيبين أيضاً من هذا الباب أو نحو هذا الباب وفيها نكارة في المتن ، اسمع إلى هذه الأبيات :
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ……لعلمت أنك في العبادة تلعب
ما كان السلف رضوان الله عليهم يُحقرون العبادة ويسمونها لعباً حشا ابن المبارك أن يُسمي الصلاة أو يجعل الصلاة والصيام والقيام في حرم الله على ما تعرفون في فضل الصلاة في الحرم يجعلها لعباً
من كان يخضب خده بدموعه ……فنحورنا بدمائنا تتخضب
وأيضاً حاشا ابن المبارك أن يتبجح بهذا التبجح وأنه أنك فقط دموعك تتخضب خدودك بماء أما نحن فدموعنا تسير على نحورنا إلى آخره ، أهل العلم قاطبة أرفع من هذا وأبعد من هذا هو يقول : نحن فعلنا كذا أنت فعلت كذا نحن فعلنا كذا وفعلنا كذا ، لا يا أخي هذه الأبيات وهي في < فتح المجيد > ومر بنا حكمها أيضاً ضعيفةٌ سنداً ومنكرةٌ متناً .





السؤال الرابع : القصيدة المنسوبة أيضاً إلى ابن الأمير الصنعاني رحمه الله ، وفيها تراجعه عن الثناء على الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب النجدي رحمه الله ، ومطلعها :
رجعت عن القول الذي قلت في النجدي
هل صحت نسبتها إليه ، وإذا صحت هل يلزم منها وقوع الصنعاني رحمه الله في التشيع أم أن سر تراجع الصنعاني كان مبنياً على كلامٍ من نقلة الوشاة والمغرضين من أمثال مربد الذي كان واسطة بينه وبين النجدي رحمه الله؟
الجواب : الواقع أن جماعة من أهل العلم يثبتونها ، أما القصيدة فثابتة لكن التراجع الكلام عن التراجع القصيدة ثابتة عن الصنعاني ، إنما الكلام عن التراجع هل ثبت تراجع ابن الأمير الصنعاني عن تلك القصيدة أم لم يثبت ؟
فجماعة من أهل العلم أثبتوها ، ولقد قرأ عليَّ أخونا الفاضل أبو العباس الشحري حفظه الله مبحثاً نفيساً حول هذه القصيدة حرر فيه الأقوال بما حاصله أن التاريخ لا يتلائم مع القول بالتراجع وأن تاريخ التراجع مختلف تماماً عن زمن ابن الأمير مما يدل أن < الديوان > مسته يدٌ غير أمينة فأدخلت فيه تراجعاً من قِبل أهل التشيع ، ومما يؤيد هذا أيضاً أن بعض أحفاد ابن الأمير كان شيعياً ، فالناظر في التاريخ يتخذ من ذلك أن التراجع في ثبوته ريبٌ وأيما ريب ، هذا وقد أبان شيئاً من ذلك أيضاً السحمان رحمه الله في جزءٍ حول هذه القصيدة وأبان أن التراجع مكذوبٌ على ابن الأمير رحمة الله عليه ، هذا بعض ما قرأه عليَّ الأخ أبو العباس حفظه الله في مبحثه حول هذه القصيدة ما حاصله أن التراجع غير ثابتٍ والحمد لله .





السؤال الخامس : ما صحة أبيات :
طلع البدر علينا ……من ثنيات الوداع
وأنها قيلت عند مقدم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى المدينة ؟
الجواب : ذكرها الحافظ رحمة الله عليه في < فتح الباري > المجلد السابع وحكم عليها بالإعضال وهو كذلك عبيد الله بن أبي عائشة يذكر القصة وهو تابع تابعي ويذكر قصة حدثت في مقدم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأنه لما استقبله أهل المدينة ذكرها هذا :
طلع البدر علينا ……من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ……ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا ……جئت بالأمر المطاع
جئت شرفة المدينة ……مرحباً يا خير داع
إلى آخره التي يكررها ويرددها الإخوان المسلمون ، الإخوان المسلمون ملفلفون يا أخوان ملفلفون ما هم حول ثابت من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فضلاً عن قصة من القصص فهم حُطَّاب ليلٍ وأشد من ذلك .




السؤال السادس : ما صحة قصة إسلام كعب بن زهير بن أبي سلمى ، ونسبة قصيدة :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبولُ ……متيم إثرها لم يفد مكبول
وفيها أيضاً في نفس القصيدة :
نبئت أن رسول الله أوعدني ……والعفو عند رسول الله مأمول
فما صحة نسبتها إليه ؟
الجواب : أما بالنسبة للقصيدة فهي في < الآحاد والمثاني > و< الكبرى > للبيهقي فيها مجاهيل مسلسلة بالمجاهيل بمن لا يُعرف حاله ، وقد بنى عليها جماعة من أهل العلم في ثبوت صحبة كعب بن زهير هذا ، حتى قال ابن عبد البر ما حاصله : أنه لا يعلم في ثبوت صحبه إلا هذه القصة ، وإذا كان الأمر كذلك ففي ثبوت صحبته نظر ، فإن القصة لم يثبت وقصيدة بانت سعاد من هذه الطريق المسلسلة بالمجاهيل كما في < الآحاد والمثاني > وكما في البيهقي في ترجمة كعب بن زهير هذا من الآحاد ، حاصله أن القصة غير ثابتة بما تقدم ذكره.
ومعنى متبول : معناه أنه فقد حبيبته سعاد هذه وأنه قبله صار يهيم وأنه صار مشرد الذهن ومشتت البال وأنه قلبه أيضاً صار فاسداً وصار مشغولاً إلى آخره ، متبول بالتاء والباء والواو .
السائل : بقي بالنسبة للشهرة هل هي تكفي في صحة كتابٍ أو قصيدة أو غير ذلك ؟
الشيخ : لا بد من النظر في السند ، لا بد من النظر في سندها ، والشهرة قد تشتهر يا أخي كم من حديث اشتهر عن الفقهاء وهو موضوع وكم من حديث اشتهر عند النحويين وهو موضوع وكم من حديث اشتهر أيضاً بين أهل الحديث وفيه إخلاف بين أهل الحديث منهم من يضعفه ، الشهرة لا تكفي ، وقد ألف السخاوي رحمه الله < المقاصد الحسنة فيما اشتهر على الألسنة > لخص منه العجلوني أيضاً في < كشف الخفاء والإلباس فيما اشتهر في ألسنة الناس > وربما زاد عليه بعضه ، فما تكفي الشهرة لا بد من توفر الصحة ما ذكره أهل المصطلح الثابت هو : ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط إلى منتهاه ولا يكون شاذاً ولا معلاً ، ذكروا شروطاً ستة شروط للصحة ، فمجرد الشهرة ليست من شروط الصحة عند أهل الحديث .




السؤال السابع : اتهم شاعر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حسان بن ثابت رضي الله عنه أنه كان جباناً استدلالاً لما وقع له في إحدى الغزوات من أن امرأة أعطته عموداً ليضرب به رأس يهودي فقال لها : لست لهذا فما صحة هذه الرواية ، وما الرد على هذه الفرية ؟
الجواب : الرواية من طريق يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه وهو عبد الله بن الزبير عن صفية بنت عبد المطلب ، ولو فرضنا أنه عن أبيه هو بمعنى عن أبيه الأكبر الأعلى والجد فلا عبد الله بن الزبير ولا عباد بن الزبير سمع من صفية بنت عبد المطلب فالرواية يظهر منها الانقطاع لم نر من أثبت روايت عباد هذا ولا رواية عبد الله بن الزبير من صفية مع أنه يقول : كان معها فما رأينا ذلك ، هذا وقد بنا عليها كثيرٌ من الذين ترجموا لحسان رضي الله عنه بنو عليها هذا الحكم الذي ذُكر ، وفي هذا قال بعضهم أنه كان من الشجعان ومن الأبطال طرأ عليه مرضٌ فحصل له من ذلك بناءً على هذه القصة ، وإذا لم تثبت القصة فينبغي الابتعاد عن هذا الوصف لصحابي شهد مغازي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وبقي أيضاً أنه كان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله سلم الجبان ما يستطيع ينافح (( اهجهم وروح القدس معك )) ويقول :
هجوت محمداً فأجبت عنه ، يقول هذا لمن ؟ لأبي سفيان قبل أن يُسلم ، يقول هذا لصناديد قريش :
هجوت محمداً فأجبت عنه ……وعند الله في ذاك الجزاءُ
فإن أبي ووالده وعرضي ……بعض محمدٍ منكم وقاءُ
أتهجوه ولست له بكفء ……فشركما لخيركما الفداء
لساني صارم لا عيب فيه ……وبحري لا تكدره الدلاء
فلو كان كما ذكروا لخاف أن يهجو أولئك الأبطال ما يستطيع يقول مثل هذا الكلام على أنه اشتهر في كتب التراجم اعتماداً على هذه القصة وفي النفس في ثبوتها شيءٌ كما سبق بيانه .
السائل : مما يذكره أهل الأدب يقولون لو كان كذلك – يعني حسان أنه كان جبانا – ما أفلت من خصومه , يتكلمون عليه من هذه المسألة يطعنون فيه.




السؤال الثامن : ما حكم مناداة الزمان يا يوم كذا يا شهر كذا ، وما حكم نسبة الشر إليه أي إلى الزمان وإلى الدهر ، وخاصة أن هذا موجود وبكثرة في كلام الشعراء ومن ذلك قول أبي ذُئيب الهذلي :
وتجلدي للشامتين أريهمُ ……أني لريب الدهر لا أتضعضعُ
فنسب الريب للدهر ، وقد جاء في كتاب الله عز وجل { فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } وجاء فيه أيضاً { فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ } نرجو أن تذكروا لنا ضابطاً يُجلي هذه المسألة؟
الجواب : مناداة الزمان يقول يا زمان أغثني أو يا يوم أنقذني أو يا شهر رمضان أكرمني أو ما إلى ذلك فهذا ما يجوز { وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ }{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }{ ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ }. هذا دعاء لغير الله شركٌ ، إذا نادى الزمان يستغيث به.
السائل : وما حكم نسبة الشر إليه؟
نسبة الشر إلى الدهر فيه تفصيل (( يؤذني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار )) ففي نسبة الشر إلى الدهر كأن يقول هذا دهرٌ سيئ سواء دهرٌ أو يومٌ أو شهرٌ ويعني بذلك أن الله هو الدهر ويقصد بذلك سب الله سبحانه وتعالى أو يقصد بذلك أن الدهر هو الذي أحدث ذلك الشر هذا شركٌ بالله سبحانه إذا عنى أن الدهر هو الذي أحدث ذلك الشر أو أحدث ذلك البرد أو أحدث ذلك القيض إلى آخره هذا شركٌ بالله سبحانه ، فإن كان يتسخط ويقول دهرٌ نحس أو شهرٌ حر أو شهر حصل فيه قيض أو يوم حصل فيه بردٌ ما باب الإخبار جائزٌ ، وإن كان بقصد التسخط على أقدار الله فهذا لا يجوز محرم { وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }{ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً } ، وقول الله عز وجل { فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ } من باب الإخبار بما فيها { فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ } أو كان من هذا من باب الإخبار ويستدل به أنك إن قلت الليلة باردة الليلة حصل بردٌ خبر ما فيه شيءٌ اعتراض للقدر ولا فيه سبٌ للدهر ولا إضافة الشر للدهر أنه خلق الشر ، أو كذلك إذا قلت هذه سنةٌ مجذبة من باب الإخبار نحو ما تقدم من حيث أنه لا بأس به ، فعلى ذلك المنوال في هذه المسألة. أما قول أبي ذُئيب :
وتجلدي للشامتين أريهمُ ……أني لريب الدهر لا أتضعضعُ
يعني لما يحصل في الدهر من الريب خبر لما يحصل فيه من الأمور ومن المشاكل ومن القلاقل ، فيبدو لي والله أعلم أن قول أبي ذُئيب هذا ما فيه ما يُخالف العقيدة الصحيحة هذا الذي ظهر لي الآن.
السائل : هل هذا من هذا الباب ما نُسب للشافعي :
دع الأيام تفعل ما تشاء ؟
الشيخ : ونحو هذا أيضاً على أنه ينبغي تركها.
دع الأيام تفعل ما تشاء ، والديوان منسوب للشافعي وفي نسبته إليه نظر .



السؤال التاسع : لما أنزل الله تعالى { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ } جاء حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهم يبكون ويقولون : قد علم الله أنا شعراء فأنزل الله { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا } فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( أنتم )). فما صحة هذه القصة ؟
الجواب : هي مذكورة في < تفسير ابن جرير > أشار إليها صاحب < الدر المنثور > بعض أسانيدها مقاطيع وبعض أسانيدها فيها مجاهيل ، لذا لم يذكرها شيخنا رحمة الله عليه في < الصحيح المسند من أسباب النزول > لما سبق ذكره .




السؤال العاشر : رأيت في بعض كتب الأدب حديثاً في ترجمة عنترة بن شداد أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال فيه : (( ما وُصف لي أحدٌ فأحببت أن أراه مثل عنترة )) فما صحة هذا الحديث ؟
الجواب : لا أعرف صحة هذا الحديث ولا أعرف ثبوت هذا الحديث ولا أراه ثابتاً وليس حتى في الكتب الستة المتداولة فيما يبدو والله أعلم .





السؤال الحادي عشر : ما صحة حديث أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في أمية بن أبي الصلت : (( آمن شعره ولم يؤمن قلبه )) وفي لفظٍ (( آمن لسانه وكفر قلبه )) ؟
الجواب : الثابت في < الصحيحين > من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : (( أصدق كلمةٍ قالها شاعر كلمة لبيد ، - لبيد بن ربيعة صحابي رضي الله عنه - ألا كل شيء ما خلى الله باطلُ)) ، قال : ((وكاد أمية بن أبي الصلت أن يُسلم)) ، هذا في < الصحيحين > ، أما الحديث بهذا اللفظ فقد ذكره ابن كثير في < البداية والنهاية > وقال : لا يعرفه ، وذكره ابن عساكر في ترجمة أمية بن أبي الصلت هذا من < تأريخه > وفي سنده أبو بكر الهذلي قال النسائي : ليس بثقة ، فالحديث الثابت هو الذي في < الصحيحين > أما الذي فيه (( آمن شعره ولم يؤمن قبله)) فضعيف جداً كما سبق .




السؤال الثاني عشر : رأيت على واجهة بعض كتب اللغة حديث (( تعلموا العربية وعلموها الناس )) فهل رأيتموه في بعض الكتب المسندة ؟
الجواب : أبدا لا أعرفه في بعض الكتب المسندة ولا أعرف له إسناداً ولا أصلاً صحيحاً .



السؤال الثالث عشر : ما صحة حديث (( أمرو القيس حامل لواء الشعر إلى النار)) ؟
الجواب : هذا الحديث في < مسند أحمد > وهو من طريق صبيح بن عبد الله وهو ضعيف ، وله طريقٌ أخرى ذكرها الذهبي في < الميزان > ترجمة محمد الصلصال كذاب ، وكان متهماً بشرب الخمر ومتهماً بالزوز ، وقد ذكروه في < الموضوعات > فهو موضوع ، وذلك الحديث الذي فيه ضعيف لا بد على أنه ليس بموضوع بل حكموا عليه بالوضع.




السؤال الرابع عشر : يستشهد بعض النحاه بحديث (( نعم الرجل صهيب لو لم يخف الله لم يعصه )) فما صحة هذا الحديث ؟
الجواب : هذا الحديث ذكره الشوكاني رحمه الله في < الفوائد المجموعة > بل جل من ألف في < الموضوعات > ذكر هذا الحديث ، وفي < السلسلة الضعيفة > قال الشيخ الألباني رحمة الله عليه : لا أصل له ، إنه موضوع ومن أحب أن ينظر طرقه ينظر موسوعة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، (( نعم العبد )) في هذا الموضع أشار إلي الذين ذكروه في < الموضوعات > لا أصل له .



السؤال الخامس عشر : استشهد بن هشام في < قطر الندى > على صحة لغة حميَّر بحديث (( ليس من أمبر أمصيام في أمسفر )) فما صحة هذا الحديث بهذا اللفظ ؟
الجواب : الحديث المتفق عليه عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( ليس من البر الصيام في السفر )) على اللغة المشهورة ، أما على لغة أهل حميَّر ((ليس من امبر امصيام أمسفر )) فهذا الحديث لا أصل له بهذا اللفظ إنما يذكرونه ، وأيضاً يستشهدون على لغة حميَّر :
ذا حبيبي وذو يواصلني ……يرمي ورائي بامقوس وامسلمة
لو استشهدوا بالبيت كان يكفي ، أما الحديث فلا ينبغي أن يأتوا بحديث مكذوب ما له أصل ثم يضيفونه إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وما تكلم به ما له أصل.



السؤال السادس عشر : ما صحة حديث نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن تناشد الأشعار في المسجد ؟
الجواب : من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، وجده على الصحيح عبد الله بن عمرو بن العاص جده الأعلى وإلا لو أردت أن حيث الجد الأدنى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، عمرو بن شعيب أبوه شعيب وجده محمد ستكون انقطاعاً في هذه السلسلة قد خاض السيوطي رحمة الله عليه في < التدريب > في هذه السلسلة وبيان هذه السلسلة على أنه قد أتى التصريح في بعض المصادر الثابتة في هذه السلسلة ويعتبرها الذهبي رحمة الله عليه في < الموقظة > من أحسن طرق الحسن على أنه جاء التصريح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص وهي إذا كان الأمر كذلك فجمهور العلماء على حسنها فالحديث حسن وهذه السلسلة حسنة إذا ثبتت إلى عمرو بن شعيب ، شعيب الكلام فيه ما فيه توثيق من معتبر في < التهذيب > وفي المصادر لكن هذه السلسلة متلقاةٌ بالقبول عند أهل العلم لا لأنهما يعني مجرد التلقي يكفي إنما هذه سلسلة مع التوثيق الحاصل قبول جمهور العلماء لها مثل ابن حبان وبعض المتساهيل بالتوثيق ، فقبل هذا كما سبق والحديث حسن أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن تناشد الأشعار في المسجد ، وهو محمول كما يقول البيهقي عن الأشعار الماجنة البطالة البذيئة التي كان يعملها الجاهلية ، أما الأشعار التي فيها نفاحٌ عن دين الله وعن كتاب الله وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفيه هجاء للباطل وأهل الباطل فيها حماية { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا } انظر الاستثناء الآن { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا } فيه ثناءٌ على من توفرت فيه هذه الصفات { آمَنُوا } توفر فيه الإيمان والعمل الصالح وذكر الله سبحانه لم يشغله الشعر عن ذكر الله { وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا } انتصار للحق فإذا توفر هذا فالشعر محمودٌ في المسجد أو في غيره، وحسان بن ثابت نصب له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المسجد قال : (( روح القدس مع حسان ما نافح عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم اهجهم وروح القدس معك )) وقام حسان يُنافح عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نحو ذلك الشعر الذي سبق بيانه ، وهكذا ابن رواحة بل إن عمر بن الخطاب اعترضه لماذا ينشر الشعر ، قال : قلته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ومن حديث جابر بن سمرة قال : لقد رأيت الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أكثر من مائة مرة وأصحابه في المسجد يتناشدون الشعر ويذكرون شيئاً من أمور الجاهلية فيضحكون ويتبسم ، وهكذا ابن رواحة رضي الله عنه يهجو الكفار في الحرم :
خلو بني الكفار عن سبيله ……اليوم نضربكم على تنزيله
ضرباً يزيل الهام عن مقيله ……ويذهل الخليل عن خليله
قال له ابن الخطاب تقول الشعر يا ابن رواحة في حرم الله هذا دليل حرم وبين يدي رسول الله قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( دعه يا ابن الخطاب لهو أشد عليهم من وقع النبل )) هذا يدل على جواز الشعر الحسن الشعر الطيب الشعر الذي فيه نصر لكتاب الله وسنة رسوله ودينه شعر الحق أنه جائزٌ في المسجد وفي غيره كما يقول البيهقي رحمة الله عليه وأن الحديث إنما حُمل على الشعر الماجن أو على الشعر البطال أو على الشعر الذي فيه البعد عن الحق والوقيعة بأهل الحق أو نحو ذلك.



السؤال السابع عشر : ما صحة هذه القصة أن عبد الله بن رواحة أنشد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبياتاً منها :
فثبت الله ما آتاك من حسنٍ … تثبيت موسى ونصراً كالذي نُصروا
قال : فأقبل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بوجهه متبسماً وقال : ((وإياك فثبت )) .
الجواب : القصة مذكورة في < طبقات ابن سعد > وفي < سير أعلام النبلاء > من طريق مُدرك بن عمارة وهو مجهولٌ روى عنه جماعة ولم يوثقه معتبر فهي غير ثابتة بهذا السند .


السؤال الثامن عشر : ما صحة هذه القصة أن نابغة الجعدي أنشد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبياتاً منها :
تذكرت والذكرى تهيج على الفتى ……ومن عادة المحزون أن يتذكرا
سقيناهم كأساً سقونا بمثله ………ولكننا كنا على الموت أصبرا
إلى أن قال :
بلغنا السماء جوداً ومجداً وسؤدداً ……وإنا لنرجو فوق ذلك مظهراً
فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( أين المظهر يا أبا ليلى ؟ )) فقال: الجنة ، قال : (( فلا فض فوك )) ؟
الجواب : مذكورة في < كشف الأستار > للهيثمي وفيها مجهول وضعيف أما المجهول فهو ابن جراد وأما الضعيف فهو الأشدق بهذا ضعفها الهيثمي في < مجمع الزوائد> بالأشدق فهي ضعيفة .



السؤال التاسع عشر : ذكر أهل التفسير عند قوله تعالى : { وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ } هذه القصة. وهي أن عمر ابن الخطاب استعمل النعمان بن عدي بن نظلة على ميسان في أرض البصرة وكان يقول الشعر فقال :
إلا هل أتى الحسناء أن حليلها ……بميسان يسقى في زجاج وحنتم
إذا شئت غنتني دهاقين قرية ……ورقاصة تجذو على كل منسم
فإن كنت ندماني فبالأكبر أسقني …ولا تسقني بالأصغر المتثلم
لعل أمير المؤمنين يسوءه ……تنادمنا بالجوسق المتهدم
فلما قدم على عمر قال له قد بلغني قولكم وأيم والله إنه ليسوءني وقد عزلتك ، فقال : والله يا أمير المؤمنين ما شربتها قط وما ذلك الشعر إلى شيء طفح على لساني ، فقال عمر : أظن ذلك ولكن والله لا تعمل لي عملاً أبداً وقد قلت ما قلت ، فلم يذكر أنه حده على الشراب ، والسؤال من شقين : الشق الأول : ما صحة هذه القصة ؟ والشق الثاني : أختلف أهل العلم في الشاعر إذا اعترف في شعره ما يستوجب حداً هل يُقام عليه الحد ؟ على قولين : فأي قولٍ منهما ترجحون علماً بأن صاحب < أضواء البيان > جنح إلى القول بأنه لا يُحد ولكن يستوجب الملامة والتأديب استدلالاً بالآية والقصة فما هو الحق في ذلك ؟
الجواب : والله الذي يظهر لي أن القصة فيها نكارة ويذكرونها في أسانيد ملفلفة هكذا في بعض كتب التفسير فكتفينا بالنكارة فيها ذلك لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في < الصحيحين > من حديث أبي هريرة : (( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم )) ، قال الحافظ رحمه الله عند هذا الحديث : الحديث دالٌ على أن من تكلم بسوء له غنمه وعليه غرمه المعنى ، هذا يدل على أن من تكلم بشعر أو بغيره سواءٌ قذف أو سواءٌ أفترى أو ما إلى ذلك أنه يؤخذ به ، ومما يؤيد هذا القول أنه قد جاء عن عمر بن الخطاب في قصة الزبرقان بن بدر حين هجاه جرول بن مالك الحطيئة ، هجاه بأبياتٍ ظاهرها عدم الهجاء قال :
دع المكارم لا تسعى لبغيتها ……وأقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
فجاء الزبرقان يشكوه على عمر بن الخطاب ، قال : ما أراه إلا مدحك قال : لا إنه هجاني ، فدعوا حسان يحكم بالقضية لمعرفته الشعر قال : يا أمير المؤمنين ما هجاه ولكنه سلح على رأسه ، ومع هذا جاء عن عمر رضي الله عنه أنه أراد قطع لسان جرول بن مالك بما حصل له من هجاء للمسلمين ثم بعد ذلك افتداه وأعطاه بعض المال على أنه يكتم يكف عن أعراض المسلمين ، هذا يدل على أن عمر ما سامحه في أعراض المسلمين فقط أنه لم لما قال : دع المكارم ، ولو رماه أيضاً بفرية لأقام عليه الحد ، إنما هذا مجرد سبٍ ومجرد طعن ليست بفرية ، أنت الطاعم الكاسي عبارة من الذين يطعمون ويكسون وينفق عليهم وبعبارة أنهم جالسون في البيوت لا قدرة لهم على الاكتساب والقيام بشؤون الناس وعبارة عن عالة على غيره ، فهذا ما فيه فرية وما فيه كذلك ما يستلزم الحد هذا الذي يظهر والله أعلم ، نكارة هذه الأبيات ، وأما قول الشنقيطي رحمة الله عليه أنه ما فيه حد فأنا لم أنظر قوله ولكن هذا الذي ظهر لي ، فهو عليه الحد إذا ظهر منه ما يستوجب الحد مثلاً قال في شعره فلانه زنت لابد من أن يأتي بأربعة شهداء وإلا يجلد ، أو كذلك ما يتعلق بهذا ، أما من حيث أن الشعراء قد يُبالغون في الكلام ويقول بعضهم أعذبه أكذبه وقد تسمعهم يقولون بكينا على أولئك بحاراً على موت فلان أو كذا ربما لو اجتمع منهم مائة يبكون سواء ويصبون دموعهم على علبة صلصة ما أمتلئت علبة الصلصة لكن مبالغة الشعراء يُغض الطرف فيما يتعلق بهذا ، حذاري حذاري من رمي الناس بالباطل أو من الكذب أو من المجازفة وملازمة العدل في القول مأمور في ذلك في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والشعر من القول على الله يقول : { وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى } ويقول : { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ }{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ } لا بد في ملازمة العدل في القول وفي سائر الأعمال ومن ذلك الشعر.



السؤال العشرون : ما صحة حديث : (( الشعر بمنزلة الكلام ، حسنه كحسن الكلام ، وقبيحه كقبيح الكلام )) علماً بأن الألباني رحمه الله في < الصحيحة > حكم عليه بالصحة بينما قال البيهقي في < السنن الكبرى > وصله جماعة والصحيح عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مرسل فما الصواب في ذلك ؟
الجواب : حكم المتقدمين على الأحاديث إذا حكم عليه إمام بالإرسال معناه أنه اطلع على علة فيه ، فإذا حكم عليه البيهقي بالإرسال , البيهقي حافظ من الحفاظ بلا شك فبقي أن ظاهر السند مجرد ما يُرى في ظاهر السند يُعاد إلى العلة الخفية ، الإرسال قد يكون من العلل الخفية فقول الحُفاظ مقدم ، ويُحتاج إلى نظر أيضاً هل حكم على طريق واحدة بالإرسال ، إذا كان من طريق واحدة فما حكم عليه الشيخ الألباني رحمه الله من طريق أخرى فالقول قول الشيخ الألباني رحمة الله عليه ، وإذا كان حكم على أصل الحديث أنه مرسل فإن هذا من باب العلل التي اطلع عليها المتقدمون وقولهم مقدم لحفظهم ولمكانتهم في ذلك .



السؤال الحادي والعشرون : أخرج الإمام أحمد في < مسنده > من حديث الأعشى أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يشكو زوجته ويقول :
يا مالك الناس وديان العرب ……أني لقيت ذربة من الذرب
وهن شر غالبٍ لمن غلب
فما صحة هذه القصة ؟
الجواب : القصة في ترجمة الأعشى وقد مرت بينا في < ضعيف المفاريد > ليس له هذه القصة الضعيفة فيما مر :
يا مالك الناس وديان العرب ……أني لقيت ذربة من الذرب
غدوت أبغيها الطعام في رجب …فخلفتني بنزاع وهرب
اخلفت العهد ولطت بالذنب ……وهن شر غالب لمن غلب
فجعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يردد : (( وهن شر غالبٍ لمن غلب )) ، فيها مجولان أحدهما صدقة بن طيلسة فيكفي في ضعفيها هذا.



السائل : وفي ختام هذه الأسئلة نرجو منكم وفقكم الله نصيحة في الذين يطعنون في إخواننا الشعراء المدافعين عن هذه الدعوة المباركة فيستهجلون ما يقومون به من جهودٍ فاعلة بدعوى أنهم شغلوا أنفسهم بالشعر أو أن ليس لهم زادٌ من العلم إلا الشعر ، ومن ذلك من قد يقال عن هذه الأسئلة أنها أخذت وقتاً كان غيرها أولى منها ، فنرجو نصيحةً لأمثال هؤلاء ؟
الشيخ : لا أبداً. بل إن أهل السنة يعرفون ويشجعون من له قدرات خيرية ، فيشجعون من له قدرة على الشعر أن يقول الشعر في الحق وأن لا يُشغل عن ذكر الله عن ما سبق بيانه ، ويشجعون من له قدرة على أي فن من الفنون العلمية الشرعية على ما هو عليه من الخير ، إذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ينصب الكرسي لحسان رضي الله عنه ويقول : (( روح القدس مع حسان ما نافح عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجب عني يا حسان )) الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما كان يقول الشعر { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ } ، فما كان يقول الشعر فهو ربما جاءت قصيدة من بعض المشركين يحتاج إلى أن يُجيب عنها الشعراء ، كان يُجيب عنها مثل حسان بن ثابت وابن رواحة وكعب بن مالك وأمثال هؤلاء الشعراء وهؤلاء هم من أشهرهم في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولا أعلم أحداً يقول : إن إخواننا الشعراء قد ضيعوا أوقاتهم هذا كذبٌ ، الشعراء هنا في دار الحديث مدرسون وخاصة هنا في دار الحديث في من أهل السنة مدرسون وبعضهم محققون وكذلك خطباء وبعضهم عنده اتقان على عدة فنون من العلم الشرعي ما أمتلئ جوفه بالشعر وإنما إذا دعت الحاجة لنفاحٍ عن حق ولبيان باطل قام ونظم في ذلك وهذا ليس بجديد بل إنه قديم من زمن سلفنا رحمة الله عليهم سواء من شعر الرثاء أو غير ذلك ، فمندل بن علي العنزي لما مات رثاه أخوه حبان بن علي العنزي قال :
عجباً يا عمرو من غفلتنا ……والمنايا مقبلات عنقاً
قادمات إلينا مسرعة ………يتخللن إلينا الطرقا
فإذا أذكر فقدان أخي ………أتقلب في فراشي عرقاً
وأخي أيُ أخٍ مثل أخي ……قد يرى في كل شيءٍ سبقاً
وهو محدث أيضاً وإن كان ضعيفاً ويقول الشعر ، بل إن البخاري قال بيتاً في الدارمي رحمة الله عليه قال :
إن تبقَ تفجع بالأحبة كلهم ……وفناء نفسك لا أبا لك أفجع
الإمام البخاري قال هذا البيت لما مات الدارمي عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي رحمة الله عليه وهو يحبه ، هكذا أيضاً والد الإمام ابن كثير رحمه الله يصفونه أنه كان شاعراً وأنه كان خطيباً وإنه أنشد من أبياتٍ له وذكر بعض الأبيات لوالده ، وهكذا ابن المبارك شعره كان معروفاً بالشعر الحسن ويذكرونه إليه :
يا جاعل العلم له بازيا ………يصطاد به أموال المساكين
احتلت للدنيا ولذاتها ………بحيلةٍ تذهب بالدين
أين رواياتك فيما مضى ……عن ابن عون وابن سيرين
أين رواياتك في سردها ……ترك أبواب السلاطين
إن قلت أكرهت ذا باطلٌ ……زل حمار العلم في الطين
في بعض طرقها ضعفٌ وقرأ علينا بعض إخواننا مما يدل على ثبوتها ، وهكذا ابن حزم رحمة الله عليه رد في قصيدة على بعض أهل الزيغ والهوى على الأرميني قال ابن كثير في ترجمته : أرجو أن يغفر الله له في هذه القصيدة ، وهكذا ابن الوزير أيضاً كان من الشعراء كان يقول وهو محدث وفقيه ولم تنجب بلادنا اليمنية مثله فيما يذكر شيخنا رحمة الله عليه :
فحينا بطود تمطر السحب دونه ……أشم منيف بالغمام موزر
وحينا بشعب بطن واد كأنه ………حشا قلم تمسي به الطير تصفر
أجاور في أرجائه البوم والقطا ………فجيرتها للمرء أولى وأجدر
هنالك يصفو لي من العيش ورده ……وإلا فورد العيش رنق مكدر
ولا عار أن ينجو كريم بنفسه ………ولكن عارا عجزه حين ينصر
فقد هاجر المختار قبلي وصحبه ………وفر إلى أرض النجاشي جعفر
، وهكذا ابن الأمير الصنعاني له ديوان في الشعر ، وكم تعدد وكم تعدد ، ابن المبارك من شعره ذلك أنه كان يقول :
وطارت الصحف في الأيدي منشرةً ……فيها السرائر والأخبار تتطلع
فكيف سهمك والأنباء واقعةٌ ………عما قريب ولا تدري بما تقع
أفي الجنان فوز لا انقطاع له ………أم في الجحيم فلا تبق ولا تدع
تهور بصاحبها طوراً وترفعهم ………أذا رجو مخرجها من غمها قمعُ
طال البكاء فلن يرحم تضرعهم ……كلا ولا رقة تغني ولا جزعُ
لينفع العلم قبل الموت عالمه ……قد سأل قوم بها الرجعى فما رجع
وأبيات :
رأيت الذنوب تميت القلوب ……وقد يورث الذل إدمانها
وترك الذنب حياة القلوب ……وخير لنفسك عصيانها
وهل افسد الدين إلا الملوك ……وأخبار سوء ورهبانها
لابن المبارك أيضاً إلى آخر ذلك يطول ذكر الشعر والشعراء بما تعلمونه ، وما يعذب أيضاً من الشعر شعر الشيخ حافظ حكمي رحمة الله عليه شعر طيب نظم في العقيدة نظماً سلساً طيباً جداً ، وهكذا منظومة ابن أبي زيد القيرواني المقدمة نظمها ذلك صاحب الإحساء فيه بيان العقيدة الصحيحة ، وهكذا أيضاً نظم الشيخ أحمد النجمي حفظه الله شاعرٌ مُجيدٌ يقول شعراً نفيساً ينافح فيه عن دين الله وعن السنة ، وهكذا أيضاً الشيخ زيد بن هادي شاعر مجيد يقول الشعر وغالب تدويناته يدونها شعراً فلا ينبغي لأحدٍ أن يطعن في سني شاعر يا أخي ، إنه يُحتاج إلى السني الشاعر ويحتاج إلى السني العالم ويحتاج إلى السني المحدث والسني الفقيه والسني العاقل ما يستغني عن سني أبداً ما دام على السنة فهو على خيرٍ كثير ، إنما أهل الهوى يُذمون ويمقتون أهل البدع والحزبيات والخرافات.

السائل : أتباع أبو الحسن ( أبو الفتن ) هم الذين يطعنون في شعر أهل السنة؟
الشيخ : ما يُبالى بهذا هذا يتعارض مع القرآن ومع السنة ومع فعل سلفنا رضوان الله عليهم الذي يطعن في هذا إنما الكلام في الذي يُضيع وقته ، يا أخي الذي يُضيع وقته بغير الشعر في الشوارع أو يُضيع وقته في المقاهي أو يُضيع على النوم هذا ما هو محمود عندنا ما نحب من أحد أ، يُضيع وقته أبداً ، في غير شيء غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليس بمضيعة علم كتاب الله وسنة رسوله لا من شاعر ولا من غيره ، ورب أحدٍ من الشعراء ينظمها في ربع ساعة وينفع الله بها ويدافع عن الحق .
هذا حاصل ما يتعلق بهذه المسألة سبحانك الله وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .

يتبع بالشريط الثاني إن شاء الله

زكريا عبدالله النعمي 05-01-2010 03:25 PM

جزاك الله خيراُ أخي على هذه الجهود المبارك
ونحن في انتظار التكملة
وبارك الله في أبي رواحة
وحفظ الله الشيخ الحجوري من كل سوء

أبو أحمد علي بن أحمد السيد 05-01-2010 04:45 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو يحي زكريا عبد الله الأثري (المشاركة 8698)
جزاك الله خيراً أخي على هذه الجهود المباركــة
ونحن في انتظار التكملة
وبارك الله في أبي رواحة
وحفظ الله الشيخ الحجوري من كل سوء



آمين


وأنت جزاك الله خيرا وبارك فيك

لسماع الأسئلة وإجاباتها صوتيا



مــن هــنــا بــارك الــلــه فــيــكــم

أبو عبد الرحمن عبدالله العماد 05-01-2010 11:25 PM


جزاك الله خيرا اخي علي السيد
ومازالت العلاقة بفضل الله عزوجل
بين ابي رواحة والشيخ يحي
علاقة ود واحترام وأخوة

أبو أحمد علي بن أحمد السيد 05-01-2010 11:32 PM

آمين
وجزاك مثله

أكرم بن نجيب التونسي 05-02-2010 01:37 PM

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

وحفظ الله الشيخ العلامة يحيى الحجوري وبارك فيه وفي علمه

ووفق الله شاعر السنة لما يحب ويرضى

أبو أحمد علي بن أحمد السيد 05-03-2010 09:45 PM

آمين
وأنت جزاك الله خيرا وبارك فيك

الشاعر أبو رواحة الموري 07-12-2010 10:59 AM

بارك الله فيك أخي السيد
ونحن بانتظار الشريط الثاني
ولكم جزيل الشكر

أبو أحمد علي بن أحمد السيد 07-12-2010 01:10 PM

آمين
وفيك بارك أخي الموري
والشريط الثاني اليوم أو غدا إن شاء الله

أبو أحمد علي بن أحمد السيد 07-12-2010 10:01 PM

أسئلة أبي رَوُاَحة الحديثية والشعرية ( الجزء الثاني )
أجاب عنها : فضيلة الشيخ المحدث العلامة / يحيى بن علي الحجوري
بسم الله الرحمن الرحيم


السؤال الأول : جاء في < صحيح مسلم > من حديث رافع بن خديج قال :(( أعطى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس كل إنسان منهم مائة من الإبل ، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك وقال عباس بن مرداس :
أتجعل نهبي ونهب العقيل *** بين عيينة والأقرع
وما كان بدرٌ ولا حابسٌ *** يفوقان مرداس في المجمع

إلى آخر الأبيات ، قال : فأتم له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مائةً)).
غير أنه جاءت رواية في غير < الصحيح > أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخذ يردد الشرط الأخير من البيت الأول ويقول :(( بين الأقرع وعيينة )) ، فقال أبو بكر : صدق الله { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ } .فما صحة هذه الرواية وفقكم الله ؟
الجواب : الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد : فما أعرض الإمام مسلم عن هذه الزيادة إلا لعدم ثبوتها والله أعلم ، وذلك أن ابن سعد قد أخرجها في < الطبقات > من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد وذكر القصة، وعبد الرحمن بن أبي الزناد نازلٌ فهي معضلة ، وذكرها أيضاً البيهقي في <الدلائل> وذكرها السُهيلي في < الروض الأنف > بسياقٍ منكر ، فهي زيادةٌ لم تثبت، وإنما الثابت ما سمعتم أنه في < صحيح مسلم > من حديث رافع بن خديج في قصة عباس بن مرداس رضي الله عنه ، وقصة قسمة العطاء بينهم إلى آخرها.



السؤال الثاني : ما حكم استعمال كلمة [ لعمري ] ، وقد جاءت في بعض طرق حديث شراء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لجبل جابر ، حين قال عليه الصلاة والسلام :((لعمري ما نفعناك لتنزل عنه)) ، كما في < مجمع الزوائد > ، وجاءت هذه الكلمة في حديث بشير بن الخصاصية عند البيهقي مرفوعاً وفيه : ((لعمري لئن تكلم وتأمر بالمعروف أو تنهى عن منكرٍ خيرٌ من أن تسكت )) وخاصةً أنه يستعملها كثيرٌ من الشعراء كما قال الأعشى :

لَعَمري لَقَد لاحَت عُيونٌ كَثيرَةٌ *** إِلى ضَوءِ نارٍ في يَفاعٍ تُحَرَّقُ
رَضيعَي لِبانٍ ثَديَ أُمٍّ تَحالَفا *** بِأَسحَمَ داجٍ عَوضُ لا نَتَفَرَّقُ
هذا رجل من العرب ، وما نُسب إلى عروة بن الزبير أنه قال حين قُطعت رجله :

لَعَمرُكَ ما أَهوَيتُ كَفّي لِرِيبَةٍ *** وَلا حَمَلَتني نَحوَ فاحِشَةٍ رِجلي
وَلا قادَني سَمعي وَلا بَصَري لَها *** وَلا قادني فكري إليها وَلا عَقلي
وَإِنّيَ حَقا لم تُصِبني مُصيبَةٌ *** مِنَ الله إِلّا قَد أَصابَت فَتىً قَبلي
وقول أبي علي البصير :
لَعَمرُ أَبيكَ ما نُسِبَ المُعَلّى *** إِلى كَرَمٍ وَفي الدُنيا كَريمُ
فنرجو منكم وفقكم الله توضيح هذه المسألة؟
الجواب : أما قول القائل لعمري أو لعمرك من إنسان من الناس فالمقصود به لحياتك أو لحياتي ، وقد اشتهر بين العرب بل مر بنا في <المفاريد> عن عم خارجة بن الصلت الظاهر أنه رقى بعض المرضى فشفي فأعطوه الغنم من الإبل فأتى بها النبي عليه الصلاة والسلام فقال :((كل فلعمري لمن رقى برقية باطل فلقد رقيت برقية حق))، هذا إنما ثابت بشواهده بغير زيادة ((فلعمري)) .
وثبت في <صحيح مسلم> أن ابن عباس رضي الله عنه قال : لعمري إن الرجل لينبت وما قد بلغ ، أو نحو ذلك ، تنبت عانته يعني ، والأمر فيها على ما يقولون إنه كلام لا يُراد به ظاهره هذا وجهٌ ، الوجه الثاني : أنه أيمان وحلف بغير الله ، لعمري أي لحياتي ، وكما كانوا يحلفون قبل ذلك بآبائهم فنهوا عن الحلف بغير الله وأن هذا كان قبل الحلف بغير الله كما جاء في الأدلة .
ونظير ذلك قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في حديث طلحة بن عبيد الله:
((أفلح وأبيه إن صدق)) ، قالوا : وهذه لفظة لا يُراد بها ظاهرها ، وإنما انطلقت على ألسنتهم لا يعنونها ، وقال آخرون : هذا منسوخ فحديث طلحة من أوائل الأحاديث وهو منسوخ بالأدلة التي فيها النهي عن الحلف بغير الله قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ((من كان حالفاً فلا يحلف إلا بالله)) ، فالذي يظهر من قولهم : لعمر الله شيءٌ واضح يعني حياة الله أو نحو ذلك ، لكن الكلام {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } أي أقسم الله بنبي من أنبياءه وله أن يقسم بما شاء ، أما الإنسان فلا يقسم إلا بالله سبحانه وتعالى ، ولا يجوز له أن يقول : لعمري ، وهذا محمول على أنه لا يريد به القسم ولم يصدره بأحد أحرف القسم ، أما إن نوى به القسم فلا يجوز سواءً الآن أو قبل الآن لا يجوز ذلك.




السؤال الثالث : استشهد بعض النحاة ومنهم ابن هشام كما في < قطر الندى > بحديث(( كل الصيد في جوف الفرى )) فما صحة هذا الحديث؟
الجواب : حديث ضعيف ذكره السخاوي في < المقاصد الحسنة > وعنه العجلوني في <كشف الخفاء > مرسل نصر بن عاصم يذكر القصة التي حصلت بين أبي سفيان وبين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ونصر بن عاصم تابعيٌ فهي قصةٌ مرسلة بل تكاد تكون معضلة ، فلم تثبت.





السؤال الرابع : ما صحة هذه القصة أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال : يا رسول الله إن أبي أخذ مالي ، فقال :(( أنت ومالك لأبيك )) غير أنه في بعض طرق هذا الحديث رواية أخرجها الطبراني في < الصغير > وفيها أن الأب قال أبياتاً يُخاطب بها ولده منها :
غَذوَتُكَ مولوداً وَعُلتُكَ يافِعاً *** تُعَلُّ بِما أُحنيَ عَلَيكَ وَتَنهلُ
إِذا لَيلَةٌ ضاقت بك السقم لَم أَبِت *** لسقمك إِلّا ساهِراً أَتَمَلمَلُ
فما صحة هذه الرواية ؟
الجواب : الحديث بمجموع طرقه صالحٌ للإحتجاج بغير الزيادة حديث(( أنت ومالك لأبيك )) ، أما زيادة الأبيات غدوتك مولوداً الزيادة لها قصة أن ذلك الولد أتى يشكو أباه إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه أخذ ماله ، فدعا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الوالد وفي الطريق قال ذلك الوالد هذه الأبيات ، على حسب القصة ، فلما أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال له : (( إن ابنك يشكوك أنك أخذت ماله )) ، قال : والله يا رسول الله إني انفقه في بعض خالاته أو قال في بعض النفقات. المعنى ، قال : (( دعني من هذا وأخبرني بما قلت في نفسك )) قال : يا رسول الله ما أزددنا إلا إيماناًً بك قلت يا رسول الله :
غَذوَتُكَ مولوداً وَعُلتُكَ يافِعاً *** تُعَلُّ بِما أُحنيَ عَلَيكَ وَتَنهلُ
إِذا لَيلَةٌ ضاقت بك السقم لَم أَبِت *** لسقمك إِلّا ساهِراً أَتَمَلمَلُ
فَلَمّا بَلَغَت السِّنَ وَالغايَةَ الَّتي *** إِليها مَدى ما كُنتُ فيكَ أُؤَمِلُ
جَعَلتَ جَزائي غِلظَةً وَفَظاظَةً *** كَأَنَكَ أَنتَ المُنعِمُ المُتَفَضِلُ
إلى آخرها ، والقصة ضعيفة أعني الأبيات من طريق المنكدر بن محمد ، ولها أيضاً بعض الطرق الأخرى فيها من لا يُعرف ، فالزيادة ضعيفة ، وهذا الذي انتهينا به فيما أذكر في تحقيق < إصلاح المجتمع > أن القصة لم تثبت ، أما الحديث فثابتٌ(( أنت ومالك لأبيك)) هي عند الطبراني الزيادات هذه.



السؤال الخامس : أخرج الإمام أحمد في < مسنده > من حديث شداد بن أوس مرفوعاً:((مَنْ قَرَضَ بَيْتَ شِعْرٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ)) وفي رواية : ((لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ حتى يُصبِح )) فما صحت هذا الحديث ؟
الجواب : منكرٌ متناً وضعيفٌ سنداً ، أما نكارة متنه فقد كانوا يقولون الشعر سواءٌ في زمن الصحابة أو بعد ذلك دون نكيرٍ من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن الصحابة على من قرض الشعر في ليل أو نهار لا سيما الشعر الطيب الجميل المنافح به عن دين الله{وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا } فقد استثنى الله هذا الصنف من الغواية ومن الذم المتقدم.

أما من حيث السند فسندها فيه قَزَعَةُ بْنُ سُوَيْدٍ ، وقزعة بن سويد مضطرب الحديث قال الإمام أحمد : يكاد أن يكون متروك الحديث أو نحو ذلك ، فهو ضعيف جدا .فهذا الحديث ضعيف متناً منكر سنداًً.





السؤال السادس : زكى الله نبيه محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن قول الشعر فقال:{ وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ } ، فعلى ما يُحمل ما يجئ في لسان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الشعر كقوله :
(( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب))

وإذا كان لا يقول الشعر فهل كان يتمثل به؟

الجواب : الآية سياقها{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ } يتبين بذلك أن الله نزه نبيه عن الشعر ونزه كتابه عن أنه شعرٌ ، فإن الكفار و المشركين وغيرهم كانوا يقولون شاعرٌ وتارة يقولون ساحرٌ وتارة يقولون كاهنٌ تارة يقولون مجنون كما أخبر الله عز وجل في كتابه عنهم وعن نبزهم وعن كلامهم في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، فنزه الله كتابه { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ } ، ونعم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما كان يقول الشعر وما ينبغي له الشعر إنما كان ينزل عليه الوحي سواءٌ من القرآن أو من السنة { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }، السنة وحيٌ أيضاً وما قاله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الأبيات التي كان يذكرها تارة يتمثل بقول بعض الشعراء لا سيما ببيت أو بيتين ، وتارةً ربما قال:

(( هل أنت إلا أصبعٍ دميت وفي سبيل الله ما لقيت ))
وهذا لا يُعد شاعراً فإن غير الشاعر قد يقول البيت كما ذكر أهل العلم ، فلا يُعتبر شاعراً من قال البيت بل والبيتين ، يقولون لا يعتبر شاعراً إلا من ينظم القوافي ينظم الشعر وعلى هذا يُخرّج قوله : { وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ } أنه هذا ليس بشعر وأنه إنما تمثل ببعض الأبيات ، أو أن البيت لا يُعتبر شعراً ، العرب ربما أحدهم ينظم بيتاً وليس بشاعر.









السؤال السابع : ما حكم الاقتباس في الشعر من القرآن والسنة ، وخاصة أن هذا موجود في كلام الشعراء ومن ذلك قول الشاعر :
إن كنت أجمعت على هجرنا *** من غير ما جرمٍ فصبرٌ جميل
وإن تبدلت بنا غيرنا *** فحسبنا الله ونعم الوكيل
وقول الآخر :
يا من عدى ثم أعتدى ثم أقترف *** ثم أنتهى ثم أرعوى ثم أعترف
أبشر بقول الله في آياته *** إن ينتهوا يُغفر لهم ما قد سلف
وصورة أخرى ربما أتى بالبيت أو بالآية على شكل بيت كامل
لم تنالوا البر حتى *** تنفقوا مما تحبون ؟
الجواب : الاقتباس موجود في شعر أهل العلم وفي شعر الشعراء حتى من أهل السنة ، مثل قال ابن المبارك :
وطارت الصحف في الأيدي منشّرةً *** فهي السرائر والأخبار تُطلع
فكيف سهمك والأنباء واقعةٌ *** عن ما قريب ولا تدري بما تقع
أفي الجنان وفوز لا انقطاع له *** أم في الجحيم فلا تُبقي ولا تدع
شاهدنا فلا تبقي ولا تدع{ لا تبقي ولا تذر } الآية ، وهكذا أيضاً أبو العتاهية وما يستشهد بقوله فهو زائغ كان ضليلاً على الغاية ثم بعد ذلك تاب وما سلم بعد توبته من الضلال يقول وهو يمدح بعض الأمراء :
أتته الخلافة منقادةً ***تجر إليه أذيالها
فهل هي تصلح إلا له *** وله هو يصلح إلا لها
إلى أن قال :
ولو رامها أحدٌ غيره *** لزلزلت الأرض زلزالها
يقتبسون ، وقد ذكر الطيبي رحمة الله عليه في < شرحه على المشكاه > أن الاقتباس في اللغة جائزٌ ، والشعر يُعتبر من اللغة ، فلو اقتبس كلمةً وأتى بأمثلة على ذلك ، ومن الأمثلة التي يذكرونها أيضاً ما ذكره أخونا أبو رواحة حفظه الله من قولهم :
لن تنالوا البر حتى *** تنفقوا مما تحبون
اقتبست ، فعلى هذا الاسترسال فيه وجعله شعر لا يجوز ، أما اقتباس كلمة أو بعض كلمات كما مر مما هو موجود في شعر بعض أهل السنة وموجود أيضاً في دواوينهم كثير لا بأس بذلك كما نص عليه الطيبي رحمة الله عليه.



السؤال الثامن : جاء في < البداية والنهاية > أن الحُطيئة كان هجاءً حتى إنه هجى أباه وأمه بل وهجى نفسه فقال :
أبت شفتاي اليوم إلا تكلماً *** بشرٍ[وفي رواية بشعر] فما أدري لما أنا قائلُ
أرى لي وجهاً شوه الله خلقه *** فقبح من وجه وقبح حامله
وكان فيمن هجاهم الزبرقان بن بدر فشكاه إلى عمر بن الخطاب فسجنه فنشد الحُطيئة :
ماذا تقول لأفراخ لذي مرخٍ *** زر بالحوافل لا ماء ولا شجر
ألقيت كابته في قعر مظلمةٍ *** فارحم هداك مليك الناس يا عمر
فرقَّ له عمر وعفا عنه وأخرجه من السجن وأشترى منه أعراض المسلمين ، والجدير بالذكر أنه لما مات عمر عاد الحُطيئة إلى هجاء المسلمين فما صحة هذه القصة ؟
الجواب : أما قصة أن الحُطيئة كان هجاءً فنعم كان هجاءً هو جرول بن مالك ، وقد هجى نفسه وثبتت هذه الأبيات إليه في < ديوانه > أعني أنه هجى نفسه بل هجى أمه وكان يهجو الناس جميعاً يهجو من أغضبه أو من أعطاه مالاً ليهجو فلاناً فكان هجاءً.

وأما أنه هجى الزبرقان بن بدر فنعم وثبتت وهذا في < ديوانه > ولما هجاه قال :
دع المكارم لا تسعى لبغيتها **** وأقعد فأنت الطاعم الكاسي
شكاه على عمر بن الخطاب ، قال له : ما أرى إلا مدحك ، قال : لا إنه هجاني ، قال : فأتوا بحسان ، أتى حسان وذكروا له البيت ، قال : يا أمير المؤمنين ما هجاه ولكنه سلح على رأسه ، فبعد ذلك أودعده السجن ، نعم هذه القصة مذكوره في < البداية والنهاية> أدخله السجن ، وقال عمرو بن العاص بعد ذلك شفع فيه وأخرجه من السجن، غير أن الأبيات التي فيها :
ماذا تقول لأفراخ لذي مرخ ***
إلى آخرها وفيها أن عمرو بن العاص قال لما بكى عمر بن الخطاب من الأبيات حين قرأها الحُطيئة وكان سبب إخراجه قال : ما هناك أعدل من رجل يبكي على أنه أخرج الحُطيئة أو نحو ذلك ، فالقصة غير ثابتة ذلك لأنها من طريق محمد بن الضحاك بن عثمان ومحمد هذا مجهول ، وأيضاً شيخه في هذه القصة عبد الله بن مصعب الزبيري ترجمه في < الميزان > وهو ضعيف ضعفه ابن معين ، فالأبيات التي فيها :
ماذا تقول لأفرخ لذي مرخ ***
إلى آخرها غير ثابتة، وقصة أنه هجى نفسه وهجى أمه :
أغرباناً إذا استودعت سراً *** وكانوناً على المتحدثين
جزاك الله شر من عجوزٍ *** ولقّاك العقوق من البنين
إلى آخرها ثابتة هذه في < ديوانه > ، وإنما أن سبب إخراج الحُطيئة من السجن هذه الأبيات ماذا تقول وهي أبيات طيبة جداً أقصد في الترحم ولكن سندها غير ثابت عند ابن عساكر وغيره ما هو ثابت كما سمعت.



السؤال التاسع : عند تفسير قوله تعالى :{وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} قال الحافظ بن كثير : قد ذكر الفقهاء وغيرهم في مناسبة تأجيل المولى بأربعة أشهر الأثر الذي رواه الإمام مالك بن أنس رحمه الله في < الموطأ > عن عبد الله بن دينار قال : خرج عمر بن الخطاب من البيت فسمع امرأة تقول :
تطاول هذا الليل وأسود جانبه *** وارقني ألا خليل ألاعبه
فوالله لولا الله أني أراقبه *** لحرك من هذا السرير جوانبه
فسأل عمر ابنته حفصة رضي الله عنها كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها ؟ ، فقالت : ستة أشهر أو أربعة أشهر ، فقال عمر : لا أحبس أحداً من الجيوش أكثر من ذلك ، والسؤال ما صحة هذه القصة ؟
الجواب : كما سبق أنها من طريق عبد الله بن دينار عن عمر بن الخطاب ولم يسمع منه وجاءت عن معمر عن عمر بن الخطاب ولم يسمع منه وجاءت عن ابن جريج عن عمر بن الخطاب القصة إلى آخرها ولم يسمع منه ، فهي قصةٌ منقطعة بين هؤلاء وبين عمر بن الخطاب ، ويبقى أن المرأة إذا تضررت سواء بهذا القدر أو غيره يجب أن يُرسل لزوجها وإذا تضررت بعد ذلك لها أن تختلع منه ولها أن تفسخه على ما يذكر أهل العلم ، أما هذه القصة فغير ثابتة كما سبق أنه مقاطيع.





السؤال العاشر : جاء في < السير > في ترجمة الشعبي ، قال ابن شبرمة مر الشعبي وأنا معه بإنسان وهو يقول :
فُتن الشعبي لما *** رفع الطرف إليها
قال الذهبي هذه أبياتٌ مشهورة عملها رجل تحاكم هو وزوجته إلى الشعبي في أيام قضائه يقول فيها :
فتنته ببنانٍ *** وبخطي مقلتيها
، وفي لفظ وبخط حاجبيها ، والسؤال: ما صحة هذه القصة ؟
الجواب : أولاً : القصة فيها بسياقها أن الرجل تقول على الشعبي ، ذلك أن الذي تقاضى مع امرأته عند الشعبي أنه تقول عليه إما لأنه ما حكم له وإما لغير ذلك.

ثانياً : أن الشعبي إمام معروف بالعلم والدين والزهد والورع والخير، وذلك القائل الله أعلم ما حاله ؟ فلا يصح أن يُعمد في القول في الشعبي وفي الوقيعة في الشعبي من أجل كلام وشعر رجل الله أعلم بحاله هذا الثاني .

وكل هذا بعد ثبوت القصة وعلى أن القصة ما رأينا لها سنداً إلى هذا القائل ، ولو وجدنا لها سنداً إلى هذا القائل ما قبلناها منه في حق الشعبي . والشعبي ما هو معصوم لكن مع هذا إذا قال : فُتنتُ يمكن الشعبي يعترف بذلك أما واحد يطعن فيه ويتهمه وكم من الصالحين من طعن فيه من لا يخاف الله عز وجل إما بشعر أو بنثر ، فعلى هذا فهذا القول مردود في الشعبي رحمة الله عليه وإن اشتهرت الأبيات.








السؤال الحادي عشر : جاء في < الإصابة > في ترجمة قتيلة بنت النظر بن الحارث أنه لما قتل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أباها يوم بدر قال أبياتاً منها :
يا راكِباً إنَّ الأُثَيْلَ مَظِنَّةٌ *** مِنْ صُبْحِ خامِسَةٍ وأَنتَ مُوَفَّقُ
أبَلِّغْ به مَيْتاً فإنَّ تَحِيَّةً *** ما إنْ تَزالُ بها الرّكائِبُ تَخْفُقُ
إلى أن قالت :
أَمحمّد ولدتك خير نجيبةٍ *** في قَوْمِها والفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرِقُ
ما كانَ ضَرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ ورُبَّما *** مَنَّ الفَتَى وهوَ المَغيطُ المُحْنَقُ
فلما بلغت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بكى حتى اخضلت لحيته وقال : (( لو بلغني شعرها قبل أن أقتله ما قتلته )) ، فما صحة هذه القصة ؟
الجواب : القصة مطعون في ثبوتها كما في < الاستيعاب > لابن عبد البر رحمه الله فقد نقل عن الزبير بن بكار أنه قال : سمعت بعض أهل العلم يطعن في هذه الأبيات ويقول : إنها مصنوعة ، وإذا كان كذلك فنحن نثق بما نقلوه وننقل عنهم ، فهي مطعون فيها على ما سبق بيانه.




السؤال الثاني عشر : ما حال هذه القصة وهي أنه كان لعبد الله بن رواحة جارية يُسرها عن أهله فبصرت به امرأته يوماً قد خل بها فقالت: لقد اخترت أمتك على حرتك. فجاحدها ذلك فقالت : فإن كنت صادقاً فأقرأ آية من القرآن فقال :
شَهِدتُ بِأَنَّ وَعدَ اللَهِ حَقٌّ *** وَأَنَّ النارَ مَثوى الكافِرينا
فقالت : زدني آية ؟ فقال :
وَأَنَّ العَرشَ فَوقَ الماءِ طافٍ *** وَفَوقَ العَرشِ رَبُّ العالَمينا
وَتَحمِلُهُ مَلائِكَةٌ كِرامٌ *** مَلائِكَةُ الإِلَهِ مُقَرَّبينا
فقالت : آمنت بالله وكذبت البصر ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فحدثه فضحك ولم يُغير عليه ؟
الجواب : الأبيات في < ديوانه > ، وابن عبد البر يقول : ثبتت لنا هذه القصة من طرق صحاح ، والواقع أنها ثابتة لكن لا من طرق صحاح كيف هذا ؟ ذكرها ابن عساكر في < تاريخ دمشق > من طريق رجالها ثقات إلى عبد العزيز بن الماجشون أنه قال : حدثني الثقة عن ابن رواحة ، الثقة هذا ما ندري من هو لكن وثقه ابن الماجشون ، وابن الماجشون عدلٌ فلا بأس بذلك ، وجاءت من طريق رجالها أيضاً لا بأس عن نافع أنه قال: فذكر قصة أبي رواحة مع زوجته ومع أمته ، وجاء عن ابن الهاد في ذلك المصدر عن ابن الهاد أنه ذكر أيضاً قصة أبي رواحة مع زوجته ، فعلم من هذا ثبوت القصة بأبياتها أيضاً ، هذا وقد وجد من الصحابة رضوان الله علهيم من كان يرى أن الجنب لا يقرأ القرآن بل هو قول جمهور العلماء ، لكن الصحيح أن الجنب يقرأ القرآن لأنه ليس بنجس(( سبحان الله إن المسلم لا ينجس )) كذا قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأبي هريرة حين خرج فقال : (( مالك )) قال : كنت جنباً ، قال النبي صلى الله لعيه وعلى آله وسلم : (( إن المسلم لا ينجس )) ، وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يذكر الله على كل أحواله والقرآن من ذكر الله { إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ } فالقرآن من ذكر الله ، وهكذا أيضاً في الأدلة الأخرى أنه جاء النهي أنه (( لا يحل لحائض ولا جنب المسجد )) وأنه لا يحل القرآن إلى آخره كل ذلك عام ما ثبت شيء غاية ما فيها بعض الأحاديث مثل حديث علي الذي فيه جسرة بن دجاجة قال النووي رحمه الله : ضعيف باتفاق أهل المعرفة أو نحو ذلك فعُلم من هذا أنه يجوز للجنب أن يقرأ القرآن وحتى لو مس المصحف فإنه طاهرٌ.

شاهدنا أن القصة وهذا الذي كنا نحن من قبل ترددنا فيه أنها ثبتت من طريق عبد العزيز الماجشون قال : حدثني الثقة عن ابن رواحة ، ثم عبد العزيز الماجشون تابعيٌ وإنما ما سمع من ابن رواحة ونافع ما سمع من ابن رواحة وابن الهاد ما سمع من ابن رواحة إنما مقاطيع مع قوله حدثني الثقة لا بأس بقبولها بالإضافة أنها في < ديوانه > هذه الأبيات :
شَهِدتُ بِأَنَّ وَعدَ اللَهِ حَقٌّ *** وَأَنَّ النارَ مَثوى الكافِرينا
وَأَنَّ العَرشَ فَوقَ الماءِ طافٍ *** وَفَوقَ العَرشِ رَبُّ العالَمينا
وَتَحمِلُهُ مَلائِكَةٌ كِرامٌ *** مَلائِكَةُ الإِلَهِ مُقَرَّبينا.
وأضيف أيضاً أن الذهبي يقول : مرسلة نعم كما قال الذهبي مرسلة بهذه الطرق التي سبق ذكرها مرسلة وإنما في طريق عند ابن عساكر صرح بأنه حدثه الثقة ، وقول ابن عبد البر في هذا يُقدم لما سبق بيانه أنه قال : ثبت من طرق صحاح يكون بمجموعها لا بأفرادها.



السؤال الثالث عشر : ما صحة أن رجلاً أتى إلى عمر بن الخطاب فقال :
يا عمر الخير جُزيت الجنة *** اكسي بُنياتِ وأمهنَ
فقال عمر : فإن لم أفعل ؟ فقال الرجل :
والله عنهن لتسألن *** يوم تكون الأُعطيات منة
إما إلى نار وإما جنة
قال : فبيكى عمر وأمر له بالصدقة ؟
الجواب : قصة
يا عمر الخير جُزيت الجنة *** اكسي بنيات وأمهن
أقسمت بالله لتفعلن
قال : فإن لم أفعل ، قال :
والله عنهن لتسألن *** يوم تكون الأعطيات منة
إما إلى نار وإما جنة
وفيها أنه أعطاه ثوباً الظاهر بعد ذلك قال : أعطه لذلك اليوم لا لشعره.
هذه القصة من طريق محمد بن يونس الكديمي عن روح بن عبادة عن عوف الأعرابي عن قسامة بن زهير عن عمر بن الخطاب ، والكديمي كذاب وقسامة بن زهير ليست له رواية عن عمر بن الخطاب فعُلم ضعفها من وجهين ، الوجة الأول : الكديمي كذا ، والوجة الثاني : فيه إنقطاع بين قسامة وعمر.



السؤال الرابع عشر : يُروى أن عبد الرزاق الصنعاني رحمه الله تعالى ترك تدريس طلابه يوماً لشيء وقع منه ، فوسّطوا إليه بعضهم فلم يخرج لتدريسهم ، فوسطوا بعد ذلك زوجه إليه فخرج إليهم ، فكلموه بذلك متعجبين فقالوا : قد أرسلنا إليك من قبل ولم تخرج إلينا فلما أرسلنا زوجك إليك خرجت ، فقال :
ليست الشفيع الذي يأتيك مؤتزراً *** مثل الشفيع الذي يأتيك عُرياً
فما صحة هذه القصة ؟
الجواب : القصة فيها فياض بن زهير ، وفياض بن زهير ما رأينا من وثقه غير ابن حبان هو من مشايخ ابن حبان ، فعلى قول الإمام المعلمي رحمه الله أن مشايخ ابن حبان هم في الطبقة الثانية أوالدرجة الثانية من حيث التوثيق وأن قوله مستقيم أو توثيقه ثقة كتوثيق غيره من أهل العلم وبعد ذلك من كان من مشايخة الذين سبق حديثهم وعرفهم ستبقل القصة ، لكن الذي نرى والله أعلم أن توثيق ابن حبان مما يتساهل وهذا الذي جرى عليه أهل العلم أن ابن حبان متساهل وعلى هذا فهو علة هذه القصة فياض بن زهير.




السؤال الخامس عشر : يروى أن علي رضي الله عنه رأى في فم زوجه فاطمة رضي الله عنها عود أراك فغاض منه فقال :
حظيت يا عود الأراك بثغرها *** أما كدت يا عود الأراك أراك
فلو كنت من أهل القتال قتلتك *** وما فاز مني يا سواك سواك
فما صحة هذه القصة؟
الجواب : أكتفيت بنكارة متنها فهي منكرة وذلك أن علي رضي الله عنه من فقهاء الصحابة رضوان الله عليهم فلا يخفى عليه حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في فضل السواك واستعمال السواك للرجال والنساء عامة(( مطهرةٌ للفم مرضاةٌ للرب )) فمثل هذه يشجع الرجل امرأته على استعماله ، وأم سلمة رضي الله عنها يذكرون أنها كانت تعمل في عملها فإذا فرغت وكان السواك على أذنها فإذا فرغت أخذت السواك واستعملته ، والسواك مرغبٌ فيه للرجال والنساء وحاشا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يقول أنه يغار في مسألة استعمال السواك ، فهي منكرة جداً هذه القصة ، فيها أن استعمال شيء مستحب اتفاقاً ينكره علي رضي الله عنه على زوجته ويرى أنه لا يستعمل ذلك وأن هذا من الغيرة ليست هذا من الغيرة في شيء.




السؤال السادس عشر : جاء في < الدر المنثور > للسيوطي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن رواحة :(( ما الشعر؟)) ، فقال : شيء يختلج في نفوسنا فتتحدث به ألسنتنا ، وهذا هو ما يسمى بالتجربة الشعورية عند البلاغيين فما صحة هذا الأثر ؟
الجواب : الأثر ناقشناه في الأسئلة الماضية وهو منهم وهو من طريق مدرك بن عمارة متروك ، وأيضاً فيه محمد بن يونس الكديمي أيضاً في بعض طرقه ، ففيه كذابٌ ومتروك في هذا الأثر أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :(( ما الشعر ؟ )) إلى آخره وفي آخره قال :
وثبت الله ما آتاك من حسنٍ *** تثبيت موسى ونصرٌ كالذي نُصروا.




السؤال السابع عشر : ما صحة هذه الأبيات المنسوبة إلى الجني سمحج القائل :
نحن قتلنا مسعرا *** لما بغى واستكبرا
وصغر الحق وسن المنكرا *** بسبه نبينا المطهرا.
الجواب : سمحج الجني في ثبوت صحبته نظر ، وإن ذكروا في <الإصابة> ذلك لأن ما هناك شهرة ولا هناك حديث ولا هناك ما يدل على صحبته غير ما يذكرون هذه الأبيات التي نافح بها عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقتل هو ومن معه ذلك الجني الذي يقال له مسعر الذي كان يسب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
نحن قتلنا مسعرا *** لما بغى واستكبرا
عاند الحق وعظم المنكرا *** بسبه نبينا المطهرا
وهو من طريق عبد الله بن حسين المصيصي في بعض طرقها وذكروا فيها نكارة أيضاً ، فعلى هذا فثبوت هذه الأبيات أو صحبه سمحج الجني فيها نظر .
نعم وجد من الجن من هو صحابي مثل زوبعة وصحبته ثابتة ، وهم مرسل إليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو رسول إلى الجن والأنس{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً }{ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ }(( لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا كان في النار )){ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ } إلى آخر الآيات ، وهكذا{ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً} فرسالة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى الجن والأنس أمرٌ متيقن في الكتاب والسنة وبإجماع أهل العلم ولم يخالف في ذلك إلا بعض الشذاذ . والكلام على صحة ثبوت قصة سمحج ما أراها ثابتة أعني هذه الأبيات.




السؤال الثامن عشر : كان رجل في الجاهلية يُدعى أبا حمزة تزوج بامرأة فأنجبت له بنتاً فغضب عليها وهجرها ، فسمعها ذات يوم وهي تداعب أبنتها وتقول :
مال أبي حمزة لا يأتينا *** ينام في البيت الذي يلينا
غضبان أن لا نلد البنين *** والله ما هذا بعيبٍ فينا
فنحن كالأرض لزارعينا *** ننبت ما قد وضعوه فينا
فما صحة هذه القصة وهذا السؤال هو السؤال الأخير وجزاكم الله خيراً ؟
الجواب : ما أعرف لها سنداً هذه القصة إنما ذكرها القرطبي في < تفسيره > عند قوله الله سبحانه وتعالى في الأنثى{ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } ذكرها القرطبي عند هذه الآية ولا أعرف لها سنداً والله أعلم .

وإلى هنا سبحانك وبحمدك ، أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.


جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 12:49 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي

Security byi.s.s.w