لا تَأْسَفَـنَّ علـى الـدُّنْيَا ومـا فِيْهَا : لزين العابدين علي بن الحسين
قال الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لاتَأْسَفَـنَّ علـى الـدُّنْيَا ومـا فِيْهَا * * * فَالْمَـوْتُ لاَ شَـكَّ يُفْنِيْنَـا ويُفْنِيْهَا ومَـنْ يَكُـنْ هَمُّـهُ الـدُّنْيَا لِيَجْمَعَهَا * * * فَسَـوْفَ يَـوْمًا علـى رَغْمٍ يخَلِّيْهَا لاَتَشْبَـعُ النَّفْـسُ مِـنْ دُنْيَا تُجَمِّعُها * * * وبُلَغَةٌ مِـنْ قِـوَامِ الْعَيْـشِ تَكْفِيْهَا إِعْمَـلْ لِـدَارِ الْبَقَا رِضْـوَانُ خَازِنُهَا * * * الْجَارُ أحمَـدُ والـرَّحْمـنُ بانِيْهَا أَرْضٌلَهَـا ذَهَـبٌ والمِسْـكُ طِيْنَتُهَا * * * والـزَّعْفَـرانُ حَشِيْشٌ نَّابِتٌ فيْهَا أَنْهَارُهَا لَبَـنٌ مَّحْـضٌ ومِـنْ عَسَـلٍ * * * والخَمْـرُ يَجْـرِي رَحِيْقًا في مجَارِيْهَا والطَّيْـرُ تَجْرِي على الأَغْصَانِ عَاكِفَةً * * * تُسَبِّـحُ اللَّه جَهْـرًا فـي مغَـانِيْهَا مَنْ يَشْتَـرِي قُبَّةً فـي العَـدْنِ عَالِيةً * * * فـي ظِلِّ طُـوْبَى رَفِيْعَـاتٍ مبَانِيْها دَلاَّلُهـا المُصْطَفَـى واللَّه بَـائِعُهـا * * * وجُبْـرَئِيْـلُ يُنَادِي فـي نوَاحِيْهَا مَنْ يَشْتَرِيْ الدّارَ فـي الفِرْدَوْسِ يَعْمُرَها * * * بِـرَكْعَةٍ فـي ظَلاَمِ اللّيْـلِ يُخْفِيْهَا أَوْسَـدَّ جَـوْعَةِ مِسْكِيـنٍ بِشِبْعَتِـهِ * * * فـي يـَوْمِ مَسْغَبَةٍ عَمَّ الغَـلاَ فيْهَا النَّفْـسُ تَطْمَعُ فـي الدُّنْيَا وقَدْ عَلِمَتْ * * * أَنْ السَّـلاَمَـةَ مِنْهَا تـَرْكُ مَافيْهَا واللَّه لَـو قَنِعَـتْ نَفْسِـي بِمَا رُزِقَتْ * * * مِـنْ المَعِيْشَـةِ إِلاَّ كَـانَ يَكْفِيْهَـا واللَّه واللَّه أَيْمَــانٌ مُكَــرَّرَةٌ * * * ثَـلاَثَةٌ عَـنْ يَمِيْـنٍ بَعْـدَ ثَانِيْهَـا لَـوْأَنَّ فـي صَخْـرَةٍ صَمَّا مُلَمْلَمَةٍ * * * فـي البَحْـرِ رَاسِيَةٌ مِلْـسٌ نََاحِيْهَا رِزْقًَـا لِعَبْـدٍ بَـرَاهَا اللَّه لاَنْفَلَقَـتْ * * * حَتَّـى تُـؤَدِّي إِلَيْهِ كُـلَّ مَا فيْهَـا أَوْكَانَ فَـوْقَ طِبَاقِ السَّبْـعِ مَسْلَكُهَا * * * لَسَهَّـلَ اللَّه فـي المَـرْقَى مـَرَاقِيْهَا حَتَّـى يَنال الّذِيْ فـي اللوْحِ خُطّ لَهُ * * * فَـإِنْ أَتَتْـهُ وإِلاَّ سَـوْفَ يـأْتِيْهَـا أَمْـوَالُنَا لِـذَوِيْ المِيْـرَاثِ نَجْمَعُهـَا * * * ودَارُنـا لِخَـرَابِ البُـوم ِ نبْنِيْهَـا لاَ دَارَلِلْمَـرْءِ بَعْدَ المَـوتِ يَسْكُنُهَـا * * * إِلاَّ التـي كانَ قَبْـلَ المَـوْتِ يبْنِيْهَا فَمَـنْ بَنَـاهَـا بِخَيْـرٍ طَابَ مَسْكَنُهُ * * * ومَـنْ بَناهـَا بِشَـرٍّ خَـابَ بانِيْهَـا والنَّاسُ كالْحَـبِّ والدُّنْيَا رَحَىً نّصُبِتْ * * * لِلْعَالَمِيْـنَ وكَـفُّ المَـوْت ِيلْهِيْهَـا فَـلاَ الاقَامَةُ تُنْجِـي النّفْـسَ مِنْ تَلَفٍ * * * ولاَ الفِـرَارُ مِـنْ الأحْـدَاثِ يُنْجِيْهَا وكُـلُّ نَفْـسٍ لَهَـا زَوْرٌ يُصْبِّحُهَـا * * * مِـنْ المَنِيْـةِ يَـوْمًـا أَوْيمَسِّيْهَـا تِلْكَ المَنَـازِلُ فـي الآفـَاقِ خَـاوِيَةٌ * * * أَضْحَتْ خَـرَابًا وذَاقَ المَـوْتَ بَانْيْهَا أَيْنَ المُلـوكُ الَّتِـي عَـنْ حَظِّهَا غَفَلَتْ * * * حَتَّى سَقاهَا بِكَـأْسِ المَـوْتِ سَاقِيْهَا أَفْنَى القُـرْونِ وأَفْنَى كُـلَّ ذِي عُمُـرٍ * * * كَـذَلِكَ المَـوْتُ يُفْنِـي كُلَّ مَافيْهَا فَالمَـوْتُ أَحْـدَقَ بالـدُّنْيَا وزُخْـرُفِهَا * * * والنَّاسُ فـي غَفْلَة ٍ عـَنْ تَرْكِ مَا فيْهَا لَـوْأَنَّهَـا عَقَلَـتَ مَـاذَا يُـرَادُ بِهَـا * * * مـا طَابَ عَيْشٌ لَّهَا يَـومًا ويُلْهِيْهَـا نَلْهُـوا ونَـأْمَـلُ آمـالاً نُسَـرُّ بِهَـا * * * شَـرِيْعَةُ المَـوْتِ تَطْـوِيْنَا وتَطْـوِيْهَا فَاغْرِسْ أُصُـولَ التُّقَى ما دُمْتَ مُقْتَـدِرًا * * * واعْلَمْ بِأَنّـكَ بَعْـدَ المَـوْتِ لاقِيْهَا تَجْنِي الثِّمَارَ غَـدَاً فـي دَارِ مَكْـرُمَةٍ * * * لا مَـنَّ فِيْهَا ولا التَّكْـدِيْـرُ يأْتِيْهَا فِيْهَـا نَعِيْـمٌ مُقِيْـمٌ دَائِمًـا أَبَـدًا * * * بِـلاَ انْقِطَاعٍ ولا مَـنٍّ يُـدَانِيْهَـا الأُذْنُ والعَيْـنُ لَمْ تَسْمَعْ ولـَمْ تَـرَهُ * * * ولَمْ يَدْرِ فـي قُلُـوبِ الخَلْقِ مافيْهَا فَيَالَهَا مِـنْ كَـرَامَاتٍ إِذا حَصَلَـتْ * * * ويَا لَهَا مِـنْ نُفُـوسِ سَوْفَ تحْوِيْهَا وهَـذِهِ الـدَّارُ لا تَغْـرُرْكَ زَهْـرَتُهَـا * * * فَعَنْ قَرِيْبٍ تَـرَى مُعْجِبُـكَ ذاوِيْهَا فَارْبَأْبِنَفْسِـكَ لا يَخْـدَعـكَ لاَمِعُهَا * * * مِنَ الزَّخَارِفِ واحْـذَرِ مِنْ دَوَاهِيْهَا خَـدَّاعَةٌ لَمْ تَـدُمْ يَـوْمًا على أَحَـدٍ * * * ولا اسْتَقَـرَّتْ علـى حَالٍ ليَالِيْهَا فَانْظُرْ وفَكِّـرْ فَكَمْ غَـرَّتْ ذَوِي طَيْشٍ * * * وكَـمْ أَصَابَتْ بِسَهْمِ المَـوْتِ أَهْلِيْهَا اعْتَـزَّ قَارُون فـي دُنْيَاهُ مِـنْ سَفَـهٍ * * * وكَانَ مِـنْ خَمْـرِهَا يا قَـوْمُ ذَاتِيْها يَبِيْـتُ لَيْلَتَـهُ سَهْـرَانَ مُنْشَغِـلاً * * * فـي أَمْـرِ أَمْـوَالِهِ فـي الهَمِّ يفْدِيْهَا وفـي النَّهَـارِ لَقَـدْ كَـانَـتْ مُصِيْبَتُهُ * * * تَحُـزُّ فـي قَلْبِـهِ حَـزَّاً فَيُخْفِيْهَـا فَمَااسْتَقَامـَتْ لَهُ الـدُّنْيَـا ولا قَبِلَتْ * * * مِنْهُ الـودَادَ ولَمْ تَـرْحَمْ مُحِبِّيْهَـا ثُـمَّ الصَّـلاَةُ على المَعْصُـومِ سَيِّـدِنَا * * * أَزْكَـى البَـرِّيةِ دَانِيْهَـا وقَاصِيْهَا |
اقتباس:
جزاك الله خيرا يا شاعر السنة و بارك فيك و في علمك |
وأنت بارك الله فيك أخي أكرم
ومشكور على مرورك الكريم |
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 03:13 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي