من قصائد الشاعر أبي رواحة في رثاء مشايخ أهل السنة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه , وبعد : فللوالد أبي رواحة حفظه الله بعض القصائد في الرثاء لذلك فقد أفرد ما يتعلق برثاء الأئمة الأربعة في رسالة مستقلة بعنوان : "تعجيل المنفعة بمراثي أئمة العصر الأربعة" وهي جاهزة سترسل للطبع , وقد إجتزأت من مقدمتها ومن خاتمتها ما يتناسب مع طرح هذا الموضوع هنا فقد قال حفظه الله : لـمـحة عن الرثـاء وأستهلها بالتعرف على المدلول اللغوي للرثاء فأقول:قال صاحب اللسان 5/138:( رثى فلان فلانا يَرْثيه رثْياً ومرثيةً إذا بكاه بعد موته، وكذلك إذا نظم فيه شعرا ). وقال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة ص442: رثى: الراء والتاء والحرف المعتل أصيل يدل على رقة وإشفاق، يقال: رثيت لفلان رققت، ومن الباب قولهم: رثى الميت بشعر، قلت: هذا، وإن الجُمل المعبِّرة والعبارات المؤثِّرة، التي تجسِّد بحق معنى الحزْن، وشدة البلاء هي تلك الأبيات الشعرية التي انطلقت من أفواه أصحابها تسليةً للفاقد وتعزيةً في المفقود، في إطار ما يسمى بالشعر الرثائي، الذي هو أحد أغراض الشعر الخمسة،وقد قال الأصمعي: قلت لأعرابي ( مابال المراثي أشرف أشعاركم؟ قال : لأنا نقولها وقلوبنا محترقة ) أهـ من نهاية الأرب في فنون الأدب لشهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب النويري (5 / 161). قلت: وقد كان الرثاء موجوداً في الجاهلية والإسلام، ولا يزال مستمراً ما استمرت العربية ونافح عنها أهلها. وها نحن نرى ما بين فَينة وأخرى ظهور مرثية يسير بها الركبان، ويتحدث عنها الزمان، تُجسِّد عِظَم المصيبة بفقد الأمة لأحد علمائها أو وفاة أحد عظمائها، فلم يكن الرثاء مقصوراً على " الخنساء " سيدة الرثاء ورافعة لوائه – بشهادة فحول الشعراء ونقاده – فحسب، بل مازالت اللغة العربية ينبض قلبها الحي عبر كتابات أبنائها البررة. أثر فقْد العلماء على الأمة فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما حديث أنس رضي الله عنه قال: لأحدثنكم حديثا لا يحدثكم أحد بعدي، سمعت نبيكم – صلى الله عليه وسلم – يقول:( إن بين يدي الساعة لأياما يذهب فيها العلم، ويظهر فيها الجهل، ويشرب الخمر، ويفشو الزنا، ويقل الرجال، ويكثر النساء، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد ). وإن هذا الحديث قد نص على ذهاب العلم ولكن ذهابه لا يكون إلا بذهاب حملته وفقدان ورثته، لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعا:( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ). أخرجاه. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (عليكم بالعلم قبل أن يقبض وإياكم والتبدع والتنطع والتعمق، وعليكم بالعتيق ) الدارمي [1/66]، والإبانة [1/324]. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:( تعلموا العلم قبل أن يقبض العلم، وقبضه أن يذهب أصحابه..) جامع بيان العلم وفضله لابن عبدالبر (1/602). وفي السير2/440ومستدرك الحاكم (3/428) أنه لما مات زيد بن ثابت قال ابن عباس: ( هكذا ذهاب العلم، لقد دُفِنَ اليوم علم كثير). ولما مات أنس رضي الله عنه قال عنه مورِّق العجلي: اليوم مات نصف العلم. هذا وإن الصحابة أمنة للأرض كما أن النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وهكذا الأرض إذا وارتِ الصحابة أتاها ما توعد، من الفتن والكوارث وفساد المجتمعات،لأن العلماء هم ورثة الأنبياء فإذا مات العالِم كان له أثر على العالَم. وقد قال أيوب السختياني رحمه الله: (إنه ليبلغني موت الرجل من أهل السنة فكأنما سقط عضو من أعضائي)رواه أبو نعيم في الحلية (3/9). فإن فقد هؤلاء العلماء فجوة عظمى ورزية كبرى , ورحم الله الحسن البصري حين قال:( موت العالم ثُلمة في الإسلام لا يسدها شيئ ما طرد الليل والنهار ) رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/595). قال الشاعر: لعمرك ما الرزية فقْد مالٍ * * * ولا شاةٌ تموت ولا بعيرُ ولكن الــرزية فقد حبْر * * * يموت بموته علمٌ كثيـرُ وقال الآخر: ولو أنها نفس تموت سويةً * * * ولكنها نفس تساقِط أنفُسا وقال الآخر: فماكان قيس هُلْكُه هُلْكَ واحد * * * ولكنه بنيان قــوم تهدمـا وإي والله إن ذهاب هؤلاء العلماء لفادحة عظيمة تصدع الصف وتفت في عضد الأمة. وقد رأينا أثر ذلك في ساحتنا الدعوية من عِظَم غربة الإسلام بين أهله، وغربة السني بين أهل الإسلام، ولكن هذا لا يزعزع عقيدتنا الراسخة في أن الله حافظ دينه ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له حافظون ) فلا تزال ثلة باقيةً على العهد قائمةً بأمر الله، وإن بني عمك فيهم رماح، ولو لم يخلق الله البخاري ما ضر ذلك الإسلام. قال ابن القيم رحمه الله : (..لَمَّا كان صلاحُ الوجود بالعلماء ،ولولاهم كان الناس كالبهائم ،بل أسوأ حالاً،كان موت العالِم مصيبة لا يجبرها إلاَّ خلف غيره له ، وأيضاً فإن العلماءَ هم الذين يسوسون العباد والبلاد والممالك ، فموتُهم فسادٌ لنظام العالَم، ولهذا لا يزال الله يغرسُ فِي هذا الدِّين منهم خالفاً عن سالف يحفظ بِهم دينه وكتابه وعباده ، ..) مفتاح دار السعادة (ص :74) قلت : فكما أن دين الله محفوظ فهو منصور أيضا، فإن كان قد أخذ الله نفوس بعض أئمة الإسلام ودعائم الدين فقد قيَّض للأمة آخرين يسيرون على الطريق والمسلك نفسه، ولا يزال الأمر كذلك حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وفي هذا المعنى قلت: فإن توارت أسود الأرض في زمن * * * * فحسبها تركت للأمن ِأشبالا وأخيرا : فإن هذا جهد المقل دفعني لكتابته المحبة لهؤلاء الأئمة, والله أسأل أن يتغمدهم بواسع رحمته وأن يجير الأمة في مصابها ويخلف عليها بما فيه صلاح الدنيا والدين ... إن ربي سميع الدعاء ... 1-مرثية الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله 2- مرثية الإمام محمد بن ناصر الدين الألباني رحمه الله 3- مرثية الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله 4- مرثية الإمام الوادعي رحمه الله |
جزاك الله خيرا يا أخانا الفاضل رواحة بن الشاعر أبي رواحة على فكرتك الطيبة في الاعتناء بقصائد أبيك ونسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم كما نسأله سبحانه أن يرحم من مات من علمائنا وأن يجزيهم عما قدموه للإسلام والمسلمين خير الجزاء وأن يحفظ الأحياء منهم ويبارك في جهودهم
|
وأنت جزاك الله خيرا أخي الفاضل أكرم فإن لك قدم السبق في مناصرة هذا المنتدى والدفع به إلى الأمام فلك جزيل الشكر والفضل ونفعا الله وإياك به , ورحم من مات من شيوخنا وحفظ من بقي . |
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 01:34 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي