هل يصح أن يقال عن أهل الذمة(لهم مالنا و عليهم ما علينا)؟ يجيبك الألباني
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إن مما انتشر على ألسنة كثير من الناس-و منهم المنتسب لأهل العلم و الله المستعان!- أن أهل الذمة لهم ما للمسلمين و عليهم ما على المسلمين, و حسبك دليلا على انتشار ذلك ما قاله الإمام محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في مقدمة المجلد الخامس من السلسلة الضعيفة : يحسبها الجاهلُ أو الغافلُ من الأحاديث الصحيحة، بل إن بعضها قد يلهج بها من يظنه بعضُ الناسِ أنه من كبار الدعاة إلى الإسلام كالحديث (2176) كما يأتي. اهــ فبالرجوع إلى رقم الحديث المذكور يقول الشيخ رحمه الله: " لهم ما لنا ، وعليهم ما علينا . يعني أهل الذمة " . باطل لا أصل له في شيء من كتب السنة ، وإنما يذكره بعض الفقهاء المتأخرين ممن لا دراية لهم في الحديث . قال الزيلعي في " نصب الراية ، لأحاديث الهداية " ( 4/55 ) : " قال المصنف : وأهل الذمة في المبايعات كالمسلمين ، لقوله عليه السلام في ذلك الحديث : فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين ، وعليهم ما عليهم . قلت : لم أعرف الحديث الذي أشار إليه المصنف ، ولم يتقدم في هذا المعنى إلا حديث معاذ ، وهو في " كتاب الزكاة " ، وحديث بريدة وهو في " كتاب السير " ، وليس فيها ذلك " . وأقره الحافظ في " الدراية " ( 2/162 ) . قلت : وقد جاء ما يشهد ببطلان الحديث ، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لهم ما لنا وعليهم ما علينا " ليس في أهل الذمة ، وإنما في الذين أسلموا من أهل الكتاب والمشركين ، كما جاء في حديث سلمان وغيره ، رواه مسلم وغيره . وهو مخرج في " الإرواء " ( 1247 ) وغيره . وإن مما يؤكد بطلانه مخالفته لنصوص أخرى قطعية كقوله تعالى : " أفنجعل المسلمين كالمجرمين . ما لكم كيف تحكمون " ، وقوله صلى الله عليه وسلم :" لا يقتل مسلم بكافر " ، وقوله :" للمسلم على المسلم خمس : إذا لقيته فسلم عليه " الحديث ، وقوله :" لا تبدؤا اليهو د والنصارى بالسلام .. " . وكل هذه الأحاديث مما اتفق العلماء على صحتها . ومن هنا يظهر جليا صدق عنوان كتابنا هذا في الأحاديث الضعيفة : " وأثرها السيئ في الأمة " ، فطالما صرفت كثيرا منهم على مر الدهو ر والعصور عن دينهم ،لا فرق في ذلك بين العقائد والأحكام والأخلاق والسلوك ، وليس ذاك في العامة فقط ، بل وفي بعض الخاصة ، وها هو المثال بين يديك ، فإن هذا الحديث الباطل قد تلقاه بالقبول بعض الدعاة والكتاب الإسلاميين ، وأشاعوه بين الشباب المسلم في كتاباتهم ومحاضراتهم ، وبنوا عليه من الأحكام ما لم يقل به عالم من قبل ! فهذا هو كاتبهم الكبير الشيخ محمد الغزالي يقول فيما سماه بـ " السنة النبوية " ( ص 18 ) : " وقاعدة التعامل مع مخالفينا في الدين ومشاركينا في المجتمع : لهم ما لنا وعليهم ما علينا . فكيف يهدر دم قتيلهم ؟ ! " . وهو تابع في ذلك للأستاذ حسن البنا رحمه الله ، فهو الذي أشاعه بين شباب الإخوان وغيرهم ، وهذا هو سيد قطب عفا الله عنه يقول مثله ، ولكن بجرأة بالغة على تصحيح الباطل : " وهؤلاء لهم ما لنا وعليهم ما علينا بنص الإسلام الصحيح " ! ! كذا في كتابه " السلام العالمي " ( ص 135 - طبع مكتبة وهبة الثانية ) . وقد جرى على هذه الوتيرة من المخالفة للنصوص الصحيحة ، اعتمادا على الأحاديث الضعيفة غير هؤلاء كثير من الكتاب المعاصرين ، لجهلهم بالسنة ، وتقليدهم لبعض الآراء المذهبية ، ومن هؤلاء الأستاذ المودودي رحمه الله ، وقد تقدم الرد عليه في تسويته بين المسلم والذمي في الحقوق العامة تحت الحديث المتقدم برقم ( 460 ) . وإن مما يحسن لفت النظر إليه أن الأحناف الذين تفردوا بهذا الحديث الباطل ،لم يأخذوا به إلا في المبايعات كما تقدم ذكره عن كتابهم " الهداية " ، خلافا لهؤلاء الكتاب الذي توسعوا في تطبيقه توسعا خالفوا به جميع العلماء . فاعتبروا يا أولي الألباب ! اهـ. كلام الشيخ رحمه الله و جمعنا به في مستقر جنانه. |
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 07:32 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي