تكفير كل سفيه متطاول زنديق قادحاً بأم المؤمنين عائشة بنت الصديق
بسم الله الرحمن الرحيم تكفير كل سفيه متطاول زنديق قادحاً بأم المؤمنين عائشة بنت الصديق - رضي الله عنها - قال الله - سبحانه وتعالى - : ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) ﴾ . قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - : « هذا وعيد من الله تعالى للذين يرمون المحصنات الغافلات - خُرِّج مخرج الغالب - المؤمنات ، فأمهات المؤمنين أولى بالدخول في هذا من كل محصنة ، ولا سيما التي كانت سبب النزول وهي عائشة بنت الصديق - رضي الله عنهما - ؛ وقد أجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبَّها بعد هذا ورماها به بعد الذي ذُكر في الآية فإنه كافر ؛ لأنه معاند للقرآن ، .. » ( تفسير ابن كثير 3/276 ) . وعند قوله - تعالى - : ﴿يَعِظُكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ . قال ابن العربي - رحمه الله - : « قوله تعالى : ﴿ لِمِثْلِهِ ﴾ يعني في عائشة ; لأن مثله لا يكون إلى نظير القول في المقول عنه بعينه ، أو فيمن كان في مرتبته من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لما في ذلك من إذاية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عرضه وأهله ، وذلك كفر من فاعله ؛ قال هشام بن عمار : سمعت مالكا يقول : من سب أبا بكر وعمر أدب ، ومن سب عائشة قتل ; لأن الله يقول : ﴿ يَعِظُكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ فمن سب عائشة فقد خالف القرآن ، ومن خالف القرآن قتل ؛ قال الفقيه القاضي أبو بكر - رحمه الله - : قال أصحاب الشافعي : من سب عائشة أُدِبّ ، كما في سائر المؤمنين ، وليس قوله تعالى : ﴿ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ في عائشة ; لأن ذلك كفر ، وإنما هو كما قال : (( لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه )) ؛ ولو كان سلب الإيمان في سب عائشة حقيقة لكان سلبه في قوله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن )) حقيقة ؛ قلنا - أي ابن العربي - : ليس كما زعمتم ; إن أهل الإفك رموا عائشة المطهرة بالفاحشة ، فبرأها الله ، فكل من سبها بما برأها الله منه فهو مكذب لله ، ومن كذب الله فهو كافر ؛ فهذا طريق قول مالك ، وهي سبيل لائحة لأهل البصائر ، ولو أن رجلا سب عائشة بغير ما برأها الله منه لكان جزاؤه الأدب » . ( أحكام القرآن 3/366 ) . وبإسناده إلى هشام بن عمار قال ابن حزم - رحمه الله - : « سمعتُ - أي هشام - مالك بن أنس يقول : (( من سب أبا بكر وعمر جُلِدَ ، ومن سب عائشة قُتِلَ ، قيل له : لم يُقتَل في عائشة ؟ ، قال : لأن الله تعالى يقول في عائشة - رضي الله عنها - : ﴿ يَعِظُكُمْ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.. فمن رماها فقد خالف القرآن ومن خالف القرآن قتل )) » ؛ علق ابن حزم - رحمه الله - معلقا : « قول مالك هاهنا صحيح ، وهي ردة تامة ، وتكذيب لله تعالى في قطعه ببراءتها » . ( المحلي 15/11 ) . وعند قوله - تعالى - : ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ﴾ . قال الإمام السيوطي - رحمه الله - : « نزلت في براءة عائشة فيما قُذِفَت بِه ، فاستدل به الفقهاء على أن قاذفها يقتل لتكذيبه لنص القرآن ؛ قال العلماء : قذف عائشة كفر ، لأن الله سَبَحَ نفسه عند ذكره - أي قصة الإفك - فقال : ﴿ سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾ ، كما سَبَحَ نفسه عند ذكر ما وصفه به المشركون من الزوجة والولد » . ( الإكليل في استنباط التنزيل 190 ) . وقول السيوطي هنا شبيه بقول القاضي عياض في معرض استشهاده لقول الإمام مالك - رحمهم الله جميعا - ، حيث قال القاضي : « وحكى أبو الحسن الصقلي أن القاضي أبا بكر بن الطيب قال : (( إن الله تعالى إذا ذكر في القرآن ما نسبه إليه المشركون سبح نفسه لنفسه كقوله : ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ ﴾ ؛ في آي كثيرة وذكر تعالى ما نسبه المنافقون إلى عائشة فقال : ﴿ وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ ﴾ سَبَحَ نفسه في تبرئتها من السوء كما سَبَحَ نفسه في تبرئته من السوء ، وهذا يشهد لقول مالك في قتل من سب عائشة ، ومعنى هذا والله أعلم : أن الله لما عَظُمَ سبها كما عَظُمَ سبه ، وكان سبها سباً لنبيه ، وقَرَنَ سب نبيه وأذاه بأذاه تعالى ، وكان حكم مؤذيه تعالى القتل ، كان مؤذي نبيه كذلك » . ( الشفا 2/267 ) . وقال القاضي في الشفاء كذلك : « قال الإمام مالك - رضي الله عنه - : (( من شتم أحدا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أو عمر أو عثمان أو عليا أو معاوية أو عمرو بن العاص - رضي الله تعالى عنهم - ، فإن قال : [ كانوا على ضُلال أو كفار ] قُتِلَ ، وإن شتم بغير هذا من مشاعة الناس نُكِلَ نكالاً شديدا ، فلا يكون محاربوا علي كفرة كما زعمت بعض الفرق ، ولا فسقة كما زعم آخرون ... » . وقال ابن قدامة المقدسي - رحمه الله - : « ومن السنة الترضي عن أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمهات المؤمنين المطهرات المبرآت من كل سوء أفضلهن خديجة بنت خويلد وعائشة الصديقة بنت الصديق التي برأها الله في كتابه زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة ، فمن قذفها بما برأها الله منه فقد كفر بالله العظيم » . ( لمعة الاعتقاد 29 ) . قال ابن عثيمين - رحمه الله - : « قذف عائشة بما برأها الله منه كفر ، لأنه تكذيب للقرآن ، وفي قذف غيرها من أمهات المؤمنين قولان لأهل العلم : أصحهما أنه كفر ، لأنه قدح في النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإن الخبيثات للخبيثين » . ( شرح لمعة الاعتقاد 53 ) . وقال الإمام النووي - رحمه الله - : « براءة عائشة رضي الله عنها من الإفك وهي براءة قطعية بنص القرآن العزيز ، فلو تشكك فيها إنسان والعياذ بالله صار كافراً مرتداً بإجماع المسلمين ، قال ابن عباس وغيره : (( لم تزن امرأة نبي من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وهذا إكرام من الله تعالى لهم )) » .( المنهاج شرح صحيح مسلم 17/117 ) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : « وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري : سمعت القاسم بن محمد يقول لإسماعيل بن إسحاق : أتى المأمون بالرقة برجلين شتم أحدهما فاطمة والآخر عائشة ، فأمر بقتل الذي شتم فاطمة وترك الآخر ، فقال إسماعيل : ما حكمهما إلا أن يقتلا لأن الذي شتم عائشة رد القرآن » ؛ علق - رحمه الله - : « وعلى هذا مضت سيرة أهل الفقه والعلم من أهل البيت وغيرهم » . قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - : « ومن يقذف الطيبة الطاهرة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة ، لما صح ذلك عنه ، فهو من ضرب عبد الله بن أبي سلول رأس المنافقين ولسان حال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : يا معشر المسلمين من يعذرني فيمن أذاني في أهلي . ﴿ إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا مبينا ﴾ . . فأين أنصار دينه ليقولوا له : نحن نعذرك يا رسول الله » . ( الرد على الرافضة 25-26 ) . وقال العلامة ابن القيم - رحمه الله - : « واتفقت الأمة على كفر قاذفها » .( زاد المعاد 01/106 ) ؛ وقال بدر الدين الزركشي - رحمه الله - : « من قذفها فقد كفر لتصريح القرآن الكريم ببرائتها » .( الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة 45 ) ؛ وقال الشيخ أبا بطين - رحمه الله - : « ومن قذف عائشة كفر ، ومن استهزأ بالله أو رسله أو كتبه كفر إجماعا » .( الدرر السنية 10/402 ) . قال أبو بكر أحمد بن محمد الخلال - رحمه الله - : « (( أخبرنا أبو بكر المروذي ، قال : سألت أبا عبد الله - أي الإمام أحمد بن حنبل - عن من يشتم أبا بكر وعمر وعائشة ؛ قال : [ما أرآه على الإسلام ]، قال - أي المروذي - : وسمعت أبا عبد الله - أي الإمام أحمد بن حنبل - يقول : [قال مالك : الذي يشتم أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم - ليس له سهم ] ، أو قال : [ نصيب في الإسلام ])) ؛ ثم قال الخلال - رحمه الله - : (( أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : سألت أبي عن رجل شتم رجلا من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم - ، فقال : [ ما أراه على الإسلام ])) » .( السنة 03/17 ) . وعن عبدالله بن عباس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : «من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين » .( حسنه الألباني كما في صحيح الجامع 6285 وقال عنه في الصحيحة 2340 : حسن بمجموع طرقه ؛ وجاء بلفظه عن أنس بن مالك و عطاء وحسنه محمد جار الله الصعدي كما في النوافح العطرة 383 عن ابن عباس ؛ وجاءت رواية دون زيادة [ والملائكة والناس أجمعين ] من حديث عطاء خرجها الألباني عند تخريجه لكتاب السنة 1001 وقال : حسن وإسناده مرسل صحيح ) .قلتُ ضياء : والصعدي المُشار إليه هو : [ محمد بن أحمد بن جار الله مشحم الصعدي ثم الصنعاني ، كان له اطلاع على عدة علوم ، مع بلاغة فائقة وعبارة رائقة ، من شيوخه السيد العلامة أحمد بن عبدالرحمن الشامي ، وأجاز له جماعة من أهل الحرمين كالشيخ محمد حبوه السندي ، وكان خطيباً للإمام المنصور بالله الحسين بن القاسم ثم ولاّه القضاء بمحلات من المدائن اليمنية ، له عدة مؤلفات منها المصدر المذكور النوافح العطرة في الأحاديث المشتهرة ،توفي سنة 1181هـ ] . وقال - صلى الله عليه وآله وسلم - : «لعن الله من سب أصحابي» .( عن ابن عمر و ابن عباس و أنس بن مالك و عطاء حسنه الألباني في صحيح الجامع 5111 ، وجاء عن عائشة - رضي الله عنها - قال الشوكاني في در السحابة 30 : رجاله رجال الصحيح غير علي بن سهل وهو ثقة ) . وعن أبي السائب القاضي - رحمه الله - : « كنت يوماً بحضرة الحسن بن زيد الداعي بطبرستان ، وكان بحضرته رجل ، فذكر عائشة بذكر قبيح من الفاحشة ، فقال : (( يا غلام اضرب عنقه )) ، فقال له العلويون : هذا رجل من شيعتنا ، فقال : (( معاذ الله ، هذا رجل طعن على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال الله : ﴿ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾فإن كانت عائشة خبيثة فالنبي - صلى الله عليه وسلم - خبيث ، فهو كافر فاضربوا عنقه )) ، فضربوا عنقه وأنا » .( شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي 07/1269 ) . وقال - رحمه الله - : « وروى عن محمد بن زيد أخي الحسن بن زيد : (( أنه قدم عليه رجل من العراق فذكر عائشة بسوء ، فقام إليه بعمود فضرب به دماغه ، فقتله ، فقيل له : هذا من شيعتنا ومن بني الآباء ، فقال : هذا سمى جدي قرنان ، ومن سمى جدي قرنان استحق القتل فقتلته )) .....قال القاضي أبو يعلى : (( من قذف عائشة بما برأها الله منهكفر بلا خلاف وقد حكى الإجماع على هذا غير واحد ، وصرح غير واحد من الأئمة بهذا الحكم )) .... وقال ابن أبي موسى - عبد الخالق بن عيسى الهاشمي : (( ومن رمى عائشة - رضي الله عنها - بما برأها الله منه فقد مرق من الدين ولم ينعقد له نكاح على مسلمة ))» . ( الصارم المسلول على شاتم الرسول 566 - 568 ) . قلتُ - ضياء الشميري - : قول المعترض على الحسن بن زيد محامياً عن شاتم أم المؤمنين - رضي الله عنها - بقولهم كما في الرواية الأولى : ((هذا رجل من شيعتنا)) وكما في الرواية الثانية : ((هذا من شيعتنا ومن بني الآباء)) يستحق التأديب والتعزير إلى جانب من يحامون عنه لمحاماتهم عن باطل عرفوه ، وإلا فإن الأولى بهم أن يغاروا على محارم الله أن تنتهك ، ويغاروا على الزور والكذب في حق عرض أمهم وزوج جدهم ، لا أن يغاروا على تبع وتشيع وحزبية عمياء !!! نسأل الله العافية وهو المستعان .. ضياء بن محفوظ الشميري منقول من شبكة العلوم |
بارك الله فيك شيخنا
ولعن الله من لعن أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها |
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم وأجزل لكم المثوبة على البحث القيم
|
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم على النقل وجزى الله الأخ ضياء الشميري على بحثه الماتع
ولعن الله من وقع في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وعجل له العقوبة في الدنيا قبل الآخرة |
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم ،وذبّ الله عن وجوهكم النار يوم القيامة .
اقتباس:
آمين ..آمين ...آمين |
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 07:12 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي