دعوة المبدعين الأكياس إلى تدوين بعض صور الاقتباس
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد : فالاقتباس من المحسنات اللفظية للنص ، واللغة العربية والأدب العربي يهتم كثيرا بتحسين النصوص وجمالياتها ، لكن ينبغي أن تكون تلك المحسنات من اقتباس وغيره خاضعة للشرع ، والاقتباس من القرآن والسنة ليس مردودا باطلاق ولامقبولا باطلاق ، بل منه الجائز ومنه المحظور ، فالواجب على من اراد استعماله التعرف على احكامه وما يجوز وما لا يجوز منه كي لا يقع في المحظور منه , فرب كلمة يتكلم بها المرء لا يلقي لها بالا تهوي به في النار سبعين خريفا . ولمعرفة بعض أحكام الاقتباس الشرعية وصوره الأدبية , يمكن مراجعة هذا الموضوع على هذا الرابط وللتعرف على بعض أمثلته فقد نقلت في تعليقي عليه هناك شيئاً من أمثلته فقلت: اقتباس:
وهنا أقول : أود أن نخصص هذه الصفحة الأدبية الإبداعية لذكر أمثلة الاقتباس من القرآن الكريم والسنة المطهرة , في سياق شعري بديع , بشروط الاقتباس المعتبرة , يدلي فيها إخواني الشعراء المبدعون بما فتح الله به عليهم من فيض كرمه , دون تعدٍّ على جناب كتاب ربنا الحكيم وإنما أردت بذلك الدفع بإخواني إلى الابداع والمحسنات الشعرية , تقوية للملَكة ,وإثراءً للموضوع . لهذا فقد جعلت عنوان هذا الموضوع : دعوة المبدعين الأكياس إلى تدوين بعض صور الاقتباس ولا يسعني في البداية إلا أن أذكر مثالا مما فتح الله به علي , وذلك بعد تأمل في كتاب الله ومزيد نظر في آياته لإيجاد مقطع قرآني مناسب في التذكير , ويكون موافقاً لسياق وزن من أوزان الشعر المعتبرة . فإني وأنا أتصفح في كتاب الله عز وجل خطر لي قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ..الآية 6من سورة التحريم فاختزلت منها " ناراً وقودها الناس والحجارة " وجعلتها في سياق بيت ضمن أحد أبيات ثلاثة , في محاولة لي هي الأولى من نوعها , سائلاً الله التوفيق . إلى الذي قارف القذارة * * * وسار في مسلك الحقارة حتَّـام لم تكْفِك الإشارة * * * ألا اتَّئد واتقِ الخسارة فقد أعـدَّ الإلـه " نـاراً * * * وقودها الناس والحجارة" |
السَّلام عليكُم ورحمةُ الله وبركاتُه بورك فيكُم شيخنا الشَّاعر أبا رواحة على هذه اللفتَةِ الطَّيِّبة. ومع أنني لستُ على الشرط المذكور في عنوان الموضوع إلا أنني حاولتُ المشاركة فقُلت: محاولة أولى: إذا أتى ما يُفزِعُك *** مِن فِتنٍ تُرَوِّعُك فَلْيَسَعَنْكَ مَربَعُك *** واحرِصْ على ما يَنفَعُك وهنا اقتباس من قوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: (احرِص على ما ينفَعُك, واستَعِن بالله ولا تعجَز) وهذه محاولة ثانية: (مخلع البسيط) قلت: إنَّا إذا مَأثمًا غشِينا *** عُدنا إلى الله آيِبينا وإنْ بدى لنا الفضلُ قُلنا *** إنَّا إلى اللهِ راغِبونَا اقتباس من قوله تعالى في سورة التوبة: (سيؤتينا اللهُ من فضلِه ورسولُه إنَّا إلى الله راغبون) مع انتظار مشاركات الإخوة وتعليقاتهم |
بارك الله في أخي أبي زياد على هذه المبادرة الاقتباسية الشعرية الفائقة غير أني ألفت نظره إلى قوله اقتباس:
فإني أظنه غير موزون فليعِد النظر فيه هذا وإن أخي أبا زياد قد أرسل إلي بهذه الرسالة على الخاص مستشكلا , ولا مانع من ذكر رسالته على العام , فقد نبه وأصاب كبد الحقيقة في رسالته , حيث قال : اقتباس:
وأقول : إن الذي قادني إلى ذكر "لم" عوضاً عن "لا" : كان هروبا من "لا" النافية غير العاملة , حتى لا يأتي الفعل المضارع الذي بعدها مرفوعا , وحينها سيكون الوزن مكسورا , لأن مساق الكلام حينئذ " لا تكفيك " فجنحت إلى اختيار "لم" حتى يستقيم معي الوزن , وتمَّ لي ما اردتُ غير أنه وقع لي ما غفلتُ عنه , وهو ما المح إليه أخي الحبيب أبو زياد في رسالته السابقة من اختلال المعنى الزمني فبارك الله فيه فائدته وأدبه . وعليه فيمكنني ان أقول : يا ذا الذي عاش في القذارة * * * وسار في مسلك الحقارة حتَّـام لا تكْفِك الإشارة * * * ألا اتَّئـد واتقِ الخسارة قد أرصد الله ثَـمَّ " نـاراً * * *وقودها الناس والحجارة" وأكون بهذا قد حققتُ مطلب أخي أبي زياد , ولكن بقي لي أني جزمتُ ما ليس مجزوما للضرورة الشعرية , فأي الحالتين أقرب للصواب وأهدى سبيلا ؟!!! |
بارك الله في شاعرنا أبي رواحة على هذه التدريبات التي يدرب بها شعراء المنتدى, وهذه مشاركتي: رسولنا صلى عليه الله*****مااخضرَّ عصن وشذا عَرْفاه ليس بشاعر ولا ساواه*****"ما ينبغي له"وما حــــــاذاه قرآنه ليس "بقول شاعر****"ولا بقول كاهن "وساحــر |
ما شاء الله مشاركةٌ طيِّبةٌ مِن الأُستاذ محمد رحيل حفظه الله.. وبِوُدِّي أن أُعقِّبَ على قولكم (ليس بشاعر ولا ساواه)، فإنَّ لفظ -ولا ساواه- قد يوهِم تنقُّصًا، فلو علَّقتُم بأنَّ المقصود (ما ساوى الشاعِرُ الرسولَ), أو: (ما ساواه , بل هُو أعظم مِنه وأشرف..) لرُبَّما كان أبيَن وأوضح. والله أعلم. وأعود إلى ما ذكره الشيخ الشاعر أبو رواحة الموري: اقتباس:
اقتباس:
نعم هو كذلك بارك الله فيك, لكنني لم أجِد له عبارةً تُوافِقُ الوزن وتطابق المعنى, فتركتُه لعلَّ بعضَ إخوانِنا يقترِحُ له تعديلا. وأمَّا ما عدلتُم إليه من اختيار لفظة (لا تكفِك), فلعلَّه أهون من سابِقه, ذلك أنَّ الأوَّلَ يختلُّ معه المعنى, فقُبحُه في النثر والشعر جميعا, أمّا هذا فيجوز في الشِّعر -ضرورةً-, ولا يختلُّ به المعنى, لأنَّ من يقرأ يفهم مباشرة أنّ المقصود منه (لا تكفيك), وأنَّ طلب الوزن ألجأ إلى ذلك. والله أعلم |
جزاك الله خيرا أبا زياد نعم قد يوهم ماذكرت ,وإن كان نفي المساواة لا يعني نفي المعالات.
لكني لو أردت ترك القيل والقال لقلتُ:ليس بشاعر فقد نفاه,أي قوله تعالى وماعلمناه الشعر وما ينبغي له. |
أشكر لأخويَّ الكريمين أبي زياد وأبي العباس ما أبدياه من مشاركة في هذا إثراء لهذا الموضوع الماتع
ونرجو منهما ومن غيرهما المزيد |
بسم الله الرحمن الرحيم هذه مقطوعة رجزية ضمَّنتُها صورتين من صور الاقتباس: يا غافِلا والموتُ بانتظارِ *** أسرِع وحاذِر مسلَكَ العِثارِ واعلمْ بِأنَّ الأمرَ في إدبارِ *** وأنَّ كُلَّ مَن تراهُ ساري وأنَّ كُلَّ مَن بِهذي الدَّارِ *** ليس لهُ فيها مِن القرارِ سِوى سُوَيعاتٍ له قِصارِ *** وبَعدها تسمعُ في الأخبارِ أن قد عَلَتهُ قُبَّةُ الأحجارِ *** وصارَ مِن أهالي تِلك الدَّار إمَّا مُنَعَّمٌ مع الأبرارِ *** أو غارِقٌ مُعَذَّبٌ في النَّارِ يا قومَنا عودوا إلى الآثارِ *** واستَمسِكوا بِسُنَّةِ المُختارِ وابتعِدوا أيا أولي الأبصارِ *** عن فِتنٍ تموجُ كالبِحارِ وأعتِبوا إلى الحفيظِ الباري *** يكلَؤُكم بالليلِ والنَّهارِ (1) فدينُنا ينهى عنِ الإضرارِ *** ولا ضرَرْ فيهِ ولا ضِرارِ (2) ورُبَّ نافِعٍ لنا ضرَّارِ (1): اقتباس من قوله تعالى: (قل من يكلؤكم باليل والنهار من الرحمن) سورة الأنبياء. (2): اقتباس مِن قولِه صلى الله عليه وسلَّم: (لا ضرَرَ ولا ضِرار), رُويَ من حديث أبي سعيد وغيره. والله أعلم |
الحق والحقَّ أقول : بأنها أرجوزة سلِسة جميلة
لم أر ما يخدش فيها غير تسكينك راء " ضرر" من قولك : اقتباس:
ولو أنك قلتَ : عن ضررٍٍٍ فيه وعن ضرار , لتخلَّصتَ من الإشكال . بقي لك أن تحتجَّ عليَّ أن صورة الاقتباس التامة من موافقة النص لم تحصل ؟!!! قلتُ : نعم , صدقتَ , ولكن بقيت صورة الاقتباس الناقصة وهي أن تنقص من النص بعض حروفه مع تحقق معناه , فهذه لا تخرجك عن صورة الاقتباس الحقيقية . ومن هذا القبيل قول ابن المبارك : اقتباس:
فقوله: "فلا تبقي ولا تدَعُ" أراد به قوله تعالى" لا تبقي ولا تذر" مع تغيُّر في بعض حروف النص , والله اعلم . |
جزاكم الله خيرا وتعقُّبُك صحيحٌ صائبٌ شاعِرَنا الفاضل.. إلا أنَّ ما اقترحتَه مِن تعديل ألفاظ العجُز, فإنِّي أجده يُسبِّب ثِقَلا في أسلوب البيت حيث يصيرالبيتُ: فدينُنا ينهى عن الإضرار *** عن ضررٍ فيه وعن ضرارِ والتكرار واضِحٌ في هذا البيت, حيث تكرر حرف الجر (عن) ثلاث مرات, ولعلَّه ثقُل عليَّ فقط, ولا يثقُل على غيري ممن يملِكُ ذوقا صحيحًا, ولسانًا عربيًّا فصيحًا, فالله أعلم. (ابتسامة). وقد اقترحتُ تعديلا يبقى فيه اللفظُ المُقتبَسُ مُطابقا لِلَفظِ الحديث وهو: فديننا ينهى عن الإضرار *** لا ضررٌ فيه ولا ضِرارِ فهل يصلُحُ هذا التعديل بديلا, وأيُّ التعديلين أهدى وأقوم سبيلا؟؟ |
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 03:47 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي