[ دِراساتٌ لِأُسْلوبِ القُرآن ] تأليف : محمد عبد الخاق عضيمة
الحمد لله وصلى الله على نبينا و آله وصحبه
وبعد : فهذا كتاب : [ دراسات لِأسلوب القرآن ]؛ أول كتاب يستقرئ أسلوب القرآن في جميع رواياته. تأليف : الأستاذ محمد عبد الخالق عضيمة - أستاذ بجامعة الأزهر. و كان قد نصّحني بهذا الكتاب أخونا الأديب الحبيب أبو عبد الله بلال - حفظه الله و أمتع به -، فلما حمَّلته ألفيته كتابا نفيسا جمع فأوعى، فأحببت أن أطالعه، و رغبت في تحصيله، لكن أردت قبل ذلك أن أُقدمه إلى الأحبة رجاء الأجر والذخر. و هاهو رابطه : |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيسرا أخي أبا أسامة وزادك سبحانه من عظيم فضله آمين وأما الأستاذ الشيخ المحقق الذي أنزلت لنا كتابه فهو : ................................................. ( نرجيها إلى حين ) ؛ مع أمنيتي أن ينوب من إخواننا من يعمل لهذا الجبل ترجمة ؛ وينقل معها ثناء العلماء عليه ... |
ترجمة الشيخ المحقق محمد عبد الخالق عضيمة
يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي |
وارتقبوا إن شاء الله ملحا حول شخصية الدكتور المحقق عبد الخالق عضيمة- رحمة الله عليه -
|
أخي أبا عبد الله ..... بارك الله فيك، و كتب لك الأجر الجزيل والذكر الجميل. لكن ... يا حبذا لو تقوم بتنسيق نقلك المُوَفّق ، بمراعاة المسافاة و نحو ذلك ليكون أيسر للقراءة. |
اقتباس:
بارك الله فيك أخي الحريري الحبيب ولكن أنت تعلم مدى جهلي بلغة الحواسيب وعدم تمكني من ناصيتها ولكن أوجه لك طلبك بإرسالي على بريدك الالكتروني الهوتمايل الترجمة منسقة على صيغة وورد ؛ وأنت تعيد تنزيلها بطريقتك أخي العزيز والله يأجرك ودمتم موفقين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته و تحقيقا للفائدة العامة هذه ترجمة المحقق اللغوي العلامة محمد عبد الخالق عضيمة بقلم تلميذه : (( من علماء العربية محمد عبدالخالق عضيمة 1328هـ-1404هـ بقلم تركي بن سهو بن نزال العتيبي الأستاذ بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسَّلامُ على خيرِ المرسلينَ، أمَّا بعدُ: فقد رغبَ إليَّ أخي وصديقي الوفيُّ الأستاذُ الدكتورُ / أبو أوسٍ إبراهيم الشَّمسان أن أسهمَ في الكتابِ المهدَى إلى الأستاذِ الجليلِ والعالمِ الفاضلِ الأستاذِ الدكتورِ حسن الشاذلي فرهود ، فأجبتُ طلبَه ، وكنتُ أزمعُ أن أعطيَه واحداً من النصوصِ التي حقَّقتُها ، وعرضتُ النصَّ عليه ، فاستحسنَه ، لكنَّه ما لبثَ أن عادَ إليَّ وطلبَ أن تكونَ الكتابةُ عن أستاذي وشيخي الأستاذِ الدكتورِ الشيخِ محمدِ عبدِالخالقِ عضيمة ، فلم أستطعْ ردَّ رغبتِه ، وإن كنتُ قد كبحتُ جماحَ النفسِ في الكتابةِ عن شيخي زمناً طويلاً ، إلا أنَّني أمامَ هذه الرغبةِ الأكيدةِ من أخي أبي أوسٍ لم أجدْ مسوِّغاً للامتناعِ عنها وصادفَتْ هوىً في النفسِ ، فعزمْتُ على الأمرِ ، وتوكلَّتُ على اللهِ ، وقدَّمْتُ هذا المختصرَ ، وتوخَّيْتُ فيه أن يضيءَ جانِباً مشرِقاً من حياةِ الشيخِ ، فعلاقَتي به امتدَّتْ من عام 1399هـ حتى توفَّاه اللهُ سبحانَه وتعالى ، ولن أتحدَّثَ حديثاً شخصياًّ ، وإنَّما جمعتُ بعضَ المهمِّ الذي يمكنُ توثيقُه ، ويكونُ في تدوينِه تصويرٌ للجانبِ العلميِّ الرحبِ من حياةِ الشيخِ ، وهناكَ أمورٌ كثيرةٌ ، منها ما هو غيرُ مدوَّن ، ومنها ما دوِّنَ ولم أتمكنْ من توثيقِه ، فأعرضْتُ عن تقييدِهما في هذا المختصرِ ، وربما أعودُ إلى ذلكَ في وقتٍ أوسعَ ، ومجالٍ أرحبَ . أشكرُ الأخَ الفاضلَ د. إبراهيمَ الشمسانَ على حسنِ ظنِّه بي؛ إذ حملنِي على الكتابةِ عن شيخِي ، مهدىً إلى شيخٍ جليلٍ يستحقُّ الثناءَ والإشادةَ ، فلهما منِّي جزيلُ الشكرِ ، وعظيمُ الامتنانِ ، والدعاءُ بأن يوفقَهما اللهُ ويمدَّ في عمريهما ، وأن يزيدَهما من فضلِه . وصلَّى اللهُ على سيِّدِنا ونبيِّنا محمَّدٍ وعلى آلِه وصحبِه وسلَّمَ . سوفَ يكونُ الحديثُ عن الأستاذِ الدكتورِ / محمَّدِ عبدِالخالقِ عضيمةَ مقسَّماً على فقرات ، تتناول مختصراً عن حياته ، وإليك ما دونت . وبالله التوفيق وعليه التكلان. اسمه : هو الأستاذُ الدكتورُ / محمّدُ بنُ عبدِالخالقِ بنِ عليِّ بنِ عضيمةَ ؛ وكانَ – رحمَه اللهُ تعالى – يكتبُ اسمَه دائماً : محمدُ عبدِالخالقِ عضيمةَ ، فيظنُّ من لا يعرفُ الشيخَ أنَّ اسمَه مركَّبٌ من محمدٍ وعبدِالخالقِ ، كما جرَتْ عادةُ بعضِ المعاصرينَ من إضافةِ اسمِ محمَّدٍ إلى أسمائِهم تبرُّكاً ، وكانَ الشيخُ يضيقُ بمن يكاتبُه باسمِ الشيخِ عبدِالخالقِ عضيمةَ ، فيحذفُون محمَّداً ظنّاً منهم أنَّ هذا الأمرَ منطبقٌ عليه ، - رحمَه اللهُ تعالى - . مولدُه : أشارَت الأوراقُ الرسميَّةُ إلى أنَّ الشيخَ ولدَ في تاريخِ 4/1 /1328هـ الموافق 15/1/1910م ، وذكر معاصرُه ورفيقُ دربِه أستاذي د. أحمدُ كحيل أنَّه ولدَ في قريةِ ( خبَّاطةَ ) من قرى طنطا( ) . وأشارَتِ الباحثةُ التي أعدَّتْ رسالةَ ماجستيرٍ عن الشيخِ إلى أنَّها قريةٌ كانَتْ من أعمالِ مديريةِ الغربيةِ ، وأنَّها الآنَ من قرى محافظةِ كفرِ الشّيخِ( ) . تعلُّمُ الشيخِ وبعضُ شيوخِه : درسَ الشيخُ محمّدُ عبدِالخالق عضيمةَ – رحمَه اللهُ تعالى – في القريةِ ، وحفظَ القرآنَ الكريمَ، وأتمَّ تعليمَه الأوليَّ فيها ، وهو ما أهَّلَه للالتحاقِ بمعهدِ طنطا الأزهريِّ( ) وأنهى الدراسةَ فيه عامَ 1930م( ) . بعدَها التحقَ بكليةِ اللغةِ العربيةِ في الأزهرِ، وتخرَّجَ فيها عامَ 1934م( ) . التحقَ بالدِّراساتِ العليا التي أنشئت في ذلكَ الوقتِ ، وحصلَ على شهادةِ التخصُّصِ ، وهي الماجستيرُ في الأعرافِ الأكاديميّةِ الآن عام 1940م ، وكانَ بحثُه بعنوانِ ( المشترك في كلام العربِ ) . حصلَ على العالميّةِ العاليةِ الدكتوراه ( تخصص المادةِ ) عام 1943م ، وكانَت رسالتُه بعنوانِ ( أبو العباسِ المبرّدُ وأثرُه في علومِ العربيةِ ) . لقد بذلَ جهداً كبيراً مضاعَفاً في هذه الرسالةِ غيرِ ما دوَّنَه فيها ، فلم يدوَّنْ فيها إلا ما اقتضَتْه خطَّةُ البحثِ ، أمَّا الجهدُ الآخرُ فيصوِّرُه معاصرُه د. كحيل فيقولُ : " وفي يومِ مناقشةِ الرسالةِ دخلَ إلى لجنةِ المناقشةِ يحملُ الرسالةَ وبعضَ المراجعِ ، ودخلَ خلفَه أحدُ أقربائِه يحملُ حقيبةً كبيرةً ، وفي أثناءِ تقديمِه للرسالةِ فتحَ الحقيبةَ ، وأخرجَ منها لفائفَ البطاقاتِ ، ووضعَها أمامَ اللجنةِ ، وقالَ : هذه آراءُ المبرّدِ مستخرجةً من كتابِ المقتضبِ ، وهذه آراؤه مستخرجةً من الكاملِ ، وهذه آراؤه مستخرجةً من خزانةِ الأدبِ للبغداديِّ ، وهذه آراءٌ يذهبُ فيها مذهبَ سيبويهِ مقرونةً بنصوصِ سيبويهِ ، والحقُّ أنَّه بهرَ اللجنةَ؛ إذ لم ترَ طالباً قبلَه يعتمدُ على نفسِه ، ويطّلعُ على هذه المراجعِ ، وبعدَ مناقشةٍ طويلةٍ ظهرَ للجنةِ ذكاؤُه وسرعةُ بديهتِه وفهمِه لكلِّ جزئيةٍ من جزئياتِ الرسالةِ ، فتمنحُه اللجنةُ الشهادةَ العالميةَ ( الدكتوراه ) بدرجةِ ممتازٍ ، وكانَ أوَّلَ من أخذَ درجةَ امتيازٍ "( ). هذه شهادةُ د. أحمد حسن كحيل ، الذي شهدَ المناقشةَ، ثم استضافَ الشيخَ عضيمة بعدها ؛ ليكون شريكه في سكنه ، وقد حكى د. كحيل واقعاً متميِّزاً ، آذن في وقتِه ببزوغ شمسِ عالمٍ جليلٍ ، تحكي سيرتُه الرائعةُ مثلاً يحتذَى . شيوخُه : قالَ د. أحمد كحيل – رحمَه الله تعالى - : " والتحقَ بكليةِ اللغةِ العربيةِ ، وكانَ يحاضرُ في الكليةِ صفوةٌ من العلماءِ المبرِّزينَ في اللغةِ، مثلُ الشيخِ إبراهيمَ الجبالي ، والشيخِ سليمان نوار والشيخِ محمَّد محيي الدّينِ والأستاذِ أحمد نجاتي والأستاذِ عليِّ الجارم ، والدكتورِ عبدِالوهاب عزّام ، فتلقَّى العلمَ عن هؤلاءِ الصفوةِ في النحوِ والصرفِ والأدبِ والتاريخِ "( ) . ومن شيوخه الذين ذكر د. عضيمة أنه قرأ عليهم الأستاذ محمد نور الحسن ، وأشار إلى أنه كان يقرأ عليه في منزله( ) . حياته الاجتماعية : بعدَ حصولِ الشيخِ على الشهادةِ العالميةِ أوفدَ إلى مكّةَ المكرمةِ ، وبعدَ مدةٍ قصيرةٍ من إيفاده تزوّجَ بمصر ، ورحلَ بزوجتِه إلى مكّةَ المكرمةِ . أنجبَ الشيخُ ثمانيةً من الولدِ ، ثلاثةُ أبناءٍ؛ هم : صفيُّ الدينِ وبه يكنى ، فكنيةُ الشيخِ أبو صفيٍّ ، وأيمنُ والمعتزُّ باللهِ ، وخمسُ بناتٍ؛ هنَّ : صفيةُ وسوسنُ وسعادُ وآياتُ وهناءُ . وقد عملَتْ ابنتُه د. صفيةُ في المستشفى المركزيِّ في الشميسيِّ بالرياضِ بعدَ وفاةِ والدِها بسنتينِ ، وكانَ زوجُها يعملُ في مستشفى الأطفالِ بالسليمانيّةِ في الرياضِ أيضاً ، إلى وقتٍ قريبٍ . رحلاتُ الشيخِ : كانَت أولُ رحلةٍ رحلَها الشيخُ إلى مكَّةَ المكرَّمَةِ ، وفيها بدأَ العملَ في كتابِه : ( دراساتٍ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ ) ، وكانَتْ في شهرِ صفرٍ عامَ 1366هـ ، يناير عام 1947م( ). أمَّا الرحلةُ الثّانيةُ فكانَتْ إلى ليبيا، إلى مركزِ الدراساتِ العليا في واحةِ جغبوب، وبقيَ حتى قيامِ ثورةِ الفاتحِ من أيلول( ) . أمَّا الرحلةُ الثالثةُ فكانَتْ إلى الرياضِ حتىّ توفَّاه اللهُ ، وكانَتْ ما بينَ عامي 1392هـ حتَّى عام 1404هـ . مؤلفات الشيخ : أولاً : الكتب : 1- أبو العبَّاسِ المبرّدُ وأثرُه في علومِ العربيّةِ : هذا هو العملُ الذي نالَ به درجةَ الدكتوراه ، وقد طبعتْه مكتبةُ الرشدِ بعدَ وفاةِ الشيخِ – رحمَه اللهُ تعالى - ، وقبلَ أن يعيدَ الشيخُ النظرَ فيه ، ولم تتسنَّ مراجعتُه كما ينبغي ، ولم تصنعْ له الفهارسُ التي كانَتْ من ديدنِ صاحبِ العملِ – رحمَه الله تعالى - . ولا بدَّ هنا من الإشارة إلى أن هذا المطبوع يمثل جزءاً من الرسالة ، ولم يكن يمثل الرسالة كلها ، فقد أشرت سابقاً إلى كلام د. كحيل الذي وصف مناقشة أستاذي عضيمة لرسالة الدكتوراه ، وذكر أن هناك آراءً للمبرِّد كثيرة كانت مادة هذه الرسالة مقفسمة إلى أنواع متعددة ، وأنهالم تدون في المطبوع الذي قدمه للمناقشة ، وطبع لاحقاً، ولذا ظهرت رغبة الشيخ – رحمه الله تعالى – في إعادة النظر في بحثه عن المبرِّد، وتأنيه في نشره . 2- دراساتٌ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ: وهو عملٌ علميٌّ ضخمٌ يقعُ في ثلاثةِ أقسامٍ في أحدَ عشرَ مجلّداً؛ قالَ عنه الأستاذُ محمود شاكر – رحمَه اللهُ تعالى - : " فماذَا يقولُ القائلُ في عملٍ قامَ به فردٌ واحدٌ ، لو قامَتْ عليه جماعةٌ لكانَ لها مفخرةٌ باقيةٌ ؟ فمنَ التواضعِ أن يسمَّى هذا العملُ الذي يعرضُه عليكَ هذا الكتابُ (( معجماً نحوياًّ صرفياًّ للقرآنِ العظيمِ )) . فمعلومٌ أنَّ جلَّ اعتمادِ المعاجمِ قائمٌ على الحصرِ والترتيبِ . أمَّا هذا الكتابُ فالحصرُ والترتيبُ مجرَّدُ صورةٍ مخطَّطةٍ يعتمَدُ عليها . أمَّا القاعدةُ العظمَى التي يقومُ عليها فهي معرفةٌ واسعةٌ مستوعبةٌ تامَّةٌ لدقائقِ علمِ النحوِ وعلمِ الصرفِ وعلمِ اختلافِ الأساليبِ "( ) . زمنُ تأليفِ الكتابِ : إنَّ التأريخَ لهذا العملِ الكبيرِ يعطيكَ ميزةَ العملِ الدؤوبِ ، وينبئُكَ عن عزمِ الرجلِ الذي لا يكلُّ ولا يملُّ ، بل واصلَ عملَه طيلةَ هذه السنين، حتَّى تحقَّقَ له مبتغاه ، وهو أمرٌ ليسَ صعباً على من عرفَ الشيخَ وتتبعَ آثارَه العلميَّةَ ، يمكنُ هذا من خلالِ ما تحدَّثَ به الشيخُ عنه في مؤلفاتِه أو مقالاتِه ، مما قالَه أو وعدَ به ، وأرادَ الله سبحانه وتعالى أن يتمَّه له . إنَّها مواقفُ إذا تدبّرَها العاقلُ أيقنَ بصدقِ الرجلِ في توجهِه ، وتوفيقِ اللهِ له. وحتى يكونَ للتاريخِ الزمنيِّ قيمةٌ ، فإنّني سوفَ أسجِّلُ هذه الظواهرَ التي مرَّ بها هذا العملُ حسب السنين مبتدئاً بها ، حتى تكون الصورة التي مر بها العمل بها واضحة ، منذُ كان فكرةً حتى نجزَ كتاباً ضخماً ، ليكون مثالاً حياًّ على صدق الرجل وتوفيق الله سبحانه له . 1366هـ : كانتِ البدايةُ لهذا العملِ ، وفي مكةَ المكرّمةِ ، بلدِ اللهِ الحرامِ ، يقولُ الشيخُ – رحمَه اللهُ تعالى - : " قدمْنا مكةَ المكرَّمةَ في صفر سنةَ 1366هـ يناير 1947م ، وتسلَّمْنا أعمالَنا ووجدتُني مكلَّفاً بدراسةِ كتابِ ( الدروسِ النحويَّةِ ) للأستاذِ حفني ناصفٍ وزملائِه ، كنتُ أجلسُ في الحرمِ من العصرِ إلى العشاءِ ، فرأيتُ أنَّه لا بدَّ لي من قراءةٍ تصلُني بمادّتي التي تخصَّصْتُ فيها ، وانقطعْتُ لها ، وإلا فقدْتُ كثيراً من معلوماتِ النحوِ ، شأنُ كلِّ العلومِ النظريَّةِ ، إذا لم يكنْ صاحبُها على صلةٍ بها بالقراءةِ فَقَدَ كثيراً من مسائلِها . ومَرَّ بخاطرِي أنَّ كثيراً من النحويينَ ألَّفُوا كتبَهم بمكةَ: أبو القاسمِ الزجاجيُّ ألَّفَ كتابَه ( الجملَ ) بمكةَ ، وكانَ كلما انتهى من بابٍ طافَ حولَ البيتِ . ابنُ هشامٍ ألفَ كتابَه ( مغني اللبيبِ ) لأولِ مرةٍ في مكةَ ، ثمَّ فُقِدَ منه في منصرفِه إلى القاهرةِ ، ولمَّا عادَ إلى مكَّةَ ثانيةً ألَّفه للمرَّةِ الثانيةِ . لم يكن لديَّ تخطيطٌ عن دراسةٍ معيَّنةٍ ، ولا كتابٍ معيَّنٍ ، وإنما تمنيتُ أن تكونَ هذه الدراسةُ لها صلةٌ بالقرآنِ الكريمِ ، ليكونَ ذلك أليقَ وأنسبَ بهذا الكتابِ المقدَّسِ. خطرَ ببالي خاطرٌ ، هو أن أنظرَ في استعمالِ القرآنِ لبعضِ حروفِ المعاني ، فمثلاً ( إلا ) الاستثنائيةُ لها وجوهٌ كثيرةٌ في كلام العربِ ، فهل استعملَ القرآنُ هذه الوجوهَ كلَّها أو بعضَها دونَ بعضٍ"( ) . من هنا مكاناً وزماناً بدأت فكرةُ هذا العملِ الموسوعيِّ ، وبدأ صاحبُها في العملِ منذ ذلك التاريخِ . 1375هـ: يخبرُ الشيخُ أنّه ينوي إخراجَ كتابٍ يتناولُ دراسةَ أسلوبِ القرآنِ ، بعد أن خطا خطواتٍ في هذا العملِ ، واتضح الهدفُ عنده ، وقرَّر أن تكونَ دراستُه للقرآنِ دراسةً تعتمدُ على الاستقراءِ ، فيقولُ : " وفي النيَّةِ – إن كانَ في العمرِ بقيَّةٌ( ) – أن أخرجَ كتاباً يتناولُ دراسةَ أسلوبِ القرآنِ الكريمِ دراسةً تعتمدُ على الاستقراءِ ، أرجو اللهَ أن يوفِّقَني في إتمامِه ، ويعينَني على إخراجِه ، إنَّه نعمَ المولى ونعمَ النصيرُ .22ربيع الأول سنة 1375هـ - 7 نوفمبر 1955 م "( ) . وقد حقَّق الله له أمنيته ، ومدَّ في عمره كما سترى من التتبع التاريخي التالي. 1395هـ: في هذا العامِ يخبرُ الشيخُ أنَّه أمضَى أكثرَ من خمسةٍ وعشرين عاماً يعمَلُ في هذا الكتابِ ، ولم ينجزْ إلا دراسةَ جانبٍ واحدٍ؛ هو الحروفُ والأدواتُ ، قالَ – رحمَه الله تعالى - : " فهذا العنوانُ ( دراساتٌ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ ) إنَّما هو عنوانٌ لبحثٍ تناولَ بالدراسةِ جانِباً من جوانبِ الدراساتِ القرآنيةِ ، وهو الجانبُ النحويُّ ، أقمتُ على دراسةِ هذا الجانبِ أكثرَ من خمسةٍ وعشرين عاماً ، وما فرغتُ إلا من جانبٍ واحدٍ من جوانبِ الدراسات النحويةِ ، وهو دراسةُ الحروفِ والأدواتِ في القرآنِ"( ) . عمل الشيخ في الكتاب وتفرَّغ له بعد أن عكف سنين طويلة جداًّ على جمع مادته وتبويبها ، ومراجعة كثير من مسائلها على كتب النحو التي فهرسها ، واعتمد عليها في التصنيف والتقسيم، وتتبع النحويين ، وجمع أشتات المسائل ، وواصل ليله بنهاره ، حتى تمَّ له ما أراد بفضل الله سبحانه ، فأنجز الجانبين الآخرين ، هما الجانب النحوي والجانب الصرفي ، فجاء القسم الثاني دراسة الجانب الصرفي في أربعة أجزاء ، والقسم الثالث دراسة القسم النحوي في أربعة أجزاء أيضاً ، بعد القسم الأول وهو قسم الحروف الذي أخرجه في ثلاثة أجزاء ، بها تم الكتاب في أحد عشر مجلداًّ ، كما سيأتي بعد. 1401هـ : في العام تمَّ إنجازُ الكتابِ كامِلاً تأليفاً وطباعةً ؛ في أحدَ عشرَ مجلّداً، تزيدُ صفحاتُ كلِّ مجلدٍ عن ستمائةٍ صفحةٍ ، وبعضها تجاوز سبعمائة صفحة، وبعضها الآخر تجاوز ثمانمائة صفحة. قالَ – رحمَه اللهُ تعالى - في آخرِ الكتاب في المجلدِ الرابعِ من القسمِ الثالثِ : " كانَتْ طباعةُ القسمينِ الثّاني والثالثِ بالقاهرةِ ، وكانَ عملِي في الرياضِ ، ولذلكَ وقعَتْ بعضُ الأخطاءِ المطبعيّةِ ، وقد نبَّهْتُ على المهمِّ منْها ، وتركْتُ الباقي لفطنةِ القارئِ ، على أنّي أقولُ كمَا قالَ الإمامُ الشافعيُّ رحمَه اللهُ : وعينُ الرّضَا عن كلِّ عيبٍ كليلةٌ كما أنَّ عينَ السخطِ تبدِي المساويا ولستُ أزعمُ أني لا أخطِئُ ، فإنَّ العصمةَ للهِ وحدَه ، ولكنِّي أقولُ كما قالَ شاعرُ النيلِ حافظُ إبراهيم : إذا قيسَ إحسانُ امرئٍ بإساءةٍ فأرْبى عليها فالإساءةُ تغفرُ واللهَ أسألُ أن يجعلَه عملاً خالصاً لوجهِه تعالى ، بريئاً من الرياءِ والسمعةِ والزهْوِ ، إنّه سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدّعاءِ . 25 شوال 1401هـ 25أغسطس 1981م . محمد عبدالخالق عضيمة حلوان : 47 شارع محمد سيد أحمد "( ) . 1402 هـ : أعلَنَتِ الأمانةُ العامَّةُ لجائزةِ الملكِ فيصلٍ العالميّةِ للدراساتِ الإسلاميّةِ موضوعَ الجائزةِ للعامِ القادمِ في مجالِ الدراساتِ الإسلاميّةِ هو الدراساتُ القرآنيةُ . وبناءً على هذا رشحتْ كليةُ اللغةِ العربيةِ بجامعةِ الإمامِ محمّدِ بنِ سعودٍ الإسلاميةِ كتابَ ( دراساتٍ لأسلوبِ القرآنِ الكريمِ ) لمؤلِّفِه الشيخِ محمد عبد الخالق عضيمةَ ، لنيل الجائزةِ . 1403هـ : تعلنُ الأمانةُ العامةُ لجائزةِ الملكِ فيصلٍ العالميةِ فوز الشيخِ محمد عبدالخالق عضيمةَ بجائزةِ الملكِ فيصلٍ العالميةِ للدراساتِ الإسلاميةِ لعامِ 1403هـ . 1404هـ : ينتقلُ صاحبُ العملِ إلى رحمةِ ربَّه ، غفرَ اللهُ له، وأسكنَه فسيحَ الجنانِ . وقفة : ( وهكذا كتاب ومؤلف من عام 1366هـ إلى عام 1404هـ ) ولعلَّ اللهَ سبحانَه وتعالى أرادَ أن يكافئَ صاحبَ هذا العملِ في حياتِه بإتمامه أولاً ، وبإنجازِ طباعتِه ثانياً ، كما تمنى أن يراه مطبوعاً تاماًّ كاملاً ، ثم يمنُّ الله عليه بفوزِه بجائزةِ عالميَّةٍ ثالثاً ، في وقت لم يخطرْ ببالِه أنّه سيكمِلُ الكتابَ ، لكن نجز ذلك كله بفضل الله ، ولك أن تنظر حاله عام 1375هـ لما قال : إن كان في العمر بقية ، ثم لما عنَّ له أن يدعوَ بالدعاءِ السابقِ الذي جعلَه ختامَ كتابِه ، ثم ما أراد الله له أن يكونَ الختامُ منحه جائزةَ الملكِ فيصلٍ – رحمَه اللهُ تعالى – العالميةِ للدراساتِ الإسلاميةِ في حياته ، ثم ينتقل بعد هذا إلى رحمة الله في العام التالي لهذا مباشرة. سقتُ التواريخَ موثَّقةً لأبيِّنَ المراحلَ الزمنيّةَ لهذا العملِ ولصاحبِ العملِ ، ويغفرُ اللهَ سبحانَه وتعالى للجميعِ . أقسام الكتاب : قسَّمَ الشيخُ - رحمَه اللهُ تعالى – الكتابَ ثلاثةَ أقسامٍ؛ هي : القسمُ الأوّلُ : الحروفُ والأدواتُ ، ويقعُ في ثلاثةِ أجزاءٍ . الجزء الأول يقع في ستمائة وخمس عشرة صفحة. الجزء الثاني يقع في سبعمائة وتسع صفحات. الجزء الثالث يقع في ستمائة واثنتين وأربعين صفحة. القسمُ الثّاني : دراسةُ الجانبِ الصرفيِّ ، ويقعُ في أربعةِ أجزاءٍ . الجزء الأول يقع في سبعمائة وتسع صفحات. الجزء الثاني يقع في سبعمائة وسبع وثمانين صفحة. الجزء الثالث يقع في ستمائة وتسع وخمسين صفحة . الجزء الرابع يقع في ثمانمائة وثلاث وثلاثين صفحة. القسمُ الثالثُ : دراسةُ الجانبِ النحويِّ ، ويقعُ في أربعةِ أجزاءٍ . الجزء الأول يقع في سبعمائة وثمان وستين صفحة. الجزء الثاني يقع في ثمانمائة وأربع وأربعين صفحة. الجزء الثالث يقع في ستمائة واثنتين وثمانين صفحة. الجزء الرابع يقع في ستمائة وتسع وأربعين صفحة. 3- فهارس كتاب سيبويه : هذا العملُ الضخمُ يقعُ في إحدى عشرةَ وتسعِمائةِ صفحةٍ ، وهو أكبر عملٍ لفهرسة كتاب نحو ، وقالَ الشيخُ في باعثِه على العملِ : " ولمَّا أخرجْتُ المقتضبَ للمبرّدِ صنعْتُ له فهرساً مفصَّلاً ظفرَ بإعجابِ كثيرٍ من الباحثين ، وطلبَ مني كثيرٌ من الأصدقاءِ أن أصنعَ لكتابِ سيبويهِ فهرساً مفصَّلاً على غرارِ فهرسِ المقتضبِ ، ولمَّا أمكنتني الفرصةُ اهتبلتُها ، وشرعْتُ في تحقيقِ هذه الأمنيّةِ "( ) . طبعَ هذا العملُ في طبعتِه الأولى عام 1395هـ ، في مطبعةِ السعادةِ في القاهرةِ ، وبعدَ هذا أعطَى الشيخُ – رحمَه الله تعالى - حقوقَ الطبعِ على ما أذكرُ الأستاذَ عبدَالله العوهليَّ صاحبَ مكتبةِ دارِ العلومِ الذي اشترَى منه حقوقَ الطبعِ ، مع جملةِ الفهارسِ الآتي ذكرُها . 4- فهارسُ المخصّصِ والاقتضابِ وأدبِ الكاتبِ : هذه فهارسُ صنعَها الشيخُ لهذه الكتبِ ، على غرارا فهارس الكتاب وفهارس المقتضب ، جاءَت فهارسُ المخصَّصِ في مجلدين ، والاقتضابِ وأدبِ الكاتبِ كلِّ واحدٍ منهما في مجلَّدٍ واحدٍ ، وقد اشترى حقوقَ الطبعِ بالإضافة إلى فهارسِ كتابِ سيبويهِ الأستاذُ الفاضلُ / عبدُالله العوهلي صاحبُ مكتبةِ دارِ العلومِ( ) ، ودفعَ الحقوقَ الماليَّةَ كاملةً ، وكانَ المبلغُ كبيراً في ذلكَ الوقتِ، سلمه للشيخِ مقدَّماً ، وكانَ العوهليُّ – والحقُّ يقالُ- كريمَ النفسِ حسنَ التعاملِ رحبَ الصدرِ ، وليسَ هذا غريباً عليه ، كما أنَّ الشيخَ يستحقُّ هذا وأكثرَ ، فصحَّحَ الشيخُ التجربةَ الأولى ، وسلَّمها إلى المكتبةِ ، ولكنَّ المنيةَ عاجلته، ولم تزلِ الكتبُ حتّى الآنَ تحتاجُ من يقيلُ عثرتَها ، ويعينُ صاحبَ دارِ العلومِ على أن تخرجَ في أحسنِ حالٍ ، فهو حريصٌ كلَّ الحرصِ على إتقانِ الكتبِ التي تخرجُها الدارُ ، فللهِ درُّه من رجلٍ ما أطولَ صبرَه، وأكرمَ خلقَه . 5- فهارسُ مسائلِ النحوِ والصرفِ في معاني القرآنِ للفرّاءِ : نشرَ في العددِ الثالثَ عشرَ والرابعَ عشرَ من مجلةِ كليّةِ اللغةِ العربيةِ بالرياضِ ، وسيأتي ذكرُه هناك بإذنِ اللهِ تعالى . 6- اللبابُ من تصريفِ الأفعالِ: طبعَ عدَّةَ طبعاتٍ ، وخرجَتِ الطبعةُ الخامسةُ في شعبان سنةَ 1391هـ في مطبعةِ السعادةِ في مصرَ ، وهو كتابٌ متوسِّطٌ في تصريفِ الفعلِ . 7- المذكّرُ والمؤنّثُ لابنِ الأنباريِّ ؛ دراسةً وتحقيقاً . نشرتْه لجنةُ إحياءِ التراثِ في المجلسِ الأعلى للشؤونِ الإسلاميَّةِ في مصرَ ، وخرجَ منه الجزءُ الأوَّلُ عامَ 1401هـ ، ووقعَ من الشيخِ موقعاً سبَّبَ له ألماً ، ويمكنُني إرجاعُ ذلك إلى ثلاثةِ أمورٍ، هي : الأوَّلُ : أنَّ لجنةَ إحياءِ التراثِ تصرَّفَتْ في عملِ الشيخِ – رحمَه اللهُ تعالى – في ضوءِ المنهجِ الذي اختطّتْه لنفسِها ، فاجتزأَتْ بعضَ الحواشي المطوَّلةِ، واكتفَتِ بالإشارةِ إلى المراجعِ المختلفةِ للمسألةِ الواحدةِ . الثّانيةُ : أنَّ الكتابَ خرجَ وفيه استدراكاتٌ على الشيخِ وتعقُّباتٌ لم يرَها إلا بعدَ نشرِ العملِ ، واستغربَ وجودَها في عملِه ، انظر: الصفحات 5هـ1 ، 9هـ1 ، 10 هـ1 ، 11هـ1 ، وغيرَها من الصفحاتِ التي جاءَ في هوامشِها مثل هذا . الثّالِثةُ : أنَّ د. رمضانَ عبدَالتوّابِ استدركَ عليه بعضَ تخريجاتٍ للشواهدِ، وأضافَها في طبعةِ الشيخِ، ووضعَ بينَ قوسينَ ( رمضان ) إشارةً منه إلى أنها من عملِه ، انظر : ص65هـ5 ، وص87هـ2 مثلاً ، وهو لم يشاركِ الشيخَ في التحقيقِ ، ويرى الشيخُ أنّه ليسَ من حقِّ أحد أن يضيفَ إلى عملِه دونَ علمِه . كلُّ هذا سبَّبَ إزعاجاً للشيخِ ، ومعَ هذا لم يؤثِّرْ على علاقتِه بالدكتورِ رمضانِ عبدِالتوَّابِ ، فلمَّا زارَ د. رمضانُ عبدِالتوَّابِ الرياضَ، استقبلَه الشيخُ استقبالاً حَسَناً ، ولم يُبْدِ له تبرُّمَه ، ولكنَّه طَلَبَ منه أن يتابِعَ معَ المجلسِ الأعلى صدورَ الجزءِ الثَّاني . وتوفي الرجلانِ، ولم يظهرْ باقي الكتابِ حتى الآنَ . 8- المغني في تصريفِ الأفعالِ: هذا الكتابُ كما قالَ الشيخُ : " ثمرةُ دراسةٍ مستوعبةٍ نفضتُ لها ما وصلَ إليَّ من كتبِ النحوِ والصرفِ ؛ أرجو أن يكونَ فيها غناءٌ في دراسةِ تصريفِ الفعلِ " . وقد نشرَ هذا الكتابُ لأوَّلِ مرةٍ عامَ 1375هـ ، ثم نشرَ بعدَ ذلك عدةَ مراتٍ ، وقد خصَّصَه لتصريفِ الفعلِ ، واستوعبَ مسائلَه وختمَه بنماذجَ من أسئلتِه لطلابِ كليّةِ اللغةِ العربيةِ في الأزهرِ عام 1957م ، وعام 1958 م ، وعام 1959م. 9- المقتضبُ للمبرّدِ ، دراسةً وتحقيقاً : نشرتْه لجنةُ إحياءِ التراثِ الإسلاميِّ في المجلسِ الأعلى للشؤونِ الإسلاميّةِ في مصرَ . وأنجزَ الشيخُ تحقيقَ هذا العملِ الكبيرِ في ستةِ أشهرٍ فقط ، وأشارَ إلى هذا فقالَ : " فهرسْتُ كتابَ سيبويه فهرساً مفصَّلاً ، حوى مسائلَه مرتّبةً ترتيبَ أبوابِ النحوِ ، كما رتّبْتُ شواهدَه باعتبارِ القافيةِ( ) ، وقد أسعفني هذا الفهرسُ في تحقيقِ ( المقتضبِ ) إذ قد ألزَمْتُ نفسي بعقدِ الصلةِ بينَ كتابِ سيبويهِ والمقتضبِ ، وقد اشترطَتِ اللجنةُ( ) في تعاقدِي لإخراجِ المقتضبِ أن يتمَّ تسليمُ الكتابِ في مدَّةٍ لا تتجاوزُ ستةَ أشهرٍ "( ) . وقدْ أنجزَ ما وعدَ – رحمَه اللهُ تعالى - . يقعُ الكتابُ في أربعةِ أجزاءٍ كبارٍ ، ختمَه بفهارسَ رائعةٍ لمسائلِ النحوِ والصرفِ في الكتابِ ، سهَّلَتِ الوصولَ إلى مسائلِه وقضاياه بيسرٍ وسهولةٍ . وقد نشرَ د. أمينُ علي السيد الأستاذُ في قسمِ النحوِ والصرفِ في ذلكَ الوقتِ ، وعميدُ دارِ العلومِ بعدَ ذلكَ نقداً لعملِ الشيخِ نشرَه في مجلةِ الكليّةِ العددُ الحادي عشرَ الصفحات 241 – 250 ، مخالِفاً الشيخَ في ترتيبِ المقتضبِ ، وما ارتآه أنه إصلاحٌ له. لم يعقِّبِ الشيخُ على المقالةِ بشيءٍ ، ولم يغيرْ من منهجِه شيئاً فقد نشرَ المقتضبُ بعدَ المقالةِ ، بل في العامِ نفسَه نشرةً ثانيةً عام 1401هـ ، واستدركَ على نفسِه ما رأى إصلاحَه . 10- هادي الطريق إلى ذخائر التطبيق : أشارَ الشيخُ – رحمَه اللهُ تعالى – في مقالتِه التي عنوانُها: النحوُ بينَ التجديدِ والتقليدِ إلى محاولتِه في هذا الكتابِ تيسيرَ النحوِ وتحدَّثَ عنها حديثاً طويلاً ، أفاضَ فيه ، ومما قالَه: " إنَّ إيماني بهذه الفكرةِ( ) قديمٌ ،وقد سنحَتْ ليَ الفرصةُ منذ خمسةَ عشرَ عاماً( )، فأخرجْتُ كتاباً يحملُ هذه الفكرةَ، ويسيرُ على ضوئِها ، فكانَ بحقٍّ خطوةً على هذا الطريقِ . كانَ منهجي في هذا الكتابِ أن أعرضَ القواعدَ التي نحتاجُ إليها في استقامةِ ألسنتِنا ، وسلامةِ أقلامِنا في عبارةٍ موجزةٍ واضحةٍ ، أمَّا الحديثُ عن المسائلِ التي لا صلةَ لها باستقامةِ الأساليبِ فقد تجاوزتُه ولم أشرْ إليه . هذا الكتابُ غطّى نحواً من ثلثِ النحوِ ؛ من المبنيِّ والمعربِ إلى بابِ ظنَّ وأخواتِها ، تركتُ الحديثَ فيه عن وجوهِ شبهِ الاسمِ بالحرفِ حينَ البناءِ ، والحديثِ عن ( أل ) وأقسامِها ، ورافعِ المبتدأ والخبرِ ، هذا هو أهمُّ ما تركْتُ الحديثَ عنه. لم أعتمدْ على كتابٍ واحدٍ ، وإنَّما تحدَّثتُ عن كلِّ ما له صلةٌ باستقامةِ الأساليبِ ، لو كانَ هذا الحديثُ مذكوراً في غيرِ كتبِ النحوِ ، وأمثِّلُ لذلكَ : 1- فائدةٌ : يجوزُ في ( قليلٍ ) و ( كثيرِ ) جمعهما جمعَ مذكَّرٍ سالمٍ( ) ...." ( ) ثم استمرَّ الشيخُ - رحمَه اللهُ - يسردُ منهجَه، ويصفُ عملَه في الكتابِ ، وقد استغرقَ ما يقاربُ سبعَ عشرةَ صفحةً( ) من ذلك البحثِ . طبعَ هذا الكتابُ في مطبعةِ الاستقامةِ في القاهرةِ 1381هـ ، ويقعُ في مائةٍ واثنتينِ وسبعينَ صفحةً . المقالات : هذه جملةُ مقالاتٍ نشرَها الشيخ – رحمه الله تعالى - ، منها ما هو منشورٌ في مجلةِ كليةِ اللغةِ العربيةِ بالرياضِ من العددِ الثّالثِ ، وهي السنةُ التي قدمَ فيها إلى الرياضِ، ودرَّس في الكليّةِ، حتّى توفَّاه اللهُ، وكان العددُ الثالثَ عشرَ والرابعَ عشرَ – وهما في مجلَّدٍ واحدٍ - في المطبعةِ، وقد نشرَ الشيخُ في هذا العددِ الأخيرِ بحثينِ ، وللهِ الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ ، وهذه المقالاتُ هي : 1- الأحنف بن قيس( ) . 2- أسلوب الاستثناء في القرآن الكريم( ) . 3- تجربتي في تحقيق التراث( ) . 4- تجربتي مع كتاب سيبويه( ) . 5- أبو حيان وبحره المحيط( ) . 6- جموع التكسير في القرآن الكريم( ) . 7- دراسات لأسلوب القرآن الكريم( ) . 8- فهارس مسائل النحو والصرف في معاني القرآن للفراء( ) . 9- القلب المكاني في القرآن الكريم( ) . 10- لمحات عن دراسة السين وسوف في القرآن الكريم( ) . 11- لمحات عن دراسة العدد في القرآن الكريم( ) . 12- مع أساليب القرآن الكريم( ) . 13- النحو بين التجديد والتقليد( ) . 14- نظرات في أبنية القرآن الكريم( ) . وقد نشرَ مقالةً بعنوانِ : ( ردٌّ على مقالِ : لماذا احتقرَ النحويّون المرأةَ ؟ ) ، وهي ردٌّ على د. عدنان رشيد ، الذي كتبَ مقالةً في جريدةِ الجزيرةِ تحملُ هذا العنوانَ ، فما كانَ من الشيخِ إلا أن ردَّ عليه بهذه المقالةِ، وختمَها بقولِ الشَّاعرِ : ما لمنْ ينصِبُ الحبائلَ في الأرضِ ومرجَاه أن يصيدَ الهلالا( ) جهوده في الدراسات العليا: كان للشيخ – رحمه الله تعالى – جهودٌ كبيرةٌ في الدراسات العليا تمثلت في تدريسِه مقرر الصرف في السنة التمهيديةِ طيلة عقده بالإضافة إلى تدريسه مقرر الصرف في السنتين الثالثة والرابعة في كلية اللغة العربية ، وكان مثالاً للجدِّ والحزم ، لم يتأخر عن محاضرة ، ولم يتوان في إيضاح ما يتصدَّى لتدريسه بصورة رائعة . وكنت من طلابه في السنوات الثلاث ، بالإضافة إلى إسهامه الكبير معي في رسالتي للماجستير وعنوانها هشام بن معاوية الضرير حياته وآراؤه ومنهجه ، فقد كان – رحمه الله تعالى – يحرص على معرفة آراء الكوفيين ، ويردد مقولته: إن آراء الكوفيين لم تصلنا عن طريق الكوفيين ، ولو وصلت عن طريق الكوفيين لتغيرت نظرتنا نحوه . بالإضافة إلى التدريس كان – رحمه الله تعالى يسهم في الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه ، ومن هذه الرسائل في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الآتي: أولاً : الماجستير : أشرف على رسائل الماجستير الآتية: 1- آراء أبي عمرو بن العلاء النحوية واللغوية ؛ جمعها ودراستها؛ تقدم بها المعيد حسن بن محمد الحفظي ، وكان من المناقشين زميل د. عضيمة الدكتور أحمد حسن كحيل ، ونوقشت هذه الرسالة يوم 29/1/1402هـ 2- الزجاج ومذهبه في النحو ؛ أنجزها المعيد عبدالرحمن بن صالح السلوم ، ونوقشت بتاريخ 20/2/1402هـ . 3- تحقيق القسم الأول من كتاب سفر السعادة وسفير الإفادة لعلم الدين السخاوي ، وتقدم بها محمود سليمان عبيدات ( أردني الجنسية ) ، واشترك في مناقشتها د. أحمد كحيل ، ونوقشت يوم 5/5/1401هـ . 4- دراسة نحوية لكتاب إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب ، وتقدم بها يحيى بشير مصري ، ( سوري الجنسية ) ، واشترك في مناقشتها أيضاً د. أحمد كحيل ، ونوقشت يوم 1/1/1401هـ ، ومن طرائف الشيخ عضيمة في هذه المناقشة بعد أن أنهى المناقشان ملحوظاتها على الرسالة أشار إلى أنه من حق المشرف أن يناقش الطالب فيما اختلف فيه معه ، ولم يلتزم الطالب بتعديله ، وناقش الرسالة كأنه عضو مناقش ، وكانت مناقشة قوية مستفيضة ، أبان الشيخ عضيمة عن خلق العلماء والتجرد للعلم ، وهي أول مرة تحدث في الكلية ، وقد تكررت بعد ذلك في قسم آخر غير قسم النحو والصرف وفقه اللغة. 5- أثر اختلاف اللهجات العربية في النحو ؛ تقدم بها يحيى بن علي صالح ، وأشرف عليها الشيخ عضيمة بالاشتراك مع د. عبدالغفار حامد هلال ، ونوقشت مساء يوم 13/8/1402هـ . ثانياً : رسائل الدكتوراه : أشرف على عدد من رسائل الدكتوراه ، ومنها عدد من الرسائل أوشك أصحابها على النهاية ، لكن حالت منية الشيخ عن إتمام الإشراف عليها ، فأحيلت إلى مشرفين آخرين ، ومن الرسائل الدكتوراه الرسالة التي أنجزها د. عبدالله بن سالم الدوسري ، وعنوانها : ( سيبويه في لسان العرب ) ونوقشت يوم 16/6/1403هـ. علاقات الشيخ : كانَ الشيخُ – رحمَه اللهُ تعالى - له علاقاتٌ كثيرةٌ واسعةٌ حسنةٌ ، ويجيبُ عن جميعِ الرسائلِ التي تأتيه ، ولم يتوانَ في الردِّ على رسائلِه ، مهما كانَتْ ، ومن أيِّ جهةٍ جاءت ، كانت له مراسلاتٌ مع عددٍ غيرِ قليلٍ من أساتذة الجامعة في عدد من البلدان العربية. ومن أبرزِ الأشخاصِ الذين للشيخِ بهم علاقةُ تقديرٍ من غيرِ منسوبي الكليّةِ التي عملَ بها الأستاذُ الدكتورُ حسنُ شاذلي فرهود؛ الذي كانَ يزورُ الشيخَ في سكنه شمالَ جامعِ الرياضِ الكبيرِ ، وغيرُه كثيرٌ من السعوديّين على وجهٍ الخصوصِ، وكان الشيخ عضيمة يثني على علم د. حسن فرهود ، ويعجبُه عملُه في تحقيق التكملةِ كثيراً . أشرتُ عند حديثي عن المقتضبِ إلى أن د. أمين علي السيد كتبَ نقداً لعملِ الشيخِ في ترتيبِ المقتضبِ ، ونشرَه في مجلةِ كليةِ اللغةِ العربيةِ التي ينتميان إليها ، ولما قابلَ الشيخُ د. أمينَ السيد لم يظهرْ عليه أثرٌ لتلك المقالةِ ، أو أن يسودَ علاقتَهما فتورٌ ، بل بقيتِ العلاقةُ على ما كانت عليه . وأشرْتُ عندَ حديثي عن المذكّرِ والمؤنَّثِ إلى ما صنعَه د. رمضان عبدالتواب في عملِ الشيخِ ، بل إنّ الاختصاراتِ كانَ التوقُّعُ يشيرُ إلى أنّها من فعلِه – عفا الله عنه - ، وجاء د. رمضان أستاذاً زائراً لكليةِ اللغةِ العربيةِ ، وقابلَ الشيخَ في الكليةِ ، وألحَّ الشيخُ عليه بدعوتِه إلى منزلِه ، وفعلاً زارَه د. رمضان ، وكنْتُ حاضِراً تلك الزيارةَ ، وقد احتفَى به الشيخُ أيما حفاوةٍ ، وقدّرَه تقديراً رائعاً . وفي تلك الزيارةِ جرى حديثٌ بينهما عن تحقيقِ د. عبدِالسلامِ هارون لكتابِ سيبويهِ ، فذكرَ الشيخُ أنَّ له على العملِ ملحوظاتٍ كثيرةً ، فعرَضَ عليه د. رمضان أنْ يعيدَ تحقيقَ الكتابِ ، فاعتذرَ الشيخُ بأنَّه لا داعيَ له ما دامَ أنَّ الكتابَ خرجَ محقَّقاً ، فطلبَ منه أن ينقدَ تحقيقَ عبدالسلام هارون ، فأطرقَ الشيخُ قليلاً ثم قالَ : هارونُ أحسنَ في تحقيقِ كثيرٍ من كتبِ التراثِ ، ولم يوفَّقْ في تحقيقِ الكتابِ ، فنحن نغفرُ له هذه من أجلِ تلكَ . أما العلاقةُ التي كانتْ مبنيةً على إعجابٍ متبادلٍ بين الرجلين فهي علاقته بالأستاذ محمود محمد شاكر ، وقد قدّم الأستاذ محمود شاكر لكتاب الدراسات ، وكتبَ الشيخُ عضيمة مقالة رائعة بعنوان : ( الأستاذ محمود محمد شاكر : كيف عرفته ) ونشرت ضمن كتاب دراسات عربية وإسلامية مهداة إلى فهر بمناسبة بلوغه السبعين ص453- 455( ). وفاته : بقيَ الشيخُ في كليةِ اللغةِ العربيةِ بالرياضِ أكثرَ من عشرِ سنواتٍ ، جرتْ عادتُه - رحمه الله تعالى – طيلة السنوات الماضية أن يقضي إجازة نصف العام – وهي أسبوعان – الأسبوع الأول في مكة المكرمة ، ويسكنُ في أحدِ الفنادقِ القريبةِ من الحرمِ ، ثم يسافرُ إلى المدينةِ المنوّرةِ ليقضيَ فيها الأسبوعَ الثاني قريباً من المسجدِ النبويِّ . وفي عام 1404هـ وقبل بدء الامتحاناتِ قدَّم طلباً إلى عميدِ الكلية آنذاك الشيخ ناصر بن عبدالله الطريم ، وقالَ في الطلبِ : إنّه بقيَ في المملكةِ أكثرَ من عشرِ سنواتٍ، لم يسافرْ خلال إجازة نصف العام إلى مصر ، ويطلبُ الإذنَ له بالسفر ، ومثلُ الشيخِ لا يردُّ طلبه ، فوافقت الكليةُ ، وتمَّ الأمر ، وكانت إجازةُ نصفِ العامِ تبدأُ بنهايةِ دوامِ يومِ الأربعاءِ 8/4/1404هـ ، إلا أنّ الشيخَ رغبَ في تقديمِ سفرِه لظروفِ الحجزِ والطيران ، فسافرَ يومِ الثلاثاء 7/4/1404هـ تصحبُه زوجتُه. وبعد وصولِه القاهرةَ استقبله ابنه المعتز ، ووقعَ لهم حادثُ سيارةٍ ، ووصفت الباحثةُ التي كتبَت عن الشيخِ رسالتها قائلةً : " وحينَ وصلَ وزوجُه إلى مطارِ القاهرة كان في استقبالهما ابنهما محمد المعتز بالله ، وقد جلسَ الشيخُ في المقعد الأمامي في السيارةِ ، وبادرت الزوجةُ والابنُ بوضعِ الحقائب فيها حين أقبلَت سيارةٌ كبيرةٌ فاصطدمت بسيارتهم ، ولم تلحقْ بهم إصاباتٍ بيدَ أن الشيخ أصيبَ بالإغماءِ ، وفقدَ وعيُه ، فنقلَ إلى مستشفىً قريبٍ ، ولكنه ظلّ مغمىً عليه إلى إن انتقلَ إلى رحمةِ الله بعد نحوِ ثمان وأربعين ساعة في 9/4/1404هـ الموافق 12/1/1984م رحمه الله رحمة واسعة "( ) . هذا ما قالته الباحثةُ، وأثبتته في رسالتها ، والروايةُ التي سمعتُها وقت الحادثة والتي نقلت إلى الدكتور أحمد كحيل وهو الذي نقل الخبرَ ، وسمعتُه أيضاً من عددٍ من الزملاء المصريين ربما يختلفُ بعضَ الشيء ، فبعد وصولهما استقلا السيارة الخاصة ، وبعد خروجِهم من المطارِ بمسافةٍ ليست بعيدةً حانت التفاتةٌ من السائق ، فانحرفت السيارةُ عن الطريق ، واصطدمَت بعمودِ كهرباءَ ، وأصيبَ الشيخُ الذي كان يجلس في المقعد الأمامي بضربةٍ في الجبهةِ وأعلى الأنفِ، مما سبّبَ دخولَه في غيبوبةٍ طيلة يومي الثلاثاء والأربعاء ، وجاءه أولادُه وبناتُه ، وهو ما زالَ في غيبوبةٍ ، وأفاقَ بعدَ العشاءِ ، وسألَ عن ابنتيه هناء وآيات ، وطلبَ أن يراهما ، وبقيَ مستفيقاً مدةً ليست طويلةً وانتهت الزيارةُ ، فلما جاءَ الأبناء صباحَ اليوم التالي وهو يوم الخميس أفادَ المستشفى أنَّ الشيخ توفي في الليل ، يعني ليلة الخميس 9/4/1404هـ . رحمه اللهُ رحمةً واسعةً ، وغفرَ له ، وأسكنه فسيحَ جنته ، وألحقه بالصدّيقينَ والشهداءِ وحسنَ أولئك رفيقاً . بعض أقوال الشيخ : للشيخ – رحمه الله تعالى - أقوالٌ كثيرةٌ ، تجسِّدُ منهجَه في الحياةِ والبحثِ والتعاملِ معَ الآخرين ، وله نظرتُه الثاقبةُ ، وآراؤه الدقيقةُ ، أمّا في العلمِ فقد بناها على درسٍ وتمحيصٍ وتدقيقٍ ، أما في الحياة فقد أملاها ذكاؤه وبصرُه بالناس ، ولن أزيد على هذا ، وإنما اخترتُ نصوصاً من أقوالِه مسندةً إلى أعماله موثِّقاً جميع ما نقلتُ . قالَ - رحمه الله تعالى - : " إذا قرأَ النَّاسُ القرآنَ الكريمَ للتدبُّرِ والعبرةِ ونيلِ الثوابِ فلا يشغلُني في قراءةِ القرآنِ إلا الجانبُ النحويُّ ، تشغلُني دراسةُ هذا الجانبِ عن سائرِ الجوانبِ الأخرى. أهوى قراءةَ الشعر ، وأحرصُ على حفظِ الجيِّد منه ، ولكنَّ جيِّدَ الشعر الذي يصلح لأن يحلَّ محلَّ شواهدِ النحو له تقديرٌ خاصٌّ في نفسي . ورحمَ الله ثعلباً فقد قالَ: اشتغلَ أهلُ القرآنِ بالقرآنِ ففازوا ، واشتغل أهلُ الحديثِ بالحديثِ ففازوا ، واشتغلَ أهلُ الفقهِ بالفقهِ ففازوا ، واشتغلت أنا بزيدٍ وعمرٍو ، فيا ليت شعري ماذا تكونُ حالي في الآخرةِ"( ) . قال - رحمه الله تعالى- : " وفي رأيي أنَّه لا يجملُ بالمتخصِّصِ في مادَّتِه العاكفِ على دراستِها أن تكونَ طبعاتُ كتابِه صورةً واحدةً لا أثر فيها لتهذيبٍ أو قراءاتٍ جديدةٍ ، فإن القعودَ عن تجديدِ القراءةِ سمةٌ من سماتِ الهمودِ ، ولونٌ من ألوانِ الجمودِ "( ) . وقال – رحمه الله تعالى - : " وليس من غرضي في إخراج المقتضب أن أزهوَ به ، وأحطَّ من قدر سواه ، فإنِّي أكرمُ نفسي عن أن أكون كشخصٍ كلَّما ترجم لشاعرٍ جعله أشعرَ الشعراءِ "( ) . قال – رحمه الله تعالى - :" فحديثي اليوم إنما هو وحيٌ هذه التجربة ، وثمرة تلك الممارسة والمعاناة ، ولكلِّ إنسانٍ تجربته ، فإذا كان لغيري تجربةٌ أخرى ، أو رأيٌ آخر يخالف ما أذكرُه أو استفسارٌ فليكتب لي عن ذلك بعد الفراغ من المحاضرة ، وعلم الله أنَّي لا أضيقُ بالرأيِ المخالفِ ، وفي يقيني أنَّ المناقشةَ تنضجُ الرأيَ وتهذِّبَه "( ) . وقال – رحمه الله تعالى - : " لقد سجَّلت كثيراً مما فاتَ النحويين ، وليسَ من غرضي أن أتصيَّد أخطاءهم ، وأردَّ عليها ، ولسْتُ أزعم أنَّ القرآنَ قد تضمَّن جميعَ الأحكامِ النحويةِ ، فالقرآنُ لم ينزل ليكونَ كتابَ نحوٍ ، وإنَّما هو كتابُ تشريعٍ وهدايةٍ ، وإنَّما أقولُ : ما جاءَ في القرآن كانَ حجّةً قاطعةً ، وما لم يقعْ في القرآنِ نلتمسُه في كلامِ العربِ ، ونظيرُ هذا الأحكامُ الشرعيةُ ؛ إذا جاءَ الحكمُ في القرآن عُملَ به ، وإن لم يرد به نصٌّ في القرآنِ التمسناه في السنَّةِ وغيرها "( ) . أمثلة من اختياراته واستدراكاته وأقواله : لن أطيلَ الحديثَ عن تعقباتِ الشيخِ للسابقين ، واستدراكاتِه في النحوِ والصرفِ ، وإنّما سوف أكتفي ببعضِ الأمثلةِ ، ومنها على سبيلِ المثالِ : استدركَ على السهيليِّ استقباحَه تقدُّمَ معمولِ الفعلِ المقترن بالسينِ عليها ، ووافق المبردَ والرضيّ وأبا حيان ، ولم يشر هؤلاء الجلَّةُ إلى الدليل من السماع ، ووقف الشيخ على هذا التقديمِ في القرآنِ الكريمِ، وأورد شاهداً عليه( ) . اشترطَ الزمخشريُّ في خبر ( أنَّ ) الواقعةِ بعد ( لو ) أن يكونَ خبرها فعلاً ، واستدرك عليه الشيخ أن خبرها جاء اسماً جامداً ، واسماً مشتقّاً في القرآن الكريم . منع ابنُ الطراوةِ أن يقعَ المصدرُ المؤوَّلُ من ( أن ) والفعل مضافاً إليه ، واستدركَ عليه الشيخُ أنَّ المصدرَ المؤول من ( أن ) والفعل جاءَ مضافاً إليه في ثلاثةٍ وثلاثين موضعاً من القرآن . منع النحويُّونَ وقوعَ الاستثناءِ المفرَّغِ بعد الإيجابِ ، وعلَّلوا ذلك بأنّ وقوعَه بعد الإيجابِ يتضمّنُ المحالَ والكذبَ ، واستدركَ عليهم الشيخُ أنه جاء في القرآن ثماني عشرة آية وقع الاستثناءُ المفرَّغُ بعدَ الإثباتِ ، وفي بعضِها كان الإثباتُ مؤكّداً مما يبعد تأويلَه بالنفي( ). ويكفي من القلادةِ ما أحاطَ بالعنقِ . خاتمة : هذه السيرةُ المختصرةُ كتبتُها في مدةٍ قصيرةٍ من الزمنِ ، وهناك أمورٌ كثيرةٌ ، ونصوص مختلفة من كتابات متعدِّدة رغبت في تسجيلها لكن ربما يكون من العذرِ ضيق الوقت ، وأمور أخرى لم أسجِّلُها ، وهناكَ أحداثٌ مسجّلةٌ ، ووقائع مختلفة منها الخاصُّ، ومنها العام جرت في حياة الشيخ وعايشت فصولها ، تدخل في السيرة الذاتية ولم أسجلها هنا، ولعلَّ أهم توجيه تلقيته منه هو نصيحته لي شخصياًّ ألا أقبل عملاً إدارياًّ مهما كان حتى أنهي جميع المراحل التي تتطلب بحوثاً وأعمالاً علمية ، وأنها هي الأَوْلى من الأعمال الإدارية. وأخيراً لعلَّ فيما قدمت مكنةً لمن أرادَ أن يعرفَ سيرةَ علمٍ أفنى عمره ، وتمنى أن يكون في العمر بقيّةٌ ، فحقَّق اللهُ له ذلك ، وامتدت هذه البقية حتى أنهى الكتابَ الذي نصَّبَ نفسَه للعملِ فيه ، وأنهى طباعتَه ومراجعتَه ، وأسهمتْ جامعةُ الإمام محمد بن سعود الإسلامية في إعانتها له بتحملِ نفقاتِ الطباعةِ ، ثم يريدُ الله سبحانه وتعالى أن يتمَّ جميعُ ذلك في حياةِ الشيخِ ، وأن تسهمَ الجامعةُ مرةً أخرى في خدمةِ صاحبِ الكتابِ كما أسهمت في خدمةِ الكتابِ طباعةً ونشراً فرشّحَتِ المؤلفَ لنيل جائزةٍ عالميةٍ؛ وهي جائزة الملك فيصل –رحمه الله تعالى – فيفوز بها ، ليلقى ربّه بعد ذلك في العام التالي كما أسلفت ، والله كريم يمنُّ على عباده ، ويجزي المتقين ، فجزى الله شيخي أحسنَ الجزاءِ ، وغفرَ له ، وأكرمَ نزلَه ، ورفعَ مقامَه ، وجزى الله جامعةَ الإمام خيرَ الجزاءِ على جهودِها في خدمةِ العلمِ ، والعنايةِ بالعلماءِ . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . )) فلا تنسوا أخاكم أبا عبد الله بلال من دعائكم في ظاهر الغيب |
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 03:49 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي