تفريغ شرح التُحْفَةُ السَّنيَة بِشَرْحِ الْـمُقَدِّمَةِ الآجُرُّومِيَّةِ للأخ الفاضل أبي رواحة الموري حفظه الله تعالى
الدرس الأول بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه : أما بعد : أحييكم بتحية الإسلام الخالدة , السلام عليكم و رحمة الله وبركاته . في بداية هذه المقدمة أحمد الله جل وعلا الذي وفقنا لهذا المجلس المبارك مع إخواننا الأفاضل الذين يسمعون هذا الدرس أو من يسمعه فيما بعد , فهذا منة من الله و فضْل , فله الشكر و الثناء الحسَن. ألا و إنه يسعدني والله أن ألتقي إخواناً أتعاون معهم على البر والتقوى حتى نكون تحت مضَلة قوله تعالى: {و تعاونوا على البر و التقوى}، و إن من أعظم البر وأجَلِّه عند الله طلبَ العلم النافع , فإن هذه المجالس من المجالس التي نرجو أن تكون محطَّ أجر وثواب عند الله عز وجل و أن نجد بها الفوز و الظفر في يوم القيامة. أيها الإخوة الكرام ،لم يكن حديثي عن طلب العلم فلنا بكم لقاء حول هذا الموضوع بإذن الله ، ولكن سيكون حديثي كمقدمة لكتابنا الذي نحن بصدده وهو: التحفة السنية شرح المقدِّمة الآجرُّومية و أحببت قبل الشروع في مقدمة هذا الكتاب في هذه الليلة أن أتحدث عن النحو و أهميته و الحذر من اللَّحن في الكلام العربي و قبل هذا بعد شكر الله عز و جل لا أنسى أن أشكر إخواننا المنظِّمين لهذا اللقاء الذين أسأل الله جل وعلا أن يرزقنا و إياهم الإخلاص في القول و العمل , وأن يقبل منا وأن يأجرهم على ما قاموا به من جهود يجدون ثوابها بإذن الله في جنات عدن. و أما الموضوع الذي أريد أن أتحدث عنه كما تقدَّم فهي قطوف من كلام السلف و أبيات الشعراء كلها تدل على أهمية تعلم النحو والحذر من اللحن في الكلام العربي , و ذلك أن النحو هو أحد علوم العربية الاثني عشر كما سيأتي معنا إن شاء الله ذكر ذلك فيما بعد. فهو علم واحد من اثني عشر علماً، و يجب العناية به ونحمد الله جل وعلا أن عُقر دار شيخنا العلامة الإمام المجدد مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله دار الحديث بدماج تعتني بهذا الفن وهذا العلم اعتناء عظيما , حتى كنا نسمع شيخنا عليه رحمة الله و هو يحفِّز طلبة العلم على تعلُّم هذا الفن حتى للإخوة الأعاجم بل و يؤكِّد عليهم. عندما يأتي الطالب من بلاده إلى هناك فإنه يدعوه إلى أن يتعلم العربية أولا , لأنها هي المفتاح كما سيأتي معنا أيضا. و بتعلُّم العربية تقوى ملكتُك و يحسُن فهمُك و يعلو شأنُك وكما قال الإمام الشافعي : ويرق طبعك , فتجد في متعلِّمي العربية سهولةً و لطافةً , ولكن إذا تعلم مع علم العربية علم الحديث قويت حُجَّتُه كما يقول الشافعي رحمه الله , و الأمران مطلوبان. و من أقوال السلف في أهمية النحو أيها الإخوة الكرام , وأتمنى قبل البداية و قد نسيت أن كل أخ يحرص كل الحرص على أن يحضر بكلِّيته يعني لا يتخلَّف عقله و لا قلبه و لا أذنه و لا كراسته و لا قلمه و لا كتابه بل يكتب الفائدة إن وجِدت فائدة. العلم صيد و الكتابة قيده * * * قيِّد صيودك بالحبال الواثقة فمن الحماقة أن تصيد غزالة * * * وتتركها بين الخلائق طالقة و كما جاء في الأثر: ( قيِّدوا العلم بالكتابة) فيقيَّد العلم و لا يستغني الإخوة بما يسجل من هذه المواد الصوتية، نعم تفيدك فيما بعد لكن الآن احرص على الكتابة بيدك لأنها تكون سبباً في ارتسام الفائدة في رأسك أو في عقلك . فالكتابة لا بد منها مع الانتباه و الاستحضار و السؤال فيما بعد بقدر الحاجة . من أقوال السلف في أهمية النحو قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( تعلموا النحو كما تعلمون السنن و الفرائض ) انظروا إلى هذا الأثر من فاروق الأمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما يقرن في التعلم بين النحو و الفرائض و إنما يحمل الكلام على أهمية النحو و جلالة هذا الفن . و كتب رحمه الله أيضا إلى أبي موسى فكان من ضمن كتابه ( أما بعد فتفقهوا في السنة و تعلموا العربية ) و العربية إذا أفردت يقول أهل العلم المراد بها القواعد أو المراد بها النحو و اللغة المراد بها مفردات اللغة . و روي عنه رضي الله عنه أنه قال ( رحم الله امرءاً أصلح من لسانه ) يعني إذا رأى في لسانه لُكنة و عُجمة , فإنه يحرص على أن يصلح لسانه بتعلم النحو و بالقراءة الصحيحة و هذه الآثار تراها في بهجة المجالس لابن عبد البر و غيره . و قال أيوب – و هو ابن أبي تميمة السختياني –الإمام رحمه الله ( تعلموا النحو فإنه جمال للوضيع و تركُه هُجنة للشريف ) فقوله ( فإنه ) أي النحو ( جمال للوضيع ) للذي مثلا نزل به نسبه أو قلت به رتبته أو ضعف في الناس قدره , فإن النحو يكون سببا في علو شأنه أي في مصطلحات الناس و في مرئياتهم و ليس المراد في الأمور الشرعية فإن المرء يزكو عند الله بدينه , ولعل كلامهم و الله أعلم يُحمل على الصورة السائدة عند الناس أن الإنسان إذا لم يكن ذا جاه و شرف فإن النحو و تعلم النحو يرفع من منزلته , قال ( و تركه هجنة للشريف ) فالشريف وهو ذو الجاه العالي و النسب الرفيع إذا ترك النحو كان في حقه منقصة أكثر من غيره لأنه يشار إليه بالبنان , فإذا كان فقيراً من هذا الفن ضعفت منزلته و هذا الأثر رأيته في البيان و التبيين للجاحظ على ما عند الجاحظ من الاعتزاليات لكن هذا الأثر في كتابه البيان و التبيين . و قال شعبة – و هو ابن الحجاج– الإمام الحجة شيخ الإسلام شعبة الخير أبو بسطام رحمه الله قال ( تعلموا العربية فإنها تزيد في العقل ) و أثره هذا موجود في تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر . و معناه ( تعلموا العربية فإنها تزيد في العقل ) أي تتسع بمعرفة العربية المداركُ, تتسع المدارك بمعرفة العربية و النحو , وتفهُّم هذا الفن يؤدي إلى النظر الثاقب وبُعْد الإدراك . و قال محمد بن سلام الإمام ( ما أحدث الناسُ مروءةً أفضلَ من طلب النحو ) كما في بهجة المجالس لابن عبد البر . ( ما أحدث الناس مروءة أفضل من طلب النحو ), إذاً فطلب النحو من المروءة و مما يجمُل به الشخصُ و يعظُم و يرتفع . و جاء عن الشعبي أنه قال ( النحو في العلم كالملح في الطعام لا يستغنى عنه ) و أنتم تعلمون أن طعاما نقص منه ملحُه أو لم يكن فيه ملح فإنه يُرغَب عنه , فكذلك العلم إذا لم يكن من غير نحو فإنه تنزل مرتبته , وهذا الأثر في الجامع لأخلاق الراوي برقم 1080. ( النحو في العلم كالملح في الطعام لا يستغنى عنه ) فإن قال قائل البعض بمرضهم يستغنون عنه ! قلنا الحكم للعموم لا للمستثنيات و الحكم للأصحاء لا للمرضى. فالنحو إذن منزلته عالية و رفيعة و لا يستغنى عنه بل يجب أن يُطلب , لهذا فقد كان السلف رحمهم الله تعالى يحرصون كلَّ الحرص على تعلُّمه وتعلُّم أبنائهم هذا الفنَّ و كانوا يحذِّرون كلَّ الحذر من اللحن بل يضربون أبنائهم حين يلحنون, و سأسوق بعض الأمثلة في ذلك : مرَّ الشعبيُّ بناسٍ من الموالي يتذاكرون في النحو فقال مبكِّتاً لهم : ( لئن أصلحتموه إنكم لأول من أفسده ) و هذا الأثر في الكامل في اللغة وفي البيان و التبيين أيضا. ( لئن أصلحتموه ) يعني رآهم يعتنون بالنحو و يتدارسونه فيما بينهم هذا أمر حسن لكن هؤلاء معروفون أن أصولهم أعجمية أو أنهم كانوا من المولَّدين بين المسلمين فلهذا لا بد أن تدخل عليهم العجمة من أصولهم فقال لهم ( لئن أصلحتموه – أي الآن - إنكم لأول من أفسده ) يقصد أنه ما حصلت العجمة و ما حصل اللحن و فشا اللحن بين أبناء المسلمين أو بين العرب إلا بعد أن دخل من دخل ممن هو خارج العرب فتفشى اللحن. و جاء هذا الأثر أيضا بمعناه عن خالد بن صفوان كما في بهجة المجالس : أنه مر بقوم من الموالي يتكلمون في العربية فقال ( لئن تكلمتم فيها لأنتم أول من أفسدها ) . و قال شعبة ( إذا كان المحدث لا يعرف النحو فهو كالحمار يكون على رأسه مخلاة ليس فيها شعير ) و كلام شعبة هذا في شعب الإيمان للبيهقي و قد جاء عن غيره كما سيأتي , ويُحمل كلامه رحمه الله تعالى على التنفير من المتعلم أو للمتعلم الذي يتعلم علوم الشرع كالحديث و غيره و لا يتعلم النحو فكأن شعبة يراه ناقصاً ( إذا كان المحدث لا يعرف النحو فهو كالحمار يكون على رأسه مخلاة ليس فيها شعير ) إناء معلق به و هذا الإناء ليس به شعير أينتفع ذلك الحمار به ؟! الإجابة : لا , فكذلك من يطلب العلم و لا يطلب النحو فقد فاته خير كثير . و هذا الأثر أيضا جاء عند الخطيب عن حماد بن سلمة قال : ( مثل الذي يطلب الحديث ولا يطلب النحو مثل الحمار عليه مخلاة و لا شعير فيها ) . و في توضيح الأفكار للصنعاني رحمه الله تعالى ذكر هذا الأثر ثم قال : و نظمه من قال : مثَّلوا طالب الحديث و لا …… يحسن نحواً و لا له آلات كحمار قد عُلِّقت ليس فيها …… من شعير برأسه مخلاة فالمقصد من هذا أنه على طالب العلم أن يتعلم النحو حتى لا يكون كصاحب هذا المثل الذي ضربه الإمام شعبة و الإمام حماد بن سلمة رحمهما الله . و جاء عن عبد الملك بن مروان قال ( النحو في الرجل السوي كالجدري في الوجه ) السوي : الشريف فاللحن أو الخطأ عنده عند هذا الشريف رفيع القدر كالجدري في الوجه معناه أن هذا الوجه لم تبق محاسنه و لا جماله بل أصبح مبقعاً و أصبح في صورة مزرية فكذلك من يطلب العلم و لا يطلب معه النحو أو قبله النحو . و أثر عبد الملك : ( النحو في الرجل السري كالجدري في الوجه ) في الجامع لأخلاق الراوي و السامع . و قال عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى – وهو الإمام التابعي الثقة – قال ( اللحن في الكلام أقبح من آثار الجدري في الوجه ) كما في بهجة المجالس و تقدم معناه . و في الجامع أيضا لأخلاق الراوي جاءت عدة آثار عن جمع من الصحابة منهم علي بن أبي طالب و ابن عمر و ابن عباس رضي الله عنهم أجمعين أنهم كانوا يضربون أبناءهم على اللحن يعني على الخطأ في العربية . إيش اللحن ؟! الخطأ في العربية أن ترفع المنصوبَ و تنصب المرفوع فتجعل الفاعل منصوبا و المفعول به مرفوعا و هكذا كمثال , بل جاء أنهم كانوا يضربون أبناءهم على اللحن ما لا يضربونهم على الخطأ في غير اللحن أو في غير العربية . سبحان الله !! فإذاً على الإنسان أن يحرص على تعلم العربية حرصا عظيما و حقيقة الأمر والله لقد عشنا و لا يزال هناك من يعيش تلك العيشة الرضية في دار الحديث بدماج أياما جميلة ترى فيها الجميع يحاول أن يتحدث اللغة العربية الفصحى صغاراً و كباراً ذكوراً و إناثا و البيئة تعين على ذلك . سبحان الله و من الطرائف أن بعض الإخوة من تهامة ( يقال : تُهامة و تِهامة أيضا ) أنهم أتوا إلى دماج فكان هذا الأخ يعلم أبناءه العربية فحفَّظ ابنه وكان صغيرا أن يقول : " يا أبت " فكان يقول : " يا أبتِ " فكلما رأى منظراً في المسجد أو في خارج المسجد أو في المزرعة فيقول " يا أبت كذا و كذا " ففي يوم من الأيام مرَّ بأطفال آخرين يتضاربون فيما بينهم فقال هذا الطفل بلهجته التي أخذها من هناك قال " يا أبت ما لهم ذي لا ؟ " يعني أخذ الكلمة الأولى التي حفظها و بقيت البقايا و الرواسب التي كانت هناك في غير طلب العلم فيقول " ما لهم هؤلاء ؟ " فالمقصد من هذا أن للبيئة تأثيراً كبيراً على الشخص في تعلُّم الفصحى إذا كنت في مكان لا يعين فو الله إنك تتعب و لو كنت ممن كان يحسن التحدث بها. نحن أصبحنا الآن خاصة في أرض الغربة هنا في المملكة أو في جدة بالذات ترى العجائب من أناس تعاشرهم سواء كانوا من بعض الدول الخارجية أو كذا , ترى بعض العبارات سبحان الله، يعني ما يكاد يفهم عنك مثلاً الباكستاني أو الهندي أو كذا، ما يفهم عنك إلا (إنت روح إنت ييجي)، فأشياء فِعلاً تهدم رونق الفصحى و جمالها و حسنها. وياأيها الإخوة، إن اللحن الذي نتحدث عنه و الخطأ لم يسلم منه حتى بعض المتقدمين فقد كان يقع منهم , لكنهم قد كانوا يحرصون على تعلم لغتهم وأنهم لا يفرِّطون فيها أبداً و إلا فقد وقع حتى لبعض المحدثين بعض اللحن و من غير المحدثين , و سأسوق إن شاء الله جملة من الذين وقع لهم اللحن و الخطأ في حديثهم أو في تحديثهم. فمن ذلك ما جاء عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: سئل سؤالاً: ما تقول في رجل أخذ صخرة و ضرب بها رأس رجل فقتله أتقيده به ؟ - يعني هل يقتص منه ؟ - قال : ( لا ولو ضرب رأسه بأبا قبيس ) . يعني شيء لا يتوقع، أي شيء كبير عندما يقول بأبا قبيس، أبو قبيس جبل في مكة فالباء على حد قولهم : تجر السماوات و الأرض ثم لا تجر أبا قبيس. فقال بأبا قبيس , وهذا في البيان و التبيين. و في الأماني الشجرية لابن الشجَري ساق بإسناده إلى إبراهيم الحربي اللغوي قال: كان أبو حنيفة طلب النحو في أول أمره فذهب يَقيس فلم يُحسن فأراد أن يكون فيه أستاذا أي في النحو فقال قلب قلوب وكلب كلوب , فقيل له : كلب و كلاب. يعني معروف أن جمع كلب كلاب فهو يجمع على كلاب و على كُلُب و على أكْلُب أما أن يُجمع على كلوب فلا , فأراد أن يقيس فوقع في الخطأ فتركه وأقبل على الفقه. و في الجامع لأخلاق الراوي ساق بإسناده من طريق المازني قال: سمع أبو عمر بن العلاء أبا حنيفة يتكلم في الفقه ويلحن فأعجبه كلامه واستقبح لحنه ، أبو عمر هذا ابن العلاء اللغوي الشهير فقال: إنه لخطاب لو ساعده صواب ، يعني كلام أبي حنيفة في الفقه جميل لكن لو ساعده صواب يعني في النحو ثم قال لأبي حنيفة: ( إنك لأحوج إلى إصلاح لسانك من جميع الناس ) . وهنا أقول: إنه على العالم و على المحدث و على طالب العلم و القاضي والخطيب و غيرهم يعني الأمر في حقهم آكد من غيرهم في أن يتعلموا النحو و أن يحرصوا عليه. و فيه أي في الجامع لأخلاق الراوي قال عياش بن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبيه: قال: جاء الدراوردي يعني عبد العزيز بن محمد الدراوردي المعروف إلى أبي يعرض عليه الحديث فجعل يقرأ و يلحن ، لحناً منكراً ، فقال له أبي ويحك يا دراوردي أنت كنتَ بإقامة لسانك قبل هذا الشأن أحرى. يعني قبل أن تطلب الحديث، قوم لسانك . و فيه أيضا قال حاجب بن سليمان : سمعت وكيعا يقول: أتيت الأعمش و كنت أسمع الحديث و كنت ربما لحنت و وكيع معروف إمام فقال لي: يا أبا سفيان، تركتَ ما هو أَوْلَى بكَ من الحديث فقلتُ يا أبا محمد، وأي شيء أَوْلَى منَ الحديث؟ قال: النَّحو. فأَمْلَى عليَّ الأعمشُ النَّحوَ، ثُمَّ أملى عليَّ الحديث . فمن هذه الآثار تعرف أخي المبارك أنه لا بد للإنسان أن يتعلم النحو فإنه رفعة في الدنيا و الآخرة إن احتسب به الأجر والمثوبة في تفهُّم كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه و سلم، كيف و قد قال الأصمعي عبد الملك بن قريب اللغوي السني رحمه الله تعالى كما في ترجمته من تهذيب الكمال و سير أعلام النبلاء قال: ( إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قوله عليه الصلاة والسلام: ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) سبحان الله!!! انظر إلى هذا الكلام الجميل من الأصمعي رحمه الله: إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قوله عليه الصلاة و السلام: (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار). معناه أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن يلحن وأنت إذا كنت تلحن في حديثه أو في آية من كتاب الله أو تلحن في حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم فربما كان بلحنك فسادُ المعنى، فربما كان بهذا الخطأ في النحو فساد في المعنى، و من هنا تقع الكارثة كما يقال. إذن فعلم النحو يجب على طالب العلم أن يتعلمه وقد قال شيخ الإسلام بن تيمية في كتابه : اقتضاء الصراط المستقيم : (فإن نفس اللغة العربية من الدين) افهم هذا، (فإن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب , فإن فهم الكتاب و السنة فرض و لا يفهم إلا بفهم اللغة العربية و ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، منها ما هو واجب على الأعيان و منها ما هو واجب على الكفاية ) هذا في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم المجلد الأول 469 إذن معنى ذلك إذا كان شيخ الإسلام يرى أن تعلم النحو واجبا أو فرض عين لفهم الكتاب و السنة لأنه إذا كان لا يمكن أن تفهم الكتاب و السنة إلا بفهم اللغة العربية بفهم النحو فإذن وجب عليك تعلم العربية وتعلم النحو . و أسوق شيئا من الأبيات التي تحث على تعلم هذا الفن، قال إسحاق بن خلف البهراني كما في زهر الآداب و ثمر الألباب لأبي إسحاق القيرواني قال: النحو يصلح من لسان الألكن * * * و المرء تُكرمه إذا لم يلحنِ فإذا طلبت من العلوم أجلها * * * فأجلها منها مقيم الألسنِ إيش الذي يقيم لسانك؟! النحو , هل سيقيم لسانَك علمٌ آخر، النحو يصلح من لسان الألكن ، الألكن: صاحب العجمة، (و المرء تكرمه إذا لم يلحن) ألا ترون أن بعض أشياخنا إذا جئت تقرأ عليه الحديث و أنت لا تلحن، عظمت في عينه و علوت، أما إذا كان طالب العلم أو طالب الحديث يقرأ و يخطئ عدة أخطاء، بل و الله أعلم عن بعض أهل العلم أنك لو قرأت عليه و تعدد خطؤك في النحو أوقف قراءتك، تأديباً لك. و في بهجة المجالس و كذلك في زهر الآداب قال الشاعر: رأيتُ لسانَ المرء رائدَ عقله * * * و عنوانه فانظر بماذا تعنْوِن ولا تعْدُ إصلاحَ اللسان فإنه * * * يخـبِّر عما عنـده ويبيِّنُ ويعجبني زيُّ الفتى وجمالُه * * * فيسقط من عينيَّ ساعةَ يلحنُ متى يسقط من عينيك؟! ساعة يلحن، عندما يلحن سقط من عينك بسبب لحنه , وقال آخر: لو تعلم الطيرُ ما في النحو من شرَفٍ * * * حنَّتْ و أنَّتْ إلـيه بالمنـاقـير إن الكلام بـلا نحـوٍ يمـاثلُـه * * * نبْحُ الكلاب و أصـواتُ السنانير يا الله سلِّم، الإنسان الذي لا يحسن النحو يصبح كلامه في رتبة نباح الكلاب وأصوات السنانير , ويحمل كلام الشاعر هذا أو تحمل أبياته على التنفير لذلك الذي لا يتعلم النحو ، تحمل على هذا و السنانير: المراد بالسنور هو الهر، و جمعه سنانير. و في معجم الأُدباء لياقوت الحموي وكذلك في الجامع لأخلاق الراوي و السامع ، قال الشاعر: اقتبسِ النحوَ و نعمَ المقتبسْ * * * و النحوُ زينٌ و جمالُ الملتمسْ صاحبُه مكرَّم حيث جلسْ * * * من فاته فقد تعمَّى و انتكسْ كأنما فيه من العِيِّ خَرَسْ * * * شتانَ ما بين الحمار و الفرسْ هذه بعض الأبيات التي قدَّمتها التي تبين أهمية تعلم النحو , و اعلموا يا إخوة أن في تعلم النحو ملكةً ورفعة , وبتعلم النحو تدرك العلوم أيضا، علم النحو أنفع العلوم إذ به تُدرك العلومُ جميعها و من ثم قال السيوطي: (إن العلوم مفتقرةٌ إليه) انتبه إلى قول السيوطي: (إن العلوم مفتقرة إليه). الآن أضربُ لكم مثالا أو مثالين على افتقار العلوم الأخرى إلى النحو ، هناك من ربما يتبجَّح بمعرفته في الحساب و الرياضيات فإذا جئت تقول له : أنت يا أيها المدرس للرياضيات و أنت تدرس طلابك وأردت أن تبين لهم أن هنالك خطَّين إذا كانا متجهين في جهة واحدة هل تقول عنهما هذان خطان متوازيان أو تقول هذين خطين متوازيين؟؟ هل يحتاج أن يكون هذا الرياضيُّ أو المدرس للرياضيات عارفاً بالنحو و إلا لا يحتاج؟! يحتاج و إلا لوقع في الخطأ و غيره الكثير . الذي يدرس كذلك علم الأرض أو هيئة الأرض ما يسمى ب(الجغرافيا) و هي كلمة أعجمية فإذا ذكر المناخ و ما شابه ذلك فإنه يذكر الجبال فيحتاج أن يقول هل هذان جبلان مرتفعان أو محيطان بمكة أو يقول هذين جبلين محيطين. إذن يحتاج إلى تعلم النحو فالجميع يحتاجون إليه و آكد في حق من تقدم ذكرهم من أهل العلم، من المفسرين , المفسر لا بد أن يكون ضليعاً باللغة العربية , من صاحب القراءات و تعلم القراءات كذلك المؤلف الذي يكتب رسائل و يكتب الكتب و المؤلفات كذلك الخطيب ، و الله يقبُح و الله إن الخطأ النحوي في لسان الخطيب و لو كان مصقعاً فإنه يشين به و يستقبح منه ، عندما ترى رجلاً ربما عنده من حفظ السنة و العلم شيء عظيم و لكنه إذا تحدث فإنه يقضي على رونق و جمال تلك الخطبة، سبحان الله!!!! هذه من الأمور المشينة. و الحق يا إخوة أن هذا الخطأ أعني في النحو أصبح و الله أعلم لم يكن مخصوصاً به الذين ليسوا على دراية بالعلم لا، بل الأمر أعظم من ذلك هناك من هو منشغل بالعربية ويقع منه اللحن . ألا تسمع لبعض مقدِّمي الأخبار و هو يقول مثلاً: و لقاء القمة هذه السنة في أبو ظبي، هذا موجود. فإذن إذا كانت العربية تؤتى من أهلها أو المحسوبين عليها فكيف من غيرهم , فالله الله يا طالب العلم، يا طالب الحديث، يا طالب السنة بتعلم العلم و خاصة علم النحو، احرص على تعلمه و أخذه عن أهله فإن في ذلك سعة في الإدراك و عِظَماً في الفهم و توسُّعاً في المدارك، و أعطيكم مثالا أو أمثلة لأناس من الأعراب ما تعلموا و إنما بقوا على السليقة و على الطبيعة و على سجيتهم الأصيلة كما قال أبو الأسود الدؤلي قال: و لست بنحويٍّ يلوك لسانَه * * * و لكن سليقيٌّ أقول فأعرِبُ يعني أنا باق على السليقة ، بمعنى أني أكبر من النحو لأن النحو و قواعده جاءت بعد كما قيل لأبي العتاهية، قيل له يزعمون أنك تخطئ في العروض فقال ما علموا أني أكبر من العروض يعني أنا قبل الخليل بن أحمد وإنشائه لها سبحان الله!!! فالمقصد بارك الله فيكم أن بعض الأعراب سمعوا بعض المقرئين فنفروا من ذلك بفطرتهم بسجيتهم بطبيعتهم فقد جاء في تخريج الأحاديث و الآثار الواقعة في تفسير الكشاف لجمال الدين الزيلعي، جاءت قصة في أن أعرابيا قدم في زمن عمر فقال: من يقرئني القرآن فأقرأه رجل فلما بلغ سورة براءة قرأ: {إن الله بريء من المشركين و رسولِهِ} بالجر فقال الأعرابي: أوَ قد برئ اللهُ من رسوله؟؟!! ربما ما سمع هذه الآيات من قبل و لكن بفهمه في لغته وقف عند المعنى , لأن المعنى يقتضي براءة الله عز و جل من المشركين و من الرسول إذا كانت القراءة بكسر أو بجر }ورسوله}. فهذه القصة وصلت إلى أمير المؤمنين عمر فدعاه فقال له عمر فقال ليس هكذا يا أعرابي فقال فكيف إذن يا أمير المؤمنين قال: {إن الله بريء من المشركين و رسولُهُ} بضم اللام فقال الأعرابي إذا كان كذلك وأنا والله أبرأ مما برئ منه الله ورسوله. و حينها أمر عمر أن لا يُقرئ الناسَ إلا عالمٌ بالعربية. سبحان الله انظروا إلى هذه القصة، كسْر في كلمة ورسوله {إن الله بريء من المشركين و رسولِه} فلو كسرت اللام لأصبح رسول الله صلى الله عليه و سلم متبَرَّأً منه كتبرُّؤ الله من المشركين نعوذ بالله!! أرأيتم كسرة ماذا فعلت؟؟ فعندما يقول: {و رسولُه} أي أن الله بريء من المشركين و رسول الله أيضا بريءٌ من المشركين. و لهذا فقد جاء عن بعض الأعراب بفطرتهم أنهم لا يحبون الخطأ أو مخالفة الشرع ، أتى أعرابي إلى حلقة يتعلم فيها النحو فسمع الأستاذ يقول: ضربَ زيد عمراً فقال الأعرابي لفطرته : لم ضربه؟ فقال الأستاذ إنما هذا من ضرب المثل في النحو لتقريبه للطلاب فقال ذلك الأعرابي: لا حاجة لي في علم أولُه كذب ثم أنشد من حينه يقول وقد انصرف عنهم: لا إلى النحـو جئتكم * * * لا و لا فيـه أرغبُ خلِّ زيـداً و شأنـه * * * أينما شـاء يذهبُ و استمع قول عاشق * * * قد شجـاه التطربُ همُّـه اليومَ طَفلـةٌ * * * فهـو فيهـا يشببُ يعني أنه مشغول بشيء آخر, طبعا نحن لا نعوِّل على كلام الأعرابي لكن المقصد من هذا أن الأعراب كانوا ينكرون الخطأ الذي يخالف سجيتهم وطبيعتهم. و نحن لا ندعوكم لأن تفعلوا فِعْل الأعرابي فتقولون : لا إلى النحو جئتكم فما بُحَّ الصوت بهذه المقدمة إلا لتقولوا إلى النحو جئتكم , يعني جئتم إليه وحرصتم عليه . فلهذا فإني أدعو نفسي و إخواني من يسمعني في هذه الساعة أن يحرصوا على تعلم النحو , والله إن في تعلم النحو نجاة من بعض المقالات الشركية . * و هنا أسائلكم اللهَ معاشر الإخوة وفقكم الله هل يرضيكم أن تجدوا من يأمر الناس بالشِّرك بسبب خطئه النحوي حينما يقول لهم { و اتبِعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان } بكسر الباء في قوله { و اتبِعوا } هل الآية كذلك ؟ أم الآية { و اتبَعوا} فيمقام الإخبارواتبع فعل ماضي في مقام الإخبار و ليس { اتبعِوا } في مقام الأمر . فبارك الله فيكم على الإنسان أن يحرص على أن يتعلم النحو حتى لا يقع في مثل هذا, *أسائلكم بالله هل يُعقل أن بعض الناس لا يدرك بسبب الخطأ النحوي أنه يطلب من الله أن لا يدخل الجنة ؟! وهو لا يدري ؟! فيقول { قل أعوذ برب الناس } أي ألتجئ وأعتصم { برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس } ثم يقول متبرئا – انتبه - مستعيذا { من الجَنة و الناس } بفتح الجيم , فإذا قال بفتح الجيم فقد استعاذ بالله من أن يدخل الجنة – نعوذ بالله - , فتح الجيم والآية بالكسر { من الجِنة } و هي الجن ما استتر عن الأعين , و هذا إذا فتحها وقع في هذا الخطأ أو في هذا الأمر . إذن فنناشد أنفسنا و إخواننا إلى أن نحرص على طلب العلم و نجتهد فيه ونتعلم النحو فإن في ذلك حصانةً لنا في أن لا نقع في مسائلَ شركيةٍ فضلا عن غيرها, إي والله لقد وُجِد من بعض المدرسين الآن في عصرنا من يعرض عليه الطالب قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله و رسوله } فيقول يا أستاذ { آمنوا آمنوا } مكررة ما رأيك ؟ فيقول له الأستاذ : لا هذا خطأ , خطأ مطبعي اضربوا على الأولى , هذا في المقرر الدراسي, فضائح يا إخوة والله كم من شخص تجده متحرِّقاً للدعوة السلفية محباً لها لكنك إذا أتيت لبعض مسائل النحو حكَّ رأسه و قال : هذا أنا ما فتح الله علي في هذا , أنا انشغلت بأشياء أخرى, لا , انظر إلى الآثار التي قدمناها و غيرها كثير من التي تنصح بتعلم النحو أولا مع الحفظ طبعاً الأمران مع بعض حفظ السنة و الحرص على الحديث لكن على الإنسان أن يتعلم النحو حتى يكون له الرفعة في القول و في العمل . أعلمُ أني أطلت إنما هذه كانت مقدمة و إن أطلنا فيها , وإن استعجلت أيضا في الكلام فهذه كلها ليست إلا مقدمة في أهمية النحو , وإذا أتى وقت التدريس أعني في صلب الكتاب فبإذن الله يكون الأمر أخف من هذا و أقل بقدر الاستطاعة , ولا تغتروا بكثرة هذا الكلام فإن أهم شيء عندي في دراسة الكتاب إذا دخلنا في صلبه أنه بإذن الله عز وجل نحرص على فكِّ رموزه و على تحقيق نصوصه , فنقف مع كل كلمة نحاول أن نفهم ما أراد بها المؤلف أو الشارح , هذا أهم شيء عندي, فاحرص على هذا, الفوائد التي تقال - من الفوائد الجانبية التي تقال – هذه هي من أجل أن نخاطب جميع الطبقات الذي في بداية الأمر و الذي أرفع منه من أجل أن الجميع يستفيد, فالذي لا يعي عنا مثل هذه الفوائد أو بعض الفوائد التي تكون فيها شيء من الصعوبة مثلا فليكتبها عنده ليفهمها في يوم من الأيام , كما جاء عن أبي حاتم الرازي و غيره أنه قال : (للفوائد قمِّش و عن الرجال فتِّش ) الآن أنت في طور تقميش الفوائد و احرص على تحقيق القواعد و الوقوف مع النصوص التي ستمر بنا في الكتاب . و أما هذه فمقدمة لا تشغل بالك كثيرا بها إلا أني أحفِّزك إلى أن تتعلم هذا العلم المبارك وفقكم الله و بإذن الله عز و جل سيكون لنا بكم لقاء في الثلاثاء القادم في مقدمة الكتاب – هذه المقدمة لي أنا – أما مقدمة الكتاب أعني مقدمة الشارح – فستكون في لقاء آخر بإذن الله عز و جل . هذا و الله أعلم و هو أعز و أكرم وصلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله وسلم تسليما كثيرا . |
ماشاء الله..
بارك الله فيك يا اخانا عبد الله.. وبارك الله في من قام بتفريغ الدرس وكتب الله أجره.. وإننا بانتظار تفريغ بقية الدروس إن شاء الله , ليستفيد منها من لم يحضرها أو يستوعبها في حينه. |
جزاك الله خيرا |
جزاك الله خيرا ...
|
الدرس الثاني بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه : أما بعد : و قبل أن نبدأ في درسنا الثاني بتوفيق من الله جل و علا و فضل أنبِّه على أمرين : الأمر الأول : مرَّ بنا سؤال في الدرس السابق حول إعراب عبارة : ( مررت بجواري مسلمات ) وكنت قلت هناك : مضاف ومضاف إليه في كلمة ( جواري مسلمات ) وكان السؤال نوعا ما ليس واضحا والحق والصواب : أنه ليس مضافا ومضافا إليه وإنما صفة وموصوف الباء حرف جر وجواري كما تقدم من الكلام أنها على وزن مفاعل فهي ممنوعة من الصرف ( بجواري ) و ( مسلمات ) نعت, صفة لجواري المجرورة محلا, هذا ما أحببت أن أنبه عليه الأمر الثاني : سؤال قدِّم حول أبي الأسود الدؤلي هل كان شيعيا ؟ وقلت حينها : لا أعلم والأمر كذلك , ولكن نظرت في سير أعلام النبلاء في ترجمة أبي الأسود الدؤلي رحمه الله فجاءت رواية من طريق الواقدي والواقدي معروف عند أهل الحديث محمد بن عمر الواقدي كذاب , لكن عموما ذكر الذهبي في ترجمته – في ترجمة أبي الأسود الدؤلي – من سير أعلام النبلاء المجلد الرابع صفحة اثنتين وثمانين ( و قال الواقدي : أسلم في حياة النبي صلى الله عليه و سلم و قال غيره قاتل أبو الأسود يوم الجمل مع علي بن أبي طالب وكان من وجوه الشيعة ومن أكملهم عقلاً و رأيا ) إلى آخره . فهذه الرواية تدل على أنه -إن صحت -كان شيعيا , ولكن أحب أن أنبه على أمر : ليس كونه شيعيا معناه بمفهوم الشيعة الآن , لا نعوذ بالله إنما أبعد ما عندهم أن يقال إنهم يرون تقديم علي رضي الله عنه في الفضل مع احترام عثمان رضي الله عنه وإجلاله و ليس كشيعة اليوم الذين يجعلون عليا رضي الله عنه مرقاةً وسلَّماً إلى الطعن في الصحابة الآخرين بل طعنوا في أمين السماء جبريل وقالوا : ( خان الأمين كان ينبغي أن تنزل الرسالة على علي فنزلت على محمد ) صلى الله عليه و سلم نعوذ بالله من هذا الكلام السيء, هذا بالنسبة للتنبيه الذي أردت أن أذكره. و أبدأ مستعينا بالله عز وجل الحديث في هذه الرسالة المباركة و في هذا الكتاب المبارك و لكن أحب أن أذكر جملة فوائد تتعلق بهذا الفن أرى أنه ينبغي ذكرُها . الفائدة الأولى بارك الله فيكم : اللغة العربية تقدَّم معكم أنها تطلق على اثني عشر علما, تحوي اثني عشر علما و قد أشرنا إلى ذلك سابقا يجمعها قول الشاعر : نحوٌ و صرفٌ عروضٌ ثم قافيةٌ * * * و بعدها لغةٌ قرضٌ و إنشاءُ خط بيان معان مع محاضرة * * * و الاشتقاق لها الآداب أسماءُ فهذه هي الاثنا عشر علما التي تكون بمجموعها اللغة العربية ونحن لسنا في صدد شرحها الآن وبيان كل كلمة من هذه الكلمات و لكن الذي أريد أن تعلمه أن اللغة العربية تحوي اثني عشر علما : نحوٌ و صرفٌ عروضٌ ثم قافيةٌ * * * و بعدها لغةٌ قرضٌ و إنشاءُ خط بيان معان مع محاضرة * * * و الاشتقاق لها الآداب أسماءُ وهذا فيما أستحضره الآن أنه في القواعد الأساسية للسيد أحمد الهاشمي. و تقدم معنا أيضا أن العربية هي علم النحو إذا أفردت : إذا قيل العربية المراد بها علم النحو, و إذا قيل اللغة : فالمراد بها معاني مفردات اللغة . لكن الجديد عندكم أو عندنا اليوم هو : ما تعريف اللغة عموما ؟ وتعريف اللغة العربية خصوصا ؟ حاول أن تكتب معي هذا فهو من أهم ما سيأتينا الآن : تعريف اللغة عموما هي : ( الألفاظ التي يعبِّر بها كل قوم عن مقاصدهم ) و أما تعريف اللغة العربية فهي : ( الكلمات التي يعبِّر بها العرب عن أغراضهم , وقد وصلت إلينا عن طريق النقل وحفظها القرآن الكريم , والحديث الشريف , وما رواه الثقات من منثور العرب و منظومهم) إذًا فاللغة العربية (الكلمات التي يعبر بها العرب عن أغراضهم ) هذا أهم شيء ( و قد وصلت إلينا عن طريق النقل و قد حفظها القرآن و الحديث الشريف و ما رواه الثقات من منثور العرب و منظورهم ) المنثور : الكلام المرسل الذي ليس على قوافي و ليس على أوزان, أما المنظوم فهو النظم معروف. فإن قال قائل : هذه هي اللغة العربية , والنحو علم منها فيا ترى ما تعريف النحو ؟ أقول سيأتي ذكْر ذلك في المقدمات قريبا إن شاء الله . الفائدة الثانية التي أريد أن أتحدث عنها و هي : أنه ينبغي لكل شارع في فن من الفنون أن يتصوره و يعي فيه أمورا قبل الشروع فيه : إن مبادي كل فن عشرة * * * الحد و الموضوع ثم الثمرة و فضله و نسبة و الواضـع * * * والاسم الاستمداد حكم الشارع مسائل و البعض بالبعض اكتفى * * * و من درى الجميع حاز الشرف معنى هذا الكلام أنه ينبغي لك قبل أن تدخل في أي علم من العلوم أن تعرف حول ذلك العلم عشرة أمور : 1- أن تعرف حده يعني تعريفه 2- موضوعه حول أي شيء يتحدث ؟ 3- ثمرته أيضا ما هي ثمرته و فائدته ؟ 4- كذلك فضله يعني منزلته. 5- نسبته إلى أي شيء ينتسب هذا العلم ؟ 6- ومن الذي وضعه ؟ 7 - و ما اسمه ؟ 8 - من أين يستمد ؟ 9 - و حكم الشرع فيه ؟ هذه العشرة لا بد أن تتصورها جميعا حول ذلك الفن الذي تريد أن تتعلمه . أعيد الأبيات و هذه تعتبر فائدة عامة تحتاجها في المستقبل . يقول صبان : إن مبادي كل فن عشرة * * * الحد و الموضوع ثم الثمرة و فضله و نسبة و الواضـع * * * والاسم الاستمداد حكم الشارع مسائل و البعض بالبعض اكتفى * * * و من درى الجميع حاز الشرفا و جمعها الخضري في قوله : مبادئ أي علم كان حدُّ * * * و موضوع و غاية مستمدُّ مسائل نسبة و اسم و حكم * * * و فضل واضع عشر تُعدُّ فالعشرة هذه بإذن الله الشارع قد ذكر ستة منها و أحاول أن أضيف إليها الأربعة المتبقية, ولكن قبل أن نقرأ تلك المقدِّمات أحب أن أتحدث عن فائدة مهمة ألا و هي : ينبغي لنا أن نعلم جميعا أن وقوع كثير من أهل اللغة في الانحراف إنما كان ذلك من طريق اللغة سواء كان ذلك الانحراف عقديا أو خلُقيا , وإنما نذكر هذا ليعلم الجميع أنه على طالب العلم أن يجمع إلى تعلم اللغة والنحو تعلم الحديث والسنة حتى يكون على حصانة من أخطاء اللغويين وتأويلاتهم المخالفة للدين . لهذا يقول إبراهيم الحربي اللغوي المعروف رحمه الله تعالى ( أهل اللغة أهل البصرة وكلهم أصحاب أهواء إلا أربعة ) سبحان الله ! البصرة كانت دار علم و كانت دارا للغة و مأوى للنحاة و لكن من الذي نجا منهم في معتقده ووافق المعتقد الصحيح ؟ قلائل . قال : ( إلا أربعة : الأصمعي – و تقدم معكم عبد الملك بن قريب الأصمعي السني جاء في ترجمته أنه سني – و أبو عمر بن العلاء - اللغوي المعروف - و يونس بن حبيب و الخليل بن أحمد ) . و هذا الكلام لإبراهيم الحربي في مقدمة ( غريب الحديث ) و كذلك في ترجمة الأصمعي من تهذيب الكلام . فهذه هي البصرة و يرى إبراهيم الحربي أنه لم يصْفُ منها إلا أربعة من اللغويين فكيف بالمدن الأخرى و الأقطار الأخرى ؟ و لهذا فإن الناجين من الانحراف في الدين أو الخلق قليلون جدا في جانب أهل اللغة يمكن أن نذكر منهم أيضا النضر بن شميل المحدث اللغوي قيل في ترجمته ( محدث لغوي ) رحمه الله وكتب السنة مليئة بحديثه و كان لغويا, و بعده ابن قتيبة الدينوري وابن قتيبة له مجموعة من كتب اللغة و الأدب ورأيته وكان يترجم لبعض الشعراء إلا أنه ينص على بعض أخطائهم العقدية أو الخلقية الفسقية , أنا رأيته مثلاً في كتابه الشعر و الشعراء , رأيته هناك لما تحدَّث عن ترجمة امرئ القيس قال : وكان يتعَّهر أي يذكر في شعره العهر والفسق , هذا قليل من أهل اللغة من ينص على مثل هذه الأخطاء , وهكذا سيبويه صاحب الكتاب المشهور وهو اللغوي الإمام , وكذلك الزيلعي صاحب يتيمة الدهر , ولكنهم في خِضَم تلك الأعداد الغفيرة و الزَّخَم الهائل من اللغويين المنحرفين عن الجادة يعتبر هؤلاء فيهم قلةً جدا , فلو نظرت إلى جانب أهل اللغة ممن انحرف لرأيت أسماء لا تكاد أن تحصيها , من أمثال واصل بن عطاء الغزال و النظام و الجاحظ هؤلاء رؤوس المعتزلة , وسواء أصحاب التفسير مثل الزمخشري صاحب الكشاف و غيره و كذلك أصحاب اللغة الذين كتبوا في مفردات اللغة كذلك منهم من هو في انحراف و تردِّي . فإذًا لا بد أن تتعلم اللغة لا لتحشر نفسك في صفوف أهل الانحراف من اللغويين, لا, ولكن لتسلك منهج السابقين من أهل الحديث واللغة من الذين جمعوا بينهما مع ثبات على العقيدة الصحيحة واللغة الفصيحة , دون انحراف عقدي أو أخلاقي , أردت أن أنبه على هذا لأن من يقرأ في كتب اللغة يرى عجائب من أولئك الذين خالفوا الشريعة انقياداً وراء تلك العبارات اللغوية أو تلك القصص الأدبية إلى غير ذلك . و أودُّ قبل أن نبدأ القراءة أن أخا يقرأ كل مرة على أخ حتى إن أخطأ نقيم لسانه و إن أصاب شجعناه على ما هو عليه فأريد أخاً الآن يقرأ المقدمات هذه الست تعريف النحو و موضوعه و ثمرته و نسبته وواضعه وحكم الشارع فيه نعم . بِسْمِ الله الَّرحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله وكَفَي، وسلامه علي عباده الذين اصْطَفَي هذا شَرْح واضح العبارة، ظاهر الإشارَة ، يَانِعُ الثَّمَرَة، دَانِي القِطَاف، كثير الأسئلة والتمرينات، قصدت به الزُّلْفَى إلي الله تعالي بتيسير فهم (المقَدِّمَة الآجُرُّومِيَّةِ)علي صغار الطلبة ؛ لأنها الباب إلي تَفَهُّم العربية التي هي لُغَةُ سيدنا ومولانا رسول الله صلي الله عليه و علي آله وصَحْبه وسلم ولُغَةُ الكتاب العزيز. وأرجو أن أستحق به رضا اللهِ عز وجل ؛ فهو خير ما أَسْعَي إليه رَبَّنَا عليك توكلنا وإليك ، وإليك أَنَبْنَا ، وإليك المصير ، رَبَّنَا اغفر لي وَلوَالِدَيَّ وللمؤمنين والمؤمنات يومَ يَقُومُ الحساب الْمقَدَّمَاتُ تعريف النحو ، موضوعه، ثمرته ، نسبته ، واضعه ، حكم الشارع فيه التعريف : كلمة" نحو " تطلق في اللغة العربية علي عدَّة معان :منها الْجِهَةُ ، تقول ذَهَبْتُ نَحْوَ فلاَنٍ ، أي :جِهَتَهُ . ومنها الشّبْهُ والمِثْلُ ، تقول :مُحَمَّدٌ نَحْوُ عَلِيّ ، أي شِبْهُهُ وَمِثْلُهُ . وتطلق كلمة " نحو " في اصطلاح العلماء علي " العلم بالقواعد التي يُعْرَف بها أحكامُ أوَاخِرِ الكلمات العربية في حال تركيبها : من الإعراب ، والبناء وما يتْبع ذلك " . الموضوع : وموضوعُ علمِ النحوِ : الكلمات العربيةُ ، من جهة البحث عن أحوالها المذكورة. الثمرة : وثمرة تَعَلُّم علم النحو : صِيَانَةُ اللسان عن الخطأ في الكلام العَرَبِّي ، وَفَهْمُ القرّآنِ الكريم و الحديثِ النبويّ فَهْماً صحيحاً ، اللذَيْنِ هما أَصْلُ الشَّريعَةِ الإسلامية وعليهما مَدَارُها . نسبته : هو من العلوم العربية . واضعه : والمشهور أن أوَّل واضع لعلم النحو هو أبو الأسْوَدِ الدُّؤلِىُّ ، بأمر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه . حكم الشارع فيه : وتعلمُه فَرْضٌ من فروض الكفاية ، وربما تَعَيَّنَ تعَلُّمُهُ علي واحد فَصَار فَرْضَ عَيْنِ عليه . الشرح: كنت أود أن تقف عند القطعة الأولى, الحق أنه لا يستطيع الإنسان أن يعدِّل إذا سمع خطأ و هذا لا يساعد كثيرا للأسف ولكن لعلي أستحضر المواطن التي وقع فيها خطأ في القراءة حتى تكون صحيحة . عموما بارك الله فيكم يقول الشارح وهو محمد محي الدين عبد الحميد . محمد محي الدين عبد الحميد : وقد سئلنا عنه في المرة الماضية و قلت إنه سيأتي ذكره, محمد محي الدين عبد الحميد المصري فهو من مصر و كان مدرسا بمصر و كذلك درَّس بالسودان و كان من أعضاء المجمع اللغوي بالقاهرة ورئيس لجنة الفتوى بالأزهر , وله باع في علم النحو و الصرف, علَّق على كتب كثيرة و أغلب تعليقاته كانت في النحو و له بعض المؤلفات الأخرى . أما ولادته فكانت في ثمانية عشر و ثلاث مائة و ألف للهجرة و توفي عام ثلاثة وتسعين و ثلاث مائة و ألف, هذا كما في ترجمته في الأعلام للزركلي في المجلد السابع صفحة 92 . و قد ترجم له أيضا الدكتور محمد رجب البيومي في كتابه ( النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين ) ترجم لمحمد محي الدين عبد الحميد رحمه الله تعالى . وله أقوال طيبة منها أنه قال رحمه الله : ( لو مكِّنت كتب شيخ الإسلام رحمه الله تعالى من الأزهر لكان الأزهر غير الأزهر الذي عليه الآن – أو الذي نراه الآن - ) و صدق رحمه الله فعلا, لأن الأزهر – وقفة مع الأزهر و قد ذكر – أخرج علماء و علماء كبار أعني في اللغة أما في العقيدة فما بين معتزلي وأشعري إلا من رحم الله و نوادر في ذلك , لهذا فلو مكِّن الأزهر من كتب شيخ الإسلام بن تيمية و تغلغلتْ في صفوف الأزهر لتغيرت أحوالهم أعني في عقائدهم ولكن الله المستعان , بل ربما كتب شيخ الإسلام تحارب لأنها تهدم البدع و تهدم الاعتزال و الأشعرية فرحم الله شيخ الإسلام رحمة واسعة . و أما قول المؤلف أو الشارح ( الحمد لله و كفى وسلامه على عباده الذين اصطفى : هذا شرح واضح العبارة ظاهر الإشارة يانع الثمرة ) اليانع هو الناضج ( داني القطاف ) القريب التناول كما قال الله تعالى { قطوفها دانية } فالدنو هو القرب, وذكر بعض أهل العلم أن طالبا أتى إلى شيخه فجلس بعيداً في الحلقة فقال له شيخه ( أُدْنُه ) يعني اقترب فظن ذلك الطالب أن الرد عليه أن يقول ( أنا دني ) فقال له شيخه : لا, لا يقل أحدُكم : أنا دني , وليقل : أنا دان يعني قريب ( دان ) من دنا يدنو فهو دان اسم الفاعل أما دني فهو من الدناءة و هي الخسة, و بلا شك أن المتحدث أو ذلك الطالب لا يريد هذا , فهذا يدل على أهمية تعلم اللغة حتى تُحسن الإجابة عن نفسك . ثم قال هنا : ( كثير الأسئلة و التمرينات ) أي هذه الرسالة كثيرة الأسئلة و التمرينات للتوضيح و للبيان و تقريب المعنى ( قصدت به الزلفى إلى الله تعالى ) الواجب على كل مكلف وكاتب أن يكتب ما يرجو به النفع في الآخرة و ما يرجو به النجاة في يوم القيامة هذا هو الواجب و لا فوز لهم ولا ظفر إلا بذلك, ثم قال ( بتيسير فهم المقدمة الآجرومية على صغار الطلبة ) و انتبهوا إلى هذه العبارة ( على صغار الطلبة ) معناه أن هذا الأمر أو هذه الرسالة أو المقدمة الآجرومية أصلا وضعت لصغار الطلبة و مع هذا انظروا نحتاج أن نتفهمها و أن نتعلمها و ربما كان الفرق هو الفارق الزمني فقد كان أولئك أكثر نضجا و فهما و علما فكان أحدهم إذا سمع يفهم أكثر منا, قال ( لأنه الباب إلى تفهم العربية ) يعني الباب الذي تدلف منه و تلج منه إلى بحبوحة العربية وساحتها الرحبة ( التي هي لغة سيدنا و مولانا رسول الله صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم ولغة الكتاب العزيز ) و هذا هو موطن الشرف و العزة أن هذه اللغة قد حفظها كتاب الله و حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ( و أرجوا أن أستحق به رضا الله عز وجل ) وهذا هو المطمع (فهو خير ما أسعى إليه) و يجب أن يسعى إليه كل كاتب و كل معلم و كل طالب علم ثم قال ( ربنا عليك توكلنا و إليك أنبنا و إليك المصير ربنا اغفر لي ولوالدي و للمؤمنين و المؤمنات يوم يقوم الحساب ) آمين هذا بالنسبة لمقدمة الشارح . شرح المقدمات وقبل الولوج في شرح المقدمة الآجرومية ذكر مقدمات و هي التي أشرت إليها من قبل أنه لا بد أو ينبغي لطالب العلم أو لمن يتعلم علما ما أن يعرف عنه عشرة أمور ذكر الشارح هنا منها ستة : و هي تعريف النحو, موضوعه, ثمرته, نسبته, واضعه, حكم الشارع فيه . أريدك أن تحفظ هذا, والله لو هنالك نوع تواصل لما رضيت بهذه القراءة أو أن تجعلوا لي مسجلة, تسمعوني فقط, فما تعودنا هذا أبدا في طلب العلم بل لا بد من أخذ وعطاء لا بد أن تسمع من هذا الذي يأخذ عنك حتى تعلم, هل فهم عنك أم لا ؟ حتى لا تذهب الجهود و إن شاء الله أنها غير ذاهبة بإذنه سبحانه وتعالى , والأجر عنده لكن أقصد أن تكون المنفعة أكثر . قال ( التعريف ) و يعبر عنه اللغويون بالحد : إن مبادي كل فن عشرة * * * الحد و الموضوع ثم الثمرة فالحد هو التعريف, يا إخوة لا بد أن نعرف النحو لغة و اصطلاحا, إيش تعريف النحو عند أهل اللغة ؟ إيش تعريف النحو عند النحاة – و هو المراد به الاصطلاح - ؟ فتعريف النحو عند اللغويين أو عند أهل اللغة يطلق على معان عدة, منها : الجهة : تقول ذهبت نحو فلان أي جِهَتَهُ, ذهبت نحو المسجد أي جهة المسجد, ذهبت نحو المشرق أي جهة المشرق, إذًا فكلمة نحو هنا بمعنى إيش ؟ الجهة هذا معنى من المعاني . و قد تأتي كلمة النحو بمعنى : الشِبْه و المثل : محمد نحو علي أي شبهه و مثله, الآن لما أقول : ثوبي نحو ثوبك , أي مماثل له و مشابه له , مثلاً كلا الثوبين أبيض أوكلاهما قصير أو طويل إذًا هنالك شبه في ذلك. فإذًا النحو يطلق على عدة معان : منها الجهة تقدم ومنها الشبه و المثل تقول محمد نحو علي أي شبهه يعني مثله في شيء ما , لكن الذي ذكره الشارح هنا أن النحو يطلق على عدة معان عند اللغويين و ذكر معنيين فقط وهما الجهة و الشبه و المثل والمثل– الشبه والمثل بمعنى واحد – جيد, أنا الآن سأضيف إليكم معان أخرى لكن لا تضيع الذي يجب أن تحفظه وهو ما ذكر في الكتاب هنا من هذين المعنيين لكن أهل اللغة يقولون إن النحو يطلق في اللغة على معان عدها بعضهم سبعة, كم ذكر الشارح هنا ؟ اثنين, و اللغويين يذكرون أنها كم ؟ سبعة جمعها الداودي في قوله : للنحو سبع معان قد أتت لغة * * * جمعتها ضِمْن بيتٍ مفردٍ كَملاَ قصد ومثل و مقدار و ناحية * * * نوع و بعض وحرف فاحفظ المثلا و قول الداودي هذا في حاشية الخضري على ابن عقيل في المجلد الأول في الصفحة العاشرة . إذًا ذكر الشارح هنا أن النحو في اللغة يطلق على معان وذكر معنيين, و ها أنا ذا أذكر لك أنها سبعة معانٍ فيا ترى ما هي تلك السبعة ؟ " القصد والمثل و المقدار و الناحية و النوع و البعض و الحرف" : كل هذه من معاني النحو عند اللغويين لكن ما سأتوسع في شرحها آخذ مثالا واحدا و هو المقدار : فلو قلت لك عندي نحو عشرين مثقالا, إيش معناه هنا ؟ يعني مقدار عشرين مثقالا, إذًا فجاءت كلمة نحو هنا بمعنى مقدار . إذًا احفظ على أن النحو في اللغة له عدة معان عدها بعضهم سبعا, أنت مطالب بالاثنين فقط هما : الجهة والشبه والمثل, انتهينا من تعريف النحو عن اللغويين , و ننتقل إلى تعريف النحو عند النحاة و هذا ما يسمى بالاصطلاح . النحو عند النحويين أو في الاصطلاح هو ( العلم بالقواعد التي يعرف بها أحكام أواخر الكلمات العربية في حال تركيبها من الإعراب و البناء و ما يتبع ذلك ). يقولون : بالمثال يتضح المقال , وإذا نقص المعنى جبره المثال , أعطيكم قاعدة وعليها أطبِّق هذا التعريف : القاعدة المشهورة عند النحاة أن لكل فعل فاعلا ما هنالك فعل في الدنيا إلا و له فاعل - هذا في الأصل و إلا فهناك مستثنيات – فإذا قلت : ( ضرب محمد علياً ) ( ضرب محمد ) الفعل هو : ضرب ومحمد هو الفاعل هو الضارب, الآن نطبق القاعدة قال (العلم بالقواعد – انتبه - التي يعرف بها أحكام أواخر الكلمات العربية ) العلم بالقواعد الآن القاعدة لكل فعل فاعل أنت نحوياً ينبغي أن تعرف معنى هذه القاعدة وما تؤول إليه من حكم و تأثير, لكل فعل فاعل العلم بهذه القاعدة إذا علمت أن الفعل لا بد له من فاعل وأن هذا الفاعل يكون مرفوعا معناه أن هذه القاعدة قد أثرت في حكم آخر تلك الكلمة وهي كلمة ( محمد ) أثرت في آخرها فقلت ( جاء محمدٌ ) فكونك رفعت ( محمد ) لكونه فاعلا هذا يدل على معرفتك بالقاعدة وهذا هو ما يسمى بالنحو تطلق كلمة نحو في اصطلاح العلماء على العلم بالقواعد, العلم بالقواعد التي يعرف بها أحكام و أواخر الكلمات العربية, ما عرفنا حكم آخر كلمة محمد إلا بالقاعدة أنه لكل فعل فاعل و أن الفاعل يكون مرفوعا – يعني علامته الضمة مثلا - . قال ( أحكام أواخر الكلمات العربية في حال تركيبها ) يعني في حال تأليفها, (من الإعراب و البناء ) لأنه سيأتي معنا أن الكلام ينقسم إلى قسمين إلى معرب و مبني لا يخرج عن ذلك و ما يتبع هذا , المعرب : هو الذي يتأثر بالعامل بينما المبني لا يتأثر بدخول العوامل. المهم خلاصة ما مضى في التعريف : أن تعريف النحو لغة يطلق على معان ذكر الشارح معنيين. الثاني : أن تعريف النحو في الاصطلاح هو : العلم بالقواعد التي يعرف بها أحكام أواخر الكلمات العربية , و هذا يحفظ حفظا متقنا . فائدة على كلمة النسبة إلى نحو : النسبة إلى " نحو " أن تقول : نَحْوِيٌ و لا تقول نَحَوِيٌ لا تفتح الحاء بل نحْوي و من ذلك يزيد بن أبي سعيد النحْوي نسب إلى النحو ترجمته في تقريب التهذيب بخلاف شيبان النحْوي فإنه نسب إلى " نحْوَة " بطن من الأزد فنسب إليهم , هذا يختلف عن ذاك و إن كان في كلا النسبين النحْوي و هذا من باب الفائدة العارضة . نأتي الآن إلى الأمر الثاني و هو الموضوع : لو سألك سائل ما موضوع علم النحو ؟ علم النحو يتحدث عن ماذا ؟ موضوع علم النحو يصب اهتمامه على الكلمات العربية يعني النحو يتعامل مع الكلمات, الكلمة هذه لماذا جاءت مرفوعة ؟ لماذا جاءت منصوبة ؟ لماذا جاءت مجرورة ؟ لماذا جاءت معربة ؟ لماذا جاءت مبنية ؟ لماذا منعت من الصرف ؟ لماذا هي مصروفة ؟ إلى آخره . إذًا فلو سألك سائل : ما موضوع علم النحو ؟ تقول : الكلمات العربية, يعني ما هو الشيء الذي يهتم به علم النحو ؟ يهتم بالكلمات العربية . الأمر الثالث : الثمرة, و هذا مهم جدا لا بد أن نعرف أهمية أو ما هي الثمرة المجتناة من تعلم هذا العلم ؟ فثمرة تعلم علم النحو ( صيانة اللسان عن الخطأ في الكلام العربي ), صيانة يعني حفظ اللسان, صانه بمعنى حفظه ( صيانة اللسان عن الخطأ في الكلام العربي وفهم القرآن الكريم و الحديث النبوي فهما صحيحا ) هذه ثمرة عظيمة بلا شك, والله لولم يكن من تعلم النحو إلا أن تتفهم معاني القرآن و السنة لكفى بذلك علو مرتبة و عظيم منزلة . ثم قال أي عن القرآن و السنة ( اللذين هما أصل الشريعة الإسلامية و عليهما مدارها ) تدور على هذين الأصلين العظيمين . إذًا فما ثمرة تعلم علم النحو ؟ حفظ اللسان عن الخطأ في الكلام العربي . الرابع : نسبته , إلى أي شيء ينسب علم النحو ؟ هل تنسبه إلى علم الرياضيات ؟ لا, إلى علم اللغة العربية, إلى علوم اللغة العربية فهو كما تقدم هو واحد من اثني عشر علما من علوم اللغة العربية . الخامس : واضعه , هذا العلم لا بد له من واضع فواضعه ( المشهور أن أول واضع لعلم النحو هو أبو الأسود الدؤلي بأمر من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ) في بعض النسخ لعلكم تجدون مكتوب عنهما, غلط فالصحيح أن أبا طالب مات على الكفر فإن آخر كلمة تلفظ بها كما في الصحيح ( هو على ملة عبد المطلب ) خلافا لدحلان ومن في زمرته من الصوفية والشيعة و غيرهم الذين يرون نجاته وقد قال النبي صلى الله عليه و سلم قيل له : ما أغنيت عن عمك و كان يحوطك و يدافع عنك ؟ قال ( هو في ضحضاح من النار و له شراكان يغلي منهما دماغه و لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم . الشاهد : أن المشهور أن واضع علم النحو أو أن أول واضع لعلم النحو هو أبو الأسود الدؤلي و أبو الأسود مختلف في اسمه قيل عمر بن ظالم و قيل ظالم بن عمر و هو بصري ثقة فاضل مخضرم توفي سنة تسع و ستين أخرج له الجماعة و هو من أهل العراق رحمه الله تعالى . وله قصة في وضع علم النحو ذكرها الحافظ الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء و قد ذكر هذا أيضا في المثل السائر لابن الأثير في ابتداء النحو و ذلك أن ابنة أبي الأسود الدؤلي قالت له يوما ( يا أبت ما أشدُّ الحرِ. - و ضمت الدال و كسرت الراء فظنها أبو الأسود مستفهمة - فقال : شهر آب – أي أشد الحر في شهر آب – , قالت : يا أبت إنما أخبرتك! - يعني كأنها تتعجب ولم أسألك - ) فأتى أبو الأسود إلى أمير المؤمنين علي فقال ( يا أمير المؤمنين ذهبت لغة العرب - و أخبره بخبر ابنته – فقال رضي الله عنه ( هلُمَّ الصحيفة ) ثم أملى عليه رحمه الله أصول النحو , وقد ذكر الذهبي كما تقدم في السير في ترجمة أبي الأسود قال ( وقال المبرد حدثنا المازني قال السبب الذي وضعت له أبواب النحو أن بنت أبي الأسود قالت له : ما أشدُ الحرِ ؟ قال الحصباء بالرمضاء – أجابها على قدر سؤالها لأنه على شكل سؤال و ليس تعجب – قالت إنما تعجبت من شدته فقال أوقد لحن الناس ؟ ) فأخبر بذلك علياً رضي الله عنه فأعطاه أصولا بنى منها وعمل بعده عليها . و كذلك ذكر عن عمر بن شبة قال حدثنا حيان بن بشر حدثنا بن آدم عن أبي بكر عن عاصم قال جاء أبو الأسود إلى زياد فقال : أرى العرب قد خالطت العجم فتغيرت ألسنتُهم أفتأذن لي أن ضع للعرب كلاما يقيمون به كلامهم ؟ قال لا , … معناه أنه دخل اللحن بسبب دخول الأعاجم أو العجمة , والله المستعان . و على العموم فإن هذه القصة عن أبي الأسود الدؤلي ليس لها على الصحيح سند صحيح بل جاءت هذه القصة أيضا عن غيره فقد جاء أن الآمر غير علي رضي الله عنه الآمر عمر بن الخطاب و كذلك جاء أن الآمر زياد بن أبيه . فإذًا عندنا ثلاث روايات : رواية أن الآمر بهذا العلم هو عمر و رواية أخرى هو علي و رواية ثالثة هو زياد بن أبيه , وكل هذه الروايات ليس لها سند صحيح و لكن الأشهر و الأظهر و الأكثر تداولاً في كتب أهل العلم و أهل اللغة أن الآمر هو علي بن أبي طالب لأبي الأسود الدؤلي ويقال الديلي رحمه الله . فائدة :بالمناسبة عند كلمة "أبي الأسود" : يا إخوة موضوع اللحن تقدم و هو قبيح و لكن يستدل بعلمية الشخص و بمكانته في هذا الباب من خلال خطأه أو حسن لغته ونحوه , فالأسماء الخمسة و ستأتي معنا بإذن الله يراها كثير من طلبة العلم أمَّ المشاكل, لا يدري, الآن تقول جاء أبوك أو جاء أباك ؟ رأيت أباك أو رأيت أبوك ؟ فبعضهم مسكين في دوامة , وأنا صراحة أهتبل هذه الفرصة في البداية وأذكر قاعدة كما يقال بدائية تماما , ولكن بإذن الله أن من أخذها الآن بإذن الله سيساعدني في المستقبل عندما نأتي إلى الأسماء الخمسة أو الستة في حينها فأعطيك أخي الحبيب قاعدة انتبه معي : و هي لو أردت أن تنادي شخصا ما دام الأمر في مقام النداء قل : يا أبا فلان, يا أبا رواحة أو يا أبا علي أو يا أبا زيد إلى آخره, إذًا ما دمت تنادي احذر لا تقل : يا أبو و لا تقل يا أبي, أبدا قل يا أبا فلان, إذًا هذا الأمر الأول: ما دام نداء ما دام فيه ياء سواء مقدرة أو ظاهرة قل يا أبا فلان, انتبهتم معي ؟ هذا واحد اجعله في رأسك . الثاني : إذا كنت تسأل عنه أو تخبر عنه تقول هل هذا أبوك ؟ هذا أبوك, هذا أخوك, أهذا أخوك؟ كل هذا ترفع فيه كلمة "أبو" , كلمة "أبو" تكون مرفوعة, و تقول : أهذا أبوك ؟ تمام ؟ اجعل هذا في رأسك . الأمر الثالث : إذا سبق الأسماء الخمسة هذه – و منها كلمة أبوك – إذا سبقت بحرف جر - من إلى في عن على رب إلى آخره – فتقول : ذهبت إلى أبي زيد, لا تقول إلى أبو, و نظرت إلى أبي علي ما تقول إلى أبو أو إلى أبا بعضهم يكتب : و هذه المحاضرة لأبو فلان, غلط, ما دام أمام هذه الكلمة حرف من حروف الجر, على حد مقالة بعضهم : الباء تجر السماوات الأرض يعني تجر بالسماوات و الأرض ثم ما تجر هذه الكلمة ؟! – من باب التنزل لكلامهم فقط - . فإذًا هذه كمقدمة أريدها أن تبقى في رؤوسكم . أختم أن شيخنا الوادعي رحمه الله تعالى جاءه خبر عن متسول أو عن طالب قدم ورقة للإمام العلامة بن باز رحمه الله تعالى , مكتوب فيها من أبو عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي إلى الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز أو بهذا المعنى أن الطالب على كذا وكذا وأنه يحتاج إلى مساعدة إلخ فالشيخ ابن باز قال : أعد أعد فقال من أبو عبد الرحمن كذا, وقف, قال لا, لا بد في الأمر شيء, معروف الشيخ مقبل باهتمامه بالنحو وباللغة رحمه الله تعالى, فاتصل على الشيخ مقبل و قال له جاءت رسالة أو شفاعة تقول : من أبو عبد الرحمن فقال : أبدا أنا ما كتبت هذا لهذا الأخ و لا جلس إليَّ في هذا أبدا, فسبحان الله, كيف عرف ؟ من خلال خطأ في كلمة : (من أبو ) . انتبهوا, هكذا العلماء كانوا دقيقين وحريصين و منتبهين وعلى طالب العلم أن يسلك ذلك المسلك . آخر شيء السادس : حكم الشارع فيه, أي حكم تعلم النحو, تقدم معكم كلام شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى, و لكنه هنا قال ( تعلمه فرض من فروض الكفاية و ربما تعين تعلمه على واحد فصار فرض علين عليه ) و قد ذكرت لكم : من الذي يكون فرض عين عليه ؟ من أمثال القضاة والمفسرين وأصحاب القراءات و غيرهم هؤلاء يتعين عليهم أن يكونوا ضليعين بالنحو وباللغة . و أما كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى فإنه قوي جدا في أنه يجب على الجميع أو على طلبة العلم تعلم النحو يجب عليهم لفهم الكتاب و السنة و ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب أي إذا كان تعلم الكتاب و السنة أو فهم الكتاب و السنة لا يتأتى إلا بفهم النحو فيجب تعلم النحو . هذه هي الستة التي ذكرها الشارح : التعريف, الموضوع, الثمرة, النسبة, الواضع, وحكم الشارع . مع تحفظي على كلمة الشارع, فإن كلمة الشارع في حق الله عز وجل تحتاج إلى دليل إلا أن تكون في مقام الإخبار, أما أن يكون اسما فإن أسماء الله توقيفية , وعلى الإنسان أن يتحفظ في إثبات اسم أو صفة لله عز وجل إلا بدليل أو نص صريح صحيح في ذلك . بقي أربعة أشياء مما هي تتعلق بهذه المقدمات التي هي عشرة : فأما السابع :فهو معلله يعني أول من ذكر تعليلات النحو و ذكر مسائل و هو ابن إسحاق الخضرمي والثامن : وأول من ضبطه هو هارون بن موسى . والتاسع : وأول من ألف فيه هو عيسى بن عمر . والعاشر : وأول من وضع كتابه وهذَّب أبوابه هو سيبويه واسمه عمرو بن عثمان أبو قنبر بشر رحمه الله . وذكرت هذا سريعا فنكتفي وقد أطلنا عليكم و انتهى وقت الدرس و لكن أهم شيء مما تقدم أنك تحفظ هذه الست المقدمات في علم النحو : أن تعرف تعريف النحو لغة واصطلاحا وتعرف موضوعه وثمرته ونسبته وواضعه وحكم الشارع فيه , فهذا هو درسنا و هو الذي نؤكد عليه وفقنا الله و إياكم لما يحبه و يرضاه و صلى الله و سلم على نبينا محمد , وجزاكم الله خيرا . |
تفريغ الدرس الثالث بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى , وصلاة على النبي المصطفى, محمدٍ وعلى آله المستكملين الشَّرفا, الحائزين الغرفا , وسلم تسليما كثيرا , أما بعد : تحدثنا في درسٍ سابقٍ حول تلك المقدمات الست التي بدأ بها الشارح محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله وقد قلت لكم قبلُ أنه ينبغي قبل الشروع في أي علم من العلوم من من معرفة عشرة أمور حوله وقد ذكر الشارح ستة منها، وهي كما يلي : الأول : تعريفه والثاني : موضوعه والثالث : ثمرته والرابع : نسبته والخامس : واضعه والسادس : حكم الشارع فيه. * و ذكرنا لكم أن تعريف النحو في اللغة يطلق على معانٍ ذكر الشارح منها معنيين أحدهما الجهة تقول ذهبت نحو فلان أي جهته وثانيهما الشِّبْه والمثل فتقول : محمد نحو علي أي شبهه ومثله. * أما في الاصطلاح فهو العلم بالقواعد التي يُعرف بها أحكام أواخر الكلمات العربية في حال تركيبها من الإعراب و البناء و ما يتْبع ذلك , فهذا يحفظ . * موضوع علم النحو هو الكلمات العربية فهو يهتم بتدقيق كل كلمة ليعطيها حكمها الذي تقتضيه القاعدة. * وثمرة علم النحو هو حفظ اللسان عن الخطأ في الكلام العربي و إلى أي علم ينتسب هذا العلم؟ إلى علوم العربية لا إلى غيرها . * وأما واضعه فالمشهور أنه أبو أسود الدؤلي بأمر من أمير المؤمنين علي وقد ذكرنا خلافا في هذه المسألة في المرة السابقة ، إنما أردت في هذا الموطن الإجمال حتى لا ننسى ما سبق. * و الأمر السادس : حكم الشارع فيه وأنه فرض من فروض الكفاية و ربما تعين وفصْل الخطاب فيه ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في اقتضاء الصراط المستقيم حين قال: (فإن نفس اللغة العربية من الدين و معرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب و السنة فرض و لا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب) فمنها ما هو واجب على الأعيان و منها ما هو واجب على الكفاية . هذا تقريباً ما أردنا أن نذكِّر به و لكن خطر في بالي مسألة في ذكر المقدمات. فائدة عن أهمية المقدِّمات يا إخوة، قبل أن نشرع في شرح المقدمة الآجرومية لابن آجروم والشرح لمحمد محيي الدين عبد الحميد أضيف فائدة هنا : أن هذه المقدمة من ابن آجروم تعتبر مقدمة في النحو والمقدمات هي ذات الشأن الأعلى لأن أهم ما يشار إليه في كتابٍ ما إنما يكون ذلك في المقدمات , وقد اشتهر في كتب أهل العلم بعض المؤلفات التي كانت على شكل مقدِّمة فكانت محطَّ عناية العلماء بها. و من ذلك هذه المقدمة، مقدمة النحو لكن اعتنى بها أهل اللغة اعتناء عظيماً ما بين شارحٍ وناظمٍ ومعارضٍ ومتعقِّّبٍ ومتممٍ و مفيد إلى آخر ذلك. مقدمة ابن آجروم هذه في النحو , ومن تلك المقدمات مقدمة ابن الصلاح في علم المصطلح حتى أصبحت موطنَ عناية العلماء كما تقدم شرحاً ومعارضة وبيانا وتعقبا وتتميما إلى آخره، مقدمة ابن الصلاح في المصطلح، اعتنى بها العلماء أيما عناية وهكذا مقدمة الحافظ ابن حجر لفتح الباري التي سماها بهدي الساري فهي مقدمة نفيسة , وقبل هذا مقدمة الإمام مسلم لصحيحه فإنها من أنفس المقدمات رحمه الله تعالى بل فيها قوة وعلم غزير ولهذا اعتنى بها العلماء شرحاً وتعليقًا وبياناً وإيضاحا. و كذلك من المقدمات التي يذكرونها كتاب ابن قتيبة الدينوري الذي هو أدب الكاتب، يقولون: (إنما كان هذا الكتاب مقدمة في الأدب) فكان مقدمة ، سبحان الله!! فالمقصد بارك الله فيكم أن هناك من ألف في المقدمات فسارت بها الركبان ومن ذلك ذكرت الآن مقدمة ابن خلدون، تلك المقدمة النفيسة التاريخية، مشهورة جدا، مقدمة ابن خلدون و هي تسمى مقدمة، فإذا علمت هذا علمت أن مقدمة ابن آجروم مقدمة نافعة عظيمة يسلك فيها مسلكَ أهل العلم وأهل هذه الفنون، هذا الذي أردت أن أشير عليه قبل بداية درسنا الثالث , وجزاكم الله خيرا. بسم الله الرحمن الرحيم قال المصنف رحمه الله تعالى و هو أبو عبد الله بن محمد بن داوود الصنهاجي المعروف بابن آجروم و المولود في سنة 672 و المتوفى في سنة 723 من الهجرة النبوية رحمه الله تعالى. قال: الكَلاَمُ هُوَ اللَّفْظُ الْمُرَكَّبُ الْمُفِيدُ بِالْوَضْعِ . وأقول : لِلَفْظِ " الكلام " معنيَان : أحدهما لُغوي ، والثاني نحويّ أما الكلام الغوي فهو عبارة عَمَّا تَحْصُلُ بسببه فَائِدَةٌ ، سواءٌ أَكان لفظاً ، أم لم يكن كالخط والكتابة والإشارة [1] وأما الكلامُ النحويُّ ، فلابُدَّ من أن يجتمع فيه أربعةُ أمور : الأول أن يكون لفظاً ، والثاني أن يكون مركَّباً ، والثالث أن يكون مفيداً ، والرابع أن يكون موضوعاً بالوضع العربي . ومعني كونه لفظاً : أن يكون صَوْتاً مشتملاً علي بعض الحروف الهجائية التي تبتدئ بالألف وتنتهي بالياء ومثاله " أحمد " و " يكتب " و " سعيد " ؛ فإن كل واحدةٍ من هذه الكلمات الثلاث عند النطق بها تكون صَوْتاَ مشتملاً عَلَي أربعة أحْرُفٍ هجائية : فالإشارة مثلاً لا تسمَّي كلاماً عند النحويين ؛ لعدم كونها صوتاً مشتملاً على بعض الحروف ، وإن كانت تسمي عند اللغويين كلاماً ؛ لحصول الفائدة بها . ومعني كونه مركباً : أن يكون مؤلَّفاً من كلمتين أو أكْثَرَ ، نحو : " مُحَمَّدٌ مُسَافِرٌ " و" الْعِلْمُ نَافِعٌ " و " يَبْلُغُ الْمُجْتَهِدُ الْمَجْدَ " و " لِكلَّ مُجْتَهِدً نَصِيبٌ " و "الْعِلْمُ خَيْرُ مَا تَسْعَى إِلَيْهْ " فكل عبارة من هذه العبارات تسمي كلاماً ، وكل عبارة منها مؤلفةٌ من كلمتين أو أكْثَرَ ، فالكلمة الواحدة لا تسمَّي كلاماً عند النحاة إلا إذا انْضَمَّ إليها غيرُها : سواءٌ أَكان انضمام غيرها إليها حقيقةً كالأمثلة السابقة ، أم تقديراً ، كما إذا قال لك قائل : مَنْ أَخُوكَ؟ فتقول : مُحَمَّدٌ ، فهذه الكلمة تُعتَبَرُ كلاماً ، لأن التَّقدِير : مُحَمَّدٌ أَخِي : فهي في التقدير عبارة مؤلَّفة من ثلاث كلمات . ومعني كونه مفيداً : أن يَحْسُنَ سكوتُ المتَكلم عليه ، بحيث لا يبقي السَّامِعُ منتظراً لشيءٍ آخر ، فلو قلت " إِذَا حَضَرَ الأُستَاذ " لا يسمي ذلك كلاماً ، ولو أَنَّه لفظ مركب من ثلاث كلمات ؛ لأن المخاطب ينتظر ما تقوله بعد هذا مِمَّا يَتَرَتَّبُ علي حضور الأستاذ . فإذا قلت : " إذَا حَضَرَ الأُسْتَاذُ أَنْصَتَ التَّلاَمِيذُ " صار كلاماً لحصول الفائدة . ومعني كونه موضوعاً بالوضع العربيِّ : أن تكون الألفاظ المستعملة في الكلام من الألفاظ التي وَضَعَتْهَا العربُ للدَّلالة علي معني من المعاني : مثلاً " حَضَرَ " كلمة وضعها العربُ لمعنًي ، وهو حصول الحضور في الزمان الماضي ، وكلمة " محمد " قد وضعها العربُ لمعنًي ، وهو ذات الشخص المسمى بهذا الاسم ، فإذا قُلْتَ " حَضَرَ مُحَمَّدٌ " تكون قد استعملت كلمتين كُل منهما مما وَضعه العرب ، بخلاف ما إذا تكلمْتَ بكلام مما وضعه العَجَمُ : كالفرس ، والترك ، والبربر ، والفرنج ، فإنه لا يسمي في عُرف علماءِ العربية كلاماً ، وإن سمَّاهُ أهل اللغة الأخرى كلاماً. انتهى الشـرح : بسم الله الرحمن الرحيم قال المصنف وهو أبو عبد الله محمد بن محمد بن داوود الصنهاجي المعروف بابن آجروم, محمد بن محمد بن داوود الصنهاجي المعروف بابن آجروم , هذا الإمام اللغوي قد ترجمه السيوطي في كتابه ( بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة ) كما في المجلد الأول في صفحة 238 و ترجم له أيضا صاحب شذرات الذهب وغيره , وهو ينتسب إلى "صنهاجة" وهي قبيلة بالمغرب من مدينة فاس . و معنى آجروم هذه الكلمة كلمة بربرية ومعناها : الفقير الصوفي وترى هذا المعنى في الكواكب الدرية تقريباً في الصفحة 25 . وابن آجروم رحمه الله تعالى هو المولود في سنة 672 وتوفي في سنة 723 , فإذًا هو في زمن متقدم مقارب لعصر الأئمة في ذلك الوقت وقد أتى بهذه المقدمة التي تقدم الحديث عنها أنها مقدمة نفيسة غير أنه سلك فيها مذهب الكوفيين , واعلموا أن أهل النحو – أو أهل اللغة – لهم مذاهب وأعظمهم مذهبا هم البصريون و هم في الغالب كانوا موافقين في ما انتهجوه من المسائل كانوا موافقين فيه التنزيل , والكوفيون يختلفون معهم في مسائل و لكن كان لهم بالكوفة مذهب يشار إليه بالبنان – أردت بالمذهب المدارس النحوية كالمدرسة البصرية والمدرسة الكوفية وهكذا – . وقال هنا ( الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع ) فبدأ بالحديث عن الكلام, و الكلام في اللغة كل ما أفهَم المراد من أسلوب , أي أسلوب تفهم منه المراد فذلك كلام إلا أن الأصل في هذا عند العرب أنهم يُفهمون بما فيه صوت وعليه فيكون التعريف أن الكلام في اللغة هو الصوت المفهم لمرادٍ ما, صوت مفهم, هذا بالنسبة لكلمة الكلام . فإذًا الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع, و هذه لتعريف الكلام قيود أربعة : اللفظ هذا القيد الأول, المركب هذا القيد الثاني, المفيد هذا القيد الثالث, بالوضع هذا القيد الرابع . وهناك فائدة أن في اللغة أن المعرَّف إذا كان قليل القيود كان ذا اتساع , يعني إذا أردت أن تعرف كلمة ما أو موضوعا ما فإذا لم تقيده بقيود فهو واسع أما إذا كان هذا المعرَّف قد كثُرت قيوده فإنه يقِل تناوله , الآن الكلام قيَّده بأربعة قيود فبهذه الأربعة القيود يكون الكلام فإذا تخلَّف عن هذه الأربعة القيود ولو قيد واحد اتسع تعريف الكلام وقتها . المهم الكلام هو ( اللفظ المركب المفيد بالوضع ) و نريد في درسنا اليوم أن نتحدث عن كل كلمة من هذه الكلمات الأربع, إيش معناها ؟ قال : ( وأقول للفظ الكلام معنيان ) فقوله ( وأقول ) هذا محمد محيي الدين عبد الحميد الشارح وأما قوله الأول ( الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع ) فهذا هو ابن آجروم هذا الذي يحفظ و لا بد, أما قوله ( و أقول للفظ الكلام معنيان ) فهذا كلام الشارح ( أحدهما لغوي و الثاني نحوي أما الكلام اللُغوي ) بضم اللام كما تقدم معكم أنه من اللغة و اللغة بضم اللام ولا أقول اللَغوي فاللَغوي من اللغو و اللغو هو كثرة الكلام والخوض في الباطل و هذا قد نزه الله جل و علا عنه الجنة فقال { لا تسمع فيها لاغية } وقال { لا يسمعون فيها لغوا و لا تأثيما } فإذًا (و أقول للفظ الكلام معنيان أحدهما لغوي و الثاني نحوي ) . كلمة نحوي مصدر أريد به اسم المفعول أي المنحو و إنما خص به هذا العلم لغلبته عليه فقيل علم النحو و إلا فالمنحو يعني المقصود و كل علم يقصد, وقال ( أما الكلام اللُغوي فهو عبارة بما تحصل بسببه فائدة ) اللُغويون ليسوا متعنتين في القيود مثل النحويين حتى يستقيم لهم الأمر عند أهل اللغة الأمر فيه اتساع ما هو الكلام عند أهل اللغة ؟ ( عبارة بما تحصل بسببه فائدة ) ما حصل به فائدة عندهم فهو كلام سواء كان هذا الكلام لفظاً تلفَّظ به شخص ما أم لم يكن أي لم يكن لفظا و إنما كان خطا مثلا أو كتابة , كتب على السبورة عبارة , أو جملةً فاستفاد هذا القارئ منها فائدةً ما , فهذا يعتبر كلاما وهكذا الإشارة لو أن أحدا قال لك : هل ستأتي الليلة إلى الدرس ؟ فأجبت برأسك من فوق إلى أسفل أن نعم فإذا أشرت فقد أفدت, استفاد منك أنك تقول نعم يعني ستأتي فهذه الإشارة عند اللُغويين تعتبر ماذا ؟ تعتبر كلاما, و هناك من يضيف يقول كالخط و الكتابة و الإشارة و الحال المفهمة تدلك حال المخاطب معك على معنى تفهمه كما ذكر عنترة بن شداد في معلقته قال يخاطب خيله : (و شكا إليَّ بعبرةٍ و تحمحم ) فيستشهدون بهذا على الحالة المفهِمة وقد فهم من حاله أنه يتظلم عنده و يشكو إليه حاله و يتألم من وضعه (و شكا إلي بعبرةٍ و تحمحم ) . فالمقصد بارك الله فيكم أن الكلام عند اللُغويين ما يحصل بسببه فائدة تلفظ به أم لم يتلفظ هذا خلاصة الأمر . فإذ سئلت عن معنى الكلام في اللُغة فهو : ما تحصل بسببه فائدة أما عند أهل النحو فهو ما اجتمع فيه أربعة أمور تقدَّمت في كلام ابن آجروم : الأول : أن يكون لفظا, لا بد أن يكون لفظا يعني إشارة ما تدخل , الخط أجعل خطا على السبورة أو أكتب شيئا هذا لا يدخل, لا يكون كلاما عند النحويين أبدا . و سآتي لشرح كل واحدة, أما قوله أن يكون لفظا فهو أن يكون صوتا مشتملا على بعض حروف الهجائية التي تبتدئ بالألف وتنتهي بالياء, الآن عندما تقول : أحمد, الآن أحمد هذا هل هو لفظ الإجابة نعم طيب, كيف عرفنا أنه لفظ ؟ الإجابة أنه حال الحديث أو التلفظ بهذه الكلمة أحدثت صوتا, طيب و هذا الصوت مشتمل على بعض الحروف الهجائية, هذه الحروف التي تبتدئ بالألف و تنتهي بالياء استعملت بعض هذه الحروف في كلمة أحمد و هي : الألف و الحاء و الميم و الدال ليس معناه أن جميع الحروف تستعملها في كلمة , لا , لكن المقصد أنك تستعمل بعض هذه الحروف, إذا قلت يكتب طبعا أحمد عندنا اسم يختلف عن يكتب, يكتب هذا فعل لكن أحمد و يكتب كليهما كلام, فالآن كلمة يكتب, يكتب هذا يعتبر من الكلام لماذا ؟ لأنه لفظ طيب كيف عرفت أنه لفظ ؟ لأنه صوت اشتمل على بعض الحروف, ما هي الحروف التي اشتمل عليها الياء و الكاف و التاء و الباء مثلا و هكذا , فإن كل واحدة من هذه الكلمات يعني أحمد و يكتب و سعيد كل واحدة من هذه الكلمات الثلاث عند النطق بها تكون صوتا مشتملا على أربعة أحرف هجائية مثلا . ثم قال ( فالإشارة مثلا لا تسمى كلاما عند النحويين ) لماذا لا تكون الإشارة كلاما عند النحويين ؟ لأنها ليست صوتا وليست مشتملة على بعض الحروف أشرت برأسك لعدم كونها صوتا مشتملا على بعض الحروف و إن كانت تسمى عند اللُغويين كلاما, طيب لماذا صارت كلاما عند اللُغويين ؟ لأنها حصلت بها الفائدة يعني بهذه الإشارة, إذًا هذا معنى اللفظ, معنى كونه لفظا, قوله ( أن يكون صوتا مشتملا ) هذا في الاصطلاح و إلا فاللفظ في اللغة كلمة لفظ في اللغة معناها : الطرح و النبذ و الإخراج, تقول : لفظت النواة أي : طرحتها ولفظتها وأخرجتها من فمي, فإذًا اللفظ لغة الطرح و اصطلاحا أن يكون صوتا مشتملا على بعض الحروف الهجائية فانتهينا الآن من القيد الأول من قيود الكلام عند النحاة أن يكون لفظا, فعلمنا الآن ما معنى كونه لفظا ؟ ثم لا يكفي هذا, إلى الآن لا يسمى كلاما عند النحويين على الحقيقة لا بد من إضافة شرط آخر أو قيد آخر . الثاني : أن يكون مركبا قال ( و معنى كونه مركبا أن يكون مؤلفا من كلمتين أو أكثر ) طبعا ( التركيب ) المراد به التأليف و أن ينضمَّ شيء إلى آخر, أن يكون مؤلفا من كلمتين أو أكثر نحو : ( محمد مسافر ), الآن لو سألتكم : نحو محمد هذه إيش معناها ؟ وقد تقدم معنا أن كلمة نحو لها معان فهنا عندما أقول : أن يكون مؤلفا من كلمتين أو أكثر نحو : محمد مسافر, نحو : للنحـــو سبـع معان قد أتت لغة * * * جمعتها ضمن بيـت مفــرد كملا قصد ومثـل ومقــدار وناحيــة * * * نوع وبعض وحرف فاحفظ المثلا فالآن قوله : نحو محمد فمن أي تلك السبعة ؟ الإجابة أنها بمعنى المثل و الشبه, محمد نحو كذا أي مثله وشبهه فنحو هنا بمعنى مثل , وهكذا يمر بك في قراءتك لكتب الصحاح و لكتب أهل السنة تجد : و ذكر حديث فلان نحوه أو بنحوه يعني مشابهاً له و مماثلا له, نحو : ( محمد مسافر ) . و الأصل يا إخوة فائدة أن ما بعد كلمة نحو مضاف إليه تقول ( علي نحو محمد ) فما بعد كلمة "نحو" هنا جاءت مضافا إليه كما تقدم معنا فائدة لما سئلنا عن كلمة ( مع ) في أول درس قلت لكم إن ما بعد الظروف يكون مضافا إليه , هذا كله أنا أرمي به الآن تحتاجونه في الأمام فلا تنسوا هذه القواعد والله لو أن تجعل لك صفحة فقط تجعلها للقواعد التي أذكرها لك, طبعا القواعد هذه ليست على إطلاقها لكن أنا أذكرها من باب تقريب الفائدة ومن باب أن يسهل عليك الأمر , فالأصل أن ما بعد كلمة نحو يكون مضافاً إليه , فإذا كان مضافا إليه يعني مجروراً فلماذا جاء هنا محمدٌ ؟ فأقول : لأن كلمة نحو لم تدخل على "محمد" وحدها و إنما دخلت على الجملة , على جملة محمد مسافر , يعني جملة محمد مسافر هذه كلها في محل جر بالإضافة, افهموا هذا و إن كان سابقاً لأوانه . فالآن كلمة ( محمد مسافر ) هذه العبارة تكونت من كلمتين و تألفت من كلمتين وتركبت من كلمتين ( محمد مسافر ) . إذًا قد توفر الشرط الثاني إذا كان الشرط الأول أن يكون صوتا أو لفظا مشتملا على بعض الحروف فالشرط الثاني أن يكون مؤلفا, مركبا و هنا قد حصل التأليف و هو ( محمد مسافر ) هذا في الكلمتين ( و العلم نافع ) كذلك و في أكثر من كلمتين ( يبلغ المجتهد المجد ) هذه بدل ما كانت فعل و فاعل أو كانت مؤلفة من كلمتين صارت مؤلفة من ثلاث كلمات ( يبلغ ) فعل مضارع مرفوع و علامة رفعه الضمة ( المجتهد ) فاعل مرفوع و علامة رفعه الضمة ( المجد ) مفعول به منصوب و علامة نصبه الفتحة, و هكذا أو ( لكل مجتهد نصيب ) فهذه أكثر من كلمتين بل أكثر من ثلاث كلمات و ( العلم خير ما نسعى إليه ) كذلك فكل عبارة من هذه العبارات تسمى كلاما وكل عبارة منها مؤلفة من كلمتين أو أكثر. إذًا نخلُص إلى أن معنى قوله أن يكون مركَّبا أي مؤلفا من كلمتين أو أكثر، أن هذا الكلام النحوي لا بد أن يكون مركبا من كلمات، ما يأتي متناثراً , كل كلمة وحدها لا ينضم إليها شيء، لا أبدا، إنما لا بد أن ينضم إليها غيرها . و هذا الانضمام قد يكون حقيقيا وقد يكون تقديريا فالحقيقي مثل هذه الأمثلة التي قدمناها , وأما التقديري مثل أن يقول لك قائل: من أخوك؟ وعُرفت اللغة العربية بالاختصار فأنت بلا شك ما ستقول: أخي محمد، لا , ستقول : "محمد" فقط , فإذا قلت : "محمد" ما دام أن هنالك تقديرا ففي حقيقة الأمر أن استعمالك هذا يعتبر مركبا و ليست كلمة "محمد" كلمةً بمفردها لأنها عُرفت من السياق أنك أردت أن تقول : ( أخي محمد ) فهذه الكلمة تعتبر كلاما لأن التقدير ( محمد أخي ) فهي في التقدير عبارة مؤلفة من ثلاث كلمات , يستغرب المستغرب و له أن يستغرب , كيف ثلاث كلمات ؟ محمد وأخي ؟ كيف ثلاث كلمات ؟ محمد هذا واحد طيب وأخي هذا ثان, أول : لا, لا تستغرب لماذا ؟ لأنه بارك الله فيك سيأتي معنا أن أقسام الكلام ثلاثة اسم و فعل و حرف, عرفت كيف ؟ وأن قوله ( محمد أخي ) هذه العبارة مكونة من ثلاث كلمات وليست من كلمتين فقط ( محمد ) كلمة و( أخ )كلمة و ( الياء ) كلمة أخرى لأنها ضمير عرفت بارك الله فيك هذه ياء النسبة فإذًا هذه ثلاث كلمات, فهذا معنى كونه مركبا. إذًا هل إلى الآن وقد انتهينا من قيدين من قيود الكلام عند النحويين , هل يعتبر بهذا قد أصبح الكلام كلاما عند النحويين على الحقيقة ؟الإجابة إلى الآن : لا, لا يزال ناقصا حتى يكون مفيداً وحتى يكون مما وضعته العرب, افهموا هذا . فائدة جانبية في أقسام التركيب لكن قبل أن أدخل في معنى كونه مفيدا أريد أن أفيدكم إفادة جانبية بارك الله فيكم : أن التركيب في اللغة العربية ينقسم إلى أربعة أقسام – التركيب من حيث هو – الآن هذا تألف من كلمتين ( محمد مسافر ) التركيب ينقسم إلى أربعة أقسام هذه فائدة جانبية خذها على الطريق, أنواع التراكيب أربعة : الأول : التركيب المزجي يعني الممزوج و هو قسمان : إما أن يكون مزجيا أي مختوما بويه , أو أن لا يكون مختوما بكلمة ( ويه ) فالمختوم بـ( ويه ) مثل سيبويه نفطويه مسكويه خالويه عرفتم ؟ هذا يسمى تركيبا مزجيا مختوما بـ( ويه ) و قد لا يكون مختوما بذلك فتقول ( بعلبك ) هذا مركب أيضا لكنه ليس مختوما بـ( ويه ) هذا التركيب الأول, ما هو التركيب الأول ؟ هو التركيب المزجي و هو قسمان . التركيب الثاني : التركيب الإضافي مثل عبد الرحمن, ( عبد ) أضيفت إلى كلمة ( الرحمن ) عبد الرحمن, عبد الله , عبد الخالق , هذا يسمى تركيبا إضافيا . الثالث : تركيب العدد مثل أحد عشر و خمسة عشر و سبعة عشر هذه تراكيب عددية. والرابع : التركيب الإسنادي مثل شاب قرناها هذا وصف على امرأة ما يقال ؛ ( جاءتك شاب قرناها ) فكلمة شاب قرناها في الظاهر أنها كلمتان لكنْ ضمُّها إلى بعض هذا يسمى تركيبا إسناديا فهو لفظة واحدة مع بعض مثل كلمة "أحد عشر " فهمتم هذا تركيب يسمى إسنادياً ومثل قولك ( جاء تأبط شرا ) رجل كان مشهورا بالشر فوصفوه بأنه دائما متأبط بالشر يعني دائما يحمله فتقول جاء تأبط شرا، فكلمة ( تأبط شرا ) هذه كلها تسمى تركيبا إيش؟! إسناديا. فإن قال قائل: ما هو التركيب الذي بين أيدينا ؟، التركيب الذي بين أيدينا هنا عرفت و الله أعلم أنه الأخير، التركيب الإسنادي فإن مسافر و هو الخبر أسند إلى المبتدأ محمد و هكذا العلم نافع و هكذا يبلغ المجتهد المجد، المجتهد هذا الفاعل أسند إلى الفعل إلى آخره فهذا من الإسناد و الانضمام، أن ينضم بعض هذه الكلمات إلى بعض، إذاً معنى كونه مركبا انتهينا منه. الثالث : معنى كونه مفيدا أن يحسن سكوت المتكلم عليه بحيث لا يبقى السامع منتظر لشيء آخر ، الآن لو قال لك قائل: إذا حضر الأستاذ، و سكت ألا تبقى متعلقا منتظرا لشيء سيأتي بعد هذه العبارة، طيب إذا حضر الأستاذ إيش يحصل؟! تقوم الدنيا ولا تقعد ماذا يحصل؟! لا بد من إجابة ، أنت تنتظر شيئا لا بد منه، فقوله "إذا حضر الأستاذ " لا يسمى كلاما أبداً ، حتى و لو كان لفظا و لو كان مركبا من كلمتين أو ثلاث كلمات , إلى الآن لا يسمى كلاما لأن المخاطب ينتظر ما تقوله بعد ذلك فإذا قال: ( إذا حضر الأستاذ أنصت التلاميذ ) حينها عرفنا الإجابة وعرفنا انضمام هذه الكلمات إلى بعضها كيف أدى معنى مفيدا ، إذن فلا بد أن يكون الكلام مفيدا، أنت إذا قلت : ( إذا حضر الأستاذ أنصت التلاميذ ) أفدتني هذه الفائدة أن هؤلاء التلاميذ لا يزالون مزعجين مؤذين حتى يصل الأستاذ والمدرس فإذا وصل أنصتوا وسكتوا فأظن الأمر هذا واضح و الحمد لله، هذا معنى كونه مفيدا، لا تقل إن جاء زيد وتسكت، طيب إن جاء زيد ماذا يحصل؟! ما استفدت شيئا، فإذا قلت إن جاء زيد جاء بهديتي أو إن جاء زيد التقينا جميعا في بيت فلان، إذن حصلت فائدة بهذه الصورة وهذا هو القيد الثالث وإلى الآن لا يعتبر كلاما حتى ينضم رابع تلك القيود إليه و هو: الرابع أن يكون موضوعا بالوضع العربي، أن تكون الألفاظ المستعملة في الكلام من الألفاظ التي وضعتها العرب للدلالة على معنى من المعاني، فالعرب جعلوا كلمة "حضر زيد" بمعنى شهد بمعنى جاء وحضر أيضا شهد هذا الحدث بعينه , طيب لو جئت بهذه العبارة العربية الفصيحة كما هي و قلت : "حضر زيد " وأنت تقصد أنه ذهب زيد العكس، قصدت شيئا غير المستعمل عند العرب من حيث المعنى لا اللفظ، اللفظ ما تغير شيء، العرب قالت حضر زيد وأنت قلت حضر زيد لكن أنت قصدت بأنه حضر زيد بمعنى جاء أو شهد و إنما حضر زيد بمعنى ذهب وانصرف , فتكون بهذا بارك الله فيك قد استعملت هذه الكلمة في غير ما وضعتها العرب , وذلك أنه قد يحصل التركيب ويحسن السكوت عليه إلا أن هذا التركيب ليس على الوضع المعروف عند العرب الفصحاء الذين يُحتج بكلامهم , ولذلك فكلام ابن آجروم في قوله " بالوضع " : يفسر بأن التركيب الذي تركب منه الكلام لا بد أن تراعى فيه معاني الألفاظ فتستعمل تلك الألفاظ في معانيها المعروفة التي وضعت لها، فهل فهمتم الآن؟؟ فالآن إذا قلنا حضر بمعنى ذهب نكون قد استعملنا هذه الكلمة في غير ما وضعها العرب و هكذا إذا قلنا في محمد ف (محمد) علم على شخص على ذات يعني علم عليه يُعرف به، فلو استعملتها في شيء آخر في غير ما وُضعتْ له تكون بهذا قد استعملتها استعمالا خاطئا غيرَ صحيح , فإذن الوضع المراد به القصد، المراد به إيش؟ المعنى الذي قصدته العرب دون غيره , قصدت أن جاء بمعنى حضر أو شهد, إذًا معنى ذلك أنك لا تذهب فتأتي بمعنى آخر غير ما وضع له أو أن تأتي بكلمات غير عربية أصلا, من كلام العجم كالفرْس و الترك و البربر إلى آخر ذلك فهذا لا يسمى كلاما عند النحويين . إذًا فالكلام الذي تتوفر فيه هذه الشروط الأربعة و القيود الأربعة بأن يكون لفظا و أن يكون مركبا و أن يكون مفيدا و أن يكون موضوعا بالوضع العربي مثل أن أقول لك : ( يبلغ المجتهد المجد ) والتطبيق على ذلك من خلال أربعة أمور الأمر الأول : أن هذه العبارة هل هي لفظ ؟ الإجابة نعم , كيف عرفنا أنها لفظ ؟ أنها صوت اشتمل على بعض الحروف . الأمر الثاني : هل هي مؤلفة من كلمتين أو أكثر؟ الإجابة : نعم ( يبلغ ) و ( المجتهد ) و ( المجد ) ثلاث كلمات . الأمر الثالث : هل تفيدنا ؟ هل استفدنا منها عندما قلنا ( يبلغ المجتهد المجد )؟ الإجابة : نعم استفدنا أن المجتهد يبلغ المجد, هل استفدنا في قولنا ( لكل مجتهد نصيب ) أن هذا المجتهد يحصل له نصيب بحسب اجتهاده من خير أو شر ؟ الإجابة : نعم هذه فائدة. الأمر الرابع : أن يكون موضوعا بالوضع العربي, الآن ( لكل مجتهد نصيب ) هل كلمة مجتهد في مفهومها الصحيح مما وضعته العرب ؟ الإجابة : نعم و هكذا كلمة نصيب و هو الحظ. فائدة حول عبارة (لكل مجتهد نصيب) غير أني بعد هذه الأربعة أقف مع هذه العبارة ( لكل مجتهد نصيب ) وأقول : إن هذه العبارة هي العبارة الصحيحة فكل واحد له نصيب من اجتهاده , هذا النصيب يؤجر به أو يأثم و يمدح به أو يذم , لكن العبارة المترددة على الألسن وهي ( كل مجتهد مصيب ) هذه العبارة من العبارات المنتقدة التي لا يسوغ جريانها على الألسنة حتى قال الإسفرائيني ( القول بأن كل مجتهد مصيب أوله سفسطة و آخره زندقة ) كما في سير أعلام النبلاء المجلد السابع عشر صفحة 355 . المقصد بارك الله فيكم أن هذه العبارة تُجتنب ( كل مجتهد مصيب ) بل من أعظم المخلوقات اجتهادا ؟ إبليس , ولكن هل يقال مصيب في اجتهاده ؟ لا, بل تكفل بإغواء بني آدم بشتى الوسائل, بل يكاد أن يأتي من الجهات الست { لآتينهم من بين أيديهم و من خلفهم و عن أيمانهم و عن شمائلهم و لا تجد أكثرهم شاكرين } إلا أن الله عز و جل فوق ذلك فلا يستطيع أن يأتي من فوقهم عرفت كيف بارك الله فيك ؟ فالمقصد أن عبارة ( كل مجتهد مصيب ) عبارة خاطئة كما نبه على ذلك أهل العلم . طيب تقريبا أجملنا ما أردنا أن نتحدث عنه اليوم والحمد لله أن الكلام عند النحاة ما اجتمعت فيه أربعة أمور : أن يكون لفظا والثاني أن يكون مركبا و الثالث أن يكون مفيدا و الرابع أن يكون موضوعا بالوضع العربي يعني مما وضعته العرب لم يضعه غيرهم, يعني كما يقال أصحاب السفسطة من العصريين الآن و بعض الشعراء المتحذلقين إن صح التعبير يرونه من التفنن و التجديد في الشعر فيأتون إلى بعض الكلمات العربية أو إلى بعض الأبيات الشعرية التي استعملت فيها باللغة العربية و يضيفون إليها كلمات أجنبية أو انجليزية ما أدري شاعر سوداني أو كذا فيما أستحضر الآن أنه قال : ألا يا فاضـــل الأخلاق إني * * * رأيتك عاشقـا للأديوكيشن فـدم في المجد والأخـلاق بحـرا * * * كما قد كنت للآدابِ أوشن وقد كذب الذي يبغي افتخـارا * * * عليك صناعةً أو كالتفيشن تلـم بكـلِّ ألسنـة البرايـا * * * وتفهمهـا بـدون ترانسليشن انظر الآن أتى بهذه الكلمات في الأخير وهي انجليزية و هي في المعنى توافق هذه الأبيات ولكن هل هذه الألفاظ مما استعملها العرب ؟ الإجابة : لا , هذا أردت به المثال فقط , و إلا فإنه لا ينبغي ذكْر مثل هذه الكلمات التي يكون رواجها على ألسنة الفرَغ كما يقال . طيب نكتفي بهذا القدر وصلى الله و سلم على نبينا محمد وإن كان من تنبيه أو إشارة لشيء فاتنا فلا بأسوآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . |
بسم الله الرحمن الرحيم الدرس الرابع الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه . أما بعد : أيها الإخوة الكرام وقد وصلنا إلى الدرس الرابع ضمن دروسنا في هذه الرسالة الماتعة ( التحفة السنية شرح المقدمة الآجرومية ) وقد أخذنا فيما سبق الحديثَ عن معنى الكلام وأن له أركانا أربعة وهذا في اصطلاح النحاة أن له أركانا أربعة وهي : اللفظ المركب المفيد بالوضع . وتكلمنا عن هذا سابقا وبينَّا معنى اللفظ لغة واصطلاحا ومعنى كون الكلام مركبا ومعنى كونه مفيدا أو موضوعا بالوضع العربي بما يغني عن إعادته . واليوم سندخل في درس جديد وهو بعنوان ( أنواع الكلام ) فأقول مستعينا بالله: المتن : أنواع الكلام قال : وأَقْسَامُهُ ثَلاَثَةٌ : اسْمٌ ، وَفِعْلٌ ، وَحَرْفٌ جَاءَ لِمَعْنًى . وَأَقول : الألفاظُ التي كان الْعَرَبُ يَسْتَعْمِلُونَهَا في كلامِهِمْ ونُقِلَتْ إلينا عنهم ، فنحن نتكلم بها في مُحاوراتنا ودروسنا ، ونقرؤها في كُتُبِنا ، ونكتب بها إلي أهلينا وأصدقائنا ، لا يخلو واحد منها عن أن يكون واحدًا من ثلاثة أشياء : الاسم ، والفعل ، والحرف . أما الاسمُ في اللغة فهو : ما دلَّ علي مُسَمَّى ، وفي اصطلاح النحويين : كلمةٌ دَلَّتْ عَلَي معنًى في نفسها ، ولم تقترن بزمان ، نحو : محمدٍ ، عليّ ، ورَجُلٍ ، وَجَملٍ ،ونَهْرٍ ، وتُفَّاحَة ، ولَيْمُونَة ، وَعَصًا ، فكل واحد من هذه الألفاظ يدل علي معنى ، وليس الزمان داخلاً في معناه ، فيكون اسماً . وأما ، الفعل فهو في اللغة : الْحَدَثُ ، وفي اصطلاح النحويين : كلمة دلَّتْ علي معنى في نفسها ، واقترنت بأحد الأزمنة الثلاثة ـ التي هي الماضي ، والحال ، والمستقبل ـ نحو " كَتَبَ " فإنه كلمةٌ دالةٌ على معنى وهو الكتابة ، وهذا المعنى مقترن بالزمان الماضي ، ونحو " يَكْتُبُ " فإنه دال علي معنى ـ وهو الكتابة أيضاً ـ وهذا المعنى مقترن بالزمان الحاضر ، ونحو " اكْتُبْ " فإنه كلمة دالة علي معنى ـ وهو الكتابة أيضاً ـ وهذا المعنى مقترن بالزمان المستقبل الذي بعد زمان التكلم . ومثل هذه الألفاظ نَصَرَ وَيَنْصُرُ وَانْصُرْ ،وَفَهِمَ وَيَفْهَمُ وَافْهَمْ ، وَعَلِمَ وَيَعْلَمُ وَاعْلَمْ ،وَجَلَسَ وَيْجِلسُ وَاجْلِسْ ،وَضَرَبَ وََيَضِْربُ وَاضْرِبْ . والفعل علي ثلاثة أنواع : ماضٍ و مُضَارِعٌ وأَمْرٌ : فالماضي ما دَلّ علي حَدَثٍ وَقَعَ في الزَّمَانِ الذي قبل زمان التكلُّم ، نحو كَتَبَ ، وَفَهِمَ ، وَخَرَجَ ، وَسَمِعَ ، وَأَبْصَرَ ، وَتَكَلَّمَ ، وَاسْتَغْفَرَ ، وَاشْتَرَكَ . والمضارع : مَا دَلَّ عَلَي حدثٍ يقع في زمان التكلُّم أو بعده ، نحو يَكْتُبُ ، وَيَفْهَمُ ، وَيَخْرُجُ ،وَيَسْمَعُ ، وَيَنْصُرُ ، وَيَتَكلمُ ، وَيَسٍتَغْفِرُ ، وَيَشْتَرِكُ . وَالأمرُ : ما دَلَّ علي حَدَثٍ يُطْلَبُ حُصوله بعد زمان التكلُّم ، نحو اكْتُبْ ، وَافْهَمْ ، واخْرُجْ ، واسْمَعْ ، وَانْصُرْ ، وَتَكَلَّمْ ، وَاسْتَغْفِرْ ، وَاشْتَرِكْ . وأما الحرف : فهو في اللغة الطرَفُ ، وفي اصطلاح النُّحَاة : كلمة دَلَّتْ علي مَعْنى في غيرها ، نحو " مِنْ " ، فإنَّ هذا اللفظ كلمة دلَّتْ علي معنى ـ وهو الابتداءُ ـ وهذا المعنى لا يتمُّ حتَّى تَضمَّ إلي هذه الكلمة غيرَهَا ، فتقول : " ذَهَبْتُ مِنَ الْبَيْت " مثلا . الشرح : بسم الله الرحمن الرحيم أنواع الكلام قال ( وأقسام الكلام ثلاثة : اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ) قوله ( وأقسامه ) الضمير في قوله ( وأقسامه ) عائد إلى الكلام ظاهره أنه عائد إلى الكلام والصحيح أنه عائد إلى ما يتركب منه الكلام لا إلى الكلام نفسه لكن ما يتركب منه الكلام , وإلا فإن الكلام نفسه ينقسم إلى قسمين هما : الخبر والإنشاء , فالكلام نفسه لا ينقسم إلى ثلاثة أقسام وإنما إلى قسمين وهما : الخبر والإنشاء , لكن ما يتألف منه الكلام أو ما يتركب منه الكلام هذا الذي ينقسم إلى ثلاثة أقسام , يعني أن ما يتألف منه الكلام ينقسم إلى ثلاثة أقسام وهي : الاسم والفعل والحرف الذي جاء لمعنى . وقول ابن آجروم : ( وأقسامه ثلاثة اسم وفعل وحرف جاء لمعنى ) أو هذا التقسيم هو الذي عليه جماهير أهل اللغة من أن ما يتركب عليه الكلام ثلاثة أقسام , وإن كان قد ذهب البعض إلى إضافة أمر رابع وهو اسم الفعل فجعلوه رابعا ولكن هذا غير مشهور وغير مرضي , فالأصل أن الكلام ثلاثة أقسام : اسم وفعل وحرف جاء لمعنى , هذا الذي عليه جماهير أهل اللغة . وبهذا جاءت نصوص أهل اللغة من أصحاب النظم فهذا ابن مالك يقول : كلامنا لفظ مفيد كاستقم * * * اسمٌ وفعلٌ ثم حرفٌ الكلم فقسم الكلام إلى ثلاثة أقسام: ( اسم وفعل ثم حرف الكلم وهكذا العمريطي وقد تقدم أن له منظومة على الآجرومية ونصحت بها فمن كلامه قال في هذا الموطن : كلامهـم لفظ مفيد مسند * * * والكلمة اللفظ المفيد المفرد لاسم وفعل ثم حرف تنقسم * * * وهذه ثلاثـة هي الكلم حد الكلام ما أفاد المستمِعْ * * * نحو سعى زيد و عمرو متَّبِعْ ونوعـه الذي عليه يُبنى * * * اسمٌ وفعلٌ ثم حرفُ معنى قال الشارح وهو محمد محي الدين عبد الحميد : (وَأَقول : الألفاظُ التي كان الْعَرَبُ يَسْتَعْمِلُونَهَا في كلامِهِمْ ونُقِلَتْإلينا عنهم ، فنحن نتكلم بها في مُحاوراتنا ودروسنا ، ونقرؤها في كُتُبِنا ، ونكتببها إلي أهلينا وأصدقائنا ، لا يخلو واحد منها عن أن يكون واحدًا من ثلاثة أشياء : الاسم ، والفعل ، والحرف) قلت : فإن قال قائل فمن أين أتانا هذا التقسيم أعليه دليل من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس ؟ الإجابة : لا, ولكن هذا عُرف من خلال التتبع والاستقراء لكلام العرب في منثورهم وفي منظومهم وفي رسائلهم وحواراتهم . فإذًا عرف هذا التقسيم من خلال الاستقراء و التتبُّع لكلام العرب . قال : (أما الاسمُ في اللغة فهو : ما دلَّ علي مُسَمَّى ) هذا تعريف الاسم لغة ما دل على مسمى (وفي اصطلاح النحويين : كلمةٌ دَلَّتْ عَلَي معنًى في نفسها ، ولم تقترن بزمان ، نحو : محمدٍ ، عليّ ، ورَجُل ، وَجَمل ،ونَهْر ، وتُفَّاحَة ، ولَيْمُونَة ،وَعَصًا ، فكل واحد من هذه الألفاظ يدل علي معني ، وليس الزمان داخلاً في معناه فيكون اسماً). معنى ذلك : أن الاسم يكون أحد أمرين : إما أن يكون اسم ذات أو عين مثل كتاب, الآن الكتاب هذا شيء محسوس تمسكه بيدك , تقول الكتاب فكلمة الكتاب هذه اسم وهي لشيء محسوس , فيسمى اسم ذات يعني ذات محسوسة معروفة . أو اسم معنى شيء معنوي ليس محسوسا لا تلمسه بيديك وهذا غالبا يكون في معاني المصادر كذهاب وقراءة وكتابة , هل الكتابة شيء محسوس ؟ هل القراءة كذلك ؟ هل الذهاب كذلك ؟ لا , هذه أمور معنوية , فإذًا الاسم لا بد يكون أحد أمرين إما اسم ذات أو اسم معنى هذا أمر. فائدة أخرىفي معنى الاسم من حيث اللغة : اختلف في ماهية الاسم كلٌّ من البصريين والكوفيين , فذهب البصريون إلى أن الاسم مشتق من السُّموِّ وهو العلو سمِّي بذلك لسموه أي لارتفاعه على أخويه الفعل والحرف ولافتقارهما إليه أي أن الفعل والحرف يفتقران إلى الاسم, بينما ذهب الكوفيون إلى أن الاسم مشتق من السمة وهي العلامة فلان اسمه كذا أي علامة عليه ولهذا يقول الناظم : و اشتقَّ الاسمَ من سما البصريُّ * * * واشتقَّه من وسْمٍ الكوفيُّ يعني أن البصري هو الذي اشتق الاسم من سما أي من العلو ولهذا يقول أهل العقيدة (ما سماك فقد علاك){ أأمنتم من في السماء} أي من في العلو قال : واشتق الاسمَ من سما البصريُّ * * * واشتقه من وسْمٍ الكوفيُّ فالاسم في اللغة ذهب البصريون إلى أنه مأخوذ من السمو وذهب الكوفيون إلى أنه مأخوذ من السمة وهي العلامة انتهى . وأما في اصطلاح النحويين فهو كلمة دلت على معنى في نفسها يعني قائمة بذاتها في تحقيق ماهيتها ولم تقترن بزمان , لا يصاحب الاسم المضيُّ ولا الاستقبالُ ولا الحال والمضارعة, أبدا إنما يكون الاسم مجردا من الزمن هذا بالنسبة للاسم . ثم ذكر أمثلة منها ( محمد ) الآن محمد هذا علم على شخص فهو اسم ذات على شخص وكذلك علي وكذلك ( رجل ) رجل وإن كان نكرة في جنسه لكن المقصد أن الكلمة هذه اسم وكذلك ( جمل ) فكما ذكر الإنسانَ ذكر أحد أسماء الحيوان والحيوان من الأسماء فقال ( وجمل ) وجمل اسم و ( نهر ) كذلك ذكر المياه ومنها النهر ويقال أيضا ( النَهَرْ ) بفتح الهاء فالنهر أيضا اسم, وانتقل من المياه إلى المزروعات أو إلى الثمار فذكر( تفاحة ) تفاحة هذه أيضا اسم و ( ليمونة ) كذلك وانتقل بعد هذه الثمار إلى الجمادات فذكر ( عصا ), والعصا جماد وهي اسم وله أن يقول حجر أيضا من الجمادات وجدار من الجمادات إلى آخر ذلك فكل واحد من هذه الألفاظ يدل على معنى وليس الزمان داخلاً في معناه فيكون اسما . فهمت الآن ما هو الاسم ؟ يعني يأتيك أحد يقول لك : كتب هذا اسم أم هو حرف ؟ ماذا تقول له ؟ تقول له : يا صاحبي هذا لا هو اسم ولا حرف , هذا فعل , فعل ماضي سيأتي معنا يعني, يعني معناه اسم يستطيع أن يسمى به شخص ما , الآن لما أقول ( محمد ) هذا علم على شخص ما أو علم على ذات ما فأرجو أن يكون فهمت أمثلة الاسم ( محمد علي خالد فاطمة خديجة خولة كتاب شجرة بقرة حجر جدار ليمونة تفاحة موزة ) إلى آخر ذلك . * من الأشياء التي لم نذكرها في الاسم أن الاسم ثلاثة أقسام : 1- أنه يكون اسما ظاهرا. 2- ويكون ضميرا . 3-ويكون مبهما . أما الظاهر أو المُظهر ما دل على مسماه بدون قرينة مثل زيد هل زيد يحتاج إلى قرينة إلى أنه اسم شخص ما ؟ الإجابة لا, زيد زيد اسم شخص علم على ذات. أما المضمر ما يدل على مسماه بقرينة لا بد من قرينة تدل عليه, هذا المضمر يعني مثل قرينة تكلم (أنا نحن) هذه أسماء أيضا لم نذكرها من قبل (أنا ونحن) هذا تكلم { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } فقوله { نحن } هذا اسم كيف عرفت أنه اسم ؟ هذا ضمير و قد احتيج إلى قرينة تكلم ... مثل أنت وأنتِ وأنتما وأنتم وأنتن, و غيبة مثل هو وهي وهما وهم وهن فهذه كلها ضمائر وهي أسماء , أما القسم الثالث : أن يكون مبهما . المبهم ما خفي معناه مثل أسماء الإشارة والأسماء الموصولة مثل كلمة هذا والذي هذا للمشار إليه فخفي معناه قد لا يتحدث به شخص بعينه إلا بالإشارة . خلاصة الاسم يعني أن الاسم ثلاثة أقسام : وأنه يمكن أن يقسم إلى اسم ذات واسم معنى كما تقدم , وقد يقسم إلى ثلاثة أقسام : مظهر ومضمر ومبهم , وقد يقسم أيضا إلى مذكر ومؤنث , وهذا في الجميع من كل شيء , من كل شيء يكون مذكرا ومؤنثا عرفتم بارك الله فيكم ؟ فالمذكر مثل : محمد وعلي وجمل, والمؤنث مثل : فاطمة وشجرة وورقة إلى آخر ذلك .أ- القسم الأول المظهر . ب- و القسم الثاني المضمر ج- والقسم الثالث المبهم , فهل فهمتم بارك الله فيكم ؟ فإذًا يمكن أن يقسم الاسم على أقسام كما تقدم . ( وأما الفعل فهو في اللغة الحدث ) الحدث يعني حصول شيء يعني وقع شيء ما, تقول حدثَ حدثٌ ما ( وفي اصطلاح النحويين كلمة دلت على معنى في نفسها واقترنت بأحد الأزمنة الثلاثة التي هي الماضي والحال والمستقبل ) فقوله (كلمة دلت على معنى في نفسها واقترنت بأحد الأزمة الثلاثة ) يدل هذا على أن الفعل لا بد أن يجتمع فيه أمران : أن يكون حدثاً وأن يكون زمناً , لا بد من اجتماع الحدث وهو وقوع شيء ما مع مصاحبته لزمن ما , قد يكون هذا الزمن ماضيا, قد يكون هذا الزمن حاضرا الآن في الحال وهو ما يسمى بالمضارعة وقد يكون في المستقبل وهو ما يأتي بعد الأمر . قال (والمستقبل ـ نحو " كَتَبَ " فإنه كلمةٌ دالةٌ علي معني وهو الكتابة ، وهذا المعنيمقترن بالزمان الماضي ، ونحو " يَكْتُبُ " فإنه دال علي معني ـ وهو الكتابة أيضاًـ وهذا المعني مقترن بالزمان الحاضر ، ونحو " اكْتُبْ " فإنه كلمة دالة علي معني ـوهو الكتابة أيضاً ـ وهذا المعني مقترن بالزمان المستقبل الذي بعد زمان التكلم. ومثل هذه الألفاظ نَصَرَ وَيَنْصُرُ وَانْصُرْ ،وَفَهِمَ وَيَفْهَمُ وَافْهَمْ ، وَعَلِمَ وَيَعْلَمُ وَاعْلَمْ ، وَجَلَسَ وََيْجِلسُ وَاجْلِسْ ، وَضَرَبَ وََيَضِْربُ وَاضْرِبْ .) هذه أنواع الأفعال الثلاثة . إذًا أقول : أكل يأكل كل , شرب يشرب اشرب, قام يقوم قم, ضرب يضرب اضرب, تعلم يتعلم تعلَّم. قال (والفعل علي ثلاثة أنواع ) قال العمريطي : أفعالهم ثلاثة في الواقعْ * * * ماضٍ وفعل الأمر والمضارعْ فهذا البيت هو أحد أبيات منظومة العمريطي المباركة والتي بإذن الله نحاول أن نستمر معكم في أن نربط بين هذه الفوائد وذكر بعض أبيات هذه المنظومة من أجل أن تسهل الفائدة وأن تبقى في الذهن, فالآن عرفنا أن أنواع الفعل ثلاثة بهذا البيت : أفعالهم ثلاثة في الواقع * * * ماض وفعل الأمر والمضارع قال (فالماضي ما دَلّ علي حَدَثٍ وَقَعَ في الزَّمَانِ الذي قبل زمان التكلُّم ، نحو:كَتَبَ ) الآن كَتَبَ, لما قلت فلان كَتَبَ هل معناه أنه الآن أمامي يكتب ؟ أو كتب هل معناه أنه لما سمع كلمة كتب قام يكتب ؟ لا , لكن كتب معناه : فرغ من الكتابة انتهى, لما أقول أَكَلَ ؟ إيش معناه ؟ معناه : ما شاء الله خلص على ما في القدر, ما أبقى شيئا من الطعام فهمتم ؟ هذا معنى الماضي ( الماضي ما دل على حدث وقع في الزمان الذي قبل زمان التكلم ) قبل ما يتكلم الرجل خلص على الأمر الذي عنده: (نحو كَتَبَ ، وَفَهِمَ ، وَخَرَجَ ، وَسَمِعَ ، وَأَبْصَرَ ، وَتَكَلَّمَ ،وَاسْتَغْفَرَ ، وَاشْتَرَكَ ) وذهب وجاء وتعلم إلى آخره . فهمتم بارك الله فيكم ؟ وتلاحظ معي أخي الحبيب أن الفعل الماضي يكون مبنياً على الفتح وهذا تحتاجه في المستقبل انتبه من الآن, فتلاحظ أن الفعل هنا بُني على الفتح في آخره فقلت ( كتب, شرب, نام, قام,جلس, ذهب, جاء , رقد ) فهمتم الآن ؟ يعني كونه مفتوحا آخره دليل على أنه فعل ماضي , تقعيد بدائي حتى تسهل الفائدة عليكم, كونه جاء مفتوح الآخر دليل على أنه فعل ماضي هذه من الدلائل التي تساعد الآن , ( فكتب, فهم, قام ) إلى آخره هذه أفعال ماضية وهي في نفس الوقت مبنية على الفتح . قال (والمضارع : مَا دَلَّ عَلَي حدثٍ يقع في زمان التكلُّم أو بعده ) إذا قلت : ( فلان يكتب ) الآن يكتب فعل مضارع لماذا أقول ( يكتب )؟ لأنه أمامي الآن يكتب هو الآن يكتب يعني ما فرغ من الكتابة, أو لما قلت فلان يكتب أي بدأ في الكتابة فعندما أفرغ من كلامي هو لا يزال يكتب فقد يكون أثناء كلامي يكتب وقد يكون في أثناء كلامي بدأ الكتابة ليستمر في ما بعد كلامي . فأقول في الفعل المضارع (يَكْتُبُ ، وَيَفْهَمُ ، وَيَخْرُجُ ،وَيَسْمَعُ ، وَيَنْصُرُ ، وَيَتَكلمُ ،وَيَسٍتَغْفِرُ ، وَيَشْتَرِكُ) ويضرب ويذهب ويلعب ويفهم إلى آخره, فهمتم الآن ؟ وتلاحظ معي أنه مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره بخلاف الفعل الماضي, الفعل الماضي ( كتبَ ) مبني على الفتح, الفعل المضارع ( يكتبُ ) ( يضربُ ) ( يفهمُ ) ( يشتركُ ) في كل ذلك مرفوع وعلامة رفعه الضمة , وهذا مما يدلك على أنه فعل مضارع, افهم هذا . قال (وَالأمرُ : ما دَلَّ علي حَدَثٍ يُطْلَبُ حُصوله بعد زمان التكلُّم ) يعني لا حصل من قبل ولا يحصل أمامك في أثناء كلامك وإنما يحصل بعد أن تفرغ من أمرك, فإذا قلت لفلان ( اكتب ) قام فأخذ القلم وأخذ الكراس ومد يده بالقلم ليكتب على طرة كراسته مثلا ( نحو اكتب ) والهمزة في اكتب هي همزة وصل فإذا انظمت إلى ما قبلها فإنها لا تظهر أثناء القراءة فتقول: "نحو اكتب" وليست "نحو اأُكتب" هذا غلط إما أن تقول "نحو" وتسكت ثم تقول "اكتب" في بداية الكلام لا بأس لكن إذا انظمت هاتان الكلمتان مع بعضما فقل "نحو اكتب" وافهم لأنها سبقت بواو ما تقول "واإِفهم" هذا غلط هذه همزة وصل، همزة الوصل تكتب ولا تنطق وافهم واخرج واسمع وانصر وتكلم واستغفر واشترك وتب واذهب والعب واركب وقم : ........................ مثاله: ادخل وانبسطْ واشربْ وكلْ كما يقول الحريري. الشاهد بارك الله فيكم أن فعل الأمر يحصل بعد زمن التكلم وهذا الفعل تجده مبنيا على السكون وهذا من الدلائل على أنه أمر . فتقول: "كل" هذا فعل أمر هذا أمر {فكلي واشربي وقري عينا}"كل" ، "اشرب" مبني على السكون ، هذا لأنه صحيح الآخر ، المهم مبني على السكون , بخلاف الفعل الماضي مبني على الفتح , بخلاف الفعل المضارع مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره ففرق بين هذه الأنواع الثلاثة بما تقدم وأرجو أن يكون هذا واضحا. قال: (وأما الحرف فهو في اللغة الطرَف) بقي: هل منه قوله تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} أي على طرف ؟؟ ينظر، إنما خطر هذا في بالي الآن. قال: (وفي اصطلاح النحاة: كلمة دلت على معنى في غيرها) أنا سأقرأ هذا الكلام إلى آخره ثم أبين أن هذا التعريف من الشارح ليس بجيد أو ليس على إطلاقه. فقوله: (كلمة دلت على معنى في غيرها) معناها أنها لا يمكن أن يفهم معنى الحروف إلا بأن ينضم غيرها إليها، يعني الحرف مجردا لوحده ما يعطيك معنى ، لكن إذا انظم إلى غيره فإنه يعطيك معنى ، هذا تنزلاً على كلام الشارح ، فإن هذا اللفظ : (كلمة دلت على معنى) وهو الابتداء نحو قوله "من" فإن هذا اللفظ كلمة دلت على معنى وهو الابتداء وهذا المعنى لا يتم حتى تضم إلى هذه الكلمة غيرها فتقول "ذهبت من البيت" الآن تقرر لك وفهمت على أن قوله : ذهبت من البيت يعني كان ابتداء ذهابك من البيت فإذًا ( من ) هنا أفادت إيش؟ الابتداء، هذا معنى ما أشار إليه المؤلف . * غير أن شيخنا أبا محمد عبد الرحمن بن عوف كوني وفقه الله تعالى يرى أن هذا التعريف ليس بجيد وأن الصواب أن يقال: (الحرف هو ما دل على معنى جزئيٍّ لا يستقل بالإفادة) يعني لا يكون مفيدا وهو وحده إلا إذا ضُم إلى غيره أو انضم إليه غيرُه. إذاً الحرف هو ما دل على معنى جزئي، الآن ( من ) فيها معنى الابتداء لكن هذا المعنى ليس تاما، لا يتم إلا بأن ينضم غيرها إليها أو تنضم إلى غيرها , تقول (عن ) هذا حرف معناه التجاوز وهذا التجاوز لا يتصور على الصورة المرضية إلا إذا ضممت إليه غيره كأن تقول (صفحت عنك ) أو ( رضيت عنك ) فيظهر لك حينئذ المجاوزة على أكمل هيئتها . تقريبا أتينا على ما أردنا أن نأخذه في هذا الدرس الذي نحن بصدده فإذاً نخلص الآن إلى أن أقسام الكلام ثلاثة : اسم وفعل وحرف جاء لمعنى فما يتركب منه الكلام لا يخرج عن ثلاثة أشياء وهي : الاسم والفعل والحرف الذي جاء لمعنى * ولم أعرِّج على تقييد المؤلف بقوله والحرف جاء لمعنى فقد قيده بحروف إيش ؟ المعاني وذلك أن الحروف قسمان: حروف مباني و حروف معاني, حروف المباني هي حروف الهجاء, التهجي : ألف, باء, تاء ثاء , جيم , حاء , إلى آخره أما حروف المعاني هي الحروف هذه : من إلى عن على في رُبَّ إلى آخره , فهمتم بارك الله فيكم ؟ فالحديث هنا من أنواع الكلام , ما يتركَّب منه الكلام هي ثلاثة أقسام : هي الاسم والفعل والحرف الذي جاء لمعنى أي أفاد معنى . هذا ما أردت أن أتكلم عنه في هذا الدرس . وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله وسلم على نبينا محمد . |
بسم الله الرحمن الرحيم تفريغ الدرس الخامس الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد : فقد أخذنا في درسنا السابق أنواع الكلام أو أقسام الكلام وقد قلنا لكم إن الكلام ليست هذه أقساما له ولكن هي أقسام ما يتركب منه الكلام , وهي ثلاثة أقسام كما تقدم : اسم و فعل و حرف جاء لمعنى على أن الحروف قسمان : معاني ومباني وتكلمنا عن الاسم لغة واصطلاحا وكذلك الفعل وكذلك الحرف بما يغني عن إعادته هنا . ولكن يمكن أن أُجمل ما مضى من أن الاسم هو كلمة دلت على معنى في نفسها و لم تقترن بزمن, مثل ( محمد ), وأما الفعل فهو كلمة دلت على معنى في نفسها واقترنت بأحد الأزمنة , فلا بد أن يصاحبها زمان , والفعل ثلاثة أقسام ماض ومضارع وأمر , وتعرضنا لتعريف وأمثلة كل واحد منها ( ضرب يضرب اضرب ) فهذه هي أنواع الفعل الثلاثة, وأما الحرف فهو كلمة دلت على معنى في غيرها, يعني تدل على شيء من المعنى مع غيرها وتحدثنا أيضا عن هذا من قبل وتكلمنا عن أمثلة تلك الحروف مثل ( من وعن وإلى ) كأن تقول : ( ذهبت من البيت إلى السوق ) فـ (من وإلى ) من حروف الجر . والذي أريد أن أضيفه هنا وقد فاتنا قبل ونحن نترك بعض الأشياء خشية التطويل لكن هذا الأمر أحب أن أذكره أن الحروف في الاستعمال ثلاثة أقسام : 1- حرف مشترك في الدخول بين الاسم و الفعل يعني قد يدخل هذا الحرف على الاسم وقد يدخل على الفعل بلا شك أنه ليس حرف جر لكن يسمى حرفا وهو مثل ( هل ) فإنك تقول في دخوله على الاسم : هل محمد قادم ؟ فدخل ( هل ) على ( محمد ) و يمكن أن يدخل على الفعل فتقول كما قال الله تعالى { هل أتاك حديث الغاشية } ( هل أتاك ) فدخل على الفعل (أتى) فإذًا القسم الأول من الحروف في الاستعمال ما يكون مشتركا في الدخول على الاسم والفعل معا . 2- ومنها ما يكون خاصاً بالاسم وهو (مِن) كما تقدم (من البيت)فدخل على الاسم . 3- ومنها ما يكون خاصاً بالفعل مثل (لم) فإنها تدخل على الأفعال وخاصة الفعل المضارع فتقول (لم يذاكر محمد الدرس ) هذا ما أردت أن أفيده هنا . قال المصنف رحمه الله : علامات الاسم قال : فالاسم يُعْرَفُ : بالْخَفْض ، وَالتَّنْوِينِ ، وَدخولِ الألِفِ وَالَّلامِ ، وَحُرُوف الْخَفْضِ ، وَهيَ : مِنْ ، وَإلي ، وَعَنْ ، وَعَلَي ، وَفي ، وَرُبَّ ، والْبَاءُ ، والْكافُ ، وَالَّلامُ ، وحُرُوفُ القَسَمِ ، وهِيَ : الْوَاوُ ، والْبَاءُ ، والتَّاءُ . وأقول : للاسم علامات يتميَّز عن أخَوَيْه الفِعْلِ والْحَرْفِ بوجود واحدةٍ منها أو قَبُولِها ، وقد ذكر المؤلف ـ رحمه الله ! ـ من هذه العلامات أرْبَعَ علاماتٍ ، وهي الْخَفْضُ ، والتَّنْوِينُ ودخولُ الأَّلف والَّلام ، ودُخول حرفٍ من حروف الخفض . أما الخفض فهو في اللغة : ضد الارتفاع ، وفي اصطلاح النحاة عبارة عن الكسرة التي يُحْدِثُهَا الْعامل أوْ ما ناب عنها ، وذلك مثل كسرة الراءِ من " بكرٍ " و "عمرو " في نحو قولك : " مَرَرْتُ بِبَكْرٍ " وقولك " هذا كِتابُ عَمْرِو " فبكْرٍ وعمرٍو: اسمان لوجود الكسرة في أواخر كل واحِدٍ منهما . وأما التنوين ، فهو في اللغة التَّصْويت ، تقول " نَوَّنَ الطَّائِرُ " أي : صَوَّتَ ، وفي اصطلاح النُّحَاة هو : نُونٌ ساكنةٌ تّتْبَعُ آخِرَ الاسم لفظاً وتفارقهُ خَطا للاستغناء عنها بتكرار الشَّكلة عند الضبْطِ بالقلم ، نحو : محمدٍ ، وكتابٍ ، وإيهٍ ، وصَهٍ ، ومُسْلِمَاتٍ ، وفَاطِمَاتٍ ،و حِينَئِذٍ ،وَ سَاعَتَئِذٍ ، فهذه الكلمات كلها أسماء ٌ، بدليل وجود التنوين في آخرِ كلِّ كلمة منها . العلامة الثالثة من علامات الاسم : دخول " أَلْ " في أول الكلمة ، نحو " الرجل ، والغلام ، والفرس ،و الكتاب ، والبيت ، والمدرسة " فهذه الكلمات ، كلها أسماء لدخول الألف واللام في أوَّلها . العلامة الرابعة : دخول حرفٍ من حروف الخفض ، نحو " ذهبتُ من البيت إلي المدرسَةِ " فكل من " البيت " و " المدرسة " اسم ، لدخول حرف الخفض عليهما ، ولوجود " أَلْ " في أَوَّلهما . وحروف الخفض هي : "من " ولها معانٍ : منها الابتداءُ ، نحو" سَافْرتُ مِنَ الْقَاهِرَةِ " و "إلى " من معانيها الانتهاء ، نحو " سَافَرْتُ إلي الإِسْكَنْدَرِيَّةِ " و " عَنْ " ومن معانيها المجاوزةُ ، نحو " رَمَيْتُ السَّهْمَ عَنِ الْقَوْسِ" و" على"و من معانيها الاستعلاءُ ، نحو " صَعِدْتُ عَلَي الْجَبَلْ " و " فِي " ومن معانيها الظرفية نحو " الْمَاءُ في الْكُوز " و " رُب َّ" ومن معانيها التقليل، نحْو " رُبَّ رَجُلٍ كرِيمٍ قَابَلَنِي " و الْبَاءُ ومن معانيها التعدية ، نحو " مَرَرْتُ بالْوَادِي " و " الكافُ " و من معانيها التشبيه ، نحو " لَيْلي كالْبَدْرِ" و " اللام " ومن معانيها الْمِلْكِ نحْو" المالُ لمحمد " ، والاختصاصُ ، نحو " البابُ للدَّار ، والْحَصيرُ لِلْمَسْجِدِ " والاستحقاقُ نحو " الْحَمْدُ لله " ومن حروف الخفض : حُرُوف الْقَسَمِ ، وهي ثلاثة أحرف . الأول : الواو ، وهي لا تَدْخُلُ إلا عَلَي الاسم الظاهِرِ ، ونحو " والله " ونحو { وَالْطُّورِ وَكتابٍ مَسْطُور} ونحو { وَالتِّينِ وَالزيْتُونِ وَطُورِ سِينين } والثاني : الباءُ ، ولا تختص بلفظ دون لفظ ، بل تدخل علي الاسم الظاهر ، نحو " بالله لأَجْتَهِدَنَّ " وعلى الضمير ، نحو " بكَ لأضْرِبَنَّ الكَسُولَ" . والثالث : التاء ُ، ولا تدخل إلا على لفظ الجلالة نحو { و تالله لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ } بسم الله الرحمن الرحيم علامات الاسم قال: (فالاسم يعرف بالخفض و التنوين و دخول الألف و اللام وحروف الخفض). بعد أن ذكر أقسام ما يتركب منه الكلام و هي ثلاثة أقسام : الاسم و الفعل و الحرف جاء لمعنى, أتى ليبين ماهية كل واحد منها وذلك بمعرفة دلالات وعلامات تبين اسمية هذا من فعلية هذا من حرفية ذاك . و اليوم عندنا علامات الاسم و قد ذكر المؤلف ابن آجروم رحمه الله تعالى أربع علامات للاسم وهذه الأربع هي التي تحفظ فهي خلاصة درسنا اليوم ( الخفض و التنوين و دخول الألف و اللام و حروف الخفض ) هذه الأربعة الأمور هي علامات لاسمية كلمة ما, حتى تدل لك على اسمية كلمة من الكلمات ستتعرف عليها من خلال دخول هذه الأربعة الأمور أو دخول أقصد واحدا من هذه الأربعة الأمور و قد يكون أكثر من واحد كما سيأتي. الشاهد : أن المؤلف هنا ذكر أربعة علامات فحاول أن تتفهم معانيها وطريقة الاستدلال بها على اسمية الكلمة, و الحق أن علامات الاسم أكثر من ذلك بل عدَّها بعضهم خمسين علامة , ولكن لن نشوِّش عقولكم بالتوسع في ذلك , فالذي يهمنا هذه الأربع و قد ذكرت لكم من قبل أهمية منظومة العمريطي رحمه الله و هي تظهر جلية في هذا الموطن فاكتب هذا البيت : فالاسم بالتنوين والخفض عرف * * * وحرف خفض وبلام وألف تلاحظ أن في هذا البيت أو أن هذا البيت قد جمع علامات الاسم الأربع التي ذكرها المؤلف ابن آجروم رحمه الله : ( فالاسم بالتنوين و الخفض ) هاتان علامتان و (حروف الخفض) هذه الثالثة و (بلام و ألف) هذه هي الرابعة . قال الشارح و هو محمد محيي الدين عبد الحميد رحمه الله قال ( و أقول للاسم علامات يتميز عن أخويه الفعل و الحرف بوجود واحدة منها أو قبولها ) و قد ذكر رحمه الله من هذه العلامات أربع علامات (و هي الخفض و التنوين و دخول الألف و اللام و دخول حرف من حروف الخفض) * أما الخفض, الآن سيستطرد في معنى كل كلمة من هذه الكلمات الأربع و طريقة دخولها على الكلمة لتدل على اسميتها من عدمها كما فعل معنا في أنواع الكلام الثلاثة عندما ذكر معنى كل واحد منها, قال ( أما الخفض فهو في اللغة ضد الارتفاع ) بلا شك المكان المنخفض هو عكس المرتفع و يمكنك أن تقول الخفض في اللغة هو التسفل كما سيأتي في مواطن أخرى مستقبلا, الخفض هو التسفل وضد الارتفاع ( و في اصطلاح النحاة عبارة عن الكسرة التي يحدثها العامل أو ما ناب عنها ) هو عبارة عن الكسرة التي يحدثها العامل أو ما ناب عنها, الآن قد لا يكون واضحا وكما قيل بالمثال يتضح المقال, فنحن سنطبق القاعدة إن شاء الله على المثال حتى يتضح الأمر قال (وذلك مثل كسرة الراء من (بكر ) و (عمرو في نحو قولك : مررت ببكرٍ , وقولك هذا كتاب عمرو فبكر وعمرو اسمان لوجود الكسرة في آخر كل واحد منهما ) انظر إلى كلمة بكر تجد أنها مخفوضة يعني مجرورة و نسيت شيء أن المؤلف لكونه كوفيا فهو يسمي ما تحدثه الكسرة يسميه خفضا و لا يسميه جرا و أما الجر فهو تعبير البصريين, المهم أنه هنا قال مررت ببكر ف(بكر) الآن هنا تلاحظ معي أن في آخره كسرة, الكسرة هذه هي خفض, الخفض هذا هو دليل على أن بكر اسم, ركز معي دليل على اسمية بكر وجود الكسرة في آخره أنه مخفوض, أنه خفض , أنه أثر فيه حرف الجر أو أثرت فيه الإضافة كما قال في الثاني (هذا كتاب عمرو) فعمرو هنا ما سبق بحرف جر لكن سبق بإضافة أضيف كلمة كتاب إليه فعمرو مضاف إليه مجرور و علامة جره الكسرة, فالكسرة هذه دليل على ماذا ؟ و الخفض هذا الموجود دليل على اسمية عمرو أنه ليس فعلا, فإن الفعل لا يكسر وكذلك الحرف , أرجو أن يكون فهم هذا فهذه أول علامة من علامات الاسم و هي الخفض كون الاسم يأتي مخفوضا أي مجرورا بالكسرة أو قد تأتي أشياء تنوب عن الكسرة كما سيأتي معنا مستقبلا من مثل (الياء) فإنها تنوب عن الكسرة في مواطن. * ( وأما التنوين فهو في اللغة التصويت ) هذه العلامة الثانية ( وأما التنوين فهو في اللغة التصويت تقول نَوَّنَ الطائر أي صَوَّتَ وفي اصطلاح النحاة هو نون ساكنة تتْبع آخر الاسم لفظا و تفارقه خطا للاستغناء عنها بتكرار الشَّكلة عند الضبط بالقلم نحو : محمدٍ ) . الآن كلمة (محمد): اسم, كيف عرفنا أنها اسم ؟ جاء في آخرها تنوين نحو محمدٍ, نحو عليٍ, رأيت الآن ؟ نحو رجلٍ, نحو كتابٍ هذه كلها أسماء, ما الذي دلنا على أنها أسماء ؟ الجواب : أنها جاءت منونة في آخرها , يعني أن يأتي في آخرها كسرتان أو ضمتان أو فتحتان, كما لو قلت : ( هذا محمدٌ ) مبتدأ و خبر ( رأيت محمدًا ) محمداً هنا مفعول به ( مررت بمحمدٍ ) هذا ( محمدٍ ) الآن اسم مجرور بحرف الجر الباء وفي كل ذلك وجد التنوين قال ( و إيهٍ و صهٍ ) أما بالنسبة لإيهٍ و صهٍ فالصواب والصحيح أنهما اسما فعل كما تقدم, و الأمثلة التي يتَّسق معها المقام أن يقال نحو : محمدٍ و كتابٍ و مسلماتٍ و فاطماتٍ و حينئذٍ وساعتئذٍ, هذه هي , فإنها أسماء و بلا شك ( فهذه الكلمات كلها أسماء بدليل وجود التنوين في آخر كل كلمة منها ) و قوله ( نون الساكنة تتبع آخر الاسم لفظا ) الآن لما أنا أقول (نحو محمدٍ) في النطق كأنها تكتب بنون ( محمدٍ ) آخرها نون ( نون ساكنة تتبع آخر الاسم لفظا ) يعني في اللفظ نطقت بنون لكن هل في الكتابة ستكتب نون و إلا تنوين ؟ تنوين ( و تفارقه خطا للاستغناء عنها بتكرار الشكلة ) فاستغني عن تلك النون المتلفظ بها بتكرار تلك الضمة أو تلك الكسرة أو تلك الفتحة هي الشكلة عند الضبط بالقلم أي عند الكتابة, فهمتم هذا ؟ يعني أنا أحرص جدا و إذا فات شيء نبهوني في نهاية الدرس أني أميز لكم و أشرح لكم نصوص الموضوع أو نصوص الدرس و إن جيء بفائدة من الخارج فهي زيادة خير لكن ليست هي الأصيلة و المطلوبة, إنما الأصيل و المطلوب هو ما في الدرس نفسه . فائدة : وسأذكر لكم جملة من أنواع التنوين, فقد ذكر النحاة أن التنوين أنواع وأقسام وضروب . فمن ذلك تنوين التمكين مثل ( محمد ) و (كتاب) تنوين التمكين و هو في كل الأسماء المعربة إلا جمع المؤنث السالم, هذا يسمى تنوين التمكين . و الثاني : تنوين المقابلة و هذا يأتي في جمع المؤنث السالم و الاسم الناقص و ما شابه ذلك فإنه ذكروا أنه للمقابلة و أنا ما أريد أشرح كل واحدة حتى يطول الأمر لكن أريد أشير حتى إذا رجعت للكتب المطولة تجد فائدة في ذلك . الثالث : تنوين التنكير و يدخل على الأسماء المبنية مثل سيبويه, الآن سيبويه إذا كسرته عرّفته و إذا نوّنته أي جئت بكسرتين في آخره فقد نكّرته, تقول ( مررت بسيبويهِ و سيبويهٍ الآخر ) فسيبويه الأول هو المعروف عندنا يعني معرّف, الآن هو معرفة عندنا لأنه بكسرة واحدة, أما لو كان بكسرتين فهو اسم شائع في جنسه يعني كل من سمي بسيبويه قد لا يعرف عينه فتقول ( مررت بسيبويه ) أي المعروف ( و سيبويه الآخر ) أي غير المعروف, فذلك منّكر و هذا معّرف, هذا يسمى تنوين التنكير . الرابع : تنوين العِوض و مثاله ( حينئذ و ساعتئذ ) و قد يكون العوض عن حرف قد يأتي تنوين العوض عن حرف مثل ( غواشٍ ) أصلها ( غواشي ) فالتنوين جاء نائبا عن الياء, و كذلك (جوارٍ) فتقول (جواري) فهذا تنوين العوض يأتي عن حرف و قد يعوض عن ماذا ؟ عن كلمة { قل كلٌ يعمل على شاكلته } فالتنوين في كلمة {كلٌ} هي نائبة عن كلمة, تقدير الكلام ( قل كل أحد يعمل على شاكلته ) أو ( كل واحد يعمل على شاكلته ) فالتنوين ناب عن كلمة, و قد ينوب التنوين عن جملة مثل ( ساعتئذٍ ), (ساعة) المدة الزمنية التي اتفقنا في اللقاء عندها مثلا هذا كمثال فقط, الهم أنها جملة هنا ناب عنها التنوين فقال ( ساعتئذٍ ) . المهم مما سبق إلى الآن أن مما يدلنا على أن هذه الكلمة اسم أمران :الأمر الأول : الخفض, و الأمر الثاني : التنوين . * أما الأمر الثالث : العلامة الثالثة من علامات الاسم دخول (ال) في أول الكلمة نحو : الرجل و الغلام و الفرس, تلاحظ كلمة (الرجل) دخلت عليها (ال)و الغلام كذلك و الفرس و الكتاب و البيت و المدرسة هذه كلها دخلت عليها (ال) لو قلت رجل فقط لكان اسما شائعا في جنسه و يشمل حينئذ كل رجل , لكن لما قلت الرجل تبادر إلى رجل معلوم عندنا معروف في ذاكرتنا (الرجل, الكتاب, الغلام)فإذًا كلمة الغلام هنا اسم و ليست فعلا, ما الذي دلنا على ذلك ؟ دخول (أل), و(أل) ما تدخل على الفعل , ما تقول : ال"يركبُ" أو ال"ركِبَ", هذا غلط, إذًا تقول (الرجل, الغلام) و هذه (أل) تسمى عند النحاة ب(أل) المعرفة المؤثِّرة, كيف المؤثرة ؟ يعني أثَّرت فأفادت تعريفا في اسم النكرة, الآن كلمة رجل نكرة فلما دخلت (أل) عرَّفتها و أثرت فيها , فهذه تسمى (أل) المعرفة المؤثرة . و هناك (أل) زائدة و تدخل على الأسماء الأعلام مثل ( العباس ) لو قلت عباس أليس علما معروفا؟ بلى, لكن لو قلت (أل) هل تقول أفادت التعريف و أثر فيه ؟ الإجابة : لا, إلا من وجه خاص و هو زيادة التوضيح و إلا فإنه ليس معرفا له لأنه في الأصل معرفة فتقول ( رأيت اليزيد بن اليزيد مباركا ), (رأيت اليزيد ) الآن كلمة اليزيد هذا أصلا يزيد معرفة, علم على شخص ما, على ذات ما فلما أدخلت (ال) أفادت التوضيح و لم تفد التعريف لأنه أصلا معرفة, المهم أن العلامة الثالثة من علامات الاسم هي (ال) المعرفة المؤثرة فهمتم هذا ؟ المعرفة المؤثرة . * العلامة الرابعة و أرجو أن تركزوا في الأشياء الأساسية في الدرس (و هي دخول حرف من حروف الخفض, العلامة الرابعة: دخول حرف من حروف الخفض نحوذهبت من البيت إلى المدرسة ) الآن أين حرف الخفض ؟ من و إلى كلاهما حرف خفض أو حرف جر فاستدللنا بدخول من و إلى على البيت و المدرسة بأن البيت و المدرسة اسمان , فالبيت اسم و لو أن أخا فطنا متنبها معي الآن يرى أن كلمة البيت مما دلنا على اسميتها أمران : الأمر الأول : دخول (من) . و الأمر الثاني : دخول (أل) و (أل) تقدمتْ و (من) نحن الآن بصددها ( دخول حرف من حروف الخفض نحو ( ذهبت من البيت إلى المدرسة ) فكل من البيت و المدرسة اسم لدخول حرف الخفض عليهما و لوجود (أل) في أولهما ) فاجتمع في اسمية البيت و المدرسة أمران : دخول حرف الجر ووجود (أل) . و استطرد المؤلف بعد ذكر هذه الأربع العلامات إلى بيان جملة من الحروف و من معاني تلك الحروف قال ( و حروف الخفض هي : (من) و لها معانٍ ) يعني جمع معنى ( منها الابتداء نحو سافرت من القاهرة ) من أين بدأ سفرُك ؟ من القاهرة فابتدأ السفر من القاهرة ( و إلى ) و من معانيها الانتهاء (سافرت إلى الإسكندرية ) الإسكندرية يعني الآن سبقت ب(إلى) فالإسكندرية الآن اسم بدخول "إلى" عليه و بوجود (ال) أيضا, ثم أن (إلى) هنا أفادت الانتهاء فبداية سفري من القاهرة و أين انتهى السفر؟ انتهى إلى الإسكندرية ( و عن و من معانيها المجاوزة ) يعني أن يتعدى شيئاً أمامه ( نحو "رميت السهم عن القوس " فإن السهم تجاوز القوس و تعداه فهذه معناها المجاوزة ( و على و من معانيها الاستعلاء ) طبعا المؤلف في الغالب يذكر أكثر تلك المعاني شيوعا و أكثرها استعمالا وإلا فهنالك معاني أخرى لهذه الحروف, (على من معانيها الاستعلاء ( صعدت على الجبل ) فهو يفيد الفوقية والعلو ( وفي و من معانيها الظرفية) يعني كأنها ظرف , وعاء لشيء ( نحو : الماء في الكوز ) فالكوز ظرف ووعاء للماء , الكوز إناء قد تقول عنه الإبريق ففي هنا أفادت الظرفية ( و رُبّ و من معانيها التقليل نحو : رُبّ رجل كريم قابلني ) معناه أن هذا الرجل في الغالب أن من يقابله ليس كريماً, لا يقابله إلا اللؤماء والبخلاء , هنا أتت رُبّ بمعنى القِلة, قليل من يكون كريما و يقابلني في طريقي وقد تأتي (رُبّ) للتكثير لكن ليس هذا موطن ذكْر ذلك, قال ( والباء و من معانيها التعدية) و هي قليل في التجاوز لكن تتعدى شيئا ما ( نحو مررت بالوادي ) يعني قطعته و تعديته ( مررت بالوادي ) فالوادي الآن هنا اسم مجرور بالباء و المقصد أنه اسم و دل على اسميته أمران : سبْق الباء عليه و دخول (ال) , ( و الكاف و من معانيها التشبيه نحو ليلى كالبدر ) البدر لا يسمى بدرا إلا إذا اكتمل و هو ليلة الرابعة عشرة و أراد أن يصف هذه المرأة وأن يشبِّهها بأنها مثل البدر , فإذًا أفادت الكاف هنا التشبيه ( و اللام و من معانيها الملك ) فاللام لها عدة معاني منها الملكية ( المال لمحمد ) و قد ذكر هنا الشارح للّام ثلاثة معاني : المعنى الأول : الملكية تقول ( المال لمحمد ) من الذي يملك هذا المال ؟ محمد و ضابط ذلك أن محمدا يتصور منه ماذا ؟ الملكية يتصور منه أن يملك شيئا و أن يكون بحرزه شيء . ثم الأمر الثاني أو الضابط الثاني : أن تقع بين ذاتين فالمال ذات و جنس لما يمتلك من ذي قيمة, و محمد ذات و علم لشخص فإذًا اللام الآن جاءت في الوسط بين ( المال ) و بين ( محمد ) فهي بين ذاتين , فهذا مما يميز هذه اللام أنها تأتي بين ذاتين و أنها تدخل على من يتصور منه أن يملك شيئا . المعنى الثاني : الاختصاص نحو الباب للدار لا نستطيع أن نقول هنا تفيد الملكية لماذا ؟ لأن الدار لا يملك بابا و لا يتصور منه أن يملك و لكن البيوت و الدور معروفة أنها تختص بالأبواب كيف يكون بيت من غير أبواب و لا نوافذ ؟ و مثل ذلك أيضا ( الحصير للمسجد ) فإن مسجدا من دون حصير يستغرب فالأصل أن يكون فيه حصير يصلى عليه ( و الحصير للمسجد ) أو قد يوجد الحصير يبنى منه المسجد ( و الحصير للمسجد ) فالمسجد لا يتصور منه أن يملك ولكن الحصير مختص به و معروف به , وضابط الاختصاص أن يكون كما تقدم أو أن يدخل على ما لا يتصور منه الملك و كذلك أن تقع بين ذاتين, فالآن الحصير ذات و المسجد ذات, الباب ذات و الدار ذات . و المعنى الثالث : الإستحاق هذا ل(اللام) انتبهوا اللام الآن هذا المعنى الثالث لها مثل قولك : { الحمد لله } من الذي يستحق الحمد و الثناء والتمجيد ؟ إنه الله جل و علا , فإذًا اللام في كلمة (لله) تفيد الاستحقاق إذ لا يستحق ذلك غيره سبحانه و تعالى و ضابط ذلك أن تقع بين اسم ذات كلفظ الجلالة (الله) و اسم معنى ك(الحمد) فالحمد ليس اسم ذات إنما هو اسم معنى فهذا الذي يميز اللام التي تفيد الاستحقاق . قال ( و من حروف الخفض حروف القسم ) فلا يزال يستطرد في الحروف و معانيها و دلالتها على اسمية كلمةٍ ما قال ( و من حروف الخفض حروف القسم وهي ثلاثة , الأول الواو و هي لا تدخل إلا على الاسم الظاهر نحو : والله ) الآن لفظ الجلالة (الله) اسم كيف عرفنا أنه اسم ؟ دخل عليه حرف , أول شيء حرف, ثانيا كونه حرف خفض, ثالثا كونه حرف خفض وقسم فالواو تقول حرف خفض وقسم , وهذه عامة أعني الواو تدخل على الاسم الظاهر أي شيء اسم ظاهر سواء أكان لفظ الجلالة أو غير لفظ الجلالة كما في قوله تعالى { و الطور و كتاب مسطور } { و التين و الزيتون وطور سينين } هذه كلها أسماء بدخول حرف القسم (الواو) عليها . (و الثاني الباء ولا تختص بلفظ دون لفظ بل تدخل على الاسم الظاهر) يعني هذه أكثر توسعا من الأولى أعني (الباء) فإن تلك تدخل على الاسم الظاهر معناه أنها ما تدخل على الضمير, صحيح الظاهر قد يكون لفظ الجلالة و قد لا يكون لكن الباء تدخل على الاسم الظاهر سواء لفظ الجلالة أو غير لفظ الجلالة و كذلك يدخل على الضمائر , فأما على الاسم الظاهر نحو قولك : ( بالله لأجتهدن ) فالآن لفظ الجلالة (الله) اسم دل على اسميته دخولُ حرف من حروف القسم وهو الباء ( و قد تدخل الباء على الضمير نحو بك لأضربن الكسول ) إذا كان المخاطب بذلك الله جل و علا أي أستعين بالله أو أقسم بالله جل و علا لأضربن الكسول , فهنا دخلت الباء على الكاف و الكاف ضمير . و الثالث : التاء و لا تدخل إلا على لفظ الجلالة فقط نحو { و تالله لأكيدن أصنامكم } فالآن { تالله } لفظ الجلالة هنا دخل عليه حرفُ القسم التاء فأفادنا أن لفظ الجلالة اسم وأنه اسم مجرور بحرف الجر والقسم التاء و علامة جره الكسرة { و تاللهِ لأكيدن أصنامكم } . بهذا نكون قد انتهينا من درسنا إجمالا ولكن ثمة فوائد منها : * أن التاء هذه قد تدخل على غير لفظ الجلالة و هذا قليل في كلام العرب مثل قولهم ( تالرحمنِ ) و قولهم ( تربِّ الكعبة ) و هذا قليل جدا , لكن الأكثر استعمالا أن التاء تدخل على لفظ الجلالة تالله , هذا أمر . * الأمر الآخر بارك الله فيكم أن علامات الاسم كما تقدم, أن ابن آجروم ذكر أربعة علامات و هي الخفض و التنوين و دخول الألف و اللام و حروف الخفض فهذه كلها علامات من علامات الاسم و قد ذكرت لكم أنها أكثر من ذلك و ابن مالك يقول : بالجر و التنوين و النِّداء و أل * * * و مسندٍ للفعل تمييزٌ حصل فأضاف شيئين ليسا عندنا :أضاف النداءَ و أضاف الإسنادَ فإنك عندما تقول (يا محمدُ){ و قلنا يا آدمُ اسكن أنت و زوجك الجنة }(يا آدم) فالآن آدم أو محمد هنا مفرد علم مبني على الضم في محل نصب منادى للياء و هذا سيأتينا مستقبلا و شاهدنا أن ياء هذه دخلت على محمد فأفادت أن محمداً اسم , بدخول النداء . العلامة السادسة: هي الإسناد أن تسند شيء إلى شيء و من ذلك المبتدأ للخبر و الفعل إلى الفاعل . فائدة * و لكن أريد أن أجمل لكم تلك العلامات الكثيرة التي ينّصون عليها إلى ثلاثة أقسام و انتبه معي و اكتب هذه الفائدة فهي ختام الأمر : ذكر بعضهم أن للاسم ثمان علامات – قلنا قبل قليل ستة, الآن ثمانية – قال و تنقسم إلى ثلاثة أقسام : القسم الأول ما وقع في أوله -علامات تأتي في أول الكلمة- ما وقع في أوله و هي أربع : (أل) أخذناها البيت ف(أل) دخلت على كلمة البيت فأفادت كونها اسما . ثانيا : أحد حروف الجر و هذا تقدم معنا ( من البيت ) . ثالثا : أحد حروف النداء و هذا تقدم معنا في ألفية ابن مالك . رابعا : دخول حرف من حروف القسم و هذا تقدم معنا في الحروف فكل هذه دخلت في أول تلك الكلمة فهذا هو القسم الأول و هو ما وقع في أوله و هي أربعة أشياء . القسم الثاني : ما وقع في آخره و هي ثلاث : التنوين, التنوين يأتي في البداية و إلا في النهاية ؟ في النهاية , والخفض كذلك الكسر هذه تجدها في الأخير , والإضافة فإنها كذلك تأتي في الأخير فهذا هو القسم الثاني ما وقع في آخره . القسم الثالث : المعنوية و هي الإسناد يقولون بسبب الإسناد عرفنا اسمية التاء في قولك ( قمت ), (قمت) فعل فاعل كيف عرفنا أن التاء لفاعل ؟ للإسناد, فالإسناد دل على اسمية التاء و يقول النحاة : إن الإسناد هو أعظم و أقوى تلك العلامات كلها في اسمية كلمةٍ ما , يعني أي شيء تريد تعرف اسميتها فإن الإسناد من أعظم العلامات التي تبيِّن ذلك . الخاتمة * بهذا نكون قد أتينا إلى آخر درسنا و نجمله إجمالا أخيراً فنقول : إن علامات الاسم أربع : الخفض و التنوين و دخول الألف و اللام و حروف الخفض , هذه إذا وجدت واحدة منها في كلمة ما فإن تلك الكلمة تكون اسماً وهذه علامة من علامات اسمية تلك الكلمة . وفق الله الجميع لما يحبه و يرضى و أرجو إذا وجد سؤال أن يكون في صميم الدرس مما قد فاتنا أو من الذي لم نوفق في بيانه بيانا شافيا . هذا و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . |
تفريغ الدرس السادس بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه أما بعد : أيها الإخوة الكرام أخذنا في درسنا السابق " علامات الاسم "وقلنا : إن ابن آجروم رحمه الله تعالى ذكر من علامات الاسم أربعاً , فذكر ( الخفض و التنوين ودخول الألف واللام وحروف الخفض ) وقلت لكم : إن هذه الأربع ليست كل علامات الاسم وإنما له علامات كثيرة وقد عدها بعضهم أكثر من ذلك , إنما التركيز على هذه الأربع التي ذكرها المؤلف هنا وهي : ( الخفض و التنوين و دخول الألف واللام وحروف الخفض ) فإن هذه العلامات الأربع تدلك على اسمية كلمةٍ ما من غيرها , ولا أريد أن أكرِّر الكلام ولكن هذا للتذكير .علامات الفعل قال : والفِعْلَ يُعْرَفُ بِقَدْ ، وَالسينِ و" سَوْفَ " وَتَاءِ التأْنيثِ السَّاكِنة .وأقول : يَتَميز الفعْلُ عن أَخَوَيْهِ الاسمِ وَالْحرفِ بأَرْبعِ علاماتٍ ، متي وَجَدْت فيه واحدةً منها ، أو رأيتَ أنه يقبلها عَرَفْتَ أَنَّه فعلٌ : الأولى : قد والثانية : " السين " والثالثة : " سوف " والرابعة : تاءُ التأْنيث الساكنة . أما " قد " : فتدخل على نوعين من الفعل ، وهما : الماضي ، والمضارع . فإذا دخلت على الفعل الماضي دلَّتْ على أحد مَعْنَيَيْن ـ وهما التحقيق والتقريب ـ فمثالُ دلالتها على التحقيق قولُه تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ }وقولُه جل شأْنه: { لَقَدٍ رَضِيَ الله عَنِ الْمُؤْمِنِينَ } وقولنا : " قَدْ حَضََر مُحَمَّدٌ" وقولنا : " قد سافَرَ خَالِدٌ " ومثالُ دلالتها على التقريب قولُ مُقيم الصلاة : " قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ " وقولك : " قَدْ غَرَبَت الشَّمْسِ" . وإذا دخلتْ على الفعل المضارع دلَّتْ على أحدِ مَعْنَيَيْن أيضاً ـ وهما التقليل ، والتكثير ـ فأما دلالتها علي التقليل، فنحو ذلك : " قَدْ يَصْدُقُ الكَذُوبُ " و قولك : " قَدْ يَجُودُ الْبَخِيلُ " وقولك : " قَدْ يَنْجَحُ الْبَلِيدُ " . وأما دلالتها على التكثير ؛ فنحو قولك : " قَدْ يَنَالُ الْمُجْتَهِدُ بُغْيَتَه " وقولك : " قَدْ يَفْعَلُ التَّقِىُّ الْخيْرَ " وقول الشاعر : قَدْ يُدْرِكُ الْمُتَأَنِّي بَعْضَ حَاجَتِه * * * وَقَدْ يَكُونُ مَعَ الْمُسْتَعْجِلِ الزَّلَلُ وأما السين وسوف : فيدخلان علي الفعل المضارع وَحْدَهُ ، وهما يدلان علي التنفيس ، ومعناه الاستقبال ، إلاّ أنّ " السين " أقَلُّ استقبالاً من "سوف" . فأما السين فنحو قوله تعالي : { سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النِّاسِ } ،{ سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ } وأما "سوف " فنحو قوله تعالي : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَي } ، { سَوْفَ نُصْلِيهمْ نارًا } ، { سَوْفَ يَؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ }. وأما تاءُ التأْنيث الساكنة : فتدخل على الفعل الماضي دون غيره ؛ والغرض منها الدلالة علي أنَّ الاسْمَ الذي أُسند هذا الفعلُ إليه مؤنَّثٌّ ؛ سواءٌ أَكان فاعلاً ، نحو " قَالَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤمِنِينَ " أم كان نائبَ فاعل ، نحو " فُرِشَتْ دَارُْنَا بِالْبُسُطِ " . والمراد أنها ساكنة في أصل وَضْعها ؛ فلا يضر تحريكها لعارض التخلص من التقاء الساكنين في نحو قوله تعالي : { وقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ } ،{ إذْ قَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ } ،{ قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ } . ومما تقدم يتبين لك أن علامات الفعل التي ذكرها المؤلف علي ثلاثة أقسام : قسم يختص بالدخول على الماضي ، وهو تاءُ التأنيث الساكنة ، و قسم يختص بالدخول على المضارع ، وهو السين وسوف ، وقسم يشترك بينهما، وهو قَدْ . و قد تركَ علامة الفعل الأمر ، وهي دلالته على الطلبِ مع قبوله ياءَ المخاطبة أو نون التوكيد ، نحو " قُمْ " و "اقْعُدْ" و " اكْتُبْ " و " انْظُرْ" فإن هذه الكلمات الأرْبَعَ دَالةٌ علي طلب حصول القيام والقعود والكتابة والنظر ، مع قبولها ياء المخاطبة في نحو : " قُومِي ، واقْعُدِي " أو مع قبولها نون التوكيد في نحو " اكُتُبَنَّ ، وانْظُرَنَّ إلي مَا يَنْفَعُكَ ". قال : و الْحَرْفُ مَالاَ يَِِصْلُحُ مَعَهُ دَلِيلُ الاِسْمِ وَلاَ دَلِيلُ الْفِعْل هذه الكلمات الثلاث حروفٌ ، لأنها لا تقبل "أَلْ" و لا التنوين ، ولا يجوز دخول حروف الخفض عليها ، فلا يصح أن تقول : المِنْ ، لا أن تقول: منٌ ، ولا أن تقول : إلى مِنْ ، وكذلك بقية الحروف .وأقول : يتميّز الحرف عن أَخَوَيْهِ الاسمِ والفعلٍ بأنه لا يصح دخول علامة من علامات الأسماءِ المتقدِّمة ولا غيرها عليه ، كما لا يصح دخولُ علامة من علامات الأفعال التي سبق بيانُها ولا غيرها عليه ، و مثالُه " مِنْ " و " هَلْ" و" ِلمْ " وأيضاً لا يصح أن تدخل عليها السينُ ، ولا " سوف " ولا تاءُ التأْنيثِ الساكِنةُ ، ولا "قَدْ" ولا غيرها مما هو علاماتٌ علي أن الكلمة فعل . الشرح : الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد : بسم الله الرحمن الرحيم فدرسنا في هذه الليلة المباركة بإذن الله عز وجل حول علامات الفعل ودلائله التي تدل على أن هذه الكلمة فعل وليست اسما ولا حرفا وقد ذكر ابن آجروم رحمه الله تعالى من علامات الفعل أربع علامات فقال ( الفعل يعرف بقد والسين وسوف وتاء التأنيث الساكنة ) هذه الأربع العلامات إذا رأيت واحدة منها قد دخلت على الفعل في أوله أو في آخره كان ذلك دليلا ًعلى فعلية تلك الكلمة قال الشارح ( وأقول : يتميز الفعل عن أخويه الاسم والحرف بأربع علامات متى وجدتَ فيه واحدة منها أو رأيت أنه يقبلها عرفتَ أنه فعل :الأولى (قد) و الثانية (السين) و الثالثة (سوف) و الرابعة (تاء التأنيث الساكنة)) . فتبين لك الآن على أن علامات الفعل فيما ذكر المؤلف أربع علامات, احفظ كما أن للاسم أربع علامات فيما ذكر المؤلف فإن للفعل أيضا أربع علامات فيما ذكر المؤلف , وفي هذا يقول العمريطي : والفعل معروف بقد والسين * * * وتـاء تأنيث مع التسكين وتا فعلت مطلقا كجئت لي * * * والنون و اليا في افعلن وافعلي و قال آخر : والفعل بالسين و سوف و بقد * * * فاعلم و تا التأنيث ميِّزه وَرَدْ يعني هذا الأمر ورد ووجد, فإذاً هذه الأربع العلامات و هكذا قال الحريري رحمه الله : و الفعل ما يدخل قد و السين * * * عليه مثل بـان أو يبين أو لحقته تاء من يحـدث * * * كقولهم في ليس لست أنفث أو كان أمراً ذا اشتقاق نحو قل * * * مثاله ادخل وانبسط واشرب وكل فقد ذكر النحاة هذه العلامات الأربع ونشرع الآن في بيانها وفي إيضاحها . قال الشارح ( أما (قد) فتدخل على نوعين من الفعل وهما الماضي والمضارع ) معناه أن (قد) ليست مختصةً بفعل من الأفعال الثلاثة المعروفة لدينا لأنه كما تقدم أن أنواع الفعل ثلاثة : "الماضي و المضارع و الأمر " وقد تقدم بيانها ولكن اليوم نريد علامة الفعل سواء كان ماضيا أو مضارعا أو أمرا, فإن كان ماضيا أو مضارعا فإنه يعرف بـ(قد) و حينها فإنك تجد أن لـ(قد) هذه معنى في الماضي غير المعنى في المضارع والعكس . قال هنا ( فإذا دخلت على الفعل الماضي دلت على أحد معنيين و هما التحقيق و التقريب ) يعني إما أن تفيد التحقيق و إما أن تفيد التقريب ( فمثال دلالتها على التحقيق قوله تعالى { قد أفلح المؤمنون } ) الآن (قد) دخلت على أي فعل من أنواع الفعل الثلاثة ؟ الماضي والمضارع والأمر ؟ في قوله تعالى { قد أفلح المؤمنون } ؟ كلمة (أفلح) الآن هل هي ماض أم هي مضارع أم هي أمر ؟ الإجابة هذا فعل ماضٍ, ما الذي دلنا على أن (أفلح) هذا فعل ماضٍ ؟ أنه سبق بـ(قد) طيب إذًا (قد) هذه علامة لفعلية (أفلح) وأنه أيضا فعل ماض , الأمر الآخر إذا كان (قد) هنا دخلت على (أفلح) فيجب أن تفيد أحد معنيين إما التحقيق و إما التقريب, فهنا في هذه الآية ماذا أفادت ؟ الإجابة أنها أفادت التحقيق لأن المؤمنين قد تحقق فلاحُهم فيما أخبر الله جل وعلا عنهم فقال : { قد أفلح المؤمنون } هذا يفيد التحقيق وكذلك قوله جل شأنه { لقد رضي الله عن المؤمنين } أي تحقق رضا الله على المؤمنين , وأنه قد رضي عنهم سبحانه , و كذلك مما يدل على التحقيق ووقوعِ الأمر قولنا : ( قد حضر محمد ) بشرط أن يكون محمد هذا موجودا وفعلاً حاضراً بين أيدينا , فإذا كان حضر فعلا ومثل أمامنا فإنك ستقول ( قد حضر محمد) حضر الآن فعل ماض و دلَّ على فعليته سبق (قد) عليه و (قد) هنا بمعنى التحقيق إن كان قد مثل أمامنا (محمدٌ) و إن كان تأخر وإنما أردنا تقريب حضوره فهذا شيء آخر يفيد التقريب حينئذٍ , وقولنا : (قد سافر خالد ) كما تقدم الشرط إذا كان فعلاً أن خالدا قد ذهب وركب سيارته و انطلق وليس موجودًا الآن أمامنا يتهيأ (قد سافر خالد) فـ(قد) هنا تفيد إيش ؟ التحقيق . قال ( ومثال دلالتها على التقريب قول مقيم الصلاة ( قد قامت الصلاة ) ) أما (قد قامت الصلاة ) فليس ثمة وجه آخر , فإنها لا تفيد هنا إلا التقريب فلا يأتي بمعنى التحقيق لأنه يحتاج أن يتم إقامته للصلاة ثم بعد ذلك يكبر الإمام ثم يدخل في الصلاة , فإذًا أن معنى قوله ( قد قامت الصلاة ) أي قارب قيامها الحقيقي . ( وكذلك قولك ( قد غربت الشمس )) هذا يشترط فيه شرطٌ و هو أن يكون قد غاب قرصُها وظهر الليل واختفى النهار فهنا بهذه الصورة يعتبر تحقيقا , فأما إن كان لم يغب قرصها و لا يزال فيه ومَضات من النهار فمعنى ذلك أن هذا يفيد إيش ؟ التقريب, ففي قوله: ( قد غربت الشمس) تحمل إذا لم يغب قرصُ الشمس هذا يدل على المقاربة, على التقريب , يفيد التقريب , يعني أن معنى (قد) هنا بمعنى التقريب فهو بحسب غياب قرص الشمس من عدمه والمقصد من هذا : دخول (قد) على الفعل الماضي و أنها تفيد حينئذ التحقيق أو التقريب , فأرجو أن يكون هذا واضحا لأننا سنتحدث الآن عن دخول (قد) على الفعل المضارع . قال ( و إذا دخلت – أي (قد) – على الفعل المضارع دلت على أحد معنيين أيضا و هما : التقليل و التكثير ) إذًا على الماضي التحقيق أو التقريب وعلى المضارع التقليل أو التكثير, قال ( فأما دلالتها على التقليل فنحو قولك ( قد يصدق الكذوب )) هذا تقليل لماذا قلنا تقليل ؟ لأن الأصل في الكذوب أنه كذوب وأنه يقع منه الكذب , لكن هل الكذوب قد يقع منه الصدق ؟ الإجابة : نعم , ولعلِّي أذكركم بما في الصحيح في قصة أبي هريرة عندما أتى ذلك الرجل يأخذ من بيت المال و يحثه حثوات فيمسك به أبو هريرة رضي الله عنه فيقول له ذلك الرجل : أنا لي عيال و لي كذا و لي كذا فيتعذر ثم يتكره ثلاث ليال و في الليلة الثالثة لا يتركه و قال له والله لأرفعن أمرك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم , فقال: ألا أدلك على شيء إذا فعلته في الليل لم يقربك شيطان حتى تصبح ؟ قال: بلى قال: آية الكرسي فلما رجع إلى اليوم الآخر فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لأبي هريرة ( أتدري من كان معك من ثلاث ليال ؟ قال الله و رسوله أعلم ؟ قال : ذاك شيطان صدقك و هو كذوب ) شاهدنا هذا ( صدقك وهو كذوب ) فمعنى ذلك أن الأصل في الكذاب أنه يكذب ولكن قد يصدق أحيانا فهذا دليل على التقليل (قد يصدق الكذوب) الآن (قد) دخلت على يصدق فدل على أن كلمة يصدق فعل وأن هذا الفعل فعل مضارع وأنه قد سبق ب(قد) التي هي بمعنى التقليل , ومن ذلك أيضا قولك ( قد يجود البخيل ) فالأصل في البخيل أنه بخيل لا يكاد يعطي شيئاً ولكن قد يقع منه الجود مرة أو مرات يسيرة لعوارض و أغراض ربما , فإذًا في حقه يعتبر تقليلا , وقولك أيضا ( قد ينجح البليد ) فالأصل على البليد أنه يحافظ على كرسيه ليبقى نظيفا في العام القادم فلا ينجح, لكن قد يحصل أن يوفق الله عز وجل شخصا بليدا أو أن يقع له من يدفُّه كما يقال فينجح , فقد يقع له النجاح مرة من المرات فإذًا في حقه يعتبر تقليلا ( قد ينجح البليد) هذا يحصل قليلا . (و أما دلالتها على التكثير – أي دلالة (قد) على التكثير – فنحو قولك : ( قد ينال المجتهد بغيته )) الأصل في المجتهد أنه ينال ما يريد, ينال ما ينصب ويكد و يجتهد من أجله هذا الأصل فيه فلهذا يعتبر هذا في حقه تكثيرا و قولك (قد يفعل التقي الخير ) فالأصل في التقي فعل الخير و مزاولة الخير و إتيانه فهذا في حقه يعتبر تكثيرا ومن ذلك في الحالتين قول الشاعر : قد يدرك المتأني بعض حاجته * * * و قد يكون مع المستعجل الزلل فالمتأني في طلب حاجته بروية و هدوء و سكينة و طمأنينة يصل إلى حاجته وهذا يحمل على التكثير لأن هذا هو الغالب في المتأني أنه يصيب حاجته و بالعكس المستعجل يقع منه الزلل لكثرة مخالفاته فيعتبر هذا في حقه تكثيرا . (و أما (السين) -وهذا هو الأمر الثاني من علامات الفعل- وأما (السين) و (سوف) فيدخلان على الفعل المضارع وحده ) معناه : أن (قد) ليست مختصة بنوع من الفعل بل هي داخلة على الماضي والمضارع أما (السين) و (سوف) فإنها مختصة بالفعل المضارع, افهم هذا , قال ( وهما يدلان على التنفيس ) التنفيس يعني الدلالة على مهلة زمنية واستقبال في الأمام قال ( و معناه الاستقبال إلا أن السين أقل استقبالاً من سوف) .هذا البيت في الحاشية من سير أعلام النبلاء في المجلد الثالث صفحة ست وثلاثين وخمسمائة وأشار إلى أن قائل هذا البيت عمر بن شييم التغلبي. المهم أننا أخذنا (قد) و أنها علامة من علامات الفعل و أنها تدخل على الفعل الماضي و المضارع و أنها إذا دخلت على الماضي أفادت أحد معنيين إما أن تكون بمعنى التحقيق أو بمعنى التقريب وأما إذا دخلت على الفعل المضارع فإنها تفيد أحد معنيين إما أن تكون بمعنى التقليل أو أن تكون بمعنى التكثير انتهى . و سيمثِّل لهذا فقال ( فأما السين فنحو قوله تعالى { سيقول السفهاء }) فهذا يدل على التنفيس أو المهلة الأقل من سوف { سيقول السفهاء } متى يقولون ذاك ؟ في فترة قريبة و ليست بعيدة ومثل ذلك { سيقول لك المخلفون } الفعل أصلا ما هو ؟ (يقول) الذي سُبق بالسين التي تدل على التنفيس , (و أما سوف فنحو قوله تعالى { ولسوف يعطيك ربك فترضى }) الفعل أصلا (يعطي) وسُبق بسوف لتدل على فعليته و هو هنا فعل مضارع (يعطيك) سوف دخلت على (يعطيك) ولكن هذا العطاء ليس قريباً وإن كان لتحققه يعتبر قريبا و إلا فهو في دار الآخرة ( وكذلك قوله تعالى { و سوف نصليهم نارا }) و تصلية النار تكون في يوم القيامة في نار جهنم , فهذا يدل على التنفيس و المهلة البعيدة وهكذا { سوف يؤتيهم أجورهم } متى ينال الإنسان ثواب عمله؟ و متى ينال أجره ؟ في الآخرة معناه يدل هذا على التنفيس البعيد . فإذًا خرجنا من هذا إلى أن السين و سوف تدخلان على الفعل المضارع و هي علامة من علامات الفعل من حيث العموم ولكنها تختص بالفعل المضارع وتدلان على التنفيس . والشارح هنا يقول : إن السين أقل تنفيسا من سوف أي أقل مهلة والحق أن في ذلك إشكالا أورده : فقد جاءت بعض النصوص القرآنية وغيرها على أن السين قد تأتي للتنفيس البعيد خلافا لما ذكره هنا ومن ذلك قوله تعالى { سأصليه سقر } فيا تُرى سقر أهي في الدنيا أم هي في الآخرة؟ في الآخرة , وكيف التعبير عنها بالسين ؟ مما يدل على أن السين قد تأتي بمعنى التنفيس البعيد , ولهذا فقد اتفق الكوفيون على أن السين مساوية لسوف , وهذا قول ابن مالك وتبعه على ذلك ابن هشام كما في المغني . المهم هذه فائدة جانبية , انتهينا الآن من العلامة الثانية والثالثة من علامات الفعل : الأولى (قد) الثانية السين الثالثة سوف. أما العلامة الرابعة وهي تاء التأنيث الساكنة فهذه مختصة بالفعل الماضي لا تدخل تاء التأنيث الساكنة إلا على الفعل الماضي (فتدخل على الفعل الماضي دون غيره و الغرض منها الدلالة على أن الاسم الذي أُسند هذا الفعل إليه مؤنث سواء أكان فاعلاً نحو قولك ( قالت عائشة أم المؤمنين )) أين الشاهد ؟ (قالت) الشاهد (قالت) فـ(قال) فعل ماض دخل عليه تاء التأنيث الساكنة فدلت على أن كلمة (قال) فعل ماضٍ لدخول التاء عليها وهنا قال ( سواء أكان فاعلا ) أي الذي قال هذا القول هو عائشة وعائشة ماذا تكون ؟ تكون مؤنثاً قال هنا ( و الغرض منها الدلالة على أن الاسم الذي أُسند هذا الفعل إليه مؤنث ) فالآن هذا الاسم أُسند إلى (قال) لكونه فاعلاً يعني عائشة , (أو كان نائب فاعل نحو فُرشت دارُنا لأن (فُرِشَ) مغيَّر الصيغة يعني مبني للمجهول والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها من الإعراب خذها قاعدة , هي حرف لا محل له من الإعراب بتاتاً و الفائدة العظمى في تاء التأنيث الساكنة هي أن تكون علامة للفعل الماضي , افهم هذا , وأما دارُنا فـ(دار) نائب فاعل وهو مضاف هنا في محل جر بالإضافة و(بالبسط) جار و مجرور إلى آخره , المقصد أن تاء التأنيث هي العلامة الرابعة من علامات الفعل إلا أنها مختصة بالفعل الماضي دون سواه وفي هذا أتذكر قول الشاعر أو الناظم الذي أتى بأفعال ماضية مقرونة بتاء التأنيث الساكنة دلالة على لحاقها بالفعل الماضي قال الناظم : أشارتْ فحيّتْ ثم قامتْ فودّعتْ * * * فلما تولتْ كادتْ النفسُ تزهقُ فقد ذكر هنا جملة من الأفعال الماضية المقرونة بتاء التأنيث الساكنة : تنبيه"أشارت حيّت قامت ودَّعت تولت كادت" كل هذه أفعال ماضية و اتصلت بها تاء التأنيث دلالة على فعلية هذه الكلمات , وأن هذه الكلمات كلها أفعال ماضية لدخول تاء التأنيث الساكنة عليها. و يشترط أن تكون- يا إخوة- ساكنة فإن تاء التأنيث الساكنة هي التي تكون علامة من علامات الفعل قال : ( و المراد أنها ساكنة في أصل وضعها ) لما قلنا تاء التأنيث الساكنة معناه أنها ساكنة في أصل وضعها و إلا قد يأتي طارئ يصرفها عن أصلها (فلا يضر تحريكها لعارض التخلص من التقاء الساكنين في نحو قوله تعالي : { وقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ } ) الآن أصل الفعل (قالت) أو (قال) دخلت عليها تاء التأنيث الساكنة فهي قالت لكن يا إخوة عندنا فعل (اخرج) الهمزة في (اخرج) همزة وصل و القاعدة أن همزة الوصل تكون ساكنة والتاء تاء التأنيث تكون ساكنة , و العرب لا تنطق بساكنين لا يتأتَّى ذلك , فلا بد أن تكسر تاء التأنيث فقال : { وقالتِ اخرج عليهن }فهمتم كيف الطريقة ؟ { وقالتِ اخرج عليهن } حتى تتسنى القراءة الصحيحة , فإذًا هذا الكسر يعتبر كسرا عارضا تخلُّصيا من التقاء الساكنين فقط . و أما قوله { إذ قالتِ امرأة فرعون }فهذا خطأ ويؤسفني أن هذا الخطأ تكرر في طبعات الكتاب وأشد من ذلك من كثير من ُشرّاح هذه الرسالة أو هذا الكتاب أنهم يقرؤون هذا المثال على ما هو عليه و هذا خطأ والصواب في الآية { وقالتِ امرأة فرعونَ } أو { إذ قالت امرأة عمران } فإن كانت بكلمة (إذ) فالصواب في فرعون أن تقول عمران { إذ قالت امرأة عمران } فهمتم ؟ و إن كانت بالواو من غير إذ فهي صحيحة كما هي لكن احذف إذ واجعل بعدها الواو { و قالت امرأة فرعون } هذا أمر , والشاهد فيه { إذ قالت امرأة عمران } فالتاء هنا جاءت مكسورة لالتقاء الساكنين كما قال الناظم : إنْ ساكنان التقيا اكسر ما سبق * * * و إنْ يكن ليِّناً فحذْفه استحقْ فإذا كانا ساكنين قد التقيا فيُكسر أولهما . قال الشارح : (ومما تقدم يتبين لك أن علامات الفعل التي ذكرها المؤلف علي ثلاثة أقسام : قسم يختص بالدخول علي الماضي ، وهو تاءُ التأنيث الساكنة– كما رأينا - ، وقسم يختص بالدخول على المضارع ، وهو السين وسوف ، وقسم يشترك بينهما، وهو قَدْ)ما شاء الله ملخص جميل , وذلك أن تاء التأنيث الساكنة خاصة بالماضي , إذا رأيت تاء التأنيث الساكنة معناه الفعل الذي اتصلت به فعل إيش ؟ ماضي , وأن السين وسوف خاصة بالفعل المضارع فإذا رأيت السين وسوف قد دخلت على كلمة فمعناه أن هذا فعل مضارع , و أما (قد) فإنها تدخل على الفعل الماضي والمضارع معًا أو جميعا وكما تقدم في معناها حينئذٍ . بارك الله فيكم هذا بالنسبة لعلامات الفعل . قال الشارح (وقد تركَ علامة الفعل الأمر ) فلم يعرِّج عليه المؤلف وأذكر هنا فائدة لماذا لم يذكرِ المؤلفُ علامةَ فعل الأمر ؟ و ذلك أنه جرى على طريقة الكوفيين من أن الفعل قسمان لا غير: ماضٍ و مضارع , و أن الأمر داخل في المضارع لأنه مقتطَع منه, عندهم الفعل الأمر داخل في المضارع لأنه جزء منه قال :( بدليل أنه يبنى على ما يجزم به مضارعه ) و شرح هذا إن شاء الله سيأتي مستقبلا لا أشوِّش بذلك عقولكم كما في " الكواكب " 1/ 37 . فنعود إلى كلام الشارح هنا قال ( و قد ترك علامة فعل الأمر و هي) انتبهوا معي ما هي علامة فعل الأمر؟ قال ( دلالته على الطلب مع قبوله ياءَ المخاطبة أو نونَ التوكيد ) ولو قال (أو إحدى نوني التوكيد ) كان أقعد و أنسب . المهم الآن أريد في فعل الأمر قال (نحو قم و اقعد و اكتب) الآن الفعل الأمر معنا هنا (قم) أو (اقعد) أو (اكتب) ما هو الدليل لنا والعلامة التي تدلنا على أن هذا الفعل فعل أمر؟ والإجابة أنه دلنا على الطلب, طلب منا , لما قال لك فلان (قم) معناه أمرك بالقيام , هذا دليل على أنه فعل أمر, لما قال لك (اقعد) كذلك, لما قال لك (اكتب) كذلك أمرك , فمعنى هذا دلالة على طلبٍ ما . ثم ينضاف إلى ذلك علامة أخرى و هي قبوله ياءَ المخاطبة كما ذكر هنا (قومي و اقعدي) فالآن قومي لما تأمر امرأةً فتقول لها (قومي, اقعدي ) فالأصل في الفعل أنه : قم واقعد فلما قال : قومي وقبِلَ الياء, اقعدي وقبِلَ الياء كما في قوله تعالى { فكلي و اشربي و قرِّي عينا } كما في قول عنترة : إن الرجال لهم إليك وسيلةٌ * * * أن يأخذوك تكحَّلي وتخضَّبي شاهدنا ( تكحَّلي و تخضَّبي ) ففي كل ذلك اتصل فعل الأمر بياء المؤنثة المخاطبة , فإذا قبل ياء المؤنثة المخاطبة معناه أن هذا الفعل فعل أمر . علامة أخرى أيضا من علامات فعل الأمر : أن يقبل إحدى نوني التوكيد , وعندنا في نون التوكيد أن نون التوكيد قسمان نون توكيد ثقيلة ونون توكيد خفيفة , فإن قبل إحداهما كان فعل أمر أو قد يدل على أنه فعل أمر مثل : اكتُبَّنَ , انْظُرَنَّ إلى ما ينفعك , فالنون في قوله "اكتُبَّنَ" هذه نون التوكيد الثقيلة اتصلت بفعل الأمر و انْظُرَنَّ كذلك و أظن يريد وانظُرَنْ إلى ما ينفعك لأنه حتى يستقيم المعنى لا بد أن يسكن الثانية من أجل أن تشمل النونين . المهم أن فعل الأمر قد يقبل إيش ؟ نون التوكيد و لكن في حقيقة الأمر أن نون التوكيد ليست مختصة بفعل الأمر و إنما تدخل على الأمر و على المضارع . و المقصد من هذا بارك الله فيكم أن علامة فعل الأمر التي هي متحقِّقة دلالتها على الطلب مع قبوله ياء المخاطبة فاجعل هذا في رأسك لتصيب الصواب . بهذا نكون قد انتهينا من علامات الفعل و أنها أربع : (قد) و تدخل على الماضي و المضارع و (السين وسوف) و تدخلان على المضارع فقط و (تاء التأنيث الساكنة) و تدخل على الفعل الماضي فقط ( وترك علامة فعل الأمر ) وهي الدلالة على الطلب مع قبوله ياء المخاطبة . ثم نأتي الآن إلى الحرف و به نختم درسنا اليوم قال : (والحرف ما لا يصلح معه دليل الاسم و لا دليل الفعل ) يعني لا يصلح معه علامات الاسم إن نزَّلتها على الحرف, و لا يصلح معه علامات الفعل إن نزلتها على الحرف , فإذًا لا يتميز معك الحرف أبدا إلا بأنه لا يقبل أي علامة من علامات الاسم ولا من علامات الفعل , وفي هذا يقول الحريري : و الحرف ما ليس له علامة * * * فقس على قولي تكن علاّمة و أشرتْ لكم من قبل أن كلام العمريطي أقوى و أقعد فانظر ماذا قال : و الحرف لم يصلح له علامة * * * إلا انتفا قبوله العلامة كون الحرف لا يقبل علامة فإن ذلك علامة , فهمت الآن ؟ كون الحرف لا يقبل علامة من علامات الاسم ولا من علامات الفعل فذلك دليل وعلامة على حرفية تلك الكلمة . قال الشارح ( وأقول يتميز الحرف عن أخويه الاسم و الفعل بأنه لا يصح دخول علامة من علامات الأسماء المتقدمة ولا غيرها عليه كما لا يصح دخول علامة من علامات الأفعال التي سبق بيناها عليه ومثاله : مِنْ و هَلْ و لَمْ ) فعندك الآن مِنْ و هَلْ و لَمْ , هذه حروف , ولكن الشارح حقيقة تفنن فيها إذ أنه أحسن الاختيار فقد ذكر ثلاثة أنواع من أنواع الحرف ذكر : "مِنْ "ويريد أنه مختص بالدخول على الأسماء فإن مِنْ من حروف الجر و يدخل على الأسماء , و"هَلْ "و أنه مشترك فيدخل على الأسماء و على الأفعال كما تقدم معكم من قبل فدخوله على الأسماء مثل قولك : هَلْ محمد قد فرغ من الدرس ؟ ومثال دخوله على الفعل قوله تعالى { هل أتاك حديث الغاشية } أما "لَمْ" فإنه مختص بالفعل وبالفعل المضارع وحده (لَمْ يدخل محمد البيتَ ) فهمتم ؟ فهذه ثلاثة أنواع وكلها حروف مع اختلاف استعمالاتها, وكلها حروف و ليس لها علامة من علامات الاسم والفعل وإنما عدم قبولها لعلامات الاسم وعلامات الفعل يكون ذلك علامة لها . قال الشارح ( فهذه الكلمات الثلاثة حروف لأنها لا تقبل (أل) ولا التنوين ولا يجوز دخول حرف من حروف الخفض عليها فلا يصح أن تقول (أل من)) الآن مِنْ حرف صح ؟ فإذا أدخلت عليه (أل) التي هي علامة من علامات الاسم و قلت : (أل من) يصلح ؟ هذه اللكنة بعينها و العجمة ( ولا أن تقول مِنٌ )وقد علمنا أن التنوين من علامات الاسم فإذا أدخلت التنوين على الحرف وقلت (مِنٌ) هذا خطأ ( ولا أن تقول : إلى مِنْ فتدخل حرفا على حرف ) لا, أيضا خطأ ( وكذلك بقية الحروف و أيضا لا يصح أن تدخل عليها السين و لا سوف ) ما تقول (سوف مِنْ ) و لا (سوف هل) هذا كلام ركيك ( و لا تاء التأنيث الساكنة ) ما تقول (مِنْت) مثلا ما يصلح ( ولا قد) " قد مِنْ " لا يصلح (و لا غيرها مما هو علامات على أن الكلمة فعل ) . يعني الخلاصة : أنه ليس هناك علامة وجودية للحرف يعني شيء موجود مشاهد يدل على حرفية تلك الكلمة ليس هناك شيء من ذلك , بل علامته عدمية كونه لا يقبل أي علامة فذلك علامة والسبب : هو ضعف الحرف لذلك يقول سيبويه : ( إن الحرف رابطة تربط بين أجزاء الكلام ) فمعناه أنها ضعيفة وأنها تابعة وأن الحرف لا يستقل بذاته . يمكن أن نجمل الحرف بإذن الله عز وجل فيما يلي ونقول : إن الحرف ينقسم إلى قسمين : مختص وغير مختص , فغير المختص من الحروف هو الصالح للدخول على الأسماء والأفعال مثل (هَلْ) كما تقدم معنا (هَلْ ) هل المسافر قادم ؟ فدخل على الاسم , المسافر اسم , وتقول هل حضر أو قدم المسافر ؟ فدخل على قَدِمَ يعني على فعل , و أما المختص فنوعان : الأول : مختص بالأسماء و مختص بالأفعال فالمختص بالأسماء كحروف الجر فلا تدخل إلا على الأسماء بدليل أنها من علامات الاسم فهي لا تدخل على الأفعال و لا على الحروف بل على الأسماء فقط . و الثاني : مختص بالأفعال فقط كحروف النصب و الجزم مثل : لن و لم , فهذه ستأتي معنا على أنها من نواصب وجوازم الفعل المضارع فيما سيأتي بإذن الله عز و جل مستقبلا هذا بالنسبة لما يتعلق بالحرف . إذًافعلامات الفعل أربع : قد و السين وسوف وتاء التأنيث الساكنة و أن (قد) تدخل على الفعل الماضي و على المضارع فإذا دخلت على الماضي أفادت أحد معنيين وهما التحقيق و التقريب و إذا دخلت على المضارع أفادت أحد معنيين و هما التقليل والتكثيروأما السين و سوف فتدخلان على الفعل المضارعو أما تاء التأنيث الساكنة فلا تدخل إلا على الفعل الماضي هذا مجمل علامات الفعل ونكتفي بهذا القدر وقد أطلنا ولكن هذا ما استطعنا أن نقدمه بالنسبة لهذا الدرس . وفق الله الجميع لما يحبه و يرضاه و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على آله و صحبه , وجزاكم الله خيرا . |
جزاك الله أخي أكرم على جهودك الطيبة ونحن بانتظار الدرس السابع واستمرار هذه الدروس الممتعة وفق الله أبو رواحة لكل خير |
جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 02:27 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي