[أم جابر السلفية]

	الخطبة الثانية: الحمد لله عَلَى إحسانِه، والشّكرُ لَه على توفِيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشَأنه، وأشهد أنَّ سيّدَنا ونبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام. أيّها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوَى الله جلّ وعلا، فهي وصيّةُ الله للأوَّلين والآخِرين. أما بعد: فبعد ذلك الاستعراض السريع لحياة أم المؤمنين وسيرتها أجد الحاجة ملحة أن أذكر نفسي وإياكم بأن القصد من عرض سير الصالحين والصالحات ليس مجرد المتعة والأنس والبهجة باستعراض أخبارهم ولكن المقصود الأكبر هو أن نعمر القلوب بمحبة الصالحين وأن نقتدي بهم في الخير الذي كانوا عليه مما دل على خيريته كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبمناسبة الحديث عن عائشة فإنني أذكركم يا أولياء الأمور أن تربوا نساءكم وبناتكم وأخواتكم ومن تحت أيديكم من النساء على الاقتداء بالصالحات الطاهرات من أمهات المؤمنين ومن سلك سبيلهن واقتفى أثرهن فإنهن القدوة الصالحة لكل مسلمة تريد رضي ربها عز وجل ولا سيما عائشة رضي الله عنها. ليجعلن من عائشة قدوة حسنة لهن في الحرص على طلب العلم النافع الذي يستقى من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وكل علم نافع تحتاجه الأمة من لغة وأدب وطب وغيرها مع الحياء والحشمة والمحافظة التامة على الحجاب والقرار في البيوت والبعد عن مخالطة الرجال كما أمر الله تعالى بذلك كل مسلمة مؤمنة. ليقتدين بعائشة في الاجتهاد في الأعمال الصالحة من صلاة وصيام وصدقة فنعم الزاد هي للسفر إلى دار الآخرة. ليقتدين بها في حسن التبعل للزوج والقيام بحقوقه وشؤونه على أكمل الوجوه وأحسنها. ليقتدين بها في التواضع والبعد عن غرور الدنيا وزخرفها الزائل الفاني. ليقتدين بها في الصبر عند المحن والابتلاء فكم هي الفتن التي تمر بها المسلمة اليوم فما لم تعتصم بربها وتستمسك بدينها جرفتها تلك الفتن وهوت بها في مكان سحيق. والحذر الحذر أن يزهد الشيطان بناتِنا ونساءَنا في الاقتداء بها وبأخواتها أمهات المؤمنين فإنهن إذا زهدن فيهن اقتدين بغيرهن ممن لا يقمن للدين ولا للحياء ولا للعفة وزنا ولا يرفعن بها رأساً فيهلكن أشنع هلاك وأسوءه اللهم ارض عن أمنا عائشة بنت أبي بكر واجزها خير ما جزيت به عبادك الصالحين اللهم إنا نشهدك على حبنا لها في جلالك وعلى بغض من يبغضها، والبراءة ممن يطعن فيها، اللهم وفق نساء المسلمين للاقتداء بها في فعل الصالحات، وترك المنكرات والحرص على ما ينفع، اللهم جنبهن سبل الفساد وأسباب الشر، اللهم احفظهن بحفظك واكلأهن برعايتك، و تجاوز عن سيئاتهن برحمتك أنت أرحم الراحمين. اللهم آمنا في دورنا واصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون. واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون المصدر..