عرض مشاركة واحدة
  #16  
قديم 12-19-2010, 01:00 PM
أبو عبد الله بلال يونسي أبو عبد الله بلال يونسي غير متواجد حالياً
وفقه الله ورزقه العلم النافع
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
الدولة: الجزائر
المشاركات: 203
أبو عبد الله بلال يونسي is an unknown quantity at this point
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الرحمن محمد العكرمي مشاهدة المشاركة
رحمك الله يا أبا عبد الله

لكأنّ القلب شاخص أمامك , و الوجدان ماثل قدامك

تخاطبه مخاطبة المحب , في صور

من أجمل صور الكلام و أعذبه

فكأني بألفاظك ندى باردٌ ينساب على أوراق

بل لكأنها النهر الرقراق

بل هي السحر و أيّ سحر هو

و إن من البيان لسحراً


أخي أبا عبد الرحمن ...

من خلال مطالعاتي الضيقة النطاق علمت أن الراجح أن السحر كلمة مذمومة في الدنيا مطلقا ؛ ولا يغتر المؤمن باستعمال الإمام ابن القيم لها بقوله عن الحور : حديثها السحر الحلال ؛ فإن ذلك منصرف إلى يوم القيامة وهو صحيح بهذا القيد ؛ وفي بابه قول العلماء في
وصف نعيم الجنة : خمر الجنة والزنا الحلال ...؛ وهكذا

وأما كلمة السحر فالاستقراء اليسير يرجح كونه مذموما مطلقا ....

وهذه فائدة من كلام الإمام ابن عثيمين - عليه رحمة الله - أسوقها هنا عساها تنفع إخواننا :

"ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن من البيان لسحرا"
قوله: "إن من البيان". "إن": حرف توكيد، ينصب الاسم ويرفع الخبر، و"من": يحتمل أن تكون للتبعيض، ويحتمل أن تكون لبيان الجنس، فعلى الأول يكون المعنى: إن بعض البيان سحر وبعضه ليس بسحر، وعلى الثاني يكون المعنى: إن جنس البيان كله سحر.
قوله: "لسحرا". اللام للتوكيد، و"سحرا": اسم إن.
والبيان: هو الفصاحة والبلاغة، وهو من نعمة الله على الإنسان، قال تعالى: { خلق الإنسان * علمه البيان } [الرحمن: 3،4].
والبيان نوعان:

الأول: بيان لابد منه، وهذا يشترك فيه جميع الناس، فكل إنسان إذا جاع قال: إني جعت، وإذا عطش قال: إني عطشت، وهكذا.
الثاني: بيان بمعنى الفصاحة التامة التي تسبي العقول وتغير الأفكار، وهي التي قال فيها الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "إن من البيان لسحرا".
وعلى هذا التقسيم تكون "من" للتبعيض، أي: بعض البيان ـ وهو البيان الكامل الذي هو الفصاحة ـ سحر.
أما إذا جعلنا البيان بمعنى الفصاحة فقط، صارت "من" لبيان الجنس.
ووجه كون البيان سحرا: أنه يأخذ بلب السامع، فيصرفه أو يعطفه، فيظن السامع أن الباطل حق لقوة تأثير المتكلم، فينصرف إليه، ولهذا إذا أتى إنسان يتكلم بكلام معناه باطل لكن لقوة فصاحته وبيانه يسحر السامع حقا، فينصرف إليه، وإذا تكلم إنسان بليغ يحذر من حق، ولفصاحته وبيانه يظن السامع أن هذا الحق باطل، فينصرف عنه، وهذا من جنس السحر الذي يسمونه العطف والصرف، والبيان يحصل به عطف وصرف، فالبيان في الحقيقة بمعنى الفصاحة، ولا شك أنها تفعل فعل السحر، وابن القيم يقول عن الحور: حديثها السحر الحلال.
وقوله: "إن من البيان لسحرا"، وهل هذا على سبيل الذم، أو على سبيل المدح، أو لبيان الواقع ثم ينظر إلى أثره؟
الجواب: الأخير هو المراد، فالبيان من حيث هو بيان لا يمدح عليه ولا يذم، ولكن ينظر إلى أثره، والمقصود منه، فإن كان المقصود منه رد الحق وإثبات الباطل، فهو مذموم، لأنه استعمال لنعمة الله في معصيته، وإن كان المقصود منه إثبات الحق وإبطال الباطل، فهو ممدوح، وإذا كان البيان يستعمل في طاعة الله وفي الدعوة إلى الله، فهو خير من العي، لكن إذا ابتلي الإنسان ببيان ليصد الناس عن دين الله، فهذا لا خير فيه، والعي خير منه، والبيان من حيث هو لا شك أنه نعمة، ولهذا امتن الله به على الإنسان، فقال تعالى: { علمه البيان } [الرحمن: 4].
* وجه مناسبة الحديث للباب:
المؤلف كان حكيما في تعبيره بالترجمة، حيث قال: باب بيان شيء من أنواع السحر، ولم يحكم عليها بشيء، لأن منها ما هو شرك، ومنها ما هو من كبائر الذنوب، ومنها دون ذلك، ومنها ما هو جائز على حسب ما يقصد به وعلى حسب تأثيره وآثاره.
* * *
فيه مسائل:
الأولى: أن العيافة والطرق والطيرة من الجبت. الثانية: تفسير العيافة والطرق. الثالثة: أن علم النجوم نوع من السحر. الرابعة: العقد مع النفث من ذلك. الخامسة: أن النميمة من ذلك. السادسة: أن من ذلك بعض الفصاحة.
قال: "فيه مسائل"، أي: في هذا الباب وما تضمنه من الأحاديث والآثار مسائل:
المسألة الأولى: أن العيافة والطرق والطيرة من الجبت. وقد سبق تفسير هذه الثلاثة وتفسير الجبت.
الثانية: تفسير العيافة والطرق. وقد بينت في الباب أيضا وشرحت.
الثالثة: أن علم النجوم نوع من السحر. لقوله: "من اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من السحر"، وسبق الكلام عليها أيضا.
الرابعة: العقد مع النفث من ذلك. لحديث أبي هريرة: "من عقد عقدة ثم نفث فيها، فقد سحر"، وقد تقدم الكلام على ذلك.
الخامسة: أن النميمة من ذلك. لحديث ابن مسعود: "ألا هل أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة"، وهي من السحر، لأنها تفعل ما يفعل الساحر من التفريق بين الناس والتحريش بينهم، وقد سبق بيان ذلك.
السادسة: أن من ذلك بعض الفصاحة. أي: من السحر بعض الفصاحة، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن من البيان لسحرا"، والمؤلف رحمه الله قال: بعض الفصاحة استدلالا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من البيان"، لأن "من" هنا عند المؤلف للتبعيض، ووجه كون ذلك من السحر أن لسان البليغ ذي البيان قد يصرف الهمم وقد يلهب ما عنده من الفصاحة.".


انتهى كلام العلامة الهمام

من القول المفيد
رد مع اقتباس