غفر الله لك أبا عبد الله
وماذا تبتغي الشعراء منِّي * * * وقد قاربتُ حد الأربعينِِ
إنك بشبابك وعنفوانك تعْجل على أمثالنا ممن عظمتْ التزاماته وضعفتْ قواه
وقد دفعك إلى ذلك شرَهُك العلمي في اكتساب الفائدة , كيف لا وفي الحديث :
منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا
فلا بأس عليك ولكن والله تزاحمت علينا متطلبات الدنيا ومهام الحياة ولسان حالي كما قال الأول :
تجمعَّت الضباع على خراش* * * فما يدري خراش ما يصيد
ومع ذلك كله نحاول جاهدين أن نضرب في كل باب بسهم , وقد تضعف الضربة ويتأخر دورها وأقول :
أما القسم الخامس الذي أشرتُ إليه سابقاً من أنه مزيج بين قسمين فأذكر له مثالاً واحداً لأنه قليل في القصيدة , وأرجو أن تربط بين تعليقي هنا وتعليقي السابق ليحصل المراد :
سرايا بــــعـــــــيــــــدا وحيــــدابمملكة بنيت بعــــــــــــــــــــــــــــنايــــــــــا
فهذا البيت مع كونه مكسوراً إلا أنه وقع فيه مزج بين قافيتين
وذلك أنك جعلت القافية هنا من القسم الأول , وليس كذلك بل صوابها في هذا البيت " بعناية" لتكون من القسم الثاني
وثمة قسم سادس إلا أنه ليس له تعلق بباب القوافي , وقد كان محطَّ وقوف أخي العكرمي وفقه الله مع قصيدتك
وهل توبتي سوف تمحوا ذنـــــــــوبـــــــــــي وترجـــعْ إلي الحياة الهــــــــــــــــــــنيــــــــه
وأقول إنك سكنت عين الفعل المضارع "ترجع" دون أن يسبق بجازم , وهذا خطأ نحوي , وإنما فعلتَ ذلك ليستقيم معك الوزن , كيف والبيت مكسور من كل وجه , ففيه نقص ظاهر , فكان صوابه :
وهل توبتي سوف تمحو ذنوبي * * * وترجعُ بي للحياة الهنية
وأما قولك :
أنصحي لغيري وإرشـــــــــــــــــادهم ســــــو * * * ف يـــفتحْ عليهم دروب الهـــــــــــــــدايــــــه
فهذا مثال آخر لما أشرتُ إليه آنفاً من تسكينك للفعل المضارع "يفتح" دون أن يسبق بجازم , إذ كان حقه الرفع , وإنما فعلتَ ذلك ليستقيم معك الوزن , وقد حصل لك المراد من هذه الجهة , ولكن وقعتَ في الخطأ النحوي , ولا بد من إعمال القاعدة النحوية ما أمكن فذلك الأصل .
هذا ما فتح الله به في هذه العجالة , فإن ظهر شئ أفدناك به ,
وختاماً أقول : من هنا يظهر لك كما يظهر لغيرك من أن قصيدتك لم تكن نفخاً في الهواء , وإنما كانت نفحاً من نفح الشعراء ونفثاً من نفث الأدباء , ولا بد للمصدور أن ينفث .
سدد الله خطاك وحفظك ربك ومولاك