اللغة العربية الكائن المنبوذ !!!
قد يتعجب الإخوة الفضلاء ممن محبي هذه اللّغة الشّريفة الكريمة عنوان قصيدتي هذه , غير أنني أقول لك أخي الحبيب , لا تعجلن فالواقع خير شاهد.
كيف لا و نحن في جميع البلدان العربية تقريباً , من أقصى العراق شرقاً إلى أقصى المغرب غرباً , و من شمال الشام إلى أقصى جنوب السّودان , لا تكاد تجد , بل إنك لن تجد مجتمعاً يتكلم لغة الأجداد الفحول , بل لا تجد حتى مثقفي تلك البلدان و أدعياء العربية يكادون يتكلمون بها .
بل إعجب !!, و أنا أحدّثك بما رأيت أنّ إمام المسجد المجاور لبيتنا , لا يحسن تركيب جملة صحيحة إعراباً , فضلاً عن أن ينمّقها بالأساليب البلاغية و البديع , فأين نحن من تلك القصة التّي حكاها الأصمعي رحمه الله حين يقول : (( رأيت أعرابيا و معه بنيّ له صغير يمسك بفم قربة , و قد خاف أن تغلبه القربة , فصاح : يا أبت أدرك فاها , غلبني فوها , لا طاقة لي بفيها !!)).
فهذا الصبي العربي لم يدع إقامة لسانه على لغته , و لو كان في أحلك الظروف , بل نطق بالفصيح و هو يصارع تلك القربة التي غلبه فوها!!
بينما تجد بعض المدرسين للغة العربية , يُجعجع في الكلام و هو على كرسيه الواسع , فلا هو بالّذي علم الطلبة اللّغة العربية , و لا هو بالّذي تركهم على حالهم , فولد لهم جهلاً مركباً , فصار بذلك شبيها بتوما الحكيم!!
هذا حالنا اليوم , بما جعل هذه اللغة الشريفة كأنها كائن غريب منبوذ , و أول من نبذه أهله و عشيرته و الله المستعان.
و لم تسلم حتى من دعاة العروبية الشّعوبية الذين يصيحون ليلاً نهاراً لإزاحة بقايا الكلمات العربية
في الوثائق الرّسمية بدعوى صعوبة التّعامل بها !!!
و الله المستعان
و إليكم مشاركتي :
صاح المعلّم صيحة دوّت لنا *** قوموا أيا..!!. ماذا أقول أنا هنا !!
جهل المعلّم رفعه للفاعل !!*** هذا الذي فعل الشّنيع بأهلنا !!
صاح المعلّم بعدها مستدركاً *** هيّا ((دُبُو))(1) ذا شيخنا قد زارناَ
ولج المفتّش(2) قائلاً : يا صاحبي *** ما هذه اللّغة الرّديئة بيننا
((سِي فُوفُلِي )) (3)خذ دورة في هذه!!*** ما اسمها ؟؟ أفٍ لها و لدهرنا
إي , إنّها لغة القرآن فذا الّذي *** قد كنت أسمع عالماً سمّى لنا
لا سيدي !! صاح المعلّم دائماً *** عربيةٌ اسم لها في سفْرناَ !!
قال المفتّش تائباً مستغفراً: *** قد كدت أفسد منهجاً مُتَقَنَّنَا
هذي حقيقة جلّ من مسك المدا *** رس ظالما و مجهّلاً أولادنا
عذرا أيا لغة القرآن فإنّكِ *** في منزل يعلو كما أقمارنَا
عذرا أيا لغة الحديث فعندنا *** قوم لهم جهل عريض بالسّنا
لا تحزني هذا زمان جهالة *** لا تحزني إن ضعتِ في أوطاننا
لا لا يزال بذي البسيطة أمّة *** حملت شراع الحقّ في أزماننَا
نفديك يا لغة القرآن بنفسنا *** و نفوسنا هانت مع أبداننَا
لو لم يكن لك مسكناً كتب الألى *** لجعلتُ كلّ قلوبنا لك مسكنا
حبّي لكِ بلغ السّماء بقوةٍ *** دوماً أصيح مردّداً و مدندناً
إن كان يدمن غيرنا رطناً دنا *** كنت المحبّ لشعرها بل مدمناَ
إن كنتِ في بستان نخلٍ باسقٍ *** كنتِ الزّكية ريحةً , خير الجنَى
هذي الحبيبة يا أخي نادتْكمُ *** و الحزن صار بقلبها متمكّنا
إني أنّا لغة القرآن جميلة *** إن كنت تبحث يا أخي فأنا هنا
ـــــــــــــــــــــــ
(1)كلمة فرنسية معناها : قوموا.
(2)المفتش هو المسؤول عن مراقبة مستوى المدرسين و تقييمهم.
(3)فرنسية معناها : إذ أردت أو إذا أحببت أو إذا شئت.