وللمتنبي ديوان شعر مشهور فيه أشعار رائقة ومعان ليست بمسبوقة بل مبتكرة شائقة وهو في الشعراء المحدثين كامرئ القيس في المتقدمين وهو عندي كما ذكر من له خبرة بهذه الأشياء متقدم أمره .
وقد ذكر أبو الفرج ابن الجوزي في منتظمه قطعا رائقة استحسنها من شعر هوكذلك الحافظ ابن عساكر شيخ إقليمه فمما استحسنه ابن الجوزي قوله :
عزيزا سبي من داؤه الحدق النُّجْلُ *** عياء به مات المحبون من قبْلُ
فمن شاء فلينظر إلي فمنظري ***نذير إلى من ظن أن الهوى سهلُ
جرى حبُّها مجري دمي في مفاصلي***فأصبح لي عن كل شغل بها شُغْلُ
ومن جسدي لم يترك السقم شعرة*** فما فوقها إلا وفا له فعل
كأن رقيبا منك سد مسامعي ***عن العذل حتى ليس يدخلها العذل
كأن سهاد الليل يعشق مقلتي ***فبينهما في كل هجر لنا وصل
ومن ذلك قوله :
كشفتْ ثلاث ذوائب من شعرها *** في ليلة فأَرتْ ليالي أربعا
واستقبلتْ قمر السماء بوجهها *** فأرتني القمرين في وقتٍ معا