وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك الله أخي أبا عبد الله وعلى الرحب والسعة
* فأما قولك :
في البداية أود أن أقول لكم إن عنايتي بالشعر قليلة جدا وهذه العناية لا تكاد تتعدى تفضيلي للمنظوم من المتون العلمية على المنثور منها
فأقول : لا ضير فأنت على أول الطريق الأدبي فهكذا البدايات فلا تحتقر ذلك وواصل السير
* وأما قولك : غير أني أحب العربية (ولا أجيدها)
فأقول : حبك إياها سر الظفر والفلاح, والطريق إلى الإبداع والنجاح ,
وأما أنك لا تجيدها فكلنا كذلك إلا أنه قد توجد بعض المفارقات اليسيرة التي لا تجعل الأقوى يفخر ولا الضعيف يتقهقر او يتأخر
وإذا ما كانت النفوس كبارا * * * تعبت في مرامها الأجسامُ
* وأما قولك : فأرجوا أن تتسع صدوركم لجرأتي.
فأقول : كيف لا تتسع وقد قصدنا القاصد حسْن ظن منه بمن قصد , بل والله نسعد بكل من يحاول أن ينصر الدعوة السلفية بما عنده من طاقة أو قدرات
وهو ما اشرتَ إليه بقولك : ولكن والحمدلله وكما هو ملاحظ فرحابة صدر الإخوة وعلى رأسهم شيخنا أبي رواحة جعلتني أستبشر خيرا.
غير أن قولك : أبي رواحة خطأ نحوي حقه أن تقول : أبو رواحة بالرفع بدل من شيخنا المرفوع والذي هو مبتدأ مؤخر , خبره شبه الجملة ( على رأسهم )
* وأما قولك : فأقول لشيخ الشعراء أبي رواحة كما قال الأخ الشاعر أبوعبدالله بلال يونسي "يا شيخ الشعراء .. ويا باقي الأدباء .. ما توجيهكم ..أهذا شعر .. أم محض نفخ في الهواء"
فأقول : لا أجد ما أقوله لك إلا ما قلته لأخي أبي عبد الله من قبل : لا والله لا والله لستُ بهذا الموصوف الذي وصفتَه ولا أرضاها منك , فرحم الله امرءأً عرف قدر نفسه , وقد دفعك ما دفع سابقك من الحب والإجلال , ولكن قد جعل الله لكل شيء قدرا
* وأما قولك : ان كان يمنعكم من النظر في ما كتبت أنكم تعدون عملي بتغيير نظم غيري سرقة للشعر على الرغم من أني صرحت به :
فأقول : لا والله أبا عبدالله وإنما منعتني مشاغل كثيرة أعظمها في غير الدين من طلب الرزق ورعاية الأهل والأبناء عفا الله عنا .
ولم يكن المانع لما كتبته كوني أعده من السرقه الشعرية ولا علم لي بشعر غيرك حتى أعدَّ الأخير سرقة شعرية , وعلى العموم إذا كان من السرقة الشعرية فإنه لا قطع يد فيها كما يقول الأدباء والبلاغيون ( إبتسامة )
* وأما اقتباساتك في مثل : (يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَآ إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ)
ومثل : (تَاللّهِ لَقَدْ عَلِمْتُم مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ)
فهي بديعة تدل على ذوق رفيع وبديهة حاضرة
* وأما قولك : فاستعنت بالله وركبت حمار الشعر (عذرا على التعبير) فوجدته ما يصلح لخوض البحار العميقة فعرفت قدر نفسي (ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه, فوقف دونها)
فأقول : تواضع يحتاجه طالب العلم , فهو من مقومات المرء وسر نجاحه , فهضم حقوق النفس كان من مزايا السلف , كقول الاعمش رحمه الله لولا هذا العلم لكنت بقالا ولقذرني الناس
وقول شيخنا الوادعي رحمه الله : أنا لا أساوي بصلة , ويا لله كم أخرج هؤلاء البقالون والذين لا يساوون بصلة على حد تعبيرهم هضما لأنفسم كم أخرجوا من تراث لهذه الامة , فما عسى أن أقول انا وأنت ؟!!
* وأما قولك عن الرجز : حمار اشعر :
فأقول : نعم عبّر بعض الادباء عنه بمثل هذا التعبير لسهولة ركوبه , دفعهم إلى ذلك النظرة اللغوية وغفلوا عن النظرة الأدبية الشرعية , وهنا تأتي المفارقة بين طالب الأدب بمنظور الشريعة عن غيره لهذا فأقول :
إن البحور الشعرية القوية مثل الكامل والطويل والوافر والمديد والمتقارب وغيرها دون الرجز لم تُعن بعلوم الشريعة فقها ومنهجا وعقيدةً , وإنما الذي عُني بها هو حمار الشعر على حد تعبيرهم
فنرى أن منظومات العلماء لم تأت إلا على وزن هذا البحر , فله من شريف هذه العلوم شرف .
* وأما قولك : وان كنت شيخنا تراني لم انضج بعد لنظم الشعر امتنعت علي كتابته.
فأقول : صوابه : عن كتابته , وأما كون أن هنالك بعض الملاحظات التي تحتاجها في تقويم نظمك فنعم , ولكن ليس معناه أن نوصد الباب في وجوه محبيه ومحبي الاعتناء به فلا , لأننا لو فعلنا ذلك لما وصل بعضنا إلى ما وصلوا إليه من الخير , ولقد كان شيخنا الوادعي رحمه الله يعرض عليَّ بعض مشاركات زملائي وهي في غاية من الهشاشة اللغوية والوزنية فلا أزال مقوِّما لها ولصاحبها فينفع الله به , لما أراه من تشجيع الشيخ رحمه الله لي ولغيري ,
والله الموفق .
وللحديث بقية إن شاء الله