بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد :
تابع كتاب عناقيد الكرامة
الجزء الثاني
قال السائل : أما الآن فنأتي إلى بعض الأسئلة الدعوية :
 |
|
 |
|
السؤال الثامن والعشرون :
تقول السائلة : نُلاحظ في بعض محاضراتنا إذا تكلمنا على السنة وأهل السنة , وأنهم هم الطائفة المنصورة , وأن أهل البدع والحزبيين يخالفون أهل السنة في كذا وكذا , قالت لنا بعض المتأثِّرات بالحزبية: هذه غيبة , هذه تفْرقة , بل هذا حرام أن تتكلمْن في المسلمين , ينبغي أن تتكلمن في اليهود والشيوعيين , فلذلك نرجو من سماحتكم نصيحة خاصة لمثل هؤلاء , لأن الملاحظ أن كثيراً من النساء الداعيات قد تحزَّبن وأصبحن لا يعرفن السنيَّ من الحزبي ؟
الجواب :
الأمر يا إخواننا خطير , بأَبِهِ اقْتدى عديٌّ في الكرَمْ ومنْ يشابِهْ أبَهُ فما ظلَمْ الحزبية مشابِهةٌ للحزبي , تقول لها : هذا الرجل يبغض السنة ويبغض أهل السنة , قالوا : اغتبته! يا هؤلاء , الله سبحانه وتعالى اغتاب أبا لهب لما قال : ] تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ [ [المسد : 1 - 3]
الله اغتاب ذلكم الرجل الآخر ] وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ [ [القلم : 10 - 13]
هل صاحب موسى عند أن واجهه أو جرحه موسى الذي قال لذلكم الرجل ] إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ[ [القصص/18] يكون قد اغتابه ؟
فالجرح والتعديل في الكتاب والسنة , هذا كلام لا تبالي به ولا تلتفتي إليه, فعند أن خرج كتاب المخرج من الفتنة ضجوا أيـُّما ضجة , وقالوا : هذا يغتاب الناس , قلت لهم : يا عباد الله ما تكلمت إلا في الحزبيين , قالوا : هذا يطعن في العلماء , قلت: إيتوني بعالِم واحدٍ طعنت فيه , أنتم تعدُّون عبدَ المجيد الزنداني عالِماً ؟! ما هو إلا صيدلي , تعدُّون حسنَ الترابي ترَّب الله وجهه عالِماً ؟!, تعدُّون محمدَ الغزالي عالِماً ؟! , تعدُّون يوسفَ القرضاوي عالِماً ؟!
يا إخواننا العالِم هو الذي يعمل بعلمه , أنا آتي لكم ببرهان أن الشخص قد يكون عنده عِلم ويُنزَّل منزلةَ الجاهل , قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : ] وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ[ [البقرة/102] أثبت لهم علماً ثم نفاه , فمثل يوسف القرضاوي ألَّف كتاباً في فقه الزكاة عنده شئ , لكن يا إخواننا بعد تلكم الفتاوى الزائغة أنسمِّيه عالِماً ما نسمِّيه عالِماً ولا نعتدُّ بكلامه .
فأنا أنصحكن بأن لا تلتفتن إلى هذا الكلام , وأن تعتبرنه هُراءً ,وأن تقلن على هذا فيحي بن سعيد القطان ويحي بن معين وعلي بن المديني والإمام البخاري والإمام مسلم والإمام الدار قطني والإمام الخطيب هؤلاء يغتابون الناس , لأنهم يقولون : فلان كذاب ,وفلان شيعي محترق , وفلان دجال من الدجاجلة !.
هؤلاء أئمة المسلمين , اقرأْنَ قرآناً بارك الله فيكن أيها السُنِيات , اقرأْن في ميزان الاعتدال , ربما تجدْنَ فيه "رتَن ومارتَن , وما أدراك مارتن , دجال من الدجاجلة , ادَّعى الصحبة بعد ست مائة عام" , والإمام الشافعي رحمه الله تعالى يقول : من روى عن البياضي بيَّض الله عيونه , ويقول : الرواية عن حرام بن عثمان حرام , ويقول الشافعي وأبو داود في كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف إنه ركن من أركان الكذب .
وهكذا كُتُب عُلمائنا مملوءة من هذا , فالتحذير من المبتدعة ومن الحزبيين يعتبر من أفضل الجهاد , بل شيخ الإسلام ابن تيمية يراه أفضل من الجهاد , لأن ما كلُّ الناس يقدرون على التحذير من المبتدعة , وعلى التحذير من الحزبيين , ما كل الناس يقدرون على هذا , لكن الذي يقدر فهذا يعتبر أفضل من الجهاد , ولا تُبالي أيتها السنية إذا قالوا إنكِ تغتابين الناس , نعم الغيبة محرَّمة وهي ذكرك أخاك بما يكره إن كان فيه .
أما الكلام في أصحاب البدع لأجل حاجة المسلمين فالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول :
( الدين النصيحة )[1] , وشعبة بن الحجاج كان يدعو أصحابه ويقول لهم : تعالوا نغتب في الله .
نعم , الأصل في أعراض المسلمين أنها محرَّمة , لكن للحاجة هذا أمر جائز , وقد يكون واجباً ولا تبالي , عمياء وأعمى , الحزبي أعمى الذي لقَّنها والحزبية والتي تلقَّنتْ هذا عمياءُ .
أعمى يقود بصيراً لا أبا لكم قد ضل من * * * كانت العميان تهديه .
|
|
 |
|
 |
[1] أخرجه مسلم برقم 55كتاب : الإيمان , باب : بيان أن الدين النصيحة , فقال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّىُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ قُلْتُ لِسُهَيْلٍ إِنَّ عَمْرًا حَدَّثَنَا عَنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِيكَ قَالَ وَرَجَوْتُ أَنْ يُسْقِطَ عَنِّى رَجُلاً قَالَ فَقَالَ سَمِعْتُهُ مِنَ الَّذِى سَمِعَهُ مِنْهُ أَبِى كَانَ صَدِيقًا لَهُ بِالشَّامِ ثُمَّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الدِّينُ النَّصِيحَةُ » قُلْنَا لِمَنْ قَالَ « لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ .
يتبع كتاب عناقيد الكرامة
|