بسم الله الرحمن الرحيم
حائية ابن أبي داود 
 
تمسَّكْ بحبـْل اللهِ واتَّبِـعِ الهدى * * * ولا تَكُ بـِدْعياً لعـلَّك تُفلِـحُ
ودِنْ بكتـابِ اللهِ والسُّننِ الـتي * * * أتتْ عنْ رسولِ اللهِ تنجو وتربَحُ 
وقلْ غـيرَ مخلـوقٍ كلامُ مليكِنا * * * بـذلك دانَ الأتقياءُ وأفْصحوا 
ولا تَكُ فـي القرآن بالوقْف قائلا * * * كما قال أَتْباعٌ لجهمٍ وأسْجحوا 
ولا تقُـلِ القـرآنُ خلْقٌ قـرأتُه * * * فانَّ كـلامَ اللهِ باللفـظِ يوضحُ 
وقـلْ يتجلَّى اللهُ للخلق جهْـرةً * * * كما البدرُ لا يخفى وربُّك أوضحُ 
وليـس بمـولـودٍ وليـس بوالدٍ * * * وليـس له شبْهٌ تعالى المسبَّـحُ
 
وقد يُنكِـر الجهميُّ هـذا وعندنا * * * بمصداقِ ما قلنا حديثٌ مُصرِّحُ 
رواه جـريرٌ عـن مقـال محمـدٍ * * * فقلْ مثلَ ما قد قال في ذاك تنجَح
وقـد يُنكِـرُ الجهمـيُّ أيضا يمينَه * * * وكلتا يـديه بالفـواضل تنْفَحُ
وقلْ يـنزلُ الجبَّـارُ فـي كل ليلةٍ * * * بلا كيفَ جـلَّ الواحدُ المتمدَّحُ 
إلى طبـق الـدُّنيـا يمـنُّ بفضلـه * * * فتُفْـرَجُ أبوابُ السماءِ وتُفتَح ُ
يقـول ألا مستغفـرٌ يلْـقَ غافِـراً * * * ومستمنِحٌ خـيراً ورزقاً فيُمْنحُ
روى ذاك قـومٌ لا يـُرَدُّ حـديثُهم * * * ألا خاب قوم كـذَّبوهم وقُبِّحوا 
وقـلْ إنَّ خـيرَ الناسِ بعـد محمـدٍ * * * وزيـراه قِدْماً ثم عثمانُ الارْجَحُ 
ورابعُهم خـيرُ الـبريةِ بعـدهـم * * * عليٌ حليفُ الخـير بالخير مُنجِحُ 
وإنَّهم للـرَّهْـط لا ريب فيهـم * * * على نجُب الفردوس بالنور تسْرَح
 
سعيـدٌ وسعـدٌ وابنُ عوف وطلحةٌ * * * وعامـرُ فِهْـرٍ والـزبيرُ الممدَّحُ 
وقلْ خيرَ قـولٍ في الصحابة كلِّهم * * * ولا تَكُ طعَّـاناً تعيبُ وتجْـرح 
فقد نطقَ الـوحيُ المبينُ بفضلهم * * * وفـي الفتْح آي للصحابة تمدَحُ
وبالقـدَر المقْـدور أيقـنْ فـإنَّـه * * * دعامةُ عقْـد الدِّين والدِّينُ أفْيحُ 
ولا تُنكِرنْ جهْـلاً نكـيراً ومنْكراً * * * ولا الحوضَ والميزانَ إنك تُنصَحُ 
وقـلْ يُخـرِجُ ُ اللهُ العظيـمُ بفضله * * * من النار أجساداً من الفحم تُطرَحُ
على النَّهر فـي الفردوس تحيا بمائه * * * كحبِّ حميل السَّيل إذ جاء يطْفحُ 
 
وإنَّ رسـولَ اللهِ للخلْـقِ شـافِعٌ * * * وقل في عذاب القبر حقٌ موضَّح
ولا تُكْفِرَنْ أهلَ الصلاة وإنْ عصَوا * * * فكلُّهم يَعصي وذو العرش يَصْفَحُ
ولا تعتقِـد رأْيَ الخـوارجِ إنَّـه * * * مقالٌ لمن يهواه يُردي ويفْضحُ 
لا تَكُ مُـرْجياً لعـوباً بـدينـه * * * ألا إنما المـرْجيُّ بالـدين يمزَحُ 
وقـل إنما الإيمـان قـول ونيـة * * * وفعْلٌ على قول النبي مصرّحُ 
وينقـص طـوراً بالمعاصي وتارةً * * * بطاعته يَنْمي وفي الوزن يرجَحُ 
ودعْ عنك آراءَ الرجالِ وقولَهم * * * فقولُ رسولِ اللهِ أولى وأشْرحُ 
ولا تَكُ من قـومٍ تلَهَّـو بدينهم * * * فتطعَنَ في أهل الحديث وتقدَحُ
إذا ما اعتقدتَّ الدهرَ يا صاحِ هذه * * * فأنت على خيرٍ تبيتُ وتصبِحُ
 
سير أعلام النبلاء ج: 13 ص: 234