مرثية أبي ذؤيب الهذلي
 
 
هذه القصيدة تُعدُّ من أمهات المراثي في الشعر العربي الفصيح لأبي ذؤيب الهذلي يرثي فيها بنيه وكانوا خمسة أصيبوا في عام واحد بمرض الطاعون ,
وفي هذه القصيدة من الحكم الكثيرة والأمثال السائرة , وقد اختزلت منها ماتناقلته الأجيال وسارت به الركبان حيث يقول :
 
 
  | 
 | 
  | 
 | 
  
أَمِـنَ المَنـونِ وَريبِهـا تَتَوَجَّـع *** ُوَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِـن يَجـزَعُ 
قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِـكَ شاحِبـاً *** مُنذُ اِبتَذَلتَ وَمِثـلُ مالِـكَ يَنفَـع  
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِـمُ مَضجَعـاً *** إِلّا أَقَـضَّ عَلَيـكَ ذاكَ المَضجَـع  
فَأَجَبتُهـا أَن مـا لِجِسمِـيَ أَنَّـهُ *** أَودى بَنِيَّ مِـنَ البِـلادِ فَوَدَّعـوا 
أَودى بَنِـيَّ وَأَعقَبونـي غُصَّـةً *** بَعـدَ الرُقـادِ وَعَبـرَةً لا تُقلِـعُ  
سَبَقوا هَـوَىَّ وَأَعنَقـوا لِهَواهُـم *** ُ فَتُخُرِّموا وَلِكُـلِّ جَنـبٍ مَصـرَعُ  
فَغَبَرتُ بَعدَهُـمُ بِعَيـشٍ ناصِـبٍ *** وَإَخـالُ أَنّـي لاحِـقٌ مُستَتبَـعُ  
  
وَلَقَد حَرِصتُ بِأَن أُدافِـعَ عَنهُـم *** ُفَـإِذا المَنِيِّـةُ أَقبَلَـت لا تُـدفَـعُ  
وَإِذا المَنِيَّـةُ أَنشَبَـت أَظفـارَهـا *** أَلفَيـتَ كُـلَّ تَميمَـةٍ لا تَنـفَـعُ  
فَالعَيـنُ بَعدَهُـمُ كَـأَنَّ حِداقَـهـا *** سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عـورٌ تَدمَـعُ 
حَتّـى كَأَنّـي لِلحَـوادِثِ مَـروَةٌ *** بِصَفا المُشَرَّقِ كُـلَّ يَـومٍ تُقـرَعُ  
لا بُدَّ مِـن تَلَـفٍ مُقيـمٍ فَاِنتَظِـر *** أَبِأَرضِ قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصْرَعُ 
  
وَلَقَـد أَرى أَنَّ البُكـاءَ سَفـاهَـةٌ *** وَلَسَوفَ يولَعُ بِالبُكا مِـن يَفجَـع  
وَليَأتِيَـنَّ عَلَيـكَ يَــومٌ مَــرَّةً *** يُبكـى عَلَيـكَ مُقَنَّعـاً لا تَسمَـعُ 
وَتَجَلُّـدي لِلشامِتـيـنَ أُريـهِـمُ *** أَنّي لَرَيبِ الدَهـرِ لا أَتَضَعضَـعُ 
وَالنَفـسُ راغِبِـةٌ إِذا رَغَّبتَـهـا *** فَـإِذا تُـرَدُّ إِلـى قَليـلٍ تَقـنَـعُ  
كَم مِن جَميعِ الشَملِ مُلتَئِمُ الهَـوى *** باتوا بِعَيـشٍ ناعِـمٍ فَتَصَدَّعـوا  
فَلَئِن بِهِم فَجَـعَ الزَمـانُ وَرَيبُـهُ *** إِنّـي بِأَهـلِ مَوَدَّتـي لَمُفَـجَّـعُ 
 | 
 | 
  | 
 | 
  |