ساعة وساعة لشيخ العثيمين
بسم الله الرحمن الرحيم
ساعة وساعة
 |
|
 |
|
إنه قال : لقيني أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ فقلت : نافق حنظلة ، يعني نفسه ،
ومعنى نافق : يعني صار من المنافقين،
قال ذلك ظناً منه ـ رضي الله عنه ـ أن ما فعله نفاق ،
فقال أبو بكر : وما ذاك ؟
فقال رضي الله عنه : نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر بالجنة والنار حتى كأنا رأى عين ،
يعني كأنما نرى الجنة والنار رأى عين من قوة اليقين ، حيث يخبرهم بذلك صلى الله عليه وسلم
وما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كالمشاهد ، بل قد يكون أعظم ؛
لأنه خبر من اصدق الخلق صلوات الله وسلامه عليه ، وأعلم الخلق بالله .
فإذا خرجنا من عنده عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات،
يعني لهونا معهم ونسينا ما كنا عليه عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر عن نفسه أنه يصيبه كذلك ،
ثم ذهبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
فلما وصلا إليه
قال حنظلة : نافق حنظلة يا رسول الله،
قال : وما ذاك ؟
فأخبره بأنهم إذا كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم فحدثهم عن الجنة والنار ، أخذهم من اليقين ما يجعلهم كأنهم يرونهما رأي العين ،ولكن إذا خرجوا عافسوا الأهل والأولاد والضيعات وتلهوا بهم نسوا كثيراً .
فقال النبي عليه الصلاة والسلام : ( والذي نفسي بيده ، لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم )
أي من شدة اليقين تصافحكم إكراماً لكم وتثبيتاً لكم ؛
لأنه كلما زاد يقين العبد ، فإن الله سبحانه وتعالى يثبته ويقويه،
كما قال تعالى : ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ) (محمد:17)،
ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ، ساعة وساعة . ساعة وساعة )
يعني ساعة للرب عز وجل،
وساعة مع الأهل والأولاد،
وساعة للنفس حتى يعطي الإنسان لنفسه راحتها،
ويعطي ذوي الحقوق حقوقهم .
وهذا من عدل الشريعة الإسلامية وكمالها ،
أن الله عز وجل له حق فيعطي حقه عز وجل،
وكذلك للنفس حق فتعطى حقها،
وللأهل حق فيعطون حقوقهم،
وللزوار والضيوف حق فيعطون حقوقهم ،
حتى يقوم الإنسان بجميع الحقوق التي عليه على وجه الراحة،
ويتعبد لله عز وجل براحة ،
لأن الإنسان إذا أثقل على نفسه وشدد عليها مل وتعب ، وأضاع حقوقاً كثيرة .
وهذا كما يكون في العبادة وفي حقوق النفس والأهل والضيف
يكون كذلك أيضاً في العلوم ،
فإذا طلب الإنسان العلم ورأى في نفسه مللاً في مراجعة كتاب ما
فلينتقل إلى كتاب آخر ،
وإذا رأى من نفسه مللاً من دراسة فن معين ،
فإنه ينتقل إلى دراسة فن آخر ،
وهكذا يريح نفسه ، ويحصل علماً كثيراً .
أما إذا أكره نفسه على الشيء حصل له من الملل والتعب ما يجعله يسأم وينصرف ، إلا ما شاء الله ؛
فإن بعض الناس يكره نفسه على المراجعة والمطالعة والبحث مع التعب ، ثم يأخذ عليه ويكون هذا دأبا له ، ويكون ديدناً له ، حتى إنه إذا فقد هذا الشيء ضاق صدره ،
والله يؤتي فضله من يشاء والله ذو الفضل العظيم .
|
|
 |
|
 |
التعديل الأخير تم بواسطة بنت العمدة - أم الشيماء ; 03-21-2010 الساعة 08:05 PM.
|