فصل وأما اسم المكاء والتصدية
فقال تعالى عن الكفار : (( وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً )).
قال ابن عباس وابن عمر وعطية ومجاهد والضحاك والحسن وقتادة : (( المكاء : الصفير , والتصدية : التصفيق )).
وكذلك قال أهل اللغة : المكاء : الصفير يقال : مكا يمكو مكاء إذا جمع يديه ثم صفر فيهما ومنه : مكت است الدابة إذا خرجت منها الريح بصوت ولهذا جاء على بناء الأصوات كالرغاء والعواء والثغاء قال ابن السكيت : الأصوات كلها مضمومة إلا حرفين : النداء والغناء.
وأما التصدية : فهي في اللغة : التصفيق يقال : صدى يصدى تصدية إذا صفق بيديه. قال حسان بن ثابت يعيب المشركين بصفيرهم وتصفيقهم :
إذا قام الملائكة انبعثتم *** صلاتكم التصدي والمكاء
وهكذا الأشباه يكون المسلمون في الصلوات الفرض والتطوع وهم في الصفير والتصفيق.
قال ابن عباس : كانت قريش يطوفون بالبيت عراة ويصفرون ويصفقون.
وقال مجاهد : كانوا يعارضون النبي - صلى الله عليه وسلم - في الطواف ويصفرون ويصفقون يخلطون عليه طوافه وصلاته ونحوه عن مقاتل.
ولا ريب أنهم كانوا يفعلون هذا وهذا فالمتقربون إلى الله بالصفير والتصفيق أشباه النوع الأول وإخوانهم المخلطون به على أهل الصلاة والذكر والقراءة أشباه النوع الثاني.
قال ابن عرفة وابن الأنباري : المكاء والتصدية ليسا بصلاة ولكن الله تعالى أخبر أنهم جعلوا مكان الصلاة التي أمروا بها : المكاء والتصدية فألزمهم ذلك عظيم الأوزار , وهذا كقولك : زرته فجعل جفائي صلتي أي أقام الجفاء مقام الصلة.
والمقصود : أن المصفقين والصفارين في يراع أو مزمار ونحوه فيهم شبه من هؤلاء ولو أنه مجرد الشبه الظاهر فلهم قسط من الذم بحسب تشبههم بهم وإن لم يتشبهوا بهم في جميع مكائهم وتصديتهم والله سبحانه لم يشرع التصفيق للرجال وقت الحاجة إليه في الصلاة إذا نابهم أمر بل أمروا بالعدول عنه إلى التسبيح لئلا يتشبهوا بالنساء فكيف إذا فعلوه لا لحاجة وقرنوا به أنواعا من المعاصي قولا وفعلا.
يتبع الأدلة على بقية الأسماء