آنيتهما وحليتهما وبنيانهما وما فيهما، إحدى الجنتين جزاء على ترك المنهيات، والأخرى على فعل الطاعات.
(تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن) الإمام عبدالرحمن السعدي رحمه الله
....................
 
 
قَالَ اِبْن شَوْذَب وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة " وَلِمَنْ خَافَ مَقَام رَبّه جَنَّتَانِ " فِي أَبِي بَكْر الصِّدِّيق 
 
وَالصَّحِيح أَنَّ هَذِهِ الْآيَة عَامَّة
 
كَمَا قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَغَيْره يَقُول اللَّه تَعَالَى " وَلِمَنْ خَافَ مَقَام رَبّه" بَيْن يَدَيْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَوْم الْقِيَامَة "
وَنَهَى النَّفْس عَنْ الْهَوَى " وَلَمْ يُطِعْ وَلَا آثَرَ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَعَلِمَ أَنَّ الْآخِرَة خَيْر وَأَبْقَى فَأَدَّى فَرَائِض اللَّه وَاجْتَنَبَ مَحَارِمَهُ فَلَهُ يَوْم الْقِيَامَة عِنْد رَبّه جَنَّتَانِ
 
وَهَذِهِ الْآيَة عَامَّة فِي الْإِنْس وَالْجِنّ 
 
فَهِيَ مِنْ أَدَلّ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْجِنّ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة إِذَا آمَنُوا وَاتَّقَوْا وَلِهَذَا اِمْتَنَّ اللَّه تَعَالَى عَلَى الثَّقَلَيْنِ بِهَذَا الْجَزَاء
 
تفسير ابن كثير رحمه الله
...................
 
 
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ
 
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ : 
 
الْأُولَى : لَمَّا ذَكَرَ أَحْوَال أَهْل النَّار ذَكَرَ مَا أَعَدَّ لِلْأَبْرَارِ . وَالْمَعْنَى خَافَ مَقَامه بَيْن يَدَيْ رَبّه لِلْحِسَابِ فَتَرَكَ الْمَعْصِيَة 
 
الثَّانِيَة : 
 
هَذِهِ الْآيَة دَلِيل عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِزَوْجِهِ : إِنْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أَهْل الْجَنَّة فَأَنْتِ طَالِق أَنَّهُ لَا يَحْنَث إِنْ كَانَ هَمَّ بِالْمَعْصِيَةِ 
وَتَرَكَهَا خَوْفًا مِنْ اللَّه وَحَيَاء مِنْهُ . وَقَالَ بِهِ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَأَفْتَى بِهِ .
وَقَالَ مُحَمَّد بْن عَلِيّ التِّرْمِذِيّ : جَنَّة لِخَوْفِهِ مِنْ رَبّه , وَجَنَّة لِتَرْكِهِ شَهْوَته 
 
جَنَّتَانِ
 
أَيْ لِمَنْ خَافَ جَنَّتَانِ عَلَى حِدَة , فَلِكُلِّ خَائِف جَنَّتَانِ . وَقِيلَ : جَنَّتَانِ لِجَمِيعِ الْخَائِفِينَ , وَالْأَوَّل أَظْهَر . 
وَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " الْجَنَّتَانِ بُسْتَانَانِ فِي عَرْض الْجَنَّة كُلّ بُسْتَان مَسِيرَة مِائَة عَام 
فِي وَسَط كُلّ بُسْتَان دَار مِنْ نُور وَلَيْسَ مِنْهَا شَيْء إِلَّا يَهْتَزّ نَغْمَة وَخُضْرَة , قَرَارهَا ثَابِت وَشَجَرهَا ثَابِت " ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيّ وَالثَّعْلَبِيّ أَيْضًا مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة . 
وَقِيلَ : إِنَّ الْجَنَّتَيْنِ جَنَّته الَّتِي خُلِقَتْ لَهُ وَجَنَّة وَرِثَهَا . وَقِيلَ : إِحْدَى الْجَنَّتَيْنِ مَنْزِله وَالْأُخْرَى مَنْزِل أَزْوَاجه كَمَا يَفْعَلهُ رُؤَسَاء الدُّنْيَا .
وَقِيلَ : إِنَّ إِحْدَى الْجَنَّتَيْنِ مَسْكَنه وَالْأُخْرَى بُسْتَانه . وَقِيلَ : إِنَّ إِحْدَى الْجَنَّتَيْنِ أَسَافِل الْقُصُور وَالْأُخْرَى أَعَالِيهَا . 
وَقَالَ مُقَاتِل : هُمَا جَنَّة عَدْن وَجَنَّة النَّعِيم 
تفسير القرطبي رحمه الله
...................
يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَلِمَنِ اتَّقَى اللَّه مِنْ عِبَاده , فَخَافَ مَقَامَهُ بَيْن يَدَيْهِ , فَأَطَاعَهُ بِأَدَاءِ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه جَنَّتَانِ , يَعْنِي بُسْتَانَيْنِ 
 
 
عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَام رَبّه جَنَّتَانِ } يَقُول : خَافَ ثُمَّ اتَّقَى , وَالْخَائِف : مَنْ رَكِبَ طَاعَة اللَّه , وَتَرَكَ مَعْصِيَته . 
 
 
عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَام رَبّه جَنَّتَانِ } هُوَ الرَّجُل يَهِمّ بِالذَّنْبِ فَيَذْكُر مَقَام رَبّه فَيَنْزِع 
 
 
عَنْ قَتَادَة قَوْله : { وَلِمَنْ خَافَ مَقَام رَبّه جَنَّتَانِ } قَالَ : إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ خَافُوا ذَاكُمُ الْمَقَامَ فَعَمِلُوا لَهُ , وَدَانُوا لَهُ , وَتَعَبَّدُوا بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار . 
 
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاء , قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : 
 
" { وَلِمَنْ خَافَ مَقَام رَبّه جَنَّتَانِ } " قُلْت :
وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ؟ قَالَ : " وَإِنْ زَنَى وَسَرَقَ وَإِنْ رَغْمَ أَنْف أَبِي الدَّرْدَاء