|
كاتب الموضوع | سفيان بن عيسى الميلي | مشاركات | 3 | المشاهدات | 7373 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
ترجمة شعراء الرسول الثلاثة من كتاب (سير أعلام النبلاء)
هذا نصّ الترجمة من كتاب سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي
حَسَّانُ بنُ ثَابِتِ بنِ المُنْذِرِ بنِ حَرَامٍ الأَنْصَارِيُّ ابْنِ عَمْرِو بنِ زَيْدِ مَنَاةَ بنِ عَدِيِّ بنِ عَمْرِو بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ. سَيِّدُ الشُّعَرَاءِ المُؤْمِنِيْنَ، المُؤيَّدُ بِرُوْحِ القُدُسِ. أَبُو الوَلِيْدِ - وَيُقَالُ: أَبُو الحُسَامِ - الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ، المَدَنِيُّ، ابْنُ الفُرَيْعَةِ. شَاعِرُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ. حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَالبَرَاءُ بنُ عَازِبٍ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَآخَرُوْنَ. وَحَدِيْثُهُ قَلِيْلٌ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَاشَ سِتِّيْنَ سَنَةً فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَسِتِّيْنَ فِي الإِسْلاَمِ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: عَنِ الوَاقِدِيِّ: لَمْ يَشْهَدْ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَشْهَداً، كَانَ يَجْبُنُ، وَأُمُّهُ الفُرَيْعَةُ بِنْتُ خُنَيْسٍ. قَالَ مُسْلِمٌ: كُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقِيْلَ: أَبُو الوَلِيْدِ. وَقَالَ ابْنُ مَنْدَةَ: حَدَّثَ عَنْهُ: عُمَرُ، وَعَائِشَةُ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ. (2/513) قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَأَلْتُ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَسَّانٍ: ابْنُ كَمْ كَانَ حَسَّانٌ وَقْتَ الهِجْرَةِ؟ قَالَ: ابْنَ سِتِّيْنَ سَنَةً، وَهَاجرَ رَسُوْلُ اللهِ ابْنَ ثَلاَثٍ وَخَمْسِيْنَ. الزُّهْرِيُّ: عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، قَالَ: كَانَ حَسَّانٌ فِي حَلْقَةٍ فِيْهِم أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللهَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (أَجِبْ عَنِّي، أَيَّدَكَ اللهُ بِرُوْحِ القُدُسِ)؟ فَقَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. وَرَوَى: عَدِيُّ بنُ ثَابِتٍ، عَنِ البَرَاءِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ قَالَ لِحَسَّانٍ: (اهْجُهُمْ، وَهَاجِهِمْ وَجِبْرِيْلُ مَعَكَ). وَقَالَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ: مَرَّ عُمَرُ بِحَسَّانٍ وَهُوَ يُنْشِدُ الشِّعْرَ فِي المَسْجِدِ، فَلَحَظَهُ. فَقَالَ حَسَّانٌ: قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ فِيْهِ، وَفِيْهِ خَيْرٌ مِنْكَ. قَالَ: صَدَقْتَ. ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ حَسَّانٌ يَضَعُ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْبَراً فِي المَسْجِدِ، يَقُوْمُ عَلَيْهِ قَائِماً، يُنَافِحُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَسُوْلُ اللهِ يَقُوْلُ: (إِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوْحِ القُدُسِ مَا نَافَحَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-). أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ. (2/514) مُجَالِدٌ: عَنْ عَامِرٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الأَحْزَابِ، قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ يَحْمِي أَعْرَاضَ المُسْلِمِيْنَ؟). قَالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ: أَنَا. وَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: أَنَا. وَقَالَ حَسَّانٌ: أَنَا. قَالَ: (نَعَمْ، اهْجُهُمْ أَنْتَ، وَسَيُعِيْنُكَ عَلَيْهِم رُوْحُ القُدُسِ). وَعَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: سَبَبْتُ ابْنَ فُرَيْعَةَ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أَخِي، أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَمَا كَفَفْتَ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. عُمَرُ بنُ حَوْشَبٍ: عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ، سَمِعَهُ يَقُوْلُ: دَخَلَ حَسَّانٌ عَلَى عَائِشَةَ بَعْدَ مَا عَمِيَ، فَوَضَعَتْ لَهُ وِسَادَةً، فَدَخَلَ أَخُوْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: أَجْلَسْتِيْهِ عَلَى وِسَادَةٍ، وَقَدْ قَالَ مَا قَالَ؟ - يُرِيْدُ: مَقَالَتَهُ نَوْبَةَ الإِفْكِ -. فَقَالَتْ: إِنَّهُ - تَعْنِي: أَنَّه كَانَ يُجِيْبُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَشْفِي صَدْرَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ - وَقَدْ عَمِيَ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَلاَّ يُعَذَّبَ فِي الآخِرَةِ. وَرُوِيَ عَنْ: عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَدِمَ رَسُوْلُ اللهِ المَدِيْنَةَ، فَهَجَتْهُ قُرَيْشٌ، وَهَجَوا مَعَهُ الأَنْصَارَ. فَقَالَ لِحَسَّانٍ: (اهْجُهُمْ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تُصِيْبَنِي مَعَهُمْ بِهَجْوِ بَنِي عَمِّي). (2/515) قَالَ: لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُم سَلَّ الشَّعْرَةِ مِنَ العَجِيْنِ، وَلِيَ مِقْوَلٌ يَفْرِي مَا لاَ تَفْرِيْهِ الحَرْبَةُ. ثُمَّ أَخْرَجَ لِسَانَهُ، فَضَرَبَ بِهِ أَنْفَهُ، كَأَنَّهُ لِسَانُ شُجَاعٍ بِطَرَفِهِ شَامَةٌ سَوْدَاءُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِهِ ذَقْنَهُ. يَحْيَى بنُ أَيُّوْبَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بن غَزِيَّةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ حَسَّانَ قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي هَذَا. ثُمَّ أَطْلَعَ لِسَانَهُ، كَأَنَّهُ لِسَانُ حَيَّةٍ. فَقَالَ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إِنَّ لِي فِيْهِم نَسَباً، فَائْتِ أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا، فَيُخَلِّصُ لَكَ نَسَبِي). قَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُم وَنَسَبَكَ سَلَّ الشَّعْرَةِ مِنَ العَجِيْنِ. فَهَجَاهُمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لَقَدْ شَفَيْتَ، وَاشْتَفَيْتَ). مُحَمَّدُ بنُ السَّائِبِ بنِ بَرَكَةَ، عَنْ أُمِّهِ: أَنَّهَا طَافَتْ مَعَ عَائِشَةَ، وَمَعَهَا نِسْوَةٌ، فَوَقَعْنَ فِي حَسَّانٍ، فَقَالَتْ: لاَ تَسُبُّوْهُ، قَدْ أَصَابَهُ مَا قَالَ اللهُ: {أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيْمٌ} وَقَدْ عَمِيَ، وَاللهِ إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يُدْخِلَهُ اللهُ الجَنَّةَ بِكَلِمَاتٍ قَالَهُنَّ لأَبِي سُفْيَانَ بنِ الحَارِثِ: هَجَوْتَ مُحَمَّداً فَأَجَبْتُ عَنْهُ * وَعِنْدَ اللهِ فِي ذَاكَ الجَزَاءُ فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي * لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِكُفْءٍ * فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الفِدَاءُ (2/516) عُمَارَةُ بنُ غَزِيَّةَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (اهْجُ قُرَيْشاً، فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِم مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ). وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: (هَجَاهُمْ حَسَّانٌ، فَشَفَى). قَالَ حَسَّانٌ: هَجَوْتَ مُحَمَّداً...، فَذَكَرَ أَبْيَاتَهُ، وَمِنْهَا: ثَكِلْتُ بُنَيَّتِي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا * تُثِيْرُ النَّقْعَ مَوْعِدُهَا كَدَاءُ يُنَازِعْنَ الأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ * عَلَى أَكْتَافِهَا الأَسَلُ الظِّمَاءُ تَظَلُّ جِيَادُهَا مُتَمَطِّرَاتٍ * يُلَطِّمُهُنَّ بِالخُمُرِ النِّسَاءُ فَإِنْ أَعْرَضْتُمُ عَنَّا اعْتَمَرْنَا * وَكَانَ الفَتْحُ وَانْكَشَفَ الغِطَاءُ وإلاَّ فَاصْبِرُوا لِضِرَابِ يَوْمٍ * يُعِزُّ اللهُ فِيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَقَالَ اللهُ قَدْ أَرْسَلْتُ عَبْداً * يَقُوْلُ الحَقَّ لَيْسَ بِهِ خَفَاءُ وَقَالَ اللهُ قَدْ سَيَّرْتُ جُنْداً * هُمُ الأَنْصَارُ عُرْضَتُهَا اللِّقَاءُ يُلاَقُوْا كُلَّ يَوْمٍ مِنْ مَعَدٍّ * سِبَاباً أَوْ قِتَالاً أَوْ هِجَاءُ فَمَنْ يَهْجُو رَسُوْلَ اللهِ مِنْكُم * وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ وَجِبْرِيْلٌ رَسُوْلُ اللهِ فِيْنَا * وُرُوْحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ (2/517) أَبُو الضُّحَى: عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَدَخَلَ حَسَّانٌ - بَعْدَ مَا عَمِيَ - فَقَالَ: حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيْبَةٍ * وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُوْمِ الغَوَافِلِ فَقَالَتْ: لَكِنْ أَنْتَ لَسْتَ كَذَاكَ. فَقُلْتُ لَهَا: تَأْذَنِيْنَ لَهُ، وَقَدْ قَالَ اللهُ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُم لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النُّوْرُ: 11] فَقَالَتْ: وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى. وَقَالَتْ: إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ، أَوْ يُهَاجِي عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. (2/518) وَعَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَسَّانٍ: (لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُ إِلاَّ مُنَافِقٌ). هَذَا حَدِيْثٌ مِنْكَرٌ، مِنْ (مُسْنَدِ الرُّوْيَانِيِّ)، مِنْ رِوَايَة أَبِي ثُمَامَةَ - مَجْهُوْلٌ - عَنْ عُمَرَ بنِ إِسْمَاعِيْلَ - مَجْهُوْلٌ - عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ. وَلَهُ شُوَيْهِدٌ، رَوَاهُ: الوَاقِدِيُّ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ زَمْعَةَ، سَمِعَ حَمْزَةَ بنَ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُوْلُ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (حَسَّانٌ حِجَازٌ بَيْنَ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُنَافِقِيْنَ، لاَ يُحِبُّهُ مُنَافِقٌ، وَلاَ يُبْغِضُهُ مُؤْمِنٌ). فَهَذَا اللَّفْظُ أَشْبَهُ. وَيَبْقَى قِسْمٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ حُبُّهُ، سَكَتَ عَنْهُ. حُدَيْجُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قِيْلَ لابْنِ عَبَّاسٍ: قَدِمَ حَسَّانُ اللَّعِيْنُ! فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا هُوَ بِلَعِيْنٍ، قَدْ جَاهَدَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَفْسِهِ، وَلِسَانِهِ. قُلْتُ: هَذَا دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ غَزَا. (2/519) عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ: عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ حَبِيْبِ بنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: أَنْشَدَ حَسَّانٌ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: شَهِدْتُ - بإِذْنِ اللهِ - أَنَّ مُحَمَّداً * رَسُوْلُ الَّذِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ مِنْ عَلُ وَأَنَّ أَبَا يَحْيَى وَيَحْيَى كِلاَهُمَا * لَهُ عَمَلٌ مِنْ رَبِّهِ مُتَقَبَّلُ وَأَنَّ أَخَا الأَحْقَافِ إِذْ قَامَ فِيْهِمُ * يَقُوْلُ بِذَاتِ اللهِ فِيْهِمْ وَيَعْدِلُ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَأَنَا). هَذَا مُرْسَلٌ. وَرَوَى: أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بن زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْشَدَهُ حَسَّانٌ...، فَذَكَرهَا، وَزَادَ: وَأَنَّ الَّذِي عَادَى اليَهُوْدُ ابْنَ مَرْيَمٍ * نَبِيٌّ أَتَى مِنْ عِنْدِ ذِي العَرْشِ مُرْسَلُ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِم بنِ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ حَزْمٍ: إِنَّ حَسَّانَ لَمَّا قَالَ هَذِهِ الأَبْيَاتَ: مَنَعَ النَّوْمَ بِالعِشَاءِ الهُمُوْمُ * وَخَيَالٌ إِذَا تَغُورُ النُّجُوْمُ مِنْ حَبِيْبٍ أَصَابَ قَلْبَكَ مِنْهُ * سَقَمٌ فَهْوَ دَاخِلٌ مَكْتُوْمُ يَا لَقَوْمٍ هَلْ يَقْتُلُ المَرْءَ مِثْلِي * وَاهِنُ البَطْشِ وَالعِظَامِ سَؤُوْمُ شَأْنُهَا العِطْرُ وَالفِرَاشُ وَيَعْلُوْ * هَا لُجَيْنٌ وَلُؤْلُؤٌ مَنْظُوْمُ لَوْ يَدِبُّ الحَوْلِيُّ مِنْ وَلَدِ الذَّ * رِّ عَلَيْهَا لأَنْدَبَتْهَا الكُلُوْمُ لَمْ تَفُقْهَا شَمْسُ النَّهَارِ بِشَيْءٍ * غَيْرَ أَنَّ الشَّبَابَ لَيْسَ يَدُوْمُ زَادَ بَعْضُهُمْ: رُبَّ حِلْمٍ أَضَاعَهُ عَدَمُ المَا * لِ، وَجَهْلٍ غَطَّى عَلَيْهِ النَّعَيْمُ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ عَلَى أَطَمَةِ فَارِعٍ: يَا بَنِي قَيْلَةَ! فَلَمَّا اجْتَمَعُوا، قَالُوا: مَا لَكَ وَيْلَكَ؟! قَالَ: قُلْتُ قَصِيْدَةً لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ العَرَبِ مِثْلَهَا. ثُمَّ أَنْشَدَهَا لَهُمْ، فَقَالُوا: أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَقَالَ: وَهَلْ يَصْبِرُ مَنْ بِهِ وَحَرُ الصَّدْرِ. (2/520) الأَصْمَعِيُّ، وَغَيْرُهُ: عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ خَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ، قَالَ: كَانَ الغِنَاءُ يَكُوْنُ فِي العُرَيْسَاتِ، وَلاَ يَحْضُرُهُ شَيْءٌ مِنَ السَّفَهِ كَاليَوْمِ، كَانَ فِي بَنِي نُبَيْطٍ مَدْعَاةٌ، كَانَ فِيْهَا حَسَّانُ بن ثَابِتٍ، وَابْنُهُ - وَقَدْ عَمِيَ - وَجَارِيَتَانِ تُنْشِدَانِ: انْظُرْ خَلِيْلَيَّ بِبَابِ جِلِّقَ هَلْ * تُؤْنِسُ دُوْنَ البَلْقَاءِ مِنْ أَحَدِ أَجْمَالَ شَعْثَاءَ إِذْ ظَعَنَّ مِنَ الـ * ـمَحْبِسِ بَيْنَ الكُثْبَانِ وَالسَّنَدِ فَجَعَلَ حَسَّانُ يَبْكِي، وَهَذَا شِعْرُهُ، وَابْنُهُ يَقُوْلُ لِلجَارِيَةِ: زِيْدِيْ. وَفِيْهِ: يَحْمِلْنَ حُوْرَ العُيُوْنِ تَرْفُلُ فِي الرَّ * يْطِ حِسَانَ الوُجُوْهِ كَالبَرَدِ مِنْ دُوْنِ بُصْرَى وَخَلْفَهَا جَبَلُ الثَّلْـ * ـجِ عَلَيْهِ السَّحَابُ كَالقِدَدِ وَالبُدْنُ إِذْ قُرِّبَتْ لِمَنْحَرِهَا * حِلْفَةَ بَرِّ اليَمِيْنِ مُجْتَهِدِ مَا حُلْتُ عَنْ عَهْدِ مَا عَلِمْتِ وَلاَ * أَحْبَبْتُ حُبِّي إِيَّاكِ مِنْ أَحَدِ أَهْوَى حَدِيْثَ النُّدْمَانِ فِي وَضَحِ الفَجْـ * ـرِ وَصَوْتَ المُسَامِرِ الغَرِدِ فَطَرِبَ حَسَّانُ، وَبَكَى. (2/521) قَالَ ابْنُ الكَلْبِيِّ: كَانَ حَسَّانٌ لَسِناً، شُجَاعاً، فَأَصَابَتْهُ عِلَّةٌ أَحْدَثَتْ فِيْهِ الجُبْنَ. قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ: رَأَيْتُ حَسَّانَ لَهُ نَاصِيَةٌ قَدْ سَدَلَهَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ. إِسْحَاقُ الفَرْوِيُّ، وَآخَرُ: عَنْ أُمِّ عُرْوَةَ بِنْتِ جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ، عَنْ أَبِيْهَا، عَنْ جَدِّهَا، قَالَ: لَمَّا خَلَّفَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءهُ يَوْمَ أُحُدٍ، خَلَّفَهُنَّ فِي فَارِعٍ، وَفِيْهِنَّ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَخَلَّفَ فِيْهِنَّ حَسَّانَ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ المُشْرِكِيْنَ لِيَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ. فَقَالَتْ صَفِيَّةُ لِحَسَّانَ: عَلَيْكَ الرَّجُلَ. فَجَبُنَ، وَأَبَى عَلَيْهَا، فَتَنَاوَلَتِ السَّيْفَ، فَضَرَبَتْ بِهِ المُشْرِكَ حَتَّى قَتَلَتْهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَضُرِبَ لَهَا بِسَهْمٍ. (2/522) وَزَادَ الفَرْوِيُّ فِيْهِ، أَنَّهُ قَالَ: لَو كَانَ ذَاكَ فِيَّ لَكُنْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ. قَالَتْ: فَقَطَعْتُ رَأْسَهُ، وَقُلْتُ لِحَسَّانَ: قُمْ، فَاطْرَحْهُ عَلَى اليَهُوْدِ وَهُمْ تَحْتَ الحِصْنِ. قَالَ: وَاللهِ مَا ذَاكَ فِيَّ. فَأَخَذْتُ رَأْسَهُ، فَرَمَيْتُ بِهِ عَلَيْهِم، فَقَالُوا: قَدْ عَلِمْنَا -وَاللهِ- إِنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ لِيَتْرُكَ أَهْلَهُ خُلُوْفاً لَيْسَ مَعَهُمْ أَحَدٌ، فَتَفَرَّقُوْا. فَقَوْلُهُ: (يَوْمَ أُحُدٍ) وَهْمٌ. وَرَوَى نَحْوَهُ: ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيْهِ، وَفِيْهِ: فَقَالَتْ لِحَسَّانٍ: قُمْ، فَاسْلُبْهُ، فَإِنِّي امْرَأَةٌ وَهُوَ رَجُلٌ. فَقَالَ: مَا لِي بِسَلَبِهِ يَا بِنْتَ عَبْدِ المُطَّلِبِ مِنْ حَاجَةٍ. وَرَوَى: يُوْنُسُ بنُ بُكَيْرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ صَفِيَّةَ، مِثْلَهُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ حَسَّانُ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ. وَأَمَّا الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَالمَدَائِنِيُّ، فَقَالاَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ. قُلْتُ: لَهُ وِفَادَةٌ عَلَى جَبَلَةَ بنِ الأَيْهَمِ، وَعَلَى مُعَاوِيَةَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: تُوُفِّيَ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ. (2/523)
الموضوع الأصلي :
ترجمة شعراء الرسول الثلاثة من كتاب (سير أعلام النبلاء)
-||-
المصدر :
منتديات الشعر السلفي
-||-
الكاتب :
سفيان بن عيسى الميلي
__________________
كُلُ ابنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُهُ *** يَوماً عَلى آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ |
#2
|
|||
|
|||
عَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ امْرِئِ القَيْسِ الأَنْصَارِيُّ
ابْنِ ثَعْلَبَةَ. الأَمِيْرُ، السَّعِيْدُ، الشَّهِيْدُ، أَبُو عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، البَدْرِيُّ، النَّقِيْبُ، الشَّاعِرُ. لَهُ: عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَنْ بِلاَلٍ. حَدَّثَ عَنْهُ: أَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَالنُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرٍ. وَأَرْسَلَ عَنْهُ: قَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَغَيْرُهُم. (1/231) شَهِدَ بَدْراً، وَالعَقَبَةَ. وَيُكْنَى: أَبَا مُحَمَّدٍ، وَأَبَا رَوَاحَةَ، وَلَيْسَ لَهُ عَقِبٌ. وَهُوَ خَالُ النُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ. وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ الأَنْصَارِ. اسْتَخْلَفَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى المَدِيْنَةِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ المَوْعِدِ، وَبَعَثَهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - سَرِيَّةً فِي ثَلاَثِيْنَ رَاكِباً، إِلَى أُسَيْرِ بنِ رِزَامٍ اليَهُوْدِيِّ بِخَيْبَرَ، فَقَتَلَهُ. قَالَ الوَاقِدِيُّ: وَبَعَثَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَارِصاً عَلَى خَيْبَرَ. قُلْتُ: جَرَى ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَيُحْتَمَلُ - عَلَى بُعْدٍ - مَرَّتَيْنِ. قَالَ قُتَيْبَةُ: ابْنُ رَوَاحَةَ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ أَخَوَانِ لأُمٍّ. أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ): حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ، عَنْ زِيَادٍ النَّمِيْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ رَوَاحَةَ إِذَا لَقِيَ الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُوْلُ: تَعَالَ نُؤْمِنْ سَاعَةً. فَقَالَهُ يَوْماً لِرَجُلٍ، فَغَضِبَ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَلاَ تَرَى ابْنَ رَوَاحَةَ يَرْغَبُ عَنْ إِيْمَانِكَ إِلَى إِيْمَانِ سَاعَةٍ. فَقَالَ: (رَحِمَ اللهُ ابْنَ رَوَاحَةَ، إِنَّهُ يُحِبُّ المَجَالِسَ الَّتِي تَتَبَاهَى بِهَا المَلاَئِكَةُ). (1/232) حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَخْطُبُ، فَسَمِعَهُ وَهُوَ يَقُوْلُ: (اجْلِسُوا). فَجَلَسَ مَكَانَهُ خَارِجَ المَسْجِدِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (زَادَكَ اللهُ حِرْصاً عَلَى طَوَاعِيَةِ اللهِ وَرَسُوْلِهِ). وَرُوِيَ بَعْضُهُ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: أَنْبَأَنَا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ. فَأَتَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: (اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ حَضَرَ أَجَلُهُ فَيَسِّرْ عَلَيْهِ، وَإِلاَّ فَاشْفِهِ). فَوَجَدَ خِفَّةً، فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أُمِّي قَالَتْ: وَاجَبَلاَهُ، وَاظَهْرَاهُ! وَمَلَكٌ رَفَعَ مِرْزَبَةً مِنْ حَدِيْدٍ، يَقُوْلُ: أَنْتَ كَذَا، فَلَوْ قُلْتُ: نَعَمْ، لَقَمَعَنِي بِهَا. قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: إِنْ كُنَّا لَنَكُوْنُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي السَّفَرِ فِي اليَوْمِ الحَارِّ مَا فِي القَوْمِ أَحَدٌ صَائِمٌ إِلاَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ. رَوَاهُ: غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْهُ. (1/233) مَعْمَرٌ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةَ ابْنِ رَوَاحَةَ، فَقَالَ لَهَا: تَدْرِيْنَ لِمَ تَزَوَّجْتُكِ؟ لِتُخْبِرِيْنِي عَنْ صَنِيْعِ عَبْدِ اللهِ فِي بَيْتِهِ. فَذَكَرَتْ لَهُ شَيْئاً لاَ أَحْفَظُهُ، غَيْرَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَإِذَا دَخَلَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لاَ يَدَعُ ذَلِكَ أَبَداً. قَالَ عُرْوَةُ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُوْنَ}، قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: أَنَا مِنْهُم. فَأَنْزَلَ اللهُ: {إِلاَّ الَّذِيْنَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}. قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ شُعَرَاءُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدَ اللهِ بنَ رَوَاحَةَ، وَحَسَّانَ بنَ ثَابِتٍ، وَكَعْبَ بنَ مَالِكٍ. قِيْلَ: لَمَّا جَهَّزَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى مُؤْتَةَ الأُمَرَاءَ الثَّلاَثَةَ، فَقَالَ: (الأَمِيْرُ زَيْدٌ، فَإِنْ أُصِيْبَ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ أُصِيْبَ فَابْنُ رَوَاحَةَ). فَلَمَّا قُتِلاَ، كَرِهَ ابْنُ رَوَاحَةَ الإِقْدَامَ، فَقَالَ: أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلَنَّهْ * طَائِعَةً أَوْ لاَ لَتُكْرَهِنَّهْ فَطَالَمَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ * مَا لِي أَرَاكِ تَكْرَهِيْنَ الجَنَّهْ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. (1/234) قَالَ مُدْرِكُ بنُ عُمَارَةَ: قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: مَرَرْتُ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: (كَيْفَ تَقُوْلُ الشِّعْرَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقُوْلَ؟). قُلْتُ: أَنْظُرُ فِي ذَاكَ، ثُمَّ أَقُوْلُ. قَالَ: (فَعَلَيْكَ بِالمُشْرِكِيْنَ). ولَمْ أَكُنْ هَيَّأْتُ شَيْئاً، ثُمَّ قُلْتُ: فَخَبِّرُوْنِي أَثْمَانَ العَبَاءِ مَتَى * كُنْتُمْ بَطَارِقَ أَوْ دَانَتْ لَكُم مُضَرُ؟ فَرَأَيْتُهُ قَدْ كَرِهَ هَذَا أَنْ جَعَلْتُ قَوْمَهُ أَثْمَانَ العَبَاءِ، فَقُلْتُ: يَا هَاشِمَ الخَيْرِ، إِنَّ اللهَ فَضَّلَكُمْ * عَلَى البَرِيِّةِ فَضْلاً مَا لَهُ غِيْرُ إِنِّي تَفَرَّسْتُ فِيْكَ الخَيْرَ أَعْرِفُهُ * فِرَاسَةً خَالَفَتْهُم فِي الَّذِي نَظَرُوا وَلَوْ سَأَلْتَ إِنْ اسْتَنْصَرْتَ بَعْضَهُمُ * فِي حِلِّ أَمْرِكَ مَا آوَوْا وَلاَ نَصَرُوا فَثَبَّتَ اللهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ * تَثْبِيْتَ مُوْسَى وَنَصْراً كَالَّذِي نُصِرُوا فَأَقْبَلَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِوَجْهِهِ مُسْتَبْشِراً، وَقَالَ: (وَإِيَّاكَ فَثَبَّتَ اللهُ). (1/235) وَقَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ حَسَّان، وَكَعْبٌ يُعَارِضَانِ المُشْرِكِيْنَ بِمِثْلِ قَوْلِهِم بِالوَقَائِعِ، وَالأَيَّامِ، وَالمَآثِرِ، وَكَانَ ابْنُ رَوَاحَةَ يُعَيِّرُهُم بِالكُفْرِ، وَيَنْسِبُهُم إِلَيْهِ، فَلَمَّا أَسْلَمُوا وَفَقِهُوا كَانَ أَشدَّ عَلَيْهِم. ثَابِتٌ: عَنْ أَنَس، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ القَضَاءِ، وَابْنُ رَوَاحَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ يَقُوْلُ: خَلُّوا بَنِي الكُفَّارِ عَنْ سَبِيْلِهِ * اليَوْمَ نَضْرِبْكُم عَلَى تَنْزِيْلِهِ ضَرْباً يُزِيْلُ الهَامَ عَنْ مَقِيْلِهِ *وَيُذْهِلُ الخَلِيْلَ عَنْ خَلِيْلِهِ فَقَالَ عُمَرُ: يَا ابْنَ رَوَاحَةَ! فِي حَرَمِ اللهِ، وَبَيْنَ يَدَيْ رَسُوْلِ اللهِ تَقُوْلُ الشِّعْرَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (خَلِّ يَا عُمَرُ، فَهُوَ أَسْرَعُ فِيْهِم مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ). وَفِي لَفْظٍ: (فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَلاَمُهُ عَلَيْهِم أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ النَّبْلِ). وَرَوَاهُ: مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَجَاءَ فِي غَيْرِ هَذَا الحَدِيْثِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ القَضَاءِ، وَكَعْبٌ يَقُوْلُ ذَلِكَ. قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ، لأَنَّ ابْنَ رَوَاحَةَ قُتِلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ، وَإِنَّمَا كَانَتْ عُمْرَةُ القَضَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ. قُلْتُ: كَلاَّ، بَلْ مُؤْتَةُ بَعْدَهَا بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ جَزْماً. (1/236) قَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ: فَحَدِيْثُ أَنَسٍ: دَخَلَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - مَكَّةَ وَابْنُ رَوَاحَةَ آخِذٌ بِغِرْزِهِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ. وَعَنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لابْنِ رَوَاحَةَ: (انْزِلْ، فَحَرِّكِ الرِّكَابَ). قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! لَقَدْ تَرَكْتُ قَوْلِي. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: اسْمَعْ وَأَطِعْ. فَنَزَلَ، وَقَالَ: تَاللهِ لَوْلاَ اللهُ مَا اهْتَدَيْنَا * وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا وَسَاقَ بَاقِيْهَا. إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ: عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: بَكَى ابْنُ رَوَاحَةَ، وَبَكَتِ امْرَأَتُهُ، فَقَالَ: مَا لَكِ؟ قَالَتْ: بَكَيْتُ لِبُكَائِكَ. فَقَالَ: إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنِّي وَارِدٌ النَّارَ، وَمَا أَدْرِي أَنَاجٍ مِنْهَا أَمْ لاَ. (1/237) الزُّهْرِيُّ: عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَبْعَثُ ابْنَ رَوَاحَةَ إِلَى خَيْبَرَ، فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهُوْدَ. فَجَمَعُوا حُلِيّاً مِنْ نِسَائِهِم، فَقَالُوا: هَذَا لَكَ، وَخَفِّفْ عَنَّا. قَالَ: يَا مَعْشَرَ يَهُوْدَ! وَاللهِ إِنَّكُم لَمِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللهِ إِلَيَّ، وَمَا ذَاكَ بِحَامِلِي عَلَى أَنْ أَحِيْفَ عَلَيْكُم، وَالرِّشْوَةُ سُحْتٌ. فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ. وَحَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ عَبْدِ اللهِ - فِيْمَا نَحْسِبُ - عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُسْندِ بِالمِزَّةِ، أَنْبَأَنَا عَبْدَانُ بنُ رَزِيْنٍ، حَدَّثَنَا نَصْرُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ الفَقِيْهُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ الحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ العَبَّاسِ الزَّيْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِيَاذٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ ابْنُ أَخِي المَاجِشُوْنِ: بَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَتْ لِعَبْدِ اللهِ بنِ رَوَاحَةَ جَارِيَةٌ يَسْتَسِرُّهَا عَنْ أَهْلِهِ، فَبَصُرَتْ بِهِ امْرَأَتُهُ يَوْماً قَدْ خَلاَ بِهَا، فَقَالَتْ: لَقَدِ اخْتَرْتَ أَمَتَكَ عَلَى حُرَّتِكَ؟ فَجَاحَدَهَا ذَلِكَ. قَالَتْ: فَإِنْ كُنْتَ صَادِقاً، فَاقْرَأْ آيَةً مِنَ القُرْآنِ. قَالَ: شَهِدْتُ بِأَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ * وَأَنَّ النَّارَ مَثْوَى الكَافِرِيْنَا قَالَتْ: فَزِدْنِي آيَةً. فَقَالَ: وَأَنَّ العَرْشَ فَوْقَ المَاءِ طَافٍ * وَفَوْقَ العَرْشِ رَبُّ العَالَمِيْنَا وَتَحْمِلُهُ مَلاَئِكَةٌ كِرَامٌ * مَلاَئِكَةُ الإِلَهِ مُقَرَّبِيْنَا فَقَالَتْ: آمَنْتُ بِاللهِ، وَكَذَّبْتُ البَصَرَ. فَأَتَى رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَدَّثَهُ، فَضَحِكَ، وَلَمْ يُغَيِّرْ عَلَيْهِ. (1/238) ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، أَنَّ نَافِعاً حَدَّثَهُ، قَالَ: كَانَت لابْنِ رَوَاحَةَ امْرَأَةٌ، وَكَانَ يَتَّقِيْهَا، وَكَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! قَالَتْ: اقْرَأْ عَلَيَّ إِذاً، فَإِنَّكَ جُنُبٌ. فَقَالَ: شَهِدْتُ بِإِذْنِ اللهِ أَنَّ مُحَمَّداً * رَسُوْلُ الَّذِي فَوْقَ السَّمَوَاتِ مِنْ عَلُ وَأَنَّ أَبَا يَحْيَى وَيَحْيَى كِلاَهُمَا * لَهُ عَمَلٌ مِنْ رَبِّهِ مُتَقَبَّلُ وَقَدْ رُوِيَا لِحَسَّانٍ. (1/239) شَرِيْكٌ: عَنِ المِقْدَامِ بنِ شُرَيْحٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ: كَانَ يَتَمَثَّلُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشِعْرِ عَبْدِ اللهِ بنِ رَوَاحَةَ، وَربَّمَا قَالَ: وَيَأَتِيْكَ بِالأَخْبَارِ مَنْ لَمْ تُزَوِّدِ * ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ - يَعْنِي بَعْدَ قَتْلِ صَاحِبِهِ -. قَالَ: فَالْتَوَى بَعْضَ الاَلْتِوَاءِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ بِهَا عَلَى فَرَسِهِ، فَجَعَلَ يَسْتَنْزِلُ نَفْسَهُ، وَيَتَرَدَّدُ بِهَا بَعْضَ التَّردُّدِ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ: أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: أَقْسَمْتُ بِاللهِ لَتَنْزِلِنَّهْ * طَائِعَةً أَوْ لاَ لَتُكْرَهِنَّهْ إِنْ أَجْلَبَ النَّاسُ وَشَدُّوا الرَّنَّهْ * مَا لِي أَرَاكِ تَكْرَهِيْنَ الجَنَّهْ قَدْ طَالَ مَا قَدْ كُنْتِ مُطْمَئِنَّهْ * هَلْ أَنْتِ إِلاَّ نُطْفَةٌ فِي شَنَّهْ ثُمَّ نَزَلَ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. (1/240) وَقَالَ أَيْضاً: يَا نَفْسُ إِنْ لاَ تُقْتَلِي تَمُوْتِي * هَذَا حِمَامُ المَوْتِ قَدْ لَقِيْتِ وَمَا تَمَنَّيْتِ فَقَدْ أُعْطِيْتِ * إِنْ تَفْعَلِي فِعْلَهُمَا هُدِيْتِ وَإِنْ تَأَخَّرْتِ فَقَدْ شَقِيْتِ * قَالَ الوَلِيْدُ بنُ مُسلمٍ: فَسَمِعْتُ أَنَّهُم سَارُوا بِنَاحِيَةِ مُعَانَ، فَأُخْبِرُوا أَنَّ الرُّوْمَ قَدْ جَمَعُوا لَهُم جُمُوْعاً كَثِيْرَةً، فَاسْتَشَارَ زَيْدٌ أَصْحَابَهُ، فَقَالُوا: قَدْ وَطِئْتَ البِلاَدَ، وَأَخَفْتَ أَهْلَهَا. فَانْصَرَفَ، وَابْنُ رَوَاحَةَ سَاكِتٌ. فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: إِنَّا لَمْ نَسِرْ لِغَنَائِمَ، وَلَكِنَّا خَرَجْنَا لِلِّقَاءِ، وَلَسْنَا نُقَاتِلُهُم بِعَدَدٍ وَلاَ عُدَّةٍ، وَالرَّأْيُ المَسِيْرُ إِلَيْهِم. قَالَ عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فَإِنْ أُصِيْبَ ابْنُ رَوَاحَةَ، فَلْيَرْتَضِ المُسْلِمُوْنَ رَجُلاً). ثُمَّ سَارُوا حَتَّى نَزَلُوا بِمُعَانَ، فَبَلَغَهُم أَنَّ هِرَقْلَ قَدْ نَزَلَ بِمَآبَ فِي مَائَةِ أَلْفٍ مِنَ الرُّوْمِ، وَمَائَةِ أَلْفٍ مِنَ المُسْتَعْرِبَةِ. فَشَجَّعَ النَّاسَ ابْنُ رَوَاحَةَ، وَقَالَ: يَا قَوْمُ! وَاللهِ إِنَّ الَّذِي تَكْرَهُوْنَ لَلَّتِي خَرَجْتُم لَهَا: الشَّهَادَةُ. وَكَانُوا ثَلاَثَةَ آلاَفٍ. (1/241)
__________________
كُلُ ابنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُهُ *** يَوماً عَلى آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ |
#3
|
|||
|
|||
كَعْبُ بنُ مَالِكِ بنِ أَبِي كَعْبٍ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ
ابْنِ القَيْنِ بنِ كَعْبِ بنِ سَوَادِ بنِ غَنْمِ بنِ كَعْبِ بنِ سَلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، العَقَبِيُّ، الأُحُدِيُّ. شَاعِرُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ، وَأَحَدُ الثَّلاَثَةِ الَّذِيْنَ خُلِّفُوا، فَتَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ. شَهِدَ العَقَبَةَ. وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ، تَبْلُغُ الثَّلاَثِيْنَ، اتَّفَقَا عَلَى ثَلاَثَةٍ مِنْهَا، وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِحَدِيْثٍ، وَمُسْلِمٌ بِحَدِيْثَيْنِ. رَوَى عَنْهُ: بَنُوْهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَعُبَيْدُ اللهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدٌ، وَمَعَبْدٌ بَنُو كَعْبٍ، وَجَابِرٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَعُمَرُ بنُ الحَكَمِ، وَعُمَرُ بنُ كَثِيْرِ بنِ أَفْلَحَ، وَآخَرُوْنَ، وَحَفِيْدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ. (2/524) وَقِيْلَ: كَانَتْ كُنْيَتُهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَبَا بَشِيْرٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتَمٍ: كَانَ كَعْبٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، وَذَهَبَ بَصَرُهُ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ. وَقَدْ ذَكَرَهُ عُرْوَةُ فِي السَّبْعِيْنَ الَّذِيْنَ شَهِدُوا العَقَبَةَ. وَرَوَى: صَدَقَةُ بنُ سَابِقٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَكَعْبِ بنِ مَالِكٍ. وَقِيْلَ: بَلْ آخَى بَيْنَ كَعْبٍ وَالزُّبَيْرِ. حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَكَعْبِ بنِ مَالِكٍ، فَارْتُثَّ كَعْبٌ يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَاءَ بِهِ الزُّبَيْرُ يَقُوْدُهُ، وَلَو مَاتَ يَوْمَئِذٍ لَوَرِثَهُ الزُّبَيْرُ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ} [الأَنْفَالُ: 75]. وَعَنْ كَعْبٍ: لَمَّا انْكَشَفْنَا يَوْمَ أُحُدٍ، كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ عَرَفَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَشَّرْتُ بِهِ المُؤْمِنِيْنَ حَيّاً سَوِيّاً، وَأَنَا فِي الشِّعْبِ، فَدَعَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَعْباً بِلأْمَتِهِ، وَكَانَتْ صَفْرَاءَ، فَلَبِسَهَا كَعْبٌ، وَقَاتَلَ يَوْمَئِذٍ قِتَالاً شَدِيْداً حَتَّى جُرِحَ سَبْعَةَ عَشَرَ جُرْحاً. (2/525) قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ شُعَرَاءُ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ، وَكَعْبُ بنُ مَالِكٍ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ كَعْبٍ: عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! قَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِي الشُّعَرَاءِ مَا أَنْزَلَ. قَالَ: (إِنَّ المُجَاهِدَ مُجَاهِدٌ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَأَنَّمَا تَرْمُونَهُمْ بِهِ نَضْحُ النَّبْلِ). قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: أَمَّا كَعْبٌ فَكَانَ يَذْكُرُ الحَرْبَ، يَقُوْلُ: فَعَلْنَا وَنَفْعَلُ، وَيَتَهَدَّدُهُمْ، وَأَمَّا حَسَّانُ فَكَانَ يَذْكُرُ عُيُوبَهُمْ، وَأَيَّامَهُمْ، وَأَمَّا ابْنُ رَوَاحَةَ فَكَانَ يُعَيِّرَهُمْ بِالكُفْرِ. وَقَدْ أَسْلَمَتْ دَوْسٌ فَرَقاً مِنْ بَيْتٍ قَالَهُ كَعْبٌ: نُخَيِّرُهَا وَلَو نَطَقَتْ لَقَالَتْ * قَوَاطِعُهُنَّ دَوْساً أَوْ ثَقِيْفَا عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِكَعْبِ بنِ مَالِكٍ: (مَا نَسِيَ رَبُّكَ لَكَ، وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً، بَيْتاً قُلْتَهُ). قَالَ: مَا هُوَ؟ قَالَ: (أَنْشِدْهُ يَا أَبَا بَكْرٍ). فَقَالَ: زَعَمَتْ سَخِيْنَةُ أَنْ سَتَغْلِبَ رَبَّهَا * وَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الغَلاَّبِ (2/526) عَنِ الهَيْثَمِ، وَالمَدَائِنِيِّ: أَنَّ كَعْباً مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ. وَرَوَى: الوَاقِدِيُّ: أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ. وَعَنِ الهَيْثَمِ بنِ عَدِيٍّ أَيْضاً: أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ. وَقِصَّةُ تَوْبَةِ الثَّلاَثَةِ فِي الصَّحِيْحِ، وَشِعْرُهُ مِنْهُ فِي السِّيْرَةِ. الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَبَيْنَ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ. قَالَ الزُّبَيْرُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ كَعْباً أَصَابَتْهُ الجِرَاحَةُ بِأُحُدٍ، فَقُلْتُ: لَو مَاتَ، فَانْقَلَعَ عَنِ الدُّنْيَا، لَوَرِثْتُهُ، حَتَّى نَزَلَتْ: {وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ} [الأَنْفَالُ: 75]. فَصَارَتِ المَوَارِيْثُ بَعْدُ لِلأَرْحَامِ وَالقَرَابَاتِ، وَانْقَطَعَتْ حِيْنَ نَزَلَتْ: {وَأُوْلُو الأَرْحَامِ} تِلْكَ المَوَارِيْثُ بِالمُوَاخَاةِ. (2/527) وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ: آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ كَعْبٍ وَطَلْحَةَ. وَقَدْ أَنْشَدَ كَعْبٌ عَلِيّاً قَوْلَهُ فِي عُثْمَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -: فَكَفَّ يَدَيْهِ ثُمَّ أَغْلَقَ بَابَهُ * وَأَيْقَنَ أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِغَافِلِ وَقَالَ لِمَنْ فِي دَارِهِ: لاَ تُقَاتِلُوا * عَفَا اللهُ عَنْ كُلِّ امْرِئٍ لَمْ يُقَاتِلِ فَكَيْفَ رَأَيْتَ اللهَ صَبَّ عَلَيْهِمُ الـ * ـعَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ بَعْدَ التَّوَاصُلِ وَكَيْفَ رَأَيْتَ الخَيْرَ أَدْبَرَ عَنْهُمُ * وَوَلَّى كَإِدْبَارِ النَّعَامِ الجَوَافِلِ فَقَالَ عَلِيٌّ: اسْتَأْثَرَ عُثْمَانُ، فَأَسَاءَ الأَثَرَةَ، وَجَزِعْتُمْ أَنْتُمْ، فَأَسَأْتُمُ الجَزَعَ. (2/528) الزُّهْرِيُّ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ: سَمِعْتُ كَعْباً يَقُوْلُ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةٍ حَتَّى كَانَتْ تَبُوْكٌ، إِلاَّ بَدْراً، وَمَا أُحِبُّ أَنِّي شَهِدْتَهَا وَفَاتَتْنِي بَيْعَتِي لَيْلَةَ العَقَبَةِ، وَقَلَّمَا أَرَادَ رَسُوْلُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَزْوَةً إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، فَأَرَادَ فِي غَزْوَةِ تَبُوْكٍ أَنْ يَتَأَهَّبَ النَّاسُ أُهْبَةً، وَكُنْتُ أَيْسَرَ مَا كُنْتُ وَأَنَا فِي ذَلِكَ أَصْغُو إِلَى الظِّلاَلِ، وَطَيِّبِ الثِّمَارِ، فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى خَرَجَ. فَقُلْتُ: أَنْطَلِقُ غَداً، فَأَشْتَرِي جَهَازِي، ثُمَّ أَلْحَقُ بِهِمْ. فَانْطَلَقْتُ إِلَى السُّوْقِ، فَعَسُرَ عَلَيَّ، فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: أَرْجِعُ غَداً. فَلَمْ أَزَلْ حَتَّى التَبَسَ بِي الذَّنْبُ، وَتَخَلَّيْتُ، فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي أَسْوَاقِ المَدِيْنَةِ، فَيُحْزِنُنِي أَنِّي لاَ أَرَى إِلاَّ مَغْمُوْصاً عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ، أَوْ ضَعِيْفاً، وَكَانَ جَمِيْعُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ بِضْعَةً وَثَمَانِيْنَ رَجُلاً. وَلَمَّا بَلَغَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَبُوْكَ، ذَكَرَنِي، وَقَالَ: (مَا فَعَلَ كَعْبٌ؟). فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي: خَلَّفَهُ يَا نَبِيَّ اللهِ بُرْدَاهُ، وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ. فَقَالَ مُعَاذٌ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللهِ مَا نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْراً. إِلَى أَنْ قَالَ: فَلَمَّا رَآنِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، وَقَالَ: (أَلَمْ تَكُنِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟). قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: (فَمَا خَلَّفَكَ؟). قُلْتُ: وَاللهِ لَو بَيْنَ يَدَيْ أَحَدٍ غَيْرِكَ جَلَسْتُ، لَخَرَجْتُ مِنْ سَخَطِهِ عَلَيَّ بِعْذُرٍ، لَقَدْ أُوْتِيْتُ جَدَلاً، وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْتُ يَا نَبِيَّ اللهِ أَنِّي أُخْبِرُكَ اليَوْمَ بِقَوْلٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيْهِ وَهُوَ حَقٌّ، فَإِنِّي أَرْجُو فِيْهِ عُقْبَى اللهِ. إِلَى أَنْ قَالَ: وَاللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَيْسَرَ وَلاَ أَخَفَّ حَاذّاً مِنِّي حِيْنَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ. فَقَالَ: (أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَكُمْ، قُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِيْكَ). فَقُمْتُ. (2/529) إِلَى أَنْ قَالَ: وَنَهَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ عَنْ كَلاَمِنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ، فَجَعَلْتُ أَخْرُجُ إِلَى السُّوْقِ، فَلاَ يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَتَنَكَّرَ لَنَا النَّاسُ حَتَّى مَا هُمْ بِالَّذِيْنَ نَعْرِفُ، وَتَنَكَّرَتْ لَنَا الحِيْطَانُ وَالأَرْضُ، وَكُنْتُ أَطُوْفُ وَآتِي المَسْجِدَ، فَأَدْخُلُ وَآتِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَأَقُوْلُ: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِالسَّلاَمِ. وَاسْتَكَانَ صَاحِبَايَ، فَجَعَلا يَبْكِيَانِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، لاَ يُطْلِعَانِ رُؤُوْسَهُمَا. فَبَيْنَا أَنَا أَطُوْفُ فِي السُّوْقِ، إِذَا بِنَصْرَانِيٍّ جَاءَ بِطَعَامٍ يَقُوْلُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبٍ؟ فَدَلُّوهُ عَلَيَّ، فَأَتَانِي بِصَحِيْفَةٍ مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، فَإِذَا فِيْهَا: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَأَقْصَاكَ، وَلَسْتَ بِدَارٍ مَضْيَعَةٍ، وَلاَ هَوَانٍ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ. فَسَجَرْتُ لَهَا التَّنُّورَ، وَأَحْرَقْتُهَا. إِلَى أَنْ قَالَ: إِذْ سَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ ذُرْوَةِ سَلْعٍ: أَبْشِرْ يَا كَعْبَ بنَ مَالِكٍ، فَخَرَرْتُ سَاجِداً، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ يُبَشِّرُنِي، فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعُ مِنْ فَرَسِهِ، فَأَعْطَيْتُهُ ثَوْبَيَّ بِشَارَةً، وَلَبِسْتُ غَيْرَهُمَا. وَنَزَلَتْ تَوْبَتُنَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُلُثَ اللَّيْلِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَلاَ نُبَشِّرُ كَعْباً، قَالَ: (إِذاً يَحْطُمُكُمُ النَّاسُ وَيَمْنَعُوْنَكُمُ النَّوْمَ). (2/530) قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ، وَحَوْلَهُ المُسْلِمُوْنَ، وَهُوَ يَسْتَنِيْرُ كَاسْتِنَارَةِ القَمَرِ، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا كَعْبُ بِخَيْرِ يَوْمٍ أَتَى عَلَيْكَ. ثُمَّ تَلاَ عَلَيْهِمْ: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ...} [التَّوْبَةُ: 118]، الآيَاتِ. وَفِيْنَا نَزَلَتْ أَيْضاً: {اتَّقُوا اللهَ، وَكُوْنُوا مَعَ الصَّادِقِيْنَ...} [التَّوْبَةُ: 120]. فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ! إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَلاَّ أُحَدِّثَ إِلاَّ صَادِقاً، وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً. فَقَالَ: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ)...، الحَدِيْث. وَفِي لَفْظٍ: فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي، وَهَنَّأَنِي، فَكَانَ لاَ يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ. (2/531)
__________________
كُلُ ابنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُهُ *** يَوماً عَلى آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
|
.: عدد زوار المنتدى:.