|
كاتب الموضوع | فتحي العلي | مشاركات | 0 | المشاهدات | 1177 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
القول المبين في حكم الاحتفال بمولد خاتم النبيين
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الاحتفال بالمولد النبوي من البدع المحدثة التي أنكرها أهل العلم، وسننقل بعض أقوالهم في ذلك: 1. كلام شيخ الإسلام في المولد: فقد بسط القول في كتابه "اقتضاء الصراط المستقيم" في ذم أعياد المشركين من أهل الكتاب والأعاجم وغيرهم، ثم قال بعد ذلك: (وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى -عليه السلام-، وإما محبة للنبي - صلى الله عليه وسلم- وتعظيماً، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع من اتخاذ مولد النبي - صلى الله عليه وسلم- عيداً مع اختلاف الناس في مولده، فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى له وعدم المانع، ولو كان هذا خيراً محضاً أو راجحاً لكان السلف -رضي الله عنهم- أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- وتعظيماً له منا، وهم على الخير أحرص، وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته باطناً وظاهراً، ونشر ما بعث به، والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان، فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان)(1). وقال أيضاً: (وأما اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يُقال: إنها ليلة المولد، أو بعض ليالي رجب، أو ثامن عشر ذي الحجة، أو أول جمعة من رجب، أو ثامن شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار، فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها)(2). 2. قال تاج الدين عمر بن علي اللخمي السكندري المشهور بالفاكهاني من متأخري المالكية في كتابه (المورد في الكلام على عمل المولد): فإنه تكرر سؤال جماعة من المباركين عن الاجتماع الذي يعمله بعضُ الناس في شهر ربيع الأول ويسمونه المولد هل له أصل في الشرع؟ أو هو بدعة وحدث في الدين؟ وقصدوا الجواب عن ذلك فقلت وبالله التوفيق: لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة، ولم ينقل عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين المتمسكون بآثار المتقدمين، بل هو بدعة أحدثها البطَّالون، وشهوة نفس اعتنى بها الأكالون، بدليل أنا إذا أدرنا عليه الأحكام الخمسة قلنا: إما أن يكون واجباً أو مندوباً أو مباحاً أو مكروهاً أو محرماً، وليس بواجب إجماعاً ولا مندوباً لأن حقيقة المندوب ما طلبه الشرع من غير ذم على تركه، وهذا لم يأذن فيه الشرع، ولا فعله الصحابة ولا التابعون ولا العلماء المتدينون فيما علمت. وهذا جوابي عنه بين يدي الله –تعالى- إن عنه سئلت، ولا جائز أن يكون مباحاً؛ لأن الابتداع في الدين ليس مباحاً بإجماع المسلمين، فلم يبق إلا أن يكون مكروهاً أو حراماً، وحينئذ يكون الكلام فيه على فصلين، التفرقة بين حالين: أحدهما: أن يعمله من عين ماله لأهله وأصحابه وعياله لا يجاوزون في ذلك الاجتماع على أكل الطعام ولا يقترفون شيئاً من الآثام، وهذا الذي وصفناه بأنه بدعة مكروهة، إذ لم يفعله أحد من متقدمي أهل الطاعة الذين هم فقهاء الإسلام وعلماء الأنام. والثاني: أن تدخله الجناية وتقوى به العناية حتى يعطى أحدهم الشيء ونفسه تتبعه لا سيما إن انضاف إلى ذلك شيء من الغناء بآلات الباطل من الدفوف والشبابات واجتماع الرجال مع الشباب المرد والنساء الفاتنات، إما مختلطات بهم أو مشرفات، والرقص بالتثني والانعطاف، والاستغراق في اللهو ونسيان يوم المخاف، وكذلك النساء إذا اجتمعت على انفرادهن رافعات أصواتهن بالتهنيك والتطريب في الإنشاد، والخروج في التلاوة والذكر عن المشروع والأمر المعتاد، وهذا لا يختلف في تحريمه اثنان... إلى أن قال: هذا مع أن الشهر الذي ولد فيه - صلى الله عليه وسلم- هو ربيع الأول هو بعينه الشهر الذي توفي فيه فليس الفرح فيه بأولى من الحزن فيه، انتهى المقصود من كلامه ملخصاً(3). 3. وممن أنكر بدعة المولد السيد محمد رشيدرضا في صفحة 111 من الجزء السابع عشر من المنار، وهو أيضاً في صفحة 1242-1243 من المجلد الرابع من فتاوى رشيد رضا. فقد سُئل عن قراءة القصص المسماة بالموالد هل هي سنة أم بدعة؟ ومن أول من فعل ذلك؟ فأجاب بقوله: (هذه الموالد بدعة بلا نزاع، وأول من ابتدع الاجتماع لقراءة قصة المولد النبوي أحد ملوك الشراكسة بمصر). 4. وممن كتب في إنكار بدعة المولد وذمها محمد بن عبد السلام خضر الشقيري في كتابه المسمى (بالسنن والمبتدعات) قال فيه: (فصل) في شهر ربيع الأول وبدعة المولد فيه، لا يختص هذا الشهر بصلاة ولا ذكر ولا عبادة ولا نفقة ولا صدقة ولا هو موسم من مواسم الإسلام كالجمع والأعياد التي رسمها لنا الشارع صلوات الله وتسليماته عليه وعلى سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين، ففي هذا الشهر ولد - صلى الله عليه وسلم- وفيه توفي، فلما يفرحون بميلاده ولا يحزنون لوفاته؟ فاتخاذ مولده موسماً والاحتفال به بدعة منكرة ضلالة، لم يرد بها شرع ولا عقل، ولو كان في هذا خير فكيف يغفل عنه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر الصحابة والتابعين وتابعيهم والأئمة وأتباعهم، لا شك أنه ما أحدثه إلا المتصوفون الأكَّالون البطالون أصحاب البدع، وتبع الناس بعضُهم بعضاً فيه إلا من عصمه الله، ووفقه لفهم حقائق دين الإسلام(4). 5. وممن أنكر بدعة المولد من أكابر العلماء والمحققين الإمام إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي -رحمه الله- فقد ذكر بعض أنواع البدع في أول كتابه "الاعتصام" وعد منها اتخاذ يوم ولادة النبي - صلى الله عليه وسلم- عيداً وكلامه في ذم المولد في صفحة 53 من الجزء الأول المطبوع في مطبعة دار ابن عفان تحقيق: سليم الهلالي. 6. فتاوى اللجنة الدائمة. فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (رقم 7136). - إقامة احتفال بمناسبة مولده - صلى الله عليه وسلم- لا يجوز لكونه بدعة محدثة لم يفعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ولا خلفاؤه الراشدون ولا غيرهم من العلماء في القرون الثلاثة المفضلة(5). - ورد سؤال للجنة وهو ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي وبليلة الإسراء والمعراج بقصد الدعوة الإسلامية؟ فأجابوا بالتالي: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه... وبعد: قد دعا النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام بالقول والعمل والجهاد في سبيل الله، وهو أعرف بطريق الدعوة إليه ونشرها وإظهار شعائره، ولم يكن من هديه في الدعوة وإظهار شعائر الإسلام الاحتفال بمولده ولا الاحتفال بالإسراء والمعراج، وهو الذي يعرف قدر ذلك ويقدره قدره، وسلك أصحابه - رضي الله عنهم- طريقه، واهتدوا بهديه في الدعوة إلى الإسلام ونشره، فلم يحتفلوا بذلك ولا بنظائره من الأحداث الكبار، ولا عُرف الاحتفال بذلك عن أئمة الإسلام المعتبرين أهل السنة والجماعة -رحمهم الله-، وإنما عُرف ذلك عن المبتدعة في الدين والغلاة فيه كالرافضة وسائر فرق الشيعة وغيرهم ممن قلَّ علمُه بالشرع المطهر، فالاحتفال بما ذُكر بدعة منكرة لمخالفته لهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم-، والخلفاء الراشدين، وأئمة السلف الصالح في القرون الثلاثة المفضلة - رضي الله عنهم-، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وقال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وقال: (إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)(6). 7. أما سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله-، فقد قال في رسالة له في حكم الاحتفال بالموالد النبوية وغيرها: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد تكرر السؤال من كثير؟ عن حكم (الاحتفال بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم- والقيام له في أثناء ذلك وإلقاء السلام عليه وغير ذلك مما يفعل في الموالد؟). والجواب: أن يُقال: لا يجوز الاحتفال بمولد الرسول - صلى الله عليه وسلم- ولا غيره؛ لأن ذلك من البدع المحدثة في الدين؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يفعله ولا خلفاؤه الراشدون ولا غيرهم من الصحابة –رضوان الله عليهم- ولا التابعون لهم بالإحسان في القرون المفضلة، وهم أعلم الناس بالسنة، وأكمل حباً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم-، ومتابعة لشرعه ممن بعدهم، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) أي مردود على صاحبه، وقال في حديث آخر: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)(7) ففي هذين الحديثين تحذير شديد من إحداث البدع، والعمل بها، وقد قال -سبحانه وتعالى- في كتابه المبين: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} الحشر: 7 وقال -عز وجل-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} النور: 63.. إلى أن قال: والآيات في هذا المعنى كثيرة، وإحداث مثل هذه الموالد يُفهم منه أن الله -سبحانه- لم يكمل الدين لهذه الأمة، وأن الرسول - عليه الصلاة والسلام- لم يُبلِّغ ما ينبغي للأمة أن تعمل به، حتى جاء هؤلاء المتأخرون فأحدثوا في شرع الله ما لم يأذن به، زاعمين أن ذلك مما يُقرِّبهم إلى الله، وهذا بلا شك فيه خطر عظيم واعتراض على الله -سبحانه-، وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم-، والله -سبحانه- قد أكمل لعبادة الدين، وأتم عليهم النعمة، والرسول - صلى الله عليه وسلم- قد بلغ البلاغ المبين، ولم يترك طريقاً إلى الجنة ويباعد من النار إلا وبينه للأمة... إلى أن قال: ومعلوم أن نبينا - صلى الله عليه وسلم- هو أفضل الأنبياء وخاتمهم وأكملهم بلاغاً ونصحاً، فلو كان الاحتفال بالموالد من الدين الذي يرضاه الله – سبحانه- لبينه الرسول - صلى الله عليه وسلم- للأمة، أو فعله في حياته، أو فعله أصحابه - رضي الله عنهم-، فلما لم يقع شيء من ذلك عُلم أنه ليس من الإسلام في شيء، بل هو من المحدثات التي حذر الرسولُ - صلى الله عليه وسلم- منها أمته. وقال أيضاً: (وقد رددنا هذه المسألة: وهي الاحتفال بالموالد إلى كتاب الله -سبحانه- فوجدناه يأمرنا باتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم- فيما جاء به، ويحذرنا عما نهى عنه، ويخبرنا بأن الله -سبحانه- قد أكمل لهذه الأمة دينها، وليس هذا الاحتفال مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم-، فيكون ليس من الدين الذي أكمله الله لنا، وأمرنا باتباع الرسول فيه، وقد رددنا ذلك – أيضاً- إلى سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم- فلم نجد فيها أنه فعله، ولا أمر به، ولا فعله أصحابه - رضي الله عنهم- فعلمنا بذلك أنه ليس من الدين بل هو من البدع المحدثة، ومن التشبه بأهل الكتاب من اليهود والنصارى في أعيادهم، وبذلك يتضح لكل من له أدنى بصيرة ورغبة في الحق وإنصاف في طلبه أن الاحتفال بالموالد ليس من دين الإسلام، بل هو من البدع المحدثات التي أمر الله -سبحانه- ورسوله - صلى الله عليه وسلم- بتركها والحذر منها. 8. قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله-: (وإن من جملة البدع ما ابتدعه بعض الناس في شهر ربيع الأول من بدعة عيد المولد النبوي، يجتمعون في الليلة الثانية عشر منه في المساجد أو البيوت فيصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم- بصلوات مبتدعة، ويقرؤون مدائح للنبي - صلى الله عليه وسلم- تخرج بهم إلى حد الغلو الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم-، وربما صنعوا مع ذلك طعاماً يسهرون عليه، فأضاعوا المال والزمان، وأتعبوا الأبدان فيما لم يشرعه الله ولا رسوله، ولا عمله الخلفاء الراشدون، ولا الصحابة ولا المسلمون في القرون الثلاثة المفضلة، ولا التابعون بإحسان، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، ولو كان خيراً ما حرمه الله - تعالى- سلف هذه الأمة، وفيهم الخلفاء الراشدون والأئمة، وما كان الله – تعالى- ليحرم سلف هذه الأمة ذلك الخير لو كان خيراً، ثم يأتي أناس من القرن الرابع فيحدثون تلك البدعة. إلى أن قال: (... إن بدعة عيد المولد التي تقام في شهر ربيع الأول من الليلة الثانية عشر منه ليس لها أساس من التاريخ؛ لأنه لم يثبت أن ولادة النبي - صلى الله عليه وسلم- كانت تلك الليلة، وقد اضطربت أقوال المؤرخين في ذلك: فبعضهم زعم أن ولادته في اليوم الثاني من الشهر، وبعضهم في الثاني عشر، وبعضهم في السابع، وبعضهم في العاشر، وبعضهم في الثاني عشر، وبعضهم في السابع عشر، وبعضهم في الثاني والعشرين، فهذه أقوال سبعة ليس لبعضها ما يدل على رجحانه على الآخر، فيبقى تعيين مولده - صلى الله عليه وسلم- من الشهر مجهولاً، إلا أن بعض المعاصرين حقق أنه كان في اليوم التاسع. وإذا لم يكن لبدعة عيد مولد النبي - صلى الله عليه وسلم- أساس من التاريخ، فليس لها أساس من الدين أيضاً؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- لم يفعلها، ولم يأمر بها، ولم يفعلها أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)(8)، وكان يقول في خطبة الجمعة: (أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)(9). والأعياد والمواسم الدينية التي يُقصد بها التقرب إلى الله – تعالى- بتعظيمه وتعظيم نبيه - صلى الله عليه وسلم- هي من العبادات، فلا يُشرع منها إلا ما شرعه الله – تعالى- ورسوله، ولا يتعبد أحد بشيء منها إلا ما جاء عن الله ورسوله، وفيما شرعه الله - تعالى- من تعظيم رسوله - صلى الله عليه وسلم-، ووسائل محبته ما يُغني عن كل وسيلة تُبتدع وتُحدث(10). 9. وقال فضيلة الشيخ الدكتور/ صالح بن فوزان الفوزان: (والاحتفال بمناسبة مولد النبي - صلى الله عليه وسلم- ممنوع ومردود من عدة وجوه: أولاً: أنه لم يكن من سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم- ولا من سنة خلفائه. وما كان كذلك فهو من البدع الممنوعة، لقوله - صلى الله عليه وسلم-: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة}(11). والاحتفال بالمولد محدث أحدثه الشيعة الفاطميون بعد القرون المفضلة لإفساد دين المسلمين، ومن فعل شيئاً يتقرب به إلى الله لم يفعله الرسول - صلى الله عليه وسلم- ولم يأمر به، ولم يفعله خلفاؤه من بعده، فقد تضمن فعلُه اتهام الرسول بأنه لم يُبيِّن للناس دينهم، وتكذيبَ قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم} المائدة: 3؛ لأنه جاء بزيادة يزعم أنها من الدين، ولم يأت بها الرسول - صلى الله عليه وسلم-. ثانياً: في الاحتفال بذكرى المولد تشبه بالنصارى؛ لأنهم يحتفلون بذكرى مولد المسيح – عليه السلام-، والتشبه محرم أشد التحريم، ففي الحديث النهى عن التشبه بالكفار، والأمر بمخالفتهم، فقد قال - صلى الله عليه وسلم-: (من تشبه بقومٍ فهو منهم)(12). وقال: (خالفوا المشركين)(13) ولا سيما فيما هو من شعائر دينهم. ثالثاً: أن الاحتفال بذكرى مولد الرسول مع كونه بدعة وتشبهاً بالنصارى وكل منهما محرم، فهو كذلك وسيلة إلى الغلو والمبالغة في تعظيمه حتى يفضي إلى دعائه والاستغاثة به من دون الله، كما هو الواقع الآن من كثير ممن يحيون بدعة المولد، من دعاء الرسول من دون الله، وطلب المدد منه، وإنشاد القصائد الشركية في مدحه: كقصيدة البردة وغيرها، وقد نهى - صلى الله عليه وسلم- عن الغلو في مدحه، فقال: (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله)(14)، أي لا تغلوا في مدحي وتعظيمي كما غلت النصارى في مدح المسيح وتعظيمه حتى عبدوه من دون الله، وقد نهاهم الله عن ذلك يقوله: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} سورة النساء: 171. ونهانا نبينا - صلى الله عليه وسلم- عن الغلو خشية أن يصيبنا ما أصابهم، فقال: (أياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو)(15). رابعاً: إن إحياء بدعة المولد يفتح الباب للبدع الأخرى، والاشتغال بها عن السنن، ولهذا تجد المبتدعة ينشطون في إحياء البدع، ويكسلون عن السنن ويبغضونها، ويعادون أهلها، حتى صار دينهم كله ذكريات بدعية وموالد، وانقسموا إلى فرق، كل فرقة تحيي ذكر موالد أئمتها، كمولد البدوي وابن عربي والدسوقي والشاذلي، وهكذا لا يفرغون من مولد إلا وينشغلون بآخر، ونتج عن ذلك الغلو بهؤلاء الموتى وبغيرهم، بدعاؤهم من دون الله، واعتقاد أنهم ينفعون ويضرون، حتى انسلخوا من دين الإسلام، وعادوا إلى دين أهل الجاهلية الذين قال الله فيهم: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ}يونس:18. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} الزمر: 3. أسباب الاحتفال بالمولد إن الناس الذين يحتفلون بذكرى المولد النبوي أصناف: -فمنهم من يجعله مجرد اجتماع، تُقرأ فيه قصة المولد، أو تُقدم فيه خطب وقصائد بهذه المناسبة. -ومنهم من يصنع الطعام أو الحلوى وغير ذلك ويقدمه لمن حضر. -ومنهم يقيمه في المساجد. -ومنهم من يقيمه في البيوت. -ومنهم من لا يقتصر على ما ذكر، فيجعل هذا الاجتماع مشتملاً على محرمات ومنكرات من اختلاط الرجال بالنساء والرقص والغناء، أو أعمال شركية كالاستغاثة بالرسول - صلى الله عليه وسلم- وندائه والاستنصار به على الأعداء وغير ذلك. وكل هذا بدعة ومخالفة للسنة النبوية المطهرة وإن كان بعضها أشد من بعض. أما الأسباب التي تجعل المقيمين للاحتفال يفعلونه فإنها تختلف باختلاف مقيمي هذا المولد ومن هذه الأسباب ما يلي: 1.نشر العقائد الفاسدة من خلال التذرع بحب النبي وآل البيت، والارتباط بهم، وهذا ما صنعه العُبيديون من قبل، ويفعله أحفادهم والمتأثرون بهم في كثير من البلدان. 2.نيل الشهرة والصيت، وهذا يختص بفئة تنفق على هذه الموالد وترعاها من الأغنياء والموسرين. 3.كسب الولاء الديني، وهو الدافع الذي يدفع (مشايخ الطرق) للتسابق في إقامة السرادقات، والمشي في المسيرات من أجل الاستزادة من الأتباع. 4.الارتزاق، هو ما يقوم به طائفة عريضة من تجار الحلوى، ومؤجري الألعاب والملاهي، والبائعين الجوالين، بل ومشايخ الطرق المنتفعين بما يجري في الأضرحة، والمداحين والقصاصين والمنشدين والمغنين والراقصين والراقصات وأمثالهم. 5.إتاحة الفرصة أمام الفساق والفجار الذين يسعون وراء الحرام. 6.التعمية على بعض الممارسات المعادية للدين الحق. 7.إشغال الشعوب بهذه الاحتفالات، وهي وسيلة يلجأ إليها الحكام الظلمة لصرف الناس عن الدين الحق، فما أن يتفرغ الناس من مناسبة حتى يلاحقوهم بغيرها وهكذا دواليك. 8.العاطفة التي توجد عند بعض الجهال من أن هذا العمل ينبئ عن محبة النبي - صلى الله عليه وسلم-، وأن هذا مظهر من مظاهر هذه المحبة، وأن هذا فيه تعظيم للنبي - صلى الله عليه وسلم-، وشكر الله على هذه النعمة. 9.الجهل الذي يسيطر على بعض الناس من أن هذا جائز شرعاً، وعدم معرفتهم أنه بدعة ضلالة. 10.الشُبَه التي يُخدع بها الجهال من قبل أهل هذه العقائد الفاسدة. نسأل الله أن يعيد الأمة إلى سالف مجدها، ويوفق القائمين عليها لتحكيم شريعة ربهم وسنة نبيهم -صلى الله عليه وسلم-، ونسأله أن يعيذنا من البدع والضلالات، والحمد لله رب العالمين. 1 - اقتضاء الصراط المستقيم (2/619). 2 - الفتاوى (25/298). 3 - الرد القوي (ص 161-162). 4 - الرد القوي على الرافعي والمجهول وابن علوي (ص166). 5 - فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (3/2). 6 - فتوى رقم (3323) فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (3/14). 7 - رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (2549). 8 - رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (2549). 9 - رواه النسائي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (1353). 10 - مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين (6/198-201). 11 -رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (2549). 12- أخرجه أحمد (2/50) وأبو داود (4/314)، وجَوَّد إسناده ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" (1/269) وحسَّنه السيوطيُّ في الجامع الصغير (رقم 8993)، وقال الألباني: صحيح انظر صحيح الجامع رقم (6149). 13- مسلم كتاب الطهارة باب خصال الفطرة (1/222)، رقم (259) نقلاً عن حاشية حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم- ص150. 14 - البخاري -الفتح- كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله: ((وذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها)) (6/551) رقم (3445). 15 - أخرجه النسائي (5/268) وصححه الألباني في صحيح سنن السنائي رقم (2863)، وصحيح الجامع رقم (2680).
الموضوع الأصلي :
القول المبين في حكم الاحتفال بمولد خاتم النبيين
-||-
المصدر :
منتديات الشعر السلفي
-||-
الكاتب :
فتحي العلي
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
.: عدد زوار المنتدى:.