العودة   منتديات الشعر السلفي بإشراف الشاعر ابي رواحة الموري > مرحباً بكم في منتديات الشعر السلفي > منتــدى العقيــدة والمنهــج والـردود العلميـــة

كاتب الموضوع أبو عبدالله أياد بن عبدالله الكردي مشاركات 0 المشاهدات 1346  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
  #1  
قديم 01-07-2012, 01:50 PM
أبو عبدالله أياد بن عبدالله الكردي أبو عبدالله أياد بن عبدالله الكردي غير متواجد حالياً
سَلَّمه الله وعافاه
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
المشاركات: 51
أبو عبدالله أياد بن عبدالله الكردي is on a distinguished road
Bookmove أجوبة فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي السلفية على أسئلة أبي رواحة المنهجية

أجوبة فضيلة الشيخ ربيع بن هادي المدخلي السلفية على أسئلة أبي رواحة المنهجية
أجوبة فضيلة الشيخ
ربيع بن هادي المدخلي السلفية
على أسئلة أبي رواحة المنهجية
أعدَّها وقدَّمها وفرَّغ مادتها ووثّق نصوصها
أبو رواحة عبد الله بن عيسى بن أبكر الموري اليماني
وفقه الله لما يحبه ويرضاه
تمهيد:
الحمد لله القائل: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ(.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد القائل: <إِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتُ الأُمُورِ..> الحديث.
أمّا بعد: فإنّي لَمّا كنت في حقبة من الزمن معايِشًا بعض الفئات غير المنضبطة بالشريعة فقد كنت أجد عندهم بعض الشُّبه مِمّا لا أجد له في ذاكرتي كلامًا مقنِعًا في ردّها.
فحينئذ أقوم بتدوين تلك المسائل الدعوية المشكلة لعرضها على العلماء.
هذا، وإنّه من توفيق الله لي أنّي ما عنَّت لي شبهة قطّ تؤثِّر على توجُّهي الصحيح إلاّ وأُرْجعها إلى أهل العلم عملاً بقوله تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ( ]النساء/83[ فأجد ما يروي الغُلّة ويشفي العِلّة ولله الحمد والمنّة.
الأمر الذي أدعو لأن يَسلُكه كلّ أخ سلفي يرجو الله والدار الآخرة من أبناء هذه الدعوة المباركة.
لذلك ففي شهر رمضان من عام عشرين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية جمعت بعض المسائل الدعوية مما تعجّ بها الساحة، ويحتاج فيها عموم المسلمين إلى كلام عالم يَقِظٍ ذي دراية واسعة على مستوى الأحداث والمستجدات، خبير بهذه الموروثات الدخيلة، والشُّبه الخطّافة التي ينفثها أهل الأهواء أعداء السنن، ثمّ صغت تلك المسائل صياغة أدبية زيادةً في التشويق وحُسْن العَرْض.
وقمتُ بإلقائها على صاحب الفضيلة شيخنا العلاّمة الدكتور ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله وكفاه، ومِن كلّ بلاء عافاه ـ، رئيس قسم السنّة بالجامعة الإسلامية سابقًا والذي أجاب على تلك المسائل وجلَّى تلك الشُّبه وبيَّن زيفها بالحجّة والبرهان في قالب من النصح لشباب الأمّة والشفقة عليهم من أن يكونوا فريسة لهذه الطوائف المسعورة التي تتربّص بهم تربُّص الذئاب بزرائب الغنم.
وذلك أنّ شيخنا ربيعًا حفظه الله هو ذلك العالم المزكَّى من كبار علماء عصره في علمه وعقيدته ومنهجه.
لهذا فإنّ له آثارًا علميةً مفيدة وتوجيهاتٍ دعوية سديدة. فهو ذلك العالم الحريص على نشر الحقّ والسنّة، المشفِق على شباب الأمّة من أن تتخطّفهم الأهواء، الخبير بتلاعب أهل البدع، المفنِّد لشُبههم، الناقد لزيفهم، الواقف في وجوه المبطلين بصنوفهم.
( وإلاّ فبالله عليك أخي المنصِف: مَن الذي ردّ على محمود ابن محمّد الحدّاد وبيَّن غلوَّه وانحرافه عن الشريعة؟!.
( ومَن الذي أبان زيف منهج محمّد بن سرور وقارع أتباعه بالحجّة والبرهان؟!
( ومَن الذي أظهر تلاعب عدنان عرعور بالشريعة وَرَوَغَانِه الماكر؟!
( ومَن الذي بيَّن ضلال المغراوي وَتُرَاثِيَتِه المتهالكة؟!
( ومَن الذي كشف طعون عبد اللطيف باشميل الخفية في أهل العلم وتربُّصه بكبار العلماء الدوائر؟!
( ومَن الذي نكل بالملليباري ووضَّح عبثه بالشريعة؟!
( ومَن الذي تصدّى لعدوان أبي الحسن المصري وردّ هجمته الشرسة على الدعوة السلفية؟
( ومَن الذي ردّ على فالح الحربي وأظهر تجاوزاته وأحكامه الجائرة في نقد الآخرين؟!
والجواب: إنّه ذلك العالم المجاهد الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ـ الذي نذر حياته ووقته وصحّته وجعلها وقفًا للعلم بالشريعة وبيان حال المبطِلين، في حين أنَّك تجده أخي القارئ ذلك الأب الرحيم بالمخالفين قبل الموافقين له، فهو أرحم بهم من آبائهم لأنّه يبيِّن لهم أخطاءهم حتى يجتنبوها فلا يَغترُّ بهم غيرهم فكان الأمر كما قال الأول:
وأنت ربيع يُنْعِشُ الناسَ سَيْبُه
وسيف أُعِيْرَتْه المنيةُ قاطع
وأقول: إنّي على يقين من أنّ الشيخ حفظه الله لا يحبّ المدح ولا يشجِّع عليه ولكنّها الحقيقة التي لابدّ من ذكرها طوعًا أو كرهًا، لما له من المآثر المحمودة والجهود المباركة في حقل العلم والدعوة.
وأقول لكلّ مَن أنكر تلك الجهود وحاول أن يغطِّي بكفِّه نور الشمس:
لا تُنكِروا لربيعَ فَضْلَ نِعْمَتِه
لا يشكر الله مَن لا يشكر الناسا
فأسأل الله أن يبارك في عمر شيخنا ويمتِّع المسلمين بطول بقائه ويختم له بالحسنى إنّه سميع مجيب.
وعودًا على ذي بدء: فقد مرَّ على تسجيل هذا المجلس المبارك السابق ذكْره قرابة ستّ سنوات، فلمّا استمعتُ لذلك الشريط وجدت أنّه غزير المادة، عظيم الفائدة، في حين أنّ الأمّة في مسيس الحاجة لما فيه من النصائح الغالية والتوجيهات السامية.
وخاصّة إذا علمنا حديثًا عمّا تبثُّه القنوات الفضائية، وتتناقله وسائل الإعلام من الدعوة إلى التنصير، وإلغاء ماهية الإسلام، والتخلّي عن مسلَّماته في خِضَمِّ الدعوة إلى توحيد الأديان.
فكان كلّ ذلك دافعًا لي في أن أقوم بتفريع مادة هذا الشريط في رسالة مقروءة والتعليق عليها بما يقتضيه المقام، وعرضها على الشيخ حفظه الله ليأذن في نشرها فحصل المقصود ولله الحمد والمنّة.
واللهَ أسأل أن يبارك في جهود شيخنا وأن يجعل عملي خالصًا لوجهه الكريم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين،،،
وكتبه أبو رواحة: عبد الله بن عيسى بن أبكر الموري
ليلة الأحد 23/7/1426?
بمحل إقامته بجدة- المملكة العربية السعودية

U
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أمّا بعد: فهذه بعض الأسئلة التي نقدِّمها إلى شيخنا الفاضل أبي محمّد ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى وهذه الأسئلة وافقَت ليلة الخميس الرابع عشر من شهر رمضان لعام 1420?:
الأسئلة:
السؤال الأول:
في نظركم أيّ الطوائف الإسلامية المبثوثة في الساحة أكثر خطرًا على الإسلام وأهله، ومجانبةً للمنهج السلفي؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أمّا بعد: فالبدع شرٌّ كما وصفها رسول الله ( في كثير من خطبه، فكانت كلّ خطبه أو جُلّها لا تخلو من تحذير من البدع وذمّ لها، وبيان أنّها شرّ الأمور.
<ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الكَلاَمِ كَلاَمُ اللهِ وَخَيْرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ( وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ـ هنا الشاهد ـ وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ> الحديث في مسلم(1) دون زيادة <وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ> فإنّها في غير مسلم وهي صحيحة ثابتة(2).
فالشاهد:
أنّ البدع كلّها شرّ، والله تبارك وتعالى يقول: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللهُ((3)؟! فالبدعة تشريع في دين الله، واعتبار المشرِّعين مشاركين لله في التشريع ـ والعياذ بالله ـ فيكونون شركاء.
حقّ التشريع ليس إلاّ لله فهو الذي يُشرِّع العقائد والمناهج والعبادات والحلال والحرام، هذا من حقِّه وحده، والرسول عليه الصلاة والسلام إنّما هو مبلِّغ ويقول: <أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي لاَ أُحِلُّ حَرَامًا وَلاَ أُحَرِّمُ حَلاَلاً>(4). عليه الصلاة والسلام إنّما هو مبلِّغ (إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ البَلاَغُ((5) فالذي يخترع بدعًا جعل نفسه شريكًا لله تبارك وتعالى في هذا الحقّ العظيم.
فيجب أن لا نحصر ـ كما يحصر السفهاء الآن من السياسيين ـ تحريم التشريع فقط في مجال السياسة، وتُوجَّه الأنظار إلى مصارعة الحكام، مع أنّ رؤوس أهل الضلال ومخترعي البدع في دين الله أشدّ ظلمًا، وأشدّ فجورًا وأشدّ خطورة من الحكام الفاسدين الذين يتلّقون التشريعات من اليهود والنصارى وغيرهم.
لأنّ هذا الفاجر وهو فاجر يقول لك هذه القوانين أخذتها من الغرب من أوربا وأمريكا، وما يقول لك: نزلَت من السماء، لكنّ هذا المبتدع الخطير يقول لك: هذا دين الله هذا شرع الله وفي نفس الوقت الذي شرعه الله من التوحيد ومن سنن الهدى يحاربه، يحارب تشريع الله الحقّ وينفِّر منه ويدعو إلى بِدَعِهِ على أنّها من دين الله.
ومِمّا قلنا غير مرّة فيما كتبناه وفي جلساتنا: إنّ الله تبارك وتعالى ما أنزل في القرآن: عليكم بكسرى عليكم بقيصر، ثُورُوا على فلان، ثُورُوا على النجاشي، ما فيه (مثل) هذا في القرآن، إنّما في القرآن: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِن دُونِ اللهِ وَالمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ((6).
وأهان اليهود وأهانهم وأهانهم وهم ليس فيهم حكام وليست لهم دولة لماذا؟ لأنّهم بدَّلوا دين الله وحرَّفوا دين الله.
فرؤوس الضلال من أهل البدع من جهمية، ومعتزلة، وخوارج، وصوفية، وأهل الحلول وأهل وحدة الوجود، هؤلاء أمرهم خطير على الإسلام والمسلمين.
كذلك الأحزاب السياسية الناشئة الآن التي ورثت الكثير من هذه الموروثات الضالّة من العقائد الفاسدة، والانحرافات في شتّى الأبواب ورثوها وأضافوا إليها بدعًا جديدة من الغرب ومن الشرق، فأضافوا الديمقراطية، وأضافوا الاشتراكية، وأضافوا التمثيل والأناشيد، وأمورًا خطيرة لا يحصيها إلاّ الله تبارك وتعالى.
أضافوها إلى تلك البدع التي قاومها أهل السنّة بكتاب الله وبسنّة رسول الله، وقال فيها أفاضل أئمّتهم: أهل البدع والوضّاعون أشدّ ضررًا من الأعداء الخارجيين من اليهود والنصارى والمجوس والوثنيين وغيرهم، وأشدّ ضررًا على الإسلام من الوثنيين، لأنّ العدو يحاصر البيت من الخارج، وهذا يخرِّب في البيت من الداخل، المبتدع يخرِّب البيت من الداخل، ثمّ يفتح الباب للعدو ويقول له: ادخل.
هكذا ضربوا مثلاً لأهل البدع لبيان شرّهم وخطورتهم(7).
وأنا في نظري: أنّ أخطر أهل البدع الآن على المنهج السلفي وأهله جماعتان جماعة التبليغ وجماعة الإخوان بفصائلها، وشرّهم مستفحل أكثر من أهل البدع جميعًا، فلا تترك فتنتهم بيتًا إلاّ دخلته.
لأنّ أهل البدع من خوارج وروافض ومعتزلة كانوا منطوين على أنفسهم منعزلين مقموعين لا يدخلون مساجد أهل السنّة فيستولون عليها، ولا ينصِّبون أنفسهم أئمّة وخطباء فيها، ولا يدخلون في مدارسهم، ولا يتسلّلون إلى بيوت المسلمين: إلى نسائهم وصبيانهم.
أمّا هؤلاء ما تركوا موقعًا إلاّ وتسلّلوا فيه وتسلّلوا إلى الابن وإلى المرأة وإلى البنت وإلى البيت وإلى المسجد وإلى كلّ موقع من مواقع المسلمين من مواقع أهل السنّة.
فلاشك أنّ خطرهم شديد جدًّا في الوقت الذي ميَّعوا فيه الإسلام، ميَّعوا فيه العقائد وحطُّوا من شأنها، لا بالكلام ولكن بالعمل، فتراهم يحاربون مَن يدعو إلى العقيدة ويسخرون منه، ومَن يدعو إلى الكتاب والسنّة ويسخرون منه ويحاربونه(8).
ويحبّون أهل البدع ويوالونهم ويضعون أصولاً(9) ـ كما قلنا ـ لم يهتد إليها الشيطان منذ فجر تاريخ البشرية إلى يومنا هذا(10). ولم تهتد إلى هذه الأصول كلّ فرق الضلال من الخوارج والمعتزلة والمرجئة الخ.
واخترعوا هذه الأصول تمويهًا وكذبًا على القرآن والسنّة وبترًا وخيانة في كلام العلماء، وأخرجوا كتبًا تنادي بمنهج الموازنات، لماذا؟ لحماية البدع وأهلها وكتبها ومناهجها، وللحطّ من أهل السنّة والجماعة اخترعوا (فقه الواقع) لإسقاط المنهج السلفي وعلمائه>(11).
والتهم السياسية التي أخذوها من البعثيين، من العلمانيين من الشيوعيين، من الماسونية ومن غيرهم.
فلا يتحرّك إنسان للدعوة السلفية إلاّ قالوا عليه: جاسوس.
بالأفكار هذه غرسوا في أذهان شبابهم أنّ هذا الجاسوس أحقر من اليهود والنصارى والشيوعيين.
وكلّ بلاء فيهم يَقذِفون به الأبرياء، فخطرهم شديد على الإسلام والمسلمين من جهات متعدّدة.
نسأل الله أن يهديهم أو يكفّ بأسهم عن الإسلام والمسلمين فإنّ أفاعيلهم هذه كلّها ينسبونها إلى الإسلام وكثير من فصائلهم ينسبونها إلى المنهج السلفي ظلمًا وزورًا وكذبًا.
فنسأل الله العافية، ونسأل الله أن يُبصِّر شباب الأمّة ليعرفوا دين الله الحقّ، ويعرفوا مَن يدعو إلى هذا الحقّ ويذبّ عنه، وهم ولله الحمد موجودون وكثيرون في الشام، في اليمن، في الشرق في الغرب، نسأل الله أن يُعلي بهم راية السنّة، وأن يقمع بهم أهل الباطل، وأن يحقّق في الموجود منهم ناصري الحقّ قول الرسول الله (: <لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلاَ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ>(12).

السؤال الثاني:
شيخنا الفاضل: لماذا اخترتم منهج الجرح والتعديل طريقًا مع أنّه في نظر كثير من الدعاة والمصلحين يَعدُّونه سببًا في تفكّك الأمّة وسبيلاً إلى بغض مَن ينحو هذا المنحى، محتَجِّين بأنّ زمن الجرح والتعديل قد انتهى مع زمن الرواية؟
الجواب:
أنا لم أختر منهج الجرح والتعديل، إنّما أنا ناقد، رأيتُ بدعًا كثيرة وضلالاتٍ وطوامًّا تُلصَق بالإسلام، فبذلتُ جهدي، وفي حدود طاقتي، مع عجزي وضعفي لنفي هذا الباطل عن الإسلام الذي أُلصق به ظلمًا وزورًا، لأنّ البدع والضلالات والانحرافات من دعاة ينتمون إلى الإسلام لا سيما في عهد الغلوّ والإطراء، يعني تُلصق بالإسلام وتُنسب إلى الإسلام فعملتُ هذا لنفي هذا الباطل عن الإسلام.
سُمِّيَ جرحًا أو تعديلاً أو سُمِّيَ ما سُمِّي، أنا ما أجرِّح إنّما أنتقد كلامًا باطلاً، وأبيِّن منافاته للإسلام ـ بارك الله فيك ـ بالأدلّة والبراهين، ومخالفاته للعقائد، ومخالفاته للمنهج الإسلامي، أبيِّن هذه الأشياء التي تُعتبر فقهًا في باب العقيدة والمنهج ـ بارك الله فيكم ـ.
سَمَّى بعض الناس ذلك جرحًا وتعديلاً، طبعًا قد يدخل شيء من الجرح والتعديل خلال هذا النقد.
فأنا ما أُسمِّي نفسي مجرِّحًا معدِّلاً، إنّما أُسمّي نفسي ناقدًا، ناقدًا ضعيفًا مسكينًا، وما دخلتُ بحبوحة هذا النقد ـ بارك الله فيك ـ إلاّ لأنّ الناس انصرفوا إلى أشياء أخرى من جوانب الإسلام يخدمها الإسلام.
وهذا يُيَسَّر وكلّها خدمات تؤدّي إلى رفع راية الإسلام وإعلاء كلمة الله تبارك وتعالى.
هذا يَتّجه إلى باب النقد، وذاك يتجه إلى تصحيح الأحاديث ولا نلوم هذا ولا ذاك.
هذا من فروض الكفايات، إذا قام به البعض سقط الحرج عن الباقين، فهذا يقوم بالفرض في هذا الجانب ـ الفرض الكفائي ـ وهذا يقوم بالفرض الكفائي في هذا الجانب، فهذا يؤلّف في العقيدة، وهذا يؤلف في السنّة، يُصحِّح ويُضعِّف، ويَتفقَّه، والنتيجة كلّها يُكمِّل بعضها بعضًا.
والقول بأنّ التبليغ والإخوان والجماعات هذه يُكمِّل بعضهم بعضًا(13). هذه مغالطات وخطأ، خطأ ممن يُنسب إلى المنهج السلفي، ومغالطات من أهل الأهواء والضلال، فإنّ البدعة لا تُكمِّل الإسلام أبدًا.
فإذا كان هذا جنَّد نفسه لرفع راية البدع ونصرتها والدعوة إليها، والآخر مثله، والآخر مثله، فإنّ هذه لا نرى إلاّ أنّها هدم للإسلام، ولا تُكمِّل من الإسلام شيئًا وإنّما تنقِّصه وتشوّهه(14).
وقوله: انتهى عهد الجرح والتعديل هذا كذب، ما انتهى منهج النقد إلى يوم القيامة، ومنهج الجرح والتعديل لم ينته إلى يوم القيامة، ما دامت توجد البدع وتوجد الشعارات الضالّة، ولها دعاة وأئمّة ضلال لم ينته إلى يوم القيامة، وإنّه لمن الجهاد بل أفضل من الضرب بالسيوف(15).
وعهد الرواية انتهى في القرن الثالث فلماذا ابن تيمية رفع راية النقد وراية الجرح والتعديل؟! وهكذا الذهبي وابن القيم وابن كثير وابن حجر وإلى آخره وإلى يوم القيامة.
ما دام هناك صراع بين الحقّ والباطل، وبين الهدى والضلال وبين أهل الحقّ والباطل وبين أهل الهدى والضلال، فلابدّ من سلِّ سيوف النقد والجرح والتعديل على أهل الباطل. وهم أخطر من أهل الرواية، وأولى بالجرح من الرواة الذين يخطئون شرعًا وعقلاً.
هؤلاء يخترعون بدعًا ويتعمّدون بثَّها في صفوف المسلمين باسم الإسلام.
وأمّا الرواة فالكذابون قليلون ومحصورون، والبقية أناس طيبون يخطئون فما سكتوا عنهم.
فإذا كان قد انتهى عهد الرواية فعهد النقد لم ينته، نقد أهل البدع وتجريحهم، وبيان ضلالهم وخطورتهم، وهذا مستمر إلى يوم القيامة وهو جهاد.

السؤال الثالث:
هل تنصحون بما يفعله بعض طلبة العلم في تجرّدهم لنقد كتب بعض علمائنا صحّة وضعفًا، كالنظرات في السلسلة والنظرات في صفة الصلاة؟
الجواب:
باب النقد للألباني ولأمثاله مفتوح ـ والله ـ، ولا يغضب من ذلك لا الألباني ولا أمثاله من حملة السنّة، النقد المؤدَّب الذي يحترم العلماء، وليس له هدف إلاّ بيان الحقّ، فهذا بدأ من عهد الصحابة ولا ينتهي.
فقد انتقد الشافعي مالكًا، وانتقد أصحاب أبي حنيفة وانتقد أحمد ـ بارك الله فيك ـ كلّ هذه المذاهب واستمر هذا النقد إلى يومنا هذا في شتى العلوم.
فالنقد ـ يا إخوان ـ لا يجوز سدّ هذا الباب، لأنّنا نقول بسدّ باب الاجتهاد ـ بارك الله فيكم ـ.
ولا نعطي قداسة لأفكار أحد أبدًا كائنًا مَن كان. فالخطأ يُردّ من أيّ شخص كان، سلفيًّا <كان> أو غير سلفي.
ولكنّ التعامل مع أهل الحقّ والسنّة الذين عرفنا إخلاصهم واجتهادهم ونصحهم لله ولكتابه ورسوله ولأئمّة المسلمين وعامّتهم التعامل معهم غير التعامل مع أهل البدع والضلال.
وارجعوا إلى كتاب الحافظ ابن رجب رحمه الله: <الفرق بين النصيحة والتعيير>.
إذ تكلّم وبيَّن فقال: بيان الهدى وبيان الحقّ لابدّ منه وقد انتُقد سعيد بن المسيب وابن عباس وطاووس وأصحاب ابن عباس وانتُقِدوا وانتُقِدوا، وما قال أحد: إنّ هذا طعن، ما يقول بهذا إلاّ أهل الأهواء، فنحن إذا انتقدنا الألباني ما نسلك مسلك أهل الأهواء فنقول: لا لا تنتقدوا الألباني، طيِّب أخطاؤه تنتشر باسم الدين، وإلاّ أخطاء ابن باز، وإلاّ أخطاء ابن تيمية وإلاّ أخطاء أيّ واحد(16).
أيّ خطأ يجب أن يبيّن للناس أنّ هذا خطأ، مهما عَلَت منزلة هذا الشخص الذي صدر منه هذا الخطأ. لأنّنا كما قلنا غير مرّة بأنّ خطأه يُنسب إلى دين الله.
لكن نميِّز ـ كما قلت ـ بين أهل السنّة وأهل البدعة، وكما قال ابن حجر وقال غيره: <المبتدع يهان ولا كرامة>. يهان لأنّ قصده سيئ، المبتدع صاحب هوى كما قال الله تبارك وتعالى: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ((17).
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: <فَإِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللهُ فَاحْذَرُوهُمْ>(18).
فالله سبحانه وتعالى وصفهم بأنهم يتقصَّدون الفتنة، يتّبعون المتشابه ويتركون المحكَم الواضح البيِّن ويذهبون إلى المتشابه يتعلّقون به ويحتجّون به(19)، ولا يسلكون مسالك أهل الهدى وأهل الحقّ من الصحابة والتابعين بإحالة المتشابه إلى المحكَم، فيصير المتشابه محكَمًا بإعادته إلى المحكَم يصير محكمًا.
وهؤلاء يستغلّون المتشابه قصدًا واتباعًا للهوى ليضلّوا أنفسهم ويضلّوا الناس فماذا يستحقّون؟ يستحقّون الإهانة والتشريد إلى درجة أنّ هذا الذي يتَّبِع المتشابه إذا أصبح داعيًا يُقتل أو يضرب(20) على حسب فتنته(?)، فضلاً أن يُنتَقَد ويُقْسى عليه في النقد عند الحاجة والضرورة.
فأحمد بن حنبل مثلاً يقول: <إذا رأيتَ الرجلَ ينتقّص حمّاد بن سلمة فاتّهمه على الإسلام، لماذا؟ لأنّه كان شديدًا على أهل البدع>(21).
فهذه محمدة لا تصير الشدّة على أهل البدع مذمّة ـ على أنّنا لا ننصح بالشدّة ـ لكن لو حصلت فَلْتَة من ناصح ما تُتَّخذ مذمّة ووسيلةً للصدّ عمّا ينصر به الإسلام وينصر به السنّة.
فإنّ أهل الأهواء الآن تعلّقوا مثلاً بكلمة: <فلان عنده شدّة> فنفَّروا من كتبه.
هل كان السلف إذا قالوا: فلان شديد على أهل البدع يذمّونه بهذا؟ أو يريدون بذلك الصدّ عن سبيل الله كما يفعل هؤلاء من أهل الأهواء الآن.
فالشاهد أنّ النقد لأهل العلم ومن أهل العلم ينتقد بعضهم بعضًا ويبيّنون للناس الخطأ تحاشيًا من نسبة هذا الخطأ إلى دين الله عزّ وجلّ هذا واجب ولا نقول: جائز.
واجب أن تبيّنوا للناس الحقّ وتميزوا بين الحقّ والباطل (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ((22).
(لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ( كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُنكَرٍِ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ((23) فالنقد من باب إنكار المنكر، فنقد الأشخاص السلفيين الكبار إذا أخطأوا وبيان خطأهم هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن باب البيان الذي أوجبه الله، ومن باب النصيحة التي أوجبها الله وحتَّمها علينا(24).
ولهذا تجد ابن عباس قال كما قلت لكم وعمران بن حصين وغيرهم انتقدوا عمر في (قوله) بالإفراد(25) ـ بارك الله فيكم ـ.
فالنقد هذا موجود ويجب أن يستمر للصغير والكبير والجليل والحقير من الأمور، بيان الخطأ وبيان البدع ونقد الأخطاء ونقد البدع، مع التصريح باحترام أهل السنّة وإثبات أنّ للمجتهد إذا أصاب أجرين، وإذا أخطأ فله أجر واحد، هذا ما ندين الله به في نقد أهل السنّة وليس كذلك أهل البدع.
فأهل البدع ما نقول فيهم إنهم مجتهدون لأنهم متّبعون للهوى بشهادة الله وشهادة رسوله عليه الصلاة والسلام، فالمبتدع الضالّ يفرِّق الآن ويخطئ فيقول لك: هذا اجتهاد، لَمّا قَتل حكمتيار والأحزابُ الضالّةُ جميلَ الرحمنِ(26) قالوا: هذا اجتهاد، استباحة دماء السلفيين اجتهاد عندهم، وهكذا لا يقع في ضلالة وطامّة إلاّ قالوا: اجتهاد.
فهذا تمييع الإسلام وخلط بين الباطل والضلال والبدع وبين الحقّ، ومساواة أخطاء المجتهدين التي يثابون عليها بالبدع التي توعَّد رسول الله عليها بالنار(27).
وقال: إنها ضلالة وقال: إنها شرّ الأمور.
فهذا تمييع وظلم للإسلام يجب أن يتبصّر فيه المسلمون فيميزون بين أهل الهدى وكيف ينتقدونهم ويبيّنون أخطاءهم وبين أهل الضلال وكيف يتعاملون معهم(28).
.................................................. .............................(29)

السؤال الرابع:
هل هناك فرق بين المنهج والعقيدة وإن كان بينهما فرق فهل هناك مدخل لأهل التحزّب من خلال ذلك التفريق.
الجواب:
طبعًا المنهج قد كَثُر الكلام فيه، والحديث عنه في هذا العصر بعكس ما كان عند السلف قد يذكرون كلمة منهج ومنهاج لكن ما كان عندهم هذا اللهج بالمنهج بالمنهج، لكن لَمّا انتشر اضطرّ السلفيون أن يقولوا: المنهج المنهج.
أنا سمعت الشيخ ابن باز لا يفرِّق بين العقيدة والمنهج ويقول: كلّها شيء واحد، والشيخ الألباني يفرِّق، وأنا أفرِّق، أرى أنّ المنهج أشمل من العقيدة، فالمنهج يشمل العقيدة ويشمل العبادات ويشمل كيف تتفقَّه ويشمل كيف تنتقد، ويشمل كيف تواجه أهل البدع فالمنهج شامل، منهج أهل السنّة في العقيدة، منهجهم في العبادة، منهجهم في التلقّي، منهجهم في كذا منهجهم في كذا.
فالمنهج أشمل بلا شك، لكنّ أهل الأهواء بعضهم يفرِّق بين العقيدة والمنهج لأهداف حزبية وسياسية، فيحتالون على كثير من (السلفيين) فيقولون أنت تبقى على عقيدتك ولكنّ المنهج نحن محتاجون أن نتعاون فيه.
فلا مانع أن تقول: أنا سلفيٌّ عقيدة إخوانيٌ منهجًا(30). ومعلوم أنّ من منهج الإخوان حرب العقيدة السلفية، فهذا السلفي الذي يقول أنا سلفي إذا قال أنا سلفي العقيدة إخواني المنهج أو تبليغي المنهج فهو ينادي على نفسه بأنّه يحارب المنهج السلفي والعقيدة السلفية.
فهي من الحيل الحزبية والسياسية التي أشاعها التبليغ والإخوان وفرَّقوا بين العقيدة والمنهج للتلاعب بعقول السلفيين خاصّة.

السؤال الخامس:
وُجِدَ عندنا أناس يتَّهمون مَن يحذِّر من الفرق الموجودة في الساحة، أو يُبيِّن عوارها شعرًا أو نثرًا بأنّه من أصحاب المنهج فما مدى صحّة هذه الدعوى؟ علمًا أنّ من أدلّتهم القراءة في كتبكم.
الجواب:
الإجابات السابقة تتضمن الإجابة على هذا السؤال لأنّ هذا جرح ونقد، وقد تقدّم الكلام على الجرح والنقد.

السؤال السادس:
نعلم الفرق اللغوي بين قولك صالح ومصلِح ولكن هل يسوغ أن يكون الإنسان صالحًا غير مصلِح، ثمّ هل هناك مدخل لأهل البدع من خلال هذا التفريق؟
الجواب:
هذا اصطلاح، والمنافقون قال الله عنهم: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ المُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَ يَشْعُرُونَ((31).
فالمصلح من الإصلاح ضدّ الإفساد، فأنتم تظنّون أنّنا نفسد ونحن نصلح.
أمّا الصالح فصالح في نفسه وقد يمتدّ خيره إلى الآخرين ويصلح وقد يكون خيره قاصرًا على نفسه لضعفه.
<المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ>(32).
<مَنْ رَأَى مِنكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ>(33).
فهذا الذي يُغيِّر بيده أو يُغيِّر بلسانه قد يدخل في عداد المصلِحين، وأمّا الذي ينكر بقلبه فقد يكون صالحًا ولا يستطيع أن يصلِح(?).
.................................................. .............................


السؤال السابع:
إذا كانت هناك طاعة عظيمة مثل الجهاد ولا يمكن التوصّل إلى تحقيقها إلاّ بارتكاب بعض المعاصي فهل يجوز شرعًا فعل تلك الطاعة؟
الجواب:
إذا كانت الطاعة عظيمة مثل الجهاد ولا يمكن القيام بالجهاد إلاّ بارتكاب بعض المعاصي، مثل إيش المعاصي التي يرتكبها ليقوم بواجب الجهاد؟
فأجبته قائلاً: مثل لبس البنطال، وحلق اللحية، والتوسّط بأهل البدع، لأن يصل إلى مكان المعركة.
فأجاب الشيخ حفظه الله:
هل لا يقوم الجهاد إلاّ بالتنبطل وحلق اللحى؟! وهل الصحابة لَمّا راحوا يجاهدون حلقوا لحاهم؟! وتبنطلوا؟!
كان عمر ـ وهم في الثغور ـ يكتب إليهم: إيّاكم وزي الأعاجم واقطعوا الركب، وثبوا على الخيل وثبًا(34).
فهذه طبعًا من الحيل لممارسة كثير من الشهوات وممارسة كثير من البدع.
فالأمثلة التي مثَّلتَ بها أراها لا مبرِّر لها ـ بارك الله فيك ـ والجهاد يقوم بدون اللجوء إلى هذه، فالذي يجاهد يجب أن يجاهد نفسه قبل كلّ شيء، ويصلح نفسه قبل كلّ شيء.
وحلق اللحى من المعاصي(35) التي قد تسبب الهزيمة، والتشبه بلبس البناطيل تشبه بأعداء الله(36)ـ بارك الله فيك ـ، وأنتم تعرفون أنّ الصحابة انكسروا يوم أُحُد ويوم حُنين، أمّا يوم أُحُد فبمخالفة الرماة، وحصل للصحابة وقائدهم رسول الله ما حصل(37).
ويوم حنين حديث نفس تقريبًا: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُدْبِرِينَ ( ثُمَّ أَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ..((38).
فبعضهم قال: إنّ عددنا الآن لكثير ولن نُغلب اليوم من قلّة(39): فأدّبهم الله تبارك وتعالى بسبب ما حدّثوا به أنفسهم، فكيف بالجيش هذا الذي يحلق لحاه، ويلبس لباس الكفار(40)، وينتظر نصرًا من الله تبارك وتعالى؟! لهذا نحن ما نُنصَر، دائمًا أعداء الإسلام يُنصرون علينا.
فيجب أن نحرص على طاعة الله والتزام أوامر الله خاصة في ميادين الجهاد حتى ينصرنا الله تبارك وتعالى (إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ((41). <وحينها> نستحقّ النصر من الله عزّ وجلّ الذي وعدنا به(42).
.................................................. .............................

السؤال الثامن:
هل من منهج السلف جمعُ أخطاء شخصٍ ما، وإبرازها في مؤلَّف يقرؤه الناس؟
الجواب:
سبحان الله، هذه يقولها أهل الضلال لحماية بدعهم، وحماية كتبهم، وحماية مناهجهم، وحماية مُقدَّسيهم من الأشخاص.
نعم الله ورسوله ( ذكرا كثيرًا من ضلالاتهم.. جمع كلام اليهود والنصارى وانتقدهم في كثير من الآيات القرآنية(43).
وأهل السنّة والجماعة من فجر تأريخنا إلى يومنا هذا تكلّموا على الجهم بن صفوان وبشر المريسي(44) وأَحصَوا بدعهم وضلالاتهم، وجمعوا أقوال أهل الفرق ونقدوها فمن حرّم هذا؟ هذا من الواجبات.
إذا كان الناس سيضِلُّون بِبِدَعِهِ الكثيرة وجمعْتَها في مكان واحد وحذَّرت منها باسمه فجزاك الله خيرًا، أنت بذلك أَسْدَيْتَ خيرًا كبيرًا للإسلام والمسلمين(45).
.................................................. .............................

السؤال التاسع:
إذا انبرى الشاعر في شعره إلى الردّ على أهل البدع والأهواء ونقل كلام العلماء المعتبَرين في مجانبة أهل البدع والتحذير منهم، فهل يُعدُّ هذا أمرًا محمودًا يُشجَّع عليه أم لا؟
الجواب:
نعم، هذا أمر محمود، ألم يكن الرسول ( يحثّ شعراءه، ومنهم حسّان على نقد أهل الكفر وتجريحهم وسلّ سيوف النقد عليهم. <أُهْجُهُمْ وَرُوحُ القُدُسِ مَعَكَ>(46) وحديث <وَاللهِ لَهَذَا أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ وَقْعِ السِّهَامِ>.
وقال: <أُهْجُ قُرَيْشًا>(47) وكان أبو بكر عالِمًا بأنساب العرب وبأنساب قريش فخذ منه فأخذ منه أنساب قريش حتى يسلّ رسول الله ( كما تُسلّ الشعرة من العجين، وينصبُّ الهجو على أبي سفيان بن الحارث ابن عمّ رسول الله عليه الصلاة والسلام.
فحثّ على هجوهم، فالشعر يخدم الإسلام (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ ( أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ( وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ ( إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ((48).
كان الشعر من الوسائل القوية التي تُوَظَّف في نصرة الحقّ وإعلاء كلمة الله(49).
والرسول عليه الصلاة والسلام استخدم هذا السلاح فإذا كان الشاعر موحِّدًا سلفيًّا يذبّ عن السنّة وعن التوحيد وعن المنهج السلفي فجزاه الله خيرًا، شريطةَ أن يُصْلِح وقصده نصرة الإسلام، وقصده نصر دين الله وليس له قصد آخر.

السؤال العاشر:
ما هو موقف طالب العلم في المسائل الخلافية؟
الجواب:
لا يتكلّم العالم ولا طالب العلم إلاّ فيما يعلم(50)، العالم ليس محيطًا بكلّ شيء، فقد يجهل بعض الأشياء وقد كان الأئمّة يدرِّبون تلاميذهم على قول: لا أدري(51) وقال القعنبي أو ابن وهب: لو شئت أن أملأ ألواحي من قول مالك: لا أدري، لفعلت(52).
هذا عالم كبير إمام الأئمّة ولو شاء تلميذه أن يملأ ألواحه من قول: لا أدري لفعل. فطبعًا العالم لا يتكلّم إلاّ فيما يعلم(53).
وطالب العلم لا يتكلّم إلاّ فيما يعلم لأنّ كلام العالم وطالب العلم ينسب إلى الله عزّ وجلّ: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ((54).
فلا يجوز لطالب العلم ولا للعالم أن يقول على الله ما لا يعلم(55). وإذا اقتضت الحاجة من طالب العلم أن يقول ويتكلّم في حدود ما يعلم فعليه أن يقول، قال رسول الله (: <بَلِّغُوا عَني وَلَوْ آيَةً>(56).

السؤال الحادي عشر:
يَظنّ كثير من الناس أنّ الردّ على أهل البدع والأهواء قاض على المسلك العلمي الذي اختطَّه الطالب في سيره إلى الله فهل هذا مفهوم صحيح؟
الجواب:
هذا مفهوم باطل، وهذا من أساليب أهل الباطل وأهل البدع ليخرسوا ألسنة أهل السنّة.
فالإنكار على أهل البدع من أعظم أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وما تميّزت هذه الأمّة على سائر الأمم إلاّ بهذه الميزة (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ..((57) وإنكار المنكر تطبيق عملي لِمَا يتعلّمه الشاب المسلم من الفقه في دين الله تبارك وتعالى ودراسته لكتاب الله وسنّة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام.
فإذا لم يُطبِّق هذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاصة في أهل البدع فقد يدخل في قول الله تبارك وتعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ( كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ((58).
إذا كان يرى أنّ البدعة تنتشر ولها دعاتها ولها حملتها ولها الذابّون عنها ولها المحاربون لأهل السنّة فكيف يسكت(59)؟، وقولهم: إن هذا يقضي على العلم: هذا كذب، هذا من العلم والتطبيق للعلم.
وعلى كلّ حال فطالب العلم لابدّ أن يخصّص أوقاتًا للتحصيل ولابدّ أن يكون جادًّا في التحصيل، ولا يستطيع أن يواجه المنكرات إلاّ بالعلم، فهو على كلّ حال يحصِّل العلم وفي نفس الوقت يطبّق، والله تبارك وتعالى يبارك لهذا المتعلّم العامل في علمه(60).
وقد تُنْزَع البركة لَمّا يرى المنكرات قُدَّامَهُ يقول: لا، لا، لَمّا أطلب العلم، يرى الضلالات وأهل الباطل يرفعون شعارات الباطل، ويدْعون الناس إليها ويُضلّون الناس فيقول: لا لا ما سأشتغل بهذه الأشياء(61)، أنا سأشتغل بالعلم (يعني يتدرّب على المداهنة) ـ بارك الله فيك ـ.

السؤال الثاني عشر:
ما منّا من أحد إلاّ وله عثرات في طريق دربه الصالح فكانت الضرورة مُلِحَّةً في إثبات ذكر حسناته وسيئاته، فما هو الضير في تقرير منهج الموازنات وخاصة أنّ في المسألة أدلّة وشواهد؟
الجواب:
بيننا وبينكم كتاب الله وسنّة رسول الله وتطبيق عمل السلف الصالح، وقد كرّرنا هذا كثيرًا وبيّناه لهم وأسقطنا ما يتعلّقون به من الاستدلالات ـ لا نقول من الأدلّة ـ فالأدلّة موجودة في الكتاب والسنّة لنصرة كلمة الله تبارك وتعالى وإهانة أهل الضلال من أهل الكفر والانحرافات.
فهم يحرّفون بعض النصوص ويقولون: أدلّة من الكتاب والسنّة، وإنّما هو من اتباع المتشابه وقد قال الله في أهل الزيغ: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ((62).
والقرآن مليء بالنقد المرّ لأهل الكفر وأهل الفسوق وليس هناك موازنات، السنّة مليئة بهذا وليس هناك موازنات.
وقد فقه السلف الصالح هذا المنهج فطبّقوه على أهل البدع وعلى أهل الروايات بدون الموازنات، وخصّصوا كتبًا للجرح فقط وهي كثيرة وعلى رأسها كتاب الضعفاء للبخاري أمير المؤمنين في الحديث وفي الفقه أيضًا رحمه الله بعد أحمد ابن حنبل.
وطبَّقَه النسائي وهو في مرتبة تقرب من مرتبة الإمام البخاري في الفقه في الدين وفي التضلّع في علوم الحديث.
والعُقيلي وابن عدي وابن حبان وكثير خصّصوا كتبًا في الجرح، وخصّصوا كتبًا في الثقات فإذا خصّصوا كتبًا في الثقات فما فيه موزنات. وإذا خصّصوا كتبًا في الجرح فما فيه موازنات.
والكتب المشتركة بين الجرح والتعديل تقول لك: فلان ثقة وفلان كذاب وفلان لا يساوي شيئًا وفلان لا يساوي فلسًا، وإلى جانبه فلان حافظ ثقة متقن بدون ذكر المساوئ والمثالب.
لا شكَّ كما قلنا وقال الشيخ الألباني رحمه الله وقال غيرنا: <إنّ منهج الموازنات بدعة، وأنا أضيف فأقول: بدعة لا أخطر منها، لا أخطر من هذه البدعة لأنّ مؤدّاها ـ وإن كان أهلها لا يدركون ما تؤدّي إليه ـ أنها تهدم الإسلام ومؤدّاها أنّك تفتح باب المطالبة من الشيوعيين واليهود والنصارى والعلمانيين أن يطالبونا بالموازنات إذا نحن جرحناهم>.
لأنهم احتجّوا بآيات في الخمر(63)، وأحاديث في الشياطين(64)، وآيات في الكفار الوثنيين(65)، وآيات في اليهود والنصارى(66)، وقالوا هذه تدلّ على الموازنات، والإسلام قد أعطى هذه الأصناف حقّها من العدل والموازنات.
فنحن الآن إذا انتقدنا يهوديًّا مثل رئيس اليهود (Netnyaho)(67) وانتقدنا (الحاخامات) قالوا لنا: إنّكم تدّعون أنّ الإسلام يوازن لماذا ما تذكرون حسناتنا؟!
ويلزم مَن يتكلّم في أيّ شخص أن يحصي حسناته وسيئاته ويضع هذه في كفّة وهذه في كفة حتى يتمّ العدل.
عرفتم وهل يطيق هذا أحد، هذا ليس إلاّ لله ربّ العالمين.
ونحن إذا انتقدنا مبتدعًا إنّما هو للنصيحة، ليحذر الناس من هذا الشرّ(68).
لأنّ الله ما كلّفنا بإحصاء حسناته لأنّ الله هو الذي يتولّى إحصاء الحسنات والسيئات ويزن يوم القيامة (فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ ( وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ((69).
هذا ليس إلاّ لله، نحن لا يكلّفنا الله إلاّ بما نطيق والتكليف بمنهج الموازنات تكليف بما لا يطاق، لا يطيقه حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
قال تعالى ذاكرًا قول عيسى عليه الصلاة والسلام (وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ((70).
والرسول ( ما كان يعلم أخطاء الناس، وحسناتهم وسيئاتهم ويحصيها ولا كلّف بهذا فيقول: <بِئْسَ خَطِيبُ القَوْمِ أَنْتَ>(71) فما كان الصحابة يقولون له: أَمَا له حسنات يا رسول الله؟!.
فالشاهد: أنّ هذا منهج باطل وأهدافه خسيسة ومَن أحطّها أنّها لحماية البدع وحماية الضلال، وحماية أهل الباطل.
وهذا ما يمكن أن أقوله وارجعوا إلى كتابي <منهج النقد> و<المحجّة> <والنصر العزيز> لردّ هذه الشبهات.

السؤال الثالث عشر:
لابدّ وأنّكم واجهتم في طريق الدعوة وسلك الطلب بعض العوائق، فما أهمّ تلك العوائق التي واجهتكم؟ وما هي نصيحتكم للداعية الذي يواجه مثل ذلك؟
الجواب:
والله أنا ما كنت أشعر بعوائق في حياتي، أستهين بالعوائق ولا أحسّها ولا أحسب لها حسابًا والحمد لله.
ولكن أحثّ الطلاب أن يهتمّوا بكتاب الله فيحفظونه، وأن يهتمّوا بحفظ سنّة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأن يهتمّوا بفهم ووعي كتاب الله وسنّة رسول الله ( وفهم السلف، وفهم مواقفهم من أهل السنّة ومدى احترامهم لهم، وذبّهم عنهم وإكرامهم لهم، ومواقفهم من أهل البدع ولاء وبراء ونصحًا وتحذيرًا.
وأحثّ السلفيين على الحفاظ على هذا الأصل الذي إن ثبت حُمي الإسلام وإن انهار وسقط تضرّر الإسلام والمسلمون: <مبدأ الولاء والبراء>(72) الذي نادى أهل الباطل بإسقاطه، واخترعوا لإسقاطه منهج الموازنات فأول سدٍّ ينهار هو سدّ الولاء والبراء الذي أرى فيه حماية لدين الله الحقّ لعقائده ومناهجه.
هذا أمر مهمّ يجب أن يهتمّ به السلفيون، لأنّ هذا السدّ لَمّا انهار جاءت الدعوة لوحدة الأديان، لأنّه انهار سدّ الولاء والبراء.
وجاءت دعوة التقريب إلى الروافض، وأذكر مع الأسف أنّي لَمّا كنت بالرياض قدِّم لي كتاب فيه المناداة ـ من أحد الإخوان المسلمين الذين يدَّعون السلفية ألا وهو زهير الشاويش ـ ينادي فيه بالوحدة الإسلامية الشاملة التي يدخل فيها الموحِّدون أي الدروز(73).
عرفتم، فلمّا انهار هذا السدّ العظيم؛ سدّ الولاء والبراء، الذي يحمي الإسلام وصل أهل الأهواء إلى هذا المنحدر، الدعوة بأنّ النصارى إخواننا، ولا يجوز الاعتراض علينا، والدعوة إلى إقامة الحزب الإبراهيمي الذي يشمل أهل الديانات السماوية، إخواننا اليهود وإخواننا النصارى بل الدعوة إلى وحدة الأديان كما عُقدت مؤتمرات في إحدى دول الإخوان المسلمين مع الأسف الشديد>(74). كلّ هذا نتيجة لهدم أصل الولاء والبراء.
فعلى أهل السنّة والجماعة أن يكونوا على مستوى الأحداث، وأن يدركوا مكايد أهل البدع.
ومن هنا نستحضر ما سلف من الأسئلة عن المقولة: بأنّ أهل البدع أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى. ألا ترون بهذه النداءات وبهذه الدعوات وبهذه المؤتمرات أنّه حقًّا وضح لنا أنّهم أخطر على الإسلام والمسلمين من الأعداء الخارجيين.
لأنّنا كما قلنا غير مرّة إنّ المسلم مهما بلغ في السخف لا ينخدع باليهود والنصارى حتى إنّه قد لا يقبل الحقّ منهم لسوء ظنّه بهم وعدم ثقته فيهم، بينما قد يخدع بأهل البدع والضلالات ولاسيما أصحاب الشعارات البراقة مثل الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ.
قد ينخدع وانخدع الكثير والكثير من أهل السنّة ومن أهل التوحيد، انخدعوا بهؤلاء فلحق بالإسلام وبشباب الأمّة من الأضرار ما لا يحصيه إلاّ الله.
وظهر مصداق ما قال هؤلاء الأفذاذ من أئمّة الإسلام أنّ أهل البدع أضرّ على الإسلام من أعداء الإسلام الخارجيين.

الخاتمة
وفي الختام شكر الله لشيخنا على هذه النصائح الغالية ونطلب منه نصيحة لأهل السنّة عمومًا ولأهل السنّة في اليمن خصوصًا يختم بها هذا المجلس المبارك.
فختم الشيخ حفظه الله قائلاً: <قد سبق السيف العذل(75)، وقد ختمت كلامي بالنصيحة التي مرّت وفّق الله الجميع>.
وأوصي نفسي وإخواني من السلفيين وغيرهم ممن نحب لهم الخير من أصناف المسلمين أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يستجيبوا لدعوة الله تبارك وتعالى.
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا((76) وأن يطيعوا أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي أمرنا بالاعتصام بكتاب ربِّنا وسنّة نبيّنا، وحذَّرنا من التفرُّق(77).
والذي يفرّقنا هي الأهواء والبدع، فلنُعرض عن الأهواء والبدع ولنُقبل على كتاب الله وسنّة رسول الله مستجيبين لتوجيهات ربّنا وتوجيهات رسولنا الكريم ونُصح سلفنا الصالح.
وأسأل الله تبارك وتعالى أن يجمع الأمّة الإسلامية على كتابه وسنّة نبيّه (، وأن يزهِّدهم في كلّ ما يضادُّها من الكفر والشرك والبدع والضلال، إنّ ربّنا لسميع الدعاء.
وصلّى الله وسلّم على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم.
سُجل هذا المجلس في يوم الخميس في ليلة الرابع عشر من شهر رمضان لعام 1420?.

الفهرس
تمهيد: 3
الأسئلة: 7
السؤال الأول: 7
في نظركم أيّ الطوائف الإسلامية المبثوثة في الساحة أكثر خطرًا على الإسلام وأهله، ومجانبةً للمنهج السلفي؟ 7
السؤال الثاني: 13
شيخنا الفاضل: لماذا اخترتم منهج الجرح والتعديل طريقًا مع أنّه في نظر كثير من الدعاة والمصلحين يَعدُّونه سببًا في تفكّك الأمّة وسبيلاً إلى بغض مَن ينحو هذا المنحى، محتَجِّين بأنّ زمن الجرح والتعديل قد انتهى مع زمن الرواية؟ 13
السؤال الثالث: 16
هل تنصحون بما يفعله بعض طلبة العلم في تجرّدهم لنقد كتب بعض علمائنا صحّة وضعفًا، كالنظرات في السلسلة والنظرات في صفة الصلاة؟ 16
السؤال الرابع: 22
هل هناك فرق بين المنهج والعقيدة وإن كان بينهما فرق فهل هناك مدخل لأهل التحزّب من خلال ذلك التفريق. 22
السؤال الخامس: 23
وُجِدَ عندنا أناس يتَّهمون مَن يحذِّر من الفرق الموجودة في الساحة، أو يُبيِّن عوارها شعرًا أو نثرًا بأنّه من أصحاب المنهج فما مدى صحّة هذه الدعوى؟ علمًا أنّ من أدلّتهم القراءة في كتبكم. 23
السؤال السادس: 24
نعلم الفرق اللغوي بين قولك صالح ومصلِح ولكن هل يسوغ أن يكون الإنسان صالحًا غير مصلِح، ثمّ هل هناك مدخل لأهل البدع من خلال هذا التفريق؟ 24
السؤال السابع: 26
إذا كانت هناك طاعة عظيمة مثل الجهاد ولا يمكن التوصّل إلى تحقيقها إلاّ بارتكاب بعض المعاصي فهل يجوز شرعًا فعل تلك الطاعة؟ 26
السؤال الثامن: 30
هل من منهج السلف جمعُ أخطاء شخصٍ ما، وإبرازها في مؤلَّف يقرؤه الناس؟ 30
السؤال التاسع: 32
إذا انبرى الشاعر في شعره إلى الردّ على أهل البدع والأهواء ونقل كلام العلماء المعتبَرين في مجانبة أهل البدع والتحذير منهم، فهل يُعدُّ هذا أمرًا محمودًا يُشجَّع عليه أم لا؟ 32
السؤال العاشر: 34
ما هو موقف طالب العلم في المسائل الخلافية؟ 34
السؤال الحادي عشر: 36
يَظنّ كثير من الناس أنّ الردّ على أهل البدع والأهواء قاض على المسلك العلمي الذي اختطَّه الطالب في سيره إلى الله فهل هذا مفهوم صحيح؟ 36
السؤال الثاني عشر: 38
ما منّا من أحد إلاّ وله عثرات في طريق دربه الصالح فكانت الضرورة مُلِحَّةً في إثبات ذكر حسناته وسيئاته، فما هو الضير في تقرير منهج الموازنات وخاصة أنّ في المسألة أدلّة وشواهد؟ 38
السؤال الثالث عشر: 42
لابدّ وأنّكم واجهتم في طريق الدعوة وسلك الطلب بعض العوائق، فما أهمّ تلك العوائق التي واجهتكم؟ وما هي نصيحتكم للداعية الذي يواجه مثل ذلك؟ 42
الخاتمة 45
الفهرس 47


(1) م/1955 من حديث جابر بن عبد الله (.
(2) أخرجها النسائي (1579) بإسناد صحيح من حديث جابر ( أيضًا.
(3) سورة الشورى (21).
(4) وذلك في قصّة خطبة علي ( ابنة أبي جهل على فاطمة بنت رسول الله ( وفيها قال عليه الصلاة والسلام: <وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلاَلاً وَلاَ أُحِلُّ حَرَامًا وَلَكِنْ وَاللهِ لاَ تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ وَبِنْتُ عَدُوِّ اللهِ مَكَانًا وَاحِدًا>. الحديث أخرجه مسلم برقم (2449).
(5) سورة الشورى آية رقم (48).
(6) سورة التوبة آية رقم (31).
(7) قال نحو هذا أبو الفضل الهمداني وابن عقيل وابن الجوزي وابن تيمية والشوكاني وغيرهم، ويرجف بهذا أهل الأهواء على مَن يقوله، وأشدّهم إرجافًا به أبو الحسن المصري المتلوِّن بشتّى الألوان.
(8) ومن ذلك ما ذكره صاحب كتاب <الطريق إلى الجماعة الأمّ> ص (8) حيث قال: <ووصفونا بأوصاف شتّى منها: الجهل بالواقع ومنها أنّ دعوتنا كلام بلا عمل، ومنها أصحاب فقه الأوراق، ومنها حفظة الحواشي والمتون، بل وصلوا إلى رَمْيِنا بعمالة السلاطين، بل سَمّوا منهجنا وأفكارنا وعقيدتنا <فلسفة باهتة> ا?. وقال صاحب <مدارك النظر في السياسة> ص (82): <ولا يخفى على مَن جرٍَّب الجماعات المعاصرة ما في منهج الإخوان من ازدراء بأهل العلم وإلاّ فخبّروني مَن أوّل مَن نَبَزَهم بعلماء الحيض والنفاس وبعلماء القشور وبعلماء البلاط وبالذين يعيشون القرون الوسطى وبعلماء الكتب الصفراء وبعلماء البدو؟!>.
قلت: وقد قال الإمام أبو حاتم رحمه الله: <من علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر> ا? من <شرح السنّة> للالكائي [1/179] و<مختصر العلوّ> للإمام الذهبي تحقيق المحدّث الألباني ص (71).
(9) ومن أكثر مَن أصَّل تلك التأصيلات الفاسدة وقعَّد تلك القواعد الكاسدة في عصرنا هو عبد الرحمن عبد الخالق وعبد الرزاق الشايجي وعدنان عرعور ومحمّد المغراوي وأبو الحسن المصري وغيرهم ممن رسخوا البدعة وأقروا عين الشيطان قطع الله دابرهم وقد فعل.
(10) حتى أصبح حالهم كما قال الشاعر:
وكنت امرءًا من جند إبليس فارتقى
بي الحال حتى صار إبليس من جندي

(11) بينما يعلم كلّ عاقل أنّ شرع الله لم ينزل إلاّ مناسبًا لواقع الناس وأحوالهم ومَن زعم أنّ شرع الله لا يعالِج قضايا الناس في كلّ زمان ومكان فقد كفر. فتحصَّل من هذا أنّ أعلم الناس بالواقع أعلمهم بالشرع والله أعلم.
وقد قال شيخنا أبو محمّد ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله كما نقل ذلك عنه صاحب <مدارك النظر في السياسة> (155): <فإذا كان بعض أهل التحزّب يدّعي أنّه يعرف فقه الواقع وما يُدبَّر للمسلمين. فلماذا تلوم السلفيين وتصفهم بالغفلة عن واقع الأمّة، وقد سقط عنهم هذا الواجب بقيام غيرهم به> ا?؟!
قلت: وهذا من باب تنزُّل الشيخ حفظه الله في المحاورة مع الخصم وإلاّ فيقال لهؤلاء متى كانت متابعة الجرائد والمجلات ومشاهدة القنوات الفضائية ووكالات الأنباء الخدّاعة فقهًا في الواقع يجب الصدور عنه؟! وإنّما الحقّ الذي لا مرية فيه أنّه لا يمكن أن نجد فقه الواقع إلاّ عند علماء الشريعة السلفيين كما تقدَّم تقرير ذلك.
(12) أخرجه الترمذي برقم (2229) من حديث ثوبان ( وأصله في الصحيحين من حديث معاوية والمغيرة وغيرهما.
(13) ويعبِّر بعضهم عن ذلك بقوله: <إنّ تعدّد الجماعات مصحَّة إسلامية> ا? أي كلّها تخدم شيئًا واحدًا ـ وهو الإسلام ـ فتؤدّي إلى صحّته ونضوجه وكماله ـ زعموا ـ مع أنّ النقل والعقل يقتلعان هذا المفهوم الساقط من جذوره قال الله (وَلاَ تَكُونُوا مِنَ المُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ( فلا تراهم إلاّ متناحرين وفي كتاب الله مختلفين مخالفين.
قال الشيخ علي حسن في شريطه <كلمات في المنهج>: <مَن لم يُقنعه الدليل فليقنعه الواقع الحزبي الذليل> ا?.
(14) قال الإمام البربهاري في <شرح السنّة> رقم (6): <واعلم أنّ الناس لم يبتدعوا بدعة قطّ حتى تركوا من السنّة مثلها> ا?.
وقال حسان بن عطية: <إنّ الناس لم يبتدعوا بدعة إلاّ نزع الله منهم من السنّة مثلها لا تعود إليهم إلى يوم القيامة> ا? (صحّحه المحدِّث الألباني في <المشكاة>) [1/66] برقم (188).
وقال الفضيل بن عياض: <ومن عظم صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام> ا? <شرح السنّة> للبربهاري ص (252).
(15) قال شيخ الإسلام كما في <مجموع الفتاوى> [4/12]: <فالرادّ على أهل البدع مجاهد، حتى كان يحيى بن يحيى يقول: الذبّ عن السنّة أفضل من الجهاد> ا?.
قلت: والذي رأيته في ترجمة يحيى بن يحيى التميمي النيسابوري من <سير أعلام النبلاء> [10/518] أنّ الإمام الذهبي ينقل عن نصر بن زكريا أنّه قال: سمعت محمّد بن يحيى الذهلي، سمعت يحيى بن معين يقول: <الذبّ عن السنّة، أفضل من الجهاد في سبيل الله، فقلت ليحيى، الرجل ينفق ماله، ويُتعِب نفسه ويجاهد، فهذا أفضل منه؟! قال: نعم بكثير> ا?.
قلت: فلمّا عرضت هذا على الشيخ حفظه الله قال: <أمّا هذا القول فهو منسوب إلى يحيى بن يحيى التميمي النيسابوري ولكن مجيئه عن يحيى بن معين أيضًا يعتبر فائدة> ا?.
(16) قال أبو بكر الفراء: <ذكرت ليوسف بن أسباط عن وكيع شيئًا من أمر الفتن، فقال ذاك يشبه أستاذه (يعني الحسن بن حي) قال: فقلت ليوسف: ما تخاف أن تكون هذه غيبة؟ فقال: ولِمَ يا أحمق، أنا خير لهؤلاء من آبائهم وأمهاتهم، أنا أنهى الناس أن يعملوا بما أحدثوا فتتّبعهم أوزارهم ومَن أطراهم كان أضرّ عليهم> ا? من <تهذيب التهذيب> ترجمة الحسن بن صالح بن حي.
(17) آل عمران (7).
(18) أخرجه البخاري برقم (4430) ومسلم (6726) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(19) قال الإمام أحمد في ردّه على الجهمية: <عقدوا ألوية البدع، وأطلقوا عقال الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب مخالفون للكتاب، مجمِِعون على مفارقة الكتاب، ويقولون على الله بغير علم ويتكلّمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشتهون، فنعوذ بالله من فتنة المضلين> ا? وانظر <مجموع الفتاوى> [15/276].
(20) كما حصل لصبيغ حين ضربه عمر على بدعته: فعن سليمان بن يسار أنّ رجلاً يقال له: صبيغ، قَدِم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر وقد أعدَّ له عراجين النخل فقال: مَن أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ؛ فأخذ عرجونًا من تلك العراجين فضربه حتى دمي رأسه ثمّ تركه حتى برئ، ثمّ عاد، ثمّ تركه حتى بريء، فدعي به ليعود، فقال: إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلاً جميلاً فأذن له بالعودة إلى أرضه وكتب إلى أبي موسى الأشعري باليمن لا يجالسه أحد من المسلمين> ا? أخرجه الدارمي برقم (146).
(?) مداخلة من أحد الحاضرين: قلتَ بأنّ الرجل من المبتدعة ممكن يُعزَّر بالضرب أو القتل، نرجو التوضيح مَن الذي يتولّى هذا؟ فأجاب الشيخ حفظه الله: بأنّه يتولى هذا الحاكم الشرعي يعني قاتل النفس وقتل أهل البدع وتعزير مَن يستحقّ التعزير إنّما ذلك للحاكم الشرعي، وأمّا أفراد الناس فإنّ هذا ليس بأيديهم فإنّ هذا يؤدّي إلى فساد وإلى فتن ـ جزاك الله خيرًا ـ.
(21) كما في <السير> (7/452) وقد كان نعيم بن حماد الخزاعي شديدًا على الجهمية ويقول: أنا شديد عليهم لأني كنت منهم.. الخ. كما في <مجموع الفتاوى> (10/301) ولعلّ من أفضل ما أُلِّف في هذه المسألة كتاب أخينا الفاضل خالد بن ضحوي الظفيري <إجماع العلماء على هجر أهل البدع والأهواء> إذ جعل فيه فصلاً في أنّ الشدّة عند السلف كانت محمودة ولم تكن مذمومة. قلت: والمراد بها الشدّة المنضبطة بالشرع التي قِوامها القسط والعدل. وقد سمعت شيخنا العلامة الوادعي رحمه الله يقول: <إذا لازمت الإنصاف ألجمت خصمك> ا?. كما نقلت ذلك عنه في ذيل ترجمته <صفحات مشرقة من حياة الإمام الوادعي رحمه الله سيرًا وأحداثًا ومجالسات>.
(22) سورة آل عمران آية (187).
(23) سورة المائدة (78 ـ 79).
(24) قال العلامة ابن باز رحمه الله: <ومتى سكت أهل الحقّ عن بيان أخطاء المخطئين وأغلاط الغالطين، لم يحصل منهم ما أمر الله به من الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومعلوم ما يترتب على ذلك من إثم الساكت من إنكار المنكر وبقاء الغالط على غلطه والمخالف للحقّ على خطئه وذلك خلاف ما شرعه الله سبحانه من النصيحة والتعاون على الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والله ولي التوفيق> ا? من كتاب <تبيهات على ما كتبه الصابوني في صفات الله عزّ وجلّ> ص (30).
(25) إشارة إلى ما أخرجه مسلم برقم (1226) عن عمران بن حصين ( قال: <تمتعنا مع رسول الله ( قال: نزلت آية المتعة في كتاب الله يعني متعة الحج وأمرنا بها رسول الله ( ثمّ لم تنزل آية تنسخ آية متعة =
= الحج ولم ينه عنها رسول الله ( حتى مات قال رجل برأيه ما شاء> يعني عمر (.
(26) وهو عين ما ذكره فضيلة شيخنا المحدّث مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في كتابه <مقتل جميل الرحمن الأفغاني>.
(27) وقد قال تعالى: (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا لاَ يَسْتَوُونَ( وقال: (أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون(؟!
(28) مداخلة (1): فإن كان الناقد ليس معروفًا بالردّ على أهل البدع ومع ذلك فليس له كتب في الردّ إلاّ على أهل العلم؟
فقال الشيخ حفظه الله: أنا قيدتُ كلامي بحسن القصد والاحترام والخ.
مداخلة (2): ما رأيكم فيمن لاحظ ملحظًا وهو أنّ رسول الله ( لم يجعل هذا النقد يختصّ بالتسمية، تسمية صاحب السنّة الذي أخطأ هل في كلّ حال يسمّي صاحب السنّة الذي أخطأ أم تدور المسألة على المصلحة والمفسدة؟ =
= فما رأيك فيمن لاحظ سيرة رسول الله ( في النقد فوجد أنّه مرّة نقد بدون تسمية كما في الثلاثة الذين زاروا رسول الله ( وسألوا عن عبادته: فقال ما بال أقوام.
ومرّة انتقد مباشرة كما في صحيح مسلم قال <بِئْسَ الخَطِيبُ أَنْتَ> وما لمَّح في مجلس ثان فقال: <بَعْضُ الخُطَبَاءِ يَقُولُ: وَمَنْ يَعْصِهِمَا> إنما صرّح باسمه.
وفي مجلس بيَّن الحقّ دون أن يسمّي، فما رأيك في قول القائل إنّ التسمية وتركها في الخطأ إنما يتّبع المصلحة والمفسدة، فربما لو أتى طالب علم يقول الشيخ عبد العزيز ذكر مسألة فرأى ابن باز أنّ فيها بدعة وكذا وكذا فقد يقع الناس في أنّ الشيخ عبد العزيز صاحب بدعة، ما يفهمون <حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْقِلُونَ>. فما رأيكم في القول بأنّ تسمية صاحب السنّة الذي ينتقد يتّبع المصلحة والمفسدة لأنّ رسول الله ( مرّة سمّى ومرّة كنّى؟.
فأجاب الشيخ حفظه الله قائلاً: والله مراعاة المصالح والمفاسد من الأصول العظيمة في الإسلام، والقول هذا ليس ببعيد ـ بارك الله فيك ـ.
وإذا قلنا بهذا ليس معناه أننا نحرِّم التسمية ما دمنا نقول: تُراعى المصلحة والمفسدة، والفقيه هو الذي يحدّد متى يعيِّن ومتى يُعمِّم.
فمثلاً نحن في عصر ـ يا أخي ـ إذا جئت تتكلّم في الهواء قالوا وقالوا، لم يقبلوا كلامك كيف هذا؟
يطالبون بتوثيق الأقوال ونسبتها إلى الكتب بالجزء والصفحة، فالناس ألّفوا هذا فأصبح عُرفًا، وأمّا قالوا وقالوا دون أن يسمّى فأصبح لا يُجْدي، أولاً لا يهتدون إلى هذا القائل، وقد يشكُّون في صدقك ويقولون: هذا يتكلّم في الهواء.
فظروفنا الآن وأعرافنا الموجودة تحتِّم علينا في كثير من الأحيان أننا نسمّي الشخص ونسمّي المصدر ونبيِّن الجزء والصفحة إذا كان الكتاب ذا أجزاء، فهذه مصلحة وقد يكون في تركها مفسدة.
فالرسول (: قال: <أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ> وقال: <أَمَّا مُعَاوِيَة فَصُعْلُوكٌ وَأَمَّا أَبُو الجَهْمِ فَضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ>. وسمَّت هند عند رسول الله ( أبا سفيان زوجها...
فإذا اقتضت المصلحة التعيين عيَّن الإنسان المخطئ ا?.
(30) وممن صرّح بذلك عبد العزيز الجليل في كتابه <وقفات تربوية> ص (116) حيث يقول: <أي أننا نريد منهجًا دعويًّا يقوم على سلفية المنهج وعصرية المواجهة> ا?.
(31) سورة البقرة الآيتان (11 ـ 12).
(32) أخرجه مسلم برقم (6725) من حديث أبي هريرة (.
(33) أخرجه مسلم برقم (49) من حديث أبي سعيد الخدري (.
(?) مداخلة من أحد الحاضرين: بالمناسبة بارك الله فيكم، حديث النبي ( (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده.. الحديث) بعض الناس يخصصه فيقول: التغيير باليد يكون للسلطان فقط والتغيير باللسان يكون للعلماء والتغيير بالقلب يكون لعامّة الناس، ما رأيكم بهذا التخصيص مع أن الحديث جاء بالعموم؟
فأجاب الشيخ حفظه الله قائلاً: <التخصيص باليد أحيانًا لا يكون إلاّ بيد الحاكم مثل القتل والحدود والأشياء هذه ولكن لا يمنع أن يكون أيضًا أنّ بعض الناس يغيِّر بيده، أنت في بيتك، في مكتبك، في دكـانك، في شركتك، في مواقع كثيرة تستطيع أن تغير بيدك، فليس السلطان هو كلّ شيء وليس يدخل =
= في كلّ شيء، هناك أمور صحيح ليس لها إلاّ السلطان، وأمور كثيرة تبقى يعني يغيِّر فيها المسلم بيده، يستطيع أن يردع أبناءه ويستطيع أن يردع زوجه أو بنته أو خادمه الخ. يستطيع أن يغير بيده في مواطن كثيرة وقد كان السلف مثل ابن تيمية وغيره يغيِّرون بأيديهم، فتخصيص هذا وأنّ كلّ تغيير بيد الحاكم هذا ليس من الإسلام ولا يقبله عالم، ولكن هناك أمور يجب أن نميِّز بين ما يُقْصر على الحكام وبين ما يجد المسلم مجالاً للتغيير فيه باليد.
(34) وهذا الأثر رأيته بمعناه في مصنّف عبد الرزاق جاء من طريقين، الأولى فيها انقطاع فقد أخرج عبد الرزاق (19994) عن معمر عن قتادة أنّ عمر كتب إلى أبي موسى أمّا بعد: فأتزروا وارتدوا.. وفيه: واقطعوا الركب.. إلى أن قال: وإيّاكم وزيّ الأعاجم وتنعّمهم وعليكم بلبسة أبيكم إسماعيل.
والثانية فيها رجل مبهَم فقد أخرج عبد الرزاق برقم (19993) عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال: <جلس إلينا رجل ـ وثَمَّة غلمان ـ قال: كتب إلينا عمر بن الخطاب زمن كذا وكذا: أن اتزروا وارتدوا وانتعلوا وقابلوا النعال، وعليكم بعيش مَعَدٍّ وذروا التنعُّم وزيّ الأعاجم وقابلوا النعال يعني: الزمامين>.
وأخرجه البيهقي (20158) من طريق آدم بن أبي إياس ثنا شعبة عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي قال: أتانا كتاب عمر بن الخطاب ( ونحن مع عتبة بن فرقد بأذربيجان أمّا بعد: فأتزروا وانتعلوا وارتدوا وألقوا الخفاف والسراويلات وعليكم بلباس أبيكم إسماعيل وإيّاكم والتنعُّم وزيّ العجم وذكر الحديث. =
= وأخرجه أبو يعلى في مسنده [1/189] رقم (211) من طريق عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي أيضًا فذكره. فالحديث بمجموع طرقه حسن إن شاء الله وقد أخرجه علي بن الجعد في مسنده برقم (1030) وأبو عوانة في مسنده أيضًا (5/456) بإسناد صحيح غير أنّه بلفظ <تمعددوا واخشوشنوا وامشوا حفاة، وإيّاكم وزيَّ العجم> والتمعدد: هو الصبر على عيش معد بن عدنان وكانوا أهل قشف وغلظ في المعاش يقول: فكونوا مثلهم.
قلت: وأصل الحديث في الصحيحين في (خ/5829) (م /2069) كلاهما من كتاب اللباس.
(35) وإذا كانت مخالفة الرماة أميرهم في أُحُد، ومقالة بعض المسلمين: لن نُغلَب اليوم من قِلَّة، في حُنين سببًا في هزيمة المسلمين كما سيأتي في كلام الشيخ حفظه الله قريبًا إن شاء الله، فكيف بحلق اللحية والتي حَلقُها كبيرة من كبائر الذنوب لذلك فقد أمر النبي ( بإعفائها كما في حديث ابن عمر مرفوعًا: <أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى> متفق عليه.
وأمر ( بتوفيرها كما في حديث ابن عمر أيضًا مرفوعًا <خَالِفُوا المُشْرِكِينَ وَوَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ> أخرجه البخاري (5758).
(36) وفي سنن أبي داود برقم (403) من حديث ابن عمر مرفوعًا <ومن تشبه بقوم فهو منهم> وإسناده صحيح وانظر الأرواء برقم (1269).
(37) إشارة إلى ما أخرجه البخاري (3955) من حديث البراء أنّه قال: لقينا المشركين يومئذ وأجلس النبي ( جيشًا من الرماة وأمَّر عليهم عبد الله وقال: <لاَ تَبْرَحُوا إِنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَلاَ تَبْرَحُوا، وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فَلاَ تُعِينُونَا. فلمّا لقيناهم هربوا حتى رأيتُ النساء يشتددن في الجبل رفعن سوقهنّ قد بدت خلاخلهنّ فأخذوا يقولون: الغنمية الغنيمة فقال عبد الله: عهد إليَّ النبي (: <أَنْ لاَ تَبْرَحُوا فَأَبَوْا فَلَمَّا أَبَوْا صُرِفَتْ وُجُوهُهُمْ فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلاً.. > الحديث.
(38) سورة التوبة آية (25 ـ 26).
(39) قال الحافظ في الفتح [7/622] روى يونس بن بكير في زيادات المغازي عن الربيع بن أنس قال قال رجل يوم حُنين: <لَنْ نُغْلَبَ اليَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ ( فَكَانَتْ الهَزِيمَةُ> ا?.
(40) وقد قال عبد الله بن عمرو (: رأى رسول الله عليَّ ثوبين معصفرين فقال: <أَأُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهَذَا؟ قلت: أغسلهما، قال: بل احْرِقْهُمَا> أخرجه مسلم كتاب اللباس باب (4) رقم (28).
(41) سورة محمّد الآية (7).
(42) كما قال الله تعالى: (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي وَلاَ يُشْركونَ بِي شَيْئًا( [النور 55].
مداخلة: هل يجوز ارتكاب المحرّم من أجل الدعوة؟! فقد ذكر شيخ الإسلام أنّ الإنسان إذا أمسك مسجدًا في قرية فيها أهل البدع، اضطرّ إلى ترك سُنّة.
فقاطعه الشيخ حفظه الله قائلاً: هذا ليس بارتكاب محرّم يا ولدي وإنّما معناه أن يترك السنّة تأليفًا للقلوب وتوصُّلاً إلى جرِّ هؤلاء للتوحيد والدين والعلم. فهذا ليس بارتكاب محرّم فأنت خلطتَ بين التنازل عن سنّة، وبين ارتكاب محرَّم.. يشرب الخمر من أجل نصرة دين الإسلام، ويأكل الخنزير ويقتل ويفعل من أجل أن يدخل الناس في منهجه هذا هو ارتكاب المحرّمات. =
= فهمت الكلام وإلاّ لا؟! فرَّقت بين كونه يتنازل عن سنّة لمصلحة أكبر منها وهي دخول الناس في التوحيد والمنهج وبين ارتكاب محرّم؟!
فقال السائل: فإذا كان كلامه يُحمل على ارتكاب محرّم فهل نقول إنّ كلامه خطأ؟ لأنّ أهل البدع يَستدلُّون به.
فأجاب الشيخ قائلاً: يعني إذا كان هناك مفسدتان إحداهما كبيرة جدًّا وتحطم المسلمين، ومفسدة صغيرة فتُرتكب أدنى المفسدتين لدرء أكبرهما، مثل: لو دخل أعرابي هذا المسجد وبال فيه فقال رسول الله (: لاَ تُزْرِمُوهُ، فَتَرَكَهُ حَتَّى انْتَهَى، البول في المسجد مفسدة وحرام والرسول أقرّ هذه المفسدة لدفع الأكبر لأنّ هذا يتضرّر في نفسه، وبعد ذلك إذا طردناه نثر البول في سائر المسجد.
فقد يضطرّ المسلم إلى ارتكاب مفسدة لدرء أكبر منها.
(43) كما في قوله تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ( كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ( المائدة [78 ـ 79].
وقوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ القَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ( الجمعة [5].
وقوله تعالى: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللهِ مَن لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ القِرَدَةَ وَالخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ( المائدة [60].
(44) فقد ردّ عليه الإمام المبجل أحمد بن حنبل في كتابه <الردّ على بشر المريسي>، وردّ عليه عثمان بن سعيد الدارمي.
(45) قال الإمام الترمذي رحمه الله في كتابه <العلل> من جامعه: <وقد عاب بعض مَن لا يفهم على أهل الحديث الكلام في الرجال وقد وجدنا غير واحد من الأئمّة من التابعين قد تكلّم في الرجال ـ ثمّ عدَّد جماعة =
= من السلف ـ ثمّ قال: وإنّما حملهم على ذلك عندنا ـ والله أعلم ـ النصيحة للمسلمين لا يُظنّ بهم أنهم أرادوا الطعن على الناس أو الغيبة إنّما أرادوا أن يُبيِّنوا ضَعفَ هؤلاء لكي يُعرفوا لأنّ بعض الذين ضعَّفوا كان صاحب بدعة>.. الخ.
وفي <الكفاية> للخطيب: <كان قتادة يتكلّم في عمرو بن عبيد فقال عاصم الأحول يا أبا الخطاب هذا الفقهاء ينال بعضهم من بعض فقال قتادة: يا أحول رجل ابتدع يُذكر خير من أن يكف عنه>.
قلت: لذلك قال شيخنا المحدِّث مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله: <فالأصل في أعراض المسلمين أنّها محترَمة لكن إذا ارتكب ما يسقط عدالته فالواجب على المسلمين أن يُبيِّنوا حاله حتى لا يُغترّ به> ا? من كتابه <فضائح ونصائح> ص (41).
(46) قال النبي ( لحسان: <اهْجُهُمْ أَوْ قَالَ هَاجِهِمْ، وَجِبْرِيلُ مَعَكَ> (خ/5801) (م/2486) عن البراء.
(47) ولفظه قال عليه الصلاة والسلام: أُهْجُ قُرَيْشًا فَإِنَّهُ أَشَدَّ عَلَيْهَا مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ، فأرسل إلى ابن رواحة فقال: اهْجُهُمْ فهجاهم فلم يُرضِ، فأرسل إلى كعبِ بن مالك ثمّ أرسل إلى حسّان بن ثابت فلمّا دخل عليه قال حسّان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه ثمّ أدلع لسانه فجعل يحركه فقال: والذي بعثك بالحقّ لأفريَنَّهم بلساني فَرْيَ الأديم فقال رسول الله (: لاَ تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمَ قُرَيْشٍ بِأَنسَابِهَا وَأَنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِي فأتاه حسّان ثمّ رجع فقال يا رسول الله قد لخَّص لي نسبك والذي بعثك بالحقّ لأسلنَّك منهم كما تسلّ الشعرة من العجين، قالت عائشة: فسمعت رسول الله ( يقول لحسان: <إِنَّ رُوحَ القُدُسِ لاَ يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ..> الحديث أخرجه مسلم كتاب <فضائل الصحابة> برقم (2345).
(48) الشعراء (224 ـ 227).
(49) وقد أدرك شيخنا المحدِّث مقبل الوادعي رحمه الله تلك الحقيقة فكان يؤكّدها لنا بقوله: <رُبَّ بيت شعر ينصر الله به سنّة> ا?.
(50) وقد قال سعيد بن جبير رحمه الله: <قد أحسن مَن انتهى إلى ما سمع> ا? كتاب التوحيد باب: <مَن حقّق التوحيد دخل الجنّة بغير حساب>.
(51) فمن لي بالإمام الشعبي رحمه الله: إذ روي أنّه قيل له: <إنّا نستحيي لك من كثرة ما تُسأل فتقول: لا أدري، فقال: لكنّ ملائكة الله المؤمنين لم يستحيوا إذ سئلوا عمّا لا علم لهم به، فقالوا: (سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا( ا?.
ومَن لي بثعلب إمام الكوفيين المتوفي سنة (291) لما سأله سائل عن شيء فقال: لا أدري، فقال له: أتقول لا أدري، وإليك تُضرب أكباد الإبل، وإليك الرحلة من كلّ بلد؟ فقال ثعلب: لو كان لأمّك بعدد (لا أدري) بعر لاستغنت> ا?.
لهذا فقد جاء في ترجمة عطاء بن أبي رباح في <السير> [5/85]: <أنّه كان يقول: لا أدري نصف العلم، ويقال: نصف الجهل> ا?.
وجاء في ترجمة الشعبي من <السير> [4/318] قال رحمه الله: <لا أدري نصف العلم> ا?.
وقال عمر بن عبد العزيز: <من قال عندما لا يدري: لا أدري، فقد أحرز نصف العلم> ا? <البيان والتبيين> (2/58).
(52) القائل هو ابن وهب كما في <سير أعلام النبلاء> (8/108).
(53) لماذا؟ لأنّ ابن عباس ( يقول: <إذا ترك العالم قول لا أدري فقد أُصيبت مقَاتِلُه> ا? من <البيان والتبيين> للجاحظ (2/58).
(54) الأعراف آية (33).
(55) وقد قال الله: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً( الإسراء (36).
(56) أخرجه البخاري (3386) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
(57) آل عمران (110).
(58) المائدة (78 ـ 79).
(59) قال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الهروي: <عُرضتُ على السيف خمس مرّات لا يقال لي: ارجع عن مذهبك لكن يقال لي: اسكت عمن خالفك، فأقول: لا أسكت> ا? من <السير> [18/503]. وسمعت شيخنا العلامة الوادعي رحمه الله وهو يقول: <لو يمكن أن يشتروا سكوتنا بالملايين لفعلوا لكن هيهات هيهات أن نسكت على باطل> ا? وذلك ضمن شريطه <الردّ الوجيه على أسئلة أهل بيت الفقيه>. قال الشاعر: =
= اللص في داري وبين محارمي
ويقال لي: لا، لا تحرِّك ساكنَا
يئد النفوس ويكتم الأنفاسا
أبدًا، ولا تجْرح له إحساسا

(60) نقل ابن القيم في كتابه (مفتاح دار السعادة) عن بعض السلف قوله: <كنا نستعين على حفظ العلم بالعمل به، فترك العمل بالعلم من أقوى الأسباب في ذهابه ونسيانه> ا?.
وقد أسند الخطيب في <جامعه> وفي <ذمّ من لا يعمل بعلمه> لابن عساكر رقم (15) بسند فيه لطيفة إسنادية برواية آباء تسعة إلى علي بن أبي طالب ( قال: <هتف العلم بالعمل فإن أجابه وإلاّ ارتحل> ا?. لذلك فكان جزاء من لم يعمل بعلمه النار كما في حديث أبي هريرة مرفوعًا: <إِنَّ أَوَلَ النَّاسِ يقضى يَوْمَ القِيَامَةِ، فَذَكَرَ مِنْهُمْ: وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ القُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا: قَالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ وَعَلَّمْتَهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ العِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ وَقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ> أخرجه مسلم (1905) قال الناظم:
وعالم بعلمه لم يعملنْ
معذَّب من قبل عبَّاد الوثَنْ

(61) وأينه من سفيان الثوري حين كان يقول: <إني لأرى المنكر فلا أتكلّم فأبول دمًا؟!> ا? <السير> [7/259] قلت: ومعناه: أنّه يرى المنكر فلا يستطيع تغييره فيعظم في نفسه بقاؤه حتى يبول دمًا من أثر ذلك.
(62) سورة آل عمران (7).
(63) كما في قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيْسِِرِ قُلْ فِيهِمَا إثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَفْعِهِمَا..( البقرة (219).
(64) كما في قصة أبي هريرة ( مع الشيطان وفي آخر القصة قال له النبي (: <صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ> متفق عليه.
(65) كما في قوله تعالى: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ( سورة العنكبوت (61).
(66) كما في قوله تعالى: (وَمِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا..( آل عمران (75) وقال تعالى:(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَّلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ( المائدة آية (82).
(67) وهو بنيامين نيتنياهو <رئيس حزب الليكود الإسرائيلي المتطرف>.
(68) أي أنّ أداء النصيحة وبيان خطأ المخطىء يؤدّي إلى تقليل الشرّ وتقليصه، الأمر الذي لا نراه بعين الحقيقة إلاّ عند أهل السنّة لأنهم كما قال شيخ الإسلام رحمه الله: <أهل السنّة هم أعرف الناس بالحقّ وأرحمهم بالخلق> ا? وقال: <أهل السنّة هم خير الناس للناس وهم نقاوة المسلمين> ا? من <منهاج السنّة النبوية>.
(69) سورة الأعراف (8 ـ 9).
(70) سورة المائدة (117).
(71) أخرجه مسلم برقم (870) من حديث عدي بن حاتم ( أنّ رجلاً خطب عند النبي ( فقال: <مَن يطع الله ورسوله فقد رشد ومَن يعصهما فقد غوى، فقال رسول الله (: بِئْسَ الخَطِيبُ أَنْتَ، قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ، قال ابن نمير: فَقَدْ غَوَى>.
(72) ألا وإنّ مبدأ الولاء والبراء من أوثق عُرى الإيمان وأصل من أصول الشريعة: فعن معاذ بن أنس مرفوعًا: <مَنْ أَعْطَى للهِ وَمَنَعَ للهِ وَأَحَبَّ للهِ وَأَبْغَضَ للهِ وَأَنْكَحَ للهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ> أخرجه الترمذي (2521) وحسّنه الألباني.
وعن أنس مرفوعًا: <ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ وَطَعْمَهُ: أََنْ يَكُونَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ فِي اللهِ وَأَنْ يُبْغِضَ فِي اللهِ، وَأَنْ تُوقَدَ نَارٌ عَظِيمَةٌ فَيَقَعَ فِيهَا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يُشْرِكَ بِاللهِ شَيْئًا>، أخرجه النسائي (4987) وصحّحه الألباني وأصله في الصحيحين.
(73) ولا غرو ففي كتاب <حسن البنا بأقلام تلامذته ومعاصريه> قال حسن حتحوت: <ويكفي أن أذكر أنّ الذين يزعمون أنّ الرجل ـ أي حسن البنا ـ كان عدو النصارى بأنّ الأستاذ لويس فانوس من زعماء الأقباط كان من الزبائن المستديمين لدرس الثلاثاء الذي يلقيه حسن البنا وكانت بينهما صداقة وطيدة وأنّ حسن البنا عندما تقدّم مرشحًا لانتخابات البرلمان كان وكيله الذي يمثّله في مقر إحدى اللجان الانتخابية رجلاً قبطيًّا> ا? قلت: أي نصرانيًّا وانظر رسالة أحمد الشحي <حوار هادي مع إخواني> ص (18 ـ 19).
<وقد كان عمر التلمساني المرشد العام السابق للإخوان يقول: إنّنا نقف من الأحزاب كلّها موقف الاحترام لرأي الآخرين وإذا كنتُ حريصًا على أن يأخذ الناس برأيي فلماذا أحرِّم على الناس ما أبيحه لنفسي؟ وهل من الحرية أن أحول بين الناس وبين الاعتداد بآرائهم بعد أن يمنحهم أحكم الحاكمين هذا الحقّ في وضوح لا لَبْسَ فيه (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ(> كما في صحيفة الأنباء الكويتية عدد (12/5 ـ 1983م) ونقلته مجلة المجتمع 27/5/1986م.
قلت قال الشاعر:
وكم من عائب قولاً صحيحًا
وآفته من الفهم السقيم
فإنّ الآية في مقام التهديد والمرشد العام يظنّها في مقام التخيير فكان الأمر كما قال الله: (إِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ(.
(74) وهي دولة السودان فقد نظّم بها كبار قادات الإخوان كالترابي والزنداني وغيرهما <مؤتمرًا للحوار مع الأديان> =
= وفيه قال أحد القِسِّسِين: <منّا مَن أسلم بالإنجيل ومنّا مَن أسلم بالقرآن فكلّنا يقول: الله، إذًا فكلّنا مسلم> ا? وقد نَقَلَت ذلك الحدث وكان في مقام الإشادة بتقارب المسافات جريدة <الصحوة> التابعة لحزب الإصلاح اليمني في عددها الموافق ليوم الخميس 16/جمادى الأولى عام 1415? تحت عنوان <مؤتمر الحوار بين الأديان> بقلم علي الواسعي. قلت: والصواب أنّه <مؤتمر وحدة الأديان>.
(75) قال صاحب لسان العرب [9/111]: وقولهم في المثل: <سبق السيف العذل> يُضرب لِمَا قد فات، وأصل ذلك أنّ الحارث ابن ظالم ضرب رجلاً فقتله فأُخبر بعذْره فقال: <سبق السيف العذل> ا?.
(76) سورة آل عمران (103).
(77) كما في قوله تعالى: (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَات(. وحديث أبي هريرة مرفوعًا: <إِنَّ اللهَ رَضِيَ لَكُمْ ثَلاَثًا وَكَرِهَ لَكُمْ ثَلاَثًا، رَضِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تَنَاصَحُوا مَنْ وَلاَّهُ اللهُ أَمْرَكُمْ، وَكَرِهَ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ> أخرجه مسلم.
وحديث العرباض بن سارية وفيه: <فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ> أخرجه أصحاب السنن.
وبهذا تمّ التعليق على هذه الرسالة راجيًا المولى جلّ وعلا أن أكون قد وُفِّقتُ في ذلك وأن يجعله خالصًا لوجهه سبحانه إنّ ربّي لسميع الدعاء. =
= وكتبه أبو رواحة عبد الله بن عيسى بن أبكر اليماني حرّر في ثلث الليل الآخر من يوم الأربعاء الموافق 6/من شهر صفر/عام 1426?.

 

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
الانتقال السريع

.: عدد زوار المنتدى:.




جميع الأوقات بتوقيت مكة المكرمة شرفها الله. الساعة الآن: 06:41 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.7.3, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
جميع الحقوق محفوظة لكل مسلم بشرط الإشارة إلى منتديات الشعر السلفي

Security byi.s.s.w

 

منتديات الشعر السلفي