|
كاتب الموضوع | أم جمانة السلفية | مشاركات | 0 | المشاهدات | 1037 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
المختصرُ المفيد لأحكامِ العيد
المختصرُ المفيد لأحكامِ العيد الحمدُ لله ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله ، وعلى صحبِهِ ومَنْ والاهُ ... أمَّا بعد : فهذا بحثٌ مختصرٌ في أحكامِ العيد ، لخَّصتُهُ من كتبِ أهلِ العلم ، أسألُ الله أنْ ينفعَ به . العيدُ لغة : كلُّ يومٍ فيه جمع ، واشتقاقُهُ من عادَ يعودُ ، كأنَّهم عادوا إليه ، وقيل : اشتقاقُهُ من العادةِ ؛ لأنَّهم اعتادوه ، والجمعُ أعياد . واصطلاحاً : اسمٌ لما يعودُ من الاجتماعِ العام على وجهٍ معتادٍ عائد : إما بعودِ السَّنة ، أو بعودِ الشهر ، أو بعودِ الأسبوع . والعيدُ مظهرٌ ديني ، قال الله جلَّ وعلا : { لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ } . ولذلك نجدُ جميعَ المسلمين – على اختلافِ بلدانهم وألوانهم وألسنتهم – يفرحون بقدومِ العيدِ فرحاً عظيماً ، وهم يعلمونَ أنَّ العيدَ المشروعَ ليس وليدَ اليوم ، وإنَّما لهُ قرونٌ عديدةٌ مضت ، ولكن مع هذا لم يصبهم الفتورُ والملل ، بل إنَّهم يقدِّمونَ أغلى ما عندهم من ملبسٍ ومأكلٍ ومشرب ، ولا ينتظرون من أحدٍ جزاءً ولا شكوراً ، وإنما هي فرحةٌ جعلها الله في قلوبهم ، روى أحمدُ في مسندِهِ بسندٍ صحيحٍ من حديثِ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي اللهُ عنهُ قَالَ : " قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الْمَدِينَةَ ، وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَقَالَ : " إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا : يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ " . فالمسلمُ ينبغي عليه أن يتأسى بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حِلِّه وترحالِه ، وفرحِهِ وأحزانِه ، أمرنا ربُّنا تبارك وتعالى بذلك ، فقال : { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } . من أعمال هذا اليوم : أولاً : يُستحبُ الاغتسالُ في هذا اليوم ؛ لمرسلِ سعيدِ بنِ المسيَّب قال : " سنةُ الفطرِ ثلاث : المشيُ إلى المصلى ، والأكلُ قبلَ الخروج ، والاغتسال " رواهُ الفريابي بسندٍ حسن ، مع أثرِ ابنِ عمرَ في الموطأ بإسنادٍ جيد : " أنَّهُ رضي اللهُ عنهُ كانَ يغتسلُ يومَ الفطرِ قبلَ أنْ يغدو إلى المصلى " . ثانياً : يبدأُ بالتكبيرِ بعدَ غروبِ الشَّمسِ آخرَ يومٍ من رمضان ؛ لقولهِ تعالى : { وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } ، وينتهي بتكبيرِ الإمامِ لصلاةِ العيد ؛ وهذا في عيدِ الفطر ، وأمَّا عيدُ الأضحى فيبدأُ بالتكبيرِ من فجرِ يومِ عرفةَ إلى غروبِ الشَّمسِ في آخرِ يومٍ من أيامِ التشريق ؛ لحديث عقبة بن عامر رضي اللهُ عنهُ في مسند أحمد وسنن أبي داود – وهو صحيح - مرفوعاً : " يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الإسْلامِ وَهُنَّ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ " ، وثبت في مصنف ابن أبي شيبة عن علي رضي اللهُ عنهُ : " أنَّهُ كانَ يكبِّرُ بعدَ صلاةِ الفجرِ يومَ عرفةَ إلى صلاةِ العصرِ من آخرِ أيامِ التشريق ، ويكبِّرُ بعدَ العصر " . ويُستحبُ رفعُ الصوتِ بالتكبيرِ بلا خلاف ، وبهِ قال النووي في المجموع ( 5 / 45 ) . وأمَّا صيغةُ التكبير ؛ فلم يصحْ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شيء ، وإنَّما ثبت في مصنفِ ابن أبي شيبة عنِ ابنِ مسعودٍ رضي اللهُ عنهُ أنَّهُ كانَ يقولُ : " اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، لا إلهَ إلاَّ الله ، واللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، وللهِ الحمد " ، وثبت في مصنفِ ابنِ أبي شيبة عنِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما كانَ يقولُ : اللهُ أكبرُ كبيراً ، اللهُ أكبرُ كبيراً ، اللهُ أكبرُ وأجلْ ، اللهُ أكبرُ وللهِ الحمد " وكذلك ثبت عن سلمان رضي اللهُ عنهُ ، والأَوْلى الاقتصارُ على ما جاءَ عنهم . ثالثاً : يتجملُ بلبسِ أحسنِ ما عندَهُ ؛ لحديثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما قَالَ : " أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ ، فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ ، تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُ " متفقٌ عليه . رابعاً : ينبغي في عيدِ الفطرِ أنْ يأكلَ تمراتٍ قبلَ الخروجِ إلى المصلَّى ؛ لحديثِ أنسٍ رضي اللهُ عنهُ في البخاري قال : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ " ، وأمَّا عيدُ الأضحى فهديُهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّهُ كانَ لا يأكلُ حتى يرجعَ من المصلَّى ، ففي مسندِ أحمدَ من حديثِ بريدةَ رضي اللهُ عنهُ قالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إِذَا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يَأْكُلَ ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ لَمْ يَأْكُلْ حَتَّى يَذْبَحَ " والحديثُ حسنٌ بشواهده . خامساً : الخروجُ إلى المصلَّى ، ولا يُصلَّى في المسجد إلا لعُذر ، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي اللهُ عنهُ قَالَ :" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى ". تنبيه : فإنْ كانَ بمكةَ ، فالصلاةُ في المسجدِ الحرامِ أفضل ، بلا خلاف . قاله النووي في المجموع ( 5 / 524 ) . سادساً : يُستحبُ إذا خرجَ لصلاةِ العيدِ من طريقٍ ؛ أنْ يرجعَ من طريقٍ أخرى ؛ لحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : " كَانَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ " رواهُ البخاري . سابعاً : لا صلاةَ قبلَ صلاةِ العيد ولا بعدَها ؛ لحديثِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما في البخاري " أَنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلا بَعْدَهَا " . ثامناً : يَستفتحُ الإمامُ الصلاةَ من غيرِ أذانٍ ولا إقامة ولا الصلاة جامعة ولا غيرها ، ففي الصحيحين من حديث ابنِ عَبَّاسٍ وجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأنصَارِيِّ رضي اللهُ عنهما قالا : " لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلا يَوْمَ الأضْحَى " ، وفي روايةٍ لمسلم عن جابرِ رضي اللهُ عنهُ : " أَنْ لا أَذَانَ لِلصَّلاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ حِينَ يَخْرُجُ الإمَامُ ، وَلا بَعْدَ مَا يَخْرُجُ ، وَلا إِقَامَةَ ، وَلا نِدَاءَ ، وَلا شَيْءَ لا نِدَاءَ يَوْمَئِذٍ وَلا إِقَامَةَ " ، وفي مسلم من حديثِ جابرِ بنِ سَمُرةَ رضي اللهُ عنهُ قال : " صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الْعِيدَيْنِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلا مَرَّتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ ". تاسعاً : صلاةُ العيد ، وتشتملُ على أمور : 1 - حكمُها : هي صلاةٌ واجبةٌ على كلِّ مسلمٍ مستطيعٍ ذكراً أو أنثى في محلِّ إقامتِه ، والدليلُ على ذلك ؛ ماجاءَ في الصحيحين واللفظُ لمسلمٍ من حديثِ أمِّ عطيِّة رضي الله عنها قالت : " أمرنا – تعني النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ الْعَوَاتِقَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ ، وَأَمَرَ الْحُيَّضَ أَنْ يَعْتَزِلْنَ مُصَلَّى الْمُسْلِمِينَ " . 2 – وقتُها : تُصلى بعدَ ارتفاعِ الشَّمسِ وزوالِ وقتِ الكراهةِ ابتداءً ، وينتهي وقتُها قبلَ أنْ يقومَ قائمُ الظهيرة ، والدليلُ على ذلك ما ثبتَ في سننِ أبي داود وابنِ ماجه من طريق يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ الرَّحَبِيِّ قَالَ : " خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُسْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَعَ النَّاسِ فِي يَوْمِ عِيدِ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى ، فَأَنْكَرَ إِبْطَاءَ الإمَامِ ، فَقَالَ : إِنَّا كُنَّا قَدْ فَرَغْنَا سَاعَتَنَا هَذِهِ وَذَلِكَ حِينَ التَّسْبِيحِ " . 3 – كيفيتُها : هي ركعتان ؛ لحديثِ ابنِ عباس رضي اللهُ عنهما في الصحيحين قال : " أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صَلَّى يَوْمَ الْفِطْرِ رَكْعَتَيْنِ " ، وفي الصحيحين – أيضاً - من حديثِ البراء رضي اللهُ عنهُ قَالَ : " خَرَجَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَوْمَ أَضْحًى إِلَى الْبَقِيعِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ " ، وثبتَ في مسندِ أحمدَ من حديثِ عُمَرَ رضي اللهُ عنهُ قَالَ : " صَلاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ وَصَلاةُ الأضْحَى رَكْعَتَانِ وَصَلاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ وَصَلاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " . ويستفتحُ صلاتَهُ بتكبيرةِ الإحرامِ ثم يكبِّرُ سبعَ تكبيراتٍ في الركعةِ الأولى ، وخمسَ تكبيراتٍ في الركعةِ الثانية ، من غيرِ تكبيرةِ الانتقال ؛ لحديثِ عائشةَ رضي الله عنها في مسندِ أحمدَ وسننِ أبي داودَ وابنِ ماجه : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كَانَ يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ وَالأضْحَى ، فِي الأولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ ، وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا " والحديثُ حسنٌ بشواهدِه . والأَوْلى ألا يرفعَ يديهِ أثناءَ التكبيراتِ ( السبعِ و الخمسِ ) ؛ لأنَّهُ لم يثبتْ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذلك ، وإنَّما جاءَ عن بعضِ الصحابة ، ولم يُحفظْ عنهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذكرٌ معين بين التكبيرات ، وإنْ شكَّ في عددِ التكبيرات بنى على اليقين وهو الأقل ، وإنْ أدركَ المأمومُ الإمامَ بعدما شرعَ في القراءة ، لم يأتِ بالتكبيرات الزوائد ، أو أدركهُ راكعاً ؛ فإنَّهُ يكبِّرُ تكبيرةَ الإحرام ، ثمَّ يركع ، ولا يشتغلْ بقضاءِ التكبيرات . ويقرأُ في الركعتين بفاتحةِ الكتاب ؛ لقولهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : " لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ " متفقٌ عليه من حديثِ عبادةَ بنِ الصامت رضي اللهُ عنهُ . ويقرأُ جهراً في الركعتين بعد الفاتحةِ بما تيسر ، ويُستحبُّ أن يقرأَ فيهما بسورة : { ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ } وسورةِ :{ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } ؛ لقولِ أبي واقدٍ الليثي رضي اللهُ عنهُ قَالَ : " سَأَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي اللهُ عنهُ عَمَّا قَرَأَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فِي يَوْمِ الْعِيدِ ، فَقُلْتُ : بِاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ، وَ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ " رواهُ مسلم ، أو يقرأَ فيهما بسورة : {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى } وسورةِ :{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ } ، ففي صحيحِ مسلمٍ من حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي اللهُ عنهما قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ، قَالَ : " وَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَقْرَأُ بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَّلاتَيْنِ " . ويُتِمُّ صلاتَهُ كسائرِ الصلوات . وإذا لم يعلموا بالعيدِ إلا بعدَ الزوال ، خرجوا لصلاةِ العيدِ من الغد ؛ فقد ثبتَ في مسندِ أحمدَ والسننِ إلا الترمذي من طريقِ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : " أَنَّ رَكْبًا جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلالَ بِالأمْسِ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا وَإِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلاهُمْ " . عاشراً : ويُسنُّ إلقاءُ الخطبةِ بعدَ الفراغِ من الصلاة ، وهي خطبةٌ واحدة ، تُستفتح بالحمد والثناء على الله كسائر الخطب ، ولم يكن هناك منبرٌ يَرقى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليه ، وإنَّما كانَ يخطبُهم قائماً على الأرض ؛لظاهرِ الأدلة ، كحديثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي اللهُ عنهُ قَالَ : " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ ، فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ ، فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ ، فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ " متفقٌ عليه. وليحرصْ الخطيب – بعد ذلك - على وعظِ النساء وتذكيرهن ، ففي الصحيحين من حديثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : أنَّهُ قِيلَ لَهُ : "أَشَهِدْتَ الْعِيدَ مَعَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟ " ، قَالَ : "نَعَمْ ، وَلَوْلا مَكَانِي مِنَ الصِّغَرِ مَا شَهِدْتُهُ ، حَتَّى أَتَى الْعَلَمَ الَّذِي عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ فَصَلَّى ، ثُمَّ خَطَبَ ، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلالٌ ، فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ ، فَرَأَيْتُهُنَّ يُهْوِينَ بِأَيْدِيهِنَّ يَقْذِفْنَهُ فِي ثَوْبِ بِلالٍ ، ثُمَّ انْطَلَقَ هُوَ وَبِلالٌ إِلَى بَيْتِهِ " . إحدى عشر : يُستحبُّ أن يضحِّي في عيد الأضحى بعد الصلاة ؛ لحديثِ جُنْدَبَ بْنَ سُفْيَانَ الْبَجَلِيَّ رضي اللهُ عنهُ قَالَ : " شَهِدْتُ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَوْمَ النَّحْرِ : " فَقَالَ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ " متفقٌ عليه . الثاني عشر : إذا اجتمعَ العيدُ والجمعة ، فمن صلَّى العيد ، سقطَ عنهُ وجوبُ الجمعة ، ويصلِّي مكانها صلاةَ الظهرِ وُحْدَاناً ، فقد ثبت في سنن أبي داود وابن ماجه من حديثِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَنَّهُ قَالَ : " قَدْ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ " ، وروى أبوداود بسندٍ صحيحٍ من طريق عطاء بن أبي رباح : " صَلَّى بِنَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ أَوَّلَ النَّهَارِ ، ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا ، فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا . وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ ، فَلَمَّا قَدِمَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : " أَصَابَ السُّنَّةَ " . تنبيه : وليس معناهُ أنَّ ابنَ الزبير لم يصلِّ ظهراً في بيتِه . قالَهُ شيخُنا مقبلٌ الوادعي في ( الجامع الصحيح ) ( 2 / 215 ) . الثالث عشر : لا يجوزُ صيامُ يومي العيدين وأيامِ التشريق ، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيدٍ الخدري رضي اللهُ عنهُ قال : " نَهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ النَّحْرِ " ، وروى مسلمٌ من حديثِ ابنِ عمر وعائشةَ رضي اللهُ عنهما قالا : " لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلا لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْهَدْيَ " . الرابع عشر : تُشرعُ التهنئةُ في العيد ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " أَمَّا التَّهْنِئَةُ يَوْمَ العِيدِ ، يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إذَا لَقِيَهُ بَعْدَ صَلاةِ العِيدِ : ( تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ ، وَأَحَالَهُ اللَّهُ عَلَيْك ) وَنَحْوُ ذَلِكَ ، فَهَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَرَخَّصَ فِيهِ الأئِمَّةُ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ . لَكِنْ قَالَ أَحْمَد : أَنَا لا أَبْتَدِئُ أَحَدًا ، فَإِنْ ابْتَدَأَنِي أَحَدٌ أَجَبْته ؛ وَذَلِكَ لأنَّ جَوَابَ التَّحِيَّةِ وَاجِبٌ ، وَأَمَّا الابْتِدَاءُ بِالتَّهْنِئَةِ فَلَيْسَ سُنَّةً مَأْمُورًا بِهَا ، وَلا هُوَ أَيْضًا مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ ، فَمَنْ فَعَلَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ ، وَمَنْ تَرَكَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ " انظر مجموع الفتاوى ( 24 / 253 ) . الخامس عشر : للرجلِ أن يوسِّعَ على أهلِ بيتِهِ في هذا اليومِ بالأكلِ والشربِ وبشيء من اللهوِ المباح ، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : " دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ مِنْ جَوَارِي الأنصَارِ تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ الأنصَارُ يَوْمَ بُعَاثَ ، قَالَتْ : " وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ " ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : " أَمَزَامِيرُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وَذَلِكَ فِي يَوْمِ عِيدٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : " يَا أَبَا بَكْرٍ!! إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا وَهَذَا عِيدُنَا " متفقٌ عليه . وختاماً : ينبغي الحذرُ من ارتكابِ البدعِ والمعاصي :كإحياءِ ليلةِ العيد ، وتخصيصِ زيارةِ القبور ، وتركِ صلاةِ الجماعة ، واختلاطِ الرجالِ بالنساء ، وخروجِ المرأةِ متعطرةٍ متبرِّجة . وَآَخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أبو عمَّار ياسر العدني نزيل : حضرموت - المكلا عدن - البريقة م ن ق و ل من شبكة ا ل ع ل و م
الموضوع الأصلي :
المختصرُ المفيد لأحكامِ العيد
-||-
المصدر :
منتديات الشعر السلفي
-||-
الكاتب :
أم جمانة السلفية
__________________
عن قتادة -رحمه الله تعالى- قال: "قد رأينا والله أقواماً يُسرعون إلى الفتن، وينزعون فيها، وأمسك أقوامٌ عن ذلك هيبة لله ومخافة منه؛ فلما انكشفت: إذا الذين أمسكوا أطيبُ نفساً، وأثلج صدوراً، وأخف ظهوراً من الذين أسرعوا إليها وينزعون فيها، وصارت أعمال أولئك: حزازات على قلوبهم كلما ذكروها. وأيم الله، لو أن الناس يعرفون من الفتنة إذا أقبلت كما يعرفون منها إذا أدبرت لعقل فيها جيل من الناس كثير، والله ما بعثت فتنة قط إلا في شبهة وريبة إذا شبّت". كتاب حلية الأولياء، ج: (٢). ص: (٣٣٦-٣٣٧). |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
.: عدد زوار المنتدى:.