|
كاتب الموضوع | أبو عبد الله حسين الكُحلاني | مشاركات | 1 | المشاهدات | 2159 | | | | انشر الموضوع |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
صفات الخوارج والتحذير منهم / للشيخ علي بن يحيى الحدادي
\ الخطبة الأولى \\ أما بعد: إن من أشد أنواع الانحراف عن دين الإسلام الغلو في الدين والغلو معناه مجاوزة الحد والغلو في الدين مجاوزة ما شرعه الله وقد ظهرت بعض صور الغلو في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فعالج كل حالة في حينها بالموعظة الحسنة وذلك حين أراد نفر من شباب الصحابة رضوان الله عليهم أن يجتهدوا في العبادة أكثر من اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم فعزم بعضهم على ترك الزواج تفرغاً لعبادة الله وعزم بعضهم على دوام الصوم وعزم بعضهم على سهر الليل في العبادة فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم دعاهم وقررهم بما قالوا ثم بين لهم عليه الصلاة والسلام أنه أعلم الناس بالله وأخشاهم له وأتقاهم له ومع ذلك فهو يجمع بين مصالح دينه ودنياه وذلك هو الدين الحق الذي جاء بإتيان كل ذي حق حقه . فأخبرهم أنه يصلي وينام ويصوم ويفطر ويأكل اللحم ويتزوج النساء ثم قال عليه الصلاة والسلام " فمن رغب عن سنتي فليس مني " فهذه براءة من رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل من رغب عن سنته وقدم عليها غيرها من التصورات والأفكار والمناهج . وظهر نموذج آخر في عهده صلى الله عليه وسلم لكنه هذه المرة أخطر لأنه ليس غلواً في العبادة الشخصية التي بين العبد وبين ربه ولكنه غلو في التعامل مع الآخرين تحت شعار إنكار المنكر فبينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم مغانم حنين أتاه رجل فقال يا رسول الله إعدل فقال له صلى الله عليه وسلم ويلك ومن يعدل إن لم أعدل . والخبر في الصحيحين بتمامه. فهذا الرجل رأى أمراً هو حق وكفى بمشروعيته أن صاحب الفعل هو محمد صلى الله عليه وسلم ومع ذلك زين له الشيطان وسولت له نفسه أنه منكر فلم يكتف بذلك الظن حتى اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم وواجهه بتلك الكلمة القبيحة . ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا الرجل له أصحاب يحقر أحدكم صلاته مع صلاته وصيامه مع صيامه يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية . فوصفهم بالاجتهاد في العبادة ومع ذلك يخرجون من الإسلام فهؤلاء قوم أتاهم الشيطان من قبل دينهم فأهلكهم من باب الغلو والعياذ بالله . فليست العبرة بكثرة العمل ولا بالحرص على الخير وإرادته وإنما العبرة بموافقة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والاستقامة على ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم أخبر عليه الصلاة والسلام أن أصحاب ذلك الرجل سيخرجون من بعده ووقع ذلك في زمن علي رضي الله عنه فقاتلهم حتى استأصلهم ثم استمر فكر هؤلاء الخوارج إلى يومنا هذا . عباد الله : إن للخوارج صفات يعرفون بها ومنها : الغلو في الحكم على مرتكب الكبيرة حيث يكفرون أصحاب الكبائر كأهل الزنا وأهل الخمور وأكلة الربا ونحو ذلك ومنهم في زماننا اليوم من يكفرون ببعض الكبائر، وأهل السنة والجماعة لا يكفرون مرتكب الكبيرة دون استحلال قلبي ولكنهم يقررون نقصان إيمانه فيسمونه مؤمناً ناقص الإيمان ويسمونه مسلماً فاسقاً فالخوارج سمعوا نصوص الزجر عن الكبائر فلم يفهموها كما فهمها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم استقلوا بالفهم فوقعوا فيما وقعوا فيه من القول الباطل. ومن صفات الخوارج : الخروج على الأئمة حكام المسلمين إذا رأوا من ولاة أمرهم ما يرونه هم انحرافاً وضلالاً وفسقاً وإن كان في نفسه معروفاً وعدلاً وحقاً ، وقد خرجوا على عثمان رضي الله عنه فقتلوه ، وخرجوا على علي فقتلوه ، وحاولوا قتل معاوية رضي الله عنه فلم يتمكنوا من ذلك وتاريخهم مليء بالثورات والخروج على حكام المسلمين برهم وفاجرهم فما أعظم فتنتهم وما أشد ما لقي منهم المسلمون من البلاء والمحنة . وأهل السنة والجماعة يقررون في هذا الباب مادلت عليه النصوص الشرعية من وجوب السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين وبذل الطاعة لهم في المعروف ويرون الحج والجهاد معهم ولا ينزعون يداً من طاعة وإن جاروا وظلموا وإن جلدوا الظهور وأخذوا الأموال واستأثروا بالدنيا كما نص على ذلك إمامهم محمد صلى الله عليه وسلم لا يعدلون بسنته قول أحد ولا يتركون وصيته بالسمع والطاعة والصبر على جَوْر الأئمة لأي مؤثر كان من نفس أو هوى أو شيطان . وهم يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بالصبر من باب الذلة والهوان والخنوع أو الرضا بظلم العباد ومعصية رب العباد ولكن يدركون أن وراء ذلك مصلحة عظيمة ألا وهي مصلحة اجتماع الكلمة وحقن الدماء ودرء أسباب الفتنة والافتراق والاختلاف. وأهل السنة إذا رأوا من ولاة أمرهم ما يكرهون ناصحوه سراً فيما بينه وبينهم بالكلمة الطيبة يريدون بذلك صلاح الراعي والرعية ، ولا يستجيزون لأنفسهم ذكر مساوئ الحكام في مجالسهم ولا خطبهم ولا مؤلفاتهم لأنهم دعاة سنة واجتماع لا دعاة فرقة واختلاف . ولأنهم يعقلون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله حين قال " من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية " ومن خالف هذا المنهج النبوي الكريم فليس له مستند من كتاب ولا سنة وإنما يُسيّره هواه أو حماسه الذي لم يضبط بضوابط الشرع . ومن صفات الخوارج: الطعن في أئمة المسلمين وعلمائهم ، فحين كانوا في زمن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يسيئون الظن بالصحابة ويطعنون فيهم ولا يتلقون عنهم أحكام الدين ولكنهم اختطوا لأنفسهم طريقة يزعمون أنهم أخذوها من كتاب الله وكتاب الله منها بريء أكتاب الله يكفر المسلم ظلماً وعدواناً؟ أكتاب الله يأمر بسفك دماء المسلمين؟ أكتاب الله يأمر بالطعن في خيار الأمة وساداتها؟ أكتاب الله يدعو إلى إثارة الفوضى والرعب والقلق بين المسلمين؟ هيهات ولكنها الأفهام القاصرة والاستقلال بفهم الكتاب والسنة وعدم التقيد بفهم سلف الأمة لدين الله . وهكذا استمرت سيرة الخوارج من بعد يعادون العلماء الربانيين وينبزونهم بأسوء الألقاب وأحط الصفات ولا يدرسون عليهم ولا يأخذون عنهم ولا يوقرونهم ولهذا استمروا في غوايتهم وظلالتهم لبعدهم عن المنابع الصافية التي يؤخذ منها دين الله غضاً طرياً كما نزل . وأهل السنة والجماعة يقررون وجوب احترام العلماء الربانيين الذين رفع الله مكانتهم وأحال الأمة إليهم فقال سبحانه { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } وجعلهم الرسول ورثة الأنبياء فقال صلى الله عليه وسلم " وإن العلماء ورثة الأنبياء " لقد كان الصحابة يرجعون إلى النبي فيما يشكل عليهم وحين مات كانوا يرجعون إلى علماء الصحابة كالخلفاء الأربعة وأبي وزيد وابن مسعود ومن بعدهم وابن عباس وابن عمر وابن عمرو وأبي هريرة وحين انقرض الصحابة كان الناس يرجعون إلى أئمة التابعين كسعيد وقتادة والحسن وابن سيرين وهكذا جرى عمل أهل السنة يرجعون إلى علمائهم ويوقرونهم ويجلونهم إلى زماننا هذا . وأبت الخوارج هذا المنهج لأن العلماء يبينون باطلهم ويفضحون مخططاتهم ويهدمون بنيانهم فهم العدو الحقيقي لهم ، لذلك ناصبوهم العداوة وحاولوا جاهدين صرف الناس عنهم لاسيما شباب المسلمين . ولا زالت الخوارج على هذه الطريقة فهاهم يشيعون عن علمائنا الإشاعات الباطلة كالمداهنة والجهل بالواقع وأنهم علماء الحيض والنفاس وما شابه ذلك من الطعون الفاسدة التي لا تصدر من مسلم عرف مكانة العلماء عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وسلم . عباد الله: إن مذهب الخوارج مذهب خطير لأنه يقوم على تكفير المسلمين واستحلال دمائهم لهذا جاء في حقهم وعيد شديد فقد توعدهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه إن أدركهم ليقتلنهم قتل إرم أي قتلاً مستأصلاً كما في الصحيح . وأخرج ابن ماجة وابن أبي عاصم عن ابن أبي أوفى أنه قال " الخوارج كلاب أهل النار " وفي الصحيحين عن علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول " يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن لمن قتلهم أجراً يوم القيامة . وفي صحيح مسلم عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيهم " هم شر الخلق والخليقة " وأخبر عليه الصلاة والسلام أنهم يخرجون من الدين في أحاديث متعددة تقدم بعضها ومنها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال ذُكر لي أن رسول الله قال " يخرج فيكم أو يكون فيكم قوم يتعبدون ويتدينون حتى يعجبونكم وتعجبهم أنفسهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " رواه ابن أبي عاصم بإسناد على شرط الشيخين . فالواجب على المسلم أن يحذر من المذاهب الباطلة كلها لاسيما هذا المذهب الخبيث الذي ذهب جماعة من كبار العلماء إلى تكفير أصحابه مستدلين بالأحاديث الدالة على مروقهم من دين الإسلام وذهب الأكثر إلى عدم كفرهم ولكنهم على خطر عظيم والعياذ بالله . اللهم إنا نسألك العصمة من مظلات الفتن إنك سميع الدعاء . أقول هذا القول ........ \\ الخطبة الثانية \\ أما بعد: إن بلادنا حرسها الله مستهدفة في شبابها ، فهناك من يحاول زعزعة أمنها واستقرارها حسداً على ما هي فيه من نعمة الإسلام وتطبيق أحكام الشريعة والألفة بين الرعية وولاتها وما هي فيه من رغد العيش والحمد لله على فضله وآلائه . ومن صور الاستهداف وآثاره: تلقين بعض شبابنا بالأفكار المضلة التي تورث في قلوبهم الحقد الدفين على بلادهم وحكومتهم وعلمائهم ووطنهم عامة فتجعل منهم مجرمين غاية ما يكون الإجرام على استعداد تام على التكفير والتفجير والاغتيال وبث الرعب وزعزعة الأمن وغير ذلك من صور الفساد في الأرض إن هذه الثلة كانت فريسة سهلة لأعداء هذا الدين وأعداء هذا البلد ولا يعادي بلدنا أحد إلا وهو يعادي دين الإسلام فما هي جريمتها ؟ أجريمتها أن قضت على مظاهر الشرك والبدعة؟ أجريمتها أن حكمت بشريعة الإسلام؟ أجريمتها أن مكنها الله بسبب إقامتها شرع الله من إحلال الأمن في هذه الرقعة الواسعة من الجزيرة فماذا ينقمون منها بعد ذلك... أعود فأقول : إن هذه الثلة من شبابنا غرر بهم لضعف حصيلتهم الشرعية فحين غابت عنهم قواعد الإسلام وأحكامه على حقيقتها وقعوا فيما وقعوا فيه . أين هم من قوله تعالى { وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد } أين هم من قوله تعالى { ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها } أين هم من قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } أين هم من قوله تعالى { ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق } أين هم من قوله صلى الله عليه وسلم " الإمام جُنة يقاتل من ورائه " أين هم من قوله صلى الله عليه وسلم " من قال لأخيه يا كافر فإن كان كما قال وإلا صار عليه " أين هم من قوله صلى الله عليه وسلم " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " وأين هم من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المتقدمة في التحذير من الخوارج . فغياب مثل هذه الحقائق عن مدارك شبابنا سبب عظيم في وقوعهم في الفتن واستجابتهم لمخططات عدوهم دون أن يشعروا بحقيقة المؤامرة ضدهم وضد بلادهم . أيها الأخوة في الله: لابد من المصارحة بالمقدار المناسب إن بلادنا أصيبت في بعض أبنائها بداء الحزبية المقيتة بعد دخول الفكر الإخواني والتكفيري والتبليغي وهي مناهج تصرف أتباعها عن التبصر الحقيقي بمنهج السلف الصالح وهي مناهج تغرس في قلوب أتباعها البعد والنفور عن الولاء لوطنها وولاتها وتقدير علمائها وإذا تهدمت هذه الأسوار الحصينة سهل على العدو تمرير مخططاتهم . ولكن بلادنا محروسة ودولتنا منصورة بإذن الله على كل عدو من داخلها أو خارجها . والمقصود من هذه المصارحة هو دعوة الجميع إلى أخذ الحيطة والحذر على أنفسكم وأبنائكم لاسيما فئة الشباب حتى لا تجرفهم هذه التيارات الفكرية التي تتوارى تحت ستار الدعوة إلى الله . إن النشاطات السرية التي صارت سمة لبعض التوجهات الدعوية هي من أهم الأسباب لتولد هذه الاتجاهات ورحم الله عمر بن عبد العزيز حين قال " إذا رأيت القوم يتناجون في أمر دينهم دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة " ومن أبواب الشر التي فتحت على المسلمين سهولة الدخول إلى الشبكة العنكبوتية والتي تنضح كثير من منتدياتها بأفكار الخوارج من المعتزلة وأفراخهم ، فدخول الشاب الغِر قليل العلم والبصيرة إليها خطر عظيم ، فرُبَّ مقالة واحدة تفتك بدينه وتجعله جندياً من جنود إبليس لا يتورع عن تكفير مسلم ولا سفك دمٍ ولا إثارة فتنة . والعصمة من هذه الفتن إنما تكون بطلب العلم الشرعي على أيدي العلماء المعتبرين ، ولزوم السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور والدعاء لهم وبذل النصيحة لهم والرد على كل من يحاول زعزعة الأمن وفساد العقيدة والأخذ على يده وتبليغ الجهات المختصة عنه حتى يعالجوا مرضه بالدواء المناسب . اللهم احفظ بلادنا في ولاتها وعلمائها وأمنها واستقرارها ، اللهم رد كيد الكائدين في نحورهم ، اللهم أعذنا من شرورهم ، اللهم من أرادنا بسوء فأشغله بنفسه واجعل تدميره في تدبيره واجعله عبرة للمعتبرين ، اللهم احفظ علينا عقيدتنا وأجرنا مما يخالفها من المناهج والأفكار والأحزاب والفرق إنك سميع الدعاء ، اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى ، اللهم احفظ بلاد المسلمين من الفتن والمحن وأصلح قادتها ووفقهم للحكم بكتابك وسنة نبيك يا رب العالمين . اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى خلفائه الراشدين وعامة أصحابه وعلى آله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين. عباد الله : إن الله يأمر بالعدل...... اصل الموضوع بشبكة سحاب للشيخ علي بن يحيى الحدادي
الموضوع الأصلي :
صفات الخوارج والتحذير منهم / للشيخ علي بن يحيى الحدادي
-||-
المصدر :
منتديات الشعر السلفي
-||-
الكاتب :
أبو عبد الله حسين الكُحلاني
|
#2
|
|||
|
|||
بارك الله فيك ابا عبدالله استمر وفقت لكل خير
حفظ الله الشيخ علي حدادي ونفعنا به |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
.: عدد زوار المنتدى:.